المجموع : 25
لَقَد فَرِحَ الواشونَ أَن صَرَمَت حَبلي
لَقَد فَرِحَ الواشونَ أَن صَرَمَت حَبلي / بُثَينَةُ أَو أَبدَت لَنا جانِبَ البُخلِ
يَقولونَ مَهلاً يا جَميلُ وَإِنَّني / لَأُقسِمُ ما لي عَن بُثَينَةَ مِن مَهلِ
أَحِلماً فَقَبلَ اليَوم كانَ أَوانُهُ / أَم اَخشى فَقَبلَ اليَومِ أوعِدتُ بِالقَتلِ
لَقَد أَنكَحوا جَهلاً نُبَيهاً ظَعينَةً / لَطيفَةَ طَيِّ الكَشحِ ذاتَ شَوىً خَدلِ
وَكَم قَد رَأَينا ساعِياً بِنَميمَةٍ / لآخَرَ لَم يَعمِد بِكَفٍّ وَلا رِجلِ
إِذا ما تَراجَعنا الَّذي كانَ بَينَنا / جَرى الدَمعُ مِن عَينَي بُثَينَةَ بِالكُحلِ
وَلَو تَرَكَت عَقلي مَعي ما طَلَبتُها / وَلَكِن طِلابيها لِما فاتَ مِن عَقلي
فَيا وَيحَ نَفسي حَسب نَفسي الَّذي بِها / وَيا وَيحَ أَهلي ما أُصيبَ بِهِ أَهلي
وَقالَت لِأَترابٍ لَها لا زَعانِفٍ / قِصارٍ وَلا كُسَّ الثَنايا وَلا ثُعلِ
إِذا حَمِيَت شَمسُ النَهارِ اِتَّقَينَها / بِأَكسِيَةِ الديباجِ وَالخَزّ ذي الحَملِ
تَداعَينَ فَاِستَعجَمنَ مَشياً بِذي الغَضا / دَبيبَ القَطا الكُدرِيُّ في الدَمِثِ السَهلِ
إِذا اِرتَعنَ أَو فُزّعنَ قُمنَ حَوالَها / قِيامَ بَناتِ الماءِ في جانِبِ الضَحلِ
أَرانِيَ لا أَلقى بُثَينَةَ مَرَّةً / مِنَ الدَهرِ إِلا خائِفاً أَو عَلى رَحلِ
خَليلَيَّ فيما عِشتُما هَل رَأَيتُما / قَتيلاً بَكى مِن حُبِّ قاتِلِهِ قَبلي
أَبيتُ مَعَ الهُلّاكِ ضَيفاً لِأَهلِها / وَأَهلي قَريبٌ موسِعونَ ذَوُو فَضلِ
أَلا أَيُّها البَيتُ الَّذي حيلَ دونَهُ / بِنا أَنتَ مِن بَيتٍ وَأَهلُكَ مِن أَهلِ
بِنا أَنتَ مِن بَيتٍ وَحَولَكَ لَذَّةٌ / وَظِلُّكَ لَو يُسطاعُ بِالبارِدِ السَهلِ
ثَلاثَةُ أَبياتٍ فَبَيت أُحِبُّهُ / وَبَيتانِ لَيسا مِن هَوايَ وَلا شَكلي
كِلانا بَكى أَو كادَ يَبكي صَبابَةً / إِلى إِلفِهِ وَاِستَعجَلَت عَبرَةً قَبلي
أَعاذِلَتي أَكثَرتِ جَهلاً مِنَ العَذلِ / عَلى غَيرِ شَيءٍ مِن مَلامي وَمِن عَذلي
نَأَيتُ فَلَم يُحدِث لِيَ النَأيُ سَلوَةً / وَلَم أُلفِ طولَ النَأيِ عَن خُلَّةٍ يُسلي
وَلَستُ عَلى بَذلِ الصَفاءِ هَوَيتُها / وَلَكِن سَبَتني بِالدَلالِ وَبِالبُخلِ
أَلا لا أَرى اِثنَين أَحسَنَ شيمَةً / عَلى حَدَثانِ الدَهرِ مِنّي وَمِن جُملِ
