القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ خَفاجة الأَندَلُسي الكل
المجموع : 26
جَميلٌ يَميلُ إِلى مِثلِهِ
جَميلٌ يَميلُ إِلى مِثلِهِ / فَيَشفَعُ مَرآهُ في وَصلِهِ
رَمى نابِلٌ مِنهُما نابِلاً / يُناغيهِ وَالنَبلُ مِن نَبلِهِ
وَيَنظُرُ إِلى جَنبِهِ / كَما نَظَرَ الظَبيُ مِن ظِلِّهِ
نَهرٌ كَما سالَ اللَمى سَلسالُ
نَهرٌ كَما سالَ اللَمى سَلسالُ / وَصباً بَليلٌ ذَيلُها مِكسالُ
وَمَهَبُّ نَفحَةِ رَوضَةٍ مَطلولَةٍ / في جَلهَتَيها لِلنَسيمِ مَجالُ
غازَلتُهُ وَالأُقحُوانَةُ مَبسِمٌ / وَالآسُ صُدغٌ وَالبَنَفسَجُ خالُ
وَوَراءَ خَفّاقِ النِجادِ ضُبارِمٌ / يَسري بِهِ خَلفَ الظَلامِ خَيالُ
أَلقى العَصا في حَيثُ يَعثُرُ بِالحَصى / نَهرٌ وَتَعبَثُ بِالغُصونِ شَمالُ
وَكَأَنَّ ما بَينَ الغُصونِ تَنازُعٌ / فيهِ وَما بَينَ المِياهِ جِدالُ
وَأَرَبَّ يَبرُدُ مِن حَشاهُ مَكرَعٌ / خَصِرٌ يَسُحُّ وَتَلعَةٌ مِخضالُ
مابَينَ رَوضَةِ جَدوَلَينِ كَأَنَّما / بُسِطَت يَمينٌ مِنهُما وَشِمالُ
مِثلُ الحُبابِ بِمُنحَناهُ ذُؤابَةٌ / خَفّاقَةٌ حَيثُ الرُبى أَكفالُ
وَاِنسابَ ثاني مَعطِفَيهِ كَأَنَّهُ / هَيمانُ نَشوانٌ هُناكَ مُذالُ
أَو ظِلُّ أَسمَرَ بِاللِوى مُتَأَطِّرٌ / عَطَفَت جَنوبٌ مَتنَهُ وَشَمالُ
لَم أَدرِ هَل يُزهى فَيَخطُرُ نَخوَةً / أَم لاعَبَت أَعطافَهُ الجِريالُ
فَإِذا اِستَطارَ بِهِ النَجاءُ فَنَيزَكٌ / وَإِذا تَهادى فَالهِلالُ هِلالُ
زُرَّت عَلَيهِ جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ / بِمَقيلِهِ أُختٌ لَها أَسمالُ
مِزَقٌ كَما يَنَقَدُّ في يَومِ الوَغى / عَن لَبَّتَي مُستَلئِمٍ سِربالُ
أَلقى بِهِ مِنها هُنالِكَ دِرعَهُ / بَطَلٌ وَجَرَّدَ وَشيَهُ مُختالُ
بَيدَ الهَجيرَةِ مِنهُ سَوطٌ خافِقٌ / وَبِساقِ لَيلَةِ صَرصَرٍ خَلخالُ
فَدَلَفتُ يَقدُمُ بي هُناكَ ضُبارِمٌ / ضارٍ لَهُ بِعَمايَةٍ أَشبالُ
شَيحانَ لا أَرتابُ مِن هَلَعٍ وَلا / أَغتابُ مِن طَبعٍ وَلا أَغتالُ
مُتَخايِلاً أَمشي البَرازَ وَدونَهُ / مِن أَرقَمٍ سِدرٌ أَلُفُّ وَضالُ
فَتَوَعَّدتني نَظرَةٌ وَقّادَةٌ / يُذكى بِها تَحتَ الظَلامِ ذُبالُ
وَهَوى كَما يَهوي أَتِيٌّ مُزبِدٌ / رَجَمَت بِهِ بَعضَ التِلاعِ تِلالُ
يَهفو الضَرّاءَ أَمامَهُ وَلَرُبَّما / يَذَرُ الكَثيبَ وَراءَهُ يَنهالُ
فَدَرَأتُ بادِرَةَ الشُجاعِ بِأَخضَرٍ / في رَقشِهِ هُوَ لِلشُجاعِ مِثالُ
