المجموع : 18
إليك أزف في اليوم الجليل
إليك أزف في اليوم الجليل / تحيات الزميل إلى الزميل
تحيات يرف عليك منها / ندى الأسحار في ظل الخميل
سلاماً للإمام علي جئنا / إليه بالعشير وبالقبيل
نبايع منه فناً عبقرياً / وعقلاً في العقول بلا مثيل
تلفت يا عليُّ تجد وفاء / وما احتاج الوفاء إلى دليل
أقول لحاسب الستين مهلاً / وقعت على الحساب المستحيل
إذا أحصيت للأجسام عمراً / فكيف تعدُ أعمار العقول
ولو أن الألى أنقذت جاءوا / يؤدون القديم من الجميل
ولو أن الألى علمت جاءوا / يؤدون القليل من القليل
ولو منحوك عمرهم جميعا / وما هو بالكثير ولا الجزيل
إذن لرأيت عمرك عمر نجم / له في اللانهاية ألف جيل
بربك كم وصلت حياة قوم / وكم حاربت من داء وبيل
وكم أنقذت من أسر المنايا / وكم نضوٍ شفيت وكم عليل
إذا ما الموت أبدى ناجذيه / إذا انطفأت عيون في الذبول
إذا غامت محاجرها ظماءً / كما غامت نجومٌ في الأفول
فما هو غير أن أقبلت حتى / تبدل كل أمر مستحيل
كأنك لمع برق في الأعالي / يحيي مقدم الغيث الهطول
كأنك واحةٌ في القفر لاحت / رأتها أعين الركب الكليل
كأنك جنة في البيد تندى / بعذب الماء والظل الظليل
ولو أيامك العصماء جاءت / بكل أغر مزدانٍ حفيل
إذن لطلعن في الظلمات بيضا / من الغرر اللوامع والحجول
ولو أن المآثر ذات قول / لقلت تكلمي وصفي وقولي
أضفها فهي أعمار أضيفت / وما تدري لماضيك النبيل
تعال أذع لنا سر الفحول / ودع صمت الحيي أو الخجول
سلالة عبقرٍ وعشير جن / بعدتم في الحياة عن الشكول
فما للشيب من باب إليكم / ولا للضعف يوماً من سبيل
لقد جهل الألى حسبوك شيخاً / فلا تقبل حساباً من جهول
أعيذ صباك كيف يكون شيخاً / شعاع سلافة وسنا شمول
وما ظفروا بأثبت منك عوداً / ولا أقوى وأصلب في الحمول
ولا ظفروا بأصفى منك روحاً / كأن مزاجها من سلسبيل
أرى سحر الشباب عليك غضاً / وقاك الله أنفاس الأصيل
تعالى الله كم من معجزات / معلقة بإصبعك النحيل
محيل القسوة الكبرى حناناً / ورافعها إلى فن جميل
معارك من دمٍ أم ساح حرب / أسنتها منغمة الصليل
يسير المبضع الجبار فيها / بكفك سير مطواع ذليل
معارك كم كسبت بها حياة / وما لك في المواقع من قتيل
تقسمك الورى قوماً فقوماً / وما لك بالورى ضجر الملول
تقضّي في مسائك ألف أمرٍ / وتقطع في نهارك ألف ميل
وإما سرت عن حفل قصير / فعن وعد بمؤتمر طويل
وأنت أب لذا وأخ لهذا / ومنك لمن رجاك يدا خليل
نبيَّ الطب أدركنا إذا ما / تطلعت العيون إلى رسول
فكم في مصر أجسام مراض / بأرواح كأشباح الطلول
فيا أسفا إذا تركت فظلت / فرائس للدعيّ وللدخيل
عليَّ لقد ملكت عصاة موسى / فقم واضرب بها أفعى الخمول
أقول لأعين الطب الحيارى / وقعت من الفخار على سليل
أبا حسن سلمت على الليالي / وعش متعت بالعمر الطويل
وزيري الطيب الحر الجليلا
وزيري الطيب الحر الجليلا / تقبله هوى حرا نبيلا
يقيم على الحوادث لا يبالي / ويأبى في العوادي أن يميلا
ولا يدري الزمان له اختلافا / ولا يدري الرياء له سبيلا
على الأدب الرفيع ووارديه / بسطت الخير والظل الظليلا
وما للقائلين عليك فضل / فقد جئنا نرد لك الجميلا
قطفت لك القوافي طوق شعري / فعذراً أن قطفت لك القليلا
وددت بأن أطيل لك القوافي / فيمنعني حياؤك أن أطيلا
وزيري الطيب الحر الجليلا / وقفت عن الرفاق هنا رسولا
أعيد لك الذي يطوي فؤادي / وفخراً أن أعيد وأن أقولا
