المجموع : 38
أَلا حَبَّذا بَينَ النَخيلِ نُزولُ
أَلا حَبَّذا بَينَ النَخيلِ نُزولُ / وَظِلٌّ بِأَكنافِ العَقيقِ ظَليلُ
أَمان لَنا يا طَيبُ عِندَكِ يا تُرى / إِلَيها لَنا يَوماً يَكونُ وُصولُ
نُقَبِّلُ أَرضاً مَسَّها قَدَمُ الَّذي / لَهُ سُحِبَت فَوقَ السَماءِ ذُيولُ
سَرى راحِلاً لِلعَرشِ في بَعضِ لَيلَةٍ / وَعادَ لَهُ بَعدَ القَبولِ قُفولُ
نَبِيُّ جَميعِ الأَنبِياءِ مُحَمَّدٌ / نَعَم وَلِكُلِّ المُرسَلينَ رَسولُ
وَكُلُّ رَسولٍ خَصَّ قَوماً وَإِنَّهُ / بِبعثَتِهِ لِلعالَمينَ شمولُ
فَما كانَ بَينَ الخَلقِ مِثلٌ لِأَحَمَدٍ / وَلَيسَ لَهُ فيمَن يَكونُ مَثيلُ
وَكُلُّ صُنُوفِ الفَضلِ في كُلِّ فاضِلٍ / بِنِسبَةِ فَضلٍ قَد حَواهُ قَليلُ
يُحيلُ عَلَيهِ المُرسَلُونَ بِحَشرِهِم / وَلَيسَ عَلى غَيرِ الإِلَهِ يُحيلُ
فَيَحمِلُ أَثقالَ الخَلائِقِ وَحدَهُ / لَدى رَبِّهِ إِنَّ الكَريمَ حَمولُ
هَلّا اِتَخَّذتَ إِلى الرَسولِ سَبيلا
هَلّا اِتَخَّذتَ إِلى الرَسولِ سَبيلا / فَتُشاهِدَ المَأمونَ وَالمَأمُولا
وَتَرى هُنالِكَ طَيبَةً مَجلُوَّةً / وَبِرَأسِها مِن نورِهِ إِكليلا
بَلَدٌ بِهِ شَمسُ النُبُوَّةِ أَشرَقَت / دامَت وَلَم تَرَ في الوُجودِ أفولا
بَلَدٌ بِهِ بَحرُ الشَريعَةِ قَد طَما / عَمَّ البَسيطَةَ عَرضَها وَالطولا
بَلَدٌ بِهِ ذاتُ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / كَم جابَرَت بِلِقائِها جِبريلا
في مَكَّةٍ جَهِلوا عَلَيهِ وَأَهلُها / ما كانَ فيهِم قَدرُهُ مَجهولا
أَكرِم بِأَنصارِ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / أُسداً وَأَكرِم بِالمَدينَةِ غيلا
أَكرِمِ بِكُلِّ الصَحبِ لَم نَسمَع لَهُم / بِجَميعِ صَحبِ الأَنبِياءِ مَثيلا
بُغض الأَسافِلِ لَم يُنَقِّص فَضلَهُم / بَل زادَهُم بَينَ الوَرى تَفضيلا
إِنَّ السِراجَ إِذا عَبثتَ بِضَوئِهِ / يَزدادُ فيهِ ضوؤُهُ تَكميلا
أَجَل لَيسَ لِلهادي الشَفيعِ مُماثِلُ
أَجَل لَيسَ لِلهادي الشَفيعِ مُماثِلُ / هُوَ البَحرُ لَم يُعرَف لَهُ قَطُّ ساحِلُ
فَعولُن مَفاعيلُن فَعولُن مَفاعِلُ / طَويلُ نِجادِ السَيفِ أَروَعُ باسِلُ
أَيَّدَت خَيرَ الوَرى مُعجِزاتُ
أَيَّدَت خَيرَ الوَرى مُعجِزاتُ / كُلّها آياتُها بَيِّناتُ
فاعِلاتُن فاعِلُن فاعِلاتُ / وَمَديد حُكمَها دائِماتُ
لِلمُصطَفى مِلَّةٌ دانَت لَها المِلَلُ
لِلمُصطَفى مِلَّةٌ دانَت لَها المِلَلُ / وَشرعُهُ أَشرَقَت مِن نورِهِ السُبُلُ
مُستَفعِلُن فاعِلُن مُستَفعِلُن فعلٌ / بَحرٌ بَسيطٌ بِهِ بَحرُ الوَرى وَشَلُ
عَلِمتُ اللَه لَيسَ لَهُ مَثيلُ
عَلِمتُ اللَه لَيسَ لَهُ مَثيلُ / وَأَنَّ مُحَمَّداً نِعمَ الرَسولُ
مُفاعَلَتُن مُفاعَلَتُن فَعولُ / بِوافِرِ نُورِهِ اِتَّضَحَ السَبيلُ
بِمُحَمَّدٍ نورُ المَعارِفِ شامِلُ
بِمُحَمَّدٍ نورُ المَعارِفِ شامِلُ / لَولاهُ ما عَرَفَ الفَضائِلَ فاضِلُ
مُتفاعِلُن مُتفاعِلُن مُتَفاعِلُ / كَمُلَت صِفاتُ عُلاهُ فَهوَ الكامِلُ