جَمَدَ الغَديرُ بِمَتنِهِ وَلَرُبَّما / أَعشاكَ إِفرِندٌ لَهُ سَيّالُ
وَجَمَعتُ بَينَ المَشرَفِيِّ وَبَينَهُ / فَتَلاقَتِ الأَشباهُ وَالأَشكالُ
وَتَساوَرا يَتَكافَحانِ كَما اِلتَقى / يَوماً أَبو إِسحاقَ وَالريبالُ
وَكِلاهُما مِن أَسوَدٍ وَمُهَنَّدٍ / في ضِمنِهِ الأَوجالُ وَالآجالُ
كَفى حَزَناً أَنَّ الدِيارَ قَصِيَّةٌ
كَفى حَزَناً أَنَّ الدِيارَ قَصِيَّةٌ / فَلا زَورَ إِلّا أَن يَكونَ خَيالا
وَلا الرُسلُ إِلّا لِلرِياحِ عَشِيَّةً / تَكُرُّ جَنوباً بَينَنا وَشَمالا
فَأَستَودِعُ الريحَ الشَمالَ تَحِيَّةً / وَأَستَنشِقُ الريحَ الجَنوبَ سُؤالا
وَحَسبِيَ شَجواً أَنَّ لي فيكَ أَضلُعاً / حِراراً وَأَرداناً عَلَيكَ خِضالا
وَطَرفاً قَريحاً صامَ فيكَ عَنِ الكَرى / وَلا فِطرَ إِلّا أَن تَلوحَ هِلالا
وَما الدَهرُ إِلّا صَفحَةٌ بِكَ طَلقَةٌ / لَثَمتُ بِهِ مِن قَبلِ وَصلِكَ خالا
فَما أَنسَهُ لا أَنسَ لَيلاً عَلى الحِمى / وَقَد رَقَّ وَضّاحاً وَراقَ جَمالا
وَزارَ بِهِ نَجمُ السُهى قَمَرَ الدُجى / وَباتا بِحالِ الفَرقَدَينِ وِصالا
إِذا ماهَدانا فيهِ بارِقُ مَبسِمٍ / أَجَنُّ دُجىً فَرعٌ فَخِرتُ ضَلالا
وَلي نَظَرٌ يَرتَدُّ فيكَ صَبابَةً / وَقَد فاضَ ماءُ الشَوقِ فيهِ فَجالا
فَجادَ الحِمى غادٍ مِنَ المُزنِ رائِحٌ / تَهاداهُ أَعناقُ الرِياحِ كَلالا
وَسارِيَةٍ دَهماءَ حارَ بِها الدُجى / فَشَبَّ بِها البَرقُ المُنيرُ ذُبالا
فَلِلَّهِ ما أَشجى الحَمامَةَ غُدوَةً / هُناكَ وَما أَندى الأَراكَ ظِلالا
وَقَد جاذَبَت ريحُ الصَبا غُصنَ النَقا / فَمادَ عَلى رِدفِ الكَثيبِ وَمالا
وَأَيقَظَ بَردُ الصُبحِ جَفنَ عَرارِهِ / تَرَقرَقَ دَمعُ الطَلِّ فيهِ فَسالا
أَيُّها التائِهُ مَهلا
أَيُّها التائِهُ مَهلا / ساءَني أَن تِهتَ جَهلا
هَل تَرى في ماتَرى / إِلّا شَباباً قَد تَوَلّى
وَغَراماً قَد تَسَرّى / وَفُؤاداً قَد تَسَلّى
أَينَ دَمعٌ فيكَ يَجري / أَينَ جَنبٌ يَتَقَلّى
أَينَ نَفسٌ فيكَ تُهدى / وَضُلوعٌ فيكَ تُصلى
أَيُّ مَلكٍ كانَ لَولا / عارِضٌ وافى فَوَلّى
وَتَخَلّى عَنكَ إِلّا / أَسَفاً لايَتَخَلّى
وَاِنطَوى الحُسنُ فَهَلّا / أَجمَلَ الحُسنُ وَهَلّا
سَقياً لَها مِن بِطاحِ أُنسٍ
سَقياً لَها مِن بِطاحِ أُنسٍ / وَدَوحِ حُسنٍ بِها مُطِل
فَما تَرى غَيرَ وَجهِ شَمسٍ / أَظَلَّ فيهِ عِذارُ ظِل
