المجموع : 109
قِف بِالمَنازِلِ وَاِندُبِ الأَطلالا
قِف بِالمَنازِلِ وَاِندُبِ الأَطلالا / وَسلِ الرُبوعَ الدارِساتِ سُؤالا
أَينَ الأَحِبَّةُ أَينَ سارَت عيسُهُم / هاتيكَ تَقطَعُ في اليَبابِ أَلالا
مِثلَ الحَدائِقِ في السَرابِ تَراهُمُ / الآلُ يَعظُمُ في العُيونِ أَلالا
ساروا يُريدونَ العُذَيبَ لِيَشرَبوا / ماءً بِهِ مِثلُ الحَياةِ زُلالا
فَقَفَوتُ أَسأَلُ عَنهُمُ ريحَ الصَبا / هَل خَيَّموا أَو إِستَظَلّوا الضالا
قالَت تَرَكتُ عَلى زَرودَ قِبابَهُم / وَالعيسِ تَشكو مِن سُراها كَلالا
قَد أَسدَلوا فَوقَ القِبابِ مَضارِباً / يَستُرنَ مِن حُرِّ الهَجيرِ جَمالا
فَاِنهَض إِلَيهِم طالِباً آثارَهُم / وَاِرفُل بِعيسِكَ نَحوَهُم إِرفالا
فَإِذا وَقَفتَ عَلى مَعالِمِ حاجِرٍ / وَقَطَعتَ أَغواراً بِها وَجِبالا
قَرَبُت مَنازِلُهُم وَلاحَت نارُهُم / ناراً قَد اِشعَلَتِ الهَوى إِشعالا
فَأَنِخ بِها لا يَرهَبَنَّكَ أُسُدُها / الإِشتِياقُ يُريكَها أَشبالا
يا أَيُّها البَيتُ العَتيقُ تَعالى
يا أَيُّها البَيتُ العَتيقُ تَعالى / نورٌ لَكُم بِقُلوبِنا يَتَلالا
أَشكو إِلَيكَ مَفاوِزاً قَد جُبتُها / أَرسَلتُ فيها أَدمُعي أَرسالا
أُمسي وَأُصبِحُ لا أَلَذَّ بَراحَةٍ / أَصِلُ البُكورَ وَأَقطَعُ الآصالا
إِنَّ النِياقَ وَإِن أَضَرَّ بِها الوَجى / تَسري وَتُرفِلُ في السُرى إِرفالا
هذي الرُكابُ إِلَيكُمُ سارَت بِنا / شَوقاً وَما تَرجو بِذاكَ وِصالا
قَطَعَت إِلَيكَ سَباسِباً وَرِمالا / وَخداً وَما تَشكو لِذاكَ كَلالا
ما تَشتَكي أَلَمَّ الوَجى وَأَنا الَّذي / أَشكو الكَلالَ لَقَد أَتَيتُ مُحالا
وَلا أَنسَ يَوماً عِندَ وانَةَ مَنزِلي
وَلا أَنسَ يَوماً عِندَ وانَةَ مَنزِلي / وَقَولي لِرَكبٍ رائِحينَ وَنُزَّلِ
أَقيموا عَلَينا ساعَةً نَشتَفي بِها / فَإِنّي وَمَن أَهواهُمُ في تَعَلُّلِ
فَإِن رَحَلوا ساروا بِأَيمَنِ طائِرٍ / وَإِن نَزَلوا حَلّوا بِأَخصَبِ مَنزِلِ
وَبِالشَعبِ مِن وادي قَناةٍ لَقيتُهُم / وَعَهدي بِهِم بَينَ النَقا وَالمُشَلَّلِ
يُراعونَ مَرعى العيسِ حَيثُ وَجَدنَهُ / وَلَيسَ يُراعوا قَلبَ صَبٍّ مُضَلَّلِ
فَيا حادِيَ الأَجمالِ رِفقاً عَلى فَتىً / تَراهُ لَدى التَوديعِ كاسِرَ حَنظلِ
يُخالِفُ بَينَ الراحَتَينِ عَلى الحَشا / يُسَكِّنُ قَلباً طارَ مِن صَرِّ مَحمَلِ
يَقولونَ صَبراً وَالأَسى غَيرُ صابِرٍ / فَما حيلَتي وَالصَبرُ عَنّي بِمَعزَلِ
فَلَو كانَ لي صَبرٌ وَكُنتُ بِحِكمَةٍ / لَما صَبَرَت نَفسي فَكَيفَ وَلَيسَ لي
وَغادِرَةٍ قَد غادَرَت بِغَدائِرٍ
وَغادِرَةٍ قَد غادَرَت بِغَدائِرٍ / شَبيهِ الأَفاعي مَن أَرادَ سَبيلا
سَليماً وَتَلوي لينَها فُتُذيبُهُ / وَتَترُكُهُ فَوقَ الفِراشِ عَليلا
رَمَت بِسِهامِ اللَحظِ قَوسَ حاجِبٍ / فَمِن أَيِّ شَقٍّ جِئتَ كُنتَ قَتيلا
أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ
أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ / وَهَل لي عَلى آثارِهِنَّ دَليلُ