أَتى المُختارَ تَنزيلُ
أَتى المُختارَ تَنزيلُ / بِهِ قَد جاءَ جِبريلُ
مَفاعيلُن مَفاعيلُ / فَإِهزاجٌ وَتَرتيلُ
خَير الوَرى طُرّاً وَأَعلى أَفضَلُ
خَير الوَرى طُرّاً وَأَعلى أَفضَلُ / نَبِيُّنا المُدَّثِرُ المُزَّمِلُ
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن مُستَفعِلُ / بِرَجَزي في مَدحِهِ أَبتَهِلُ
طَيبَةٌ طابَت وَهاتيكَ الجِهاتُ
طَيبَةٌ طابَت وَهاتيكَ الجِهاتُ / شَمِلتَها بِالنَبِيِّ البَرَكاتُ
فَاعِلاتُن فاعِلاتُن فاعِلاتُ / رَمَلاً سارَت إِلَيها اليَعمُلاتُ
ما تَحتَ تَهديدِ العِدا طائِلُ
ما تَحتَ تَهديدِ العِدا طائِلُ / نَبِيُّنا الهادي لَنا كافِلُ
مُستَفعِلُن مُستَفعِلُن فاعِلُ / وَهوَ سَرِيعٌ خَيرُهُ شامِلُ
خَيرُ الوَرى بِالكَمالِ مُشتَمِلُ
خَيرُ الوَرى بِالكَمالِ مُشتَمِلُ / بِفَضلِهِ الجَمِّ يُضرَبُ المَثَلُ
مُستَفعِلُن فاعِلاتُ مُفتَعِلُ / مُنسَرِحُ الجودِ لَيسَ يَنعَقِلُ
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ
مِن هُدى المُصطَفى اِستَفادَ الهُداةُ / وَاِستَنارَت بِنورِهِ النَيّراتُ
فاعِلاتُن مُستَفعِ لن فاعِلاتُ / بِخَفيفٍ أَمداحُهُ راجِحاتُ
عُلا طَهَ شامِخاتُ
عُلا طَهَ شامِخاتُ / عَلى الزُهرِ عالِياتُ
مَفاعيلُن فاعِلاتُ / بِنُورٍ مُضارِعاتُ
شَرعُ طَهَ مُكتَمِلُ
شَرعُ طَهَ مُكتَمِلُ / وَهوَ عَدلٌ مُعتَدِلُ
فاعِلاتُن مُفتَعِلُ / لا اِقتِضابٌ لا عِلَلُ
أَئِمَّةُ الشِركِ ماتوا
أَئِمَّةُ الشِركِ ماتوا / بِسَيفِ طَهَ وَفاتوا
مُستَفعِلن فاعِلاتُ / جُثَّت بِهِ النائِباتُ
سَما فَوقَ هامِ السَماءِ الرَسولُ
سَما فَوقَ هامِ السَماءِ الرَسولُ / دَنا فَتَدَلّى فَتَمَّ الوصولُ
فَعولَن فَعولُن فَعولُن فَعولُ / تَقارَبَ حَيثُ نَأى جِبرئيلُ
الفَضلُ تَقاسَمَهُ الرُسلُ
الفَضلُ تَقاسَمَهُ الرُسلُ / وَالكُلُّ بِأَحمَدَ مُكتَمِلُ
فَعلُن فَعلُن فَعلُن فَعلُ / وَلَهُ خَبَباً تَعدو الإِبِلُ
هوايَ طيبةُ لا بيضاءُ عطبولُ
هوايَ طيبةُ لا بيضاءُ عطبولُ / وَمُنيَتي عينُها الزرقاءُ لا النيلُ
عَذراءُ جلّت عنِ التشبيبِ إذ جُليت / هامَت بِها الخلق جيلاً بعده جيلُ
كلُّ المحاسِن جزءٌ من محاسنها / إِجمالُها بجمالِ الكون تفصيلُ
فَما سعادُ إِذا قيسَت ببَهجتها / وكلُّ أَمثالها إلّا تماثيلُ
ما كنتُ أسألُ لولاها الركائبَ عن / سلعٍ وَلا كانَ لي بالجزع مسؤولُ
مَتى أَراها بطرفٍ ظلَّ يكحلهُ / مِن تربةِ البيدِ ميلٌ بعده ميلُ
حتّى إِذا ظهَرت آيُ البشير له / رَوى أحاديثهُ للناس مكحولُ
تقولُ نفَسي غداً أو لا فبعد غدٍ / يا نفسُ يكفيك هذا القال والقيلُ
إِن قرّبوا فبلا قولٍ ولا عملٍ / أَو أبعدوكِ فما للقولِ محصولُ
إِذا دخلتِ حِماهم فاِدخُليه مَتى / شاؤوا وَإلّا فمنكِ الحبُّ مدخولُ
سيلي جَوىً واِسألي تقريبهم كرماً / فربَّ سائلةٍ يرجى لها السولُ
وَحمّلي البرقَ حاجاتٍ يبلّغُها / عربَ النقا حيثُ ربع الأنس مأهولُ
يا برقُ واِسر إلى سلعٍ بجاريةٍ / مِنها على الرأسِ حلوُ القطرِ محمولُ
