القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 21
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ / آتٍ لنا فَخففن لاستقبالهِ
هُنَّ الوداعةُ مثلض شكلِ قصيدةٍ / شمخت معانيها لقلبِ الواله
يرقصنَ في ضوء الربيعِ كأنما / جاءت أشعَّتهُ نشيدَ ظِلالِهِ
والقطرُ مِثلَ الحبِّ ينثرُ حولها / فَرِحاً ومثلَ الحبِّ في إقباِلهِ
متزحلقاتٍ كالغواني قُربها / فوقَ الجليدِ يرف مِلءَ جمالِهِ
والزهر في الأحواضِ وهو مُقيَّدٌ / حُرُّ يطيرُ بِعطرِهِ وخيالهِ
صورٌ توَحدت الطبيعةُ وانتشت / فيها فكُّل شاعرٌ بمثالِهِ
بمدينةٍ تاهَ الجمالُ بمجدِها / شعراً تلألأ ساحراً بكمالِهِ
أنَّى مشيت بها لمستَ جلالها / متواضعاً حتى لدى جُهّالهِ
سمقت كنفحِ روائع علويَّةٍ / للفنِّ وانتصرت على خُذَّاله
مهما وَصَفتُ لهن أوّفى حَقَّها / أو حَقَّهُ بنوا لها نواله
وَعَلامَ وصفي حين من أُهدى له / شعرِي يُحُّس بما أحُّس كآلِهِ
أيا واحةً في وَحشةِ البيد أنسها
أيا واحةً في وَحشةِ البيد أنسها / يُحرَّمُ فيئى ظَّلها ونُزولي
لمن تُخلقُ الجناتُ إلا لشاعرٍ / قليل حنانٍ منكِ غيرُ قليلِ
يا قيسُ رفقاً بمهجتي / فإنَّ رياح البيد تُرهق أزهاري
وقد صَّوحتها وهي في عُنفوانها / وكم تُقتلُ الأزهارُ في بُعدِ زَهَّارِ
عرفتكِ طفلاً في ظلالك لهوه / نُغِّنى ونجرى كالضياء وُثوبا
ونعبثُ بالدُّنيا وما عبثت بنا / فكيفَ غَدونا مُثقلين ذُنوبا
يا قيسُ كم يُظلمُ الهوى / نِفاقاً ويأبي الناسُ إلاَّ عذابَه
ومن نفحاتِ الزهرِ أنفاسُهُ لهم / فكيف أباحُوا للهيبِ مُذابُهُ
أأكتم حُبِّي أم أُشَبِّبُ ضَلةً / بمن لست أهوى كيف أحيا منافقا
أنا الفُّن والفنانُ لا عشتُ ناطقاً / إذا لم يكن فني كقلبيَ صادقا
لأنت نُّبي الحبِّ يا قيسُ فلتعش / بعيداً عن الدنيا الخؤونِ وأهلها
تُغِّنى لها كالنحلِ تَمنحُ شُهدَها / شهياً وتُجزى الموتَ شكراً لبذلها
أليلاىَ مالي غيرَ حُسنك مُبدِعي / وماليَ إلاّ قُربَكِ اليوم ناشري
فَنيتُ غداةَ الين فلترحمي فتىً / هواه نصبري حينما هو آسرى
اليلاىَ ما الدنيا سوى أَنت إن تكن / لذكراي أهلاً أو لنجوىَ مشاعري
فإن تُبعدي روحي الوفىَّ فما له / وجودٌ ولا ذكرٌ كأهلِ المقابر
حنانَكِ يا يلي حنانَكِ /
إنني / لأَطوعُ من وحىٍ يفيضُ بخاطرك
وفي صدري الخفاقِ منك نوازعي / وفي صوتيَ الملكومِ رَجعُ مزاهرك
جراحٌ خفياتٌ بنفسي عميقةٌ / أخبؤهَا والحُّب يأبي استتارها
وهيهاتَ للنسيانِ والنوم مرَّةً / مُحالفتي هيهات أقبلُ عارَها
سَتبقى على طُهر الوفاءِ نقيةً / وإن هي أودَت بي وأفنت سعادتي
ستبقى على مَرِّ الزمانِ شواهداً / لِحبِّي وعنوانا لأسَمى عبادتي
جراحي هي الأبَقى جراحي هي التي / يُنِّفسُ عنها الشعر وهو مقصرُ
كرهتُ حياتي ثم عُدت مُرجِّياً / حياتي كأني بالعذاب أُطُهَّرُ
حياتي وما معنى حياتي ولم أَزل / غريباً عن الدنيا لبعدكِ يا ليلى
ايا توأمَى إنَّا الغريبانِ مُذ أَبَت / علينا اتحاداً نحنُ كنَّابه أَولىَ
وَحقكَ لم يُبعدكَ عني شاغلٌ / وليس قِراني بالغريب قِرانَا
لأنَتَ بقربي رغمَ بُعدكَ شاملاً / وجودي وأحلامي هَوىً وِعيانَا
سيأتي زمانٌ يندم الدهر تائباً / وأي انتفاعٍ لي إذا هو تابا
إذا أنا بالأحلامِ عشتُ مُضلَّلاً / فَسيَّانش أغدو كوكباً وترابا
رويدكَ يا قيسُ الحبيبُ فإننا / لأسَمى من الدَّهرِ المسئِ وأهله