وَهَل لي بِخَيماتِ اللِوى مِن مَعَرَّسٍ / وَهَل لِيَ في ظِلِّ الأَراكِ مَقيلُ
فَقالَ لِسانُ الحالِ يُخبِرُ أَنَّها / تَقولُ تَمَنَّ ما إِلَيهِ سَبيلُ
وَدادي صَحيحٌ فيكِ يا غايَةَ المُنى / وَقَلبِيَ مِن ذاكَ الوَدادِ عَليلُ
تَعالَيتَ مِن بَدرٍ عَلى القُطبِ طالِعٍ / وَلَيسَ لَهُ بَعدَ الطُلوعِ أُفولُ
فَديتُكَ يا مَن عَزَّ حُسناً وَنَخوَةً / فَلَيسَ لَهُ بَينَ الحِسانِ عَديلُ
فَرَوضُكَ مَطلولٌ وَوَردُكَ يانِعٌ / وَحُسنُكَ مَعشوقٌ عَلَيهِ قُبولُ
وَزَهرُكَ بَسّامٌ وَغُصنُكَ ناعِمٌ / تَميلُ لَهُ الأَرواحُ حَيثُ يَميلُ
وَظَرفُكَ فَتّانٌ وَطَرفُكَ صارِمٌ / بِهِ فارِسُ البَلوى عَلَيَّ يَصولُ
من كان يبطش بالرحمنِ فهو فتى
من كان يبطش بالرحمنِ فهو فتى / كان التكرُّم هجيراً له فعلا
فاسأله إذ يقبض الدنيا ويبسطها / يداك تفعل كما ربكم فعلا
من صحبَ الحقَّ لا يبالي
من صحبَ الحقَّ لا يبالي / من ذلة المنعِ والسؤالِ
من طعم الهجر في هواه / أذاقه لذةَ الوصالِ
كان لي قلبٌ فلما ارتحل
كان لي قلبٌ فلما ارتحل / بقي الجسمُ محلّ العِلل
كان بدراً طالعاً إذ أتى / مغرب التوحيد ثم أفل
زاده شوقاً إلى ربّه / صاحبُ الصعقة يومَ الجبل
لم يزل يشكو الجوى والنوى / ليلةَ الإثنين حتى اتصل
فدنا من حضرةٍ لم تزل / تهبُ الأرواحَ سرّ الأزلْ
قرعَ الأبوابَ لمّا دنا / قيل من أنت فقال الحجل
قيل أهلاً سعة مرحباً / فُتح البابُ فلما دخل
خرَّ في حضرته ساجداً / وانمحى رسم البقا وانسجل
وشكا العهد فجاء النِدا / يا عبيدي زال وقتُ العمل
رأسك ارفع هذه حضرتي / وأنا الحقُّ فلا تنتعل
رأسك ارفع ما الذي تبتغي / قلت مولاي حلولُ الأجل
قال سجني قال مت واعلمن / أنّ في السجنِ بلوغَ الأمل
يا فؤادي قد وصلت له / قل له قولَ حبيبٍ مُدِل
لولا ذاتي لم يصح استوى / وبنوري صح ضربُ المثَل
وافى كتاب ولِّينا الغزال
وافى كتاب ولِّينا الغزال / مني على شوقٍ له متوالِ
وفضَضْتُ خاتمه الكريمَ فلم أجد / غيرَ الجمالِ مقيداً بوصالِ
فأخذته فالاً وسرت مبادراً / فوجدتُ ما أضمرته في الفال
فتنزَّلَ الأمرُ العليّ لخاطري / بحقائق الأمر العزيز العالي
فظهرتُ مرتدياً بثوبِ جلالة / بين العبادِ مؤزَّراً بجمال
كلتا يديّ يمين ربي خلقته / والله قد أخفى عليَّ شمالي
وخطوتُ عنه خطوةً وتْرية / منه إليه بأمرِه المتعالي
فلحظت ما قد كنتُ قبل علمته / فعلمتُ أني لم أزل عن حالي
فالعينُ عين مشاهد في علمه / ما دام في كون وفي اضمحلال
فإذا تخلص عن كيانٍ وجوده / بالموتِ عاين غير ما في البال
ويكون يشهدُ فوق رتبةِ علمه / بشهودِه في عالم التِّرحال
فكأنَّ ما يبديه عَزَّ جلاله / من ذاتِه للعلمِ لمحة وآل
لنا همته إن الثريا لدونها
لنا همته إن الثريا لدونها / نعم ولنا فوق السَّماكين منزلُ
تقدمتُ سَبقاً في المكارمِ والعلى / وفي كل ما ينكي العِدى أنا أوّل
ولم ألفَ صَمصاماً بقدرِ عزائمي / ولو جمعوا الأسيافَ عزمي أفضل
كذلك جودي لا يفي الغيث والثرى / إذا كان أموالاً به حين أبذل