وَاِسق الحِمى نهَلاً من بعده عللٌ / قد كنتُ أَسقيهِ لولا الدمع معلولُ
الحمدُ للَّه عَيني في غنىً ولها / كنزانِ مِن دمعها الياقوت واللولو
يا برقُ أشبهتَ ثغرَ الحبّ مُبتسماً / هَل منكَ يا برقُ للأعتاب تقبيلُ
يا برقُ واِشرح لِسادتي وإِن علموا / مَعنى المُعنّى وما بالشرحِ تطويلُ
قُل نازحٌ في بلاد الشامِ حاجتهُ / مِنكم قبولٌ فَقولا أنت مقبولُ
صَبٌّ سَرى الحبّ في أجزاءِ طينته / مُذ كانَ وهو عليه الدهر مجبولُ
يهمُّ بالسيرِ والأقدارُ تقعدهُ / كأنّما هي كبلٌ وهو مكبولُ
في قلبهِ جمرةٌ لولا العيون بها / جَفّت لَكان جرى في شأنها النيلُ
حليفُ فقرٍ لعربِ المُنحنى وله / دينٌ على أغنياء الجزع ممطولُ
يَهوى الحجازَ وتُصبيه معالِمهُ / شَوقاً لأهليهِ والبيد المجاهيلُ
تُرضيه رَضوى ويَحلو بالعذيبِ له / نحوَ المدينة إرقالٌ وترسيلُ
إِن يَجعلوا شخصَها بالبعد محتجباً / عنهُ فتَمثالها في القلب مجعولُ
أَستغفرُ اللَّه مِن قولٍ أُخيّلهُ / صِدقاً ومعناه بالتحقيق تخييلُ
كأنّه النحوُ أقوالٌ مجرّدةٌ / قامَت بأنفُسها تلك الأقاويلُ
لا تجحدِ الحقَّ يا هذا فأنت فتىً / كسلانُ عندك تسويفٌ وتسويلُ
هذي البحارُ وهَذي البيدُ ما برِحَت / تَجري بها السفنُ والنوقُ المراسيلُ
لَو كنتَ تَقوى بتَقوى اللَّه طرت ولم / يُحوِجك فُلكٌ ولم تعوزك شمليلُ
لَكن بركتَ بأثقالِ الذنوبِ وهل / بِمِثلها لجناحِ المرءِ تثقيلُ
عَليكَ بالصدقِ في حبِّ الحبيبِ فما / بِغيرهِ لكَ تحصيلٌ وتوصيلُ
محمَّدٌ خيرُ خلق اللَّه أفضلهم / لديهِ سيّان مفضالٌ ومفضولُ
أَصلُ النبيّين قِدماً وهو خاتمُهم / فمنهُ للكلّ إجمالٌ وتجميلُ
حَقيقةُ الفضلِ عنه لا مجازَ لها / أمّا سواهُ فَتشبيهٌ وتمثيلُ
كلُّ الفضائلِ منه فُصّلت فلهُ / على البريّةِ بالتفصيل تفضيلُ
وَدينهُ الحقُّ مفتاحُ الفلاح فما / بِدونهِ بابهُ المقفول مدخولُ
لا جرحَ يلحقُ مَخلوقاً يعدّله / وَما لِمجروحهِ في الخلق تعديلُ
لَم يجحدِ اللَّهَ لم يجحد نبوّته / إلّا عمٍ عن طريقِ الرشد ضلّيلُ
فَكلُّ ذرّاتِ كلّ الخلق شاهدةٌ / أَن لا إله سوى الرحمن مقبولُ
وَأَنّ أحمدَ خيرُ الرسلِ رحمتهُ / لِلعالمينَ ففيها الكلُّ مشمولُ
مِن نورهِ خلقَ اللَّه الورى فسرى / لآدمٍ وبعبدِ اللَّه موصولُ
نعمَ الظهورُ البطونُ الحاملاتُ له / يا حبّذا حاملٌ منهم ومحمولُ
كَم مِن دلائلَ جاءَت في نبوّتهِ / إنَّ النهارَ لِشمسِ الأفق مدلولُ
الإنسُ والجنّ والأملاك شاهدةٌ / بِها وتَوراةُ موسى والأناجيلُ
كَم معجزاتٍ له جاءَ البعيرُ بها / وَالظبيُ والضبّ والسرحان والفيلُ
وَكالعناكبِ قد فازت بنصرتهِ / وُرقُ الحمائمِ والطير الأبابيلُ
وَالشمسُ رُدّت وشقّ البدر حين بدا / بدرٌ له بظلال الغيمِ تظليلُ
وَالجذعُ حنّ وجاءت نحوه شجرٌ / تسعى وَسيفُ جريدِ النخل مصقولُ
وَعِلمُه الغيبَ من مولاهُ مطّردٌ / مثل الدعاءِ ومهما شاء مفعولُ
لَم تخرجِ السحبُ يوماً عن إشارتهِ / غيثٌ وصحوٌ وتكثيرٌ وتقليلُ
