المجموع : 98
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به / فالحب شيءٌ وَراء العذر وَالعذل
ماذا تريد بأنظار تحولها / عَمداً إلينا أَولاتُ الأعيُنِ النجل
إِنّي أَرى شبحاً حَيالي
إِنّي أَرى شبحاً حَيالي / بين الحَقيقة وَالخَيال
يَخفى كسرٍّ ثم يظ / هرُ شاحِباً مثل الهِلال
فإذا بدا فكأنّه / أَملٌ لِرَينِ اليأس جالي
وإذا اِختَفى فكأَنّه / روح تلفّع بالظلال
شبح توشَّح حين طَو / وفَ بالوضاءَةِ وَالجَمال
أَتَرى سعاد أَتَت تفي / بالوَعد من بعد المطال
أَم كانَ ما عيني تشا / هد من خَيالات اللَيالي
طيف الحَبيبة قد أَتى / في اللَيل يسمح بالوصال
إن لَم يَكن هو شخصها / فمثالها فيما بدا لي
يا طيف أَنتَ اليوم اق / ربُ من سعاد إلى النوال
وأبر منها في موا / صلة المحب بكل حال
يا طيف أَنتَ عَليّ يا / طيف الحَبيبة أَنتَ غالي
كلفت بِلَيلى وَهيَ ذات جَمالِ
كلفت بِلَيلى وَهيَ ذات جَمالِ / فَلازمتُها عمراً لغير وِصالِ
وَزايلتها لا حامِداً لزيالي /
نأت بيَ عَن لَيلى نوىً لا أُريدها / فَما لي إلى لَيلى سِوى اللفتات
يَقول أُناس إن عفراء تغضبُ / إذا أَبصرت عيناً إليها تُصوِّبُ
فَقلت لَهم إني فَلا تتكذّبوا /
نظرتُ إِلى عَفراء عشرينَ مَرَّةً / فَما غضبت عَفراء من نَظَراتي
نعمتُ زَماناً قبل هَذا التَشتتِ / بعَفراء إذ جادَت وَعَفراءُ سلوَتي
فَلَمّا مَضَت عني إلى غير عودة /
ظللت رِدائي فوق رأَسي قاعِداً / أَعُدُّ الحَصى لا تنقضي عبراتي
لَقَد فاتَني أن أمنع الركب باذِلا / من الجهد ما يَنهاهُ عَن أن يزايلا
وَلَكِنَّني تاللَه قد كنت جاهِلا /
تساقطُ نَفسي كلَّ يومٍ وَلَيلةٍ / عَلى إثر ما قد فاتها حسراتِ
لَيلى أَطلِّي عَلى العا
لَيلى أَطلِّي عَلى العا / شقين لَيلى أَطلي
تَرى أَعزة قوم / مطأطئين بذلِّ
تَري صدوراً من الشو / ق وَالصبابة تغلي
عِدي وان كان وعد ال / حَبيب رهناً بمطل
هَل كانَ يمكن أَن لا / يحب مثلك مثلي
إني لأَجلك يا لَي / لى عفت أَرضي وَأَهلي
فأَنت منذ حلفنا / ماذا فعلت لأَجلي
أَبيت في الدار وَحدي
أَبيت في الدار وَحدي / معاتِباً لخيالِكْ
قد غَرَّني أَنَّه كا / ن باسماً كمثالك
لا تسأَلينيَ عَمّا / أَصابَني بعد ذلك
ما زلت أَضمر حباً / مناسباً لجمالِك
أَبيع كل حَياتي / بساعة من وصالك
إِنّي بحبك يا لَي / لى لا محالة هالِك
فَهَل سأَخطر يوماً / إِذا هلكتُ بِبالِك
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ / إلا الفراق فَما إن لي به قِبَلُ
لَقَد رأَيتك يا لَيلى بمشرفة / وَكانَ شعرك فوق الجيد ينسدل
فرحت فيك مَعنّىً لا ينهنهني / عَن حبك اللوم كل اللوم والعذل
حَتّى حَلا بك فيما قَد حلا غزلي / وأَنتَ تلك التي يحلو بها الغزل
فَحبذا أَنتَ من حسناء فاتنة / وَحبذا منك تلك الأعين النجل
إني أَنا الصب قد ذاعَت محبته / وإنني أَنا ذاكَ الشاعر الزجل
يحول قَلبيَ دمعاً من حرارته / وَذلك الدمع من عينيَّ ينهمل
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم / آكلٌ في الحَياة أَو مأكولُ
هذه منذ كانَت الناس ناساً / سنة اللَه ما لَها تَبديل
ضل عَن منهج الصواب بنو الشر / قِ وَهَذا الضلال خطب جَليل
