المجموع : 5
هاتِ يا ساقِ هاتِ بنتَ النخيلِ
هاتِ يا ساقِ هاتِ بنتَ النخيلِ / فعَساها تشفي عساها غليلي
هاتِ كأسي فيمَ التردّدُ واشرَب / فهيَ حسبي في محنَتي ووَكيلي
هاتِها علّني أذَوِّب أتراحي / فيها ودَع هُراءَ العذول
واتركِ العودَ واسقِنيها على نوح / فؤادي خِدنِ الضنى وعَويلي
جاءَ تَحريمُها وليسَ عَلَينا / بل على كلّ سافلٍ وجَهول
فبصدرِ المكروبِ نارٌ تلظّى / أوقَدتَها الأشجان عند الرحيل
يا خليلي كيفَ السبيلُ إلى الصبر / أجبني باللَهِ هل من سبيلِ
هل سلَوا أم قَضَوا غراما فإني / لم أجد بعدَهُم فتىً يرثي لي
يا حبيبي هيهاتَ يندَمِلُ الجُرح / ودائي استشرى فمن للعليل
وشُكوكي عاثَت بصدري فساداً / ويقيني ويلاهُ غيرُ كفيلي
آه يا مَنهلَ الفؤادِ لقد ضاقَ / نِطاقي وبتُّ كالمخبولِ
لا نَشيدُ الأمواجِ رفَّةَ عن نَفس / ي ولم تَشفِها كؤوسُ الشمولِ
ونسيمُ المساءِ أمسى شواظاً / من زفيري وباتَ غيرَ بليلِ
يا ضفافَ الخليجِ أخمَدتَ / إحساسي وماذا تجني وراءَ خمولي
غيرَ حرقِ البخورِ في كلّ آنٍ / وضروبِ التزميرِ والتطبيل
فاطغَ يا بحرُ آن أن تطغى واغمُر / كلّ ربعٍ منَ الربوعِ محيل
وانعَقي يا بومُ انعقي لا تخافي / وانعَبي يا غربانُ فوقَ الطلول
واصرَخي يا جنوبُ في كلّ وجه / كالح واعصِفي بجفنِ الدخيلِ
وقفي يا شمسَ الهجير وصُبّيهِ / لعاباً يَغلي ببطنِ الأكولِ
واخرجي يا أشباحُ في غَيهَبِ / الغي وطوفي بطغمةِ التدجيل
وارقُصي وانفُثيه سما زعافاً / يا أفاعي الخنا بكل رذيلِ
وانهشي يا عقاربَ الحقدِ من / خصمي بقايا فؤادهِ المأكولِ
والفُظِ الروحَ يا فقيرُ ولا ل / ومَ على مَذبحِ المرابي الكسولِ
وانثُرِ الشوكَ أيّها الأرقُ المرُّ / على مضجعِ الدعيّ الملولِ
واغسلِ النفسَ أيها الخائنُ النادمُ / بالدمعِ فهوَ خيرُ غسولِ
والطمي الصدرَ يا ابنةَ الطَ / هر وابكيهِ فللّهِ قلبُ كل ثكولِ
يا ضِفافَ الخليجِ حطّمتَ آما / لي واثقلتَ كاهلَ المسؤولِ
أنتَ يا مسرحَ الأسى والرزايا / وصُنوف العذابِ والتنكيلِ
ضِقتَ بي والجناحُ منّى مهيضٌ / يا لَحُزني وحيرَتي وذُهولي
لم يَطب لي لؤلا الحبيبُ مقام / بك يا سجنَ كل حرّ نبيلِ
فحياتي روايةٌ ذاتُ فصلٍ / واحدٍ فيكَ وهيَ ذاتُ فصولِ
أنا مثّلتُها على مسرحِ الحرمان / والبؤسِ وانتَهى تمثيلي
وبقَلبي داءٌ وفي النفسِ ما فيها / وعاثَ الضنى بجسمي النحيلِ
وبصَدري سرٌّ دَفينٌ فوا / خوفي عليهِ من قلبيَ المتبولِ
آهِ مَن لي ولَو ببعضِ التأسّي / أنا إن لم أمُت فبعدَ قليلِ
احفروا لي قبراً على شاطىء البحر / سميري في وحدَتي ومُقيلي
لم تَطِب لي دُنيا الشقاءِ فوا / لهفي وشَوقي للعالمِ المجهول
