المجموع : 17
يا سيّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُولا
يا سيّدي أَسْعِفْ فَمِي لِيَقُولا / في عيدِ مولدِكَ الجميلِ جميلا
أَسْعِفْ فَمِي يُطْلِعْكَ حُرّاً ناطِفَاً / عَسَلاً وليسَ مُدَاهِنَاً مَعْسُولا
يا أيّها المَلِكُ الأَجَلُّ مكانةً / بين الملوكِ ويا أَعَزُّ قَبِيلا
يا ابنَ الهواشِمِ من قُرَيشٍ أَسْلَفُوا / جِيلاً بِمَدْرَجَةِ الفَخَارِ فَجِيلا
نَسَلُوكَ فَحْلاً عَنْ فُحُولٍ قَدَّموا / أَبَدَاً شَهِيدَ كَرَامَةٍ وقَتِيلا
للهِ دَرُّكَ من مَهِيبٍ وَادِعٍ / نَسْرٍ يُطَارِحُهُ الحَمَامُ هَدِيلا
يُدْنِي البعيدَ إلى القريبِ سَمَاحَةً / ويُؤلِّفُ الميئوسَ والمأمُولا
يا مُلْهَمَاً جَابَ الحياةَ مُسَائِلاً / عَنْها وعَمَّا أَلْهَمَتْ مَسْؤُولا
يُهْدِيهِ ضَوْءُ العبقريِّ كأنَّهُ / يَسْتَلُّ منها سِرَّهَا المجهولا
يَرْقَى الجبالَ مَصَاعِبَاً تَرْقَى بهِ / ويَعَافُ للمُتَحَدِّرينَ سُهولا
ويُقَلِّبُ الدُّنيا الغَرُورَ فلا يَرَى / فيها الذي يُجْدِي الغُرُورَ فَتِيلا
يا مُبْرِئَ العِلَلَ الجِسَامَ بطِبّهِ / تَأْبَى المروءةُ أنْ تَكُونَ عَلِيلا
أنا في صَمِيمِ الضَّارِعينَ لربِّهِمْ / ألاّ يُرِيكَ كَرِيهةً وجَفِيلا
والضَّارِعَاتُ مَعِي مَصَائِرُ أُمَّةٍ / ألاّ يَعُودَ بها العَزِيزُ ذَلِيلا
فلقد أَنَرْتَ طريقَهَا وضَرَبْتَهُ / مَثَلاً شَرُودَاً يُرْشِدُ الضلِّيلا
وأَشَعْتَ فيها الرأيَ لا مُتَهَيِّبَاً / حَرَجَاً ولا مُتَرَجِّيَاً تَهْلِيلا
يا سَيِّدي ومِنَ الضَّمِيرِ رِسَالَةٌ / يَمْشِي إليكَ بها الضَّمِيرُ عَجُولا
حُجَجٌ مَضَتْ وأُعِيدُهُ في هَاشِمٍ / قَوْلاً نَبِيلاً يَسْتَمِيحُ نَبِيلا
يا ابنَ الذينَ تَنَزَّلَتْ بِبُيُوتِهِمْ / سُوَرُ الكِتَابِ ورُتّلَتْ تَرْتِيلا
الحَامِلِينَ مِنَ الأَمَانَةِ ثِقْلَهَا / لا مُصْعِرِينَ ولا أَصَاغِرَ مِيلا
والطَّامِسِينَ من الجهالَةِ غَيْهَبَاً / والمُطْلِعِينَ مِنَ النُّهَى قِنْدِيلا
والجَاعِلينَ بُيوتَهُمْ وقُبورَهُمْ / للسَّائِلينَ عَنِ الكِرَامِ دِلِيلا
شَدَّتْ عُرُوقَكَ من كَرَائِمِ هاشِمٍ / بِيضٌ نَمَيْنَ خَديجةً وبَتُولا
وحَنَتْ عَلَيْكَ من الجُدُودِ ذُؤابَةٌ / رَعَتِ الحُسَيْنَ وجَعْفَراً وعَقِيلا
هذي قُبُورُ بَنِي أَبِيكَ ودُورُهُمْ / يَمْلأنَ عُرْضَاً في الحِجَازِ وطُولا
مَا كَانَ حَجُّ الشَّافِعِينَ إليهِمُ / في المَشْرِقَيْنِ طَفَالَةً وفُضُولا
حُبُّ الأُلَى سَكَنُوا الدِّيَارَ يَشُفُّهُمْ / فَيُعَاوِدُونَ طُلُولَها تَقْبِيلا
يا ابنَ النَبِيّ وللمُلُوكِ رِسَالَةٌ / مَنْ حَقَّهَا بالعَدْلِ كَانَ رَسُولا
قَسَمَاً بِمَنْ أَوْلاكَ أوْفَى نِعْمَةٍ / مِنْ شَعْبِكَ التَّمْجِيدَ والتأهِيلا
أَني شَفَيْتُ بِقُرْبِ مَجْدِكَ سَاعَةً / من لَهْفَةِ القَلْبِ المَشُوقِ غَلِيلا
وأَبَيْتَ شَأْنَ ذَوِيكَ إلاّ مِنَّةً / لَيْسَتْ تُبَارِحُ رَبْعَكَ المَأْهُولا
فوَسَمْتَني شَرَفَاً وكَيْدَ حَوَاسِدٍ / بِهِمَا أَعَزَّ الفَاضِلُ المَفْضُولا
ولسوفَ تَعْرِفُ بعدَها يا سيّدي / أَنِّي أُجَازِي بالجَمِيلِ جَمِيلا
أيها الطالب إنصا
أيها الطالب إنصا / فا لقد رمت محالا
أنت مثلي عاطش غر / ك إذ أبصرت آلا
كاذب ما نال شعب / بسوى القوة نالا
يا يراع الحر قد ضا / ق بك الحر مجالا
فصموتاً فلكم جرَّ / لك النطق وبالا
واعتزالاً أو يكون الـ / ـحق حراًفاعتزالا
يا أخا البلبل شدواً / وشعوراً واعتقالا
كلُّنا يدري الذي تلـ / ـقى كفيناك مقالا
لم تطل دولة هذا / الظلم الا لتدالا
عثرة يا شعب كانت / أحرام أن تقالا
أإلى الأحرار تشكو / وهم أسوأ حالا
تهت لما أخمدوها / فكرة كانت ذبالا
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ / لا بدّ أنْ سيغول شملَك غولُ
بالرغم مما رجفت أوهامُنا / ياتي المخوف ويُمنع المأمول
كم ذا يسرُّك أن تفوتَك ساعةٌ / طالت أأنت إلى الممات عجول
حقاً أقولُ وما الحِمامُ بتاركي / إني على كُرْه الرَّدَى مجبول
يكفي العقولَ جهالةً تعريفُها / للموت أنَّ سبيلَه مجهول
الليلُ مغبرُّ النجومِ حزينُها / والصبحُ في حبلِ الدُّجى موصول
والشمسُ كاسفةُ الجْببين مُُشيحةٌ / والبدرُ حيرانُ السُّرى مذهول
حزناً ليومَ أبي محمدَ إنّهُ / يومٌ على يومِ الحسابِ يطول
الله يَجْزيكَ الجميلَ فكلُّ ما / خلّفتَه في المسلمينَ جميل
المُعوِلاتُ عليك غُرُّ مكارمٍ / قامت عليها رنّةٌ وعويل
وطَنْتَ نفسَك للصِعاب فذُللت / إنّ الصعابَ يروضُها التذليل
وبذرتَ للأوطانِ أشرفَ بذرةٍ / ستطول أفراعٌ لها وأصول
أعمالُك الغُرُّ الحسانُ خوالدٌ / والمرءُ عن أعماله مسؤول
كن آمنا أن لا تضيع مَتاعبٌ / سيُقيمُها التِمثالُ والتَّمثيل
مهّدْتَ للنَشءِ الجديدِ سبيلَه / فليشكرنَّك بعد جيلِكَ جيل
وملكتَ لم تَقُدِ الرعيلَ وإنما / يُغنيك رأيُك أنْ يُقادَ رعيل
حَمَلَتْ لنا الأسلاكُ نعيَك موجزَاً / حتى كأنْ لم يوحَشِ التنزيل
أو أنَّ دينَ محمدٍ لم ينصدعْ / حتى بكى قرآنَه الانجيل
أعيت بما حملت فجاءت عَيَّةٌ / لا تستبينُ النطقَ حين تقول
منهوكة لم يبق فيها من ذماً / نبأٌ على سَمْعِ الزمانِ ثقيل
الله ما هذا الجلال حياتُهُ / ترنيمةٌ ومماتُه تبجيل
هل مدَ روحُ اللهِ عيسى روحَه / ام كان يَنْفُثُها به جبريل
قم وانعَ للبيتِ الحرامِ شعارَهُ / وقلِ انطوى التكبيرُ والتهليل
وتعطلتْ سُبُلُ المحامدِ والتقى / والمكرماتِ فما هناك سبيل
قد قلتُ فيك وقلتُ ثانيَ مَرَّةٍ / ولسوف أرجِع كرّتي فأقول
أما العراق وقد قضيتَ فكفُّهُ / مشلولةٌ وحسامُهُ مفلول
إنْ ينتفضْ فَبِقوةٍ مستغلبٌ / أو ينتهضْ فَبِذِلَّةٍ مغلول
الله والأوطان تعرِفُ نيّتي / وعليَّ فيما أدعيهِ وكيل
إني إذا شَغَل الغرامُ متَبَّلاً / فانا الذي ببلادِه مشغول
وطنٌ جميلٌ وجهُهُ بغدادُه ُ / ورُضابَهَ من دجلةٍ معسول
كيف السُّلُوُّ وليس تبرحُ بُكْرَةٌ / فيه تَهِيجُ صبابتي وأصيل
إني لأشتاقُ الفراتَ وأهلَهُ / ويَروقُني ظِلُّ عليه ظليل
وأُحبُّ شاطئَهُ وروعةَ سَفْحِهِ / تحنو على الأمواجِ فيه نخيل
أشفى على جُرف المهالك موطنٌ / بيديهِ لا يدِ غيره مقتول