ما أَرادَ القرآن إِلّا هداهم / وَكذاكَ التَوراة والانجيل
أَتُراهم ثابوا إِلى الرشد كلا / ثم كلا ما ثاب إلا القَليل
إن أَرضاً كنا عليها نجولُ
إن أَرضاً كنا عليها نجولُ / بعد أَيام دوننا ستحولُ
لَم يفكر فيما يصير إليه / قبل أَن يدفن الخَليل الخَليل
كانَ فيها المقام أَنّى التفتنا / لعباً زالَ حين جد الرَحيل
لك لهو فوق التراب قَصير / ثم نوم تحت التراب طَويل
ليتني عارف لماذا حيينا / وَلماذا من بعد حين نزول
قيل لي لا تقل فكان جوابي / أَنا إِن لَم أَقل فمن ذا يَقول
إذا هلكت فَجِسمي
إذا هلكت فَجِسمي / يبلى وَينحلَّ حبلي
هناك يخفت صوتي / هناك يرقد عَقلي
وَقَد تعيد تماماً / يد الطَبيعة شملي
يولد الدهر ناساً / وَبعد ذلك يبلي
وَلَيسَ في الجسم روح / بالمَوت عنه يولي
إنَّ الحَياة نظام / رخو قَليل التملي
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ / يومٌ من الحزن أَو يومٌ من الجذلِ
يبدي الفَتى في مَقال جاءَ يورده / ما كانَ يخفيه من حزم ومن خطل
إذا أردت بأَصل الكَون معرفة / فاِرجع بفكرك أَدراجاً إلى الأزل
فإن رجعت إليه ملقياً نظراً / فَقَد تَرى ما يسمى علة العلل
ما نالَت النفس ما كانَت تؤمله / يا خيبة النفس بل يا ضيعة الأمل
وَقَد أُحاوِل أَن أَسعى فتمنعني / رجل رمتها يد الأيام بالشلل
يا رامياً نفسه من فوق شاهقة / لَقَد بلغت المنى من أَقصر السبل
إن زالَ ما في قلوب القوم من حسك / يَوماً تبدَّلت العضّاتُ بالقبل
لا يحمل اليوم إنسان بلا تعب / ما للحَياة عَلى الإنسان من ثقل
إذا رأى وشلاً حرانُ ذو ظمأٍ / فإنه لَيسَ يستَغني عَنِ الوشل
في كل ما عاش لا يأَتي الفتى عملاً / ما لَم يكن سائق فيه من الأمل
إِلزامك المَرء بالبرهان تورده / لا يحمل المَرء في يوم عَلى العمل
وإنما عادة الإنسان ناجمة / من المحيط بفعل فيه متصل
وَهذه هي في التَحقيق باعثة / له عَلى السعي في الدنيا بلا ملل
من زل من عجل يوماً فأحر به / بعد السَلامة أن يمشي عَلى مهل
مَهما تكن عضلات الرجل محكمة / فَقَد تزل بمن يمشي عَلى عجل
إن كانَت الأَرض عند المشي لينة / فَلَيسَ بأس عَلى الماشي من الزلل
تَقنو الحَياة بقاء في تنازعها / من النشاط وكل المَوت في الكسل
من كان يشرع بالأعمال معتمداً / عَلى البَصيرة لا يَخشى من الفشل
كَم قَد بنيت عَلى أَما
كَم قَد بنيت عَلى أَما / نيّ البَعيدة من علالي
هَل أَنتَ يا قَلبي هنا / ك عَلى هدى أَم في ضلال
لما يئست من الحَقي / قَةِ جئت تعبأ بالخيال
العقل ما سفهته / حتّى تشبث بالمحال
وَالمَرء لا يَمتاز عَن / أَخويه إلا بالفعال
إِنَّ اللَّبيب هُوَ الَّذي / يَرجو البقاء من الجدال
ما أَكثر الأوهام جا / ءتنا من العُصُرِ الخوالي
إِنَّ الَّذي عرف الأوا / خرُ غير ما علم الأوالي
لَقَد مشيت بليلٍ
لَقَد مشيت بليلٍ / داج بغير دَليلِ
فَما بعدت كَثيراً / حَتّى ضللتُ سَبيلي
مَن لي بِماء براد / به أبل غَليلي
طلبت شَيئا قَليلاً / فَلَم أفز بالقَليل
وَكَم صحبت خَليلاً / فَكانَ غير خَليل
كل الأحبَّة أَعدا / ئي عند خطب جَليل
لا خير لي مِن بلادي / وأسرتي وَقَبيلي