أقول لجاهلٍ معنى المعالي / إلامَ يظل جاهلكم جهولا
دسوقي لا الوزارة قربتنا / ولا قامت على صلة دليلا
عشقنا فيك أخلاقاً وفضلاً / تقبله هوى حرا نبيلا
تعالَ سل القبيلة والجمالا
تعالَ سل القبيلة والجمالا / لأية غاية شدوا الرحالا
وكيف تبدلوا أرضاً بأرض / وكيف تغيروا حالا وحالا
تطلعت العيون لعل ماء / يتاح على الهواجر أو ظلالا
ومدّ الشيخ في الصحراء لحظاً / كلحظ الصقر في الآفاق جالا
كأن بنيه سقما أو هزالا / خيال جر هيكله خيالا
أقافلة الحياة أريتنيها / فلم تر مثلها عيني مثالا
أجل هي نحن في الدنيا حيارى / وما ندري لقافلة مآلا
رأيت حياتنا كم من غريب / على جنبيه بالإِعياء مالا
وكم من سائل لم يلق ردا / وقد سأل الهواجر والرمالا
فإن تجب القفار عليه يوماً / تردُّ له سوافيها السؤالا
أقافلة الحياة أريتنيها / خيالا أو ضلالا أو محالا
مرت حياتي دون أمنيَة
مرت حياتي دون أمنيَة / وتقلَّبت مَللا على ملل
حتى لقيتك ذات أمسية / فعرفت فيك مطالع الأمل
طافت بي الأيام واحدة / لم تلقني فرحاً ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة / وقد استوت ضيقاً ومتّسعا
والعمر سارَ كأنه العدم / سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ / من أي كاس كنت ساقيتي
ما هذه الدنيا التي اقتربت / فيها المنى والظلّ والثمر
تجتاز وامضة فمذ وثبت / وثب الهوى وتمهّل القدر
قدماك ما انتقلا على درج / حاشاك بل خطرا على ثبج
كسفينة خفّت على اللجج / نَشوى بما حملت من الفرَج
في مظلم متعرج كابِ / والليل تغزوني جحافله
دقّت يد النعمى على بابي / والعيش خابى النجم آفله
يا للمقادير الجسام ولي / من ظلمها صرخات مجنون
باكي الفؤاد مشرّد الأمل / وقف الزمان وبابه دوني
مزّقتِ ظلمة كل ديجور / وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنور / ما كنت إلا ساحراً وعصا
ماء ضربت الصخر فانبجسا / وجرى الغداة زلاله العذب
أيقول دهري إن ما يبسا / هيهات يرجع عوده الرطب
صيّرت دعواه لتفنيدِ / وحطمته وهزمت حجّته
وأعدت ما قد جفّ من عودي / مخضوضراً وأقمت صعدته
يا من رأت طللاً كتمثالِ / يستعرض العمر الذي مرَّا
وكأنه في رسمه البالي / ندم الأسيف ودمعة حرَّى
ورد ذوى أو طائر صمتا / العمر مثل الظلّ منتقل
الناس لا يدرون من ومتى / والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت / أو صوّحت أفنانها الخُضُل
نزل الربيع بها فنضّرها / وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاء لها فغيّرها / وأحالها لفظاً بلا معنى
هذا حديث يشبه السِّحرا / هيهات أفرغ من روايته
شفق المغيب جعلته فجرا / وبدأت عمري من نهايته
إني لطيرٌ حائر باكِ / قد كانت الأحزان فلسفتي
ذابت حناناً يوم لقياك / وجرت أغاريداً على شفتي
يا من طويت عليه جارحتي / وسألت عنه الأنجم الزّهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي / أستلهم الكثبان والقفرا
والماء أنهَل حيثما كانا / والبرق أتبَع حيثما لمعا
فأرى صفاء الود غيمانا / والمطلق المجهول ممتنعا
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال / ورحَّبت بي وارفاتُ الظلال
بذلت أقصى ما يكون القِرَى / وما تمنَّى طامعٌ من منال
بسطتَ كالآباد عمر المنى / لطامعٍ في لحظاتٍ قِلال