آلامُه صدعُ الشقاق بأهله / وبلاؤهُ الأوهامُ والتضليل
في كل يوم ضجة ملعونة / أنْ يحدثَ التغييرُ والتبديل
يا شرقُ يا مهدَ السَّلامِ ألمْ يَئن / أنْ يستطيرَ إلى السلام رسول
إن يُسْرِجِ المستعمرون خيولَهم / فلهم تِراتٌ جمّةٌ وذُحول
أو تنس "عمور " وما دفعوا بها / لم تُنس " قرطبةٌ" ولا " إشبيل "
مَخَرَتْ بأشباهِ البُحور سفائنٌ / وعدت بأمثال الصُّقورِ خُيول
ناغيت " لُبناناً " بشِعريَ جِيلا
ناغيت " لُبناناً " بشِعريَ جِيلا / وضفرته لجبينهِ إكليلا
وردَدْتُ بالنغَمِ الجميلِ لأرزه / ظِلاًّ أفاءَ به عليَّ ظَليلا
أو مَا ترى شعري كأنَّ خِلالَه / نسيَ النسيمُ جناحَهُ المبلولا
وحِسانَ لُبنانٍ منحتُ قصائدي / فسحبنهنَّ كَدَلِّهنَّ ذُيولا
أهديتُهُنَّ عُيونَهنَّ نوافِذاً / كعيونِهِنَّ إذا رَمَيْنَ قتيلا
فردَّدنهنَّ من الأسى وجِراحِه / كِسَراً فَرُحْتُ المُّهنَّ فُلولا
ورَجَعْتُ أدراجي أجرُّ غنيمةً / من " بنتِ بيروتٍ " جوىً وغليلا
لُعنَ القصيدُ فأيُّ مُثرٍ شامخٍ / سرعانَ ما استجدى الحسانَ ذليلا
رَدَّتْ مطامِحُه البِعادَ دوانياً / وكثيرَ ما خَدعَ الخيالَ قليلا
ناغيتُ " لُبناناً " وهل أبقى الهوى / بُقيىً على قيثارتي لتقولا
طارحتُه النغماتِ في أعيادِه / بأرقَّ من سجعِ الحمامِ هديلا
ومَسحْتُ دمعَ الحُزنِ في أتراحِه / وجعلتُ مَحْضَ عواطفي مِنديلا
وكذاكَ كنتُ وما أزالُ كما بنى / أهلي أُجازي بالجميلِ جميلا
يا شيخَ " لُبنانَ " الأشمِّ فوارعاً / وشمائلاً ومناعةً وقبيلا
مثَّلثَهُ في كلِّهنَّ فلم يُردْ / بسواك عنكَ . ولن يريدَ بديلا
إنَّ العراقَ وقد نزلتَ رُبوعَهُ / لَيَعُدُّ ساكِنَه لديكَ نزيلا
بُشرى " بشارةُ " أنْ تجوسَ خِلالَها / وتُزيرَ طرَفك أهلَها وتُجيلا
قف في ضفافِ الرافدينِ وناجِها / وتفيَّ صَفصافاً بها ونخيلا
واسمَعْ غِناء الحاصدينَ حُقولَها / للحاصداتِ من القلوبِ حُقولا
سترى القريضَ أقلَّ مِن أنْ يَجتلى / لغةَ النفوسِ عواطفاً ومُيولا
وتلمَّسِ الآهاتِ في نَبَراتِهِمْ / يُشعِلْنَ من حَدَقِ العيونِ فتيلا
واستنطِقِ " الرَّمَلاتِ " في جَنَباتها / ولطالما استوحى النبوغُ رمولا
واستوحِ كُوفاناً وبصرةَ إذ هُما / يتصدَّرانِ العالَمَ المأهولا
يستورِدانِ حَضارةً ومواهباً / ويُصدِّرانِ فطاحلاً وفحولا
وتَقرَّ " بغداداً " فانَّ دُروبَها / ستُريكَ من سِفرْ الزمانِ فُصولا
ستُريكَ كيف إذا استتمّتْ دولةٌ / أعمى الغرورُ رجالَها لتدولا
إيهٍ " بِشارةُ " لم تكنْ لتَحُدَّ من / مهوى النفوسِ ولم تكنْ لتحولا
إني رَصَدتُكَ من بعيد لم أُرِدْ / إذناً عليكَ ولا بعثتُ رسولا
ودخلتُ نفسَك لم أزاحِمْ حاجباً / عنها ولم ألجِ " الرِواقَ " فضولا
وحَلَفْتُ لا أُوذي الملوك ولا أُرى / ظِلاًّ على بابِ " الأميرِ " ثقيلا
صَونٌ لمجدِ الشعرِ أوهمَ خاطئاً / أنّي خُلِقتُ على قِلىً مجبولا
ولربما ظنَّ الرواجمُ أنّهمْ / سيرَوْنَ من هذا " المنخَّل " غُولا
وعرفتُ فضلَكَ قبل كونِك عاهلاً / تُرخي عليكَ حِجابَك المسدولا
تَلِجُ العقولَ عباقراً ونوابغاً / وتُمحِّصُ المعقولَ والمنقولا
ووجدتُك المُعطي السياسةَ حقَّها / ترعى النُّصوصَ وتُحسِنُ التأويلا
والمستجيرَ بظلِّها من ظلِّها / تتخيرُ التحويرَ والتحويلا
ولمستُ يومَك حين ضجَّ ضجيجُها / ومشتْ تدُكُّ روابياً وسهولا
تستخدمُ المتفجراتِ لدافعٍ / عن حقِّهِ وتُسخِّرُ " الأسطولا "
وعُقابُ " لبنانٍ " تَضُمُّ جَناحَها / تحمي الفِراخَ وتحرُسُ الزُّغلولا
وبنوكَ أُسْدَ الغابِ في لبِداتِهِمْ / عُبْلُ السواعد يمنعونَ الغيلا
حتى إذا انجلتِ العَجاجةُ وارتمى / شِلْواً – ربيبُ " فَجارةٍ " منخولا
وتخلتِ الأقدارُ عن متجبِّرٍ / ملأ البلادَ وأهلَها تنكيلا
وبرزتَ مثلُ السيفِ لا مُستسلماً / جُبْناً ولا نِكْساً ولا مخذولا
وتزاحمتْ بالهاتفينَ شِعابُها / يُزجُونكَ التكبيرَ والتهليلا
كنتَ الجديرَ بكلِّ ذاكَ وفوقَه / إذ كنتَ سيفَ جهادِها المسلولا
يا شيخَ " لبنانٍ " وحَسْبُكَ خِبرةً / رَفَعَتْك شيخاً في الملوك جليلا
جرَّبتَ حنظلةَ الدخيلِ وطعمَها / وصميمَها وطِلاءَها المعسولا
ولمستَ من لَهَبِ السياطِ ووَقْعها / فوقَ الظهورِ على الطُّغاةِ دليلا
ورأيتَ كيف العِلْجُ يُسمِنُ أهلَهُ / يُقري بنيهِ شعبَك المهزولا
وعرفتَ قدرَ العاملينَ مبجَّلاً / شكراً وحظَّ العاملينَ جزيلا
رَنتِ العيونُ إليكَ تُكبِرُ موقفاً / من " شيخِ " لُبنانَ النبيل نبيلا
وتُريدُ منك وقد تقلَّصَ ظلُّهم / ألا تَميزَ على الدخيلِ دخيلا
فلقد خَبَرنا نحنُ قبلَك مِثلَهُ / وأشرَّ في لغةِ الطُغاةِ مثيلاً
فاذا ب " حنظلةٍ " تَحِنُ لأختِها / وإذا ب " شدقمَ " يستظلُّ " جديلا "
وإذا بأولاوءٍ تفرِّقُ بينَهم / شتى الدُّروبِ ويلتقونَ سبيلا
فاوِض فقد غَدَت العوالِمُ عالماً / ما زالَ حَبْلُ صِلاتهِ موصولا
وسيجرِفُ التاريخُ في تيّارِه / شعباً يَظَلُ مُجانِباً معزولا
وتُراثُ " لُبنانٍ " قديمٌ نشرهُ / في المشرقينِ مواهباً وعقولا
لكنْ تَوَقَّ من الوعودِ سلاسلاً / برّاقةً ومن العهودِ كُبولا
فاوِضْ وخلِّ وراءَ سمعِك مُغرياً / وأمامَ عينِكَ شامتاً وعَذولا
ولأنتَ أعلمُ إنْ تُزحْزَحْ عندَهم / شبراً فسوفَ يُزحزحونكَ ميلا
وإذا ارتختْ عُقَدٌ تيسّرَ حلُّها / جدُّوا لكم عُقَداً تُريدُ حُلولا
" عبدَ الاله " وليس عاباً أنْ أرى / عِظمَ المقَامِ مُطوِّلاً فأطيلا
كرَّمت صيفَك يستثيرُ جلاله / نُطقاً ويدفعُ قائلاً ليقولا
يا ابنَ الذينَ تنزَّلتْ ببيوتِهم / سُوَرُ الكتابِ فرُتِّلتْ ترتيلا
الحاملينَ من الأمانةِ ثقلَها / لا مُصعِرينَ ولا أصاغِرَ مِيلا
والناصبينَ بيوتَهم وقبورَهم / للسائلينَ عن الكرامِ دليلا
والطامسينَ من الجهالةِ غَيْهباً / والمُطلعينَ من النُّهى قِنديلا
ملكوا البلادَ عروشَها وقصورَها / واستعذبوا وعْث التراب مَقيلا
يا ابنَ النبيِّ وللملوكِ رسالةٌ / مَنْ حَقَّها بالعدلِ كانَ رسولا
يرجو العراقُ بظلِّ رايةٍ فيصلٍ / أنْ يرتقي بكما الذُّرى ويطولا
لا شك أنَّ وديعةً مرموقةً / عز الكفيلُ لها فكنت كفيلا
وكيانُ مُلكٍ في حداثةِ عهدِه / يتطلَّبُ التلطيفَ والتدليلا!