بِالبرءِ سقمٌ وبالموتِ الحياة بهِ / وَالعكسُ بالعكس تنكيرٌ وتكميلُ
كَفى المئينَ كَفى الآلاف من يدهِ / مدٌّ من القوت مشروبٌ ومأكولُ
كفُّ الحَصى في حنينٍ منه كان به / كيوم بدرٍ لجيش الكفر تنكيلُ
أَبو دُجانة نالَ السيفَ في أحدٍ / وكم بهِ كان مجروحٌ ومقتولُ
في الخندقِ الصخرُ مثل الرملِ صار لهُ / مِن بعدِ أن عجزت عنه المعاويلُ
شَفى بتفلتهِ عينَي أبي حسنٍ / في خيبرٍ فكأنّ التفل تكحيلُ
أَشارَ في الفتحِ للأصنامِ فاِنتَكَست / بِالحقّ قد بطلت تلك الأباطيلُ
وَفي تبوكَ عيونُ الرومِ منه جرَت / جَريَ المذاكي وجيشُ الشرك مخذولُ
كِتابهُ مُعجزٌ للخلق قد خَضَعت / لهُ الأقاويلُ منهم والمقاويلُ
قُرآنُ أحمدَ في التقصيرِ عنهُ حكى / زبورَ داودَ توراةٌ وإنجيلُ
فَكَم تضمّن مِن آلاف مُعجزةٍ / تَفسيرُها ما له في الناس تأويلُ
كلُّ العلومِ له فيه به اِجتَمعت / وَمنهُ للناسِ منقولٌ ومعقولُ
بهِ الشرائعُ والأديانُ قد نُسخت / فَما على غيره للناس تعويلُ
لَو كانَ مِن عندِ غير اللَّهِ لاِختلفوا / فيهِ وَوافاه تبديدٌ وتبديلُ
بِالحقِّ مُنزلهُ المولى وحافظه / مِن أينَ مِن أينَ تأتيه الأباطيلُ
هوَ الكريمُ الّذي للكتبِ قاطبةً / مِن نورِ جَدواه تنويرٌ وتأويلُ
هوَ القديمُ بمعناهُ الحديثُ أتى / وَمِنهما الشرعُ تفريعٌ وتأصيلُ
لكنَّه بِالتحدّي مُعجزٌ وله / دونَ الأحاديث ترثيبٌ وترتيلُ
لا ينزلُ الريبُ يوماً حول ساحتهِ / لأنّه مِن لَدُن مولاه تنزيلُ
وَكَم له آيةٌ غرّاء واضحةٌ / لدينهِ غررٌ منها وتحجيلُ
سَرى إلى العرشِ بعد القدسِ ثمّ أتى / إِلى البطاحِ وسترُ الليل مسدولُ
أَكرِم بها رِحلةً كان الدليل بها / عَلى الطريقِ أمينُ اللَّه جبريلُ
حتّى أَتى السدرةَ العلياءَ قال هنا / عَن غيركَ البابُ يا مقبول مقفولُ
وَزجّ بالمُصطفى في النورِ مُنفرداً / حتّى رَأى ربّه والكيف مجهولُ
وَنال مِن قسمةِ التقريبِ سهمَ رضىً / بقابِ قوسَين هذا السهم موصولُ
مَرقىً رَقاه على متنِ البراقِ علا / كلَّ الأنامِ به في شرحه طولُ
وَمنصبٌ ليلةَ المعراجِ خصّ به / كلُّ الورى عنه معدولٌ ومعزولُ
لا يعلمُ الناسُ في الدنيا حقيقتهُ / فَالعقلُ عنها بحبلِ العجز معقولُ
وَفي القيامةِ تَبدو شمسُ رُتبته / كأنّها فوقَ هامِ الخلق إكليلُ
يجرُّ في الحشرِ ذَيلاً من سيادتهِ / بِفضلهِ كلُّ خلق اللَّه مشمولُ
حيثُ الشفاعةُ لا تَرضى سواهُ ولا / يَقوى لِخطبَتها الغرّ البهاليلُ
قَد أحجَم الرسلُ حتّى قال قائلهُم / في ظلِّ أحمدَ يا كلّ الورى قيلوا
يُرى هنالكَ مَشغولاً بأمّتهِ / وَالكلُّ بالنفسِ عن كلّ مشاغيلُ
مَقامهُ ثمَّ مَحمودٌ وفي يدهِ / فوقَ الجميعِ لواءُ الحمد محمولُ
هذا هوَ الجودُ ضيفُ اللَّه خصّ بهِ / محمّدٌ ولكلِّ الخلق تطفيلُ
اللَّه أرسلهُ والشركُ مُشتركٌ / فيهِ الأنامُ وللتوحيد توحيلُ
فأصبحَ الشركُ في أشراكِ حكمتهِ / كالوحشِ وهو بحبلِ الذلّ محبولُ
وَحلّ في الأرضِ دينُ اللَّه محترماً / وَعمّها منه تحريمٌ وتحليلُ
قَد خاصمَ الناسَ حيناً ثمّ حاكَمهم / إِلى السيوفِ وحكم السيف مقبولُ
