القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 18
إليك أزف في اليوم الجليل
إليك أزف في اليوم الجليل / تحيات الزميل إلى الزميل
تحيات يرف عليك منها / ندى الأسحار في ظل الخميل
سلاماً للإمام علي جئنا / إليه بالعشير وبالقبيل
نبايع منه فناً عبقرياً / وعقلاً في العقول بلا مثيل
تلفت يا عليُّ تجد وفاء / وما احتاج الوفاء إلى دليل
أقول لحاسب الستين مهلاً / وقعت على الحساب المستحيل
إذا أحصيت للأجسام عمراً / فكيف تعدُ أعمار العقول
ولو أن الألى أنقذت جاءوا / يؤدون القديم من الجميل
ولو أن الألى علمت جاءوا / يؤدون القليل من القليل
ولو منحوك عمرهم جميعا / وما هو بالكثير ولا الجزيل
إذن لرأيت عمرك عمر نجم / له في اللانهاية ألف جيل
بربك كم وصلت حياة قوم / وكم حاربت من داء وبيل
وكم أنقذت من أسر المنايا / وكم نضوٍ شفيت وكم عليل
إذا ما الموت أبدى ناجذيه / إذا انطفأت عيون في الذبول
إذا غامت محاجرها ظماءً / كما غامت نجومٌ في الأفول
فما هو غير أن أقبلت حتى / تبدل كل أمر مستحيل
كأنك لمع برق في الأعالي / يحيي مقدم الغيث الهطول
كأنك واحةٌ في القفر لاحت / رأتها أعين الركب الكليل
كأنك جنة في البيد تندى / بعذب الماء والظل الظليل
ولو أيامك العصماء جاءت / بكل أغر مزدانٍ حفيل
إذن لطلعن في الظلمات بيضا / من الغرر اللوامع والحجول
ولو أن المآثر ذات قول / لقلت تكلمي وصفي وقولي
أضفها فهي أعمار أضيفت / وما تدري لماضيك النبيل
تعال أذع لنا سر الفحول / ودع صمت الحيي أو الخجول
سلالة عبقرٍ وعشير جن / بعدتم في الحياة عن الشكول
فما للشيب من باب إليكم / ولا للضعف يوماً من سبيل
لقد جهل الألى حسبوك شيخاً / فلا تقبل حساباً من جهول
أعيذ صباك كيف يكون شيخاً / شعاع سلافة وسنا شمول
وما ظفروا بأثبت منك عوداً / ولا أقوى وأصلب في الحمول
ولا ظفروا بأصفى منك روحاً / كأن مزاجها من سلسبيل
أرى سحر الشباب عليك غضاً / وقاك الله أنفاس الأصيل
تعالى الله كم من معجزات / معلقة بإصبعك النحيل
محيل القسوة الكبرى حناناً / ورافعها إلى فن جميل
معارك من دمٍ أم ساح حرب / أسنتها منغمة الصليل
يسير المبضع الجبار فيها / بكفك سير مطواع ذليل
معارك كم كسبت بها حياة / وما لك في المواقع من قتيل
تقسمك الورى قوماً فقوماً / وما لك بالورى ضجر الملول
تقضّي في مسائك ألف أمرٍ / وتقطع في نهارك ألف ميل
وإما سرت عن حفل قصير / فعن وعد بمؤتمر طويل
وأنت أب لذا وأخ لهذا / ومنك لمن رجاك يدا خليل
نبيَّ الطب أدركنا إذا ما / تطلعت العيون إلى رسول
فكم في مصر أجسام مراض / بأرواح كأشباح الطلول
فيا أسفا إذا تركت فظلت / فرائس للدعيّ وللدخيل
عليَّ لقد ملكت عصاة موسى / فقم واضرب بها أفعى الخمول
أقول لأعين الطب الحيارى / وقعت من الفخار على سليل
أبا حسن سلمت على الليالي / وعش متعت بالعمر الطويل
وزيري الطيب الحر الجليلا
وزيري الطيب الحر الجليلا / تقبله هوى حرا نبيلا
يقيم على الحوادث لا يبالي / ويأبى في العوادي أن يميلا
ولا يدري الزمان له اختلافا / ولا يدري الرياء له سبيلا
على الأدب الرفيع ووارديه / بسطت الخير والظل الظليلا
وما للقائلين عليك فضل / فقد جئنا نرد لك الجميلا
قطفت لك القوافي طوق شعري / فعذراً أن قطفت لك القليلا
وددت بأن أطيل لك القوافي / فيمنعني حياؤك أن أطيلا
وزيري الطيب الحر الجليلا / وقفت عن الرفاق هنا رسولا
