المجموع : 8
من ذروة الأرز حتى رمل شاطئهِ
من ذروة الأرز حتى رمل شاطئهِ / وما تنسّم عنهُ السهل والجبلُ
أزاهر في حنايا السفح وادعةٌ / من الحياءٍ على أهدابِها بلَلُ
مسحتُ عن جفنِها الأسيانِ دمعتهُ / حتى ترقرق فيه الأنسُ والجزَلُ
عرائس من عيون الشعر سافرةٌ / حدا بها الرجز أو غنى بها الرمل
وصفتها بسمات من مناهلهِ / عذراءَ يرشحُ منها الطهرُ والخجَلُ
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا / ذكريات يسوغها الفكر نهلا
كبقايا حلم علقن بذيل الليل / حتى أطل فجر فجلى
أو كصمصامة تكشف الأبطال عنها / ما بين أسرى وقتلى
رقدت في قرابها يبسط النصر عليها / من المعامع ظلا
أو كقيثارة علاها غبار المجد غنت / عرس البطولة قبلا
فاستراحت على جدار من التاريخ / تستعرض المواكب جذلى
قبسة منك يا ليالي فما البدر بأضوا / ولا الصباح بأجلى
اعصفي في النفوس أنشودة الأمس / فتمشي إلى المكارم عجلى
نشء لبنان هذه راية الأرز / فإما الفداء بالنفس أو لا
قم نخشن منا اليدين فلا / نحصد حقلاً إلا ونزرع حقلا
الأكف اللذان من شغف الغيد / فحدد منهن للحق نصلا
شقيت أمة إذا الجد ناداها / تلوت على الأسرة كسلى
أي فتى الأرز هب نستبق الفجر / بفجر من ناظريك أطلا
أغل مهر العلى إذا كنت شهماً / هان من نام في الطريق وذلا
كفاني يا قلب ما أحمل
كفاني يا قلب ما أحمل / أفي كل يوم هوى أول
أيخلق منك جديد الهوى / فؤاد من السكر لا يعقل
له عثرة الطفل حول السرير / ودمعته البكر إذ يعول؟
أفي كل يوم لنا مرتع / وفي كل ثغر لنا منهل
كفى نهما لن يفر الجمال / و ترحل انت ولا يرحل
عذرتك يا قلب من للهوى / أنتركه بعدنا يذبل
سكتنا فما غرد العندليب / وتبنا فما غرد الجدول
ليتَ شعري ماذا جنينا على الغربِ
ليتَ شعري ماذا جنينا على الغربِ / لنُشوى على يديهِ ونُقلى
ألأَنّا من أفقِنا تطلُع الشمسُ / فتعطي الغداء حباً وبقلا
ألأَنّا من صدرِنا ولِدَ الحُبُ / الذي شيّد الحضارةَ قبلا
إن يكن ذاك ذنبنا وهو لله / فهلاّ عاقبتم الله هلا
قد وفينا لكم على زأرَة الليث / وشحذ المنون سيفاً وحبلا
ووفينا وحاصدُ الجوعِ يُردي / من حقول النفوس حقلا فحقلا
ووفينا حتى تركنا وفاء الناس / هزءاً وصادقَ احب هزلا
فاشهدي يا سماء كيف نجازى / وانظري يا نجومها كيف تجلى
إيه لبنان أين غرّتُكَ البيضاء / أين العربين كيف اضمحَلا
لا أرى كيفما تلفّت إلا / نظراً يائِساً وزندا أشلا
ربّ من يدّعي الهدايةَ لا يملِكُ / رأيا ولا يكّم عقلا
تُبصِرُ الناس تحت إمرَته الحمقاء / اسرى مكبّلين وقَتلى
كلَ يومٍ له من اللهو عيدٌ / كرثاءٍ على ضريحكَ يُتلى
شرفُ الفتح أن تحطم قيدا / عن رقابِ الورى وتنشُر عدلا
جفنه علم الغزل
جفنه علم الغزل / ومن العلم ما قتل
فحرقنا نفوسنا / في جحيم من القبل