سَنحيا على الذكرى حياةً أبيَّةً / وَنعلو على خُبثِ الزمانِ وذُلِّهِ
وَداعاً إذن يا صنوَ نفسي وَقُبلةً / يَظل فمي عذباً بها وسلاما
وَداعاص فإن لم تستطع حملِ عبئهِ / فَألغِ لكَ العقلَ الحكَيمَ هُياما
حنانيكِ ليلى آهِ ليلى /
لقد مضت / وَوَلى الجميل الحلمُ حين تَسامَى
سأذرعُ هذا الكونَ ابحثُ عنهما / ولو ضاع عقلي ولوعةً وغراما
أَحوريةَ الماءِ هيا تعالِى
أَحوريةَ الماءِ هيا تعالِى / تعالى إلى لهفتي وابتهالي
نَثرتِ الرمالَ على الشِّط دُنيا / تَعَّثرَ فيها طويلاً خَيالي
وكم من حنينٍ بها أو سؤالِ /
أراك تطالبني بالُمحالِ /
إذن في بِعادكِ ردِّى إليَّا / أمانىَّ لا تنكريها عليَّا
حياتي بها وخلودي تهيَّا / فلولا المانُّي ما كنتُ حَيَّا
ولا كنتُ عبداً لهذا الجمالِ /
أراكَ تطالبني بالمحالِ /
إذن زّوديني بحلمٍ جميلِ / أناجي به صورَ المستحيل
فَيبدَعَ للحبِّ لحنٌ نبيل / تَلمستَّهُ في سناكِ البخيل
وما زال نهباً لهذى الرمالِ /
أراكَ تطالبين بالمحالِ /
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ / قُبلاً وأحلاماً تَرف طويلا
وخفقنَ ألواناً حملنَ عواطفاً / وأضأنَ أنغاماً تردُ جميلا
لمن التهَّللُ في الغصون نواعساً / سَكرىَ فأيقظها النسيمُ بليلا
لمن الثلوجُ وقد نُثرنَ جواهراً / بِيدِ الألوهةِ تستحث بخيلا
ساوت فما تركت عزيزاً مُفرداً / وَحَبت فلم تَذرَ الفقيرَ ذليلا
لِمن الحمائمُ قد طلعن عرائساً / سَفرت وأرسلت النشيدَ هَديلا
كانت يُحجِّبها الصقيعُ فردَّهَا / للناسِ تعييدٌ يَعُّز مثيلا
ورأت حُبور الناسِ دفأ مُنعشاً / من بَعدِ ما كان الجليدُ ثقيلا
لمن الطفولةُ في تحُّررِ بهجةٍ / لم تَرضَ عنها في السرورِ بديلا
غُصَّت حوانيتُ الهدايا حولها / بجميع ما فد جاوزَ التخييلا
وكأنّما اللعُّبُ استقلت مثلها / بالعيدِ واحتفلت به تمثيلا
لمن المعابدُ والمسارحُ اشرقت / أَمماً تقدّسُ رائعاً وجميلا
لمن الأناشيدُ الحبيبةُ رَدَّدت / لحنَ السلامِ مُسلسلاً ونبيلا
لمن الهوىَ والفُّن حينَ تألقَّا / طُهراً وحين تباريا تقبيلا
لمن التَّهلُّلُ والجميعُ كأنَّهم / أطفالُ لم يستمرئوا التحويلا
دُنيا السماحةِ والتحُّررِ والنَّدى / شَعَّت وما خَذلت بها تأميلا
وَكَسا منازِلنا نعيماً سابِغا / رُوحٌ باشهى الصفوِ كانَ كفيلا
لمن المظاهرُ والحقائقُ هذهِ / عَجباً كأنَّ البؤسَ رُدَّ قَتيلا
وَكَأنمَّا الظلمُ الرهيبُ قد انتفى / والعدلُ أصبحَ كالجمالِ ظليلا
هي بعضُ وجدانِ الوجودِ يَزفه / حُبَّاً لمن هو أطلعَ الإنجيلا
من لا تزالُ على السماءِ عظاتُه / هذى الشموسُ تُواكبُ التنزيلا
من روُحه روحُ الإِله وِسُّرهُ / سرُّ الحياةِ على الأبُودِ نزيلا
من عَلَّمَ الإنسانَ قيمةً نفسه / لو شاءَ حَظَّاً في الحياةِ جليلا
بُوركتَ ميلادَ المسيحِ وبُوركت / مُثلٌ رُفعتَ لنا وجئتَ مُنيلا
من عاشَ يُكرِمها فما ضاقت به / دُنيا ولا وَجدَ السلامَ ضئيلا
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ / ولئن تكن قُربى ولم تتَّرحَل
لستَ الغريبَ ولستُ عنه مُغربَّاً / فَبكلِّ دارٍ فيه ألمحُ منزلي
فَتلقَّ من قلبيِ الوفيِّ تحيةً / هيَ من أشعَّةِ مصرَ لم تتبدل
ولو أن فيها من دُموع مشاعري / نَغماً يذوبُ إلى الحبيبِ الأوّلِ
ولو ان فيها من حنينِ عُروبتي / لحناً أَعمَّ ومن هواىَ ومأمليِ