يا ضِفافَ الخليج شرّدتَ / أحلامي فدَع لي عواطفي ومُيولي
إن لي فيكَ والمحبّةُ قيدُ / أغيَداً ذا خلقٍ وخُلقٍ نبيلِ
وجبينٍ زاهٍ وقدّ رشيقٍ / وعيونٍ نشوى وخدٍّ أسيلِ
ومُحَيّاً كالبَدرِ شعَّ سناهُ / أو كشَمسِ الربيع عندَ الأفولِ
وطباعٍ أرقَّ من بسمَةِ الفجرِ / وروح أنقى من السلسبيلِ
ودلالٍ ألذَّ من حلمِ العذراء / في فجر حُبِّها المعسول
طرَق القلبَ حُبُّهُ وهو إذا ذاك / غريرٌ فنالَ حُسنَ القبولِ
فتَكَتَّمتُ يومَ ذاك ولم يحمِل / فؤادٌ كعبءِ حُبّي الثقيل
وكَتَمتُ الأحلام في الحبّ عنهُ / يومَ كنّا مخافةَ التأويل
ومضت يا لتعسِ حظّي سنون / وغنيٌّ حالي عن التفصيل
وانطوَت شُقَّةُ النوى والتقينا / بعدَ لأيٍّ وبعد قالٍ وقيل
فسَفَحتُ الدموعَ بين يديهِ / وهو في شبه حيرة المذهولِ
ينكثُ الرملَ مُطرقاً وأنا / أشكو إليه آلامَ دائي الوبيل
آه لو كان ريقهُ السلسَلُ / المعسولُ دمعي وشَعرُه منديلي
آه ما أعطشَ الفؤادَ إلى دمعَ / ةِ عطفٍ من جفنهِ المكحول
يا لمرآى الدموع وهيَ بناتُ الش / عر في مُقلةِ الحييِّ الخجول
فخرجنا من صمتِنا واعتنَقنا / وأخذنا بالضم والتقبيل
وشربنا بنتَ النخيل وما أعذب / ها في ظل الوصال الظليل
فسَكِرنا فرُحت أنشد شعراً / وهو يُصغي لشعريَ المعسول
ليلةٌ ذِكرياتُها ملءُ ذهني / وهيَ في ظلمةِ الأسى قنديلي
ليلةٌ لا كليلَةِ القدرِ بل خيرٌ / وخيرٌ واللّهِ من ألفِ جيلِ
أنا ديني الهوى ودمعي نبيّي / حينَ أصبو ووحيُهُ إنجيلي
رُبَّ صمتٍ يا صاح أوقعُ بل / أبلغُ في سحرهِ منَ التنزيلِ
ودموعُ العشّاقِ فيضٌ منَ الخل / دِ وشعرٌ يُزري بشعرِ الفُحولِ
وتناغي الأحبابِ في روضَةِ الوَص / لِ هديلٌ يغري ولا كالهَديلِ
وخفوقِ القلوبِ ضربٌ من / التسبيحِ عندَ اللقاءِ والتهليلِ
يا عروسَ الإلهامِ موعدُكِ الشاطىءُ / مأوى العشاقِ عندَ الأصيل
فإلى الملتقى هناكَ وهاتِ الشعرَ / من وحيِ دمعيَ المطلولِ
وزَفيري على المنى وشهيقي / وهيَ صرعى على يقيني القتيلِ
وصراخُ الأشجانِ في مُهجَةِ النف / سِ وصمتُ الأسى الممضّ الطويل
ونواحُ الآمالِ في غمرَةِ اليأ / سِ وجهشُ المعذّبِ المخذولِ
نفّسي عن مُعَذَّبِ الصدرِ حبّاً / ليعودَ الكرى لجَفني الكليل
فالمنى والرؤى وحلمُ الصبا وهمٌ / ولا عاشَ كلٌّ صبٍّ بخيلِ
ولهان يفترش الرمال أصيلا
ولهان يفترش الرمال أصيلا / فيخاله الرائي هناك عليلا
طورا يئنّ وتارة يبكي / وآونةً تراه صامتاً مذهولا
كالطفل أشجاهُ الفطامُ فطرفُهُ / أبداً تراه بالدموع بليلا
أو كاليتيم وقد تملكهُ الأسى / فبكى وهل تشفي الدموع غليلا
وارحمتاه له فلم ير راحماً / في قومه ومواسياً ومقيلا