إذا التحم الجمعان في كومة الوغى / وكانت نزال ما عليها معوَّل
نصبتُ حساماً للردى في فِرنده / شعاعٌ له بين الفريقين فَيصلُ
له عزة لا تبتغي غيرَ كبشِهم / فليس له عن قمةِ الهامِ مَعدِل
حملتُ به لا أرهب الموتَ والردى / ولا أبتغي حمداً له النفسُ تعملُ
ولكن ليعلو الدينُ عِزَّاً وشرعُنا / إلى موضعِ عنه الطواغيت تسفلُ
أنا العربيّ الحاتميّ أخو النَّدى / لنا في العلى المجدُ القديمُ المؤثَّلُ
وكلا فمجدي ليس يُعزى إلى العلى / ألا كيف يسمو والعلى منه أسفلُ
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي
جاء المبشرُ بالرسالة يبتغي / أجر السرور من الكريمِ المرسلِ
فأتى به ختم الولايةِ مثلما / ختم النبوة بالنبيّ المرسل
ولنا من الختمين حظٌ وافرٌ / ورثا أتانا في الكتاب المنزَّل
لبستْ جاريةٌ من يدنا
لبستْ جاريةٌ من يدنا / خرقةً نالت بها عينَ الكمالِ
خرقةً دينيةً عُلوية / ألحقتْها بمقاماتِ الرجالِ
وكذاك الله قد ألبسها / ثوبَ عزٍّ وقبولٍ وجَمالِ
وضياءٍ وسناءٍ وسنا / واعتدالٍ وبَهاءٍ وجلالِ
كلَّما أبصرتُها غيَّبني / ما أرى من حسن دَلٍّ ودلالِ
حَفِظَ الله عليها عهدها / وعلينا حفظُها طولَ الليالي
جميلة ما لها عديلُ
جميلة ما لها عديلُ / مَلبسها الملبسُ الجليلُ
ألبستُها خرقةَ المعاني / إذ علمت أنني الوكيلُ
مذ صحبتْ حضرتي تحلَّتْ / فكلُّ أفعالها جميلُ
ونسبتي ما لها حدوث / أو نلبي ربي الكفيل
لما نظرت إلى مجموعِ أحوالي
لما نظرت إلى مجموعِ أحوالي / علمتُ ما لم يكن يخطر على بالي
مني علمتُ الذي في الكون من صور / وما به صور فالكلُّ أمثالي
يران بي مثلَ ما أنى أراه به / نصّاً بنصِّ وأشكالاً بأشكالِ
فكلما قمتُ في شيءٍ يقومُ به / كأنه في الذي يبدو من أشكالي
علمي صحيح وحالي قد يكذبه / فانظر إلى العلم لا تنظر إلى الحال
الحقُ عيني بلا شك ولست أرى / إلا الذي هو في قيدٍ وأغلال
والحق ليس له مثلٌ فكيف يرى / هذا الذي جاء في سمعي من التالي
إذا يرانا فلا شكَّ يداخلنا / إني أراه فإني النائبُ الوالي
ليس إلى العلم بي سبيل
ليس إلى العلم بي سبيل / ما لي إلى العلم بي دليلُ
والله إني عجزت عني / فلا نبيُّ ولا رسولُ
ولا العقولُ التي فرضتم / تدركُ أعيانها فقولوا
ما يصنع العالم الذي قد / قيلَ له اعلم وما يقول
إن كان في العجز عينُ علمي / به فقد هانتِ السبيل
قد حِرتُ والله في وجودي / فإنه جودة الأثيل
إن قلت إن الظهورَ فيه / والحكم لي حارت العقول
أو قلت إنَّ الظهور فينا / به فما لي بذا دليل
حرنا وحار الوجودُ فينا / فما لنا نحوه وصول
فما لنا بالإله علم / إلا الذي أثبت الخليل
أعطاه علماً به جلياً / مراتب النورِ والقبول
ثم نفى عنه ما رآه / ربّاً ببرهانه الأفول
أثبته حجة على من / أشرك من قومه الجليل
فوحَّد العين لا تثنى / فالنسب الغرُّ ما تحيل
توحيدُه للذي تراه / من نسب كلها أصول
العلمُ بالأحكام لا يظهر
العلمُ بالأحكام لا يظهر / إلا على ألسنة الرسْلِ
والعلمُ بالآياتِ لا ينجلي / إلا لمن يمشي على السبل
