المجموع : 21
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل / ورقدتَ أنت صريع هذا الساحل
اصغرتَ آلافَ الفراسخ جائزا / هذا العباب كعابر لجداول
وقدمتَ تُزجيك المحبة والوفا / هَزِجاً تدوس على عديد حوائل
أنَّى ترحَّل أو أقام فَحوله / زُمَرٌ تَحَّدثُ عن نهىً وشمائلِ
متهللاً معنى الشباب رواوءه / وخلاله كحديثه المتفائل
تتفيأُ الألبابُ في آدابه / وكأنَّها من أنسه بخمائل
ماذا دهاك وأنتَ زينةُ مجلسٍ / ورجاءُ أحبابِ ونفحةُ بابل
حتى سكنت الى الممات وطالما / قد كنت تهزأ بالممات الهازل
كنتَ الرياضيَّ العفيفَ مُساجلاً / فسقطت من غدر المصاب الهائل
كنت المثقف والأديب حياتهُ / هبةُ الفنونِ لأمةٍ ومحافل
وذهبت لا هذى الدموع سخينة / تكفى لتبيان العذاب الجائل
كلا ولا الأديان فيما فسرت / لتجيب عن ظُلم القضاءِ الخاذل
أو حيرةُ المتبادلين عزاءهم / لتحَّد من ذُعر الحزين الذاهل
جاء الممات من الحياة وقبله / جاء الوجود من الفناء الشامل
صور تضل لها العقول وربما / أغنى الغبُّى عن الحصيف العاقل
والعمرُ كيف العمر حظّ مقامرٍ / والحُّق كيف الحُّق أفظع باطل
ضيعتُ فلسفتي مراراً صاغرا / ووأدتُ تعزيتي أمام القاتل
إن كان إعزازُ الكمال فناءَه / فالحمقُ ان نحيا حياة الكامل
ونرى السوائم راتعين بنعمةٍ / ونرى المواهب في الحضيض السافل
ونرى الصباحَةَ والقسامَةَ في الثرى / ونرى الحقارة في أعزّ منازل
يا من عَددتُكَ في صميم جوارحي / ولدى ومن زودتُ منه فضائلي
فيمَ الرثاءُ وذاك عُرسكُ قادمٌ / أيصير عرسك لحن قلب الثاكل
كنا نهيئ مسعدين شرابه / فسقى الردى نخب الشباب الآفل
إن كان هذا عدل دنيا حرةٍ / بئسَ الجزاء من القضاء العادل
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ
من أنبأ الغيدَ الحمائمَ أنَّهُ / آتٍ لنا فَخففن لاستقبالهِ
هُنَّ الوداعةُ مثلض شكلِ قصيدةٍ / شمخت معانيها لقلبِ الواله
يرقصنَ في ضوء الربيعِ كأنما / جاءت أشعَّتهُ نشيدَ ظِلالِهِ
والقطرُ مِثلَ الحبِّ ينثرُ حولها / فَرِحاً ومثلَ الحبِّ في إقباِلهِ
متزحلقاتٍ كالغواني قُربها / فوقَ الجليدِ يرف مِلءَ جمالِهِ
والزهر في الأحواضِ وهو مُقيَّدٌ / حُرُّ يطيرُ بِعطرِهِ وخيالهِ
صورٌ توَحدت الطبيعةُ وانتشت / فيها فكُّل شاعرٌ بمثالِهِ
بمدينةٍ تاهَ الجمالُ بمجدِها / شعراً تلألأ ساحراً بكمالِهِ
أنَّى مشيت بها لمستَ جلالها / متواضعاً حتى لدى جُهّالهِ
سمقت كنفحِ روائع علويَّةٍ / للفنِّ وانتصرت على خُذَّاله
مهما وَصَفتُ لهن أوّفى حَقَّها / أو حَقَّهُ بنوا لها نواله
وَعَلامَ وصفي حين من أُهدى له / شعرِي يُحُّس بما أحُّس كآلِهِ
أيا واحةً في وَحشةِ البيد أنسها
أيا واحةً في وَحشةِ البيد أنسها / يُحرَّمُ فيئى ظَّلها ونُزولي
لمن تُخلقُ الجناتُ إلا لشاعرٍ / قليل حنانٍ منكِ غيرُ قليلِ
يا قيسُ رفقاً بمهجتي / فإنَّ رياح البيد تُرهق أزهاري
وقد صَّوحتها وهي في عُنفوانها / وكم تُقتلُ الأزهارُ في بُعدِ زَهَّارِ
عرفتكِ طفلاً في ظلالك لهوه / نُغِّنى ونجرى كالضياء وُثوبا
ونعبثُ بالدُّنيا وما عبثت بنا / فكيفَ غَدونا مُثقلين ذُنوبا
يا قيسُ كم يُظلمُ الهوى / نِفاقاً ويأبي الناسُ إلاَّ عذابَه
ومن نفحاتِ الزهرِ أنفاسُهُ لهم / فكيف أباحُوا للهيبِ مُذابُهُ
أأكتم حُبِّي أم أُشَبِّبُ ضَلةً / بمن لست أهوى كيف أحيا منافقا
أنا الفُّن والفنانُ لا عشتُ ناطقاً / إذا لم يكن فني كقلبيَ صادقا
لأنت نُّبي الحبِّ يا قيسُ فلتعش / بعيداً عن الدنيا الخؤونِ وأهلها
تُغِّنى لها كالنحلِ تَمنحُ شُهدَها / شهياً وتُجزى الموتَ شكراً لبذلها