بان لي في المرآة شيخ كبير
بان لي في المرآة شيخ كبير / عاش حتى تعرف الأحوالا
كلل الشيب رأسه ببياض / زاده في عيني هناك جلالا
أَشعل الدهر رأسه وأَشابَت / عدوات السنين منه القذالا
وَحنى ظهره توالي اللَيالي / فهو إِن همَّ لا يطيق اِعتدالا
شاهد ما بوجهه من غضونٍ / أنه صارع السنين الطوالا
ثابت الوضع لَيسَ يَبدو حراكٌ / فيه حَتّى حسبته تمثالا
حدثتني أَن أَسأل الشيخ نَفسي / عَن أُمور وأُجمل التسآلا
قلتُ كم عشتَ قال تسعين عاماً / قلت ماذا فعلت فيها فقالا
أكلات دفعتُها فضلات / وشروباً أرقتها أبوالا
وثياباً لبستها فاخرات / جدداً وانتزعتها أسمالا
وَبيوتاً سكنتها عامِرات / ثم إِنّي تركتُها أَطلالا
وَسنين اطمأننت فيها وأخرى / صرتُ أَلقى في جنبها الأهوالا
وَسعوداً لبستهنَّ خفافاً / وَنحوساً حملتهنَّ ثقالا
وَنَعيماً قَد كنت أَرتَع فيه / وَهُوَ اليَوم لَيسَ إلا خَيالا
وَشباباً به تلفعت حنياً / أَتملى غيدانه ثم زالا
ثُمَّ آمالا قد حرصت عليهن / نَ وَلَمّا أَحقق الآمالا
وَنضالاً عَن الحَياة شَديداً / طالَ حَتّى سئمت ذاكَ النضالا
قد رأَيت الحَياة قبل سروراً / وَرأَيت الحَياة بعدُ وبالا
وَرأَيت النهار أَبيض وَضّا / حاً فَلما جاءَ المَساء اِستحالا
لا أَرى اليَوم في رياضيَ زهراً / وأَرى في مكانها الأدغالا
كنت جلداً عَلى الزَمان فَلا أَن / كصُ عنه إذا أَرادَ نزالا
كانَت الحَرب بينَنا قبل أَن تخ / ذلني هَكَذا قواي سجالا
ثُمَّ لَمّا رأَى بجسمي وَهناً / شدَّ مني يفكك الأوصالا
اللَيالي يَلدن كل الرَزايا / وَاللَيالي من النهار حبالى
كل شيء مَع الجديدين يفنى / ثم يَبقى جلال رَبي تَعالى
أَموتُ بَعيداً عَن دياري وَعَن أَهلي
أَموتُ بَعيداً عَن دياري وَعَن أَهلي / فَمَن يا ترى يَبكي حواليَّ من أَجلي
أَموت غَريباً في رَبيع شَبيبَتي / وَلا صاحبٌ عندي يمرّض أَو يسلي
سَيَقتادُني حتفي إلى الرمس صاغِراً / وَيقطع عَن دنياي سيف الردى حبلي
غداة غدٍ يا لهف نَفسي عَلى غد / يتم عَلى الأيدي إلى حفرة نَقلي
فيحمل نَعشي بعد غسل جنازَتي / إلى القبر ناس لا يهمهمُ حملي
إلى حيث لا شمس النهار مطلة / وَلا اللَيل نظّارٌ بأعينه النجل
إلى جدث داجي القرارة ضيقٍ / يجاور أَجداثاً بُنينَ عَلى تل
غَريب يريد الموت بتلَ حَياته / فَللَّه ما يلقي الغَريب من البتل
سلام عَلى الدنيا سلام عَلى المنى / سلام عَلى المأوى سلام عَلى الأهل
سلام عَلى وادي السلام وَمائه / سلام عَلى الحي المخيم في الرمل
سلام عَلى الشمس المضيئة في الضحى / سَلام عَلى ريح الصبا عقب الوبل
أَلا لَيتَ شعري هَل دجيلٌ كعهده / وَهل سمرات الرمل وارفة الظل
وَهَل حيُّنا منه بذي الأثل نازلٌ / كَما كانَ أَم هَل غادر الحيُّ ذا الأثل
وَهَل عرصات الحي بعدُ عذيةٌ / وَهَل جنبات الحي باسقةُ النخل
لعمرك لا ظل الطريفاء قالصٌ / نهاراً وَلا ماء الطريفاء بالضحل
بلاد سكناها وَنحن من الحمى / بحيث النَسيم الطلق يعبث بالطل
بحيث الرضى معشوشبٌ في رَبيعه / بروضٍ كَما شاءَت مُنى النفس مخضَّل
بلاد بها حَزْنٌ وَسهلٌ تقابلا / فَيا لَك من حزنٍ وَيا لك من سهل