فَفازَ بالحقِّ حُكماً غير منتقضٍ / لَهُ بِصفحةِ هذا الدهر تسجيلُ
في سادةٍ هاجَروا للَّه شارَكهم / بِالنصرِ أنصارهُ الشمُّ الرآبيلُ
كِلا الفريقينِ أبطالٌ ضراغمةٌ / لا يعصِمُ الأسدَ من غاراتهم غيلُ
في السلمِ خدُامه في الحربِ أسهمهُ / سُيوفهُ وقناهُ والسرابيلُ
نِعمَ السلاحُ الّذي رأسُ الضلالِ به / وَسيفهُ العضبُ مفلوقٌ ومفلولُ
قَد أجفلَ الناسُ مِن عربٍ ومن عجمٍ / مِنهم وما فيهمُ في الحرب إجفيلُ
نِعالُهم أينَما حلّوا أوِ اِرتَحلوا / عَلى رؤوسِ أَعاديهم أكاليلُ
في كلِّ يومٍ يُرى مِنهم هنا وهنا / لِلدّينِ والشرك تجديدٌ وتجديلُ
همُ الهداةُ فإِن ضلّت بهم فئةٌ / فقَد يغصُّ بعذبِ الماء مغلولُ
بئسَ الشقيُّ شقيٌّ كان قمستهُ / مِن معدنِ الرشدِ إغواءٌ وتضليلُ
كلٌّ عُدولٌ وكلٌّ عادلونَ وما / فيهِم فتىً عن طريقِ الحقّ معدولُ
لكنّهم دَرجاتٌ بعضُها عليَت / وَالبعضُ أَعلى وما فيهنّ تسفيلُ
أَعلاهمُ الخلفاءُ الراشدون على / ترتيبهم وَسواهم فيه تفصيلُ
كالشمسِ في الأفقِ الأعلى أبو حسنٍ / ومِن معاويةٍ في الأرض قنديلُ
أكرِم بأصحابهِ أكرم بعترتهِ / نورانِ منهُ فَموصولٌ ومفضولُ
مِنهم شموسُ ضياً منهم بدور علاً / منهم نجوم هدىً منهم قناديلُ
عدوُّ قومٍ عدوُّ الآخرين فلا / يخدعكَ مَن عندهُ للبعض تبجيلُ
فَأحببِ الكلَّ تُجعل يا فتى معهُم / إنّ المحبَّ معَ الأحباب مجعولُ
يا سيّدَ الرسلِ يا مَن لا يزال بهِ / لكلّ صعبٍ بإذن اللَّه تسهيلُ
أَشكو إليكَ زَماني شاكراً نعماً / ما عندَ مثلي لها لولاك تأهيلُ
فَقَد بُليتُ بعصرٍ كلّه فتنٌ / فيهِ أخو الحقّ مغلوبٌ ومغلولُ
عَصرٌ على الخيرِ صالَ الشرّ فيه ولا / تهوينَ إلّا علاه فيه تهويلُ
هذا الزمانُ الّذي بيّنت شدّتهُ / فكلُّ ما قلتَ فيه اليوم مفعولُ
الدّينُ فيه بحكمِ الجمرِ قابضهُ / بنارِ دنياه بين الناس مشعولُ
لولا نجومُ هدىً من شمسكَ اِقتبسوا / أنوارَهم عمّت الدنيا الأضاليلُ
بِوعدكَ الصدق لا تنفكُّ طائفةٌ / منّا على الحقّ مهما كان تبديلُ
أَنتَ الحبيبُ إليكَ الأمرُ أجمعهُ / مِنَ المُهيمن في الدارين موكولُ
فاِنظُر لأمّتك الغرّاء قَد لَعِبت / بِها عراقيلُ تتلوها عراقيلُ
كَم قابَلتها بِما تَخشى فراعنةٌ / وكَم لَها مِن شرارِ الناس قابيلُ
مَهما أساءَت فَلن ترضى إساءتها / حسبُ المُسيء من الإحسان تقليلُ
عَجّل بقهرِ أَعاديها فليس لها / في الخلقِ غيركَ يا مأمون مأمولُ
وَكُن لَها وزراً ممّا ألمّ بها / فَقَد كَفاها على الأوزار تنكيلُ
وَاِعطِف عليّ فإنّي مُذنبٌ وجلٌ / في الخيرِ لا عاملٌ منّي ومعمولُ
وَاِخلَع عليّ وأَهلي للرضا حللاً / أَجملتُ قولي ولا تخفى التفاصيلُ
لا تَنسني يومَ نزعِ الروح من جسَدي / وَيومَ أُسألُ إنّي عنك مسؤولُ
سهّل شَدائدَ أيّام القيامة لي / فإنَّ عقدَ اِصطباري ثمّ محلولُ
ما لي سواكَ كَفيلٌ يوم يطلُبني / أَهلُ الديونِ فقل لي أنت مكفولُ
وحاصِلُ الأمرِ أنّي طامعٌ برضى / ربّي وإن قلّ بي للخيرِ تحصيلُ
