القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 7
أعِدْ نَظرةً تُبصِرْ صَنيعَ هَواكا
أعِدْ نَظرةً تُبصِرْ صَنيعَ هَواكا / وزِدْ فِكْرةً تُنْشِرْ صَريعَ نَواكا
ودَعْ عنك ذِكْري باللّسانِ فإنّني / أَغارُ مِنَ اسْمي أن يُقَبِّلَ فاكا
صَعُبْتَ مَراماً أن تُرينِيكَ يَقظةٌ / فَمن لي بَعْينٍ في المنامِ تَراكا
أراكَ ابْنَ نَعْشٍ في سَمائك عِزّةً / فليتَك تَرضَى أن أكونَ سُهاكا
بطَرْفِك تُهدي وهْو سَيفٌ تَحِيَّتي / أأزمعْتَ فَتْكاً بالمُحِبِّ عَساكا
أَسيرُ هوىً تُهوي إليه بصارمٍ / فإن كان يُرضى قَتْلُه فَهَناك
لِنَفْسِك تَغْدو ضائراً إن قَتلْتَه / لأنّك لو أبقَيْتَه لَفداكا
فحتّامَ يا قَلْبي تَمَلُّ تَقاضياً / غريمَ غرامٍ لو يَشاءُ قَضاكا
بروحيَ قلبي أَصبحَ الرَّهْنَ عنْدَه / فلستُ مُطيقاً ما حَيِيتُ فَكاكا
أيا ملكاً لم أَدّخِرْ عنه غايةً / من الوُدِّ قُلْ لي لِمْ حُرِمْتُ رضاكا
أتُنكِرُ إعزازي مكانَكَ جاهداً / وتَجْحَدُ إحساني إليك تُراكا
ذكَرتُك في مَدْحِ الوزيرِ مُشَبِبّاً / فحَسْبُك هذا مَفْخَراً وكفاكا
وأنشَدْتُ من مَنْظومِ وَصْفي لمَجده / شَبائهَ ما ضمَّتْ به شَفتاكا
فيا شِعْرُ لولا عَطْفةٌ منه أَدركَتْ / لقد كنتَ سَطْراً والزّمانُ مَحاكا
أتى عَدْلُ نُوشَروانَ من بَعْدِ فَتْرةٍ / فكان لأَرْماقِ العبادِ مِساكا
وأَدرَكَ عصْرَ الصّاحبِ العالِم الوَرى / فلاَقوا لمُلْكِ الأرضِ منه مِلاكا
نظَمْتَ نظامَ المُلْكِ عِقْدَ فضائلٍ / جَلالُك فيه للعيون جَلاكا
إذا ما أُميطَ الحُجْبُ عنكَ لجِلْسةٍ / تَناهَب أَفواهُ المُلوكِ ثَراكا
طَلعْتَ هُماماً ذا عِقابٍ ونائلٍ / فخافَك كُلُّ منهمُ ورَجاكا
وكم قامَ يَبغي شَأْوَ عَلْياكَ حاسِدٌ / فقالَ الزّمانُ اقْعُدْ فلستَ هُناكا
بكَى القَطْرُ لمّا جُدْتَ خَوْفَ افتضاحه / فَمن زاعِمٌ أنّ الغَمامَ حكاكا
وعلَّم شُهْبَ اللّيلِ أن تَهْدِيَ الوَرى / إذا اعتكَر الظّلماءُ نارُ قِراكا
وأفْرَسُ خَلْقِ اللهِ يومَ حَفيظةٍ / شُجاعٌ بمِلْءِ العَيْنِ منه رآكا
ثَبتَّ ثباتَ القَطْبِ في كُلِّ مَأزِقٍ / أَدار على هامِ البُغاةِ رَحاكا
على حينَ أطْرافُ الأسِنّةِ في الوغَى / لدى الطّعْنِ تَحكي ألسُناً تَتَشاكى
تُذيبُ قلوبَ الأسْدِ من قَبْلِ جَلْبها / يَراعُك في آجامِها وقَناكا
أجِلْ فيه يا دَستَ الوزارةِ نَظْرةً / تَرى السّعْدَ واشكُرْ إذ بلَغتَ مُناكا
وهل كنتَ إلاّ للجلالةِ مَرْكباً / مُنَى أنفَسِ القَومِ امْتطاءُ قَراكا