وسياسة حضنتْ دُعاةَ هزيمةٍ / وتبنَّتِ التفريقَ والتضليلا
تُغري المثقفَّ أن يكون مُهادِناً / وابنَ الجهالةِ أنْ يظَلَّ جَهولا
ألقت على كتِفيكَ من زَحَماتِها / عبءاً تنوءُ بهِ الرِّجالُ ثقيلا
شدَّتْ عروقَك من كرائمِ هاشمٍ / بيضٌ نمينَ خديجةً وبتولا
وحَنَتْ عليكَ من الجدودِ ذؤابةٌ / رَعَتِ الحسينَ . وجعفراً وعقيلا
قُدْتَ السفينةَ حين شَقَّ مقادُها / وتطلَّبتْ رُبَّانَها المسؤولا
أعْطتْكَ دَفَّتها فلم تَرجِعْ بها / خوفَ الرِّياحِ ولا اندفعتَ عَجولا
وَمنَحْتَها والعاصِفاتُ تؤودُها / مَتناً أزلَّ وساعداً مفتولا
أُعطِيتَ ما لم يُعطَ قبلَكَ مثلَه / شعباً على عِرفانِكُمْ مجبولا
إنَّ العراقَ يُجلُّ بيْعةَ هاشمٍ / من عهدِ جدِّكَ بالقرونِ الأولى
هذي مصارِعُ مُنجبيكَ ودورُهم / يملأنَ عَرضاً للعراقِ وطُولا
ما كانَ حجُّهُمُ وطوفُ جموعِهمْ / لقبورِ أهلِكَ ضَلَّةً وفُضولا
حبُّ الأُولى سكنوا الديارَ يَشفُّهم / فيعاوِدونَ طلولَها تقبيلا
يا شيخَ " لُينانٍ " شكيَّةَ صارخٍ / تتخلَّلُ الترحيبَ والتأهيلا
كنّا نُريدُك لا القلوب " مغيمة " / فينا . ولا خِصبُ النفوسِ مَحيلا
لنريكَ أفراحَ العراقَ شَمالَه / وجنوبَه وشبيبةً وكُهولا
جئتَ العراقَ ومِن فِلَسْطِينٍ به / وَجَعٌ مطببَّهُ يعودُ عليلا
والمسجدُ المحزونُ يُلقي فوقَه / ليلاً – على الشرقِ الحزينِ – طويلا
ذهبتْ فِلَسْطينٌ كأن لم تَعترِفْ / مِن كافليها ضامناً وكفيلا
وعفَتْ كأن لم يمشِ في ارجائها / " عيسى " و " أحمدُ " لم يَطِرْ محمولا
والمسجدُ الأقصى كأنْ لم يرتفعْ / فيهِ أذانٌ بُكرةً وأصيلا
وثرى صلاح ِالدينِ دِيسَ وأنعلتْ / منه جيوشُ الواغلِين خُيولا
و " الحنظلُّي " بحِلْفِهِ ووعُودهِ / ما زالَ كاذبُ وعدِه ممطولا
لم يرعَ شرعَ الكافرينَ ولا وفى / حقَّيهما القرآن َ والانجيلا
أعطى " إلَنْبي " أهلَها فاستامهم / بلفورُ فاستوصى بهم عِزريلا
واليومَ يفخرُ " بالحيادِ " كفاخرٍ / بالقتلِ إذ لم " يُسلَخِ " المقتولا
كلُّ ما في الكون حب وجمالُ
كلُّ ما في الكون حب وجمالُ / بتجليك وان عز َّ المنالُ
بسط النور فكم ثائر بحر / هادئاً بات وكم ماجت رمال
ورياض ضاحَكَ الزهرَ بها / ثغرُك الصافي وناجاها الخيال
وسهول كاد يعرو هَضْبَها / نزقٌ من صبوة لولا الجلال
ما لمن يهوى جمالا زائلا / وعلى البدر جمال ما يُزال
لا عدمِناك مروجاً للهوى / جدَة فيها وللدهر اقتبال
عيشُنا غض وميدان الصبا / فيه مجرىً للتصابي ومجال
يا أحباي وكم من عثرة / سلفت ما بالُ هذي لا تقال
علَّلونا بوعود منكم / ربما قد علل الظمآنَ آل
وعدوني بسوى القرب فقد / شفَّني الهجرانُ منكم والوصال
لا أمَّل العيش ما شئتم فكونوا / لسوى حبكم يحلو الملال
أمن العدل وما جُزْتُ الصبا / ومداه يألف الشيبَ القذال
إنها أنفُسُ لم تخلق سدى / ورقيقات قلوب لا جبال
أشتكى منكم وأشكو لكمُ / إنَّ دائي في هواكم لعُضال
فعلى الرفق ! كفاني في الهوى / ما أُلاقي وكفاكم ذا المِطال
ألذنبٍ تصطلي حَرَّ الجْوى / مهجٌ كانت لها فيكم ظِلال
أرتجيها صفوة منكم وأن / زَعَموها بغيةً ليست تنال
إنما أغرى زماني بكم / نِعَمٌ طابت وأيام طِوال
لا أذُم الدهر هذي سُنة : / للهنا حال وللأحزان حال
قد حثثناها مطايا صبوة / لكُمُ أوشك يعروها الكلال
ورجعنا منكمُ خِلواً ولو / أكلت منهن آمال هزال
لا تقولوا : هجرُنا عن علة / ربما سَرَّ حسوداً ما يقال
أنا من جربتموه ذلك الطاهرُ / الحبِ إذا شِينت خِصال
شيم هذَّبْنَ طبعي في الهوى / مثلَّما يجلو من السيف الصِّقال
أيها الناعمُ في لذاته : / لذةُ النفس على الروح وَبال
شهوة غرَّتك فانقدْتَ لها / ومُنى المرء شعور وكمال
وليل ذكرت به صبوتي
وليل ذكرت به صبوتي / فعدت إلى الزمن الأول
تجردت عن تبعات الجدود / وبتُّ عن الغير في معزل
قست شهبه عن شكاه الهوى / وحدّقن شزراً ولم تحفل
أبثُّ لها همَّ عصر مضى / فتبسم عن عصري المقبل
سهرنا وشتان ما بيننا / وأين من المستهام الخلي !