إنّي اِلتجأتُ إِلى مقبولِ حضرتهِ / وكلُّ مَن عاذَ بالمقبول مقبولُ
كَم خائِفٍ حصلَ التأمين منك له / وَآمنٍ كانَ منه فيك تأميلُ
أَتاكَ كَعبٌ وقد جلّت جنايتهُ / وَكادَ يَغتالهُ من ذنبه غولُ
وَقامَ ينشدُ لَم تملل مدائحهُ / غيرُ الكريم لديه المدح مملولُ
فآبَ بالبُردةِ الحسناءِ مُشتملاً / وَعادَ وهو ببردِ العفو مشمولُ
وَلستُ مِثلاً لهُ لكنّ حالتهُ / لَها بحالةِ هذا العبد تمثيلُ
إِن كانَ متبولَ قلبٍ يوم أنشدكم / بانَت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ
ورُبّ سُبّاقِ فضلٍ عارَضوه بها / أَنا الأخير بهم غرٌّ ذهاليلُ
خاضوا بمدحكَ هذا البحرَ ما بلغوا / كَعباً فَعادوا لهم بالعجز تخجيلُ
إِن وَازَنتها وما وازَت قصائدُهم / فربَّما وازنَ الدرّ المثاقيلُ
وَللقريضِ تَفاعيلٌ توازنهُ / هيَ القريضُ وهاتيك التفاعيلُ
أَستغفرُ اللَّه كلٌّ قد أجادَ وهم / كلٌّ رؤوسٌ لهم بالفوز تكليلُ
لَكن لكعبكَ يا خيرَ الأنام على / رُؤوسِنا ثابتٌ فضلٌ وتفضيلُ
عليكَ أزكى صلاةِ اللَّه وهيَ لنا / مِسكُ الختامِ بها للخير تكميلُ
لِمَن رَبعٌ بأكناف المصلّى
لِمَن رَبعٌ بأكناف المصلّى / عَلا السبعَ العُلا شرفاً وفضلا
رَعاهُ اللَّه منيةَ كلّ نفسٍ / وَحيّا اللَّه تربته وأعلى
وَبلّغ مِن غَوادي السحبِ عنّي / قبابَ قُبا بسيلِ القطرِ سؤلا
وَدامَ على العقيقِ عهاد غيثٍ / تُروّى دوحهُ سَلماً وأثلا
وَلا برحَ النسيمُ على العوالي / يجرُّ هناكَ فوقَ النجمِ ذيلا
وَحيّا اللَّهُ من أُحدٍ محبّاً / حَبيباً لن يملَّ ولن يُملّا
قَريرَ العينِ ضحّاك الثنايا / قَريباً لا يزالُ الدهرَ جذلا
فَيا ركبَ الحجازِ فدتكَ نفسي / تَحمّل ما يخفُّ عليكَ حَملا
مَتى جُزتَ النَقا وَربوعَ سَلعٍ / وَجئتَ أعزّ أرضِ اللَّه أَهلا
فَبادِر بِالسجودِ عَلى ثَراها / وَأدّ بلثمهِ فَرضاً وَنَفلا
وَخُذ علمَ الهَوى لا عن كتابٍ / وَلا تَختَر منَ الأبوابِ فصلا
وَبلّغ طيبةً وَالساكنيها / رسائلَ مِن مليءُ الشوقِ تُملى
يَظلُّ فؤادهُ للجزعِ يصبو / وَيهوى بِاللِوى ماءً وظلّا
وَحيِّ بِها الحرارَ فإنّ ذوقي / يَراها مِن رياضِ الشامِ أحلى
أُحبّ لأجلِ ذاتِ النخلِ نخلاً / بِها وحِجارةً فيها ورملا
وَأَهواها وأَهوى لابَتَيها / وَأَهوى أرضَها حَزناً وسَهلا
وَأَهوى كلّ مَنسوبٍ إليها / وَإِن لم تَرضني للوصلِ أهلا
أَراها مُنيتي وهوى فؤادي / إِذا هويَ السِوى هنداً وليلى
هيَ العذراءُ يَهديني هَواها / إِذا ما الغيرُ بالعذراء ضلّا
لَقد شَغلَت فؤادي عَن سواها / وَلَم تَترك له بالغيرِ شُغلا
وَكنتُ هويتُ قبلَ اليوم جملاً / فَأَنستني هوى جُملٍ وجُملا
وَلا عجبٌ إذا حلّت بقلبي / فإنّ بِها رسولَ اللَّه حلّا
محمّدٌ المُصفّى مِن قريشٍ / خيار العربِ خير الناسِ أصلا
تنقّلَ نورهُ في خيرِ قومٍ / وَأَشرف مَعشرٍ أُنثى وَبعلا
تفرّعَ عَن أصولٍ ثابتاتٍ / علَت كلّ الورى أصلاً وفصلا
إِلى أَن حلّ أنجبَ كلِّ أُنثى / وَخيرَ عقائلِ الأنجابِ فَحلا
وَكَم ظَهرت لهُ آياتُ صدقٍ / تدلُّ عَلى الهُدى مُذ كانَ حَملا