ولا عجَبٌ فيما مضَى أن تَنكّسَتْ / مَعاشرُ شَتّى في رُقِيِّ ذُراكا
فقد كان كُلُّ مِن حَضيضٍ بوثْبةٍ / من الجهلِ يَبْغي أن يَنالَ سُكاكا
وذا لم يزَلْ من رِفْعةٍ مُتَدّرِجاً / إلى رِفْعةٍ حتّى سَرَى فأَتاكا
فتىً هو كالنّجمِ العديمِ سُكونُه / وليس تُحِسُّ العَينُ منه حَراكا
فإن تَكُ فاتَتْهمْ فكم من طَريدةٍ / من الوَحشِ هذا يَطَّبيهِ وذَاكا
تَقنّصها ذو الجَدّ أخْذاً بكَفّه / وخابَتْ رجالٌ ناصِبونَ شِباكا
فأصبَحْتُما كُفْؤَينِ نالا تَواصُلاً / وقَرَّب سَعْدٌ من نَواهُ نَواكا
ولمّا رأَى السّلطانُ أنّك صارِمٌ / له اللهُ كَي تُفْني عِداهُ نَضاكا
رأى خِلَلاً تَشريفَه معَ عزِّه / فأَوْلاكَها للصّونِ حينَ بلاكا
فللّهِ عَيْنا مَن رآكَ وقد بَدا / سَناؤكَ مُجْتاباً لها وسَناكا
قَميصٌ من التِّبْرِ المُضاعَفِ نَسجُه / عَلْوتَ ذُرا الأفلاكِ وهْو عَلاكا
فلا تِبْرَ إلاّ هانَ حينَ حوَيْتَه / فَناقَضَ حتّى عَزَّ حينَ حَواكا
وتاجٌ تعالَى عن سَمِيّك عَقْدُه / لدِينِ هُدىً لم يَعْنِه وعَناكا
تَتَوَّجَهُ عاليِ سريرٍ تَرى له / قَوائمَ تُمطَى فَرقَداً وسِماكا
من الخيل سبّاق حكى كلَّ سُنبُك / يقلبُ فَهماً والسراة مداكا
يُقالُ له يا طِرْفُ لا طَرْفَ للورَى / يَنالُ إذا خَفّتْ خُطاكَ مَداكا
سَحابُ النّدَى مُلْقي عِنانِك سائراً / ومَطلعُ شَمسِ المَكرُماتِ مَطاكا
بغُرّةِ مَن في السّرجِ عن كُلِّ غُرّةٍ / غَنِيتُ وتَحجيلٍ يُذيلُ شَواكا
فإن تكُ خَلخالَ اللُّجَينِ حُرمْتَه / فقد عُوِّضَت طَوقَ النُّضارِ طُلاكا
فلمّا بدَتْ تلك المواكبُ طُلّعاً / وفيها النّدى والبَأْسُ مُكتَنِفاكا
وفي غَيمِ نَقعٍ أنت كالشَّمسِ حَشْوَه / تُنيرُ ونَثْرُ التِّبرِ قَطْرُ حَياكا
بُروقٌ منَ الأعلام تَتبَعُ خَفْقَها / رُعودٌ من الكُوساتِ سايرَتاكا
رأى الفلَكُ الدّوّارُ انّك فُقتَه / وخافَ عليه أن تَصُبَّ سُطاكا
فَرصَّع في تُرسٍ هلالاً وأنجُماً / وأغمدَ شَمساً في دُجىً ورَشاكا
فللّهِ سَيفٌ قال يا رأْيَ صاحبي / أَعِنِّي فأمضَى من ظُبايَ ظُباكا
وإن كان منه في القِرابِ مُهنّدٌ / إذا قَدَّ طَوداً لم تَخَلْه أَحاكا
وألويةٌ منهنّ صَقْرانِ أوفْيَا / على علَمَيْ رُمحَيْنِ فارْتبآكا
وليسا سوى النَّسْرَيْنِ من أُفُقَيْهما / لِحُبّهما نَيْلَ العُلا تَبِعاكا
فما بلَغا إلاّ تُراباً تَدوسُه / جيادُك لا أرضاً خطَتْ قَدماكا
وداعٍ بأعْلَى صَوته كُلَّ سامعٍ / إلى عَدْلك المأْمولِ مثْل نَداكا
