المجموع : 3
لا تسلها فلن تجيب الطلول
لا تسلها فلن تجيب الطلول / ألمغاوير مثخن أو قتيل
موحشات يطوف في صمتها / الدّهر فللدّهر وحشة و ذهول
غاب عند الثرى أحبّاء قلبي / فلثرى وحده الحبيب الخليل
و سقوني على الفراق دموعي / كيف يروي من الجحيم الغليل
خيّمت وحشو الفراغ على / الأحياء فالقبر وحده المأهول
في الثرى من أحبّتي ولداتي / ظفر أبلج و فتح جليل
نزلت بالقبور أسمى اللّبانات / و طاف الرجاء و التأميل
و تهبّ القبول تحمل أشواقي / فهل رشّت الطيوب القبول
الدي نال جبهة اللّيث في / غمر الضّحى ناله جبان ذليل
يا أخا الفتكة الصراح كأنّ / الشمس من فوق فرعها إكليل
لم تفاجئ بها عدوّا فقد / أنذر منها زماجر و صهيل
و زحوف على العدو كما تخبط / بالعاصف المرنّ السيول
ألف هيجاء خضتها لم تجدّلك / أحقا أنت الصريع الجديل
سيفك السيف لا يخاتل في / الروع وزكّاه أنّه المختول
و إذا النّصر كان عارا فأرضى / للمروءات أنّك المخذول
لقطاف الوغى شمائل كالنّاس / فنصر وغد و نصر نبيل
هتف الهاتفون : أين رياض / فانتخى في الثرى حسام صقيل
و بكت أمّة و أجهش تاريخ / و ناح القرآن و الإنجيل
يا لستّين في الكفاح طوال / حاليات و كلّ جلّى تطول
من راه يخرّ في فجأة الغدر / رأى الرّاسيات كيف تميل
إنّ موت العظيم محنة التاريخ / و دنيا تفنى و كون يزول
إنّ سيفا أرداك غدرا و حقدا / لهو بين الظبى دعيّ دخيل
لم يذد في الوغى عدوّا و لم / يهززه في الرّوع ساعد مفتول
مغمد في معارك الحقّ ناب / و على الحقّ مصلت مصقول
شاهت العرب تحت كلّ سماء / حين أغضت و شلوك المأكول
يا لذلّ العلى فهل هجع الثأر / و طاح الدم الزكيّ الطليل
عقر الله بعد فارسها الخيل / و لا عطّر الفتوح االصهيل
ينكر الشوط نفسه حين تجري / عاريات من الكمأة الخيول
ما لأمجادنا و ما لعبيد / الأساطير مجدهم و الطلول
بئس قوميّة يؤرّخها / الظنّ و يبني أحسابها التأويل
كيف تسمو بين الشعوب / ثمالات شعوب و عابرون فلول
أبغضونا على العروبة و الفت / ح و يلقى عند الهجين الأصيل
و سبايا الفتوح لا بدع إن / هرّ على الفتح حقدها و الذحول
نحن كون لا كائنان ضعيفان / ألحّ الهوى و تم ّالوصول
سالف الشرق ملك قحطان / و اليوم لقحطان و الغد المأمول
و له هذه الجبال المنيفات / و تلك الرّبى و هذي السهول
و السماوات و الكواكب في الشرق / لقحطان موطن و قبيل
و النبوّات و الفنون و ملك / في شباب الدّنيا عريض طويل
أريحيّ تكاد نورق بالنعمى / لأعدائه القنا و النصول
قد ورثنا البحار من عبد شمس / و عليها الغزاة و الأسطول
أرز لبنان أيكة في ذرانا / و الفراتان ماؤنا و النيل
و رياحيننا على تونس الخضراء / خضراء أين منها الذبول
ما شكت جرحها على البعد إلاّ / رفّ قلبي على الجراح يسيل
و لثمت الجراح فهي ثغور / يشتهى عطورها التقبيل
هادرات بخطبة المجد بتراء / و يؤذي البلاغة التطويل
حلف القيد أنّه من نضار / كلّ قيد على الرّقاب ثقيل
يا صديد الجراح بوركت طيبا / يتملّى ريّاه جيل فجيل
كلّ روض في الشرق من / دم آبائي مندّى معطّر مطلول
و لبناتهم على كلّ صحراء / غدير صاف و ظلّ ظليل