فَلَولاه لَما نُصرت طيورٌ / أَبابيلٌ وجيشُ الفيلِ فُلّا
وَلَمّا أَن أتى بَشراً سَويّاً / وَأجملَ كلّ خلقِ اللَّه شَكلا
بَدا مِن أمِّه نورٌ أراها / قصورَ الشامِ ظاهرةً تجلّى
بَراهُ اللَّه أَوفى الناسِ نيلاً / وَأفضلَ خلقهِ ذاتاً ونُبلا
وَلَم يوجِد لهُ في العلمِ مِثلاً / وَلَم يخلُق له في العدل عدلا
وَأَعطاهُ علومَ الغيبِ حتّى / كأنّ الدهرَ بين يديه يُجلى
وَحليةُ ذاتهِ أبهى حليٍّ / بِها الرحمنُ جمّله وحلّى
وَمِن كلِّ المناقبِ قد حباهُ / خِصالاً أحرزت للسبقِ خصلا
بِها سادَ الورى شَيخاً وكهلاً / وَأروعَ يافعاً وأغرّ طفلا
فَضائلُ لَو قُسمنَ على البرايا / لَما أبقينَ بينَ الخلقِ نذلا
أَجلُّ الناسِ أَفراداً وجمعاً / وَخيرُ الخلقِ أَبعاضاً وكُلّا
حُلاهُ في الزبورِ وسفرِ شعيا / وَفي التوراةِ والإنجيلِ تُتلى
تَنبّأ قبلَ آدمَ وهو ختمٌ / فَيا للَّه ختمٌ جاء قبلا
وَسادَ جميعَ رسلِ اللَّه قدماً / فَكانَ السيّد السندَ الأجلّا
وَصلّى ليلةَ الإسراءِ فيهم / فَجلّى في الرسالةِ حينَ صلّى
أَنافَ بليلةِ المِعراجِ قَدراً / عَلى كلِّ الوَرى علواً وسفلا
عَلا السبعَ العلا والرسلُ فيها / وَجاوَزها إِلى أعلى فأعلى
رَأى المولى بلا شبهٍ ومثلٍ / وَلا كيفٍ تعالى اللَّه جلّا
وَلمّا كان منه كقاب قوسٍ / بحقٍّ أحرزَ القِدحَ المعلّى
تأمّل كونهُ كالقاب قرباً / وَأدنى إذ دنا لمّا تدلّى
وَجبريلُ الأمينُ يقول حدّي / هُنا لا أستطيعُ القربَ أصلا
تَجِده قَد علا العالينَ قدراً / وَلا يعلوهُ إلّا اللَّه فضلا
وَفي يومِ القيامةِ سوف يبدو / لهُ شرفُ الشفاعةِ قد تجلّى
يُحيلُ المُرسلونَ عليه فيها / فَيظهرُ أنّه بالفضلِ أولى
وَكَم مِن مُعجزاتٍ باهراتٍ / كَثيراتٍ بها الهادي اِستقلّا
تَوالَت آيُها فالبعضُ يتلو / سواهُ كثرةً والبعض يُتلى
كَلامُ اللَّه أبهرُها وأبهى / وَأعلاها وَأغلاها وأحلى
إِذا مرّ المكرّرُ من سواهُ / فِبالتكرارِ قَد يَحلو ويَحلى
جَديداً لم يَزل في الناسِ مهما / مَضى يَبلى الزمانُ ولَيس يبلى
دَعا المولى فشقَّ البدرَ وَحياً / وردَّ الشمسَ للمولى فصلّى
وَكَم شهدَ الجمادُ له بحقٍّ / كأنَّ اللَّه قَد أعطاه عقلا
سَعت شجَرٌ إليهِ شاهداتٍ / وعادَت فاِستوت سَرحاً ونخلا
وَسلّمتِ الحجارة مُفصحاتٍ / وَجذع النخلِ حنّ حنينَ ثَكلى
وَظلّله الغمام ومالَ فيءٌ / وَأعجبُ منه عرجونٌ تدلّى
وَليسَ لِشخصهِ في الأرض ظلٌّ / وهل أَحدٌ رأى للنورِ ظلّا
دَعتهُ غزالةٌ فيها وثاقٌ / فحلّاها بنعمتهِ وحلّا
وَأفصحَ بالشهادةِ فيه ضبٌّ / وذلّ الفحلُ والسرحان دلّا
ونسجُ العنكبوتِ بغار ثورٍ / غَدا لعزائمِ الكفّار فصلا
بِرأسِ الغارِ بيضةُ ذاتِ طوقٍ / وَقتهُ منَ العدا بيضاً ونبلا
وَطرفُ سُراقةٍ بالخسفِ صارَت / لهُ الغبراءُ حتّى تابَ كَبلا
وَمسّ الضرعَ مِن شاةٍ عناقٍ / وأُخرى حائلٍ فحلبنَ سَجلا
وَما باِسمٍ دعا الرحمن إلّا / أَجاب دعاءهُ بالحال فعلا
وَما قطّ اِستهلّ لحبس غيثٍ / بِأيسرِ دعوةٍ إلّا اِستهلّا