بنيتُ محرابيَ لم أتَّخِذ / ديناً سوى حبّك في كل حال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن عيني قِناعَ الخيال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن قلبي سرابَ الضلال
فهذه الصحراءُ عريانةٌ / ممتدّةٌ خانقةٌ كالملال
خليعةُ الطبعِ على كُثبِها / عَربَدةُ الريح وكُفرُ الرمال
هيهات للقلب صَلاةٌ بها / ولا عليها معبدٌ وابتهال
خلعتُ إيماني على شكِّها / وبدَّدته السارياتُ الثِّقال
نادتنيَ الصحراءُ وهي التي / آدَت جحيمي في السنين الطّوال
تُريد سرّي إن سرِّي هنا / في مُغلَقٍ أسرارهُ لا تنال
قالت بهذا الصمتِ ما لم يقل / وقلتُ بالزفراتِ ما لا يُقال
ثلاث سنين أم ثلاث ليال
ثلاث سنين أم ثلاث ليال / هي البرق أم مرَّت كلمح خيال
وما كان هذا العمرُ إلا صحائفاً / تلاشت ظلالاً رُحن إثر ظلال
وما كان إلا أمس لقياك إنه / لأثبت ما خطّ الزمانُ ببالي
وما العمر إلا أنت والحب والمنى / وما كان باقي العمر غيرَ ضلال
همٌّ أناخ فما انجلى
همٌّ أناخ فما انجلى / وخلا مكانُك لا خلا
ليل الحياة وكان لي / لِي في الهواجس أطولا
كم لحظةٍ في الصدر نا / شبة كجزّاز الكلا
كالرمس فارغةٍ وإن / حفلت بإيحاشِ البِلى
في إِثر أخرى لم تكن / إلا كجرداء الفلا
بَرَّحنَ بي من وحشةٍ / وقتلتُهن تململا
وجُنِنَّ من قلقي عَلي / ك وكيف لي أن أعقلا
قد رِشنَ لي سهماً يُحا / ول من يقيني مقتلا
فتعرَّض الماضي الجمي / لُ بوجهه متهلِّلا
فلوى عناني فالتفت / تُ فلم أجد لي مَوئِلا
إلا دروعَ اليأس إن / نَ اليأسَ أيسر محمِلا
يقتادني فأردُّه / عن خاطري وأقول لا
يا هند إن يك قلبُك ال / وافي تغيَّرَ أو سلا
وحصدت آمالي فإن / نَ الموتَ أرحمُ منجلا
هكذا كلُّ جميله
هكذا كلُّ جميله / ليس لي في الغدر حيله
أنجُ منها وامضِ عنها / أخذت قلبك غيله
بعد هاتيك الليالي / المطمئِنَّات الظليله
بخلت ليلاك حتى / بالتعلاتِ القليله
لم تَدَع للقلب من طو / ل التباريح وسيله
لم تدع للقلب ما يش / في من الوجد غليله
لم تدع إلا رفيفاً / من نسيمٍ في خميله
وخيالاتٍ يُداوي / طيفُها نفسي العليله
والرسالاتِ اللواتي / والأكاذيبَ النّبيله
أناشدك الهوى هل أنت مثلي
أناشدك الهوى هل أنت مثلي / نهاري فيك أشجانٌ وليلي
زمانٌ لا يفارقني عذابي / ولازمني الشقاء به كظلّي
كأن اللَّيل أصبح لي مِداداً / أُسَطِّر منه آلامي ويُملي
حياتي فيه قفرٌ بعد قفرٍ / وعمري فيه كالأبد المُمِلِّ
أبعد جوار هندٍ والأماني / أُكابد جيرة النجم المُطِلّ
أحبك لأ أَمَلُّ لقاك يوماً / ومن لي بالذي يُدنيك من لي
أحبك لست أدري سرَّ حبي / وعلمي فيه أشقاني كجهلي
أقول لعلّ هذا الدهرَ يصفو / ويا أسفاه لو تُغنِي لعلّي
أحاول سلوةً وأرى الليالي / بغير هواك لي هيهات تُسلي
ملكي ومحرابي وقد
ملكي ومحرابي وقد / س فؤادي المتبتل
لمن الجمال الفخم ير / فُل في الغلائل والحُلي
متألقاً في خاطري / متألقاً في المحفل
أقبل بما ولَّت به الد / دنيا وهاتِ وعلل
وابسط جناحك فوق قل / بينا الغداةَ وظلل
طِر حيث شئت فإن دنو / ت لناظري فتمهَّل
واهاً لهذي الطلعة الس / سَمراء عند المجتلي
بغلائل الأضواء وش / شَتها رِقاقُ الأَنمل
وشَّت بشاشتها نضا / رةُ وجهك المتهلّل
فكأن طفل الفجر نا / م على وسادة جدول