ونشدنا ولم نزل / حلم الحب والشباب
حلم الزهر والندى / حلم اللهو والشراب
هاتها من يد الرضى / جرعة تبعث الجنون
كيف يشكو من الظما / من له هذه العيون
يا حبيبي أكلما / ضمنا للهوى مكان
أشعلوا النار حولنا / فغدونا لها دخان
قل لمن لام في الهوى / هكذا الحسن قد أمر
إن عشقنا فعذرنا / أن في وجهنا نظر
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما
أنا لو كنتُ يا سُليمى نسيما / لَقَطَعتُ السرى وجبُبتُ السهولا
وحملتُ الهوى إليكِ جريحا / وتراميتُ في يديك عليلا
غير أني كما علمت ضعيف / حمّلته الأيام عبئا ثقيلا
إن ما يقدرُ النسيم عليهِ / بات صعبا علَيَّ بل مستحيلا
طلتَ يا ليلي أو لم تطلِ
طلتَ يا ليلي أو لم تطلِ / مثلك الفجرُ الذي سوف يلي
أيها الليل استطلْ مهما تشا / وتحكم يا كرى في المُقَلِ
ما يفيد النورُ في إشراقه / إن يكن أُطفئ نورُ الأمل
أنا، مهما تطردِ الشمسُ الدجى / لا تزلْ نفسي بليلٍ أليل
أعشق الليلَ وما لي والضحى / عشت يا ليل: ألا فانسدل
إنسدل تحجبْ عن الطّرفِ الشقا / يا لطرفٍ بالشقا مكتحل
لا يرى، إذ تطلعُ الشّمسُ، سوى / سائلٍ أو عاجزٍ أو وَكَلِ
عصف الفقرُ بهم، فانتشروا / كانتشار الوابئ المستفحِلِ
يلهَمون العشبَ من جوعهم / َوْيحَهم ما تُركوا للهَمَل؟
بجسومِ هَزْلٍ، تحملها / بِعَيَاءٍ واهياتُ الأرجلِ
ووجوهٍ، كتب الموتُ على / صفحتيها: هذه الأوجه لي
صدق الموت بما قد قاله / ما ترى أشلاءَهم في السبل ؟
الدول العظمى /
دولة الماء ولا تجري إذا / لم تشائي قطرة في جدول
بعد هذا المجد ماذا يرتجى / هو ذا النجم قريب فاعتلي
ما على الأسطول من أسطولهم / أيخاف الباز شر الحجل
ذكر السين عهوداً للتي / تيمت مهجته وهو خلي
فإذا بالنار في أحشائه / وإذا بالجرح لم يندمل
فمشى يقسم أن لا ينشي / عن لقا ألزاسه أو يقتل
فلتك الألزاس يا سين لهم / إنما الملك لرب الأزل
لك عرش العلم في أبهته / وله سلطانه في الملل
حلم القيصر أن يرفعها / دولة للسلف فوق الدول
واستلذ الحلم فاستعجله / بالظبى البيض وسمر الأسل
عقت البلغار والحلم قضى / وتلاشى في شهور الحمل
قيصر الروس ولم يحلم بما / حزته تاج المعم المخول
لك نصف الناس لو تنهضهم / كانت الأملاك بعض الخول
إيه غليوم استزد من حشدها / واستنبح أبناءها واسترسل
إنما الأمة للجيش وقد / رضيت فاضرب بها واستبسل
ومر المعمل في تسليحها / هو يدعى معملاً فليعمل
وامإ البحر سفيناً والفضا / زبليناً ساء فأل الأعزل
ومتى ينهض عزيز فارده / ومتى يجهل مليك فاجهل
نم على صهوته أو لا تنم / وانطلق مثل النسيم المرسل
ترتجي أن تصبح الكف وأن / تصبح الأملاك بعض الأنمل
أمل ناجزتهم من أجله / ولقد يردى الفتى بالأمل
فنون الحرب /
ليتنا في الكهف حتى ينقضي / لا شفاه الله جهل الدول
