المجموع : 11
ما زال ينمِي جَدهُّ صاعداً
ما زال ينمِي جَدهُّ صاعداً / من لدُن أن فارقه الحال
إذا الله لم يسقِ إلا الكرام
إذا الله لم يسقِ إلا الكرام / فأسقي ديار بني حنبل
مُلثّاً مُربَّاَ له هيدب / صدوق الرواعد والأزمل
كأنّ السحاب دُوين السماء / نعام تعلق بالأرجل
تكركره خضخضات الجنوب / وتفزعه هزة الشمأل
فسقى ديارهم باكراً / من الغيث في الزمن الممحل
أتاني عنك يا مسكينُ قول
أتاني عنك يا مسكينُ قول / بذلتُ النِّصف فيه غيرَ آل
دعوتَ إلى التفاخر غيرُ قحمٍ / ولا غمر يطيشُ لدى النِّضال
أخا ثِقةٍ بفرصته بصير / شديدَ البَزم معتدلَ الشمال
فدونك فالتمس تلخيصَ فخرٍ / يقصر دونه أهلُ الكمال
وقد ناضلتُ قبلكَ كلَّ عَضّ / على الرسلات مرزوق الخِصال
فما يلقى كسردي سروداً / وما يغلو كغلوي من أغال
فأورثني الصِّدقَ حدودُ صدقٍ / مضوا متتابعين ذوو فِعال
بآيد منكبٍ وأشدِّ ركنٍ / وأنزه طعمة وأعفِّ بال
وإني في الحداثة رِستُ عَمرَاً / وأحكمت الرياسةَ في اكتهال
فأيّة خصلةٍ ترجو نكولي / بها مسكينُ ويحكَ في الكَلال
أخذن السبقَ قد علِمت مَعدّ / على الأكفاء في الركض السلال
وأمكنني الفعالَ بفعل قومي / وأيامٍ تجلُ عن المقال
وقد حادت كلابُ الحيّ مني / وخافت بعد جدٍ واشتبال
وقد لاقى بنو الزرقاء مني / لساناً صارماً طلقَ العِقال
فما انتضفوا ومزلهم أمير / يرهب بالوعيدِ والإحتيال
فلم يفلل توعدٌّه لساني / ولم يوهن ولم يقطع قبال
وفي خِيف المحصَّب قد علمتم / بهرب الحارثيّ بلا اختيال
نجاشيّ الحماس وذلَلته / قصائد من طرازي وانتحالي
ولي عن شبِّ قومِك ما كفاني / بقولٍ صادقٍ غير المحال
فإن تكُ شاعراً من حيّ صدقٍ / فما تهدِّ كجريّ ذي احتفال
فأمّا ما تقول فغيرُ شكِّ / لفضلٍ بيّنٍ غير انتحال
ببذلِ المال في عُسرٍ ويُسرٍ / لأضياف الحداة على الحلال
وضربِ الناس عن عرضٍ جهاراً / على الإسلام ليس بذي اعتقال
على رغم الأباعد والأداني / من الأقصَين والشُّنف الموال
فإن تفخر بقومِك من تميمٍ / فإنّ الأكمَ من صُمِّ الجبال
أنا ابن مزيقيا عمرو نماني / على أشراف أطوادٍ الجبال
ومن ماءِ السماء ورثتُ جدّاً / فدوني كلٌّ فخرٍ واختيال
ففخري قاهر للناس بادٍ / قهور الشمسِ توماض الذُبال
فإن تفضض بها من بحر نجدٍ / فكم عضَبا وسارا بالرجال
فما وسعاهما ضرباً وطعناً / يمجُّ كمجِّ أفواه العزالي
فما صبروا لوقعِ سيوفِ قومٍ / كفَوها بالكفاح من الصِّقال
إذا لبِسوا سوابغَهم ليومٍ / كريه النجم معتكِر الضلال
وبارز بعضُهم للموت بعضاً / كظمِّ الخمس بادرن السحال
تيقن من ذا أنه رحاهم / بصرف الموت إذ دعيت نزال
وجاشت قدرُهم فرأيتُ فيها / جُناةَ الحرب عادية المجال
تفوزُ قدورهم ولها نفيِّ / تكبُّ المترفين على السِبال
وخلقُ الله كلُّهم علينا / بكلِّ عناد أمرٍ واحتيال
فقلنا أسلموا أو قد طعنا / إليكم فاجهدوا عقد الحبال