حُيِّيت عيسى أينَ كنت فإنَّما / تَلقى غِراسَ السابقِ المتفضل
في كلِّ قُطرٍ للعروبةِ نَشوةٌ / بلقاءِ أكثم أو لقاءِ الأخطلِ
وبكلِّ ركن للحميِّةِ والهدى / للمسلمين تَحل أطيبَ مَنزل
يا من فَتنت الجيلَ غيرَ مدافعٍ / بجنانه وحديثه المتهلل
يا من بذلتَ من الفؤادِ مُضحِّياً / في دفعِ مَظلمةٍ ورفعِ مُؤملِ
يا من له غُررُ المواقفِ عّدُّها / لا يُستباحُ لو انتهت لِلمجتلى
يا صاحبَ الأدبِ الرفيع تَفننُّاً / وَمُجلجلَ الصوتِ النبيلِ الأكملِ
أنظر حيالكَ لا تجد إلاّ مُنى / رُسُلاً من الشعبِ الجريح الُمغفلِ
ولأنتَ أحصفُ بل وأكيسُ سامعاً / أو قائلاً أو عاملاً من مقولى
هذى تحَّيةُ وامقٍ بك واثقٍ / متطِّلع لبزوغِ عَهدِ أجمل
حتى يُقبِّلَ تُربَ مصر مُرحبِّاً / بكَ مرةً أخرى بشعرٍ أَمثل
وَيزفَّ ملحمةَ الخلودِ تألقت / بروائعِ الماضي إلى المستقبل
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً / وتركتَ للأجيالِ ذكركَ شاغلا
مهلاً أبا الأحرار مهلاً إن تكن / أعمارُ مثلك كالشموسِ مراحلا
إنَّا بنى الأرضِ الذين شقاؤهم / باقٍ نودِّعُ فيكَ ظلاًّ راحلا
كنا نَفئُ إليكَ في آلامنا / ونرى رجاحَتكَ الملاذَ الكاملا
والآنَ واحتنا الفسيحةُ أصبحت / حُلماً وعانقت الفناءَ الهائلا
كَم كان خصمك خاذلاً ليقينه / وأبيتَ أن تلفىَ لخصمك خاذلا
ولكم أغثتَ من الكوارث جاحداً / وفككت مغلولاً فراحَ مُخاتلا
ولكم رددتَ من السهامِ مكافحاً / ولكم غَضضتَ عن العداءِ مُجاملا
وعُرفتَ في الحالينِ أكرمَ كَيسٍ / نسىَ الإساءةَ بل أقالَ الجاهلا
قد بحَّ صوتُك هادياً ومنادياً / أمماً بنكبتها تُطيعُ الهازلا
وإذا تيقَّظَ أى شعبٍ ببنها / ألفيته الأسرَ المسئَ الغافلا
يا ليتها في الرُّزءِ تدفن عجزَها / شمماً وتدفنُ ذلةً وسلاسلا
صورٌ تزاحمَ رسمها في عبرتَيِ / لما أتيتك راثياً ومُسائلا
يا ضيعةَ الإنسانِ في استعلائه / وكأنما بالمجدِ أصبحَ زائلا
ولقد بَحثتُ فما غَنمتُ حقيقةً / ودفنتُ آمالي وعشتُ الثَّاكلا
وسَخرتُ من علمي ومن أدبي معاً / وأبيتُ أن أُدعى الحكيمَ العاقلا
وظللتُ يقذفني الخضم بموجهِ / من بعدِ ما أبصرتُ فيك الساحلا
ولو ان إنشادى الدماءُ لشاعرٍ / حملَ الجراح ولم يزل مُتفائلا
أبداً يصارعُ عقلهُ وجدَنهُ / ويَرىَ الوجودَ مآسياً ومهازلا
ويرى مماتَ النابهينَ جريمةً / مهما تُسَّوغَ والقضاءَ القاتلا
أرقد صديقي في خلودك وَحدهُ / إن لم نَجد نحنُ الخلودَ الشاملا
أرقد فحسبك ما حَملت من الأذَى / وداع الممات يُميتُ داءكَ عاجلا
فلقد خلقتَ بما صنعتَ مآثراً / ملءَ البيانِ خوالداً وحوافلا
لو يعرف الطِّبُ الصَّناعُ وسيلةً / لأعَادَ صوتك بالمواعظِ حافلا
أو يَعلمُ الجراحُ أىَّ يتيمةٍ / قُطعت لدامَ من الفجيعةِ ذاهلا
عانى وعالجَ والمماتُ مرفرف يقظ / يُخيِّبُ آسياً أو حائلا
لبنانُ لم يبرح بذكرك شامخاً / ويظل معتزاً بفكركَ طائلا
جَبلٌ من الفكرِ الأصيلِ جيوشه / زحفت بمثلكَ كالغزاةِ جحافلا
إن تنسكَ الدنيا ولن تنسى فقد / أحيالكَ الأرزَ الوضئَ مشاعلا
أهلَ الهدى صُونوا تُراثا للهدَى / فخماً وذودوا عن عُلاَها الباطلا
عاشت لكم ذُخراً ومجداً صائلا / فابنوا لها ذُخراً ومجداً صائلا
وإذا مضى علمٌ فأحيوا ذكرهُ / علماً تناسخَ نورهُ متواصِلا
أرجالٌ لا ولا شبهُ رجال
أرجالٌ لا ولا شبهُ رجال / من أحبوا لثمَ هاتيكَ النعال