أمان تسامت فمن أجلها / حياتي وفي شرحها مجملي
وآنست في جنحه وحدتي / فبتَّ كأني في محفل
سكون الدجى وجلال الغرام / جناحان للشاعر الأعزل
وعاذله في الهوى لو درت / بحال المحبّين لم تعذل
" ذكرت الوئام " فمن عبرة / تسيل ومن زفرة تعتلي
كمالك جر عليك الفناء / أخا القرد ليتك لم تكمل
كأن الدُّنا خص في واحد / فكل يقول الذي فيه لي
وهاتفه راعها مقدمي / فلاذت بأغصانها الميَّل
أيا ورق لا تذعري إننا / شربنا العواطف من منهل
ولا تنفري سانحات المها / أصبت الأمان على المقتل
ويا ليل ردد صدى من مضى / وأن كنت يا ليل لم تعقل
فكم بثَّ مثلي أخو حسرة / إليك الغرام فلم تحفل
ويا بدر كرر حديث الشُّجون / فلولا هوى بك لم تضؤل
ايا ليل كم فيك من خاطر / لذي لوعة بالأسى ممتلي
وكم مقلة فيك سهرانة / وكم غلَّة فيك لم تبلل
تجلى بك البدر ربُّ الجمال / فهام بطلعته المجتلي
أيا ليل هام بك المغرمون / لما فيك من عالم أمثل
فراشاً بجنحك حاموا على / سنا البدر ينزل أو يعتلي
على رغد أيها النائمون / فجفني بالغمض لم يكحل
وياليل رحماك يا ذا الجلال / ويا بدر عطفاً فأنت العلي
سقى تُربَها من ريِّقِ المزن هطّالُ
سقى تُربَها من ريِّقِ المزن هطّالُ / دياراً بعثْنَ الشوقَ والشوقُ قتالُ
خليليَّ أشجَى ما ينغِّص لذتي / مَناحٌ أقامته عيالٌ وأطفال
وأيد وأجيادٌ تُمَدّ وتلتوي / ومنهن حال بالدموع ومعطال
خليليَّ لو لم يَنطق الوجدُ لم أقل / فقد كذَّبت قبلي لذي الحبّ أقوال
وحيداً فلو رُمتم على الوجد شاهداً / لما شَهِدت الا بُكورٌ وآصال
وما برِحت أيدي الخطوب تنوشُني / بفارسَ حتى بغَّضَ الحلَّ ترحال
وما سرني في البُعد حال تحسَّنَتْ / بلاديَ أشهى لي وان ساءتِ الحال
فمن شاقه بَردُ النعيم بفارسٍ / فاني إلى حَرِّ العراقين ميّال
أُحب حصاها وهو جمر مؤجَّج / وأهوى ثراها وهو شَوكٌ وأدغال
واني على أنَّ البلادَ جميلةٌ / تروق كما ازدادت من الدلِّ مِكسال
منعَّمة أما هواها فطيّب / نسيم وأما الماءُ فيها فسَلسال
يسيل على أجبالها وهو لجّةٌ / ويجري على حَصبائها وهو أوشال
تحيط به خُضرُ الرياض أنيقةً / كما رُقِمت فوق الصحائف أشكال
أحنُّ إلى أرض العراق ويعتلي / فؤادي خُفوقٌ مثلَما يَخفُق الآل
وما الهول غِشيانَ الدروبِ وضيقُها / عراكُ الهوى والوجدُ والذكرُ أهوال
خليليَّ أدنى للبيب رُقيُّهُ / إلى النجم من أن يَسلَم العزُ والمال
ألا مُبلغٌ عني " المعرِّيَ " أحمداً / ليسمَعَه والشعر كالريح جوّال
بأني وإيّاه قرينا مصائبٍ / وان فَّرقت بين الشعورينِ أحوال
واني وإياه كما قال شعره : / " مغاني اللوي من شخصكَ اليوم أطلال "
" تمنيت أن الخمر حلَّت لنشوة / تُجَهِّلُني كيف استقرَّت بيَ الحال "
احباي بين الرافدين تيقَّنوا / بأني وان أُبعِدتُ عنكم لسّآل
لئن راقكم ماءُ الفرات وظلِّلتْ / عليكم من الصَفصاف والنخل أظلال
فانيَ من دمعٍ عليكم أُذيله / شَروبٌ ومن سَوداءٍ قلبي أكّال
لقد كان هذا القلب في القُرب مضغةً / وها هو من بعد الأحبَّة أوصال
ودَّعتُ شرخَ صِبايَ قبلَ رحيلِهِ
ودَّعتُ شرخَ صِبايَ قبلَ رحيلِهِ / ونَصَلتُ منه ولاتَ حَينَ نُصولِهِ
وَنفَضتُ كفّيَ من شبابٍ مُخلِفٍ / إيراقهُ للعين مِثلُ ذبوله
وأرى الصِّبا عَجِلاً يَمُرُّ وإنني / ساعدتُ عاجلَهُ على تعجيله
سَعُدَ الفتى متقّبلاً مِن دهره / مقسومَه بقبيحهِ وجميله
وأظُنّني قد كنتُ أرْوَحَ خاطراً / بالخطبِ لو لم أُعنَ في تأويله
لكن شُغِفْتُ بأن أُقابلَ بينه / أبداً وبين خِلافه ومثيله
وَشَغَلتُ بالي والمصيبَةُ أنني / أجني فراغَ العُمرِ مِن مشغوله !
يأسٌ تجاوزَ حَدَّه حتى لقد / أمسيتُ أخشى الشرَّ قبلَ حُلوله
وبَلُدْتُ حتى لا ألَذُّ بمُفْرحٍ / حَّذَرَ انتكاستهِ وخوفَ عُدوله!
إيهٍ أحبَّايَ الذينَ ترعرعوا / ما بين أوضاحِ الصِّبا وحُجوله
إني وإنْ غَلبَ السلُّو صَبابتي / واعتضتُ عن نجم الهوى بأُفوله
لتَشوقُني ذكراكُمُ ويهُزُّني / طَربٌ إلى قالِ الشباب وقِيِله
أحبابَنا بين الفُرات تمتَّعوا / بالعيش بين مياهه ونخيله
وتذكَّروا كَلفَ امرئٍ متشوّقٍ / منزوفِ صبرٍ بالفراق قتيله
حرّانَ مدفونِ الميولِ وعنَدكم / إطفاءُ غُلَّتِه وبعثُ ميوله
حَييْتُ " سامَرّا " تحيَّةَ مُعجَبٍ / بروُاءِ مُتَّسِعِ الفِناء ظَليله
بَلدٌ تساوَى الحسنُ فيه فليلُهُ / كنهاره وضَّحاؤه كأصيله
ساجي الرياحِ كأنما حلَفَ الصَّبا / أن لا يمُرَّ عليه غيرُ عليله
طَلْقُ الضواحي كاد يُربي مُقفِرٌ / منه بنُزهتهِ على مأهوله
وكفاكَ من بلدٍ جَمالاً أنَّه / حَدِبٌ على إنعاش قلبِ نزيله
عَجَبي بزَهْوِ صُخوره وجباله / عَجَبي بمنحَدرَاته وسُهوله
بالماءِ منساباً على حَصبائه / بالشَّمسِ طالعةً وراء تُلوله
بالشاطئِ الأدنى وبَسطةِ رملِهِ / بالشاطئِ الأعلى وبَردِ مَقيله
بجماله والبدرُ يَملؤه سناً / بجلالهِ رهنَ الدُّجى وسُدوله
بالنهر فيَّاضَ الجوانبِ يزدهي / بالمُطْربَينِ : خريرهِ وصليله
ذي جانبْينِ فجانب مُتطامِنٌ / يقسو النسيمُ عليه في تقبيله
بإزاءِ آخَرَ جائشٍ متلاطمٍ / يَرغو إذا ما انصبَّ نحوَ مَسيله
فصلتهما " الجُزُرُ " اللِّطافُ نواتئاً / كلٌّ تحفَّزَ ماثلاً لعديله
وجرتْ على الماءِ القوارِبُ عُورضت / بالجري فهي كراسفٍ بكبوله
فإذا التَوت لمسيلهِ فكأنَّما / تبغي الوصولَ إليه قبلَ وصوله
وإذا نظرتَ رأيتَ ثَمَّةَ قارَباً / تَمتازُه بالضوء مِن قِنديله
أو صوتِ مِجدافٍ يُبينُ بوقعه / فوقَ الحصى عن شجوه وعويله
سادَ السكونُ على العوالم كُلَّها / وتَجلبب الوادي رِداءَ خموله
وتنبَّهتْ بين الصخورِ حَمامةٌ / تُصغي لصوت مُطارِحٍ بهديله
وأشاعَ شجواً في الضفاف ورقَّةً / إيقاظُ نُوتيًّ بها لزميله
ولقد رأيتُ فُويقَ دجلةَ مَنظراً / الَشِعرُ لا يقوى على تحليله
شَفَقاً على الماءِ استفاضَ شُعاعُه / ذَهَباً على شُطآنه وحُقوله
حتى إذا حكَم المغيبُ بدا له / شفقٌ يُحيطُ البدرَ حين مُثوله
فتحالفَ الشفقانِ هذا فائرٌ / صُعُداً وهذا ذائبٌ بنزوله
ثُمَّ استوى فِضّيُّ نُورٍ عابثٍ / بالمائِجَيْنِ : مِياههِ ورموله
فاذا الشواطئُ والمساحبُ والرُّبى / والشطُّ والوادي وكلُّ فُضوله
قمراءُ راقصةُ الأشعَّةِ جُلّلت / بخفيِّ سِرٍّ رائعٍ مجهوله
والجوُّ أفرطَ في الصفاءِ فلو جرى / نَفَسٌ عليه لَبانَ في مصقوله
هذي الحياةُ لِمِثلها يحنو الفتى / حِرصاً وإشفاقاً على مأموله
وإذا أسِفتُ لمؤسِفٍ فلأنَّه / خِصْبُ الثَّرى يُشجيكَ فرطُ مُحوله
قد كانَ في خَفْضِ النَّعيم فبالغتْ / كفُّ الليالي السودِ في تحويله
بَدَتِ القصورُ الغامراتُ حزينةً / من كلّ منهوبِ الفِناءِ ذليله
كالجيشِ مهزومَ الكتائبِ فلَّه / ظَفَرٌ ورَقَّ عدوَه لفلوله
" العاشقُ " المهجورُ قُوّضَ رُكنُهُ / كالعاشق الآسي لفقدِ خليله
" والجعفريُّ " ولم يقصِّررسمُهُ / الباقي برغُم الدَّهر عن تمثيله
بادي الشحوبِ تَكادُ تقرأ لوعةً / لنعيمه المسلوبِ فوقَ طلوله
وكأنَّما هو لم يجِدْ عن " جعفرٍ " / بدلآ يُسَرُّ به ولاً عن جِيله
فُضَّتْ مَجالسُهُ به وخلَوْنَ مِن / شعر " الوليدِ بها ومن ترتيله
إن الفحُولَ السالفينَ تعهَّدوا / عصرَ القريضِ وأُعجبوا بفحوله
يتفاخرونَ بشاعرٍ فكأنَّما / تحصيلُ معنى الحُكْمِ في تحصيله !