أعيد لك الذي يطوي فؤادي / وفخراً أن أعيد وأن أقولا
أقول لجاهلٍ معنى المعالي / إلامَ يظل جاهلكم جهولا
دسوقي لا الوزارة قربتنا / ولا قامت على صلة دليلا
عشقنا فيك أخلاقاً وفضلاً / تقبله هوى حرا نبيلا
تعالَ سل القبيلة والجمالا
تعالَ سل القبيلة والجمالا / لأية غاية شدوا الرحالا
وكيف تبدلوا أرضاً بأرض / وكيف تغيروا حالا وحالا
تطلعت العيون لعل ماء / يتاح على الهواجر أو ظلالا
ومدّ الشيخ في الصحراء لحظاً / كلحظ الصقر في الآفاق جالا
كأن بنيه سقما أو هزالا / خيال جر هيكله خيالا
أقافلة الحياة أريتنيها / فلم تر مثلها عيني مثالا
أجل هي نحن في الدنيا حيارى / وما ندري لقافلة مآلا
رأيت حياتنا كم من غريب / على جنبيه بالإِعياء مالا
وكم من سائل لم يلق ردا / وقد سأل الهواجر والرمالا
فإن تجب القفار عليه يوماً / تردُّ له سوافيها السؤالا
أقافلة الحياة أريتنيها / خيالا أو ضلالا أو محالا
مرت حياتي دون أمنيَة
مرت حياتي دون أمنيَة / وتقلَّبت مَللا على ملل
حتى لقيتك ذات أمسية / فعرفت فيك مطالع الأمل
طافت بي الأيام واحدة / لم تلقني فرحاً ولا جزعا
وتمرّ فارغة وحاشدة / وقد استوت ضيقاً ومتّسعا
والعمر سارَ كأنه العدم / سقمي به عندي كعافيتي
فأذقتني ما لم يذقه فمٌ / من أي كاس كنت ساقيتي
ما هذه الدنيا التي اقتربت / فيها المنى والظلّ والثمر
تجتاز وامضة فمذ وثبت / وثب الهوى وتمهّل القدر
قدماك ما انتقلا على درج / حاشاك بل خطرا على ثبج
كسفينة خفّت على اللجج / نَشوى بما حملت من الفرَج
في مظلم متعرج كابِ / والليل تغزوني جحافله
دقّت يد النعمى على بابي / والعيش خابى النجم آفله
يا للمقادير الجسام ولي / من ظلمها صرخات مجنون
باكي الفؤاد مشرّد الأمل / وقف الزمان وبابه دوني
مزّقتِ ظلمة كل ديجور / وألنت ما قد كان منه عصَى
وفتحتِ مصراعيه للنور / ما كنت إلا ساحراً وعصا
ماء ضربت الصخر فانبجسا / وجرى الغداة زلاله العذب
أيقول دهري إن ما يبسا / هيهات يرجع عوده الرطب
صيّرت دعواه لتفنيدِ / وحطمته وهزمت حجّته
وأعدت ما قد جفّ من عودي / مخضوضراً وأقمت صعدته
يا من رأت طللاً كتمثالِ / يستعرض العمر الذي مرَّا
وكأنه في رسمه البالي / ندم الأسيف ودمعة حرَّى
ورد ذوى أو طائر صمتا / العمر مثل الظلّ منتقل
الناس لا يدرون من ومتى / والناس إن علموا فقد جهلوا
ما خطبهم في روضة حالت / أو صوّحت أفنانها الخُضُل
نزل الربيع بها فنضّرها / وأحالها بشبابه لحنا
ومشى الشتاء لها فغيّرها / وأحالها لفظاً بلا معنى
هذا حديث يشبه السِّحرا / هيهات أفرغ من روايته
شفق المغيب جعلته فجرا / وبدأت عمري من نهايته
إني لطيرٌ حائر باكِ / قد كانت الأحزان فلسفتي
ذابت حناناً يوم لقياك / وجرت أغاريداً على شفتي
يا من طويت عليه جارحتي / وسألت عنه الأنجم الزّهرا
وضربت في الصحراء أجنحتي / أستلهم الكثبان والقفرا
والماء أنهَل حيثما كانا / والبرق أتبَع حيثما لمعا
فأرى صفاء الود غيمانا / والمطلق المجهول ممتنعا
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال
يا من بِواديه حَطَطتُ الرحال / ورحَّبت بي وارفاتُ الظلال
بذلت أقصى ما يكون القِرَى / وما تمنَّى طامعٌ من منال
بسطتَ كالآباد عمر المنى / لطامعٍ في لحظاتٍ قِلال
بنيتُ محرابيَ لم أتَّخِذ / ديناً سوى حبّك في كل حال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن عيني قِناعَ الخيال