فَإِن وُجِدَت نَعلٌ بِأَرضٍ مضِلَّةٍ / مِنَ الأَرضِ يَوماً فَاِعلَمي أَنَّها نَعلي
وَقُلتُ لَها اِعتَلَلتِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَقُلتُ لَها اِعتَلَلتِ بِغَيرِ ذَنبٍ / وَشَرّ الناسِ ذو العِلَلِ البَخيلُ
فَفاتيني إِلى حَكَمٍ مِنَ اَهلي / وَأَهلِكِ لا يَحيفُ وَلا يَميلُ
فَقالَت أَبتَغي حَكَماً مِنَ اَهلي / وَلا يَدري بِنا الواشي المَحولُ
فَوَلَّينا الحُكومَةَ ذا سُجوفٍ / أَخاً دِنيا لَهُ طَرفٌ كَليلُ
فَقُلنا ما قَضَيتَ بِهِ رَضينا / وَأَنتَ بِما قَضَيتَ بِهِ كَفيلُ
قَضاؤُكَ نافِذٌ فَاِحكُم عَلَينا / بِما تَهوى وَرَأيُكَ لا يَفيلُ
وَقُلتُ لَهُ قُتِلتُ بِغَيرِ جُرمٍ / وَغِبُّ الظُلمِ مَرتَعُهُ وَبيلُ
فَسَل هَذي مَتى تَقضي دُيوني / وَهَل يَقضيكَ ذو العِلَلِ المَطولُ
فَقالَت إِنَّ ذا كَذِبٌ وَبُطلٌ / وَشَرٌّ مِن خُصومَتِهِ طَويلُ
أَأَقتُلَهُ وَما لي مِن سِلاحٍ / وَما بي لَو أُقاتِلَهُ حَويلُ
وَلَم آخُذ لَهُ مالاً فَيُلفى / لَهُ دَينٌ عَلَيَّ كَما يَقولُ
وَعِندَ أَميرِنا حُكمٌ وَعَدلٌ / وَرَأيٌ بَعدَ ذَلِكُمُ أَصيلُ
فَقالَ أَميرُنا هاتوا شُهوداً / فَقُلتُ شَهيدُنا المَلِكُ الجَليلُ
فَقالَ يَمينَها وَبِذاكَ أَقضي / وَكُلُّ قَضائِهِ حَسَنٌ جَميلُ
فَبَتَّت حَلفَةً ما لي لَدَيها / نَقيرٌ أَدَّعيهِ وَلا فَتيلُ
فَقُلتُ لَها وَقَد غُلِبَ التَعَزّي / أَما يُقضى لَنا يا بَثنَ سولُ
فَقالَت ثُمَّ زَجَّت حاجِبَيها / أَطَلتَ وَلَستَ في شَيءٍ تُطيلُ
فَلا يَجِدَنَّكَ الأَعداءُ عِندي / فَتَثكَلَني وَإِيّاكَ الثَكولُ
أَلا مِن لِقَلبٍ لا يَمُلُّ فَيَذهَلُ
أَلا مِن لِقَلبٍ لا يَمُلُّ فَيَذهَلُ / أَفِق فَالتَعَزّي عَن بُثَينَةَ أَجمَلُ
سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَلِمتُ مَكانَهُ / وَأَنتَ بِها حَتّى المَماتِ مُوَكَّلُ
فَما هَكَذا أَحبَبتَ مَن كانَ قَبلُها / وَلا هَكَذا فيما مَضى كُنتَ تَفعَلُ
أَعِن ظُعُنِ الحَيِّ الأُلى كُنتَ تَسأَلُ / بِلَيلٍ فَرَدّوا عيرَهُم وَتَحَمَّلوا
فَأَمسوا وَهُم أَهلُ الدِيارِ وَأَصبَحوا / وَمِن أَهلِها الغِربانُ بِالدارِ تَحجِلُ
عَلى حينَ وَلّى الأَمرُ عَنّا وَأَسمَحَت / عَصا البَينِ وَاِنبَتَّ الرَجاءُ المُؤَمَّلُ
