ألا ما لعينِكَ معتَلَّه
ألا ما لعينِكَ معتَلَّه / وما لدموعك منهَلّه
وكيف بجرجان صبر امرىءٍ / وحيدٍ بها غيرِ ذي خلَّه
وأطوِل بليلك أطول به / إذا عسكرَ القومُ بالأثلَه
وراعكَ من خيلهِ حاشرٌ / من القومِ ليست لهُ قبلَه
يسوقُكَ نحوَهمُ مكرَهاً / وداودُ بالمصر في غفلَه
عروسٌ ينَعَّمُ من تحتهِ / سريرٌ ومن فوقهِ كلّه
وما مدنفٌ بين عوّادهِ / ينادي وفي سمعهِ ثقلَه
بأوجعَ منّي إذا قيلَ لي / تأهّب إلى الريِّ بالرحلَه
وما لي وللرَيِّ لولا الشَقا / ءُ إن كنتُ عنها لفي عزلَه
أكلَّفُ أجبالَها شاتِياً / على فرَسٍ أو على بغلَه
وأهوَنُ من ذاك لو سهَّلوهُ / ركوبُ القراقيرِ في دجلَه
تروحُ إلينا بها طربَةٌ / رواحَ الندامى إلى دلّه
أخالِدُ خُذ من يدي لطمَةً / تغيظُ ومن قدَمي ركلَه
جمَعتَ خصالَ الردى جملَة / وبعت خصالَ الندى جُملَه
فما لكَ في الخَيرِ من خلَّةٍ / وكَم لكَ في الشرِّ من خَلَّه
ولَمّا تناضَلَ أهلُ العُلى / نُضِلتَ فأذعَنتَ للنَضلّه
فَما لك في المجد يا خالِدٌ / مقَرطَسَةُ لا ولا خصلَه
وأسرَعتَ في هدمِ ما قد بنى / أبوكَ وأشياخُهُ قبلَه
وكانَت من النبعِ عيدانهُم / نضاراً وعودُكَ من أثلَه
فيا عجَباً نبعَةٌ أنبَتَت / خلافاً وريحانَةٌ بقلَه
ثيابُكَ للعيدِ مطوِيَّةٌ / وعِرضُك للشَتمِ والبِذلَه
أجَعتَ بنيكَ وأعرَيتَهُم / ولَم تؤتَ في ذاك من قِلّّه
إذا ما دعينا لقبضِ العطا / ءِ هيّأتَ كيسَكَ للغَلّّه
وجُلّةِ تمرٍ تغادى بها / فتأتي على آخرِ الجلّه
وتقصي بنيك وهم بالعرا / ء نزلُهُمُ الملح والملّه
ولو كان خبزٌ وتمرٌ لدَيكَ / لما طمعوا منكَ في فضلَه
وتصبِحُ تقلسُ عن تخمَةٍ / كأنّ جُشاءَكَ عن فجلَه
إذا الحيُّ راعهمُ رائِعٌ / فأوهَنُ من غادَةٍ طفلَه
ولَيثٌ يصولُ على قرنهِ / إذا ما دعيتَ إلى أكلَه
فلِلَّهِ درّك عند الخوا / نِ من فارسٍ صادقِ الحملَه
وإن جاءك الناسُ في حاجَةٍ / تفكّرتَ يومَينِ في العلّه
وتلقاهمُ أبداً كالحا / كأن قد عضَضتَ على بصلَه
فهذا نصيبيَ من خالدٍ / لكم هبة بتّة بتلَه
وإنّي لصحبتهِ مبغضٌ / ولا خيرَ في صحبَةِ السفلَه