مسكين لا حرجٌ عليه إذا بكى / وإذا هنالك راح ينشد سولا
فالشاطىء الرملي مهبط حبه / ولكم هنالك رتل الإنجيلا
ويبث كل نسيمةٍ مرت به / شكوى تسيل لها النفوس مسيلا
لا غرو إن راح النسيم بسره / فإليه من يهوى اصطفته رسولا
أوّاه من ذكراي ليلة أقبلَت / سكرى تجرُّ على الرمال ذيولا
فالقلب صفّق هاتفا ومرتّلا / للقائها نغم الهوى ترتيلا
رددت تقديسا وتعظيما لها / بسجودي التكبير والتهليلا
وطفقت أقطف من شقائق خدّها / ولكم رشفت رضابها المعسولا
فتقول لي والكأس خصّب كفّها / إنّي لأهوى الضم والتقبيلا
فأجبت أخشى البدر يفشي سرنا / فأضفي علينا شعرك المسدولا
ما أن أداعبُ نهدها بأناملي / حتى أطوّق خصرها المهزولا
فتخالنا فوق الرمال ونحن في / سكر الغرام يثينةً وجميلا
قسماً سواها ما اتخذت خليلة / كلا ولا اختذت سواي خليلا
قدمت قربانا لمذبح حبها / روحي متى كان المحب بخيلا
حواء والهفي عليك فما سلا / قلبي ولا أرضى سواك بديلا
أهلوك قد جاروا عليك وعافني / أهلي وما أزمعت بعد رحيلا
تذكارك المحبوب معبودي متى / ينساك صبّ يعبد المنديلا
صديان يغلي في حشاه المرجل
صديان يغلي في حشاه المرجل / ترثي الجنوب له وتحنو الشمأل
هيهات تلهيه الطيور بشدوها / ويبلّ غلّته الرحيق السلسل
كابن الملوح لا يفرّ قراره / أبدا إلى ليلى يحنّ ويسال
يا لائمه سقيتم صاب الأسى / كفّوا متى بلّ الأوام الحنظل
هيمان كم ذكر الحمى وأقامه / وله وأقعده الهوى المتغلغل
وأغرورقت عيناه أو كادت فيا / لهوّى تطيب به النفوس وتكمل
وتجود بالغالي وسحقا لامرىء / لا يبذل الغالي النفيس ويبخل
بسبيل موطنيه وحبّ بلاده / هذا ولا عاش الخؤون المبطل
لهفان ها هو والظلام مخيّم / متلهّف في جنحه متعلّل
متعطش والذكريات هواتفٌ / تهفو بخافقه الحنون وتنهل
وتعربد الأحلام فوق جفونه / سحرا ويقيها الهوى المسترسل
يصبو ويبعث والنسيم رسوله / قبلا يكاد يذوب فيها المرسل
لمسارح وملاعب ومراتع / ومرابع فيها البدور الكمّل
شطّت وعانقت الرؤى أطيافها / وعليه في وادي الكرى تتنزّل
ولهان قد طبع الحنين بذهنه / صورا فدعه غارقا يتخيّل
صورا مجنّحة بريشة وهمه / تغري وتدبر في الخيال وتقبل
منها أطلّت ذكريات حلوة / بيض يقصّ روّاه وهي تؤول
حفّت بها الآمال سكرى والمنى / ودنت فكاد يضمّها فتقبّل
فهنا الطفولة والصبا وهنا الهوى / وهناك ملعبه وهذا المنزل
وهنا الأحبّة ودّعوه ها هنا / ومضى وراح بحسنها يتغزّل
نشوان إذا أصغى بأذن خياله / والوهم يملى والوداد يسجّل
والوجد يرفض في قرارة روحه / والشوق يعزف والفؤاد يرتل
فشدا له ناي وغنى شاعر / وترنّمت ورق ورجّع جدول