يُراوِحُ ضَرباً نَوبةً بعد نَوْبةٍ / على غَيرِ ذَنْبٍ في مَنيعِ ذُراكا
ومَلْكٍ منَ الأقلامِ لكنْ سَريرُه / بَنانُك يَحْمي باللِّسانِ حِماكا
ويُفْرَشُ كافوراً ومَفرِقُ رأسِه / به المسْكُ من طولِ التَضَمُّخ صاكا
وصَفراءُ سَوداءُ الضّميرِ كأنّها / حَسودٌ يُجِنُّ القلبُ منه قِلاكا
عديمةُ حَلْيٍ إذ هيَ الحَلْيُ كلُّها / على أَنّها تُعتَدُّ بَعضَ حُلاكا
لعَمْري لقد أَعلَى مَنارَكَ هِمّةٌ / فلا ماجدٌ إلاّ اقتدَى بِهُداكا
وما أَنت إلا للسّلاطينِ كعْبةٌ / من الشّرفِ اللهُ العظيمُ بَناكا
ليعلَمَ مُهدي كُسوةٍ لك أنّه / هو المُكتسي للفَخْرِ حينَ كَساكا
ولم يَك تَشريفُ الملوكِ منَ العُلا / بمُبْتكرٍ حتّى يُقالَ زَهاكا
فمن قبلُ في تَشريفك اللهُ بالغَتْ / عناياتُه حتّى كبَتْنَ عِداكا
فَقمّصَك الدّينَ المَصونَ بُرودُه / ورَدّاكَ مَصقولاً رِداءَ تُقاكا
وأمطاكَ ظَهْراً للعَلاء منُاصباً / نُجومَ الدُّجَى لم يَقْتَعِدْه سِواكا
وقلّد َسيَف الرأْيِ صَدرَك فاغتدَى / سلاحُ فتوحِ الأرضِ عندَك شاكا
وآتاك للتّقْوى مِجَنَّ كَلاءةٍ / إذا أرسلَ الباغي السِّهامَ وَقاكا
وأعلامَ ذِكْرٍ سائرٍ وسُرادِقاً / منَ العزِّ أَلْقَى حُجبَه وَحماكا
ومَدْحاً على أبوابك الدَّهرَ ضارباً / له نُوَباً لا يَنْقطعْنَ دِراكا
فهُنِّئْتَ تَشريفَيْنِ تَشريفَ عادةٍ / به المَجلسُ الأعلَى الغداةَ حَباكا
وتَشريفَ تَحقيقٍ منَ اللهِ سابقاً / خُصصْتَ به لم تَمتلِكْه أُلاكا
أَجَرَّك ذَيْلاً في المَجَرّةِ رافلاً / وخَطَّتْ سُموّاً في السَّماءِ خُطاكا
ولا شَكَّ أنّ البدْرَ في الأُفْقِ درْهمٌ / من النّثْرِ باقٍ في طَريقِ عُلاكا
أعدْتَ حياةَ الفَضْلِ قبلَ مَعادِه / سَماحاً فجازَى الأكرَمينَ جَزاكا
وما زال تَأْميلي يُسافرُ في الوَرى / فقال له ناديكَ ألْقِ عَصاكا
وقال ولم يَكْذِبْ ليَ الحَظُّ إنّما / غَناؤك في أَيّامه وغِناكا
فدَتْكَ نُفوسُ الحاسدِينَ من الورَى / وإن هي قَلّتْ أن تكونَ فِداكا
وحُيِّيَ فَرعٌ للعلاء نَمَيْتَه / وحُيِّيَ أَصْلٌ للعَلاءِ نَماكا
ووالَى كما يَهوَى وَليُّكَ دهرُه / وآخَى كما شاء الزَّمانُ أَخاكا
بَقيتَ يقولُ السّيفُ للقلَمِ استَمعْ / دُعايَ لمَن أهدَى مَضاءَ شَباكا
أَتبكي بيُمناهُ وأضحَكُ دائماً / ألا لا انْقَضي ضحْكي له وبُكاكا
فدُمْ في اللّيالي خالداً يا ابْنَ خالد / خَصيباً لروّادِ النَّوالِ رُباكا