بل صغارٌ كلهم محتقرٌ / خبزهُ الذل وجدَواه الضلال
كلما هانوا وزادوا صغراً / زاد كافور خبالاً في خبال
أسألوا فُرهليخَ عن أعراضه / إن ظننتم أننيَّ أروى المحال
أو سَلوا أهلَ الدعارات فكم / بادُلوه الرِّجس في غيرِ مَلال
تخذَ الشعبَ له سخريةً / واستحلَّ الحطَّ من قَدرِ الرجال
كم خُدِ عنا قبلُ في أفعالهِ / وحسبناها مثالاً للكمال
فإذا الأحداثُ تُبدى سَّرهُ / نكبةً جازت مهاوى الاحتمال
ما مَلامى لمريضٍ عاثرٍ / حينما الناسُ حَميرٌ وبغال
صَيَّروا الأحزابُ أدنى سلعٍ / ومدَىَ التهريجِ معدومِ المثال
لا تلوموني لتركي سُوقهم / إن يكن غيري بشكرٍ وابتهال
لن أطيقَ الظُّلم يوماً سائداً / دُونَ سخطٍ وكفاحٍ وقتال
موطني في معقلِ الأحرارِ لا / موطنُ البغيِ وقد صال وجال
كل أرضٍ أنتبت لي منبراً / هي أرضي وهي شمسٌ وظلال
ووجودي إن أبدده سُدىً / هانت الدنيا بعينيَّ وزال
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا / لو تفقهونَ وفي تعذيبيَ الأملا
لعلكم حين طولُ العسفِ يُوجعكم / تستلهمونَ مقالاً صُغتُ أو عَملا
وترجعونَ إل شعرٍ وعى خلقي / وتتبعون سلوكاً لم يكن خبلاَ
وتُقلعونَ عن التسبيحِ في مَلقٍ / للمجرمين وللطاغوتِ كيفَ عَلاَ
وتقطعونَ اليدَ النكراءَ في جَذلٍ / لا أن تخصُّوا بها التقديسَ والقبلا
لم يرفع العدلَ والاحرارَ غيرهمو / وما تحَّرر شعبٌ هانَ أو جهلا
إن غبتُ عنكم فلم تبرح لكم هممي / كأنني جحفلٌ ما زالَ مُقتتلاَ
لا يفقدُ الحُّر مهما غابَ نخوته / وَحُبَّهُ أهله في كلِّ ما فَعلاَ
وكل أرضٍ حَبتنيِ حُر ساحتها / أرضي وكل نعيمٍ خانقٍ قَتلاَ
هيهاتَ هيهاتَ أن ارضى مذلتَّكم / وإن شقيتُ بها حلاًّ ومُرتحلاَ
ما مضَّكم مضنى في كلَّ أونةٍ / فكيفَ ارضى بحبي غيركم بدلا
وإن يكن لي في قلبي بنظرتهش / حُرُّ المواطنِ أني حلَّ أو رَحلاَ
وإن يكن في حليفي الصبر لي سَندٌ / كالأنبياء يهُّز الحصن والجبلا
من لي بيومٍ أرى للشعبِ سُلطتهُ / حقاً عزيزاً وألقى حُكمهُ مثلاَ
من لي بيومِ أرى الفجَّارَ سادته / دونَ العبيدِ وألقى فردهُ رجلا
لقد سئمت من الأحزاتِ أجمعها / فإنَّ أفضلها قد خاب أو هزلا
ولوَّثتها من الأدرانِ أقذرها / وضاعَ في الوحلِ من خلنا به البطلاَ
وخيبَّت حولها الآمالَ صاغرةً / كأنما هي كابوسٌ لمن أملاَ
لم تَبقَ إلاَّ دماءُ الثارين هُدىً / للمصلحينَ وإيحاءً لمن عَقلاَ
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ / أترىَ نسيتَ نهايةَ المتوكلِ
ستضيع أنتَ وليس غيرك ضائعاً / فجميعهم في الخبثِ جد مؤصل
والشعبُ سوف يجئُ يوم حسابه / ويثورُ ضد نهاية المستغفل
إنّي نصحتكَ غير راجٍ أن أرى / أملاً يُحققُ لي وحلماً يعتلى
لكنه داعي الوفاءِ لموطني / ما دمتَ رمز عُلاه وهو مؤملي
فإذا كفرتَ بنا فعدلٌ أننا / نمضي بغيرِ التاج للمستقبل
إنا نراه بأى حالٍ داعياً / لهوضنا بجهودنا لا بالولى
ونكادُ نسمعه فقد قربَ المدى / مستهزئاً بالسالفِ المستمهلِ
ويقول قد خودعتمو إذ عصركم / عصرُ الشعوب بهمةٍ وبمعول
لا عصرَ من ملكوا الشعوبَ توارثاً / وكأنَّها بقرُ لسوطِ مُجندلِ
أو أنها غَنمٌ تُجزُّ وصوفها / ملكُ الذئابِ وملكُ كل مُضللِ
حتى يحينَ لها الأوانُ فتغتدى / فوقَ الموائدِ أكلة المستأهلِ
الان فرصتكَ الوحيدةُ قبلما / تُصغى إلى الدَّاعى الملحِّ المقبلِ