أليلاىَ مالي غيرَ حُسنك مُبدِعي / وماليَ إلاّ قُربَكِ اليوم ناشري
فَنيتُ غداةَ الين فلترحمي فتىً / هواه نصبري حينما هو آسرى
اليلاىَ ما الدنيا سوى أَنت إن تكن / لذكراي أهلاً أو لنجوىَ مشاعري
فإن تُبعدي روحي الوفىَّ فما له / وجودٌ ولا ذكرٌ كأهلِ المقابر
حنانَكِ يا يلي حنانَكِ /
إنني / لأَطوعُ من وحىٍ يفيضُ بخاطرك
وفي صدري الخفاقِ منك نوازعي / وفي صوتيَ الملكومِ رَجعُ مزاهرك
جراحٌ خفياتٌ بنفسي عميقةٌ / أخبؤهَا والحُّب يأبي استتارها
وهيهاتَ للنسيانِ والنوم مرَّةً / مُحالفتي هيهات أقبلُ عارَها
سَتبقى على طُهر الوفاءِ نقيةً / وإن هي أودَت بي وأفنت سعادتي
ستبقى على مَرِّ الزمانِ شواهداً / لِحبِّي وعنوانا لأسَمى عبادتي
جراحي هي الأبَقى جراحي هي التي / يُنِّفسُ عنها الشعر وهو مقصرُ
كرهتُ حياتي ثم عُدت مُرجِّياً / حياتي كأني بالعذاب أُطُهَّرُ
حياتي وما معنى حياتي ولم أَزل / غريباً عن الدنيا لبعدكِ يا ليلى
ايا توأمَى إنَّا الغريبانِ مُذ أَبَت / علينا اتحاداً نحنُ كنَّابه أَولىَ
وَحقكَ لم يُبعدكَ عني شاغلٌ / وليس قِراني بالغريب قِرانَا
لأنَتَ بقربي رغمَ بُعدكَ شاملاً / وجودي وأحلامي هَوىً وِعيانَا
سيأتي زمانٌ يندم الدهر تائباً / وأي انتفاعٍ لي إذا هو تابا
إذا أنا بالأحلامِ عشتُ مُضلَّلاً / فَسيَّانش أغدو كوكباً وترابا
رويدكَ يا قيسُ الحبيبُ فإننا / لأسَمى من الدَّهرِ المسئِ وأهله
سَنحيا على الذكرى حياةً أبيَّةً / وَنعلو على خُبثِ الزمانِ وذُلِّهِ
وَداعاً إذن يا صنوَ نفسي وَقُبلةً / يَظل فمي عذباً بها وسلاما
وَداعاص فإن لم تستطع حملِ عبئهِ / فَألغِ لكَ العقلَ الحكَيمَ هُياما
حنانيكِ ليلى آهِ ليلى /
لقد مضت / وَوَلى الجميل الحلمُ حين تَسامَى
سأذرعُ هذا الكونَ ابحثُ عنهما / ولو ضاع عقلي ولوعةً وغراما
أَحوريةَ الماءِ هيا تعالِى
أَحوريةَ الماءِ هيا تعالِى / تعالى إلى لهفتي وابتهالي
نَثرتِ الرمالَ على الشِّط دُنيا / تَعَّثرَ فيها طويلاً خَيالي
وكم من حنينٍ بها أو سؤالِ /
أراك تطالبني بالُمحالِ /
إذن في بِعادكِ ردِّى إليَّا / أمانىَّ لا تنكريها عليَّا
حياتي بها وخلودي تهيَّا / فلولا المانُّي ما كنتُ حَيَّا
ولا كنتُ عبداً لهذا الجمالِ /
أراكَ تطالبني بالمحالِ /
إذن زّوديني بحلمٍ جميلِ / أناجي به صورَ المستحيل
فَيبدَعَ للحبِّ لحنٌ نبيل / تَلمستَّهُ في سناكِ البخيل
وما زال نهباً لهذى الرمالِ /
أراكَ تطالبين بالمحالِ /
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ
لمن النجومُ رقصنَ فوقَ خميلةٍ / قُبلاً وأحلاماً تَرف طويلا
وخفقنَ ألواناً حملنَ عواطفاً / وأضأنَ أنغاماً تردُ جميلا
لمن التهَّللُ في الغصون نواعساً / سَكرىَ فأيقظها النسيمُ بليلا
لمن الثلوجُ وقد نُثرنَ جواهراً / بِيدِ الألوهةِ تستحث بخيلا
ساوت فما تركت عزيزاً مُفرداً / وَحَبت فلم تَذرَ الفقيرَ ذليلا
لِمن الحمائمُ قد طلعن عرائساً / سَفرت وأرسلت النشيدَ هَديلا
كانت يُحجِّبها الصقيعُ فردَّهَا / للناسِ تعييدٌ يَعُّز مثيلا
ورأت حُبور الناسِ دفأ مُنعشاً / من بَعدِ ما كان الجليدُ ثقيلا
لمن الطفولةُ في تحُّررِ بهجةٍ / لم تَرضَ عنها في السرورِ بديلا
غُصَّت حوانيتُ الهدايا حولها / بجميع ما فد جاوزَ التخييلا
وكأنّما اللعُّبُ استقلت مثلها / بالعيدِ واحتفلت به تمثيلا
لمن المعابدُ والمسارحُ اشرقت / أَمماً تقدّسُ رائعاً وجميلا
لمن الأناشيدُ الحبيبةُ رَدَّدت / لحنَ السلامِ مُسلسلاً ونبيلا
لمن الهوىَ والفُّن حينَ تألقَّا / طُهراً وحين تباريا تقبيلا