هنالك أَهلي الأقربون فَما بهم / بمجتمعٍ يا نفس بعد الردى شملي
أَموت نعم إني أَموت ومن يَعش / فَلا بد من يوم يموت به مثلي
فَما لي أَراني جازِعاً من منيتي / كأَن لَم يمت في غربةٍ أَحد قَبلي
جزعت لأني للمقابِر راحلٌ / وأَكثر سكان المقابر من شكلي
يدبّ البلى في الجسم منيَ سارياً / مَع الترب من بعضي لبعضي إلى كلِّي
إذا كانَ أَصلي من تراب فإنني / سأَرجع فيه بعد مَوتي إلى أَصلي
لَقَد قالَ ناسٌ شاهدونيَ أنَّني / مصابٌ بداء السل وَيلي منَ السل
وَقالوا التمس فيه طَبيباً مداوياً / فعلك تُشفَى منه قلت لهم علِّي
تجرعتُ كأساً للتغرب مرةً / إلى اليوم في بَطني مرارتها تغلي
ومن بات مسلولاً بمنزل غربة / فإن لَياليه تُمِرُّ وَلا تُحلي
أَتاني كتاب من أبي يستعيدني / فَيا أَبتا إني عن العود في شغل
وَيا أبتا أَخبر حناناً أميمتي / بأنيَ زلِّت بي إلى هوَّةٍ رجلي
وَيا أبتا أنبئ جناناً حليلَتي / بأنيَ مودٍ فلتحافظ عَلى طِفلي
بُنَيَّ رضى عش في سَلامٍ فإنما / حَياتك بعدي يا رضى منتهى سؤلي
فلما قضى نحباً وَطارَ نعيُّهُ / إلى أبويه ضيَّعا الرشدَ من ذهل
فَباتَ أبوه مصلح الدين جازعاً / عَلى نجله البرّ الوَحيد أبي الفضل
وَصكت حنانٌ أمُّه الوجه للأسى / وَعضت بأَطراف البنان من الثكل
عَلى رأسها تحثو التراب بكفها / وَتذرف عَيناها مدامع كالوبل
وَتَمشي بأقدام ضعفن عَن الخطى / إلى زوجها مشيَ المقيَّدِ في الوحل
تَقول له أَنتَ المغرّب لابننا / فأرجعه لي يا بعل واجمع به شَملي
بُنيَّ ليؤذيني عَلى رزئك الأسى / بُنَيَّ وَيغلي في فؤاديَ كالمهل
وَلَو كانَ خطبي فيك سهلاً حملته / بُنيّ ولكن لَيسَ خطبيَ بالسهل
مشيتَ حثيثاً في شبابك للردى / فَيا أَيُّها الماشي حثيثاً عَلى مهل
برغم حنان أَهلك الدهر نجلها / وأَبكى حناناً من حنان عَلى النجل
وأما جنان فَهي عند سماعها / حَديث وَفاة البعل ناحَت عَلى البعل
وَشب الأسى في قَلبها متسرِّعاً / إليه شبوب النار في الحطب الجزل
ذَوى وردُ خديها وبدل لونه / سواد بعينيها يَنوب عَن الكحل
وَخرت عَلى وجه التراب يرجها / غياب وَقالَت وَهي كالشَمس في الأفل
يَقول أناس لي أبو الفضل ميت / لَقَد كذبوا ما مات قط أبو الفضل
لَقَد كذبوا هَذا أبو الفضل قادم / إليَّ سليم الجسم يَمشي عَلى الرجل
لَقَد كذبوا هذا أبو الفضل شخصه / أَتانيَ هش الوجه يَهتز كالنصل
جَميلاً يحييني تبسُّمُه كَما / يحيي التراب البرق في البلد المحل
وفيت بوعد في الرجوع إلي يا / أَبا الفضل لكن بعد طولٍ من المطل
لأنت هوى نَفسي وأَنتَ سرورها / وأَنتَ رَبيع النفس في سنة الأزل
وَدامَت كَذا في حلمها نصف ساعة / فَلما أفاقت منه كانَت بِلا عقل
وَعاشَت لأسبوعين خائرة القوى / تبيت بلا نوم وَتُمسي بلا أَكل
يجيء إليها مصلح الدين سائلاً / فتستر عنه الوجه بالشعر الجثل
وَتوسعه شتماً وبعد دقائق / تقبِّلُ في خضْعٍ يديه وَفي ذلِّ
وَتضحك في الجلَّى وَتَبكي مصابها / بدمع كأمثال اللآلئ منهلِّ
إلى أَن أَتاها الموت يَحبو فَصادَفَت / نجاة به من أَزمة السقم وَالخبل
لَقَد كانَ بعد البعل غلاً حَياتها / فأطلقها كفُّ المَنايا من الغلّ
وَعراص همى السحابُ ملحّاً