ولو انني حاسبتُ نفسي بعد ما / رُوِّعت في يأسي الطويلِ المبتليِ
فرأيت سقمكَ لا علاجَ لمثله / إلاَّ زواُلكَ في الظَّلامِ المسبلِ
وزوالُ عرِشكَ بعدما دَنسَّتهُ / وَمَحوتَ سُؤدَدهُ بعهدٍ أولِ
صفية في حنانك لي عزاء
صفية في حنانك لي عزاء / تجلى حين ميلادي تجلى
وكان الدمع يقطر من فؤادي / فأخجل من وفائك واضمحلا
ووفاتني الهدية وهي تحكي / مشاهد ما نراه وما تولى
وتصدح بالمحبب من أغان / وبالرقصات آيا لن تملا
جهاز عد معجزة ولكن / رأيتك أنت أبدع أو أحلا
وإن كنت ابنتي فالبر أضحى / حراما لن يباح ولو أجلا
وصار يعد معجزة فإنا / فقدناه خيالا قد تدلى
أيشخص بيننا والظلم فاش / ويحسبه سواد الناس عدلا
وأمسى الحب محض خزعبلات / وكان الحب سلطانا معلى
وصار الناس أشبه بالضواري / وما شبع الورى نهبا وقتلا
حنانك يا صفية فل حزني / على دنيا تعد الحمق عقلا
اضاعت كل غيثاري وسرت / بتعذيبي واضحى الغدر سهلا
ولو عقل الورى حرصوا على أن / يكونوا كلهم للحب أهلا
فما دنياهموا إلا خرابٌ / ويبقى الحب بعد وما أظلا
وتفنى الأرض يوم الشمس تمضي / ويحيا الحب حرا مستقلا
صفيّة عشت للإحسان رمزا / وللحب المقدّس أين خلا
أمسائل القدر العتيّ محيّرا
أمسائل القدر العتيّ محيّرا / عن أصله ومجاله ومآله
اليوم يغنيك الممات كما مضى / من قبل بالخيام بعد سؤاله
فترى الطلاسم مفصحات مثلما / يتحدث الإشعاع خلف طلاله
وترى الجداول مترعات تنتهي / لبحاره وتعيد كل نواله
وترى الخمائل راقصات للردى / رقص المحب إذا احتفى بوصاله
سر في ركاب المحسنين مخلدا / بالعذب والمأنوس من سلساله
ما كنت تعشق في الحياة ككائن / واليوم تعشق ذائبا بخياله
والناس منهم من يحب لذاته / فهي الجواهر نمقت بخصاله
اشعارهم أرواحهم وخيالهم / في كل بيت عارم بخلاله
وسواهم المستوعبون جمالهم / مرآة دنيا الفن رجع جماله
ما كان معدنهم ممثل شعرهم / فصميمه مرآة غير مثاله
يكفيك ما أسديت من أنس لنا / دون التساؤل عن حدود كماله
وعن الكروم وكيف كان رحيقه / ومدى الأصالة فيه واستقلاله
يكفيك ترديد النداء وحولنا / هذي الموائد للوجود وآله
هشت أطايبها وكم صدف الورى / عنها وكل نائح بخباله
ولو أنهم عقلوا لطافوا حولها / ولهللوا للأنس قبل زواله
ولشاركوها في الحبور بصحبة / وترنموا معها بشعر الواله
ما هذه الدنيا سوى أحلامنا / والحلم مثل أب خفا بعياله
إذهب إلى دنيا الخيال ودع لنا / ما افتنّ شعرك شامخا بجلاله
ودع الجمال مرددا أنفاسه / عبق الربيع يشيع في أذياله
واترك تراثك حيرة وتساؤلا / جيلا فجيلا شاخصا لمحاله
إرفيني إلى سمائك حتى
إرفيني إلى سمائك حتى / لا أرى في الوجود إلا الجمالا
أرهقت عزلتي عمرا / رغم إبداعي السنا والخيالا
وتراءيت في سمائك إلها / ما وحبا ونعمة تتلالا
فتعلقت بالأشعة من حو / لي وناشدت حولك الآمالا
سامحتني الأرض التي كم حبتني / إذ رأتني بنشوتي مختالا
سامحت لفتتي إليك لأني / فيك آمنت بالإله تعالى
واهم من يرى الحياة بلا حب / حياة ويضرب الأمثالا
فمآل التقشف المتناهي / كمال الفتون حالا وحالا
لا قيود الورى ولا العرف يجدي / إن أبى الحب أو أراد المحالا
إن تعالى بي السنون فإني / كالنبيين دائما أتعالى
وكأني كالكون ما شاب بالرغ / م من الدهر إن يشب أجيالا
أي فن سأخلق الآن من بع / د بلوغي بقربك الإجلالا
قال ي الدهر سوف تأتي بإعجا / ز فصبرا وسوف تحيا مثالا