لمن التَّهلُّلُ والجميعُ كأنَّهم / أطفالُ لم يستمرئوا التحويلا
دُنيا السماحةِ والتحُّررِ والنَّدى / شَعَّت وما خَذلت بها تأميلا
وَكَسا منازِلنا نعيماً سابِغا / رُوحٌ باشهى الصفوِ كانَ كفيلا
لمن المظاهرُ والحقائقُ هذهِ / عَجباً كأنَّ البؤسَ رُدَّ قَتيلا
وَكَأنمَّا الظلمُ الرهيبُ قد انتفى / والعدلُ أصبحَ كالجمالِ ظليلا
هي بعضُ وجدانِ الوجودِ يَزفه / حُبَّاً لمن هو أطلعَ الإنجيلا
من لا تزالُ على السماءِ عظاتُه / هذى الشموسُ تُواكبُ التنزيلا
من روُحه روحُ الإِله وِسُّرهُ / سرُّ الحياةِ على الأبُودِ نزيلا
من عَلَّمَ الإنسانَ قيمةً نفسه / لو شاءَ حَظَّاً في الحياةِ جليلا
بُوركتَ ميلادَ المسيحِ وبُوركت / مُثلٌ رُفعتَ لنا وجئتَ مُنيلا
من عاشَ يُكرِمها فما ضاقت به / دُنيا ولا وَجدَ السلامَ ضئيلا
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ
ألقاكَ في وطني الحبيب الأوَّلِ / ولئن تكن قُربى ولم تتَّرحَل
لستَ الغريبَ ولستُ عنه مُغربَّاً / فَبكلِّ دارٍ فيه ألمحُ منزلي
فَتلقَّ من قلبيِ الوفيِّ تحيةً / هيَ من أشعَّةِ مصرَ لم تتبدل
ولو أن فيها من دُموع مشاعري / نَغماً يذوبُ إلى الحبيبِ الأوّلِ
ولو ان فيها من حنينِ عُروبتي / لحناً أَعمَّ ومن هواىَ ومأمليِ
حُيِّيت عيسى أينَ كنت فإنَّما / تَلقى غِراسَ السابقِ المتفضل
في كلِّ قُطرٍ للعروبةِ نَشوةٌ / بلقاءِ أكثم أو لقاءِ الأخطلِ
وبكلِّ ركن للحميِّةِ والهدى / للمسلمين تَحل أطيبَ مَنزل
يا من فَتنت الجيلَ غيرَ مدافعٍ / بجنانه وحديثه المتهلل
يا من بذلتَ من الفؤادِ مُضحِّياً / في دفعِ مَظلمةٍ ورفعِ مُؤملِ
يا من له غُررُ المواقفِ عّدُّها / لا يُستباحُ لو انتهت لِلمجتلى
يا صاحبَ الأدبِ الرفيع تَفننُّاً / وَمُجلجلَ الصوتِ النبيلِ الأكملِ
أنظر حيالكَ لا تجد إلاّ مُنى / رُسُلاً من الشعبِ الجريح الُمغفلِ
ولأنتَ أحصفُ بل وأكيسُ سامعاً / أو قائلاً أو عاملاً من مقولى
هذى تحَّيةُ وامقٍ بك واثقٍ / متطِّلع لبزوغِ عَهدِ أجمل
حتى يُقبِّلَ تُربَ مصر مُرحبِّاً / بكَ مرةً أخرى بشعرٍ أَمثل
وَيزفَّ ملحمةَ الخلودِ تألقت / بروائعِ الماضي إلى المستقبل
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً
أديتَ واجبكَ المقدَّسَ كاملاً / وتركتَ للأجيالِ ذكركَ شاغلا
مهلاً أبا الأحرار مهلاً إن تكن / أعمارُ مثلك كالشموسِ مراحلا
إنَّا بنى الأرضِ الذين شقاؤهم / باقٍ نودِّعُ فيكَ ظلاًّ راحلا
كنا نَفئُ إليكَ في آلامنا / ونرى رجاحَتكَ الملاذَ الكاملا
والآنَ واحتنا الفسيحةُ أصبحت / حُلماً وعانقت الفناءَ الهائلا
كَم كان خصمك خاذلاً ليقينه / وأبيتَ أن تلفىَ لخصمك خاذلا
ولكم أغثتَ من الكوارث جاحداً / وفككت مغلولاً فراحَ مُخاتلا
ولكم رددتَ من السهامِ مكافحاً / ولكم غَضضتَ عن العداءِ مُجاملا
وعُرفتَ في الحالينِ أكرمَ كَيسٍ / نسىَ الإساءةَ بل أقالَ الجاهلا
قد بحَّ صوتُك هادياً ومنادياً / أمماً بنكبتها تُطيعُ الهازلا
وإذا تيقَّظَ أى شعبٍ ببنها / ألفيته الأسرَ المسئَ الغافلا
يا ليتها في الرُّزءِ تدفن عجزَها / شمماً وتدفنُ ذلةً وسلاسلا
صورٌ تزاحمَ رسمها في عبرتَيِ / لما أتيتك راثياً ومُسائلا
يا ضيعةَ الإنسانِ في استعلائه / وكأنما بالمجدِ أصبحَ زائلا
ولقد بَحثتُ فما غَنمتُ حقيقةً / ودفنتُ آمالي وعشتُ الثَّاكلا
وسَخرتُ من علمي ومن أدبي معاً / وأبيتُ أن أُدعى الحكيمَ العاقلا
وظللتُ يقذفني الخضم بموجهِ / من بعدِ ما أبصرتُ فيك الساحلا
ولو ان إنشادى الدماءُ لشاعرٍ / حملَ الجراح ولم يزل مُتفائلا