فجزَوْهُمُ حُلوَ الكلامِ وطرَّزوا / إكليلَ ربِّ المُلْك مِن إكليله
كانوا إذا راموا السكوتَ تذكَّروا / فَضلَ المليكِ الجمَّ في تنويله
من صائنٍ للنفس غيرِ مُذيلها / شُحُاً ومُعطي المالِ غيرِ مُديله
وإذا شَدَوا فكما تغنَّى طائرٌ / أثرُ النعيمِ يَبينُ في تهليله
ولقد شجتني عَبرةٌ رَقراقةٌ / حَيرانةٌ في العين عند دُخوله
إني سألتُ الدهرَ عن تخطيطهِ / عن سَطحه عن عَرضه عن طُوله
فأجابني : هذي الخريبةُ صدرُه / والبلقعُ الخالي مَجرُّ ذيوله
وَسَلِ الرياحَ السافياتِ فانَّها / أدرى بكلِّ فروعه وأصوله
وتعلَّمَنْ أنَّ الزمانَ إذا انتحى / شُهُبَ السَّما كانت مداسَ خُيوله
مدَّت بنو العبَّاس كفَّ مُطاوِلٍ / فمشى الزمانُ لهم بكفِّ مَغوله
واجتاحَ صادقَ مُلكهِمْ لما طَغوا / بدعيِّ مُلكٍ كاذبٍ مَنحوله
وكذا السياسةُ في التقاضي عندَه / تسليمُ فاضلهِ الى مفضوله
خُلِّدْتِ سامراءُ لم أوصِلْكِ مِن / فَضْلٍ حَشَدتِ عليَّ غيرَ قليله
يا فرحةَ القلبِ الذي لم تتركي / أثراً لِلاعجِ همّه ودخيله
وافاكِ مُلتهِبَ الغليلِ وراح عن / مغناكِ يَحمَدُ منكِ بردَ غليله
أنعشتِهِ ونَفَيْتِ عنه هواجساً / ضايقْنَه وأثرتِ من تخييله
وصدقته أملاً رآكِ لِمثله / أهلاً فكنتِ وزدتِ في تأميله
هذا الجميلُ الغضُّ سوف يردُّه / شِعري إليكِ مُضاعفاً بجميله
ولقد غَلوتُ فكمْ يقلبي خاطرٌ / عَجزتْ مَعاني الشعر عن تمثيله
وَلطيفِ معنىً فيك ضاقَ بليدُها / بذكِّيهِ ودقيقُها بجَليله
ولعلَّ منقولَ الكلامِ محوَّلٌ / في عالَمٍ آتٍ إلى مَعقوله
فهُناكَ يتَّسِع التخلّصُ لامرِئٍ / من مُجمَل المعنى إلى تفصيله
أسرفتِ في ترف الجْمالِ
أسرفتِ في ترف الجْمالِ / وسكِرتِ من خمر الدَّلالِ
وثنيتِ طرَفكِ فانثنى / يرمي الظِلالَ على الظلال
أعيا جمالُك منطقي / وسما خيالُك عن خيالي
يا " جينُ " لطفُ الخمر / أنّكِ كنتِ ماثلةً حِيالي
ما شاء فليكتبْ عليَّ / الدهرُ إنّي لا أُبالي
إذ كان خَصْرُكِ في اليمينِ / وكان كأسي في الشِّمال
حضَنَ " التاجُ " بنيه فتعالَى
حضَنَ " التاجُ " بنيه فتعالَى / وتعالى " حارسُ التاج " جَلالا
وتعالت أُمةٌ لم تنحرفْ / عن مدى الحقِّ ولا زاغَت ضَلالا
أُمةٌ تكرهُ من مستعمِرٍ / فَرْضَه النصرَ ! وتأبى الانخِذالا
اوطأت أقدامَها " عارمَة " / حسَكَ الجور وشاءَته انتِعالا
وتخطَّت جمرَة الغيضِ إلى / " وقدةِ " المَوتِ فزادتها اشتِعالا
ومشَت " للهُلْك " تدري أنّه / يسألُ الرّوح عن الدنيا زَوالا
عرفَت أنَّ الذينَ استفرَشوا / حُلَلَ الديباجِ غَنْجاً ودَلالا
نَعمت أظفارُهُمْ من " رقةٍ " / فهي لا تَقوَى عن اللحم انفِصالا
ثم شاءوا المجدَ فيما يُقتَنَى / حِلْيةً تُضفي على البيتِ جَمالا
كتَبَ الدهرُ على أبوابِهمْ / هَهنا يرقُد من عافوا النِضالا
ههنا يرقُدُ من ظَلّوا على / هامِشِ " التاريخ " كَلاًّ وعِيالا
والذين استنزَفوا طاقاتِهم / في المشقّات هُم كانوا الرجالا
حضَنَ التاجُ بنيهِ حضنْةَ الليث / لا يبغي عن " الشِبل " انفِصالا
وتحدَّى من تحدَّى معلناً / أنه يَقبل في الحق النِزالا
وانبرَتْ كفٌّ هي البُرْهُ مشَى / فشفَى من " مُزمن " داءً عُضالا
تمسَحُ الدمعةَ سالتْ حرّةً / فوق جُرحٍ فاحَ بالعِطر وسالا
ورَمى نَسْرُ قُرَيشٍ فوقَهم / من جَناحَيه الحبيبَيْن ظِلالا
يَسْتجِمُّ المجدُ في أفيائها / مُتعَباً لاقى من الجَهد كَلالا
يا حُماةَ الطُهرِ في مُعترَكٍ / زَحَمَ الطُهْرَ به الرجسُ فمالا
كرفيفِ الزَّهر في رَيْعانه / لم تُدنِّسْه يدُ الجاني ابتذالا
نَسَلوا من كل حَدْب نسوةً / ورجالا وَجنوباً وشَمالا
يا شباباً صَبَغوا الأرضَ دماً / كان في " وجنة " سِفر المجدِ خالا
مَنَحَ الباغي هواناً وصغى / وحَبَا الأمّةَ زهوا واختِيالا
أكثِروا من دَمكمْ تَستَكثِروا / من فمِ التاريخ مجداً وابتهالا
فهو ظَمآنُ إلى أمثالِهِ / لا دماءٌ خَثَرت فهي كُسالى
واكتُبوها صفحةً إن ذُكِرت / كنتُمُ الأمثال فيها والمِثالا
ليلةٌ ألقَتْ اليكم ثِقْلَها ! / وليالٍ سَوف تأتيكم " حَبالى " !
واختِموا عهد َ " زعامات " عَفَتْ / كاذباتٍ لفَقوهُنَّ انتحالا
جامعاتٍ – كلَّ ما لا يلتَقي / من نَقيضَيْن – شَناراً واحتِفالا
من حُطام لُمَّ من كلِّ خَنا / وادعاءٍ صارخٍ قيلاً وقالا
وَمُدِلّين بأن قد قَرَنوا ! / بالخَنا جاهاً وب " الحُظِوةِ " مالا
قِف بأحداث الضّحايا لا تُسِلْ / فوقها دَمعاً ولا تَبكِ ارتجالا
لا تُذِلْ عهدَ " الرجولات " التي / تكرهُ الضَعْفَ . وتأبى الانحِلالا
وتَلقَّفْ من ثَراها شَمّةَ / تملأُ المنخِرَ عِزا وجلالا
وَضَعِ " الإِكليل " زَهْراً يانعاً / فوقَ زهرٍ من ضمير يَتلالا
ثم خَفِّضْ من جَناحيك بها / ثم أبلغْها إذا شِئتَ " مقالاً " !
أيُّّها الثاوونَ في جَولاتكم / طِبْتُمُ مَثوى ً وعُطّرتُمْ مجالا
كلُّنا نحسُدُكم أن نِلْتُمُ / شَرَفَ الفُرصةِ – من قبلُ – اهتبالا
كلُّنا نمشي على آثارِكمْ / بالضَحيّات خفافاً وثِقالا
كلُّلنا ممتَثِلٌ من وَحيكم / ما يُريد الوَطنُ الحُرُّ امتِثالا
فإذا شِئْتُم مَشَيْناها ونىً / وإذا شئتم مشيناها عِجالا
وإذا شِئتُم صَبغْناها دماً / صبغةً تُؤْذِنُ بالحال " انتقالا "
يا حفيظَ العهدِ للوادي ويا / أمَلَ الوادي فُتُوّاً واقتبالا
وصليبَ العُود يَأبَى غمزةً / ورفيعَ الرأس يأبَى أنْ يُطالا
هُرِعَ الشعب إلى مُنقذِه / مُلقِياً في الساحة الكبرى الرّجالا
كَذَبَ المُلقون في رُوعِكُمُ / أنَّه يطلُبُ أمراً لن يُنالا!
قل لأولاءِ الذين استأثَروا / بالملذّاتِ وبالحكمِ احتيالا
والذين اختَلقُوا أنّهُمُ / وحدَهُمْ مدُّوا إلى العرشِ حبالا!
كم وكم ثاوٍ بجُحْرٍ مُظلمٍ / وحريبٍ يأكلُ الماءُ الزلالا
كان أصفى نيةً في حُبّكم / من مُدِلّينَ نِفاقاً وافتِعالا
والذين افتَخروا أنَّهم / يَلبَسون " الشعب " ما شاؤا نِعالا
والذين استَنْفَروا من حولهم / زُمراً عبَّأها الشرُّ رِعالا
ليسُدَّ " السوطُ " مَجْرَى فكرةِ / وتُعيقَ " النارُ " قَولاً أنْ يُقالا
قلْ لهم : لَسْتُم رفاقي فانفِروا / إنَّ هذا الشعبَ لا يَبغِى مُحالا!
