المجموع : 5
يا هندُ حسبكِ مغنماً وكَفاكِ
يا هندُ حسبكِ مغنماً وكَفاكِ / إنّ الذي يَهدِي النُّفوسَ هَداكِ
أقبلتِ تُرخِينَ القناعَ حَيِيَّةً / تُخفينَ نفسَكَ والنبيُّ يَراكِ
أوَ لَستِ هِنداً قلتِ في خَجَلٍ بَلَى / لا تخجلي فاللّهُ قد عَافاكِ
داويتِ بالإسلامِ قلبكِ فاشتَفَى / وغَسَلْتِ من تلكِ الجريمَةِ فَاكِ
لا تَذكُرِي الكَبِدَ التي مَارَسْتِها / فَأَبَتْ عَليكِ لعلّها تَنساكِ
وَدَعِي قلائِدَ يومِ بَدرٍ وَالْبَسِي / في بَهْجَةِ الفتحِ المُبينِ حِلاكِ
أَخَذَ الهُدَى بكِ في سبيلِ مُحَمَّدٍ / فَخُذِي عنِ الشَّيخِ الجليلِ أذَاكِ
ما كان بالمفتونِ حِينَ شَتَمْتِهِ / وبَلَغْتِ في سُوءِ الصّنيعِ مَدَاكِ
قُلْتِ اقتلُوهُ ولو أطاعَكِ جَمعُهُم / لَجَرى الدَّمُ المسفوكُ من جَرَّاكِ
يا هندُ إنّ الحقَّ أعظمُ صَوْلَةً / مِن أَنْ يَهابَكِ أو يَهابَ أباكِ
ما مِثلهُ إن رُمْتِ في الدّنيا أباً / يا بنتَ عُتبةَ مِن أبٍ يَرعاكِ
مَنْ قَدَّمَ الدُّنيا فليس ببالِغٍ / ما قدَّمَتْ عِندَ الرسولِ يَدَاكِ
فِيمَ اعتذارُكِ والهديَّةُ سَمحةٌ / وهَواكِ في تَقْوَى الإلهِ هَواكِ
بايعتِ أهدَى العالمينَ طريقةً / ورَضِيتِ منه مُهَذَّباً يَرضَاكِ
يَنْسَى الإساءَةَ وَهْيَ جُرحٌ بالغٌ / ويعوذُ بالخُلُقِ الكريمِ الزّاكِي
مهما تَنَلْهُ المُحفِظاتُ مِنَ الأُلَى / جَهِلوا فليس بعاتبٍ أو شاكِ
أَعَجِبْتِ إذ ذَكَرَ الفواحِشَ هادياً / فَنَهَى اللّواتِي جِئْنَهُ وَنَهاكِ
إن تَعْجَبِي لِلعِرضِ يُبذلُ هَيِّناً / وهو الحياةُ بأسرها فَكَذاكِ
عِرضُ الحرائِرِ ما عَلمتِ وإنّما / يَرضَى سِواهُنَّ الزِّنَا وَسِواكِ
يَحْفَظْنَهُ ويَذُدْنَ عن مَمنوعِهِ / شَهواتِ كلِّ مُخادِعٍ فَتَّاكِ
تَأْبَى التي منهنّ يَقتلُها الطوى / أن يشترى بذخائر الأملاكِ
وتصدُّ معرضةً تضنُّ بنفسِها / ولو اَنّ مَضجَعَها ذُرَى الأفلاكِ
عارُ الزِّنَا يُخزِي الوُجوهَ وشَرُّه / يَرمِي البلادَ وأهلَهَا بِهَلاكِ
يا هِنْدُ إنّ اللَّهَ أمضى حُكْمَهُ / فَكفَاكِ سُوءَ عذابِهِ وَوَقاكِ
أُوتيتِ زَادَكِ مِن تُقىً وهدايةٍ / فَتَزوَّدِي سُبحانَ مَن نَجَّاكِ
سَرِيَّةٌ أنتَ وَحْدَكْ
سَرِيَّةٌ أنتَ وَحْدَكْ / فَاجْعَلْ سَجَاياكَ جُنْدَكْ
لا تَخْشَ يا ابنَ أَنيسٍ / فليس سُفيانُ نِدَّكْ
احْشُدْ قُواكَ وَخُذْهُ / فليس يَسْطِيعُ حَشدَكْ
إن غَرَّهُ حَدُّ عزمٍ / فَسَوفَ يَعرِفُ حَدَّكْ
يَهولُ في الوصفِ جِدّاً / حَتَّى لَيَعْظُمُ عِنْدَكْ
لَكِنَّهُ اللهُ أعلى / عليهِ في البأسِ جَدَّكْ
أَقْبِلْ فتى البأسِ أَقْبِلْ / وَاعْمَلْ لربِّكَ جُهْدَكْ
أَخَذْتَهُ بِخِلابٍ / كَذَبْتَهُ فيه وُدَّكْ
أَوردتَهُ القَولَ حُلواً / ولو دَرَى عَافَ وِرْدَكْ