وَربّ قليلِ مالٍ أو طعامٍ / بهِ الجيشُ اِكتفى شُرباً وأكلا
وَكَم ذا مِن مَريضٍ قد شفاهُ / وَلو شلّت جوارحهُ وسلّا
إِذا ما بلّ ذا داءٍ بريقٍ / يُرى في حال بلّته أبلّا
أَلَم يبلغكَ ما فعلَت رقاهُ / بِطرفِ قتادةٍ إذ سالَ سيلا
شَفى برضابهِ عَينَي عليٍّ / فَيا عَجباً لريقٍ صارَ كحلا
عَسيبُ النخلِ صارَ له حُساماً / وَسيفُ عكاشةٍ قد كانَ جذلا
وَكان لصحبهِ الأبطال حصناً / حَصيناً في الوغا والسلم ظلّا
شَديدُ البطشِ ذو عزمٍ قويٍّ / وَقلبٍ لا يَخالُ الهولَ هولا
فَكَم جمعَ العِدا جَمعاً صحيحاً / فَكسّر جَمعهم أسراً وقتلا
وَصارعهُ رُكنانة وهو ليثٌ / فَعادَ بصرعهِ في الحال وعلا
وَفي بدرٍ بقبضتهِ رَماهم / فَشتّت بالحَصى للقومِ شَملا
وَأَودى بعدُ في أُحدٍ أُبَيٌّ / بِحربتهِ كَما أنباه قبلا
وَلَو وَقَعَت عَلى رضوى محَتهُ / وَلَو وَقعت على ثهلانَ هلّا
إِشارتُه بيومِ الفتح خرّت / بِها الأصنامُ كالأعداءِ قَتلى
بِبغلتهِ غَزا غطفانَ يوماً / فَلَم يترُك لَهم إِبلاً وخيلا
فَكَم مِن هامةٍ بالسيفِ طُرّت / وَكَم ذا من دمٍ بالترب طُلّا
أَبادَ الجاهليّة والأعادي / فَلَم يترُك أبا جهلٍ وجهلا
وَأوقعَ باليهودِ وَفي تبوكٍ / أذلَّ الرومَ حينَ غَزا هِرَقلا
وَلَم ينفكَّ يَغزو الناسَ حتّى / تَولّاهم وأمرُ الكفرِ ولّى
أَتاهُ وهوَ مثلُ السيفِ حدّاً / فَلَم يَعبأ بهِ حاشا وكلّا
رَماهُ بالردى طَوراً وطوراً / عَلاهُ بالهدى حتّى اِضمحلّا
شَريعتهُ هَدت برّاً وبحراً / وَعمّ ضياؤها حزناً وسهلا
هيَ الشمسُ المُينرةُ في البرايا / ومِن عجبٍ غدَت للناس ظلّا
عَلت في كلِّ أرضٍ كلّ دينٍ / وَدينُ اللَّه يعلو ليس يعلى
أَيا خيرَ الأنام بكلّ خيرٍ / وَخيرَ خيارهم نَسباً ونسلا
إِذا جارَ الزمانُ على أناسٍ / أَتَوك فعادَ ذاك الجور عَدلا
وَإِن بخلَ الغمامُ بطلّ غيثٍ / هَمَت يُمناك للعافين وبلا
لَقَد فقتَ الورى في كلِّ وصفٍ / جَميلٍ واِنفردتَ علاً وعقلا
فَلَم يخلُق لكَ الرحمن شبهاً / وَلَم يخلُق لك الرحمنُ مثلا
وَنوعُ الإنسِ أشرفُ كلّ نوعٍ / لأنّك منهمُ يا نور شكلا
وَرُسلُ اللَّه سادوا الخلق طرّاً / وَفاقوا العالمينَ هدىً وفضلا
وَإنّك خيرُهم نَفساً وديناً / وَأَتباعاً وأصحاباً وأهلا
وَأَكثرُهم هُدىً وأعزّ جاهاً / وَأَطولهم علاً وأجلُّ طولا
فَقَد سُدتَ الورى علواً وسفلا / مَلائكةً وأنباءً ورسلا
أَيا مَن قد تمنّى كلّ تاجٍ / يكونُ برجلهِ للنعلِ نَعلا
وَخير الناسِ يَرضى أن تراهُ / للثمِ ترابِ تلك النعلِ أهلا
لَقَد شرّفتني في النوم فضلاً / بِتَقبيلي يداً منكُم وَرِجلا
َلَولا أن يُقال لقلت ما لي / مثيلٌ لا أرى لي اليوم مثلا
وَما قَصدي اِفتخارٌ غير أنّي / لِشُكرك أَنتقي معنىً وقولا
وَمَهما كانَ شُكراني جليلاً / فقَد جاءَت مواهبُكم أجلّا
وَلستُ بِحاجةٍ للمدحِ لكن / لَنا حاجٌ وليسَ سواكَ مولى
وَلَم تنفكّ للرحمنِ سيفاً / وَقَد يُستحسنُ السيفُ المحلّى
وَمَهما كنتَ أنت فأنت عبدٌ / وَعزَّ اللَّه مَولانا وجلّا