نصبّحُ أو نمسي كلَّ يوم / نُهزهزُ عن يمينٍ أو شِمال
وننغزوهم فنقتلُ كلَّ خرقٍ / ونسبي كل آنسةِ الدلال
فلا فرَح إذا نِلنا مَنالاً / ولا جَزَع لأيامِ المثال
لأنّ محمداً فينا فلسنا / وإن جلّت مصيبتنا نُبالي
فسائل عن بلائهمُ ببدرٍ / وقد يشفى العمى عند السؤال
غداةَ رمَوا بجمعهمُ لؤيّاً / وكبشُهم يزيف إلى الصِيال
فكانوا كالهشيم يشبُّ فيه / حريق شِبه لَفحٍ في الشمال
وسائل عنهمُ الأحزابَ لمّا / هجمناهم فخرّت كالثِلال
ونضربُهم على ألمٍ وقَرحٍ / كضربِ فلاةٍ ولدان ثِقال
وقد حشدت لنا الأحزابُ لمّا / رأوا ناراً تشبُّ لكلِّ صال
ولفّوا لفّهم لتنالَ نيلاً / لدينا منهمُ عسر المنال
فجدّدنا لهم نيلاً وآبوا / كباغي الغي رُدّ بلا بِلال
ويومَ الفتح قد علموا بأنّا / وطئناهم بواهضةٍ ثقال
فما برحت جيادُ الخيل تهوي / خلالَ بيوتِ مكةَ كالسعالى
نكفُ أعنّةً منها مراراً / ونُثنيها فنعطفُ كلَّ حال
فسائل عن حُنينٍ حين ولّت / جموعُ المسلمين على توال
ونادانا بنصرتنا منادٍ / فنبنا نوبَ آلفةِ الفِحال
وما فينا غريب من سوانا / نؤمّ إلى النبوّة كالجمال
فوافينا الرسول فقال شدّوا / بعونِ الله واسمه ذي الجلال
فما صبروا لشدتنا ولكن / تولوا مجهضين عن القتال
وأبنا بالنِّهاب وبالأسارى / وبالبيض المهفهفة الحفال
وأيامٍ سواها قد ذهبنا / بسبقةِ مجدِها أخرى الليالي
وآسينا الرسولَ ومَن أتانا / بصدقِ ما يقول بكل حال
فنحن أولو مؤازرة ونصرٍ / نكانفه ونمنع مَن يوالي
فسل عنا القبائل حين رُدّت / عن الإسلام كالبقر اليمال
فوافينا بُزاخة غير ميلٍ / ولا خرَق بمعتزل النِّزال
وأنزعَ بيننا حوضُ المنايا / بانهال السقاة وبالعِلال
فأفلتهم طُليحتُهم جريضاً / واتكلّ من نغر أبو حبال
وزُرنا بالبطاح بني تميمٍ / على جُردٍ كالنصال
فما تابوا ولا امتنعوا ولكن / وجدناهم كسائمة المئال
تحارُ جيادنا ونردُّ منها / خشائشها وتصرف كل حالي
تركنا مالكاً ومسوّديهم / بمنخرقٍ لسافيّةِ الشمال
وحُزنا عُرسّه من بعدِ بيض / صفايا مصطفين من الجِمال
بِلا مهرٍ أصبن سوى حدادٍ / وسُمرٍ من مثقّفة نِهال
وقُدنا لليمامة كلَّ طرفٍ / أقبَّ مقلّصٍ نهدٍ طوال
يريد لقاء كذّابٍ لئيمٍ / مسيلمةَ المصرِّ على الضَلال
ففاجأناهُ تحتَ النقع شُعثاً / كأُسدٍ غامرت تحت الضِلال
وحاسيناهُم جُرَعاً تؤدي / على كره الحياة إلى الزوال
وأوردنا الحديقة مترفيهم / نسوقُهم بهنديِّ النّصال
وأقحمنا عليهم كلَّ خَرقٍ / رَكوبِ الخيل مضطلع النِضال
فكانوا كالحصيد غدت عليهم / طماطم ليس توصَف بالنكال
وغودر فيهمُ الكذّاب رَهنَاً / لدائرة العواقب بالتوالي
ورُحنا بالسبايا لم تناظر / مراضعُها متى أمَدُ الفِصال
فهاتِ كما أعدوا هات قوماً / كقومي عند مختلف العوالي
ورُم مسكينُ حين تريح رأياً / سوى الرأي المضلَّل والمقال
ولو جاريت قومك من معدٍّ / كفوت الطرف عيراً في النكال
سوى رهطِ النبي فثمَّ مجد / وفعلُ قاهرٍ للناس عال