إنه يَشجُبُ من حُكّامه / خُطةَ العَسف ويأبى الاغتِلالا
ويريدُ العَدْل في أحكامه / والمساواةَ وان عزَّتْ مَنالا
لا " يُقالُ " الشعبُ لكنْ طغمةٌ / تسترقُّ الشَعبَ أولى أن تُقالا
عُمِرَتْ ديارُ شَراذمٍ دُخّال
عُمِرَتْ ديارُ شَراذمٍ دُخّال / أسفاً عليك وأنتَ قَفرٌ خالِ
عُمِرَتْ ديار " الطارئين " ونُكِّستْ / دورٌ شَراها أهلها بالغالي
بالروح يُزهقُها الغَيورُ على الحمى / والمالُ يبذله عدوُ المال
بدت البيوتُ الخاوياتُ حزينةً / محفوفةً بالشوكِ والأدغال
وكأنما شُرفاتها مغبرَّة / أشباحُ الآمٍ وَقفْنَ حيالي
يا عابرينَ على الطريقِ تلفتوا / وتَبَصَّرُوا بتقلُّبِ الأحوال
هذي البيوتُ الموحشاتُ عِراصها / كانت تُحَطُّ بها عصا التَرْحال
نُحرَتْ هنا كُومُ النياق وأوقدَتْ / نارُ القِرى للطارق المِحلال
هذي الديارُ ديارُ كلِّ سَمَيْذَعٍ / حامٍ لحوزةِ غابهِ رِئبال
هذي الديارُ ديارُ كل مُرَحِّب / بالوافدين مُشَمِّر السربال
ولقد يُرى في نِعمةٍ محسودةٍ / هذا الذي تَرثيِه في الأسمال
هذا المشرَّدُ كان مَأمَلَ طالبٍ / ومناخَ أطلاح وخدنَ عوالي
أسفاً يهدُّ الجوع منكَ بطولةً / يامعدِنَ الأشبالِ والأبطال
يا معدِنَ النَفَرِ الذينَ تقسَّموا / لسماحةٍ ورَجاحةٍ ونِزال
ذُخِرَتْ لأيامِ السرورِ فلائلٌ / نَزلتْ على الأوطانِ شرَّ عِيال
وبنوكَ قد ذُخِروا ليومِ كريهةٍ / وضريبةٍ و مجاعةٍ وِقتال
تلك السواعدُ فعمةٌ مفتولةٌ / أرخَتْ أشاجعَها يدُ الإقلال
ولقد وَقفتُ على مَصبِّك وَقفةً / لا ينمَحي تَذكارُها من بالي
أما مسيلُ الماء فيكَ فإنه / يَبَسٌ تعاورَهُ مسيلُ رِمال
أعيا لسانَ القولِ فرطُ تَلجْلُجٍ / فيه فساعدَهُ لسانُ الحال
خالستُ موقفَ صاحبي فوجدتُه / وهو الرزينُ مهيَّج البِلبال
ولقد يعزُّ على الشُعور وأهلِهِ / مرأى البلادِ بمثل هذي الحال
وفحصتُ أطرافي فكانت كلُّها / توحي الىَّ معرّة الإهْمال
يا ساكني " الغراف " ما قدرُ الذي / يأتيكُمُ من شاعرٍ قوّال
أو أبعثُ الأملَ المريحَ اليكُمُ / أنا مثلكُمْ متصدِّعُ الآمال
أنا مثلُكم أسلمتُ كلِّ عواطفي / لليأسِ يأخذُها بكلِّ مَجال
في ذمة التاريخِ ما جُرِّعتُمُ / من غُصَّةٍ في ذمة الأجيال
قد قلتُ للنَفَرِ القليلِ خِيارُهم / لو كانَ ثمةَ سامعٌ لمقالي
هاتوا من الأعمال ما يقوى على / تصديقِ بعضِ خوادِع الأقوال
أولا فانَّ الشعبَ دوّى يأسُه / اخشَوا عواقبَ يأسِه القَتّال
ما يمنعُ الساداتِ أن يتفكروا / بمصير أعبِدَةٍ لهُمْ ومَوالي
شعبٌ على شكلٍ تمشَّى حكمُهُ / أبداً برغم تخالُفِ الأشكال
وأمضُّ من قَحْط السنين بأمةٍ / مشلولةِ الأعمالِ قحطُ رجال
شعبٌ أراد به الوقيعةَ خصمُهُ / وبنوه فهو ممزَّقُ الأوصال
شُغِل الفراتُ بضيمه عن دجلة / ونسى جنوبيّ العراق شمالي
وإذا سألتَ الرفقَ كان جوابُهُم / ما للقلوبِ الموجَعاتِ ومالي
يقول : لَمَ اعتزلتَ؟ فقلتُ لِمْ لا
يقول : لَمَ اعتزلتَ؟ فقلتُ لِمْ لا / وخيرٌ من تظاهُريَ اعتزالي؟
نظمتُ فلم يُفد شيئاً نظامي / وقلت فلم يَجد أثراً مقالي
وهل تجدي الشَّجاعةُ في كلامٍ / جبانا عن مقارعة الرحال
أقول وذاك بهتانٌ وزورٌ / ظهوريَ لا لجاهٍ أو لمال
ألا فليشهَدَ الثقلانِ أني / مع الأيام ! ترخُص ..او تغالي
أذُم الناس إن غابوا ولكن / إذا حضروا فعُنوانُ الجلال
أبالي بامتداح الناس فعلي / وان أظهرت أني لا أُبالي
وازجُرهُم إذا نطقوا بعيبي / كأني بالغٌ حدَّ الكمال
وأُظهر عِفّةً عن نيل شيءٍ / إذا ألقيتُه صعب المنال
وأُسأل عن أمور لا أعيها / فأظْهِر أن نقصاً في السؤال
وكم سليت بالأوهام نفسي / وغطَّيت الحقيقةَ بالخيال
خططتُ على الرمالِ منىً فلما / تطامى السيلُ سِلْن مع الرمال
وكم من منطقٍ حُرٍّ نزيهٍ / أُزيَّفُهُ عِناداً بالجدال
مخافَة ان أُرى فيه اخيذاً / ومغلوباً كأني في قتال
على عهدي فلا الأيام حالت / ظواهرُها ولم تشِب الليالي
ولكنْ ضيقُ نفسي باعترافي / يريني أن ضيقاً في المجال
وكم وعدٍ حلفتُ بأنْ يوفّى / كأني قد حلفت على المِطال
أقول ولا أخاف الناسَ إني / مزجت حرامَ دهري بالحلال
وقد حَسُنتْ خِصالٌ لي ولكن / رأيت القبحَ أكثرَ في خِصالي
سكُت وصدري فيه تغلي مراجلُ
سكُت وصدري فيه تغلي مراجلُ / وبعض سكوتِ المرءِ للمرءِ قاتلُ
وبعضُ سكوتِ المرءِ عارٌّ وهُجْنَةٌ / يحاسَبُ من جّراهُما ويُجادَل
ولا عجبٌ أنْ يُخْرِسَ الوضعُ ناطقاً / بلى عجبٌ أنْ يُلْهَمَ القولَ قائل
جزى الله والشعرُ المجوَّدُ نَسْجُهُ / بأنكد ما تُجْزَى لئامٌ أراذل
مخامِرُ غدرٍ طوَّحَتْ بي وعودُهُ / فغُِررتُ والتفَّتْ علىَّ الحبائل
وكنتُ امرَءاً لي عاجلٌ فيه بُلْغَةٌ / سدادٌ ومرجُوٌّ من الخير آجل
رخياً أمينَ السربِ محسودَ نِعمةٍ / تَرِفُّ على جنَبيَّ منها مباذل
فغُودرتُ منها في عَراءٍ تَلُفُّني / مَفاوِزُ لا أعتادُها ومجاهل
طُموحٌ إلى الحتفِ المدبَّر قادني / وقد يُزهِقُ النفسَ الطُموحُ المُعاجل
كَرِهْتُ مداجاةً فرُحْتُ مشاغبا / ولم يُجدِني شَغْب فرُحْتُ أُجامل
وأغْرقْتُ في إطراءِ من لا أهابُه / وساجلت بالتقريع من لا يساجَل
وأصْحَرْتُ عن قلبي فكان تكالُبٌ / عليّ لإصحاري وكان تواكُل
نزولاً على حكمٍ وحفظاً لغاية / يكون وسيطاً بينهن التعاُدل
وما خِلْتُني عبْءا عليهم وأنهم / يريدون أن يُجتَثَّ متنٌ وكاهل
ولما بدا لي أنه سدُّ مَخْرَجٍ / وقد أُرتِجَ البابُ الذي أنا داخل
وأخلَتْ صدورٌ عن قلوبٍ خبيثةٍ / ولاحت من الغدرِ الصريحِ مخايل
رجعت لعُش ٍّ مُوحشٍ أقبلتْ به / علي الهمومُ الموحشاتُ القواتل
وكنتُ كعُصفورٍ وديعٍ تحاملت / عليه ممن الستِ الجهاتِ أجادِل
ورَوَّضْتُ بالتوطينِ نفساً غريبةً / تراني وما تبغيه لا نتشاكل
وقلتُ لها صبراً وان كان وطؤهُ / ثقيلا ولكن ليس في الحزن طائل
وكَظْمُ الفتى غيظاً على ما يسوؤه / من الأمر دربٌ عبَّدته الأماثل