أبداً يصارعُ عقلهُ وجدَنهُ / ويَرىَ الوجودَ مآسياً ومهازلا
ويرى مماتَ النابهينَ جريمةً / مهما تُسَّوغَ والقضاءَ القاتلا
أرقد صديقي في خلودك وَحدهُ / إن لم نَجد نحنُ الخلودَ الشاملا
أرقد فحسبك ما حَملت من الأذَى / وداع الممات يُميتُ داءكَ عاجلا
فلقد خلقتَ بما صنعتَ مآثراً / ملءَ البيانِ خوالداً وحوافلا
لو يعرف الطِّبُ الصَّناعُ وسيلةً / لأعَادَ صوتك بالمواعظِ حافلا
أو يَعلمُ الجراحُ أىَّ يتيمةٍ / قُطعت لدامَ من الفجيعةِ ذاهلا
عانى وعالجَ والمماتُ مرفرف يقظ / يُخيِّبُ آسياً أو حائلا
لبنانُ لم يبرح بذكرك شامخاً / ويظل معتزاً بفكركَ طائلا
جَبلٌ من الفكرِ الأصيلِ جيوشه / زحفت بمثلكَ كالغزاةِ جحافلا
إن تنسكَ الدنيا ولن تنسى فقد / أحيالكَ الأرزَ الوضئَ مشاعلا
أهلَ الهدى صُونوا تُراثا للهدَى / فخماً وذودوا عن عُلاَها الباطلا
عاشت لكم ذُخراً ومجداً صائلا / فابنوا لها ذُخراً ومجداً صائلا
وإذا مضى علمٌ فأحيوا ذكرهُ / علماً تناسخَ نورهُ متواصِلا
أرجالٌ لا ولا شبهُ رجال
أرجالٌ لا ولا شبهُ رجال / من أحبوا لثمَ هاتيكَ النعال
بل صغارٌ كلهم محتقرٌ / خبزهُ الذل وجدَواه الضلال
كلما هانوا وزادوا صغراً / زاد كافور خبالاً في خبال
أسألوا فُرهليخَ عن أعراضه / إن ظننتم أننيَّ أروى المحال
أو سَلوا أهلَ الدعارات فكم / بادُلوه الرِّجس في غيرِ مَلال
تخذَ الشعبَ له سخريةً / واستحلَّ الحطَّ من قَدرِ الرجال
كم خُدِ عنا قبلُ في أفعالهِ / وحسبناها مثالاً للكمال
فإذا الأحداثُ تُبدى سَّرهُ / نكبةً جازت مهاوى الاحتمال
ما مَلامى لمريضٍ عاثرٍ / حينما الناسُ حَميرٌ وبغال
صَيَّروا الأحزابُ أدنى سلعٍ / ومدَىَ التهريجِ معدومِ المثال
لا تلوموني لتركي سُوقهم / إن يكن غيري بشكرٍ وابتهال
لن أطيقَ الظُّلم يوماً سائداً / دُونَ سخطٍ وكفاحٍ وقتال
موطني في معقلِ الأحرارِ لا / موطنُ البغيِ وقد صال وجال
كل أرضٍ أنتبت لي منبراً / هي أرضي وهي شمسٌ وظلال
ووجودي إن أبدده سُدىً / هانت الدنيا بعينيَّ وزال
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا / لو تفقهونَ وفي تعذيبيَ الأملا
لعلكم حين طولُ العسفِ يُوجعكم / تستلهمونَ مقالاً صُغتُ أو عَملا
وترجعونَ إل شعرٍ وعى خلقي / وتتبعون سلوكاً لم يكن خبلاَ
وتُقلعونَ عن التسبيحِ في مَلقٍ / للمجرمين وللطاغوتِ كيفَ عَلاَ
وتقطعونَ اليدَ النكراءَ في جَذلٍ / لا أن تخصُّوا بها التقديسَ والقبلا
لم يرفع العدلَ والاحرارَ غيرهمو / وما تحَّرر شعبٌ هانَ أو جهلا
إن غبتُ عنكم فلم تبرح لكم هممي / كأنني جحفلٌ ما زالَ مُقتتلاَ
لا يفقدُ الحُّر مهما غابَ نخوته / وَحُبَّهُ أهله في كلِّ ما فَعلاَ
وكل أرضٍ حَبتنيِ حُر ساحتها / أرضي وكل نعيمٍ خانقٍ قَتلاَ
هيهاتَ هيهاتَ أن ارضى مذلتَّكم / وإن شقيتُ بها حلاًّ ومُرتحلاَ
ما مضَّكم مضنى في كلَّ أونةٍ / فكيفَ ارضى بحبي غيركم بدلا
وإن يكن لي في قلبي بنظرتهش / حُرُّ المواطنِ أني حلَّ أو رَحلاَ
وإن يكن في حليفي الصبر لي سَندٌ / كالأنبياء يهُّز الحصن والجبلا
من لي بيومٍ أرى للشعبِ سُلطتهُ / حقاً عزيزاً وألقى حُكمهُ مثلاَ
من لي بيومِ أرى الفجَّارَ سادته / دونَ العبيدِ وألقى فردهُ رجلا
لقد سئمت من الأحزاتِ أجمعها / فإنَّ أفضلها قد خاب أو هزلا
ولوَّثتها من الأدرانِ أقذرها / وضاعَ في الوحلِ من خلنا به البطلاَ
وخيبَّت حولها الآمالَ صاغرةً / كأنما هي كابوسٌ لمن أملاَ
لم تَبقَ إلاَّ دماءُ الثارين هُدىً / للمصلحينَ وإيحاءً لمن عَقلاَ