يُرَى لك وَصْفاً في ظِلالِ سَعادةٍ / معَ النِّعَمِ اسْمٌ نَوَّلوهُ أَباكا
هُمْ نازلونَ بقلبي أيّةً سَلكوا
هُمْ نازلونَ بقلبي أيّةً سَلكوا / لو أَنّهمْ رفَقُوا يوماً بمَنْ مَلَكوا
ساقوا فُؤادي وأبقَوا في الحَشا حُرَقاً / للهِ ما أَخَذوا منّي وما تَركوا
لمّا بكَوا لا بكَوا والرَّكْبُ مُرتحلٌ / من لَوعةٍ ضحكَ الواشونَ لا ضَحِكوا
زَمُّوا وقد سَفَكوا دَمعي ركائبَهمْ / فكدْتُ أُغرِقُ ما زمُّوا بما سَفَكوا
وراعَني يومَ تَشْييعي هَوادجَهمْ / والعيسُ من عَجَلِ في السّيْرِ تَبتَرِك
سِترانِ سِتْرٌ عنِ الأقمارِ مُنفَرِجٌ / يُبدي وآخرُ للعُشّاق مُنهَتِك
ثُمّ انثَنَيْنا وما من راحلٍ أَثَرُ / إلا خيالٌ برَحْلي في الدُّجَى سَدِك
أَضُمُّ جَفني عليه حينَ يَطْرُقُنُي / كما يُضَمُّ على وَحشيَّةٍ شَرَك
ما روضةٌ أَضحكَتْ صُبحاً مبَاسِمَها / دُموعُ قَطْرٍ عليها اللَّيلَ تَنسفِك
فالنّرجِسُ الغَضّ عَينٌ كلُّها نَظَرٌ / والأُقحوانةُ ثَغرٌ كُلُّه ضَحِك
وللشّقائقِ زِيٌّ وسْطَها عَجبٌ / إذا تمايَلْنَ والأرواحُ تأتَفِك
حُمْرُ الثِّيِابِ تُطيرُ الرّيحُ شائلةً / أَذْيالَها وهْيَ بالأَزْرارِ تَمتَسِك
إذا الصَّبا نَبَّهَتْ أحداقَها سحَراً / حَسِبْتَ مِسْكاً على الآفاقِ يَنْفَرِك
أَنَمَّ طِيباً وحَلْياً من ترائِبها / إذا اعتَنقْنا وخَيلُ اللّيلِ تَعتَرك
وللسّماءِ نطاقٌ من كَواكِبها / عُقدْنَ منه على أعطافها حُبُك
قد أشْعَلَ الشّيْبُ رأسي للبِلى عَجِلاً / والشّمعُ عند اشْتعالِ الرّأسِ يَنْسبك
فإن يَكُنْ راعَها من لَونهِ يَقَقٌ / فطالما راقَها من قَبْلِه حَلَك
عَرفْتُ دهري وأهليه ببادرتي / من قَبلِ أن نَجّذَتْني فِيهمُ الحُنَك
فلا حَسائكَ في صَدري على أَحدٍ / منهم ولا لَهمُ في مَضْجَعي حَسَك
ولا أُغَرُّ ببِشرٍ في وجُوهِهمُ / وربّما غَرَّ حَبٍّ تحته شَبَك
سارتْ مطايا رجائي فيهمُ فغدَتْ / رَزْحَي من اليأسِ حتّى ما بها حَرَك
أُنيخُها ضَلّةً منهمْ إلى عُصَبٍ / حاشا الكرامَ إذا سِيلو النّدى وَعِكوا
ويَتركُ الحِلْمُ منّا لُدَّ ألسِنةٍ / وهُنّ كاللُّجمِ في الأفواهِ تَنعلِك
ورُبَّ طائفةٍ لم يكظِموا فشكَوْا / أقلَّ شيءٍ كما لم يكْرُموا فَشُكُوا
إلاّ تكُنْ مُسكةٌ للمالِ مُقنعةٌ / فالعقلُ والصّبرُ عندي منهما مُسَك
حتّى متَى وإلى كم يا زمانُ أَرى / منك الخطوبَ بجَنْبي وهْي تَنعرِك
أَبعْدَ عدلِ نظامِ المُلكِ تَحمِلُ لي / ذَحْلاً وخلْفَك منه ثائرٌ مَحِك