وَيْلُمِّهِ من غَبيٍّ / لو كان يعرف قصدَكْ
أحْبِبْ بِهِ من رسولٍ / لِقَتْلِهِ قد أعدَّكْ
يَظنُّ أنّك ضِدٌّ / له فَدُونَكَ ضِدَّكْ
بُورِكْتَ يا ابنَ أنيسٍ / من فارسٍ ما أشدَّكْ
ضَرَبتَهُ فَتَرَدَّى / وكان ذلك وَكْدَكْ
وَعُدْتَ لا مَجْدَ إلا / أراهُ يَحْسُدُ مَجْدَكْ
سُفيانُ هل كنتَ طَودَاً / فمن رَماكَ فَهَدَّكْ
أم كَنْتَ للشرِّ ذُخراً / تَخشى الطّواغيتُ فَقْدَكْ
أَوْدَى بِكَ ابنُ أنيسٍ / فَأقفَرَ الحيُّ بَعْدَكْ
وَرَدَّ عِزَّكَ ذلّاً / فما تُصَعِّرُ خَدَّكْ
مَلأتَ صدركَ حِقداً / فهل شَفَى السَّيفُ حِقْدَكْ
وَمِتَّ مِن قَبلُ وَجداً / فهل مَحا الموتُ وَجْدَكْ
أين الجموعُ أتَدرِي / مَن خطَّ في التُّربِ لَحْدَكْ
وأينَ رأسُك هلّا / صَدقْتَ نفسَكَ وَعْدَكْ
أَغواك جَهلُكَ حَتَّى / لَقيتَ في النَّارِ رُشْدَكْ
أنضَجتَ نفسَكَ غَيظاً / فاليومَ تُنضِجُ جِلْدَكْ
يَغيظُكَ الدِّينُ حَقّاً / فأنتَ تَقدحُ زَنْدَكْ
هَيَّجْتَ للشرِّ وَقْداً / فأينَ غادرتَ وَقْدَكْ
يا صاحِبَ الغارِ مَن ذا / بِنَصرِهِ قد أَمَدَّكْ
أليس ربَّكَ فَاجْعَلْ / لهُ على الدّهرِ حَمْدَكْ
رَدّ العِدَى لم يفوزوا / وأنتَ بالفوزِ ردَّكْ
ألْقِ الهديّة وَاسْحَبْ / في ساحَةِ الفَخرِ بُرْدَكْ
دَعَا الرّسولُ وأَثْنى / فَاحْمَدْ لكَ الخيرُ رِفْدَكْ
وقل تباركتَ ربِّي / يَسَّرْتَ للخيرِ عَبْدَكْ
هِدايَتَكَ اللَهُمَّ إِنّي أَرى الأُلى
هِدايَتَكَ اللَهُمَّ إِنّي أَرى الأُلى / هُمُ القادَةُ الهادونَ شَتّى المَسالِكِ
أَضِنُّ بِنَفسي أَن تَسيرَ وَراءَهُم / وَأَخشى عَلَيها عادِياتِ المَهالِكِ
هِدايَتَكَ اللَهُمَّ إِنّا نَخوضُها / غَياهِبَ دَهرٍ ذي أَعاجيبَ حالِكِ
يَمِلنَ بأهواء الغويِّ عن الهدى / ويَعلقنَ أسباب التقيِّ المتاركِ
وهالت بَني الدُنيا جَوائِحُ جَمَّةٌ / تَغَلغَلنَ في أَقطارِها وَالمَمالِكِ
فَأَيَّ بَني الغَبراءِ إِلّا يَشوقُهُ / مُتاحُ الرَدى مِن رائِثٍ أَو مُواشِكِ
أَرى كُلِّ وَضّاحِ المَقامَةِ نابِهٍ / عَلى خَطَرٍ مِن مُرجِفاتِ المَآلِكِ
أَعوذُ بِرَبِّ الناسِ مِن كُلِّ ظالِمٍ / وَأَشكو إِلَيهِ كُلَّ خَصمٍ مُماحِكِ
أَعوذُ بِهِ مِن كُلِّ سوءٍ وَأَحتَمي / بِأَسمائِهِ مِن كُلِّ عادٍ وَفاتِكِ
ما لِلسِحابِ تَدَفَّقَت أَخلافُهُ
ما لِلسِحابِ تَدَفَّقَت أَخلافُهُ / حَتّى ظَنَنّا أَنَّهُ لا يُمسِكُ
دَمعٌ يُراقُ مِنَ السَماءِ غَزيرُهُ / لِدَمٍ عَلى وَجهِ البَسيطَةِ يُسفَكُ
بَكَتِ السَماءُ فَما رَثى لِبُكائِها / فَرَحٌ يُقَهقِهُ لِلدِماءِ وَيَضحَكُ
جَلَبَ البَلاءَ عَلى الخَلائِقِ مَعشَرٌ / مَلَكوا مِنَ الأَقطارِ ما لا يُملَكُ