أمهل فؤادي ساعةً ريثما / أخلعُ عن قلبي سرابَ الضلال
فهذه الصحراءُ عريانةٌ / ممتدّةٌ خانقةٌ كالملال
خليعةُ الطبعِ على كُثبِها / عَربَدةُ الريح وكُفرُ الرمال
هيهات للقلب صَلاةٌ بها / ولا عليها معبدٌ وابتهال
خلعتُ إيماني على شكِّها / وبدَّدته السارياتُ الثِّقال
نادتنيَ الصحراءُ وهي التي / آدَت جحيمي في السنين الطّوال
تُريد سرّي إن سرِّي هنا / في مُغلَقٍ أسرارهُ لا تنال
قالت بهذا الصمتِ ما لم يقل / وقلتُ بالزفراتِ ما لا يُقال
ثلاث سنين أم ثلاث ليال
ثلاث سنين أم ثلاث ليال / هي البرق أم مرَّت كلمح خيال
وما كان هذا العمرُ إلا صحائفاً / تلاشت ظلالاً رُحن إثر ظلال
وما كان إلا أمس لقياك إنه / لأثبت ما خطّ الزمانُ ببالي
وما العمر إلا أنت والحب والمنى / وما كان باقي العمر غيرَ ضلال
همٌّ أناخ فما انجلى
همٌّ أناخ فما انجلى / وخلا مكانُك لا خلا
ليل الحياة وكان لي / لِي في الهواجس أطولا
كم لحظةٍ في الصدر نا / شبة كجزّاز الكلا
كالرمس فارغةٍ وإن / حفلت بإيحاشِ البِلى
في إِثر أخرى لم تكن / إلا كجرداء الفلا
بَرَّحنَ بي من وحشةٍ / وقتلتُهن تململا
وجُنِنَّ من قلقي عَلي / ك وكيف لي أن أعقلا
قد رِشنَ لي سهماً يُحا / ول من يقيني مقتلا
فتعرَّض الماضي الجمي / لُ بوجهه متهلِّلا
فلوى عناني فالتفت / تُ فلم أجد لي مَوئِلا
إلا دروعَ اليأس إن / نَ اليأسَ أيسر محمِلا
يقتادني فأردُّه / عن خاطري وأقول لا
يا هند إن يك قلبُك ال / وافي تغيَّرَ أو سلا
وحصدت آمالي فإن / نَ الموتَ أرحمُ منجلا
هكذا كلُّ جميله
هكذا كلُّ جميله / ليس لي في الغدر حيله
أنجُ منها وامضِ عنها / أخذت قلبك غيله
بعد هاتيك الليالي / المطمئِنَّات الظليله
بخلت ليلاك حتى / بالتعلاتِ القليله
لم تَدَع للقلب من طو / ل التباريح وسيله
لم تدع للقلب ما يش / في من الوجد غليله
لم تدع إلا رفيفاً / من نسيمٍ في خميله
وخيالاتٍ يُداوي / طيفُها نفسي العليله
والرسالاتِ اللواتي / والأكاذيبَ النّبيله
أناشدك الهوى هل أنت مثلي
أناشدك الهوى هل أنت مثلي / نهاري فيك أشجانٌ وليلي
زمانٌ لا يفارقني عذابي / ولازمني الشقاء به كظلّي
كأن اللَّيل أصبح لي مِداداً / أُسَطِّر منه آلامي ويُملي
حياتي فيه قفرٌ بعد قفرٍ / وعمري فيه كالأبد المُمِلِّ
أبعد جوار هندٍ والأماني / أُكابد جيرة النجم المُطِلّ
أحبك لأ أَمَلُّ لقاك يوماً / ومن لي بالذي يُدنيك من لي
أحبك لست أدري سرَّ حبي / وعلمي فيه أشقاني كجهلي
أقول لعلّ هذا الدهرَ يصفو / ويا أسفاه لو تُغنِي لعلّي
أحاول سلوةً وأرى الليالي / بغير هواك لي هيهات تُسلي
ملكي ومحرابي وقد
ملكي ومحرابي وقد / س فؤادي المتبتل
لمن الجمال الفخم ير / فُل في الغلائل والحُلي
متألقاً في خاطري / متألقاً في المحفل
أقبل بما ولَّت به الد / دنيا وهاتِ وعلل
وابسط جناحك فوق قل / بينا الغداةَ وظلل
طِر حيث شئت فإن دنو / ت لناظري فتمهَّل
واهاً لهذي الطلعة الس / سَمراء عند المجتلي
بغلائل الأضواء وش / شَتها رِقاقُ الأَنمل
وشَّت بشاشتها نضا / رةُ وجهك المتهلّل
فكأن طفل الفجر نا / م على وسادة جدول
