المجموع : 3
بدا وجه العروبة في حلوك
بدا وجه العروبة في حلوك / غداة قضى الحسين أبو الملوك
قضى متنازلاً بعد اعتلاء / كذاك الشمس تجنح للدّلوك
قضى في المجد ليس بذي نظير / وفي العزمات ليس بذي شريك
مليك واصل الأقدام حتى / أتاه بهلكه يوم الهلوك
لقد سلك الطريق إلى المعالي / إلى أن مات محمود السلوك
وجدّد للعروبة غرس مجد / قديم كان كالعذق التريك
وأحدث نهضةً في العرب هزّت / جنوب الأرض كالريح السهوك
وأثبت بالسيوف لهم حقوقاً / مؤيّدةً بكل دم سيفك
ولكن غشّه الحلفاء حتّى / أتوه من الثعالب في مسوك
وخانوا لم يفوا بعد انتصار / بما كتبوه في بطن الصكوك
خطبنا ودّهم فتقبّلونا / بعاطفة كعاطفة الفروك
وكم وعدوا بني قحطان وعداً / به انقلب اليقين إلى شكوك
لقد ستروا شينع الغدر منهم / بثوب من سياستهم محوك
فساستهم إذا وقعوا بضنك / أرَونا الودّ في وجه ضحوك
وأبدوا في الرخاء لنا عبوساً / وهذا عدّ من شيم الهَلوك
ونحن العربَ نأبى غير عزٍ / وتطمح في الحياة إلى السموك
ويوم الرَوع ننتظم المنايا / ولم تكن السيوف سوى سلوك
ونمضع في اليهاج الموت دون ال / علا مضغ الأوانس للعلوك
وما عاب الفتى جسمٌ هزيل / إذا ما كان ذا شرفٍ وديك
وما الشرف الحميد سوى فَعال / حميدٍ من معادننا سبيك
قرينّ القبلتين عليك نبكي / وما بالدمع من طرف مسيك
فقدنا منك خير زعيم قوم / وخير نضيج تجربة حنيك
لقد ناح العراق عليك حزناً / وضجّ من الخليج إلى دهوك
وناح المسجد الأقصى جميعاً / إلى أرض الشآم إلى تبوك
لقد نُزَهت من غمز ولمز / كما نزّهت من شعر ركيك
سأبدي لدهري ناج المتضحّك
سأبدي لدهري ناج المتضحّك / ولو كانَ يجري بالذي هوُ مهلكي
فما أنا راجٍ بعد ذا اليوم خَيره / ولا خائف من شرّه المتحَرِّك
إذا الدهر لم يُعتِب من الناس جازعاً / فأضيَع ما فيه شكاية مُشتك
علي أن ضحكي منه لا عن سفاهة / ولكن كضحك العَفّ من مُتهتِّك
ولو سَبَر الناس الحوادث بالنهي / لما حصلوا منها على غير مضحك
وما حادثات الدهر إلا خوابط / كعَشواء تمشيِ مشية المُتَرهوِك
وتَنهض للأرقال في غير مَنهضٍ / وتَبرُك أحياناً على غير مَبرَك
وما حكم هذا الدهر إلاّ تحكُّمٌ / كحكم فُصوص النرد في نقل مُهرَك
كأنا من الدنيا ببيت تقامر / حَوى من سهام القَمر كلّ مُدَمْلَك
فمن قامر قد فاز باليُسرِ قدحه / وآخَر مقمور بقِدح التصعلُك
وما الحِرف اللاتي نُجيد احترافها / سوى شَبَك منصوبة للتملّك
وأن طبيب القوم ناصب كفّة / ليصطاد فيها بالدواء الممصطك
ومن مضحكات الدهر حامل سُبحة / تُقبَّل جهلاً كفّه للتبرُّك
ويا ربّ تركيّ تعرّب وادَعي / على عربيّ هجنة المُتترّك
وتحديث غِرّ مُطرياً عدل دولة / برايتها رسم الصليب المشبّك
وما الناس إلا خادع أدرك المُنى / وآخَر مخدوع لها غير مدرِك
فلا تُبدِ منِ زير النساء تعجُباً / ولا تغترر بالزاهد المتنسِّك
فما دارت الأفلاك إلا وقُطبها / بحكم الهوى حُبّ الكَعاب المفلّك
وأن أبصرت عيناك يوماً حقيقة / تخالف ما قد قلتُه فتشكَّك
فإنّك لم يُنبِئك مثل مجّرِب / خبير ولم ينصحك مثل مُحنَّك
فهذا لعمر اللهّ رأيي فخُذ به / فقد فُزت منه بالجُذيل المُحكَّك
قامت تميس بأعطاف وأوراك
قامت تميس بأعطاف وأوراك / رقصاً على نغمات المقول الحاكي
حوراء جاءت وكل في مسرّته / لاهٍ وراحت وكل طرفه باك
شكوت من خصرها ضعفاً وقلت لها / مليكة الحسن هل عطف على الشاكي
قالت وقد شاهدت وجدي المبرّح ما / أغراك قلت لها عيناك عيناك
فأستضحكت وهي تجني الورد قائلة / ما أحسن الوردَ قلت الورد خدّاك
وقلت أهوى فقالت بالدلال ومن / تهوى فقلت لها أيّاك إياك
واستحلفتني على قلبي فقلت لها / يهواك أي وجلال الحسن يهواك
سحر بعينيك يستهوي القلوب وما / ينفكّ في هتك عبّاد ونسّاك
يا ربة الحسن هلاّ تعطفين على / من بات سهران مشغولاً بذكراك
ما أطيب العيش في الدنيا لو أتَصلت / أسباب دنياي مع أسباب دنياك
الحسن يفتن والألحاظ فاتكة / واحيرتي بين فتّان وفتّاك
تهفو بقلبي أشواقي فأمسكه / لمّا أراك وهل يشفيه أمساكي
إني وعندي بكنه الحسن معرفة / ما راقني قطّ من شيءٍ كمرآك
أمسى غرامك يجري في عروق دمي / كالكهرباء التي تجري بأسلاك