صدودٌ ملظٌّ أو فراقٌ مواشكُ
صدودٌ ملظٌّ أو فراقٌ مواشكُ / لعمري لقد ضاقَتْ عليّ المسالكُ
أتى دون أسماءَ العتابُ ودوننا / مآخذُ أحْصَتْها النّوى ومتارك
ومن لي بها والبيضُ والسُمْرُ دونها / وَجُرْد المذاكي والقِلاص الرواتك
وكلُّ طويلِ الرمحِ طبٌّ بِحَمْلِهِ / إذا شاءَ أبكاهُ دماً وهو ضاحك
أخو عزماتٍ لا المهارَى أمَامَها / نواجٍ ولا الخيلُ العتاق مساهِكُ
له مثقْلَةٌ شَوْساءُ أكثرُ نومها / غِرارٌ إذا نام العُدَاةُ الصّعالك
إذا مَرَقتْ بين الودائقِ والدُّجى / فلا حِجْلَ إلا ما تثير السّنابك
وَعَرْض فلاةٍ ما تُعارِضُها النّوى / ترى الموتَ فيها وهو أعْزَلُ شائك
وجُنْحُ ظلامٍ لو تُثارُ عجاجةٌ / لما لَمَعَتْ فيها السيوف البواتك
دجىً لو سرت فيها الشياطين ترتقي / إلى السرِّ لم تخلص إليها النيازك
خليليَّ هلْ في أدْمُعي وانحدارِهَا / جِلاءٌ لعينٍ دَمْعُها مُتَمَاسِكُ
ولي سَكَنٌ ينأى ويدنو وحبُّهُ / بِصَبْريَ مُوْدٍ أو لِسِرِّيَ هاتك
سلِ الخيلَ هل جَشّمْتُها كلَّ غايةٍ / يهونُ عليها شَدُّهَا المتدارك
وهل عرفتني ربما بِتُّ مغرماً / تدافعه أكفالها والحوارك
وما نكرت إلا التفاتيَ بالقنا / وقد شَرِقَتْ بالمعلمين المعارك
وإلا اختيالي في ذُرى صَهَوَاتها / وقد نظرتْ شزراً إليَّ المهالك
أيا رحمتا للشعر أقوت ربوعُهُ / على أنها للمكرمات مناسك
وللشعراء اليوم ثُلَّتْ عروشهم / فلا الفخر مختالٌ ولا العز تامِك
إذا ابتدر الناس الحظوظَ وأشرفت / مطالبُ قومٍ وهي سود حوالك
رأيتهمُ لو كان عندك مَدْفَعٌ / كما كَسَدَتْ خلفَ الرئالِ الترائك
فيا دولةَ الضّيْمِ اجْمِلِي أوْ تَجَامَلي / فقد أصْحَبَت تلك العرى والعرائك
ويا قام زيد أعرضي أو تعارضي / فقد حال من دون المنى قال مالك
سَمَتْ بأبي العباسِ تلك وهذه / إلى حيثُ لا تسمو النجوم السّوامك
رحيبُ مجالِ الفكر والأمرُ ضيق / صليبُ قناةِ الصبر والأمر ناهك
ومشترك الأكفاء في السخط والرضى / وليس له في المكرمات مشارك
بقاضي قضاة الغرب وابن قضائه / تودّدَتِ الآمال وهي فوارك
فتىً لم يكنْ يوماً لينآه مَطْلَبٌ / ولو أنّه في مَسْلَكِ البحرِ سالك
يُطلُّ على الأعداءِ من كلِّ جانبٍ / وقد أفكت عنه الخطوب الأوافك
إزاء العوالي وهو جذلانُ بِاسمٌ / ودونَ المعالي وهو شيحانُ فاتِك
حَرِيٌّ بأن لا يعدو الحقَّ وَجْهُهُ / لديه وقد راغ الأَلدُّ المُمَاحِك
وأن تعرف الأقوامُ سَوْرَةَ عَدْلِهِ / كما احتَمَلتْ نارَ القيون السبائك
وأن يتوقّى الضيمُ جانبَ جاره / كما يتوقّى البعل عَذْراءُ عارِكُ
نضاه أميرُ المؤمنين مهنّداً / لكلِّ دمٍ منه وإن عزَّ سافك
وتاهتْ به الأيامُ عِلقَ مضِنَّةٍ / تَنَازَعُهُ أَمْلاكُهُ والممالك
إذا التقتِ النارُ الفَرَاش تأَلّقَتْ / أياديه فالتفّتْ عليها الهوالك
إذا سمعتْ أُذناه حيَّ على العلا / فلا الجودُ متروكٌ ولا البأس تارك
وإن علقتْ كفاه حبلَ سيادةٍ / فلله مسموكٌ به المجدُ سامِكُ
وإن أسعرت عيناهُ وجه صنيعةً / رأيتَ عيون الأسدِ وهي مضاحك
الكني إليه في السلام وبيننا / مخارمُ لا تسمو إليها المآلك
بآيةِ ما يَكْفي الملمَّ وربّما / وَنَتْ فيه أخْلافُ السّحاب الحواشك
أَجِدَّكَ لم توقظكَ والنجمُ هاجعٌ / هواتفُ لِلّبِّ الأَصيلِ هَوَاتك
دَعَتْ فأَشاعتْ بَثَّها وسرورَهَا / وأنضاءُ همي والدياجي بوارك
بناتُ الهوى تُمليه أو تَسْتَمِلُّه / لها الشجْوُ مني والأرَاكُ أرائك
يَلُكْنَ حديثاً ربما أفْصَحَتْ به / هَنَاتٌ لحبَّاتِ القلوبِ هواتك
وأحسبها غنَّتْ بذكركَ موهناً / وأيدي المطايا بالرِّحالِ بواشك
لذاك جلاها من سنا الصبحِ شارقٌ / وَصَاكَ بها من مسكِ دارينَ صائك
وراقتْ رباها كلَّ حسنٍ كأنما / تُنَشَّرُ فيما بينهن الدَّرَانك
ففي كل بطنٍ مَشْرَعق مُتَلاحِنٌ / وفي كل ظَهْرٍ مَرْتَعٌ متلاحك
إليك أبا العباسِ غُرَّ مدائحي / تُصلِّي عليهن العُلا وَتُبارك
إليكَ وريعانُ الرجاءِ يَؤُمُّها / وَقِدْماً رَجَتْهَا البائسات الضرائك
قلائدَ أعناقس وأزهارَ أعينٍ / ومنهنَّ في بعضِ الصدورِ حَسَائك
فَحِكْ ليَ من نَعْماك بُرْداً أجُرُّهُ / فإني لأبرادِ المدائح حائك
بني قاسمٍ قد زنتم الدهرَ كلَّه / كما زانتش الصدرَ الثُّدِيُّ الفَوَالك
رفعتمْ لأهلِ الغربِ أعلامَ دينهمْ / فأبصرَ مأفوكٌ وأقْصَرَ آفك
فَقُلْ لِسَلاَ شحي على آلِ قاسمٍ / ولا تَسَلي بغدادَ أين البرامك
إذا الدِّيمُ الوُطْفُ انتحتْكَ فلا تُبَلْ / وقد عرَّجَتْ عنكَ الذِّهَابُ الرَّكَائِك