أَغَرُّ لا مَجدُه المَحسودُ مُشتَرَكٌ / كَلاّ ولا مالُه في الجودِ مُشترَك
فَمجدُه خالصاً دونَ الأنامِ له / ومالُه خالصاً للوَفْدِ مُمْتَلَك
يا مُتعِباً نفسَه في أن يُساجِلَه / أينَ السّماكُ إذا قايَسْتَ والسَّمك
دَعُوا الوِزارةَ عنكمْ تَربَحوا نَصَباً / فالحَبلُ في الدُّرّ مِمّا ليس يَنْسَلِك
وَرِثْتُمُ يا بَني إسحاقَ مَنْصبَها / فما لغَيرِكمُ في إرثِكم شِرَك
أنتمْ فَرازينُ هذا الدَّسْت نَعلَمُكُمْ / وهمْ بَياذِقُه إن صُفَّ مُعتَرَك
فما تَفرْزنَ منهم بَيذَقٌ أبداً / إلاّ غدا رأسُه في التُّرْبِ يَنمَعِك
كم رامَ أن يتَعاطى ذاك غيُركمُ / فخاضَه تائهٌ في الغَىِّ مُنهَمِك
وقام بالأمرِ لكنْ قائمٌ عجَبٌ / كما تُريكَ خيالَ القائمِ البِرَك
حتّى أُعيدَتْ إلى ذي مِرَّةٍ يَقِظٍ / من الّذين إذا هَمّوا بها فَتكوا
أما تَرى ما رأى السُّلطانُ مُرتَضياً / في مُلكِه كُلُّ ما يأتي وَيتَّرك
ألقَى إليك الّذي ألقَى أبوه إلى / أبيكَ في المُلْكِ والأحوالُ تَشتَرِك
فلا يَزلْ مُمْتَعاً كُلٌّ بصاحبِه / ولا تَزلْ هذه الأنسابُ تَشتَبِك
فلم يُصادِفْ وزيرٌ مثلَه مَلِكاً / ولم يُصادِفْ وزيراً مثلَه مَلِك
في دَسْتِه قَمرٌ في دِرعهِ أَسد / في حَفْلِه مَلِكٌ في سرِّه مَلَك
إذا عَددْنا سِنيهِ فهْو مُقتَبِلٌ / وإنْ ذكرْنا حِجاهُ فهْو مُحتَنِك
تَظلُّ في كَفّه الأقلامُ من كَرَمٍ / للنّاسِ أسخَى منَ الأحلامِ تَنشبِك
تَسعَى له مثْلما يَسعَى الزّمانُ لها / كُلٌّ بهامَته ماشٍ له حَرِك
جَذْلانُ يَرْمي العِدا بالخيلِ عاديةً / مُشيحةً فوقَها الأبطالُ والشِّكَك
يَظلُّ يَنفَحُ من أعراضِهم عَبَقٌ / وللحديدِ على أثوابِهم سَهَك
كأنّ أوجُهَهمْ والرَّوعُ يَبذُلُها / عِزّاً دَنانيرُ لم تُنقَشْ لها سِكَك
من كُلِّ أَزْهرَ مثْل النّجمِ يَحملُه / طَودٌ له اللّيلُ مِسْكٌ والضُّحَى مَسَكُ
حتّى رأَوْها أُسوداً ما بِها عَزَلٌ / تُزيرُ فوق جبالٍ ما بها صَكَك
طرَقْنَ حيَّ العدا في عُقْرِ دارِهمُ / والنّومُ مْلء ُجُفونِ القَومِ لو تُرِكوا
والطَّعنُ يَنسِجُ أشطانَ القنا ظُلَلاً / تُلقَى على فُرَجِ الحُجْبِ الّتي هَتَكوا
إلى ذُراكَ قِوامَ الدِّينِ سارَ بنا / خُوصٌ كما اصطَفَّ من نَخْلِ القُرَى سِكَك
مُدَّتْ على اسْمِكَ أطرافُ الحبالِ لها / وأُغْشِيَتْ أُخْريَاتُ الأرحُلِ الوُرك
وثَوَّروهُنّ أدْنَى خَطْوِها سَفَرٌ / شَوقاً إليك وأبطا مَرِّها رَتَك
تَسْري طَوالبَ أيديها بأرْجُلِها / مَدَّ اللّيالي فلا فَوْتٌ ولا دَرَك