سوف تعطي الورى الذي أنت تعطي / من سناها محققا ما استحالا
أنا مثالك المغني الذي ير / سم ألحانه وإن قيل غالي
بات شعري وبات رسمي وما أج / هل معنى حبوت أو تمثالا
ذاك فني في ظلك الضا / حي سينمو ومجده يتوالى
وإذا متّ عاش يسخر بالمو / ت قريرا ويلهم الأجيالا
الشباب العزيم شعر جميل
الشباب العزيم شعر جميل / يتمشى فيه المثال النبيل
من نشيد الإله رف بأحلام / تناهت فكل معنى اصيل
لا تلوموه إن طاش فلكم / طاشت نجوم وليس منها ذليل
قوة للحياة نور ونار ألهما / الكون فهو حر جليل
لا تخف يا شباب إنك بالحزم / كفيل إذا أبى المستحيل
لا تخف ليس غير روحك ما يب / قى وما قد عداه ظل يحول
فنيت حين ودّعتك الأماني / وهوت حين باعدتك الطلول
لست لولاك من رأى العيش عيشا / أنت روحي وليس عمري الطويل
بسط الضباب على الحقول كأنه
بسط الضباب على الحقول كأنه / كف لمارد عابس قتال
فمحا بضربته الجداول والربى / والغرس دون تمهّل وسؤال
لم تلق منه ولا محاكمة آمرىء / عات فاسرف بطشه المتوالي
قتل الضياء كقتله ألوانها / وأدال حسنا لم يكن بمدال
فكأنما الدنيا تأجل خلقها / وكأنما العدم الفسيح حيالي
ومضى الضباب إلى المدينة فاختفت / مثل اختفاء مدائن الأطفال
أو أنها ظل الخيال ظلالها / فإذا نظرن فهن غير ظلال
هذا مآل والضباب يحفّني / بالحزن لا أدري سواه مآلي
فكأنما أسكنت كهفا مظلما / ما فيه من صحب سوى إعوالي
وكأنما انطوت الحياة بزفرتي / وتعثرت منهوكة بخيالي
وكأنما وئدت قبيل فطامها / مثلي أو انتحرت بها آمالي
وكأنما قتل العزاء مضرجا / بدمي وبالوهم الحبيب الغالي
وكأنما للياس ملك خالد / وكأنما إقباله إقبالي
وكأنما ضيّعت في دنيا طوت / صور الجمال وروعة المثال
فاعتز فيها القبح غير منافس / واعتزّ فيها الموت غير مبالي
مهد الحضارة للعروبة كلها
مهد الحضارة للعروبة كلها / كيف انتهيت إلى نهاية ذلها
قد كنت سابقة القرون بعلمها / فرجعت في ذيل القرون وجهلها
عجبت تماثيل رفعن جلالة / فهوت لما بلغته خسة مثلها
وكأنما في أمسها قد اشعرت / أفعالهم فتحطمت من هولها
إن كان هذا وحي دين محمد / فعبادة الأوثان نعمة أهلها
حاشا وحاشا تلك نكبة أمة / بالحاكمين القاتلين لنبلها
من كل سيف قد تثلم مجده / في الموبقات ويستعز بفعلها
أو كل أبكم صار يحسب قاضيا / والمومياء أجل منه بأصلها
أو كل زنديق عريق عابد / للمال يحترف الدعارة والها
أو كل من زعم الإمارة حينما / عين الحقارة ما استباح مؤلها
أو كل مندوب تحشرج صوته / مثل الجنادب وهو دون أذلها
أو كل من زعم الإمامة بينما / حكت الذباب بطنها وبظلها
أو كل مأفون يصيح مغالطا / والشخر يتبع ما روى مستألها
وطن تجسمت العروبة نكبة / فيه ولا نكبات صور وبعلها
الناطحات به شمخن سوابقا / واليوم تسحقها الصروف بنعلها
والهندسات وسد مأرب خلفت / لهفى الخرائب في مهانة زملها
والسامقات من المدارس كلها / درست ولم يك مثلها من قبلها
لا ظلم ظلم الدهر عدل صارخ / ما دام أهل الأرض نقمة عدلها
يا منبت الكندي يا من ينتمي / نخب الفوارس والعقول لعقلها
من أدهشت كسرى بحكمة عمروها / من أنجبت بلقيس صورة دلها
من شيدت غمدان من إلهامها / وفحولة الشعراء دون أقلها
من أطلعت صنعاء نجم حضارة / عمت بأنفس روعة وأجلها
من لا نزال نحار في آياتها / إذ تغمر التاريخ سيرة فضلها
كيف استحلت إلى مباءة سوقة / عملوا على هدر الكرامة كلها