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا / ومَنِ الخيالُ موسِّداً محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه / وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع / دقاتُه شكاً ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد / مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكياً / وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطباً / وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع / متخيَّلاً عذباً ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر / عند المحاجر مدمعاً مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله / يشفي أواماً أواماً أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره / لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة / جمعت خليلاً هاجراً وخليلاً
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش / من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري / ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما / حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت / ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ / إلا ضنى متتابعاً ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في / فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا / لم يُبق لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة / مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي / فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى / بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى / فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن / ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ / شبّت وظل دفينها مجهولا
يا رسمَ من أعطى الهوى
يا رسمَ من أعطى الهوى / مفتاحَ قلبي المقفلِ
في حبه فنيَ الصبا / وشباب أيامي بلي
يا ويح ما ضيعت في / هِ من قليل مخجلِ
ماضيَّ ضاع ولو قدر / ت لجدت بالمستقبلِ
يا رسم كم من ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
حتى رجعتُ مخادعاً / ومَضيتُ جد مضلّلِ
أرنُو لدمعي بادياً / في وجهك المتهللِ
فإخال عينك هَزّها / شَكوى الغريب المهملِ
فَبَكَت وتلك دموعها / هَذِي تَسيل وذِي تَلي
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى / وإليه كنتُ محلقاً بخيالي
يا من جروا في البال ما برحوا به / أترى جرينا عندكم في البال
عهد مضى بين الهواجس والمنى / والنفس بين تعجب وسؤال
حتى رجعت كأنما رجع الصبا / لي بالأزاهر والربيع الحالي
فإذا بقلبي فرحتان فهذه / بلقاك أنت وفرحة بجلال
يا قرة العينين يا تملي
يا قرة العينين يا تملي / يا واسع التدبير والحيلِ
يا خالع الضرسين في سنة / ومعقم الآلات في الحلل
يا نفس إن راح الخليل وعنده
يا نفس إن راح الخليل وعنده / ورد الخليل فعجّلي برحيلي
حملوا على الأعواد فنَّا خالداً / وارحمتاه لكوكب محمول
هو مصرع للعبقرية روّعت / في عرشها والتاج والإكليل
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي / بيَ أمواجك الغضاب وتعلو
راعني حولُك الرهيب فخارت / عزماتي ولم يعد ليَ حول
وترنحتُ بين جنبيك تلهو / بي فتطغَى آناً وتهدأ آنا
كانت القطرة الضئيلة من لُج / جِك أمضى مني وأخطر شانا
وأنا اليوم أجتليك من الشاطئ / تُزجي الأمواج مثل الجبال