وَقَد أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي عَلى العِدى / حُساماً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَفصِلُ
وَلَستُ كَمَن إِن سيمَ ضَيماً أَطاعَهُ / وَلا كَاِمرِئٍ إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَنكُلُ
لَعُمري لَقَد أَبدى لِيَ البَينُ صَفحَةُ / وَبَيَّنَ لي ما شِئتَ لَو كُنتُ أَعقِلُ
وَآخِرُ عَهدي مِن بُثَينَةَ نَظرَةٌ / عَلى مَوقِفٍ كادَت مِنَ البَينِ تَقتُلُ
فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثلُ حاجَةٍ / كَتَمتُكِها وَالنَفسُ مِنها تَمَلمَلُ
وَإِنّي لَأَستَبكي إِذا ذُكِرَ الهَوى / إِلَيكِ وَإِنّي مَن هَواكِ لَأَوجِلُ
نَظَرتُ بِبِشرٍ نَظرَةً ظَلتُ أَمتَري / بِها عَبرَةً وَالعَينُ بِالدَمعِ تُكحَلُ
إِذا ما كَرَرتُ الطَرفَ نَحوَكِ رَدَّهُ / مِنَ البُعدِ فَيّاضٌ مِنَ الدَمعِ يَهمِلُ
فَيا قَلبُ دَع ذِكرى بُثَينَةَ إِنَّها / وَإِن كُنتَ تَهواها تَضَنَّ وَتَبخَلُ
قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها / وَما تَحتَهُ مِنها نَقاً يَتَهَيَّلُ
وَقَد أَيأَسَت مِن نَيلِها وَتَجَهَّمَت / وَلَليَأسُ إِن لَم يُقدَرِ النَيلُ أَمثَلُ
وَإِلّا فَسَلها نائِلاً قَبلَ بَينِها / وَأَبخِل بِها مَسؤولَةً حينَ تُسأَلُ
وَكَيفَ تُرَجّي وَصلَها بَعدَ بُعدِها / وَقَد جُذَّ حَبلُ الوَصلِ مِمَّن تُؤَمِّلُ
وَإِنَّ الَّتي أَحبَبتَ قَد حيلَ دونَها / فَكُن حازِماً وَالحازِمُ المُتَحَوِّلُ
فَفي اليَأسِ ما يُسلي وَفي الناسِ خُلَّةٌ / وَفي الأَرضِ عَمَّن لا يُؤاتيكَ مَعزِلُ
بَدا كَلَفٌ مِنّي بِها فَتَثاقَلَت / وَما لا يُرى مِن غائِبِ الوَجدِ أَفضَلُ
هَبيني بَريئاً نِلتِهِ بِظُلامَةٍ / عَفاها لَكُم أَو مُذنِباً يَتَنَصَّلُ
أَلا هَل إِلى إِلمامَةٍ أَن أُلِمَّها
أَلا هَل إِلى إِلمامَةٍ أَن أُلِمَّها / بُثَينَةُ يَوماً في الحَياةِ سَبيلُ
عَلى حينَ يَسلو الناسُ عَن طَلَبِ الصِبا / وَيَنسى اِتِّباعَ الوَصلِ مِنكِ خَليلُ
فَإِن هِيَ قالَت لا سَبيلَ فَقُل لَها / عَناءٌ عَلى العُذرِيُّ مِنكِ طَويلُ
أَلا لا أُبالي جَفوَةَ الناسِ إِن بَدا / لَنا مِنكِ رَأيٌ يا بُثَينَ جَميلُ
وَما لَم تُطيعي كاشِحاً أَو تَبَدَّلي / بِنا بَدَلاً أَو كانَ مِنكِ ذُهولُ