جعلوا البلاد وأهلها كبهائم / موبوءة حبست على إسطبلها
القات تمضغه فيجري سمه / فيها فتركع نشوة لمذلها
وإمامنا يحيى يمجد ويله / شعرا ويكنز تبره من ويلها
أسفي العروبة في الضجيج عريقة / الافخرات بخيلها وبرجلها
أمم العروبة في الضجيج عريقة / الفاخرات بخيلها وبرجلها
تشكو الطغاة وحين تهمل أختها / في الغل تصبح من تهش لغلها
إن الحوادث كلها عبر لكم / يا غافلين عن الحياة وقولها
تتستّرون على الفضائح ضلة / ولطالما خانت عهود محلها
فتمكنون لسارق ولمارق / جعلتهما صنعاء غاية شغلها
ليت ابن خلدون وتلك ربوعة / حي ليفصح رأيه عن ختلها
أو ليت لي شعر الزبيري الذي / في النفي ناح لخطبها ولثكلها
أو ليت لي يوما عواصف أحمد / وأبي فراس مزمجرا من أجلها
وأبي العلاء العبقري وغيرهم / من أهلها قد أترعوا من نهلها
المسهمين بعلمهم وبفنهم / في رفعة الإنسان أو في بذلها
أو ليت لي كالشنفرى غضباته / أو كامرىء القيس الوفاء لنصلها
أو شأن مالك من سلالة حمير / في الدين والتقوى لطهر محلها
أو وعظ نجم الدين رن كأنه / قدر يحذر في حماسة خلها
أو باس سيف الدولة العالي الذرى / المستعز بأصله في سهلها
ونهى الفراهيدي الذي أحيا اللغى / بعروضه وبحذقه في شكلها
وسنا البهاء وكم يداوي شعره / مرضى النفوس العانيات بسله
وبروج صرواح التي لما تزل / أطلالها تروي الخلود لطلها
وهياكلا ما زال علقمة بها / يوحي السيادة والجلال لجلها
يا ليت لي هذا وذاك وبضة / من روح علقمة الشهير بفحلها
حتى أهزّ السادرين لعلّهم / يتنبهون إلى عواقب قتلها
عيد الملايين ازدهت بجلاله
عيد الملايين ازدهت بجلاله / ورأت جمال حياتها بجماله
عيد البرية كلها إذ كلها / نعمت بوحي ضيائه وظلاله
عيد الحضارة فالحضارة لم تكن / إلا وليد العقل في استقلاله
عيد المساواة العميمة أنبتت / في فجره وتعلقت بهلالفه
عيد الإخاء مدى الزمان وباسمه / خلق الرجال الشم من أبطاله
عيد الهدى والتضحيات على الهدى / لتحرر الإنسان من أغلاله
عيد الشرائع جمعت آياتها / وتبلورت في نوره وكماله
عيد التشبث بالحقيقة وحدها / والحق لا يبقى لدى جهاله
عيد التسامي والتسامي وحده / نهج الوجود إلى سعادة حاله
عيد إلى ميثاقه متحرر / يدعو وملهوف لفك عقاله
عيد السلام وربما تحقيقه / جعل الدماء فدى وبعض نواله
عيد النبوة للحياة رسالة / وبها استعزّ وجل عن أمثاله
شرفا إمام المصلحين لأمة / لك ننتمي ولعالم بك واله
ألهم بمؤلدك السني شعوبه / حتى تثار إلى عظات جلاله
يا أيها الأمي يا من عقله / وسع العلوم كواكبا لرجاله
ومن اشتطاب لهم حياة حرة / لا زهو مفتون يدلّ بماله
ومن اكتفى لوجوده ببلاغه / وأشاح عن ملك وعن أمواله
يا من تعلق بالتقشف خله / للمفلحين تزين نبل خلاله
يا من تماثل حلمه وإباؤه / وكفاحه للحق مثل عياله
اليوم غضبتك الشريفة ترتجى / للحق مأسورا لدى خذاله
اليوم اسمع منك وحي رسالة / دوّى دويّ الغاب عن رئباله
هيهات ترضى للأنام مذلة / يا من عتقت العبد من إذلاله
والمسلمون هم الكماة حمية / الثائرون على العتي وناله
وعلى اللصوص الغادرين وغدرهم / لا ينتهي كالتيه في أهواله
جعلوا التبجح كالوباء شريعة / للظلم واحتكموا لخبث مقاله
واستعبدوا الأقوام باستعمارهم / وترنموا بصلاحه وفعاله
كالعبد يرهق كل حسن ناضر / ويمن بعد عليه باسم وصاله
والسقم يوغل في السليم فيغتدي / نهبا له فيعد من أفضاله