حيث يحنو الصفصاف نعمى / على الواني و يبكي على الشهيد النخيل
كلّ تكبيرة على الرّمل نفح / و عبير سكب و أيك بليل
ذكر الله فالهجير شفاه / قانيات و الليل طرف كحيل
لفّني و الدّجى على هذه الصح / راء سحر منمنم مجهول
لفّني و الدّجى فأفنت كلينا / سعة من جلاله و شمول
أيّ سرّ نريد في الكون / و الكون معنّى بسرّنا مشغول
تلك واحاتها الظليلة / و الظلّ غريب على الرّمال نزيل
زهرات السّماء حيّا بها / قومي من الحور في السماء رسول
فعلى كلّ نهلة من شذاها / شفّة عندم و خدّ أسيل
و حنين إلى السماء كما حنّ / إلى نعمة الشفاء العليل
ربّ روحي طليقة في سماواتك / و الجسم موثّق مغلول
بعد الفرق بين روحي و جسمي / جسدي آثم و روحي بتول
أنت يل ربّ غاية و إلى / الغاية أنت الهدى و أنت السبيل
لك حبّي و منك حبّي فهل / يعطي من السائل الكريم المنيل
لك حبّي فهل لفقري إذا / أهدى إلى كنزك الغنيّ قبول
عبراتي عبادة و ابتهال / و شهيقي التكبير و التهليل
و صلاتي تأمّل و مناجاتي / خشوع و زقزقتي ترتيل
و بلائي أنّ النعيم الذي / أرجو نعيم مسوّف ممطول
لم يضع في الظلام نورك عن / قلبي فقلبي إلى سناك الدليل
معدن الخير و الجمال المصفّى / وجهك الخيّر الكريم الجميل
و أنا السائل الملحّ و يجلو / وحشة الذلّ أنّك المسؤول
و بيمناي ألف كنز عطاياك / و ما في يديّ إلاّ القليل
ربّ ! نعماك أن تنضّر قلبي / بمحيّاك فهو صاد محيل
ربّ ! قلبي زيّنته لحميّاك / فمر تنسكب بقلبي الشمول
هيّئت في سريرتي لك ربّي / سدرة المنتهى و طاب النّزول
جوهر القلب و هو إبداع كفّيك / على ما به كريم أصيل
و بقلبي رضوان يهفو لمرآك / و ندّى سريرتي جبريل
يا لدات الشباب لو ينفع الدم / ع جزتكم مدامعي و العويل
و كهولا أبلت شبابهم الجلّى / فهم في الصبا الوسيم كهول
روّعت سربنا المنايا و أمّ / المجد في الغوطتين أمّ ثكول
راع قلبي الرّحيل حتّى تولّيتم / فأشهى المنى إليّ الرّحيل
لوعتي و الثرى يهال عليكم / - كوفائي مقيمة لا تحول
لوعة الحرّ حين أفرده الدّهر / فمن يتّقيه حين يصول
و أناجي قبوركم أعذب النج / وى و أشكو معاتبا و أطيل
و كأنّ القبور تسمع شكواي / .. و تدري حصباؤها ما أقول
عيّروا بالفلول بيض ظبانا / من قراع الزمان هذي الفلول
و إذا السيف كلّ من هبره الهام / فقد شرّف السيوف الكليل
الدجى عذر منكرينا ز تخفى / غرر الخيل في الدّجى و الحجول
ذلّ مجد لم ينتسب لكفاح / فهو مجد رثّ المعالي هزيل
غوطة الشام هل شجاك بيان / من قريضي كأنّه التنزيل
و عتاب كالجمر صنتك عنه / جزعا أن ينال منك عذول
كلّ مجد يفنى و يبقى لشعري / شرف باذخ و مجد أثيل
غوطة الشام منك صدّ و حرم / ان و منّا العطاء و التنويل
ألذي شرّدته عنك المعالي / آب و هو المكفّن المحمول
غربة في العلى و ينأى عن / الغمد فيبلى المهنّد المسلول
مثخن بالجراح يهفو إلى / الأمّ فأين الترحيب و التأهيل
ربّ فنح ترويه للدّهر / أشلاء قناة و صارم مفلول
ضنّت الشام بالوفاء علينا / طلعة سمحة و ودّ بخيل
أيسر الجهد أن تضجّي و تشكي / قد يرجّ الطغيان قال و قيل