وَعراص همى السحابُ ملحّاً / في ثراها فخددتها السيولُ
أَنبت الغيث في المهابط منها / شجرات مَع الرياح تَميل
ترسل الشمس في الغدوّ شعاعاً / فيرد الشعاع منها الأصيل
قَد سرينا نؤم أَرضاً بها لَيْ / لى وَفخذٌ من أَهل لَيلى حلولُ
نستحث المطي في مهمه قف / رٍ يناجي به الذئاب الغول
تذرع البيد وانيات مهازي / لُ وَهَل يحمد السرى المَهزول
تَتَهادى بين التلول فَتَمشي / مبعدات عنها وَتَبقى التلول
وَالخطى للكلال تقصر حيناً / وَلِحثِّ الرجال حيناً تَطول
هيَ تَمشي إلى الشمال ثقالاً / وَخياشيمها إلى الغرب ميل
صاخبات كأَنَّهن ثكالى / غابَ عَنها وَراءَها المَثكول
تَبتَغي بالسرى وصولاً إلى الحي / يِ مريحاً وَلَيسَ ثَمَّ وصول
وَبَدا بعد ساعة مكفهرّاً / عارضٌ في أفق الشمال عجول
يَتَرامى فيه وَتحدوه ريح / ذات عصف يخف منه الثَقيل
فأَتانا وَفيه برق وَرَعدٌ / وَمياه تَفيض منها السيول
يرزم الرعد كالمَدافع فيه / وَيوالي إرزامَهُ فَيَطول
وَتَكاد الأرض الَّتي قد جثمنا / فوقها من هول الهَزيم تَزول
ظلمة فَوقَ ظلمة فوق أخرى / في دياجيرها تضل العقول
هطلت ساعة تهول وَزالَت / غير أنا عَن الطَريق عدول
قد ضللنا الطَريق نخبط في الأر / ضِ كَما ضلَّ ذو عمىً مسمول
وإذا في أيامن الغرب منا / كَرَجاء المسلول ضوء ضَئيل
فَتَساءَلنا للسَلامة عنه / وأَجابَ الخَبير منا يَقول
لمعت نارهم وَقَد عسعس اللَي / لُ وَمل الحادي وَحار الدَليل
قد رحلنا نحثحث العيس لَيلاً / عَن بلاد بها الكِرام قَليل
ذل فيها العَزيز مِمّا يلاقي / من صعاليكها وَعز الذَليل
قد لقينا منهم جفاء وَضيماً / أَنا وَالشعر وَالنجار الأصيل
من قَديم يا أَهل بَغداد أَنتم / أمةٌ عندها يضيع الجَميل
يا نجمة الصبح من حا
يا نجمة الصبح من حا / لقٍ عَلَينا أطلِّي
وَيا نَسيمُ تحرك / من أَجل لَيلى وأجلي
وَيا هزار أَعد لي / ما كنت بالأمس تُملي
لا أَهجر الروض ما كا / ن بالرّوائِح يدلي
حمدت فيه مَقامي / ما بين ماء وَظلِّ
إليَّ يا نرجس انظر / بأعين منك نُجل
يا ياسمين تفتح / يا أقحوان اِبتسم لي
وَيا عنادل غني / وَيا غصون أظلِّي
ما أَحسَن الزهرَ يَزهو / في روضة غب طلِّ
لَيسَ الأزاهر إلا / مظاهراً للتجلي
وَكَيفَ أَنسى بقاعاً / فيها مَنازِل أَهلي
ماذا يذيق بنيه / دهر يُمرُّ وَيُحلي
لَيتَ الحكومة كانَت / تَبقى لأهل المحل
هَهُنا كانَ الشعب يُلفي دَليلا
هَهُنا كانَ الشعب يُلفي دَليلا / كُلَّما رام لِلمَعالي وصولا
هَهُنا كانَ العلم يَجلو السَجايا / وَيُنير الحجى وَيَهدي السَبيلا
هَهُنا في ظلال هذي المَباني / لبس الشرقُ غرة وَحجولا
هَهُنا كانَت الحَضارَةُ تَبني / للحكومات في البلاد أُصولا
من هنا كان السلم يَبسطُ فوق ال / أرض من ظله جناحاً طَويلا
من هنا كانَ الدين ينشر للنا / س بياناً يفسر التَنزيلا
من هنا كانَت العُروبَة تجني / شرفاً باذِخاً وَمَجداً أَثيلا
من هُنا كانَت السَعادة تُلقي / فوق قطر العراق ظلاً ظَليلا
من هُنا كانَ العلم يَسقي شَباباً / ظمئوا للعُلى وَيَسقي كهولا
من هنا كانَت الخلافة تُهدي / للبَرايا فطاحلاً وَفحولا
من هنا كانَ العدل يبدي سَلاماً / من هنا كانَ الحكم يَلقى عدولا