فاحذر إذا شاهدت توحيده / شهود عينِ المثل لا الشكل
فإنه لم ينفِ إلا الذي / سميته بالشكلِ والمثلِ
فلو نفى الرتبةَ لم يتخذ / خليفةً في عالم السفلِ
والله قد عيّن نوّابه / في نشأةٍ قامتْ من الثقل
لم يقبل الروحَ له صورة / مجرَّداً عن نسبة الأصل
ألا ترى كيف نهى عبدَه / عن البترا وهي في النفل
وقدَّم الشفع على وتره / في سُورةِ الفجر إلى الليلِ
لأنه يقصدُ إنتاجها / في عالم التفصيل والوصلِ
لا يعرفُ الفضلَ على وجهه / إلا الذي يعطي من الفضل
ينقص ذو الإيثار في بذلِه / عن منزلِ الأفضالِ والفضل
لا تفرحنَّ ببشرى الوقت إن لها
لا تفرحنَّ ببشرى الوقت إن لها / شرطاً تعينه الأحكام بالحال
فإن علمت بأنَّ الحالَ دائمةٌ / إلى انفصالِك عن اصر وأغلال
فتلك بشرى لكم من عندِ ربكم / وما تقدَّم بشرى الحال في الحالِ
فقد يقالُ لنا وعد نسرُّ به / ولا يقيد في شَرطٍ بإخلال
فتأخذنه وعين الشرطِ تجهله / لأنَّ حرصَك لم يخطره بالبالِ
المكر يصحبه لو كنتَ تعقله / وليس يحذره إلا كأمثالي
لذا طلبتُ من الله النصوصَ ولم / أفرح بما ضمنه تفصيلُ أحوال
النصُّ بالدونِ أولى بي وأحسنُ لي / في مجمل القولِ بالبشرى من العالي
إنَّ الرجالَ الذين الله يعصُمهم / قد عاينوا فضله في عين اجمال
إذا تجرَّد لي عن مثل صورتِه / جوداً ولقبني بالنائب الوالي
فكيف يبخل من هذي سجيَّتُه / برحمةٍ تجمعُ الأعلى مع التالي
وذاك ظني فإن العلمَ منقصةٌ / هنا فلا تصغين للقيلِ والقال
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل
الحقُّ يعلمُ والحقائقُ تُجهل / والحجبُ تُسدلُ والمهيمن يُمهلُ
لو تُرفع الأستار لا نهتك الذي / عظُمت مقالته فأصبح يهملُ
حجبَ العقولَ نزاهة لجلاله / حتى ترى نحو الطواغيتِ تسفل
طلباً له لما علت من أجله / حارت محيرة فعادت تنزل
حكمت عليها بالزمان رياحه / لما تجلى الدهر كشفاً يرفل
شال الستورَ عن العيونِ هبوبُها / مثلَ الجنوبِ إذا تهب وشمأل
ودَبور تأتي خلفه لتسوقه / لصبا القبول لكونها تستقبل
فإذا انتفى عنه الوجود فلم يجد / جاءته نكباءُ وتلك المعدل
فدرى بها أن الذي بالهه / من منزل النكباء أصبح يعدل
وهو الكفور لعلمه بظهوره / في كلِّ شيء وهو علمٌ مجملُ
علومُ الذوقِ ليس لها طريقٌ
علومُ الذوقِ ليس لها طريقٌ / تعينه الأدَّلة للعقول
سوى عملٍ بمشروعٍ وأخذٍ / بناموسٍ يكون مع القبولِ
وهمة صادقٍ جَلد شؤوس / أدلُّ من الدليل على ذلول
إنَّ هذا لهو السحر الحلال
إنَّ هذا لهو السحر الحلال / أين أنتم أين أنتم يا رجالْ
اشربوه لبناً من ضرعنا / شربَ صادٍ وجد الماءَ الزُّلالْ
يشبه المعجز في معدنه / يا لثاراتٍ لأمر لا يُنالْ
باكتساب أنه من قول مَنْ / قال بالإسكان في عين المحالْ
هو ظل للذي تعرفه / ولهذا حكمه حكم الظلال
ما كمالُ الشخصِ إلا ظله / إنْ بالظلِّ له عينُ الكمال
ولهذا مدَّه الله لنا / فنراه عندنا ضربَ مِثال
يتعالى الله عن إدراكنا / وكذا نحن جلال في جمال
إننما العلم به العلمُ بنا / فلذا نجهله في كل حال
في رجوعِ الظلِّ علمٌ واضحٌ / حكمة الظلِّ ترى عند الزوال