وَمَغارٍ رَكِبتُ أَدهَمَ مِعطا
وَمَغارٍ رَكِبتُ أَدهَمَ مِعطا / لاً إِلَيهِ وَظَهَرَ أَشهَبَ حالي
جالَ في أَنجُمٍ مِن الحَليِ بيضٍ / وَقَميصٍ مِنَ الصَباحِ مُذالِ
فَبَدا الصُبحُ مُلجَماً بِالثُرَيّا / وَجَرى البَرقُ مُسرَجاً بِالهِلالِ
ما ضارَ لابِسَ مِثلِهِ مِن خاتَمٍ
ما ضارَ لابِسَ مِثلِهِ مِن خاتَمٍ / أَن لا يَشُبَّ مَعَ الظَلامِ ذُبالا
مُتَأَلِّقٌ أَعداهُ لابِسُ حِليَةٍ / فَسَما جَلالاً وَاِستَزادَ جَمالا
مُتَحَمِّلاً فَصّاً يَروقُ وَحَلقَةً / مِن جُذوَةٍ وَقَدَت وَماءً سالا
في راحَةٍ خُلِقَت سَماءَ سَماحَةٍ / فَتَقارَنا نَجماً بِها وَهِلالا
صَمَمتُ سَمعاً فَما أُصغي إِلى العَذَلِ
صَمَمتُ سَمعاً فَما أُصغي إِلى العَذَلِ / وَهِمتُ قَلباً فَما أَصحو عَنِ الغَزَلِ
وَإِنَّ سُقمي لَمِن طَرفٍ بِهِ سَقَمٌ / خُلوٍ مِنَ الكُحلِ مَملوءٍ مِنَ الكَحَلِ
أَشكو الظَماءَ وَرَيّي في حَصى بَردٍ / لَو بَلَّ مِن غُلَلي أَبلَلتُ مِن عِلَلي
فَمَن لِصَبٍّ يَبيتُ اللَيلَ يَسهَرُهُ / مُقَلَّبَ القَلبِ بَينَ اليَأسِ وَالأَمَلِ
أَينَ الجِراحاتُ مِن جِرحٍ بِأَضلُعِهِ / وَأَينَ بيضُ المَواضي مِن جُفونٍ عَلي
يا ضارِباً يوسُفاً في حُسنِهِ مَثَلاً / جَلَّ اِبنُ أَفعَلَ عَن مِثلٍ وَعَن مَثَلِ
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ / في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ
وَعاذِرٍ قَد كانَ لي عاذِلا
وَعاذِرٍ قَد كانَ لي عاذِلا / في أَرَبٍ قَد صارَ لي آمِلا
آدَ بِقَلبي وَهوَ في طَيِّهِ / فَصارَ مَحمولاً بِهِ حامِلا
وَدونَ ماءِ الحُسنِ مِن وَقدِهِ / مايَصدُرُ الطَرفُ بِهِ ناهِلا
وَكانَ قَلبي دونَهُ واقِداً / وَماءُ جَفني فَوقَهُ جائِلا
أَخوضُ في الحُبِّ بِهِ لُجَّةً / لَم تَرمِ بي مِن سَلوَةٍ ساحِلا
أَما تَرى أُعجوبَةً أَن تَرى / في الحُبِّ مَقتولاً فَدى قاتِلا
وَيُجتَنى نورُ نَسيبي بِهِ / غَضّاً وَجِسمي غُصناً ذابِلا
عُلَّقتُهُ أَحوى اللَمى أَحوَراً / عاطِرَ أَنفاسِ الصِبا عاطِلا
مُعتَدِلاً مُعتَدِياً في الهَوى / أَحبِب بِهِ مُعتَدِلاً مائِلا
غَشيتُ مِن مُقلَتِهِ بابِلاً / سِحراً وَمِن لَحظَتِهِ نابِلا
شَطَّ وَلي مِن شَغَفٍ فِكرَةٌ / أَراهُ في مِرآتِها ماثِلا
فَما أَراهُ ظاعِناً راحِلاً / إِلّا أَراهُ قاطِناً نازِلا
وَإِنَّ لي طَرفاً بِهِ ساهِداً / وَجداً وَدَمعاً هامِراً هامِلا