يا من أبى الإذعان دون حقوقه / واستعذب الآلام في آماله
أرجع إلى الإسلام عزة أهله / باليقظة الكبرى لنيل محاله
وأدل من المتحكمين بحفظهم / والجهل أولهم بسم نباله
وليبق مولدك الأغر منارة / لمجاهد مستقتل بقتاله
فالعيش من صور الممات لصاغر / والموت للحر الأبي كآله
ولكم جنى الإسلام من أعدائه / مثل الذي لاقاه من أقياله
فإلى الهداة رضاك في إقباله / وعلى الطغاة جفاك في زلزاله
عرفناك يا يوم عيد الحياة
عرفناك يا يوم عيد الحياة / فإنّ الحياة لمن يعمل
كذا علمت علمنا الكائنات / وأسمى الكواكب والمنجل
وفي الحركات صميم الحياة / إذا فاتها الميت المهمل
فثب حولنا راقصا ضاحكا / أيا عيد واحفل كما نحفل
فهذي الجموع شهود الكفاح / رموز السلام الذي يؤمل
لها العمل المستعزّ الشعار / وإيمانها المعبد المعمل
ففيه الإخاء وفيه الرخاء / وفيه الحضارة تستكمل
وفي كل عام لنا وقفة / تذكر بالحج أو محفل
نحاسب أنفسنا بينما / يداعبنا المقبل الأمثل
يرى أننا أمة لا تنام على / الضيم أو قدرها يغفل
تساوت بها فرص العاملين / ومنها البطالة تستأصل
وفيها التكافؤ أسمى / المظاهر والعمل المثمر الأجمل
ومن كان يعمل فهو الأمير / ولا هكذا مترف يهزل
فيا عيد يا من سبقت الخريف / بعهد الربيع الذي تحمل
وفيك الهدوء وفيك التجدد / والحزم والعزم والموئل
تدفق غناء تدفق مظاهر / للصفو والحب تستأهل
فإنا رعاة حقوق الشعوب / ولو بينها المرهق الأعزل
وما هي إلا سنون تعد فيسجد / للحق من ضللوا
نعيش بعصر له ثورة على / الضعف والجهل لا تجهل
فيا أمم الشرق لا تيسأسي / فما عز دونك مستقبل
هلمي مجنحة بالعلوم إلى / الشمس فالشمس لا تنزل
هلمي محصنة بالعدالة / للمجد فالمجد لا يبذل
وحسبك موعظة يوم / عيد تساوى به الناس واستأهلوا
وسوئلت أين قصيدي المحيي / وما مثل شعري ما يسأل
تدفق كالنبع فوق الصفاة / إذا النبع غازله البلبل
ففي كل مرأى حيالي نشيد / وأهونه ما شدا الجدول
وأعظمه ما حكاه الأنام / قصائد كالحب لا تذبل
فيا عيد فق بالأماني / الحسان فإن الأمانيّ لا تمهل
ويا عيد رتل أحب الأغاني / أغاني للحق لا تغفل
أيا ذكريات الأمس ترقصن في الرؤى
أيا ذكريات الأمس ترقصن في الرؤى / تعالي إلى حضن الجمال تعالي
بسطت لك الأرض المريعة جنة / وقد أزهرت فيها فنون خيالي
وأبدعت افراحا لها ليس ستنتهي / أطايبها من نشوة وجمال
تيقظ فيها الصيف من بعد غفوة / وأطلع فيها الحب كل مجال
وغنت بها الأحلام حتى تمثلت / شخوصا أغانيها الحسان حيالي
كأن نجوم الليل في وهج الضحى / أتين إليها في نثير لآلي
مباهج لم يظفر بها غير شاعر / وغير حفيّ بالحياة موالي
تطوف بها كل الأحاسيس مثلما / يطوف حجاج حيال مثال
وما كانت في شرخ الشباب مباليا / بها فلماذا في المشيب أبالي
فيا ذكريات الأمس عودي وجددي / شبابي بسحر كالشباب مغالي
فإن عصا الأيام ترهق كاهلي / بتأديبها إيايَ قبل زوالي
يا أمل
يا أمل / يا أمل
يا هوى / من عمل
يا حلى / للبطل
يا قوى / في الجلل
يا دوا / للكلل
يا لظى / للكلل
يا على / من وصل
يا حمى / من فشل
يا شذا / يا قبل
يا سنى / للغزل
يا ندى / من نهل
يا فدى / كم قتل
يا جنى / كالعسل
يا ردى / للشلل
يا هدى / للرسل
إن تضع / فالملل
والمنى / والحيل
والورى / والدول
موتها / محتمل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025