سعروها لو أصابت جبلاً /
أو أصابت جحفلاً ما تركت / رجلاً حياً بذاك الجحفل
تارة وجه الثرى حربهم / وأحايين تراها من عل
تقذف النار مناطيدهم / كانقذاف النيزك المشتعل
يتجارون على الأفق كما / يتجارى النسر إثر الأجدل
تسبق الطير إذا سابقها / ويهي الطير ولما تزل
وإذا ما سعروها في الدجى / وترقوا للسماك الأعزل
وتراموا باللظى واشتعلوا / وتهاووا كالقضاء المقبل
خلت أن النجم في عالمه / بات في كارثة لا تنجلي
سعر الحرب فنادى المشتري / يا لثارات العلى من زحل
وبدا الليث على أنيابه / قطرات من دماء الحمل
بدع لو لم تشاهد حسبت / من أساطير الشعوب الأول
ورموا بالغاز قتالاً فإن / ينتشر ينشر حبال الأجل
تحسب الجيش وقد نشقه / أخضر السنبل تحت الشمأل
يأخذ الفيلق إذ يبكمه / ولقد يأخذه بالحبل
ولقد ينساب في أنفاسه / مثلما انساب دم في مفصل
ولقد يتركه ذا صمم / ولقد يتركه ذا شلل
عدد كانت لتشفي عللاً / صيروها لاختلاق العلل
ولجوا بطن الثرى فهو بهم / جبهة الليث وحد المنصل
بل عرين يبعث الهول بما / ضم من ليث وليث مشبل
تركوا ضرب الظبى كي يضربوا / في جلاميد الصفا بالمعول
وإذا ما خندق الأعدا بداً / نسفوه وانثنوا في عجل
فهنا قد زلزلت زلزالها / ورمت بالجلمد المشتعل
فإذا الترب لمن كانوا به / كفن بالدمع لم يغتسل
وإذا الخندق أمسى منزلاً / أبدياً يا له من منزل
يا لعينيك ترى غواصة / نزلت من لجه في الأسفل
ولقد تلمح في الماء كما / يلمح المعنى خلال الجمل
عجباً للحوت في أحشائه / بشر ما يأمروا يمتثل
حوت يونان حواه رجلاً / وبحوت اليوم كم من رجل
وجدت كي تصل السبل وقد / صارت اليوم لقطع السبل
ويلات الحرب /
يا لهول الحرب في ويلاتها / رمت الكون بخطب جلل
تلهم المليون لا يشبعها / ومتى تطعم أخاه تأكل
كم شموس في سما الماضي وكم / من نجوم في سما المستقبل
ويتيمات فنون جمة / حسبت من معجزات الأول
فإذا تلك انطفت شعلتها / وإذا هذي كبالي طلل
ولكم روضة بيت ذبلت / وهي لولا حرها لم تذبل
وفتاة طفلة قد سألت / أمها أين أبي لم يقبل
فلقد طالت بنا غيبته / وأنا اشتقت لتلك القبل
ولكم عذراء كالبدر على / قامة كالغصن المعتدل
تلمس النجمة في مبسمها / ويرى ذوب الدجى في المقل
سامها الفقر وكانت قبله / تغذى بخيوط المغزل
فأباحت ثغرها مرغمة / وهي لولا جوعها لم تفعل
أنا مهما قلت في ويلاتها / كنت ممن قنعزا بالوشل
مؤتمر الجماد /
أدوات الحرب عنها أضربت / والتقت أجمعها في محفل
وقف الفولاذ فيهم خاطباً / بكلام كالرحيق السلسل
قال لو أنصفت ما كنت سوى / سكة أو معول أو منجل
أسعف الإنسان في الحرث ولا / أتوانى عند حصد السنبل
مؤثر لو كنت مسماراً ولا / خجل في نعل طفل محول
أمنع الأشواك أن تجرحه / وأقي أرجه من بلل
عند هذا الخشب اهتز وقد / قال فلتقطع يمين الرجل
