المجموع : 35
انهض بربك لا بنفسِكْ
انهض بربك لا بنفسِكْ / تشرف على أبناء جنسِكْ
فالكل أنت وأنت هو / والهو غداً فلكاً لشمسك
فإلى متى تبقى كذا / يا مَيْتُ في ظلمات رمسك
لا يظهر المخفي عن / عينيك إلا بعد طمسك
وحياة قدسك أنت في / أنت المنى وحياة قدسك
فاكشف حجاب سواك عن / أياك وانزع ثوب حدسك
واستقبل النسمات إن / وافتك من نفحات أنسك
وإذا ظهرت وكنت أن / ت بغير أنت لطيب غرسك
فانقل علومك عنك لا / عمن تخاطبه بدرسك
وانظر لعينك وانتظر / وعن السوى والغير أمسك
واقرأ كتابة أحرف / ظهرت على صفحات طرسك
وإذا حصلت على الذي / تحوي فيومك فوق أمسك
إن الوجود حقيقة لا تدركُ
إن الوجود حقيقة لا تدركُ / وقف الموحد دونها والمشركُ
والناس فيها فرقتان فعارف / حاز الكمال وجاهل يستدرك
والعين واحدة ولكن حكمها / يَقَقُ البياض وأسود محولك
فاطرح قيود الكائنات جميعها / واطلق عنانك في السرى مستمسك
وافتح عيونك في حقيقة ما ترى / لا يحجبنَّكَ عثيرٌ أو درمك
كدرُ الزخارف حلَّ ماءك فاختفى / عنك الذي هو عنه عينك تهتك
لكن وجودك قابل وكذا الورى / للصفو فاسلك يا هنا من يسلك
هذا الطريق بدا فأين السالكُ
هذا الطريق بدا فأين السالكُ / ما الناس إلا سالم أو هالكُ
رمت الشريعة أنت مملوك لها / وإذا الحقيقة رمت أنت المالك
والكائنات إذا عرفت تلألأت / وإذا جهلت هي الظلام الحالك
كن باسم حبك تكن موجود لا باسمَكْ
كن باسم حبك تكن موجود لا باسمَكْ / واخرج عن الفكر إن الفكر من رسمَكْ
وانسب إلى الحب كلك واجعلُهْ قسمَكْ / ورح عن الروح وامحق في الهوى جسمَكْ
قولوا لمن مدَّ فكرُهْ في الورى أشراكْ
قولوا لمن مدَّ فكرُهْ في الورى أشراكْ / ليعرف الحب هذا كله إشراكْ
الحب سمعكْ وأبصاركْ وما إدراكْ / انظر لنفسكْ أما لكْ يا أخي إدراكْ
زجاجتكْ أشرقت في وسط مشكاتَكْ
زجاجتكْ أشرقت في وسط مشكاتَكْ / فافهم ومصباحها يا صاحبي ذاتَكْ
وزيتها خالص التوحيد ما فاتَكْ / قل لي لكم أنت غافل في عماواتَكْ
حباك الله بالنعما لتشكرْ
حباك الله بالنعما لتشكرْ /
فطع في كل ما ينهى ويأمرْ /
ورشدك إن أتاك وصرت تحضر /
تأمل في خلال الأرض وانظر / إلى آثار ما صنع المليكُ
فإن الروض فيه فائحاتٌ /
نوافج نرجس مستعطراتٌ /
إذا شبَّهتها قل نابتاتٌ /
عيون من لجين شاخصاتٌ / بأحداق هي الذهب السبيكُ
وكم لله في الدنيا نباتٌ /
بآيته لوحدته ثباتٌ /
وأزهار تلوح ملوناتٌ /
على قضب الزبرجد شاهداتٌ / بأن الله ليس له شريكُ
بنور المصطفى ظهرت خبايا /
بها كان المحقق في زوايا /
وإن النور كشاف الخبايا /
وإن محمداً خير البرايا / إلى الثقلين أرسله المليكُ
كن مع الله تَرَ الله معَكْ
كن مع الله تَرَ الله معَكْ / واترك الكل وحاذر طمعَكْ
والزم القنع بمن أنت له / في جميع الكون حتى يسعك
بالصفا عن كدر الحس فغب / واطرح الأغيار واترك خدعك
لا تموِّهْ بك واطلب منك ما / فرَّ من يوم بشأن ضيعك
نورك الله به كن مشرقاً / واحذر الأضداد تطفي شُمَعك