كَأَنَّ نَومي ضَلَّ عَن ناظِري / فَباتَ دَمعي سائِلاً سائِلا
وَقَد غَشِيَ النَبتُ بَطحاءَهُ
وَقَد غَشِيَ النَبتُ بَطحاءَهُ / كَبَدوِ العِذارِ بِخَدٍّ أَسيلِ
وَقَد وَلَّتِ الشَمسُ مُحتَثَّةً / إِلى الغَربِ بِطَرفٍ كَحيلِ
كَأَنَّ سَناها عَلى نَهرِهِ / بَقايا نَجيعٍ بِسَيفٍ صَقيلِ
أَحُسُّ المُدامَةَ وَالنَسيمُ عَليلُ
أَحُسُّ المُدامَةَ وَالنَسيمُ عَليلُ / وَالظِلُّ خَفّاقُ الرِواقِ ظَليلُ
وَالنورُ طَرفٌ قَد تَنَبَّهَ دامِعٌ / وَالماءُ مُبتَسِمٌ يَروقُ صَقيلُ
وَتَطَلَّعَت مِن بَرقِ كُلِّ غَمامَةٍ / في كُلِّ أُفقٍ رايَةٌ وَرَعيلُ
حَتّى تَهادى كُلُّ خوطَةِ أَيكَةٍ / رَيّا وَغَصَّت تَلعَةٌ وَمَسيلُ
عَطَفَ الأَراكَةَ فَاِنثَنى شُكراً لَهُ / طَرَباً وَرَجَّعَ في الغُصونِ هَديلُ
فَالرَوضُ مُهتَزُّ المَعاطِفِ نَغمَةً / نَشوانُ يَعطِفُهُ الصَبا فَيَميلُ
رَيّانُ فَضَّضَهُ النَدى ثُمَّ اِنجَلى / عَنهُ فَذَهَّبَ صَفحَتَيهِ أَصيلُ
وَاِرتَدَّ يَنظُرُ في نِقابِ غَمامَةٍ / طَرفٌ يُمَرِّضُهُ النُعاسُ كَليلُ
ساجٍ كَما يَرنو إِلى عُوّادِهِ / شاكٍ وَيَلتَمِحُ العَزيزَ ذَليلُ
وَالشَمسُ شاحِبَةُ الجَبينِ مَريضَةٌ
وَالشَمسُ شاحِبَةُ الجَبينِ مَريضَةٌ / وَالريحُ خافِقَةُ الجَناحِ بَليلُ
وَالبَرقُ مُنخَزِلٌ يُكِبُّ لِوَجهِهِ / وَيَمُجَّ روحَ الراحِ مِنهُ قَتيلُ
وَالكَأسُ طِرفٌ أَشقَرٌ قَد جالَ في / عَرقٍ عَلَيهِ مِن الحَبابِ يَسيلُ
يَسعى بِها قَمَرٌ لَهُ وَلِكَأسِهِ / وَجهٌ أَغَرُّ وَمَبسِمٌ مَعسولُ
شاكي السِلاحِ لِقَدِّهِ وَلِطَرفِهِ / رُمحٌ أَصَمُّ وَصارِمٌ مَسلولُ
وَأَخٍ تَهُزُّ لَهُ العُلى أَعطافَها / فَكَأَنَّهُ رَيحانَةٌ وَشُمولُ
راضَعتُهُ كَأسَ المُدامِ وَبَينَنا / بِجَنى الحَديثِ حَديقَةٌ وَقَبولُ
مَيّاسُ أَعطافِ السَماحِ كَأَنَّهُ / غُصنٌ تَنَفَّسَ نَورُهُ مَطلولُ
تَندى لَها وَرداً أَسِرَّةُ كَفِّهِ / أَبَداً وَبَطنُ يَمينِهِ مَبلولُ
طَلقُ الجَبينِ وَلِلحُسامِ تَبَسَّمٌ / طاوي المَصيرِ وَبِالقَناةِ ذُبولُ
لِلناسِ فيهِ مِنَ الكَلامِ شَواهِدٌ / وَبِمَضرَبِ السَيفِ الجُرازِ فُلولُ
يَمتاحُ أَرواحَ الكُماةِ بِكَفِّهِ / شَطنٌ يُمَرُّ مِنَ القَنا مَفتولُ
في حَيثُ مِن حُرِّ الطِعانِ هَجيرَةٌ / تُحمى وَمِن ظِلِّ اللِواءِ مَقيلُ
وَالنَقعُ أَدهَمُ لِلرِماحِ بِوَجهِهِ / غُرَرٌ تَلوحُ وَلِلسُيوفِ حُجولُ