حبذا اليوم الذي كنت به / غصناً عند ضفاف الجدول
لي من الأوراق أبهى حلل / ومن الزهر نفيسات الحلي
وتثنيني نسيمات الصبا / ويسليني غناء البلبل
أحمل الأثمار يجنيها بنو / آدم سائغة كالعسل
فإذا بي تارة مركبة / تحمل المدفع ثقل الجبل
وإذا بي تارة في سابح / وإذا بي تارة في معقل
أنا لو أنصفني المرء لما / كنت إلا مغزلاً في معمل
أنسج الصوف فأكسوه ولا / أشتكي من تعب أو ملل
عند هذا الكهربا قالت وقد / لمعت أنوارها للمجتلي
قوتل الإنسان كم دمر بي / وأنا روح النظام الأمثل
أحفظ الأجرام في أفلاكها / وأقيها عاديات الخلل
أنا ملء الكون ما فيه سوى / خدمي أو خولي أو رسلي
قسماً لو كنت أدري أنه / بسوى الآثام لم يشتمل
لتحجبت فلم أظهر له / ولما دنس يوماً هيكلي
ولما جشمني أثقاله / ولما فارق ظهر الجمل
أنا لو خيرت لاخترت الخفا / ورجوعي للخمول الأول
فانبرى البارود في حدته / وهو يغلي غليان المرجل
قال لم ينكب بهم مثلي ولم / يحتمل منكم بهم محتملي
قوتلوا من بشر أفضلهم / إن يفاضل أي وحش يفضل
أقذف المدفع في أحشائه / للمنايا زمزمات الهول
حمم ظمأى متى ما انطلقت / فدم الإنسان أروى منهل
تصدم الحصن فتذريه وقد / قهقهت من شائديه الجهل
أنا لو خيرت لاخترت البقا / في يد الآسي وعلم الصيدلي
أنقذ الإنسان من آلامه / ولقد أدرأ بعض العلل
هذه وهي جماد أنفت / أن ترى الإنسان يهوي من عل
يدعي العقل ولكن حربه / أنبأتنا أنه لم يعقل
أيها العصر /
أيها العصر الذي آياته / سامتت آي الكتاب المنزل
كم تنقصت عصورا سلفت / ويلنا من عصرك المكتمل
قسما لو بعثت واتهمت / بالذي جئت ارتدت بالخجل
عصر نيرون ونيرون معا / رفضا لو خيرا بالبدل
ضحك الجهل من العلم وقد / فاخر الجد بماضي الكسل
قدك يا عصر اختراعا إنه / مكمن الويل ولكن قد طلي
كالمرائي لا بسا شفافة / للتقى فوق فؤاد دغل
أو كصمصام بخديه الردى / كامن والغمد زاهي الخلل
تعمرُ الكون لكي تهدمه / ليت ذياك البنا لمي كمل
وتربي الطفل كي تقتله / ليت أحشاء النسا لم تحمل
يا لخطب العلم في أبنائهِ / إنهُ منهم بداءٍ معضِلِ
قوّسوا من ظهرِهِ فيما جنوا / فهو قد شاب ولم يكتهِل
نعمٌ عقّت له في جيدهم / فهي من كفرانها في عطل
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ
مرحباً مصر مرحبا كُلٌّ أهلٍ / لك أهلُ وكُلُّ صدرٍ محلُّ
ليس تألو الرِّياض أن توقِظ الزَّهر / وأن تجمع الشَّذا ليس تألو
لِتُريق الأريج سكباً وتهتا / ناً على وجه مِصرَ حين يطلُّ
مرحبا مِصْرُ يا شقيقتنا البك / ر ويحلو تَرْديد مصْر ويغلو
نحن فرْعان ألَّف الشَّرق قلبيْ / نا على الحُبِّ والحضارة أصْل
معجزات الزَّمان منكم ومنِّا، / زِنَّ جيد الوجوه والدَّهْرُ طفل
هرمٌ تجْثِمُ العظائم فيه / وسفينٌ على البحار يُدلُّ