فإذا بي أثور مثلك يا بح / ر وتنزو الأمواج في أوصالي
هو روحي الذي يحاكيك في البأ / س ولكن يؤوده عبء جسمي
فإذا ما اجتلاك والجسم غفلا / نُ توخّاك في مضاء وعزم
هو روحي الذي يحاكيك يا بح / ر ويخشى قلبي الجزوع أذاكا
ضعضع الجسم عزم روحي المُعَنَّى / يا أخا الروح بُث فيه قواكا
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ / دعني لحسنِكَ أجتلي
بنواظرٍ مقروحةٍ / بالنوم لم تتكحَّلِ
دعها تعبُّ سناكَ فه / يَ شقيةٌ لم تنهلِ
بالصبر بالآلامِ هل / حملتكَ إلا أنملي
إني أغارُ من الظلا / مِ وأنتما في معزلِ
وأقول كُن بينَ الضلو / عِ وفي الجوانح فانزلِ
فهناكَ قلبٌ لم يخن / عهداً ولم يتبدلِ
يلقَى ضياءَك بالسجو / دِ كعابدٍ في هيكلِ
يا رسمُ من أعطَى الهوى / مفتاح قلبي المقفلِ
في حبه فَنِيَ الصبا / وشبابُ أيامي جَلِي
يا ويحَ ما ضيَّعتُ في / هِ من قليلٍ مخجلِ
ماضيَّ ضاعَ ولو قدر / تُ لجدتُ بالمستقبلِ
يا رسمُ كم مِن ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
قل هل تركتُك مرةً / بالدمعِ غير مبلّلِ
حتى رجعتَ مخادِعاًَ / ومضيتَ جدَّ مضلَّلِ
أرنو لدمعي بادياً / في وجهِكَ المتهللِ
فأخال عينَكَ هزَّها / شكوى الغريبِ المهمَلِ
فبكت وتلكَ دموعها / هذي تسيلُ وذي تلي
يا رسم كم معنى / حملتَ لناظرِ المتأملِ
تلك الشفاهُ الحانيا / تُ على أرَقِّ مقبّلِ
عمَّ ابتسمنَ إِذ انفرج / نَ أعَن عتابٍ مرسلِ
أم عن قساوةِ هاجرٍ / في الناعِمينَ مدلّلِ
تلك العيونُ الراميا / تُ سهامَهُنَّ بمقتلي
كم هِجنَ أشجانَ الشجي / يِ ونلنَ من قلبِ الخلي
بين الضنى والملالِ
بين الضنى والملالِ / طالت عليَّ الليالي
وغربةُ الروحِ طالت / في الأسر والأغلالِ
ولهفةُ القلب طالت / رَهنَ القيودِ الثقالِ
يا أيها القلبُ أقصر / وكُفَّ عن تسآلي
فيم الجدالُ وسرُّ ال / حياةِ فوق الجدالِ
عبء حملنَا وناءت / كواهلٌ من كلالِ
من يحمل العبءَ يصبر / له على كلِّ حالِ
إِن لم تُطِقه فدعه / أو قم به كالرجالِ
أكل يومٍ بكاءٌ / على رجاءٍ محالِ
وكل يومٍ حنينٌ / إلى بعيدِ المنالِ
وكل يومٍ نزوعٌ / إلى قصيٍّ غالِ
وكل يومٍ هيامٌ / بكلِّ معنىً عالِ
بين الكواكبِ حيناً / وفي سماءِ الخيالِ
تعلو وتصفو وباقي / القلوب في الأوحالِ
وفي السحائبِ تشدو / كالطائرِ الجوالِ
فليتَ أنّا ضَمَّنا ال / خلودَ في الأجيالِ
وليتَ أنّا أصبنا / سعادةَ الجُهَّالِ
وليتَ أنّا عرفنا / يوماً هدوءَ البالِ
لكن رجعنا وظلُّ / الشبابِ في اضمحلالِ
مشكاته بين عصف الن / نكباءِ والأهوالِ
زيته في نضوبٍ / ونارهُ في اعتلالِ
فما عنادُ الأماني / وما صراعُ الذبالِ
تكشفت بعدَ لأيٍ / خوادعُ الآمالِ
عن مقفرٍ ليس فيه / غيرُ التماعِ الآلَ
يا قلبِيَ الباكي اغنم / من قبلِ شدِّ الرحالِ
ليسَ الصِّبا بمعادٍ / ولا العهودُ الخوالي
وآخرُ العمر يوماً / جوف الثرى المنهالِ
سيلتقي القبحُ فيه / بدميةٍ من جمالِ
وعاجزُ الرأيِ و / بمستتم الكمالِ
يا قلبيَ الباكي اضحك / ضِحك الطروبِ السالي
أمَا تصباكَ يوماً / حسنُ الربيعِ الحالي
ورحلةُ العمر بي / نَ البكور والآصالِ
وصدحةُ الطيرِ تهفو / للجدولِ المختالِ
أين الحبيبُ المفدَّى / بين الصّبا والدلالِ
في فتنةٍ لا تبالي / ومبسمٍ قَتَّالِ
يا جنتي وعذابي / وطلبتي وسؤالي
أما سمعتِ نداءَ ال / قلبِ الجريحِ تعالي