وَالخَيلُ سَطرٌ بِالأَسِنَّةِ مُعجَمٌ / وَبِحَدِّ أَلسِنَةِ الظُبى مَشكولُ
وَعَسى اللَيالي أَن تَمُنَّ بِجَمعِنا
وَعَسى اللَيالي أَن تَمُنَّ بِجَمعِنا / عِقداً كَما كُنّا عَلَيهِ وَأَكمَلا
فَلَرُبَّما نُثِرَ الجُمانُ تَعَمُّداً / لِيَكونَ أَحسَنَ في النِظامِ وَأَجمَلا
خُذها يُرِنُّ لَها الجَوادُ صَهيلا
خُذها يُرِنُّ لَها الجَوادُ صَهيلا / وَتَسيلُ ماءً في الحُسامِ صَقيلا
بَسّامَةً تُصبي الأَريبَ وَسامَةً / لَولا المَشيبُ لَسِمتُها تَقبيلا
حَمَّلتُها شَوقاً إِلَيكَ تَحِيَّةً / حَمَّلتُها عَتباً عَلَيكَ ثَقيلا
مِن كُلِّ بَيتٍ لَو تَدَفَّقَ طَبعُهُ / ماءً لَغَصَّ بِهِ الفَضاءُ مَسيلا
إيهٍ وَما بَينَ الجَوانِحِ غُلَّةٌ / لَو كُنتُ أَنقَعُ بِالعِتابِ غَليلا
ما لِلصَديقِ وُقيتَ تَأكُلُ لَحمَهُ / حَيّاً وَتَجعَلُ عِرضَهُ مِنديلا
أَقبَلتَهُ صَدرَ الحُسامِ وَطالَما / أَضفَيتَهُ دِرعاً عَلَيهِ طَويلا
ماذا ثَناكَ عَنِ الثَناءِ وَنَشرِهِ / بُرداً عَلى الرَسمِ الجَميلِ جَميلا
أَرِجاً كَما عَثَرَ النَسيمُ بِرَوضَةٍ / لَدناً كَما نَضَحَ الغَمامُ مَقيلا
أَعِدِ اِلتِفاتَكَ وَاِدَّكِرها خِلَّةً / لاتَستَقِلُّ بِها عُلاكَ مُميلا
وَأَصِخ إِلى سَجعِ القَريضِ فَرُبَّما / نَدبَ القَريضُ مِنَ الوَفاءِ هَديلا
وَعُجِ المَطِيَّ عَلى الوَدادِ وَحَيِّهِ / طَلَلاً عَلى حُكمِ الزَمانِ مُحيلا
وَاِبعَث بِطَيفِكَ وَاِعتَقِدها زَورَةً / وَصِلِ السَلامَ عَلى النَوى تَعليلا
وَلَئِن سَأَلتُ بِكَ الغَمامَةَ وابِلاً / يَسِمُ الجَديبَ لَما سَأَلتُ بَخيلا
وَإِذا دَعَبتُ وَلا دُعابَةَ غَيبَةٍ / فَاِغضُض هُناكَ مِنَ العَنانِ قَليلا
وَاِصحَب وَذِهنُكَ مِن هَجيرٍ لافِحٍ / ذِكراً كَما سَرَتِ القَبولُ بَليلا
فَلَقَد حَلَلتَ مَعَ الشَبابِ بِمَنزِلٍ / يَرتَدُّ طَرفُ النَجمُ عَنهُ كَليلا
وَبَدَهتَ لا نَزرَ المَحاسِنِ مُجبَلاً / وَمَضَيتَ لاقَضمَ الغَرارِ فَليلا
مُتَدَفِّقاً أَعيا العُقولَ طَريقُهُ / فَكَأَنَّما رَكِبَ المَجَرَّ سَبيلا
يَستَوقِفُ العَليا جَلالاً كُلَّما / سَجَدَ اليَراعُ بِكَفِّهِ تَبجيلا
لا تَستَنيرُ بِكَ السِيادَةُ غُرَّةً / حَتّى يَسيلَ بِكَ النَدى تَحجيلا
وَسِوايَ يُنشِدُ في سِواكَ نَدامَةً / يا لَيتَني لَم أَتَّخِذكَ خَليلا
كَفى حِكمَةً لِلَّهِ أَنَّكَ صائِرٌ
كَفى حِكمَةً لِلَّهِ أَنَّكَ صائِرٌ / تُراباً كَما سَوّاكَ قَبلُ فَعَدَّلَك