من هنا كانَ الشرق يهدي الى الغر / ب ضياء به ينير العقولا
وَفنوناً في روضها العين تَرعى / نرجساً أَو بنفسجاً مطلولا
قَد أَممنا المستنصريَّةَ صبحاً / فوجدناها أَرسماً وَطلولا
ووقفنا حيناً نكفكف بالأي / دي دموعاً يأبين إلا همولا
في عراصٍ تنكَّرت وَربوع / بدّلتها يدُ البلى تَبديلا
أَيُّها الربع أَينَ أَهلك ساروا / قل إذا كنت قادِراً أَن تَقولا
لا أَرى أَن يحير ربعٌ جواباً / كانَ عنه بنفسه مَشغولا
قَد بكينا فيه علوماً توارَت / وَبكينا فيه نجوماً أَفولا
واِستلمنا الجدران منه اِحتراماً / وَلثمنا ترابه تَبجيلا
حجرات بعد النضارة منها / لبست غبرة وأَبدَت نحولا
وَبيوت قد أَظلمت بعد أَن كا / نت تضيء الحَياة دَهراً طَويلا
وَبنت حولها العناكِبُ بالنس / جِ بيوتاً وَبتنَ فيها حلولا
وَعراص تعاورتها السوافي / وَمشت فوقها تجرّ الذيولا
بعد أَن كانَت للعلوم محطاً / حط فيها المتاجرون حمولا
وَصروح للعلم مرتفعات / قوضتها الأيام إلا قَليلا
قاومَت خلفة الحوادِث دهراً / ثم شق البِلى إليها سَبيلا
تهبط الشمس أَرضها كل يوم / وَتحييها بكرة وَأَصيلا
كل تلك السنين وَهي عصور / لَم يزرها النَسيم إلا بَليلا
هدم الدهر موفيات لرضوى / إنَّ للدهر عند رَضوى ذحولا
حيثما تلتفت تشاهد جداراً / مزقته الأيام عرضاً وَطولا
منهل للعلوم عذب به كا / نت عطاش القطرين تَروي الغَليلا
يا لثديٍ قد جف من بعد ما قد / رضعته الأجداد جيلاً فَجيلا
يا لأمٍّ من بعد ما حضنتهم / ترك الدهر شلوَها مأكولا
إننا يا دار الرجاء شبيها / ن كلانا قاسى الشقاء الوَبيلا
وَكِلانا يا معهد العلم مبدٍ / جسداً ناحلاً وَجسماً عَليلا
قَد لعمري أَمسَت عليك الليالي / وَعليَّ الحَياة عبئاً ثَقيلا
أيُّها المعهد الجَليل سلام / لَيسَ ما قد قاسيت شَيئاً قَليلا
إن دهراً قد هدَّ منك بناءً / لَم يَكن عمَّا قَد أَتى مَسؤولا
كنت يَنبوع حكمة لأناسٍ / تخذوا الحق صاحباً وَخَليلا
اِهتَدوا بالقرآن فاِتبعوه / وأجلُّوا التوراة والإنجيلا
أَيُّها المعهد القَديم أَتلقى / جدةً بعد أن بليت طَويلا
أَيُرينا طلوعه من جديد / فيك نجمٌ للعلم لاقى أفولا
أَيُّها العلم لح إذا الجهل أَدجى / كوكباً وابعثِ الضياء رسولا
تَتَمَنّى النفوس في كل أَرض / أن تراك العيون منها جَميلا
أَيُّها الجهل أَنتَ ليل مخوفٌ / باتَ يُرخي من الظلام سدولا
أَيُّها الليل دلَّنا في سرانا / قبل أَن تعجل النجوم أفولا
أَنا أَرجو إذا سَرى فيك قَومي / أن تكون الشعرى لقومي دَليلا
أَيُّها المغربان إني أرى في / أفق المشرقين نوراً ضَئيلا
وَعَسى أَن يَكون عنوان فجر / لنهار في العين يَبدو جَميلا
عَلى كل عود صاحب وَخَليلُ
عَلى كل عود صاحب وَخَليلُ / وَفي كل بيتٍ رنةٌ وَعويلُ
وَفي كل عين عبرة مهراقة / وَفي كل قلب حسرة وَغَليل
علاها وَما غير الفتوَّة سُلَّمٌ / شباب تسامى للعلى وَكهول
كأَنَّ وجوه القوم فوقَ جذوعهم / نجوم سماء في الصباح أُفول
كأَنَّ الجذوع القائمات منابر / علت خطباء عودَهنَّ تَقول
لَقَد ركبوا كور المَطايا يحثّهم / إلى الموت من وادي الحَياة رَحيل