حتّى تَرى مَلِكاً تَشْفَى برَؤْيتِه / من الزّمانِ صُدوراً كلُّها حَسَك
يَحُطُّ قوماً ويَعلو آخَرونَ به / كما يُديرُ نُجومَ اللّيلةِ الفَلَك
اليومَ عاش نظامُ المُلْكِ ثانيةً / وكم مَعاشر عاشوا بعدَ ما هَلَكوا
فاللهَ نَسألُ أن يُبقيكَ ما بَقيَتْ / آثارُه فَهْي حَبْلٌ ليس يَنْبَتِك
وهاكَها تُوقرُ الحُسّادَ من كَمَدٍ / كأنّما هيَ في أسماعهمْ سِكَك
قَوافياً بدويّاتٍ وما بعَثَتْ / بها من البَدْوِ لا عُرْضٌ ولا أَرَك
جاءتْ بهنّ يدٌ بيضاءُ فانتظمَتْ / زُهْراً تَلقَّفُ للأقوامِ ما أَفِكوا
زُفّتْ إلى أحمدَ المحمودِ واجتنَبتْ / قَوماً إذا خَطَبوا أبكارَها فُرِكوا
يا مُدرِكاً رُتَباً ما بعدَ ذِرْوتِها / إلاّ الدّوامُ فَدُمْ للمَجْدِ تَدَّرك
سِحْرٌ من الشِّعْرِ أعجَزْتُ الفُحولَ به / وأعجزَتْنيَ حتّى بِعْتُها الرَّمَك
لمّا دُفِعْتُ إلى دَهْرٍ تَنمّرَ لي / برائعاتٍ فأَمْرِي بينها لَبِك
العَقْلُ فيه عِقالٌ والسُّدادُ سُدىً / والفَضْلُ فيه فُضولٌ والنُّهى نَهِك
قد بِعْتُ طِرْفي وهذا مِطْرَفِي وغداً / أَبيعُه ولِطَرْفِي أدمُعٌ سُفُك
مَدْحي الملوكَ وأكْلي الكَفَّ مُقتنعاً / هذا لعَمرُكَ في أيّامكمْ هُتَك
فاسمَعْ مقالي رعاكَ اللهُ من مَلكٍ / واعْدِلْ فعَبْدُك دهري ظالمٌ مَعِك
طال المُقامُ ونالَ الصّبرُ غايتَه / وتاهَ في أمره حَيرانُ مُرتبِك
فاعْطِفْ فإنّ حِمَى العلياء مُنْتَهَبٌ / إن لم تُغِثْ وحَريمَ المجدِ مُنْتَهِك
وأْمُرْ بها بِدَراً يُنحَرنَ تامِكةً / كما يُقرَّبُ عند المَوسمِ النُّسك
واعْدُدْ بكفَّيك أعياداً مُعاودَةً / ما دام جُنحُ الدُّجَى بالصُّبحِ يَحتبِك
أشاكرٌ أنا للأيّامِ أمْ شاكِ
أشاكرٌ أنا للأيّامِ أمْ شاكِ / فقد أَرى صَرْفَها يا نَفْسُ عَنّاكِ
أدناكِ من بلدٍ فيه البَديعُ ومن / لُقياهُ أقصاكِ ظُلْماً حينَ أدْناك
فليس عندَكِ من آثارِه أثَرٌ / إلا مقالةَ راوٍ عنه أو حاك
ولو غدَوْتِ بهذا منه قانعةً / لما حدا نحوَه الحادي مَطاياك
بل إنّما أنتِ يا نَفْسي مُقصِّرةٌ / فلِمْ تُطيلينَ للأيّام شَكْواك
لِمْ لستِ تَلقَيْنَ قَصْداً مَن على يدِه / أضحَتْ أيادي مُلوكِ الأرضِ تَلْقاك
وقد رأيتُكِ لمّا مَسَّه ألَمٌ / لم تَكْتَحِل بالكَرى يا عَينُ جَفْناك
وقَلَّ منّا لَوَ أنّا مِن مَحبَّتِه / يا وطْأةً في الثّرى منه فدَيْناك
حاشاهُ أن تُصبِحَ الأيّامُ خاليةً / منه كما أنتِ يا أيّامُ حاشاك