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ / أترىَ نسيتَ نهايةَ المتوكلِ
ستضيع أنتَ وليس غيرك ضائعاً / فجميعهم في الخبثِ جد مؤصل
والشعبُ سوف يجئُ يوم حسابه / ويثورُ ضد نهاية المستغفل
إنّي نصحتكَ غير راجٍ أن أرى / أملاً يُحققُ لي وحلماً يعتلى
لكنه داعي الوفاءِ لموطني / ما دمتَ رمز عُلاه وهو مؤملي
فإذا كفرتَ بنا فعدلٌ أننا / نمضي بغيرِ التاج للمستقبل
إنا نراه بأى حالٍ داعياً / لهوضنا بجهودنا لا بالولى
ونكادُ نسمعه فقد قربَ المدى / مستهزئاً بالسالفِ المستمهلِ
ويقول قد خودعتمو إذ عصركم / عصرُ الشعوب بهمةٍ وبمعول
لا عصرَ من ملكوا الشعوبَ توارثاً / وكأنَّها بقرُ لسوطِ مُجندلِ
أو أنها غَنمٌ تُجزُّ وصوفها / ملكُ الذئابِ وملكُ كل مُضللِ
حتى يحينَ لها الأوانُ فتغتدى / فوقَ الموائدِ أكلة المستأهلِ
الان فرصتكَ الوحيدةُ قبلما / تُصغى إلى الدَّاعى الملحِّ المقبلِ
ولو انني حاسبتُ نفسي بعد ما / رُوِّعت في يأسي الطويلِ المبتليِ
فرأيت سقمكَ لا علاجَ لمثله / إلاَّ زواُلكَ في الظَّلامِ المسبلِ
وزوالُ عرِشكَ بعدما دَنسَّتهُ / وَمَحوتَ سُؤدَدهُ بعهدٍ أولِ
صفية في حنانك لي عزاء
صفية في حنانك لي عزاء / تجلى حين ميلادي تجلى
وكان الدمع يقطر من فؤادي / فأخجل من وفائك واضمحلا
ووفاتني الهدية وهي تحكي / مشاهد ما نراه وما تولى
وتصدح بالمحبب من أغان / وبالرقصات آيا لن تملا
جهاز عد معجزة ولكن / رأيتك أنت أبدع أو أحلا
وإن كنت ابنتي فالبر أضحى / حراما لن يباح ولو أجلا
وصار يعد معجزة فإنا / فقدناه خيالا قد تدلى
أيشخص بيننا والظلم فاش / ويحسبه سواد الناس عدلا
وأمسى الحب محض خزعبلات / وكان الحب سلطانا معلى
وصار الناس أشبه بالضواري / وما شبع الورى نهبا وقتلا
حنانك يا صفية فل حزني / على دنيا تعد الحمق عقلا
اضاعت كل غيثاري وسرت / بتعذيبي واضحى الغدر سهلا
ولو عقل الورى حرصوا على أن / يكونوا كلهم للحب أهلا
فما دنياهموا إلا خرابٌ / ويبقى الحب بعد وما أظلا
وتفنى الأرض يوم الشمس تمضي / ويحيا الحب حرا مستقلا
صفيّة عشت للإحسان رمزا / وللحب المقدّس أين خلا
أمسائل القدر العتيّ محيّرا
أمسائل القدر العتيّ محيّرا / عن أصله ومجاله ومآله
اليوم يغنيك الممات كما مضى / من قبل بالخيام بعد سؤاله
فترى الطلاسم مفصحات مثلما / يتحدث الإشعاع خلف طلاله
وترى الجداول مترعات تنتهي / لبحاره وتعيد كل نواله
وترى الخمائل راقصات للردى / رقص المحب إذا احتفى بوصاله
سر في ركاب المحسنين مخلدا / بالعذب والمأنوس من سلساله
ما كنت تعشق في الحياة ككائن / واليوم تعشق ذائبا بخياله
والناس منهم من يحب لذاته / فهي الجواهر نمقت بخصاله
اشعارهم أرواحهم وخيالهم / في كل بيت عارم بخلاله
وسواهم المستوعبون جمالهم / مرآة دنيا الفن رجع جماله
ما كان معدنهم ممثل شعرهم / فصميمه مرآة غير مثاله
يكفيك ما أسديت من أنس لنا / دون التساؤل عن حدود كماله
وعن الكروم وكيف كان رحيقه / ومدى الأصالة فيه واستقلاله
يكفيك ترديد النداء وحولنا / هذي الموائد للوجود وآله
هشت أطايبها وكم صدف الورى / عنها وكل نائح بخباله
ولو أنهم عقلوا لطافوا حولها / ولهللوا للأنس قبل زواله
ولشاركوها في الحبور بصحبة / وترنموا معها بشعر الواله
ما هذه الدنيا سوى أحلامنا / والحلم مثل أب خفا بعياله
إذهب إلى دنيا الخيال ودع لنا / ما افتنّ شعرك شامخا بجلاله
ودع الجمال مرددا أنفاسه / عبق الربيع يشيع في أذياله
واترك تراثك حيرة وتساؤلا / جيلا فجيلا شاخصا لمحاله
إرفيني إلى سمائك حتى
إرفيني إلى سمائك حتى / لا أرى في الوجود إلا الجمالا