ولِلعْقلِ من معنى العقالِ اشتقاقُه / إذا اقتِيدَ إنسان به فهو عاقل
وكنتُ ودعوايَ احتمالا كفاقدٍ / حُساماً وقد رَفَّت عليه الحمائل
حبستُ لساني بين شِدْقَيَّ مُرغماً / على أنه ماضي الشَّبا إذ يناضل
وعهدي به لا يُرسلُ القولَ واهناً / ولا في بيانٍ عن مرادٍ يعاضل
وبيني وبينَ الشعرِ عهدٌ نكثتُه / ورثَّتْ حبالٌ أُحكِمَتْ ووسائل
وجهّلتُ نفسي لا خمولا وإنما / تيقنت – ان السيّدَ المتجاهل
وما خلت أني في العراق جميعِه / سأفقِدُ حراً عن مغيبي يسائل
سَتَرْتُ على كَرْهٍ وضِعْنٍ مَقاتلي / إلى أن بدتْ للشامتينّ المقاتل
أهذا مصيري بعد عشرين حِجَّةً / تحلت بأشعاري فهن أواهل ؟
أهذا مصيرُ الشعرِ ريّانَ تنتمي / إليه القوافي المغدقاتُ الحوافل!؟
سلاسلُ صِيغتْ من معانٍ مُبَغَّضٍ / لها الذهبُ الأبريزُ وهو سلاسل
ومن عجبٍ أنّ القوافي سوائلا / اذا شُحِذَتْ للحَصْدِ فِهي مَناجل
وهنَّ كماءِ المُزْنِ لطفاً ورقةً / وهنَّ إذا جدَّ النضالُ مَعاول
فأمّا وقد بانت نفوسٌ وكُشِّفَتْ / ستائرُ قومٍ واستُشِفَّت دخائل
ولم يبق إلا أن يقالَ مساومٌ / أخو غرضٍ أو ميّتُ النفسِ خامل
فلا عذرَ للأشعار حتى يردَّها / إلى الحق مرضيُّ الحكومةِ فاصل
لأمِّ القوافي الويلُ إن لم يَقُمْ لها / ضجيجٌ ولم ترتجَّ منها المحافل
سأقذِفُ حُرَّ القولِ غيرَ مُخاتِل / ولا بدّ أن يبدو فيُخْزَى المُخاتل
لئن كان بالتهديم تُبْنى رغائبٌ / وبلخبط والتكديرِ تصفو مناهل
وإن كان بالزلفى يؤمَّلُ آيسٌ / وبالخُطَّةِ المُثلى يُخيَيَّبُ آمل
فَلَلْجهلُ مرهوبُ الغرارين صائبٌ / ولَلْحِلْمُ رأيٌ بَيّنُ النقصِ فائل
ولَلْغَرَضُ الموصومُ أعلى محلةً / من المرءِ منبوذاً علته الأسافل
أرى القومَ من يُقرَّبْ إليهِمُ / ومن يَجْتَنِبْ يَكْثُرْ عليه التحامل
على غيرِ ما سنَّ الكرامُ وما التقت / عليه شعوبٌ جمةٌ وقبائل
فلا ينخدعْ قومٌ بفرط احتجازةٍ / تَخَيَّلَ أني قُعْدُدٌ متكاسل
فإني لذاكَ النجمُ لم يخبُ نَوُؤه / ولا كَذَبَتْ سيماؤُه والشمائل
وما فَلَّتِ الايامُ مني صرامة / ولا زحزحت علمي بانيَ باسل
ولكنني مما جناه تسرُّعٌ / توهمت أنَّ الأسْبَقَ المتثاقل
وإنّي بَعْدَ اليومِ بالطيش آخذُّ / وإني على حكمٍ الجهالةِ نازل
وإني لوثابٌ إلى كل فرصةٍ / تعِنُّ وعدّاءٌ إليها فواصل
بخيرٍ وشرٍ ان ما ادرك الفتى / به سُؤْلَه فهو الخدينُ المماثل
وأعلَمُ علماً يقطعُ الظنَّ أنَّه / لكلِ امرئٍ في كلِّ شيءٍ عواذل
فانْ لم يقولوا إنَّه مُتعنِّتٌ / عَنُودٌ يقولوا مُصْحِبٌ متساهل
تخالُفَ أذواقٍ وبغياً وإثْرَةً / ومن آدمٍ في العيش كان التّقاتُل
فما اسطعتَ فاجعلْ دأبَ نفسِكَ خَيرَها / ولا تُدخِلَنَّ الناسَ فيما تحاول
فما الحرّ إلا من يُشاورُ عَقْلَهُ / وأمُّ الذي يستنصِحُ الغيرَ ثاكل
نَصيحُكَ إما خائفٌ أو مغَرَّرٌ / كلا الرجلينِ في الملماتِ خاذل
وبينهما رأيٌ هو الفصلُ فيهما / ومعنىً هو الحقُ الذي لا يجادَل
على أنها العقبى – فباطلُ ناجحٍ / يَحِقُّ . وحق العاثرِ الجَدِّ باطل
أخي إلياسً : ما أقسى اللَّيالي
أخي إلياسً : ما أقسى اللَّيالي / تُنيخُ بكَلْكَلٍ وتقولُ : مالي
تَسَمَّعُ إذ تَصامَمُ للنَّجاوى / وتَهْمِسُ إذ تخارسُ للنِّمال
وتخدَعُنا بمُقْمِرةٍ لَعُوبٍ / وتَرمينا بقوسٍ من " هِلال"
وتُعطينا اللَّذاذةَ عن يمينٍ / وتطعنُنا دِراكاً بالشِّمال
وتَفرُشُنا أمانيَ من حريرٍ / وفي طيَّاتِها سُمُّ الصِّلال
وتُدنينا وتُبعِدُنا وتلهو / بِنا لهوَ العواصف بالرِّمال
ونَلْمِسُها وتَلْمِسُنا عِياناً / وتمرُقُ مثلَ طَيفٍ من خيال
أخي إلياسً : لا تَخَلِ المُبَقَّى / يُوقَّى ما احتواكَ من الحِبال
كأنَّ الشَّمسَ لم تَطلُعْ علينا / ولم نَنعَم بوارفةِ الظِّلال
ولم نترَوَّ من كأسٍ حرامٍ / ولم نتمَلَّ من سِحْرٍ حَلال
ولم نتمَنَّ أنَّ الدَّهَر خُلْدٌ / وأنَّا لا نصيرُ إلى زَوال
ولم نسخَرْ بما نُملي عليه / ولم يسخَرْ بناسِخةِ الأمالي !
أخي إلياسُ : لا وصريحِ وُدٍّ / وعاطفةٍ أرقَّ من الزُّلال
وما شدَّ التَّصافي من عُرانا / وحَّلاها من الفِكَرِ الغوالي
يَميناً لستُ للدُّنيا بقالي / وإنْ كدُرتْ ولا عنها بسالي
لأنَّكَ كنتَ تُوصيني بهذا / وتُوصيني به سِيَرُ الرِّجال
ويُوصينا به أنَّا نُواري / حبيباً ثمَّ نُعقِبُه بتالي
ونَرجِعُ مِنْ جديدٍ عن فِراقٍ / أليمٍ نستزيدُ مِن الوصال
وما أنا مَنْ يُحاولُ أن يُداجي / أحِبَّتَهُ بكذِبٍ أو مُحال
بلى إنّي لَتُعْتَصَرُ اعتِصاراُ / حشايَ وأنت محترِبٌ حِيالي
وقفت عليه وهو رِمةُ أطلالِ
وقفت عليه وهو رِمةُ أطلالِ / أسائله عن سيرة العُصُر الخالي
مضَوا أهلُه عنه وخُلّف موحشاً / معاصرَ أجيال مترجمَ أحوال
خليلَيَّ ما لوح الكتاب مخلَّداً / [أفصحَ منه وهو مندرس بالي
مهيجَ بلبالٍ " المناذرةِ" الأولى / بأنسك هجتَ اليومَ بالحزن بلبالي
أهابُك إنْ أدنو اليك كأنني / أرى الملكَ الغضبانَ َفي دسته العالي
أفي يوم بؤسٍ أم نعيم زيارتي / إليك لَقد خاطرت بالنفس والمال
أخاف " أبا قابوس " أن لا يسره / لساني ولا يُرضيه شكلي ولا حالي
أبعد ابن ذبيانٍ زيادٍ لسانِهِ / ونابغِه يُصغي ليسمعِ أقوالي
بلادك يا " نُعمان " سلْ كيف اصبحت / فغيرُك ليس اليوم عنها بسآل
فلا تحسبنْ أن العروبة معقِلٌ / منيعٌ : فقد أضحت نِهابباً لدُخّال
ولا تحتقرْ هذا المقالَ فانه / وإن قلَّ . يكبو دونه كل ُّ قوّال
لقد أعدت العربَ المقاويلَ رطنةٌ / وزمزمةٌ ليست بزجر ولا فال
لو أن " زياداً" و " المنخّلَ" راجعا / زماني لما جاءا براء ولا دال
يَعيبُكِ يا أم الجمال مبغَّضٌ / من القول عارٍ عن جمال وإجمال
خليليّ باع الناس بخساً بلادهم / فما لي وحدي سُمتها الثَمن الغالي
خذي نفسَ الصبا " بغداد " إني
خذي نفسَ الصبا " بغداد " إني / بعثتُ لكِ الهوى عرضاً وطولا
يذكّرُني أريجٌ بات يُهدي / إلىَّ لطيمُه الريحَ البليلا