وَإِنَّ صَباباتي بِكُم لَكَثيرَةٌ / بُثَينَ وَنِسيانِكُمُ لَقَليلُ
يَقيكِ جَميلٌ كُلَّ سوءٍ أَما لَهُ / لَدَيكِ حَديثٌ أَو إِلَيكِ رَسولُ
وَقَد قِلتُ في حُبّي لَكُم وَصَبابَتي / مَحاسِنَ شِعرٍ ذِكرُهُنَّ يَطولُ
فَإِن لَم يَكُن قَولي رِضاكِ فَعَلِّمي / هُبوبَ الصِبا يا بَثنَ كَيفَ أَقولُ
فَما غابَ عَن عَيني خَيالُكِ لَحظَةً / وَلا زالَ عَنها وَالخَيالُ يَزولُ
رَسمِ دارٍ وَقَفتُ في طَلَلِه
رَسمِ دارٍ وَقَفتُ في طَلَلِه / كُدتُ أَقضي الغَداةَ مِن جَلَلِه
موحِشاً ما تَرى بِهِ أَحَداً / تَنتَسِجُ الريحُ تُربَ مُعتَدِلِه
وَصَريعاً مِنَ الثُمامِ تَرى / عارِماتِ المَدَبِّ في أَسَلِه
بَينَ عَلياءِ وابِشٍ فَبُلِيٍّ / فَالغَميمِ الَّذي إِلى جَبَلِه
واقِفاً في دِيارِ أُمُّ حُسَينٍ / مِن ضُحى يَومِهِ إِلى أُصُلِه
يا خَليلَيَّ إِنَّ أُمَّ حُسَينٍ / حينَ يَدنو الضَجيعُ مِن عَلَلِه
رَوضَةٌ ذاتُ حَنوَةٍ وَخُزامى / جادَ فيها الرَبيعُ مِن سَبَلِه
بَينَما هُنَّ بِالأَراكِ مَعاً / إِذ بَدا راكِبٌ عَلى جَمَلِه
فَتَأَطَّرنَ ثُمَّ قُلنَ لَها / أَكرِميهِ حُيِّيتِ في نُزُلِه
فَظَلِلنا بِنِعمَةٍ وَاِتَّكَأنا / وَشَرِبنا الحَلالَ مِن قُلَلِه
قَد أَصونُ الحَديثَ دونَ أَخٍ / لا أَخافُ الأَذاةَ مِن قِبَلِه
غَيرَ ما بِغضَةٍ وَلا لِاِجتِنابٍ / غَيرَ أَنّي أَلَحتُ مِن وَجَلِه
وَخَليلٍ صافَيتُ مُرضيّاً / وَخَليلٍ فارَقتُ مِن مَلَلِه
أَبُثَينَ إِنَّكِ قَد مَلِكتِ فَأَسجِحي
أَبُثَينَ إِنَّكِ قَد مَلِكتِ فَأَسجِحي / وَخُذي بِحَظِّكِ مِن كَريمٍ واصِلِ
فَلَرُبَّ عارِضَةٍ عَلَينا وَصلَها / بِالجِدِّ تَخلِطُهُ بِقَولِ الهازِلِ
فَأَجَبتُها بِالرِفقِ بَعدَ تَسَتُّرٍ / حُبّي بُثَينَةَ عَن وِصالِكِ شاغِلي
لَو أَنَّ في قَلبي كَقَدرِ قُلامَةٍ / فَضلاً وَصَلتُكِ أَو أَتَتكِ رَسائِلي
وَيَقُلنَ إِنَّكَ قَد رَضيتَ بِباطِلٍ / مِنها فَهَل لَكَ في اِعتِزالِ الباطِلِ
وَلَباطِلٌ مِمَّن أُحِبُّ حَديثَهُ / أَشهى إِلَيَّ مِنَ البَغيضِ الباذِلِ
لِيُزِلنَ عَنكِ هَوايَ ثُمَّ يَصِلنَني / وَإِذا هَويتُ فَما هَوايَ بِزائِلِ
صادَت فُؤادي يا بُثَينَ حِبالُكُم / يَومَ الحَجونِ وَأَخطَأَتكِ حَبائِلي