أَجالوا بهاتيك المشانق نظرةً / يَلوح عليها اليأس حين تَجول
وَبالناس إذ حفوا بهم يخفرونهم / وقوفاً وَفي أَيدي الوقوف نصول
يرومون أن يلقوا عدولاً فينطقوا / وَهيهات ما في الحاضرين عدول
دنوا فرقوها واحداً بعد واحد / وَقالوا وَجيزاً لَيسَ فيه فضول
فمن سابقٍ كيلا يقال محاذرٌ / وَمستعجلٍ كيلا يقال كسول
وَلِلَّه ما كانو يحسون من أَذى / إذ الأرض تنأى تحتهم وَتَزول
وإذ قربوا منها وإذ صعدوا بها / وإذ مس هاتيك الرقاب حبول
وَما هي إلا رجفة تعتري الفتى / مفاجأةً وَالرأس منه يميل
مشوا في سَبيل الحق يحدوهم الرَدى / وَللحق بين الصالحين سَبيل
سَتَبكي عَلى تلك الوجوه منازل / وَتَبكي ربوع للعلى وَطلول
وأعظم بخطب فيه للمجد شقوة / وَفي جسد العلياء منه نحول
سرت روحهم تطوي السماء لربها / وَما غير ضوء الفرقدين دَليل
وَلِلَّه عيدان من الليل أَثمرت / رجالاً عليهم هيبة وَقبول
وَيالَك من رزء حمدت له البكا / وَقبحت فيه الصبر وَهوَ جَميل
قبور كأَنَّ القوم إذ رقدوا بها / عباديد سفر بالتلاع نزول
هوت أمهم ماذا بهم يوم صُلّبوا / عَلى غير ذنب كي يُقال ذحول
سوى أنهم قد طالبوا لبلادهم / بأمر إليهم فخره سيؤول
وَنادوا بإصلاح يَكون إلى العلى / وَللنجح وَالعمران فيه وصول
فَما رد عنهم بالشفاعة عصبةٌ / وَلا ذبَّ عنهم بالسلاح قَبيل
وَلا نفع السيف الصَقيل حديده / مضاء وَلا الرمح الطَويل عسول
لعمرك لَيسَ الأمر ذنباً أَصابه / قصاص وَلكن يعرب وَمغول
أَناخوا المَطايا حين أدرك لَيلها / بمأسدة فيها الحماة قَليل
وإني عَلى ما بي من الحر وَالصدى / لأنظر ماءً ما إِليه سَبيل
أفكر في الماضي فيأتي خياله / جَميلاً أَمام العين ثم يَزول
وإن بُكائي اليوم لَو نفع البكا / عليهم وَفي مستقبلي سَيَطول
أَبعد بني قومي أنهنه عبرتي / وأَمنعها إني اذا لَبَخيل
أَقبُّرة الحقل اغنمي الوقت واصفري / فَما بعد أَيام تمر حقول
يبرّحني أن الصروح تقوضت / وَيُحزنني أَنَّ القصور طلول
فَلَيتَ الَّذين اِستَحسَنوا الأمر فكروا / فكان عَن الرأي السَخيف عدول
قَد اسود لَيل الظلم حتى كأَنَّه / ستار عَلى الأرض الفضاء سَديل
وَيا لَك من لَيل يَروع كأَنَّما / بكل مَكان منه يرقب غول
وَقَد قر حتى قلت قد جمد الدُجى / وَخلت بياض الصبح لَيسَ يَسيل
وَعَسعَسَ يَرتاع الكرى من ظلامه / وَطالَ وَليل الخائفين يَطول
إذ الوطن المأسور ينهض قائماً / فتقعد أَغلال به وَكبول
مَضى ما مَضى لا عادَ وَاليَوم فاِستمع / إلى لهجة التاريخ كيفَ يَقول
ستكتب فيه بالدماء حوادِث / وَتُقرأ لِلوَيلات فيه فصول
وَيَذهَبُ هَذا الجيل نضو شقائه / وَيأَتي سعيداً بالسَلامة جيل
أَفعم الرزء كلَّ قلب غَليلا
أَفعم الرزء كلَّ قلب غَليلا / وَأَبى أَن يَكون إلا جَليلا
قَد أَصابَت يد المَنيَّة رأَساً / عقد المجد فوقه إكليلا
لطمت وَجهها عليه القوافي / وَأَطالَت بيض المَعاني العَويلا
لمن الجازِعات يبكين في البي / تِ وَيعْوِلْنَ بكرة وَأَصيلا
رزء عبد الرَحمن واحرَّ قَلبا / لا يريني الصبر الجَميل جَميلا
إِنَّ لِلعَين في المَدامع منها / بعد عبد الرحمن سبحاً طَويلا
البسي للحداد يا ابنة عدنا / ن سواداً فموئل القوم غيلا