أرهقت عزلتي عمرا / رغم إبداعي السنا والخيالا
وتراءيت في سمائك إلها / ما وحبا ونعمة تتلالا
فتعلقت بالأشعة من حو / لي وناشدت حولك الآمالا
سامحتني الأرض التي كم حبتني / إذ رأتني بنشوتي مختالا
سامحت لفتتي إليك لأني / فيك آمنت بالإله تعالى
واهم من يرى الحياة بلا حب / حياة ويضرب الأمثالا
فمآل التقشف المتناهي / كمال الفتون حالا وحالا
لا قيود الورى ولا العرف يجدي / إن أبى الحب أو أراد المحالا
إن تعالى بي السنون فإني / كالنبيين دائما أتعالى
وكأني كالكون ما شاب بالرغ / م من الدهر إن يشب أجيالا
أي فن سأخلق الآن من بع / د بلوغي بقربك الإجلالا
قال ي الدهر سوف تأتي بإعجا / ز فصبرا وسوف تحيا مثالا
سوف تعطي الورى الذي أنت تعطي / من سناها محققا ما استحالا
أنا مثالك المغني الذي ير / سم ألحانه وإن قيل غالي
بات شعري وبات رسمي وما أج / هل معنى حبوت أو تمثالا
ذاك فني في ظلك الضا / حي سينمو ومجده يتوالى
وإذا متّ عاش يسخر بالمو / ت قريرا ويلهم الأجيالا
الشباب العزيم شعر جميل
الشباب العزيم شعر جميل / يتمشى فيه المثال النبيل
من نشيد الإله رف بأحلام / تناهت فكل معنى اصيل
لا تلوموه إن طاش فلكم / طاشت نجوم وليس منها ذليل
قوة للحياة نور ونار ألهما / الكون فهو حر جليل
لا تخف يا شباب إنك بالحزم / كفيل إذا أبى المستحيل
لا تخف ليس غير روحك ما يب / قى وما قد عداه ظل يحول
فنيت حين ودّعتك الأماني / وهوت حين باعدتك الطلول
لست لولاك من رأى العيش عيشا / أنت روحي وليس عمري الطويل
بسط الضباب على الحقول كأنه
بسط الضباب على الحقول كأنه / كف لمارد عابس قتال
فمحا بضربته الجداول والربى / والغرس دون تمهّل وسؤال
لم تلق منه ولا محاكمة آمرىء / عات فاسرف بطشه المتوالي
قتل الضياء كقتله ألوانها / وأدال حسنا لم يكن بمدال
فكأنما الدنيا تأجل خلقها / وكأنما العدم الفسيح حيالي
ومضى الضباب إلى المدينة فاختفت / مثل اختفاء مدائن الأطفال
أو أنها ظل الخيال ظلالها / فإذا نظرن فهن غير ظلال
هذا مآل والضباب يحفّني / بالحزن لا أدري سواه مآلي
فكأنما أسكنت كهفا مظلما / ما فيه من صحب سوى إعوالي
وكأنما انطوت الحياة بزفرتي / وتعثرت منهوكة بخيالي
وكأنما وئدت قبيل فطامها / مثلي أو انتحرت بها آمالي
وكأنما قتل العزاء مضرجا / بدمي وبالوهم الحبيب الغالي
وكأنما للياس ملك خالد / وكأنما إقباله إقبالي
وكأنما ضيّعت في دنيا طوت / صور الجمال وروعة المثال
فاعتز فيها القبح غير منافس / واعتزّ فيها الموت غير مبالي
مهد الحضارة للعروبة كلها
مهد الحضارة للعروبة كلها / كيف انتهيت إلى نهاية ذلها
قد كنت سابقة القرون بعلمها / فرجعت في ذيل القرون وجهلها
عجبت تماثيل رفعن جلالة / فهوت لما بلغته خسة مثلها
وكأنما في أمسها قد اشعرت / أفعالهم فتحطمت من هولها
إن كان هذا وحي دين محمد / فعبادة الأوثان نعمة أهلها
حاشا وحاشا تلك نكبة أمة / بالحاكمين القاتلين لنبلها
من كل سيف قد تثلم مجده / في الموبقات ويستعز بفعلها
أو كل أبكم صار يحسب قاضيا / والمومياء أجل منه بأصلها
أو كل زنديق عريق عابد / للمال يحترف الدعارة والها
أو كل من زعم الإمارة حينما / عين الحقارة ما استباح مؤلها
أو كل مندوب تحشرج صوته / مثل الجنادب وهو دون أذلها
أو كل من زعم الإمامة بينما / حكت الذباب بطنها وبظلها
أو كل مأفون يصيح مغالطا / والشخر يتبع ما روى مستألها
وطن تجسمت العروبة نكبة / فيه ولا نكبات صور وبعلها
الناطحات به شمخن سوابقا / واليوم تسحقها الصروف بنعلها
والهندسات وسد مأرب خلفت / لهفى الخرائب في مهانة زملها