مَنَّيتِني فَلَوَيتِ ما مَنَّيتِني / وَجَعَلتِ عاجِلَ ما وَعَدتِ كَآجِلِ
وَتَثاقَلَت لَمّا رَأَت كَلَفي بِها / أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ مِن مُتَثاقِلِ
وَأَطِعتِ فيَّ عَواذِلاً فَهَجَرتِني / وَعَصَيتُ فيكِ وَقَد جَهَدنَ عَواذِلي
حاوَلنَني لِأَبُتَّ حَبلَ وِصالِكُم / مِنّي وَلَستُ وَإِن جَهَدنَ بِفاعِلِ
فَرَدَدتُهُنَّ وَقَد سَعَينَ بِهَجرِكُم / لَمّا سَعَينَ لَهُ بِأَفوَقَ ناصِلِ
يَعضَضنَ مِن غَيظٍ عَلَيَّ أَنامِلاً / وَوَدِدتُ لَو يَعضَضنَ صُمَّ جَنادِلِ
وَيَقُلنَ إِنَّكِ يا بُثَينَ بَخيلَةٌ / نَفسي فِداؤُكِ مِن ضَنينٍ باخِلِ
خَليلَيَّ عوجا بِالمَحَلَّةِ مِن جُملِ
خَليلَيَّ عوجا بِالمَحَلَّةِ مِن جُملِ / وَأَترابِها بَينَ الأُجَيفَرِ فَالحَبلِ
نَقِف بِمَغانٍ قَد مَحا رَسمَها البِلى / تُعاقِبُها الأَيّامُ بِالريحِ وَالوَبلِ
فَلَو دَرَجَ النَملُ الصِغارُ بِجِلدِها / لَأَندَبَ أَعلى جِلدِها مَدرَجُ النَملِ
أَفي أُمُّ عَمروٍ تَعذُلاني هُديتُما / وَقَد تَيَّمَت قَلبي وَهامَ بِها عَقلي
وَأَحسَنُ خَلقِ اللَهِ جيداً وَمُقلَةً / تُشَبَّهُ في النِسوانِ بِالشادِنِ الطِفلِ
وَأَنتِ لِعَيني قُرَّةٌ حينَ نَلتَقي / وَذِكرُكِ يَشفيني إِذا خَدِرَت رِجلي
أَفِق أَيُّها القَلبُ اللَجوجُ عَنِ الجَهلِ / وَدَع عَنكَ جُملاً لا سَبيلَ إِلى جُملِ
وَلَو أَنَّ أَلفاً دونَ بَثنَةَ كُلُّهُم / غَيارى وَكُلٌّ مُزمِعونَ عَلى قَتلي
لَحاوَلتُها إِمّا نَهاراً مُجاهِراً / وَإِمّا سُرى لَيلٍ وَلَو قَطَعوا رِجلي
أَلا أَيُّها الرَبعُ الَّذي غَيَّرَ البَلى
أَلا أَيُّها الرَبعُ الَّذي غَيَّرَ البَلى / عَفا وَخَلا مِن بَعدِ ما كانَ لا يَخلو
تَذأَبُ ريحُ المِسكِ فيهِ وَإِنَّما / بِهِ المِسكُ إِن مَرَّت بِهِ ذَيلَها جُملُ
وَما ماءُ مُزنٍ مِن جِبالٍ مَنيعَةٍ / وَلا ما أَكَنَّت في مَعادِنِها النَحلُ
بِأَشهى مِنَ القَولِ الَّذي قُلتِ بَعدَما / تَمَكَّنَ مِن حَيزومِ ناقَتِيَ الرَحلُ
فَما رَوضَةٌ بِالحَزنِ صادٍ قَرارُها / نَحاهُ مِنَ الوَسمِيِّ أَو دِيَمٌ هُطلُ
بِأَطيَبَ مِن أَردانِ بَثنَةَ مَوهِناً / أَلا بَل لِرَيّاها عَلى الرَوضَةِ الفَضلُ
أَنَختُ جَديلاً عِندَ بَثنَةَ لَيلَةً