وَإِن شِئتَ مَرأى كَيفَ كَوَّنَ ثانِياً / فَدونَكَ فَاِنظُر كَيفَ كَوَّنَ أَوَّلَك
فَهَل أَنتَ في دارِ الفَناءِ مُمَهَّدٌ / مَحَلُّكَ في دارِ البَقاءِ وَمَنزِلُك
جَهِلتُ وَما أَلقى عَليماً وَإِنَّما
جَهِلتُ وَما أَلقى عَليماً وَإِنَّما / مَرِهتُ وَأَعيا أَن أَمُرَّ بِكاحِلِ
فَسِرتُ وَقَد أَجدَبتُ أَرتادُ مَرتَعاً / فَلَم تَطَإِ الوَجناءُ بي ظَهرَ ماحِلِ
وَخُيِّلَ لي أَنّي أُقيمُ وَإِنَّما / أَسيرُ وَإِن لَم أَحتَقِب زادَ راحِلِ
فَقُلتُ وَقَد خَلَّفتُ خَمسينَ حِجَّةً / وَرائي لَقَد أَعجَلتُ طَيَّ المَراحِلِ
أَبوءُ بِعِبءِ السُقمِ بَينَ حُشاشَةٍ / تَجودُ وَجِسمٍ قَد تَفَرَّقَ ناحِلِ
وَأَسبَحُ في بَحرِ الشَكاةِ لَعَلَّني / سَأَعلَقُ يَوماً مِن نَجاةٍ بِساحِلِ
اللَيلُ إِلا حَيثُ كُنتَ طَويلُ
اللَيلُ إِلا حَيثُ كُنتَ طَويلُ / وَالصَبرُ إِلّا مُنذُ بِنتَ جَميلُ
وَالنَفسُ ما لَم تَرتَقِبكَ كَئيبَةٌ / وَالطَرفُ مالَم يَلتَمِحكَ كَليلُ
فَلَقَد خَلَعتَ عَلى الزَمانِ مَحاسِناً / تُثنى بِهِ أَعطافُهُ فَيَذيلُ
وَلَقَد شَمَلتَ الحَضرَتَينِ بِنِعمَةٍ / يَجري الثَناءُ بِوَصفِها فَيُطيلُ
فَالصُبحُ ثَغرٌ في جَنابِكَ ضاحِكٌ / وَاللَيلُ طَرفٌ في ذَراكَ كَحيلُ
وَأَقَمتَ مِن أَوَدٍ هُناكَ وَهَهُنا / فَدَفَقتَ آراءً وَأَنتَ جَليلُ
وَتَكَشَّفَت لَكَ حالَةٌ عَن غادِرٍ / مَلِقٍ وَمرعى الغادِرينَ وَبيلُ
فَقَعَدتَ بِالأَعداءِ قِعدَةَ خالِعٍ / ثَوبَ العَزازَةِ عَنهُ فَهوَ ذَليلُ
وَهَدَدتَ هَضبَةَ عِزِّهِ فَكَأَنَّها / نَسفاً كَثيبٌ بِالعَراءِ مَهيلُ
فَتَطَوَّقَت بِالهَونِ مِنهُ حَمامَةٌ / يَعتادُها تَحتَ الظَلامِ عَويلُ
وَأَراهُ صَبوَةَ ماجَناهُ دَهمَةً / نَظَرٌ جَزاهُ عَنِ القَبيحِ جَميلُ
فَاِعتاصَ مِن لُجٍّ وَأَعتَمَ مَسلَكٌ / وَاِلتاثَ مُلتَمَسٌ وَضاقَ سَبيلُ
وَوَشى رِداءَ الحَمدِ بِاِسمِكَ خاطِرٌ / قَد عاثَ فيهِ السُقمُ فَهوَ كَليلُ
فَسَجَعتُ في قَيدِ الشَكاةِ مُغَرِّداً / طَرَباً وَلِلطَرفِ الرَبيطِ صَهيلُ
وَلَوى العِنانَ عَنِ الإِطالَةِ أَنَّني / نِضوُ القُوى بِسُرى الفِراشِ ضَئيلُ
مادَ النُحولُ بِهِ فَلاعَبَ شَخصَهُ / ظِلٌّ تَحَيَّفَهُ السَقامُ نَحيلُ
فَمَنَعتُهُ جَمَّ المَحاسِنِ ناقِهاً / قَد كاثَرَ الأَمداحَ وَهوَ قَليلُ
وَلَكَم قَصيرٍ مِن يَراعِكَ ساحِبٍ / مِن نابِ صَدرِ الرُمحِ وَهوَ طَويلُ