والسامقات من المدارس كلها / درست ولم يك مثلها من قبلها
لا ظلم ظلم الدهر عدل صارخ / ما دام أهل الأرض نقمة عدلها
يا منبت الكندي يا من ينتمي / نخب الفوارس والعقول لعقلها
من أدهشت كسرى بحكمة عمروها / من أنجبت بلقيس صورة دلها
من شيدت غمدان من إلهامها / وفحولة الشعراء دون أقلها
من أطلعت صنعاء نجم حضارة / عمت بأنفس روعة وأجلها
من لا نزال نحار في آياتها / إذ تغمر التاريخ سيرة فضلها
كيف استحلت إلى مباءة سوقة / عملوا على هدر الكرامة كلها
جعلوا البلاد وأهلها كبهائم / موبوءة حبست على إسطبلها
القات تمضغه فيجري سمه / فيها فتركع نشوة لمذلها
وإمامنا يحيى يمجد ويله / شعرا ويكنز تبره من ويلها
أسفي العروبة في الضجيج عريقة / الافخرات بخيلها وبرجلها
أمم العروبة في الضجيج عريقة / الفاخرات بخيلها وبرجلها
تشكو الطغاة وحين تهمل أختها / في الغل تصبح من تهش لغلها
إن الحوادث كلها عبر لكم / يا غافلين عن الحياة وقولها
تتستّرون على الفضائح ضلة / ولطالما خانت عهود محلها
فتمكنون لسارق ولمارق / جعلتهما صنعاء غاية شغلها
ليت ابن خلدون وتلك ربوعة / حي ليفصح رأيه عن ختلها
أو ليت لي شعر الزبيري الذي / في النفي ناح لخطبها ولثكلها
أو ليت لي يوما عواصف أحمد / وأبي فراس مزمجرا من أجلها
وأبي العلاء العبقري وغيرهم / من أهلها قد أترعوا من نهلها
المسهمين بعلمهم وبفنهم / في رفعة الإنسان أو في بذلها
أو ليت لي كالشنفرى غضباته / أو كامرىء القيس الوفاء لنصلها
أو شأن مالك من سلالة حمير / في الدين والتقوى لطهر محلها
أو وعظ نجم الدين رن كأنه / قدر يحذر في حماسة خلها
أو باس سيف الدولة العالي الذرى / المستعز بأصله في سهلها
ونهى الفراهيدي الذي أحيا اللغى / بعروضه وبحذقه في شكلها
وسنا البهاء وكم يداوي شعره / مرضى النفوس العانيات بسله
وبروج صرواح التي لما تزل / أطلالها تروي الخلود لطلها
وهياكلا ما زال علقمة بها / يوحي السيادة والجلال لجلها
يا ليت لي هذا وذاك وبضة / من روح علقمة الشهير بفحلها
حتى أهزّ السادرين لعلّهم / يتنبهون إلى عواقب قتلها
عيد الملايين ازدهت بجلاله
عيد الملايين ازدهت بجلاله / ورأت جمال حياتها بجماله
عيد البرية كلها إذ كلها / نعمت بوحي ضيائه وظلاله
عيد الحضارة فالحضارة لم تكن / إلا وليد العقل في استقلاله
عيد المساواة العميمة أنبتت / في فجره وتعلقت بهلالفه
عيد الإخاء مدى الزمان وباسمه / خلق الرجال الشم من أبطاله
عيد الهدى والتضحيات على الهدى / لتحرر الإنسان من أغلاله
عيد الشرائع جمعت آياتها / وتبلورت في نوره وكماله
عيد التشبث بالحقيقة وحدها / والحق لا يبقى لدى جهاله
عيد التسامي والتسامي وحده / نهج الوجود إلى سعادة حاله
عيد إلى ميثاقه متحرر / يدعو وملهوف لفك عقاله
عيد السلام وربما تحقيقه / جعل الدماء فدى وبعض نواله
عيد النبوة للحياة رسالة / وبها استعزّ وجل عن أمثاله
شرفا إمام المصلحين لأمة / لك ننتمي ولعالم بك واله
ألهم بمؤلدك السني شعوبه / حتى تثار إلى عظات جلاله
يا أيها الأمي يا من عقله / وسع العلوم كواكبا لرجاله
ومن اشتطاب لهم حياة حرة / لا زهو مفتون يدلّ بماله
ومن اكتفى لوجوده ببلاغه / وأشاح عن ملك وعن أمواله
يا من تعلق بالتقشف خله / للمفلحين تزين نبل خلاله
يا من تماثل حلمه وإباؤه / وكفاحه للحق مثل عياله
اليوم غضبتك الشريفة ترتجى / للحق مأسورا لدى خذاله
اليوم اسمع منك وحي رسالة / دوّى دويّ الغاب عن رئباله
هيهات ترضى للأنام مذلة / يا من عتقت العبد من إذلاله
والمسلمون هم الكماة حمية / الثائرون على العتي وناله