من بَني يعرب عَلى الرَغم منهم / أَخذ المَوت سيداً بهلولا
عجل الموت بالعَميد فأودى / ما عَلى المَوت لَو تأنّى قَليلا
بعد يأس له من الأرض باد / مدّ طرفاً إلى السماء كَليلا
لَيتَ شعري ماذا الَّذي كانَ يَبغي / حينما مد طرفه ليَقولا
كثرت غارَة المَنايا عَلَينا / أَترى أَن لِلمَنايا ذحولا
ربَّ بيت سمعت فيه هتافاً / ثم إني سمعت فيه عويلا
وَعيون للحزن مغرورقاتٍ / تَبتَغي مثل دمعها أَن تسيلا
قَد أَضاعَ العصر الأخير لعمري / كَوكباً في جو العراق جَميلا
المَعالي وَلا كرزء المَعالي / فقدت غرة لها وَحجولا
إنني مشفق عَلى غير جدوى / من تراب عَلى محياك هيلا
خشيَتي أن تطيل في القبر نوماً / فيشق البلى إليك سَبيلا
وَبودي أن يفتحوا فيه باباً / ليهب الصبا عليك بَليلا
وإذا الطب لَم يجئ بشفاء / تَرتَجيه فالمَوت يَشفي العَليلا
أَإِذا ما نجا امرؤ من جدال / أَخذته الأمراض أخذاً وَبيلا
قَد أَضاعَ العِراق أنفاً أبياً / وَلِساناً حلواً وَرأياً أَصيلا
أَنما ناموس الوراثة في الأح / ياء أن تتبع الفروع الأصولا
لَم يَكُن ما جُرعتَه من دواء / كل تلك الأيام يغني فَتيلا
كبر الداء فيك وَهوَ دَخيل / أَعضل الداء ما يَكون دَخيلا
ما زوى الداء منك تلك السجايا / فَلَقَد كنت أي وَرَبي حمولا
فتبسمت يوم كنت صَحيحاً / وَتبسمت يوم كنت عَليلا
سوف يُلقي رحاله كلُّ حيٍّ / حيث أَلقى أَهل العصور الأولى
تلك أرواحٌ أطلقتها المَنايا / فكأَنَّ الأجساد كانَت كبولا
وَكأنَّ الَّذين عاشوا وَماتوا / قَد تواصوا بالهلك جيلاً فَجيلا
في هدوء الثرى ينام رجال / أغمدتهم يد المَنايا نصولا
وَعدوني اللقاء بعد قَليل / حبذا الوعد لَم يكن ممطولا
إنما هذه الخَليقَة سفر / يقرأ الفَيلَسوف منه فصولا
أَيُّها القبر المستجدّ سلامٌ / وَعَسى أَن يَلقى سَلامي قبولا
بأبي أَنتَ من ضَريحٍ كَريم / ضم بين الضلوع منه نَبيلا
زرت تلك القبور أَبكي شباباً / كنت فيها دفنتُهم وَكهولا
سرني مطلع النجوم فَلَمّا / أَفلت عَن عيني بكيت الأفولا
قل لمن يحبس الدموع بعيني / هِ ألا خل للدموع السَبيلا
خلها في الخدود تَجري خفافاً / ساحبات وَراءهنَّ الذيولا
قيل عَبد الرَحمَن يَشكو زكاماً / ثُمَّ قالوا يَشكو ضَنىً وَنحولا
ثُمَّ قالوا خراجةٌ فيه لا بد / دَ من الشق عاجلاً لتزولا
ثُمَّ قالوا الحمَّى الَّتي لازمَته / تيفوئيدٌ قد لا تدوم طَويلا
ثُمَّ قالوا أَضاعَ من شدة الحم / مى نُهاه وَالرشد إلا قَليلا
ثُمَّ قالوا قَضى وَذلك ما قَد / كنت أَخشى من أَن يقال فَقيلا
يا لَه من رزء عَلى غير وَعدٍ / قد أَتى نازِلاً فَكانَ جَليلا
يا وَيلتا سأموت بعد قَليلِ
يا وَيلتا سأموت بعد قَليلِ / وأُفارِقُ الدنيا وكل جَميلِ
سأَجدّ مرتحلاً إلى دار البلى / بعد المقام وَلا يَطول رَحيلي
سأحث في ظلمات ليل حالك / سَيري إلى عدم بغير دَليل
سأشط عَن وَطَني الحَبيب مخلِّفاً / صحبي هناك وأُسرَتي وَقَبيلي
سأنام ثُمَّ أَنام في ملحودة / ضاقَت وَفي ليل عليَّ طَويل
ستضيء بَعدي الشَمس في ضحواتها / وَتَعود تطلع غبَّ كلِّ أُفول
وَلسوف ينساني الألى أَحببتهم / ويصدّ عني صاحبي وَخَليلي