وما إخالُكِ يا دُنْيا بمُنكرةٍ / أَن كنتِ من قبلُ عُطْلاً وهْو حَلاّك
لمّا غدا عِقْدُ آدابٍ به انْتظمَتْ / أشتاتُها جعلَتْه تاجَ أمْلاكِ
له يَدٌ تُعمِلُ الأفلاكَ دائرةً / فلا اعْتَراها بسُوءٍ دَوُْر أفلاك
كم قد كَساكِ نِطاقَ الشُّهْبِ أنمُلهُ / وكم إذا شاء يا أفلاكُ أعْراك
ولم يَشُدَّ بخَصْرٍ منكِ مَنطِقةً / إلاّ لكَي تَخدُمي ما عِشتِ مَوْلاك
لا تَبْلُ منه بَنانٌ من لَطافتِه / كم قد أجدَّكِ للرّائي وأبْلاك
له العلومُ لعَمْري والعُلُوُّ معاً / يَحْويهِما خاطِرٌ رقّاهُ إيّاك
كم صافحَتْ كفُّه من مَرّة لك يا / كفَّ الثُّريّا وإنْ لم تَرضَ علْياك
رُزِقْتَ يا نجمُ منه لَمسةً عَرَضتْ / وكنتَ كَفَّ دُجىً سَوداءَ إذْ ذاك
فما أَظُنُّكَ إلاّ أنّه كَرماً / بالنُّورِ من يَدِه البَيْضاءِ أعْداك
يا مَن يُلاقي جُيوشَ اللّيلِ طارِقةً / إذا غزا بسِلاحِ للنُّهَى شاك
أعِنْ على مَشْهدٍ أصبحْتَ ثانيَه / جُوداً بمُسْعدِ عُبّادٍ ونُسّاك
ذي جزعَةٍ سِلْكُها ماءٌ إذا انخَرطَتْ / فيهِ تَتابعَ مَوْصولاً بأَسْلاك
يَبكي بدَمعٍ مُعارٍ وهْو مِن كَرَمٍ / يُعيرُ مَن شاءَ طَرْفَ السّاهرِ الباكي
ولا يُرى قائلاً إلاّ وفي فَمِه / ماءٌ مقالَ صَدوقٍ غيرِ أَفّاك
يَنوبُ عن كلِّ شَمسٍ إنْ هي احتجَبتْ / مَنابَ ذي ناظرٍ للحُجْبِ هَتّاك
مُلْقىً بأرضٍ وأخبارُ السّماءِ له / إن لم يَزُغْ مُدْرَكاتٌ أيَّ إدْراك
خِلْوٌ إذا اللّيلُ من تحتِ النّجومِ بَدا / كَسُودِ أغْرِبةٍ في بيضِ أشْراك
لكنْ يَبيتُ أخا شَجْوٍ إذا انتقَبَتْ / بعارِضٍ مُسبَلٍ للدَّمْع سَفّاك
فحُزْ مَحامِدَ تَبقَى في الزَّمانِ به / فأنت من مَعشَرٍ للحَمْدِ مُلاّك
ما كنتُ تارِكَ شُكْري وحدَه كرَماً / فلستُ للأجرِ معْ شُكري بتَرّاك
إن كنتُ قِستُكَ بالأقوامِ في خُلُقٍ / فإنّما قِستُ تَوحيداً بإشراك
فاصْبِرْ على كُلَفِ الإخوانِ إن سَنَحَتْ / كَصبرِ أَرْوعَ بالأقرانِ فَتّاك
لا تَحسبَنّ اجْتناءَ المجدِ مُحتقَراً / إنّ العُلا وَردُه ما بَينَ أَشْواك
إنّ الجِنانَ هَدِيٌّ أنت خاطبُها / ومَهْرُها عَمَلٌ من عامِلٍ زاك
عَداكَ الحادثاتُ إلى عِداكا
عَداكَ الحادثاتُ إلى عِداكا / فما للنّاسِ مَعنىً ما عَداكا
ولا بَرَحَ المُصادِقُ والمُعادي / إذا ما نابَ نائبةٌ فِداكا
فأنتَ سنَنْتَ للنّاسِ المَعالي / وإن لم يَبلُغوا فيهما مَداكا
إذا نظَر الملوكُ إليكَ يَوماً / رأَوْك لأمْرِ مُلكِهمُ مِلاكا
فإن يَكُ مُلكُهمْ أمسَى سَماءً / فَرَأْيُكَ لم يَزْل فيها سِماكا