ثم ضع نفسك بالذل له / قبل أن النفس قهراً تَضَعَكْ
واعبد الله بكشف واصطبر / وعلى الكشف توقَّى جزعك
لا تقل لم يفتح الله ولا / تطلب الفتح وحرِّر ورعك
كيفما شاء فكن في يده / لك إن فرَّق أو إن جمعك
في الورى إن شاء خفضاً ذقته / وإذا شاء عليهم رفعك
وإذا ضرك لا نافع من / دونه والضر لا إن نفعك
وإذا أعطاك من يمنعه / ثم من يعطي إذا ما منعك
ليس يوقيك أذاه أحد / وإن استنصرت فيه شيَّعك
إنما أنت له عبد فكن / جاعلاً في القرب منه ولعك
فز بوصل إن تراه واصلاً / واقبل القطع إذا ما قطعك
كلما نابك أمر ثق به / واحترز للغير تشكو وجعك
لا تؤمل من سواه أملاً / إنما يسقيك من قد زرعك
ليت لو تشعر ماذا كنت من / قبل ما مولى الموالي اخترعك
كنت لا شيء وأصبحت به / خير شيء بشراً قد طبعك
تابعاً كن دائماً أنت ولا / تتمنى أنه لو تبعك
لمتى تبني كنيسات الهوى / كسِّر الصلبان واهجر بيعك
ودع التدبير في الأمر له / واصنع المعروف مع من صنعك
واحتفظ حرمة من يبصر إن / رمت فعلاً أو تنادي سَمِعَك
وهو الله الذي جل فيا / عقل خف من عدمٍ مبتدعك
كن به معتصماً واسلم له / لا تعاند فيه واهجر بدعك
هذه ملة طه خذ بها / لا تطع عنها قصوراً دفعك
يا جمال الوجود
يا جمال الوجود / طاب فيك الشهود والبرايا رقود
إن عيني تراك / ما لقلبي سواك
ذاب كلي عليك / وانتسابي إليك والورى في يديك
والشجى في هواك / زائد الإرتباك
أنت في مهجتي / وضلوعي التي عشقها ما فتي
يا حبيبي عساك / أن توالى لقاك
كل شيء عدمْ / لي بهذا قَدَمْ ثابت من قِدَمْ
ليس عنك حراك / يذهب الإشتراك
وهو طبق النصوص / عند أهل الخصوص قاله في الفصوص
يا ظلال الأراك / إنني لا أراك
غاب موج الرسوم / في بحار العلوم وانطماس النجوم
بالفنا والهلاك / شمس ذات الحباك
يا ضياء العيون / فيك عقلي جنون وحياتي منون
ما لقلبي فكاك / من حبال الشباك
قم بنا يا نديم / إن خمري قديم كاسه نستديم
لطف عيني بذاك / ومناي هناك
وبروق الوصال / لا معات النصال نورها الحق صال
في ليالي العراك / محو كل الصكاك
صل يا ربنا / ثم سلم لنا لنبي دنا
من إله السماك / في الليالي الحلاك
فيه عبد الغني / نال قدراً سني كلما يعتني
بالنظام المحاك / في حلى الإحتياك
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا
كل الكلام الذي يبدو وكل سنا /
يفني سريعاً وفقر هكذا وغنى /
فاحفظ مقالي وخل عنك فرط عنا /
الملك لله من يظفر بنيل منى / يردّ قسراً ويضمن دونه الدركا
إني رضيت فلم أحفل بمسئلة /
أمر المهيمن يجريه بمعدلة /
حتى قنعت برزق منه لي صلة /
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة / من البسيطة كان الأمر مشتركا
يا جمال من أهوى يا غيب
يا جمال من أهوى يا غيب / أثني ذا الحجاب صلْ عبدَكْ
متعني بما أروى لا عيب / صلني إن تشأ أكن عبدَكْ
نور الوجه لي ظاهر / وهو للورى باهر
قلبهم له مأوى لا ريب / يهني عنه لا تخف بعدَكْ
تحت ذا القناع محبوب يا ليت / حبي لو يكون لي يظهر