و اعذري الهامسين خوفا فما يهدر / عند الصّيال إلاّ الفحول
لامنا الأّئمون في حبّ حسناء / ملول و كلّ نعمى ملول
لا تحاسب أخا هوى في هواه / كلّ ثغر على الهوى معسول
أيّ بدع في ثورة من محبّ / قد يثور المقيّد المكبول
لك منّي الهوى كما رنّح الفجر / نسيم في غوطتيك عليل
يا رفاقي بكيت فيكم شبابي / كلّ عيش بعد الشباب فضول
من تملّى بقلبه الضاحك الهاني / فقلبي الممزّق المتبول
أين سعد و عادل و رياض / ما لركب الرّدى المجدّ قفول
و نجيب و أين منّي نجيب / غال قومي من المنيّة غول
كيف أغفى أبو رياض و حقّي / في الشام المضيّع المخذول
و تلاقيتم على البعد في قلبي / فلا روّع اللدات رحيل
حال بيني و بين دنياي أنّي / بكم في سريرتي مشغول
و أراكم حتّى لأسأل نفسي / أيقين رؤاي أم تخييل
بوركت نعمة الخيال و يرضيني / خداع الخيال و التعليل
أجهدتنا الضحى على زحمة الرّوع / فهل يسعد الطلاح الأصيل
أين أين الرّعيل من أهل بدر / طوي الفتح و استبيح الرعيل
عاطفتي حزن طويل على
عاطفتي حزن طويل على / ماض من العمر و مستقبل
عاطفتي أنّه مضنى بكى / على زمان للصبا أوّل
عاطفتي لحن يثير الأسى / و يخلق الهمّ بقلب الخلي
عاطفتي حبّ بعيد المدى / أصاب في رميته مقلتي
عاطفتي زفرة حرّ كليم / ثار على الدّهر و لم يحفل
من يشتري عاطفتي منكم / بغيرها من هذه العاطفات
لا تعذلوني حين أبكي أسى / العدل كلّ العدل أن أعذر
سبّب لي هذا الشعور الأسى / مصيبة الإنسان أن يشعرا
من يشتريه منكم خاسرا / أولى بشاري الدمع أن يخسرا
قضى عليّ الدهر و اشقوتي / بالدّهر أن أبكي و أن أسهرا
من يشتري منّي عقود النظيم / ببسمة تسلمني للكرى
من يشتري الشعر و ألحانه / ببسمة واحدة في الحياة
عاطفتي مرحمة واذهبي / لم يبق من عمري غير القليل
أبليت من جدّة عهد الصبا / ظلما و عجّلت أوان الرحيل
أنا عليل بائس فاهربي / لا خير في صحبة نضو عليل
ماذا جاد يا عاطفتي . و الكريم / يضنّ عند الفقر ضنّ البخيل
لم يبق فيه ويحه من قرى / يرضى صروف الدّهر و العاديات
سألت قربانا فقدّمته / للهيكل الأقدس قربانا
و فوق ذا المذبح ضحيّته / و ما درى الناس ببلوانا
ويحي تلاشت فيك أجزاؤه / كأنّه بالأمس ما كانا
أعطاك ما شئت و أعطيته / ما لم يشأ همّا و أحزانا
أهكذا يجزى المحبّ القديم / و يوسع الآمل حرمانا
أفنيته ظالمة فارقبي / غدا عقاب الله للظالمات
أكلّما أنّ أخو لوعة / كلّفتني الحزن و طول الأنين
أكلّما ناح محبّ أسى / حشرتني في زمرة النائحين
أكلّما مرّت على خاطري / صورة بؤس رحت في البائسين
أشقى مع الأيتام مستعبرا / و أسهر الليل مع العاشقين
كتبت آيات العذاب الأليم / غضون همّ فوق هذا الجبين
تتلى و لا يخطئها قارئ / فيا لآيات الأسى البيّنات
عاطفتي رحماك و استبدلني / بجسمي الناحل جسما صحيح
جسم فتى لم يدر معنى الأسى / و لا مشى يوما بقلب جريح
و لا حبته بالأسى مقلة / دعجاء أو وجه بهيّ صبيح
دعيه يحيا بعض ساعاته بمهجة / حرّى و جفن قريح
جرّر ما شاء ذيول النعيم / و لم يطمع بالكأس نصح النصيح
فعلّميه كيف يشقى الفتى / و كيف ترعى سرحه النائبات
رأيتها صبحا و قد أرسلت / ذكاء في الأفق نثير الذهب