وعلى اللصوص الغادرين وغدرهم / لا ينتهي كالتيه في أهواله
جعلوا التبجح كالوباء شريعة / للظلم واحتكموا لخبث مقاله
واستعبدوا الأقوام باستعمارهم / وترنموا بصلاحه وفعاله
كالعبد يرهق كل حسن ناضر / ويمن بعد عليه باسم وصاله
والسقم يوغل في السليم فيغتدي / نهبا له فيعد من أفضاله
يا من أبى الإذعان دون حقوقه / واستعذب الآلام في آماله
أرجع إلى الإسلام عزة أهله / باليقظة الكبرى لنيل محاله
وأدل من المتحكمين بحفظهم / والجهل أولهم بسم نباله
وليبق مولدك الأغر منارة / لمجاهد مستقتل بقتاله
فالعيش من صور الممات لصاغر / والموت للحر الأبي كآله
ولكم جنى الإسلام من أعدائه / مثل الذي لاقاه من أقياله
فإلى الهداة رضاك في إقباله / وعلى الطغاة جفاك في زلزاله
عرفناك يا يوم عيد الحياة
عرفناك يا يوم عيد الحياة / فإنّ الحياة لمن يعمل
كذا علمت علمنا الكائنات / وأسمى الكواكب والمنجل
وفي الحركات صميم الحياة / إذا فاتها الميت المهمل
فثب حولنا راقصا ضاحكا / أيا عيد واحفل كما نحفل
فهذي الجموع شهود الكفاح / رموز السلام الذي يؤمل
لها العمل المستعزّ الشعار / وإيمانها المعبد المعمل
ففيه الإخاء وفيه الرخاء / وفيه الحضارة تستكمل
وفي كل عام لنا وقفة / تذكر بالحج أو محفل
نحاسب أنفسنا بينما / يداعبنا المقبل الأمثل
يرى أننا أمة لا تنام على / الضيم أو قدرها يغفل
تساوت بها فرص العاملين / ومنها البطالة تستأصل
وفيها التكافؤ أسمى / المظاهر والعمل المثمر الأجمل
ومن كان يعمل فهو الأمير / ولا هكذا مترف يهزل
فيا عيد يا من سبقت الخريف / بعهد الربيع الذي تحمل
وفيك الهدوء وفيك التجدد / والحزم والعزم والموئل
تدفق غناء تدفق مظاهر / للصفو والحب تستأهل
فإنا رعاة حقوق الشعوب / ولو بينها المرهق الأعزل
وما هي إلا سنون تعد فيسجد / للحق من ضللوا
نعيش بعصر له ثورة على / الضعف والجهل لا تجهل
فيا أمم الشرق لا تيسأسي / فما عز دونك مستقبل
هلمي مجنحة بالعلوم إلى / الشمس فالشمس لا تنزل
هلمي محصنة بالعدالة / للمجد فالمجد لا يبذل
وحسبك موعظة يوم / عيد تساوى به الناس واستأهلوا
وسوئلت أين قصيدي المحيي / وما مثل شعري ما يسأل
تدفق كالنبع فوق الصفاة / إذا النبع غازله البلبل
ففي كل مرأى حيالي نشيد / وأهونه ما شدا الجدول
وأعظمه ما حكاه الأنام / قصائد كالحب لا تذبل
فيا عيد فق بالأماني / الحسان فإن الأمانيّ لا تمهل
ويا عيد رتل أحب الأغاني / أغاني للحق لا تغفل
أيا ذكريات الأمس ترقصن في الرؤى
أيا ذكريات الأمس ترقصن في الرؤى / تعالي إلى حضن الجمال تعالي
بسطت لك الأرض المريعة جنة / وقد أزهرت فيها فنون خيالي
وأبدعت افراحا لها ليس ستنتهي / أطايبها من نشوة وجمال
تيقظ فيها الصيف من بعد غفوة / وأطلع فيها الحب كل مجال
وغنت بها الأحلام حتى تمثلت / شخوصا أغانيها الحسان حيالي
كأن نجوم الليل في وهج الضحى / أتين إليها في نثير لآلي
مباهج لم يظفر بها غير شاعر / وغير حفيّ بالحياة موالي
تطوف بها كل الأحاسيس مثلما / يطوف حجاج حيال مثال
وما كانت في شرخ الشباب مباليا / بها فلماذا في المشيب أبالي
فيا ذكريات الأمس عودي وجددي / شبابي بسحر كالشباب مغالي
فإن عصا الأيام ترهق كاهلي / بتأديبها إيايَ قبل زوالي
يا أمل
يا أمل / يا أمل
يا هوى / من عمل
يا حلى / للبطل
يا قوى / في الجلل
يا دوا / للكلل
يا لظى / للكلل
يا على / من وصل
يا حمى / من فشل
يا شذا / يا قبل
يا سنى / للغزل
يا ندى / من نهل
يا فدى / كم قتل
يا جنى / كالعسل
يا ردى / للشلل
يا هدى / للرسل
إن تضع / فالملل
والمنى / والحيل
والورى / والدول
موتها / محتمل