إنني أنا المحسوب كالميت / لبي حسنه البهي أبهر
واحد ما له ثاني / واحد له الفاني
لا ترى سواه مطلوب والبيت / قلبي طف به تنل سعدك
قم بنا إلى الندمان في الحان / يا صاح ندرك الصفا بالراح
واستمع من العيدان ألحان / أقداح لي أتت بها الأفراح
طاب لي بها كاسي / لان قلبُها القاسي
والعذول في حرمان أفنان / أفراح منه فاحترز جهدك
طلعة المليح الزين يختال / إني مطلع لذاك النور
من به قرير العين بالحال / يغني حاله عن الطنبور
قد رفعت أستاري / واجتليت أنواري
أين من يراني أين قد زال / عني يا رشا الحمى صدك
حولوا حجاب الغير عن عين / ذاتي واكشفوا عن الأستار
إخوتي وجدوا السير لا بين / ياتي في مشعشع الأنوار
فالحبيب قد وافى / والبغيض قد صافى
والذي يريد الخير بالمين / عاتي قصده نفى قصدك
كلهم هم الأفعال لا ذات / عندي غير عين تلك الذات
فاعرضوا عن الجهال أموات / تبدي وهم ما به تقتات
وافهموا لأقوالي / واسلكوا بأحوالي
والعليم يدري الحال ما فات / قصدي أن يهيج بي وجدك
والصلاة والسلام نوران / مني دائماً علي الهادي
من حباه بالإكرام رحمان / فني مدحه بإنشادي
عبد الغني شامي / قدره به سامي
كاسه من التسنيم ملآن / يدني منك يا أخي رشدك
ليس طيب الحياة غير وفاتِكْ
ليس طيب الحياة غير وفاتِكْ / والسوى فاتنُ النفوس وفاتِكْ
يا محباً أحب ثوب حبيبٍ / أعط نفس الحبيب بعض التفاتِكْ
وتحقق بمن تحب تجده / أنت والجهل للأحبة هاتك
صوَرٌ عن مصور كثياب / لبستها عليك نفس فتاتك
وحياتي بمقتضى حكم أمري / وهو قولي لمنيتي وحياتك
ليس لي غير وجهك الحق عنه / لي ثبوت بمقتضى إثباتك
خذ نديمي أطوارَ نفسك ممن / طاب فيه الشراب من كاساتك
وأدرْها عليك منه وعربِّدْ / مع ذاك الحبيب في خلواتك
خمرنا في الدنان منه بواقٍ / خذه واشرب واخشع به في صلاتك
وهو خمرٌ معنى القديم تصفَّى / قبلُ يا كرْمُ كنتَ في شجراتك
واسقنا ربنا شراباً طهوراً / مثل ما جاء عنك في آياتك
واطَّرح يا أخا الطريقة واترك / كلَّ شيء إن رمت نيل نجاتك
واسمع النفخ منك في صوْرِ جسم / لك فالناي طاب من نغماتك
هذه نشأة بها أنت بادٍ / لك عندي هاتيك من نشآتك
يا رعى الله بالأجارع قوماً / هم لدينا يا دهرُ من حسناتك
حفظوا العهد من ألستُ فوافوا / لمن الملك وهو للكل باتِك
لم تُملْهم عن نوره ظلماتٌ / يا سوى بارتكابهم شهواتك
أخذتهم لها المليحة منهم / حين نادوا أنا ظهور صفاتك
فمحتهم بها وقد أثبتتهم / عندها في حمى العيون الفواتك
هذه زينب التي كشفت عن / وجهها يا محبُّ في سكراتك
وهو عند الجهول خلف قناع / هو يا ذا الجهول أنت بذاتك
فانخلع عنك في الوجود إليها / سائحاً منك في فضا فلواتك
ثم مت راكعاً بها لا تبالي / وعن الغير فافن في سجداتك
سعدت أمة إلى الغيب حجت / ثم طافت يا كعبتي بجهاتك
وأتت زمزم العلوم فنالت / شربة العز من كفوف سقاتك
وبذكر الحبيب لبت وعما / دونه أحرمت لدى ميقاتك
ومُناها فازت به في مِناها / بعدما قد أتت إلى عرفاتك