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا / ومَنِ الخيالُ موسِّداً محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه / وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع / دقاتُه شكاً ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد / مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكياً / وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطباً / وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع / متخيَّلاً عذباً ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر / عند المحاجر مدمعاً مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله / يشفي أواماً أواماً أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره / لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة / جمعت خليلاً هاجراً وخليلاً
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش / من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري / ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما / حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت / ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ / إلا ضنى متتابعاً ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في / فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا / لم يُبق لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة / مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي / فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى / بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى / فأذاقنيه محطماً ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن / ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ / شبّت وظل دفينها مجهولا
يا رسمَ من أعطى الهوى
يا رسمَ من أعطى الهوى / مفتاحَ قلبي المقفلِ
في حبه فنيَ الصبا / وشباب أيامي بلي
يا ويح ما ضيعت في / هِ من قليل مخجلِ
ماضيَّ ضاع ولو قدر / ت لجدت بالمستقبلِ
يا رسم كم من ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
حتى رجعتُ مخادعاً / ومَضيتُ جد مضلّلِ
أرنُو لدمعي بادياً / في وجهك المتهللِ
فإخال عينك هَزّها / شَكوى الغريب المهملِ
فَبَكَت وتلك دموعها / هَذِي تَسيل وذِي تَلي
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى
قد زُرتُ أيكك بعد أن طال النوى / وإليه كنتُ محلقاً بخيالي
يا من جروا في البال ما برحوا به / أترى جرينا عندكم في البال
عهد مضى بين الهواجس والمنى / والنفس بين تعجب وسؤال
حتى رجعت كأنما رجع الصبا / لي بالأزاهر والربيع الحالي
فإذا بقلبي فرحتان فهذه / بلقاك أنت وفرحة بجلال
يا قرة العينين يا تملي
يا قرة العينين يا تملي / يا واسع التدبير والحيلِ
يا خالع الضرسين في سنة / ومعقم الآلات في الحلل
يا نفس إن راح الخليل وعنده
يا نفس إن راح الخليل وعنده / ورد الخليل فعجّلي برحيلي
حملوا على الأعواد فنَّا خالداً / وارحمتاه لكوكب محمول
هو مصرع للعبقرية روّعت / في عرشها والتاج والإكليل
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي
يوم أبحرتُ فوق متنك تهوي / بيَ أمواجك الغضاب وتعلو
راعني حولُك الرهيب فخارت / عزماتي ولم يعد ليَ حول
وترنحتُ بين جنبيك تلهو / بي فتطغَى آناً وتهدأ آنا
كانت القطرة الضئيلة من لُج / جِك أمضى مني وأخطر شانا
وأنا اليوم أجتليك من الشاطئ / تُزجي الأمواج مثل الجبال
فإذا بي أثور مثلك يا بح / ر وتنزو الأمواج في أوصالي