وتساءلت أمّ وذكر والد / ودعا أخو روح وأمّن محفل
واستفرت أخت ونادت طفلة / والكل منهم شقة ما يجمل
دنيا من الأوهام غاب سويعة / فيها وعاد وقلبه يتململ
متفائل لا البأس يعرف مدخلا / لفؤاده وهو الشجيّ فيدخل
صرع الشكوكَ بحزمه ويقينه / ومن الوساوس ما يحرّ ويقتل
فاسمعه يا هذا يحيّى موطنا / في جانحيه له المقام الأوّل
وطني فديتك عش ودم واسلم وطب / فحمائم السلم القريب ستهدل
والمجد باسمك يا ربوع مسبّح / والفخر يهتف والزمان يهلل
أيهذا الشاعر المغ
أيهذا الشاعر المغ / ترب الباكي أصيلا
حبك اللَه تجلّد / واتئد واهدأ قليلا
وأصخ لي واتخذني / يا أخا البؤس خليلا
فكلانا لم يجد إلّا / إلى الآل سبيلا
يا رفيقي يا رسول / الحب في دنيا القلوب
ما الذي أشجاك هل / سخرية الآل الكذوب
أم شحوب الشّمس أم ما / تركت بعد الغروب
أم هجوم الليل بالأشبا / ح في الشاطي الصخوب
كفكف الدمع فما / أثمن دمع البؤساء
هو عند اللَه أزكى / من دماء الشهداء
وادّخار ما تركت / منه العوادي للشتاء
عندما تهتف ذكرى الصب / ح في صمت المساء
هاك كوبى واغتبق في / مأتم الفصل الغضوب
علّ في النّهلة ما ينفي / ولو بعض الريوب
والتمس للنفس والقلب / عزاء في شحوبي
فالخطوب الغبر لم تت / رك بكفي غير كوبي
يا طريد الدهر والنح / س قرين الشعراء
سائل الليل فبي ما / بك من داء عياء
وكلا الداءين من دن / يا المآسي والعناء
فالأذى والبؤس فيها / حظّ أبناء السماء
إن تسلني فأنا ابن / الريب مذ كنت صبيا
آه ما اشقى الذي / يوهب حسّا شاعريّا
الشجي والأرق امتصّا / السّنى من مقلتيّا
كذبوا واللَه لم اطف / يء سراجي بيديّا
كم رمى الأوغادُ والأه / دافُ أقذاذ كرام
آثروا الصّمت وغب / ن ان يصابوا وحرام
وقديما قالها شاع / رنا الفحل الهمام
ما أنا منهم ولكن / معدن التبر الرغام
الأكاذيب وقد طال / سكوتي والقعود
أصبحت رائجةً لا عاشَ / في الناس الحسود
يوقد النار فيصلاها / وتخبو فيعود
والأراجيف سلاح / والنعامات جنود
آه من عاصفة هوجاء / في نفسي الشقيّه
زلزلت قلبي وأودت / برؤاه الذهبيّه
أنا في طخياء كم للهم / فيها من ضحيه
لم تغيّب شاعرا إلّا / ووافته المنيّه
أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع
أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع / بهم تنوء الراسيات بحمله
فعطفاً على فرد شقي بعيشه / فليس شقيا في الحياد كمثله
عهدتك ندباً كاملاً ذا مكارمٍ / فتى أريحي الكف يزهو بخلقه
فديتك اسعفني بعطفك إنني / أغار علي البؤس وحدي بجيشه
فديتك فاطلق اسر فهد فإنه / مقر بفضل منك يعنو بأسره
تريث إلى أن يأتي الفرج الذي / به دينكم تشتاق نفسي لدفعه