إن هذا هو النعيم فطوبى / للذي يا مقام في جناتك
منك فيه يسيل كوثر روح / فتراه السكران من رشفاتك
يا رياض الجنان من حان قربي / عطرينا بالطيب من نفحاتك
وانشري ما انطوى من الذكر عنا / وامنحينا اللذيذ من ثمراتك
إننا عنك ظاهرون بلطفٍ / منك في أرضك اقتضا نياتك
لم نجد كثرة الوسائط جسماً / تمنع الروح ربنا من هباتك
فالذي منك قد وفى فتدلى / لم ينقِّصه كونه ابن العواتك
هو أمر لنا قريب بعيد / فارجعي يا حروف في ألفاتك
طلعت شمسنا على الأفلاكِ
طلعت شمسنا على الأفلاكِ / فانمحت ظلمة النفوس الحلاكِ
وسرت نسمة الحمى فأهاجت / شوق صبٍّ ما إن له من حراك
هذه طلعة الحبيب بقلبي / فتنة العابدين والنسّاك
هيكل تسرح النواظر منه / في جمالٍ فردٍ بغير اشتراك
وبذات الغضا خيامُ عريبٍ / نُصِبَت بين عسجد فأراك
كلما أومضت بروقُ رباهم / هطل القطر من عيون البواكي
حلية للمحب في نار شوق / صنعة الإنسكاب والإنسباك
هتك الستر نوره فافتضحنا / من لقلبي بنوره الهتّاك
واحد وهو في العقول كثير / ليس يحكيه في البرية حاكي
كل من قال مثله قد رأينا / أنه قول كاذب أفّاك
مد أكوانَه حبال خيال / لاصطياد القلوب بالأشراك
فأتته الموحدون وجاءت / بارتباط بها أولوا الإشراك
دم على حبه ومل عن سواه / وإذا لم تبك فكن متباكي
حضرة العز من أتاها بذل / كان منها بالقرب فوق السماك
أنا شاك لطولها من قصوري / عن مدى الشكر شاكر أنا شاكي
صدق الكتاب لمن به يتمسكُ
صدق الكتاب لمن به يتمسكُ / والبعض منه به يكون المشركُ
وهو المبين على الذي بجميعه / يدري وليس ببعضه يتمسك
هو نازل من حضرة أحدية / فتحققوا فيه ولا تتشككوا
سور وآيات بدت فتركبت / من أحرف هي بالتوحيد أملك
مشتقة من سور كل مدينة / لإحاطة فيها بما يتفكك
ولقد بدت صوراً إذا هي فخمت / بنزولها الثاني لدى من يسلك
بالحق أنزلناه ذلك أولٌ / كل به قد آمنوا واستبركوا
وبه لقد نزل اغتدى هو ثانياً / فتفرقوا فيه وعنه تمحّكوا
وبدالهم صوراً فخصوا بعضَهُ / بالترك منه وبعضه لم يتركوا
وبقيْ عليهم حكمُ موطنهم بما / هو مقتضاه لهم بجهل يملك
ولذلك الدنيا غدت ملعونةً / إلا الذي استثنى وهاج المعرك
وأتاك من آياته ألوانكم / والألسن اللاتي غدت تتحرك
وجميعها صورٌ وتلك كثيرة / وبها اختلافٌ زائدٌ لا يدرك
والله مولانا محيطٌ قد أتى / لك من وراء الكل وجهٌ يهتك
بل ذاك قرآن مجيد جاء في / لوح هو المحفوظ عمن يشرك
ظهرت لقلبي بما قد نوى
ظهرت لقلبي بما قد نوى /
وبالحول أمددتني والقوى /
فيا من به في زاد الجوى /
أحبك حبين حبَّ الهوى / وحباً لأنك أهلٌ لذاكا
حبيبي هو الداء لي والدوا /
وذاك العليم بما قد روى /
أقول له وعلي احتوى /
فأما الذي هو حب الهوى / فشيء شغلت به عن سواكا
ألا علَّ من شاقني علَّهُ /
يداوي فؤادي بما علَّهُ /
على عشقك القلب من علَّهُ /
وأما الذي أنت أهل لهُ / فكشفك للحجب حتى أراكا
فؤادي بفرط الجوى ممتلي /
وعيني ترى للجمال العلي /
وحالان عندي هما أجتلي /