أَنَختُ جَديلاً عِندَ بَثنَةَ لَيلَةً / وَيَوماً أَطالَ اللَهُ رَغمَ جَديلِ
أَلَيسَ مُناخُ النِضوِ يَوماً وَلَيلَةً / لِبَثنَةَ فيما بَينَنا بِقَليلِ
بُثَينَ سَليني بَعضَ مالي فَإِنَّما / يُبَيِّنُ عِندَ المالِ كُلُّ بَخيلِ
وَإِنّي وَتَكراري الزِيارَةَ نَحوَكُم / لَبَينَ يَدَي هَجرٍ بُثَينَ طَويلِ
فَيا لَيتَ شِعري هَل تَقولينَ بَعدَنا / إِذا نَحنُ أَزمَعنا غَداً لِرَحيلِ
أَلا لَيتَ أَيّاماً مَضينَ رَواجِعٌ / وَلَيتَ النَوى قَد ساعَدَت بِجَميلِ
بُثَينَةُ مِن صِنفٍ يُقَلِّبنَ أَيدِيَ ال
بُثَينَةُ مِن صِنفٍ يُقَلِّبنَ أَيدِيَ ال / رُماةِ وَما يَحمِلنَ قَوساً وَلا نَبلا
وَلَكِنَّما يَظفَرنَ بِالصَيدِ كُلَّما / جَلَونَ الثَنايا الغُرَّ وَالأَعيُنُ النُجلا
يُخالِسنَ ميعاداً يُرَعنَ لِقَولِها / إِذا نَطَقَت كانَت مَقالَتُها فَصلا
يَرَينَ قَريباً بَيتَها وَهيَ لا تَرى / سِوى بَيتِها بَيتاً قَريباً وَلا سَهلا
وَرُبَّ حِبالٍ كُنتُ أَحكَمتُ عَقدَها
وَرُبَّ حِبالٍ كُنتُ أَحكَمتُ عَقدَها / أُتيحَ لَها واشٍ رَفيقٌ فَحَلَّها
فَعُدنا كَأَنّا لَم يَكُن بَينَنا هَوىً / وَصارَ الَّذي حَلَّ الحِبالَ هَوىً لَها
وَقالوا نَراها يا جَميلُ تَبَدَّلَت / وَغَيَّرَها الواشي فَقُلتُ لَعَلَّها
أَيا ريحَ الشَمالِ أَما تَرَيني
أَيا ريحَ الشَمالِ أَما تَرَيني / أَهيمُ وَإِنَّني بادي النُحولِ
هَبي لي نَسمَةً مِن ريحِ بَثنٍ / وَمُنّي بِالهُبوبِ عَلى جَميلِ
وَقولي يا بُثَينَةُ حَسبَ نَفسي / قَليلُكِ أَو أَقَلُّ مِنَ القَليلِ
عَجِلَ الفِراقُ وَلَيتَهُ لَم يَعجَلِ
عَجِلَ الفِراقُ وَلَيتَهُ لَم يَعجَلِ / وَجَرَت بَوادِرُ دَمعِكَ المُتَهَلِّلِ
طَرَباً وَشاقَكَ ما لَقيتَ وَلَم تَخَف / بَينَ الحَبيبِ غَداةَ بُرقَةِ مِجوَلِ
وَعَرَفتَ أَنَّكَ حينَ رُحتَ وَلَم يَكُن / بَعدُ اليَقينُ وَلَيسَ ذاكَ بِمُشكِلِ
لَن تَستَطيعَ إِلى بُثَينَةَ رَجعَةً / بَعدَ التَفَرُّقِ دونَ عامٍ مُقبِلِ
وَإِنّي لَأَرضى مِن بُثَينَةَ بِالَّذي
وَإِنّي لَأَرضى مِن بُثَينَةَ بِالَّذي / لَوَ اَبصَرَهُ الواشي لَقَرَّت بَلابِلُه
بِلا وَبِأَلّا أَستَطيعَ وَبِالمُنى / وَبِالوَعدِ حَتّى يَسأَمَ الوَعدَ آمِلُه
وَبِالنَظرَةِ العَجلى وَبِالحَولِ تَنقَضي / أَواخِرُهُ لا نَلتَقي وَأَوائِلُه