هو روحي الذي يحاكيك في البأ / س ولكن يؤوده عبء جسمي
فإذا ما اجتلاك والجسم غفلا / نُ توخّاك في مضاء وعزم
هو روحي الذي يحاكيك يا بح / ر ويخشى قلبي الجزوع أذاكا
ضعضع الجسم عزم روحي المُعَنَّى / يا أخا الروح بُث فيه قواكا
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ
رَسمَ الحبيبِ الأوَّلِ / دعني لحسنِكَ أجتلي
بنواظرٍ مقروحةٍ / بالنوم لم تتكحَّلِ
دعها تعبُّ سناكَ فه / يَ شقيةٌ لم تنهلِ
بالصبر بالآلامِ هل / حملتكَ إلا أنملي
إني أغارُ من الظلا / مِ وأنتما في معزلِ
وأقول كُن بينَ الضلو / عِ وفي الجوانح فانزلِ
فهناكَ قلبٌ لم يخن / عهداً ولم يتبدلِ
يلقَى ضياءَك بالسجو / دِ كعابدٍ في هيكلِ
يا رسمُ من أعطَى الهوى / مفتاح قلبي المقفلِ
في حبه فَنِيَ الصبا / وشبابُ أيامي جَلِي
يا ويحَ ما ضيَّعتُ في / هِ من قليلٍ مخجلِ
ماضيَّ ضاعَ ولو قدر / تُ لجدتُ بالمستقبلِ
يا رسمُ كم مِن ليلةٍ / أبكي وأستبكيك لي
قل هل تركتُك مرةً / بالدمعِ غير مبلّلِ
حتى رجعتَ مخادِعاًَ / ومضيتَ جدَّ مضلَّلِ
أرنو لدمعي بادياً / في وجهِكَ المتهللِ
فأخال عينَكَ هزَّها / شكوى الغريبِ المهمَلِ
فبكت وتلكَ دموعها / هذي تسيلُ وذي تلي
يا رسم كم معنى / حملتَ لناظرِ المتأملِ
تلك الشفاهُ الحانيا / تُ على أرَقِّ مقبّلِ
عمَّ ابتسمنَ إِذ انفرج / نَ أعَن عتابٍ مرسلِ
أم عن قساوةِ هاجرٍ / في الناعِمينَ مدلّلِ
تلك العيونُ الراميا / تُ سهامَهُنَّ بمقتلي
كم هِجنَ أشجانَ الشجي / يِ ونلنَ من قلبِ الخلي
بين الضنى والملالِ
بين الضنى والملالِ / طالت عليَّ الليالي
وغربةُ الروحِ طالت / في الأسر والأغلالِ
ولهفةُ القلب طالت / رَهنَ القيودِ الثقالِ
يا أيها القلبُ أقصر / وكُفَّ عن تسآلي
فيم الجدالُ وسرُّ ال / حياةِ فوق الجدالِ
عبء حملنَا وناءت / كواهلٌ من كلالِ
من يحمل العبءَ يصبر / له على كلِّ حالِ
إِن لم تُطِقه فدعه / أو قم به كالرجالِ
أكل يومٍ بكاءٌ / على رجاءٍ محالِ
وكل يومٍ حنينٌ / إلى بعيدِ المنالِ
وكل يومٍ نزوعٌ / إلى قصيٍّ غالِ
وكل يومٍ هيامٌ / بكلِّ معنىً عالِ
بين الكواكبِ حيناً / وفي سماءِ الخيالِ
تعلو وتصفو وباقي / القلوب في الأوحالِ
وفي السحائبِ تشدو / كالطائرِ الجوالِ
فليتَ أنّا ضَمَّنا ال / خلودَ في الأجيالِ
وليتَ أنّا أصبنا / سعادةَ الجُهَّالِ
وليتَ أنّا عرفنا / يوماً هدوءَ البالِ
لكن رجعنا وظلُّ / الشبابِ في اضمحلالِ
مشكاته بين عصف الن / نكباءِ والأهوالِ
زيته في نضوبٍ / ونارهُ في اعتلالِ
فما عنادُ الأماني / وما صراعُ الذبالِ
تكشفت بعدَ لأيٍ / خوادعُ الآمالِ
عن مقفرٍ ليس فيه / غيرُ التماعِ الآلَ
يا قلبِيَ الباكي اغنم / من قبلِ شدِّ الرحالِ
ليسَ الصِّبا بمعادٍ / ولا العهودُ الخوالي
وآخرُ العمر يوماً / جوف الثرى المنهالِ
سيلتقي القبحُ فيه / بدميةٍ من جمالِ
وعاجزُ الرأيِ و / بمستتم الكمالِ
يا قلبيَ الباكي اضحك / ضِحك الطروبِ السالي
أمَا تصباكَ يوماً / حسنُ الربيعِ الحالي
ورحلةُ العمر بي / نَ البكور والآصالِ
وصدحةُ الطيرِ تهفو / للجدولِ المختالِ
أين الحبيبُ المفدَّى / بين الصّبا والدلالِ
في فتنةٍ لا تبالي / ومبسمٍ قَتَّالِ
يا جنتي وعذابي / وطلبتي وسؤالي
أما سمعتِ نداءَ ال / قلبِ الجريحِ تعالي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025