فلا حمد في ذا ولا ذاك لي / ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
أصبحت أنا على مرادِكْ
أصبحت أنا على مرادِكْ / في عافية وفي عبادِكْ
مَكفيَّ مؤونة مهنّىً / من رزقك قانعاً بزادك
فالشكر لك الكثير مني / لا زال على صفا ودادك
يا مالك جملتي جميعاً / إني لأسير في قيادك
أحسنت إليَّ في ابتداء / بالحكم بمقتضى رشادك
واجعل حسناً تمام أمري / والقرب فعدْهُ من بعادك
في الباطن كن لنا حفيظاً / والظاهر من يد استنادك
واعطف كرماً وكن معيناً / في خلقك لي وفي بلادك
إني أباد لك التجائي / ملقي أملي على جهادك
لا أبرح عن مقام ذلي / في نيل مناي بافتقادك
فادرك رمقي بشرح صدري / واروي عطشي إلى عهادك
ومستورة عنا بها أوجبت هتكي
ومستورة عنا بها أوجبت هتكي /
بطلعة وجه نوره مشهر الفتك /
فقلت ورياها لنا فاح كالمسك /
أيا ربة الخدر التي أفسدت نسكي / على كل حال أنت لا بدَّ لي منكِ
نويت الفنا فيها وللمرء ما نوى /
فناديتها رفقاً إلى كم أرى نوى /
ولا بد من وصلٍ به يسكنُ الجوى /
فإما بذلٍّ وهو أليقُ بالهوى / وإما بعز وهو أليق بالملكِ
يا قلب لا تشتغل إلا بمن حبَّكْ
يا قلب لا تشتغل إلا بمن حبَّكْ / وثوبْ جسمَكْ بأيدي قدرتُهْ حَبَّكْ
خيلانْ وجهُهْ جعل صوراً لصورْ حَبَّكْ / فالِقْ نَواكْ كما قد قال عن حبَّكْ
مت في هوى حيْ تحسبْ حيَّهُ حيَّكْ
مت في هوى حيْ تحسبْ حيَّهُ حيَّكْ / وانزل بِحَيُّهْ فإنُّهْ قد نزلْ حيَّكْ
هذا الذي بظهورُهْ قد قتلْ حيَّكْ / وثوب حالِكْ على نُولِ الهدى حَيَّكْ
أيها الطالب النجاة أتاكا
أيها الطالب النجاة أتاكا / قول حق فخل عنك الهلاكا
إنني كاشف لك السر فاسمع / سر رب قد اختفى عن حجاكا
خلق الله أولاً عالم الرو / ح وما كان من مكان هناكا
لا ولا كان من زمان فحقق / ما أشرنا له بلغت مناكا
ثم من بعده المقادير جاءت / بِمَكانٍ مع الزمانِ ابتداكا
وابتداء المقدار عرشٌ محيطٌ / هو جسم ولا يطيق حراكا
ثم فيه من روحه كان نفخ / من إلهٍ في غيبه لا يُحاكى
فاقتضى إذ تَحَرُّكاً وسكوناً / فأدار النجوم والأفلاكا
ثم إن النجوم حرك فيها / ذلك النفخ عندها الإدراكا
فتسمَّت أرواحها بعقول / عند قوم وليس هذا بذاكا
إنما العقل كاللسان لروح / وبه النفخ أمر رب حباكا
ثم بالنفخ كان مزج أصول / أربع واسمه المزاج اصطكاكا
فبدت أربع المواليد منها / كيف ما شاء ربهن انسباكا
فهو في الغيب ربنا جل رباً / وهو في الكون أمره لا انفكاكا
فهو من فوق عرشه لا مكان / هو فيه إذ لا مكان هناكا
وله الإستوا على العرش حقاً / وهو للكل ممسكٌ أمساكا
إن هذا المعنى الذي قال عنه / إنه فوق عرشه لا عداكا
فاعرف الآن منك نفساً تجدها / أمرَ ربٍّ وخلقَ أمرٍ أتاكا
واعتبر في الوجود علواً وسفلاً / ما ذكرناه واترك الإشراكا
وتحقق به تجده قريباً / لك وافهم به لينطق فاكا
ولِتَبقى به له ولِتَفنى / عن سواه ولا تراه سواكا
وهو باق على الذي هو فيه / أزلاً ليس ما سواه اشتراكا
عز ربي وجل عن كل شيءٍ / وتعالى يدبِّر الأملاكا