و هبّ في الروض نسيم الصبا / محمّلا طيب الربى حين هب
و للرياحين شذا مسكر / يفعل ما تفعل بنت العنب
عروسة الأحلام أحببتها / و هل يلام المرء في من أحب
أحببتها جمرا على مهجتي / و للهوى في الناس شأن عجب
و همت فيها و أنا ذرّة / هائمة في هذه الكائنات
ألصّبر محمود و لكنّني / لم يرضني الصبر و لم أرضه
أهوى نعم أهوى و لي ناظر / فارق مذ فارقته غمضه
ضعي على حرّ فؤادي يدا / كأنّها من خالص الفضّه
و ابتسمي عن لؤلوء و اسفري / عن بشرة ناعمة بضّه
في خدّك القاني الشهيّ الوسيم / تفاحة مترفة غضّه
حكمك الحسن بأهل الهوى / حسبي الهوى ما أظلم الحاكمات
الليل بعد الرّاحلين طويل
الليل بعد الرّاحلين طويل / أوما لصبغك يا ظلام نصول
يطوي الزمان النابغين فتنطوي / لذهابهم أمم و يهلك جيل
و لربّ نعش غاب في طيّاته / فتح أغرّ و موطن و قبيل
و الناس أسياف فمنها مغمد / صديء و منها الصارم المسلول
و الخطب خطب النابغين فحقّه / بالمشرقين تفجّع و عويل
في كلّ يوم للعروبة كوكب / يهوي و سيف يعتريه فلول
قبر بعاصمة الرّشيد و آخر / في مصر حق ستوره التقبيل
بدران قد بكر الأفول عليهما / و لكلّ بدر مشرق و أفول
و مشيّعان إلى الثرى بمواكب / يرتدّ عنها الطرف و هو كليل
فيها رعيل من ملائكة العلى / و من الجدود الأكرمين رعيل
عيسى و أحمد و الكليم و عصبة / فيها الأمين المنتقى جبريل
يا للعروبة أين نور نبوغها / الزيت جفّ و أطفئ القنديل
بغداد شاكية و مصر مرنّة / و الشام حاسرة القناع ثكول
تلك الأقانيم الثلاثة واحد / بردى الشام و دجلة و النيل
قالوا : السياسة قلت : رغم دهاتها / ظلّ العروبة في الربوع ظليل
نسب أغرّ و ذروة مضريّة / نبت الربيع بها قنا و نصول
و عقيدة وطنيّة عربيّة / فيها نصول على العدى و نطول
هذا هو الحقّ الصّراح فحسبكم / قول السياسة كلّه تدجيل
يا غاصبي حقّ العروبة حسبكم / منّا فروع للعلا و أصول
أسهبتم بوعودكم و أطلتم / ضد البلاغة ذلك التطويل
و رفعتم المنديل و هي خديعة / هزم السّلام و مزّق المنديل
قد ضاع في الاويل صدق عهودكم / ألكلّ عهد عندكم تأويل
لا تنكروا حقّ الحياة لأمّة / فيها النّبوغ على الحياة دليل
و تداركوا هذا السلام بطبّكم / و دوائكم إنّ السلام عليل
طعنته أطماع السياسة طعنة / نفذت فراح السلم و هو قتيل
و لقد جزعت من السياسة إنّها / غول و هل تلد السلامة غول
دين السياسة جاء فيه مبشّرا / بالمشرقين : الجيش و الأسطول
قولوا لمن غصب القويّ حقوقه / ألسيف باستردادهنّ كفيل
وإذا تكلّمت الصوارم والقنا / سكت الضعيف ولجلج المكبول
وإذا علا صوت الضعيف فربّما / أخفى صداه زماجر وصهيل
وأرى القويّ يطاع غير مخالف / و يخالف القرآن و الإنجيل
ألشرع ما سنّ القويّ بسيفه / فلسيفه التحريم و التحليل
إن قال صدّقه الزمان فقوله / و حي و زور حديثه تنزيل
و الدهر أعدل من عرفت حكومة / والشاهدون على الزمان عدول
دول تدول و لا مرّد لأمره / يحمى الكناس و يستباح الغيل
و لربّما هزّ اللواء مظفّر / ماضي العزيمة أصيد بهلول
من آل يعرب لا تلين قناته / أنف أشمّ و ساعد مفتول