وقبلك رامَ يجري ذو فَخارٍ / غزيرُ الشِّعر مشتهر الرجال
أتانا شامخاً يُبدي سروراً / بشأوٍ كان منه وهو خال
جعلنا بالقصيد له خِشاشاً / فواتاً في العقيق والإرتجال
ولولا أن تحيدَ اليوم عني / تركتُك ترك حرٍّ ذي اشتعال
يقول إذا هجاه غير كفؤ / ذروه ليس نبلُك بالنبال
قعيدَك قد أجبتك لا بفحشٍ / ولم يكُ غير حقٍ واستطال
فإن تنزع فحظُك نلتَ منه / وإن تلجُج فجدُّك للسَفَال
ستبعث للجواب أخا حفاظٍ / على الأقران يُعنف في السؤال
رحيب الباعِ لا قصفاً هدوراً / شديد الشَغب يوصف بالبَسال
أديب زانه حِلم وعِلم / ومجد كان في الحُقَب الخوالي
فإن تحلم فذو حلمٍ جسيمٍ / وإن تجهل فجهل ذو اغتيال
ألم ترَ أني لا ألينُ لناعمٍ
ألم ترَ أني لا ألينُ لناعمٍ / ولا أبتدي ربَّ القطيعة بالوصل
وأني متى أُنكب من الدهر نكبةً / أكفكفُ غربيَها بصبرٍ فتىً جزل
ولو كنتُ خوّار القناة مؤاكلاً
ولو كنتُ خوّار القناة مؤاكلاً / إذاً تركوني لا أُمِرٌ ولا أُحلي
ولكنني فَرع سقته أرومة / كذاك الأرومُ تنبت الفرع في الأصل
صليبُ محرِّ العود تسمع صوته / إذا ما نهاراً صُك في أقدُح الخضل
بأجردَ مثل قضيب الأشا
بأجردَ مثل قضيب الأشا / مستأنس تئقٍ هيكل
أغرِّ الثنايا أحمِّ اللِّثا / ت تمنحَه سُوك الأسحل
عريض المقصّ طويل الضلوع / خفوق الحشا جُرشع المركل
إلى فخذ رابىء لحمُها / محملجةِ الفتل كالقَنقَل
وساقان كعباهما أصمعا / ن سدّا له خللَ المفصِل
طويل الذراع له مِرفق / ألصٌ إلى الزَور لم يُفتل
كأوظفة الفالج الموصلى / لا هو رِيضَ ولم يرحَل
كأن حماتيهما أرنبان / تقبّضتا خيفة الأجذل
على رَبلتين كظهر النَّقا / من العَقدِ الهائر الأهيل
كذبتم بل أنتمُ أهل حرةٍ
كذبتم بل أنتمُ أهل حرةٍ / نفوكم وحلّوا بالدماث وبالسهل
أبوا واستعفوا أن يُرى بجلودهم / ندوب فباعوا السقيَ بالحلة البعل
وكنتُ إذا ما رأيت الصديق
وكنتُ إذا ما رأيت الصديق / يأبى عن الوصلِ إلا انفتالا
وشابَ الإخاءَ بشوب البلاء / كشَوبك بالمِلح عذباً زُلالا
وأيقنتُ ألا ندىً عنده / ولا وصلَ حين أُريد الوصالا
تنكّبتُ عنه وألفيتُ لي / منادِحَ أعملُ فيها الجِمالا
أعنبسَ قد كنتُ لا فقر بي
أعنبسَ قد كنتُ لا فقر بي / إلى عِدةٍ منك كانت ضلالا
وعدت زهيداً لو انجزته / إذا لحُمدتَ ولم تُزرَ مالا
وما كان ضرك لو أن وفرتَ / وأعطى الخليفةُ عفواً نَوالا
فقد يُنجز الحرُّ موعوده / ويفعلُ ما كان بالأمس قالا
فياليتني والمُنى كاسمها / وقد يُصرَفُ الدهر حالا فحالا
وعدتَ ولم التمس ما وعدتَ / ويا ليت وعدَك كان اعتِلالاَ
وكانت نعم منك محرومةً / وقلتَ من أوّلِ يومٍ ألا لا
وإن مال الضجيع بها فدعص
وإن مال الضجيع بها فدعص / من الكثبان ملتبد مهيل
لا خير في الود ممن لا تزال له
لا خير في الود ممن لا تزال له / مستشعراً أبداً من خيفة رجلا
إذا تغيب لم تبرح نسيء به / ظناً وتسأل عما قال او فعلا