تَيَقَّنَ أَنَّ اللَهَ أَكرَمُ جيرَةٍ
تَيَقَّنَ أَنَّ اللَهَ أَكرَمُ جيرَةٍ / فَأَزمَعَ عَن دارِ الحَياةِ رَحيلا
فَإِن أَقفَرَت مِنهُ العُيونُ فَإِنَّهُ / تَعَوَّضَ عَنها بِالقُلوبِ بَديلا
وَلَم أَرَ أُنساً قَبلَهُ عادَ وَحشَةً / وَبَرداً عَلى الأَكبادِ عادَ غَليلا
وَمَن تَكُ أَيّامُ السُرورِ قَصيرَةً / بِهِ كانَ لَيلُ الحُزنِ فيهِ طَويلا
أَلا هَل أَطَلَّ الأَميرُ الأَجَلُّ
أَلا هَل أَطَلَّ الأَميرُ الأَجَلُّ / أَمِ الشَمسُ حُلَّت بِرَأسِ الحَمَل
فَما شِئتَ مِن زَهرَةٍ نَضرَةٍ / تَرَدّى القَضيبُ بِها وَاِشتَمَل
وَهَزَّت مَعاطِفَهُ وَاِلتَوى / بِمَسرى النَسيمِ اِلتِواءُ الجِذَل
سُروراً بِهِ عَن فَتى دَولَةٍ / تُباهي بِعَلياهُ خَيرَ الدُوَل
أتانا الزَمانُ بِهِ آخِراً / تَهَشَّ إِلَيهِ اللَيالي الأُوَل
مَليكٌ تَبَسَّمَ ثَغرُ المُنى / بِمَرآهُ وَاِمتَدَّ خَطوُ الأَمَل
يَشُدُّ اللِثامَ عَلى صَفحَةٍ / تَرى البَدرَ مِنها بِمَرقى زُحَل
فَلَم أَدرِ وَالحُسنُ صِنوٌ لَهُ / أَأَبدَأُ بِالمَدحِ أَم بِالغَزَل
وَها هُوَ وَالحِلمُ في طَبعِهِ / هِزبَرٌ إِذا ماحَمى أَو حَمَل
يُضيفُ إِلى طَعنَةٍ رَشقَةً / هُناكَ وَلِلمُزنِ وَبلٌ وَطَل
وَيَكفي فَيَكفَلُ في حالَةٍ / فَيَبني المعالي كَفى أَو كَفَل
وَيَلزَمُهُ النَصرُ حُبّاً لَهُ / فَإِن سارَ سارَ وَإِن حَلَّ حَل
فَما يَطرُقُ الطَيفُ غاباً لَهُ / وَلَو كانَ أَغفى بِهِ أَو غَفَل
يَدينُ بِضِدَّيهِ دونَ الهُدى / يَصُدُّ العِدى وَيَسُدُّ الخَلَل
وَيُدمي الشِفارَ وَيَحني القَنا / وَيَحمي الذِمارَ وَيَرعى الهَمَل
وَيَملَأُ رُعباً صُدورَ العِدى / فَيُرعِفُ بَأساً أُنوفَ الأَسَل
مُمِرُّ حِبالِ القَنا وَالقُوى / إِذا ما فَشا في الحُماةِ الفَشَل
كَفيلٌ بِإِدراكِ ما يَبتَغي / قَفا إِثرَ طاغِيَةٍ أَو قَفَل
إِذا قالَ أَجمَلَ في قَولِهِ / وَأَحسَنَ مِن قَولِهِ مافَعَل
أَلَم تَرَ ماكانَ مِن بَأسِهِ / يَفوزُ بِهِ يَومَ حارَ البَطَل
وَخارَ الأَبِيُّ وَخَرَّ الكَمِيُّ / وَجَدَّ الجِلادُ وَقَلَّ الجَدَل
وَرامَ النَصارى بِها نُصرَةً / فَلَم يُنجِدِ الرومَ رَومُ الحِيَل
وَصَدَّ اِبنَ فَرّاسَ عَن نَصرِها / تَلَظّي حِرابٍ دَوامي المُقَل
فَما اِلتَمَسوا الغَوثَ إِلّا اِلتَوى / وَلا اِستَنجَدوا الوَعدَ إِلّا مَطَل
وَلا أَمَّ يُقبِلُ حَتّى اِنثَنى / حِذاراً وَلا غامَ حَتّى اِضمَحَل