هواءك إذ نهشُّ له شَمالاً / وماءك إذ نصّفِقه شَمولا
ودجلةَ حين تَصقُلها النُعامى / كما مَسَحتْ يدٌ خداً صقيلا
وما أحلى الغصونَ إذا تهادت / عليها نُكَّسَ الأطراف مِيلا
يُلاعبها الصِّبا فتخال كفّاً / هناك ترقِّصُ الظلَّ الظليلا
ربوعُ مسرَّةٍ طابت مُناخاً / وراقت مَربعاً وحلَتْ مَقيلا
ذكرتُ نميرها فذكرتُ شعراً / " لأحمدَ" كاد لطفاً أن يسيلا
" وردنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ / وزرنا أشرفَ الشجر النخيلا"
" أبغدادُ " اذكري كم من دموع / أزارتكِ الصبابةَ والغليلا
جرينَ ودجلةً لكن أجاجاً / أعدن بها الفراتَ السلسبيلا
" ولولا كثرةُ الواشينَ حولي " / أثرتُ بشعريَ الداءَ الدخيلا
إذن لرأيتِ كيف النار تذكو / وكيف السيل إنْ ركب المسيلا
وكيف القلبُ تملكه القوافي / كما يستملك الغيثُ المحولا
أدجلةُ إنَّ في العبرات نطقاً / يحّير في بلاغته العقولا
فانْ منعوا لساني عن مقالٍ / فما منعوا ضميري أن يقولا
خذي سجعَ الحَمامِ فذاك شعرٌ / نظمناه فرتَّله هديلا
عليكم وان طال الرجاءُ المُعوِّلُ
عليكم وان طال الرجاءُ المُعوِّلُ / وفي يَدِكُمْ تحقيقُ ما يُتأمَّلُ
وأنتم أخيرٌ في ادعاءٍ ومَطْمَعٍ / وأنتم إذا عُدّ الميامينُ أوّل
وماذا ترجي أنسٌ لا يَسُرهُّا / سوى الشعبِ مسروراً وماذا تؤمّل
نفوسٌ قويماتُ المباديءِ حرّةٌ / على رَغْمِ ما تلقاه لا تتحول
وألسنَةٌ لُدُّ عن الحقّ ذُوَّدٌ / كأحسنِ ما حامى الحقيقةَ مِقْول
وأقلام كتابٍ يُريد انتقاصَها / من النَّفَرِ المأجورِ للسبّ مِغْزَل
وهل يستوي شاكي السلاح مؤيدٌ / بحقٍّ ومهتوكُ الضريبة أعزل
وأدمغةٌ جبارةٌ يُلتجى لها / اذا انتاب محذورٌ أو اعتاضُ مُشْكل
ذخيرةُ شعبٍ مستضامٍ تَحُوطُهُ / وإن لم يكنْ حِصْنٌ لديه ومَعْقِل
أهابتْ ملايينٌ تَشُدُّ اكفَّها / بافئدةٍ من قرحةٍ تتأكل
تُناشِدُكُمْ أن تأخذوا ثأرَ أُمّةٍ / أُصيبَ لها في حبة القلبِ مَقْتل
وعندكُمُ تفويضةٌ تعرفونها / وفي يدكُمْ منها كتابٌ مُسَجَّل
تآخى الفراتيون فيه وصافحت / يَدَ الحلَّةِ الفيحاءِ بالعهد مَوْصل
وإنّا وإنْ جارت علينا كوارثٌ / يَقِلُّ التَّعَزّي عندها والتّعلُل
مضى العامُ والثاني بويلٍ وربما / اتى ثالثٌ بالويل والموتِ مقبل
لَراجونَ أن تَصحُو سماءٌ مغيمة / وينزاحَ عن أرض الفراتين قسطل
ولا بد أن ينجابَ ليلٌ وينجلي / باوضاحه يومٌ أغَرُّ مُحَجَّل
فان تسألِ الأقوامَ عنا فانّنا / على حالةٍ خرقاءَ لا تُتَحمَّل
بلادٌ تُسامُ الجورَ حكماً وأمةٌ / تُضام ودُستْورٌ مُهانٌ مُعَطَّل
أعيذكُمُ أن يَستْثيرَ اهتمامَكُمْ / دنيٌّ يداري لقمةً أو مُغَفَّل
وهلَ يرتَضي إغضابَ شَعْبٍ بأسره / وإشماتَهُ الا غويٌّ مُضلِّل
مساكين جرتها البطون لهوة / بها كلُّ ما يُصمي الغيَارَى ويُخجِل
يدٌ رَكَسَتْ للزّندِ في كلِ حطّةٍ / وأخرى من السُحْت المُحرَّم تأكل
فلا تعذلوهم في اختلاقٍ فانهُمْ / مفاليسُ من كذْبٍ ودّسٍ تَموَّلُوا
أرادوا لكم عيباً فرُدُّوا وخُيِّبوا / ولم يجدوا قولاً بكم فتقوَّلوا
حرام عليهم أن يقولوا فيصدقوا / وعار عليهم أنْ يقولوا فيفعلوا
اذا ما انبرى منكم أديبٌ محنَّكٌ / تصدى له مستسخَفُ الرأي أخطل
وأُقسِمُ لو قالوا خذوا ألفَ واحدٍ / مقابلَ فردٍ منكُمُ لم تبدّلوا
فما اسطعتَم فاسترجعوا الحكمَ منهم / فانَّهُمُ صيدٌ عليكُمْ مُحلَّل
رَأوا شرَ لو أطاقوا تحملاً / ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل
وقد هان شرُّ لو أطاقوا تحملاً / ولكنه لم يَبْقَ حتى التحّمل
وظنوا بأن اللهَ والشعبَ غافلٌ / وهيهاتَ لا هذا ولاذاك يغفل
سيعرفُ قَدْرَ النّاسِ من يَستَخِفُّهُ / ويلمَسُ عُقبى الشرِ مَنْ يتوغل
فقولوا لهم تعساً فقد سُدَّ مَخْرَجٌ / يَفرُّونَ منه مثلما سُدَّ مَدْخَل
وقد جاشَ صدرُ الشعبِ يَغلى حفيظةً / عليكم كما يغلي على النار مِرجل
أروني جديداً يَفْضح الشعرُ أمرَه / ففضحُ مساوي القوم شيءٌ مُحصَّل
فقد بدتِ النّياتُ لا سَتْردَونها / ولا حاجبٌ الا الكلامُ المرعبل
زخاريفُ قولٍ تعتليها ركاكةٌ / ويبدو عليهنّ الخنا والتبذل
اذا مسها القولُ الصحيحُ تطايَحتْ / كما مرَّ يَمشي في السنابلِ مِنْجَل
وألعاب صبيان تمرّ بمسرحٍ / يقوم عليه كلَّ يومٍ مُمثِّل
فان كان لابد الهجاءُ وسبةٌ / يحُطُّ بها قَدْرَ الفرزدقِ جَرْوَل
فبين يديكُمْ شاعرٌ تعرِفونه / بأشعاره أعداؤهُ تَتَمثَّل
تعاصيه أطرافُ الكلامِ لغيركم / وتنصبُّ مثْلَ السيل فيكم وتَسْهُل
يَرى حِطّةً أن يَحتْمي بسواكُمُ / شعورٌ وشِعرٌ ذو رُواءٍ مُسلْسَل
تَتيهُ بكم رَغمَ الأنوف وتَزْدَهي / حسانُ القوافي لا النسيجُ المهلهل
معارضة تُزْهي البلادُ وتحفِلُ / بها وُيخَّلى مَنْ سواها ويُخذَل
تُنُضِّمُها صِيدٌ كُماةٌ أشاوسٌ / يقودُهُمُ شهَمٌ يقول ويفعل
تراهم مُطاطينَ الرؤوسَ بمحفِلٍ / تَصدَّرَ فيه " الهاشميُّ " المبجل
اذا ما مشى بزّ المفارقَ مَفرِقٌ / بتاجٍ من النصرِ المبين مُكلَّل
تَرنُّ النوادي من مقالٍ يَقوله / كما رنَّ في بيتٍ يُهَدَّمُ مِعْوَل
وينقُلُهُ بعضٌ لبعضٍ تَمثُّلاً / إذا انفَضَّ عنه مَحفِلٌ عاد مَحْفِل
ولم يفضلِ الاراء إلا لأنه / يدبّرهُ رأسٌ حكيمٌ مُفَضَّل
وسيانِ قالوا خطبةً مضريةً / " لياسينَ " أو قالوا تقدمَّمَ جَحْفل
له فِكرةٌ أنكى من السيف وقعةً / وتدبيرةٌ من فَتْكةِ الموتِ أقْتَل
ورابطُ جأشٍ كالحديد وفوقَه / من الهمّ والفكْرِ المبرّحِ كَلْكل
وإنك من أن تقبلَ القومَ أفضلُ / وإنَّهمُ مِنْ أن يُدانوك أنزل
تَقَدمَّْ لها " ياسينُ " فالوضعُ محرجٌ / إذا لم تخفِّفْ منه والداء مُعْضِل
وإنك لو قابلتَ ما مُتِّعَتْ به / من الحكم بالهونِ الذي تتحمل
وما قدمتهُ من ضحايا عزيزةٍ / نتائجُها هذا البلاءُ الموكل
أسالت دماً عينيك عُقبْى كهذه / وهيّج منك الداءَ هذا المعدَّل