سَكَنَت عَوادي الدَهرِ إِذ أَخَذوا بِما / نالوا مِنَ الأُمَمِ الضِعافِ وَأَدرَكوا
نُكِبوا بِأَيّامٍ تَتابَعَ نَحسُها / فَلِكُلِّ قَومٍ يَومُهُم وَالمَهلِكُ
زَجّوا الجُيوشَ إِلى الوَغى فَأَبادَها / قَدَرٌ أَشَدُّ مِنَ الجُيوشِ وَأَفتَكُ
قَدَرٌ أَحاطَ بِهِم فَما مِن قُوَّةٍ / إِلّا تُهَدُّ بِهِ الغَداةَ وَتُنهَكُ
سَكَنَ الزَمانُ فَشاغَبوهُ وَما دَرَوا / أَنَّ المَمالِكَ تَحتَهُ تَتَحَرَّكُ
غَصَبوا المَمالِكَ مُفسِدينَ فَأَصبَحَت / وَكَأَنَّما هِيَ مَذبَحٌ أَو مَعرَكُ
فَإِذا القُلوبُ عَلى الحَفائِظِ تَنطَوي / وَإِذا الرَوابِطُ كُلُّها تَتَفَكَّكُ
طَلَبوا مُناخَ الراسِياتِ لِدَولَةٍ / هوجُ الرِياحِ مُناخُها وَالمَبرَكُ
بَطِرَ المُلوكُ فَهَبَّ يَقمَعُ شَرَّهُم / طَبٌّ بِأَدواءِ المُلوكِ مُحَنَّكُ
نادِ المَمالِكَ في الدِماءِ غَريقةً / وَاِنظُر إِلى أُمَمٍ تُذاب وَتُسبَكُ
حَربٌ يَطيحُ الظُلمُ تَحتَ عَجاجِها / وَيَدينُ بِالإيمانِ فيها المُشرِكُ
إِنَّ الجَبابِرَةِ الأُلى أَخَذوا الدُنى / أُخِذوا وَكانَ حِسابُهُم أَن يُترَكوا
مِن كُلِّ كَفّارِ السَريرَةِ جاحِدٍ / يَبدو الهُدى فَيَصُدُّ عَنهُ وَيُؤفَكُ
جَحَدوا الإِلَهَ وَكَذَّبوا بِوَعيدِهِ / حَتّى رَمى بِعُروشِهِم فَتَنَسَّكوا
في كُلِّ يَومٍ لِلكَنائِسِ ضَجَّةٌ / يَدعو المَليكَ بِها وَيَبكي البَطرَكُ
راموا التَبَرُّكَ بِالمَسيحِ وَرُبَّما / نَصَبوا مَسيحاً مِن دَمٍ فَتَبَرَّكوا
زالوا عَنِ الدُنيا فَما لِشُعوبِها / حَقٌّ يُباحُ وَلا حَريمٌ يُهتَكُ
إِنَّ المَمالِكَ لا يُرامُ بَقاؤُها / إِن ضَلَّ مَذهَبُها وَزاغَ المَسلَكُ
مصرُ اذكري في الخالدين فتاكِ
مصرُ اذكري في الخالدين فتاكِ / وصِفي الخلودَ لكلّ من يهواكِ
ممتازُ من شُهداءِ حُبِّكِ ما صبا / إلا إليكِ ولا أحبَّ سواكِ
صبٌّ أضاعَ على هواكِ حياته / لكنّه حَفِظَ الهوى ورعاكِ
لمّا رآكِ إلى الحياةِ وطيبها / ظمآى أذابَ شبابَهُ وسقاكِ
هذا شرَابُ الباذلين نُفوسَهم / باللهِ هل نَقَع الصَّدى وشفاكِ
هل تذكرين على النَّوى وصُرُوفها / مِن حُبِّه العُذريِّ ما أصفاكِ
لا تتركي يا مصرُ ذِكرَى شيِّقٍ / وَلهانَ ليس بِتاركٍ ذكراكِ
نَاجَاكِ يَلهجُ بالتحيَّةِ غَضّةً / حَيِّ الشَّهيدَ ورَدِّدي نجواكِ
حَيِّ النُّبوغَ وجدتِه فحباكِ من / نَفحاتهِ وفقدتِه فشجاكِ
زانتْهُ أخلاقُ الرّجالِ وزانها / وحَفَفْتِ أنتِ سَناهُما بسناكِ
خاضَ الغمارَ يَقيكِ عاديةَ الأذى / ويصونُ من عَبثِ الخُطوب حِماكِ
ما مال يوماً عن شريعةِ مُصطفى / ما خان عهدكِ ما أعان عِداكِ
تلك الشريعةُ لا وساوسُ معشرٍ / جهلوا سجايا الغاصبِ الفتَّاكِ
مَن كان يَجهلُ ما أقولُ فهذه / مِصرُ الحزينةُ والشّبابُ الباكي