فَيا حُسنَها إِذ يَغسَلُ الدَمعُ كُحلَها
فَيا حُسنَها إِذ يَغسَلُ الدَمعُ كُحلَها / وَإِذ هِيَ تُذري الدَمعَ مِنها الأَنامِلُ
عَشِيَّةَ قالَت في العِتابِ قَتَلتَني / وَقَتلي بِما قالَت هُناكَ تُحاوِلُ
فَقُلتُ لَها جودي فَقالَت مُجيبَةً / أَلَلجِدُّ هَذا مِنكَ أَم أَنتَ هازِلُ
لَقَد جَعَلَ اللَيلُ القَصيرُ لَنا بِكُم / عَلَيَّ لِرَوعاتِ الهَوى يَتَطاوَلُ
يا بَثنَ حَيِّي أَو عِديني أَو صِلي
يا بَثنَ حَيِّي أَو عِديني أَو صِلي / وَهَوِّني الأَمرَ فَزوري وَاِعجَلي
بُثَينَ أَيّاً ما أَرَدتِ فَاِفعَلي / إِنّي لِآني ما أَشَأتِ مُعتَلي
إِلى القَرَمِ الَّذي كانَت يَداهُ
إِلى القَرَمِ الَّذي كانَت يَداهُ / لِفِعلِ الخَيرِ سَطوَةَ مَن يُنيلُ
إِذا ما غالِيَ الحَمدِ اِشتَراهُ / فَما إِن يَستَقيلَ وَلا يُقيلُ
أَمينُ الصَدرِ يَحفَظُ ما تَوَلّى / بِما يَكفي القَوِيُّ بِهِ النَبيلُ
أَبا مَروانَ أَنتَ فَتى قُرَيشٍ / وَكَهلُهُم إِذا عُدَّ الكُهولُ
تَوَلّيهِ العَشيرَةُ ما عَناها / فَلا ضَيقُ الذِراعِ وَلا بَخيلُ
إِلَيكَ تُشيرُ أَيديهِم إِذا ما / رُموا أَو غالَهُم أَمرٌ جَليلُ
كِلا يَومَيهِ بِالمَعروفِ طَلقٌ / وَكُلُّ بِلائِهِ حَسَنٌ جَميلُ
تَمايَلَ في الذُؤابَةِ مِن قُرَيشٍ / ثَناهُ المَجدُ وَالعِزُّ الأَثيلُ
أُرومٌ ثابِتٌ يَهتَزُّ فيهِ / بِأَكرَمِ مَنبِتٍ فَرعٌ طَويلُ
وَيَعجِبُني مِن جَعفَرٍ أَنَّ جَعفَراً
وَيَعجِبُني مِن جَعفَرٍ أَنَّ جَعفَراً / مُلِحٌّ عَلى قُرصٍ وَيَبكي عَلى جُملِ
فَلَو كُنتَ عُذرِيَّ العَلاقَةِ لَم تَكُن / بَطيناً وَأَنساكَ الهَوى كَثرَةَ الأَكلِ
صَدَعَ النَعِيُّ وَما كَنى بِجَميلِ
صَدَعَ النَعِيُّ وَما كَنى بِجَميلِ / وَثَوى بِمِصرَ ثَواءَ غَيرِ قَفولِ
وَلَقَد أَجُرَّ الذَيلَ في وادي القُرى / نَشوانَ بَينَ مَزارِعٍ وَنَخيلِ
بَكُرَ النَعِيُّ بِفارِسٍ ذي هِمَّةٍ / بَطَلٍ إِذا حُمَّ اللِقاءُ مُذيلِ
قومي بُثَينَةُ فَاِندُبي بِعَويلِ / وَاِبكي خَليلَكِ دونَ كُلَّ خَليلِ
أَظنُّ هَواها تارِكي بِمضلةٍ
أَظنُّ هَواها تارِكي بِمضلةٍ / مِن الأَرضِ لا مالٌ لديَّ ولا أَهلُ
مَحا اللَّهُ حبَّ الأُلى كنّ قَبلها / وَحَلَّت مَكاناً لَم يَكن حُلَّ مِن قَبلُ