فَلَم يَدرِ ماعَلِقَت خَيلُهُ / أَشَكوى الوَجى أَو شَكاةَ الوَجَل
بَلى خافَ مِن جَورِ سَيفٍ عَدا / مَضاءً بِكَفِّ إِمامٍ عَدَل
وَأَولى بِهِ لَو تَدَلّى بِهِ / غُروراً وَأَولى بِهِ لَو أَدَل
فَما حادَ عَنكَ بِقَلبٍ غَزا / وَلَكِن بِقَلبٍ وَهى عَن وَهَل
لَكَ اللَهُ مِن سَيِّدٍ أَيِّدٍ / تَحَلّى الزَمانُ بِهِ عَن عَطَل
أَبى المَجدُ أَن يَرتَضي قِنيَةً / نَفيسَ الحُلى وَشَريفَ الحُلَل
فَقِنيَتُهُ لِلقَنا وَالظُبى / وَقُبِّ الخُيولِ وَبيضِ الخَوَل
وَلَمّا سَقى الغَربَ فيما سَقى / وَحَلَّ بِهِ الغَربُ مِمّا أَقَل
أَتى الشَرقُ يَهفو جَناحُ السُرى / بِهِ وَتَهُبُّ رِياحُ العَجَل
فَسَكَّنَ مِن خَفقِ قَلبٍ نَزا / وَهَوَّنَ مِن مَسِّ خَطبٍ نَزَل
وَأَطمَعَ في حَسمِ داءٍ دَهى / وَإِقشاعِ عارِضِ هَمٍّ أَطَل
فَقُل لَاِبنِ رُذميرَ مَهلاً يَسيراً / يُقيمُ صَفاكَ الأَميرُ الأَجَل
يُحَرِّقُكَ مِنهُ سَنا شُعلَةٍ / هُناكَ وَيُغرِقُكَ طَوراً وَشَل
فَمِل عَن طَريقِ شِهابٍ سَرى / فَأَهوى وَوادي أَتِيٍّ حَمَل
وَحِد رَهبَةً عَن عُبابٍ طَمى / وَلُذ رَغبَةً بِصَياصي جَبَل
وَإِلّا فَثَمَّ جَوادٌ يَعُبُّ / وَنَصلٌ يَهُبُّ إِذا سُلَّ صَل
وَكُلُّ حَياةٍ إِلى مُنتَهى / أَجَل وَلِكُلِّ حِمامٍ أَجَل
آلَيتُ إِلّا أَن تَسيرَ مَعَ الفَضلِ
آلَيتُ إِلّا أَن تَسيرَ مَعَ الفَضلِ / وَأَزمَعتَ إِلّا أَن تَصُمَّ عَنِ العَذلِ
فَنُبتَ مَنابَ البَدرِ في لَيلَةِ السُرى / وَقُمتَ مَقامَ الوَبلِ في البَلَدِ المَحلِ
وَأَضرَمتَ نارَ الطَعنِ في ثَغرَةِ العِدى / وَأَجرَيتَ ماءَ النَصرِ في صَفحَةِ النَصلِ
وَسَوَّيتَ بَينَ القَولِ وَالفِعلِ في العُلى / فَمِن مَنطِقٍ جَزمٍ وَمِن نائِلٍ جَزلِ
فَحَيَّت أَبا يَحيى ذَراكَ غَمامَةٌ / صَقيلَةُ ثَغرِ البَرقِ وارِفَةُ الظِلِّ
تُجَرِّرُ أَذيالَ الرَبابِ عَلى الرُبى / وَيَمشي بِها واني النَسيمِ عَلى رِسلِ
وَلَيسَ سِوى تِلكَ الصَرامَةِ صارِمٌ / وَلا غَيرَ هاتيكَ البَشاشَةِ مِن صَقلِ
فَطُل عُمُرَ الدُنيا وَطَأ قِمَمَ العِدى / وَخَيِّم مَعَ العَليا وَحُز قَصَبَ الخَصلِ
وَمُنَّ بِها أَندى نَسيماً مِنَ الصَبا / أَصيلاً وَأَحلى مَوقِعاً مِن جَنى النَحلِ
وَلا تَحتَقِرها مِن يَدٍ لَكَ بَرَّةٍ / فَلِلطَلِّ مَعنىً لَيسَ لِلمَطَرِ الوَبلِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025