خُلقْتَ منَ العُلا والمجدِ حتّى / تَضمّنتِ الفضائلَ بُرْدَتاكا
فلو كان العُلا والمجدُ شَخصاً / يَراهُ النّاظرونَ لكنتَ ذاكا
نَصُدُّ عنِ الغمائمِ هاطلاتٍ / إذا مطَر الوفودَ غَمامتاكا
ونَسمَعُ عن كرامِ النّاسِ ذكْراً / ونَنظرُ ما نَرَى أحداً سِواكا
فلا نَعْبا بأنْ سَخِطَ اللّيالي / وأهلُوها إذا حُزنا رِضاكا
لقد مَرِضتْ لنا الآمالُ حتّى / شَفاها اللهُ لمّا أن شَفاكا
فلا حُرِمَ السَّناءَ بكَ المعالي / ولا خلَتِ المَمالكُ من سَناك
فما اكتحلَتْ بوَجهِ السَّعْدِ يَوماً / من الدُّنيا سوى عَينٍ تَراكا
تَقسَّمتِ الوُفودُ غداةَ سارَتْ / وخَيلُ الدَّهرِ تَعترِكُ اعْتراكا
فسار الطّارقاتُ إلى الأعادي / وسار الطّارِقونَ إلى ذُراكا
بنو الدّهرِ العُفاةُ لديكَ لكنْ / بَناتُ الدّهرِ تَقصِدُ مَن قَلاكا
مَنِ استَكْفاكَ أمرَهمُ كفيلٌ / إذا راب الزّمانُ بما كَفاكا
لك المَعروفُ دونَ النّاسِ مُلْكٌ / يَداكَ بصِدقِ ذلكَ شاهِداكا
ولمّا صارَ حَمدُ النّاسِ وحْشاً / نَصبتَ من الجميلِ له شِباكا
أرى الإمساكَ من عاداتِ قَومٍ / وما اعتادَتْ سوى بَسْطٍ يَداكا
فأعجَبُ كيف مَعْ تلك السَّجايا / أطاقَ بكفِّك القلَمُ امتِساكا
لدِيوانَيْ حسابِكُمُ وشِعْري / أرَى في الرَّعْيِ للذِّمَمِ اشْتِراكا
مَعاشيَ هاهُنا ما زالَ يُجْرَى / ومَدحُكَ هكذا يُتْلَى هُناكا
فما في أمرِ إدراري مَعابٌ / ولا دُرَري إذا جُعِلَتْ حُلاكا
أُنَظَمُهنَّ أشعاراً رِقاقاً / إذا ما غَيرُها أضحَى رِكاكا
وما شُكري لمِا أَولَيْتَ إلاَّ / رَهينٌ ما أُطيقُ له فَكاكا
إذا طلَب الحسودُ لدَيكَ شَأْوي / نهَتْه عن مُطاولتي نُهاكا
وكيف أخافُ للواشي مَقالاً / وقد عُقدَتْ على طَوْدٍ حُباكا
إلى المَولَى الصِّفيّ سَرتْ رِكابي / وحَسْبُك بالصَّفيِّ إذا اصْطَفاكا
وَليُّ الدَّولةِ الحاكي نَداهُ / وَليَّ المُزْنِ والقَطْرَ الدَّراكا
لتَهنِكَ كَعبةٌ زارتْكَ شَوقاً / إليك ورَّفهَتْ كَرماً خُطاكا
ودَوحةُ سُؤْدَدٍ تَدعوكَ فَرْعاً / فَزادَ اللهُ مَفْخَرَ مَن نَماكا
أتَتْ بك أوّلاً وأتتْ أخيراً / تَزورُكَ بعدَ ما شَطَّتْ نَواكا
بمَقْدَمكَ اعْتراها من سُرورٍ / مُشابِهُ ما بمَقْدَمها اعْترَاكا
لكَ البُشرَى بها ولَها قديماً / لقد عَظُمَتْ وجَلّتْ بُشرَياكا
طَرِبتُ لجَمْع شَملك بَعْدَ لأْيٍ / لَعلّك جامعٌ شَمْلي كَذاكا
أرى لي طِيّةً عَرُضَتْ وطالَتْ / وليسَ مَطيّتي إلاّ نَداكا
ولي وَطَنٌ ولي وَطَرٌ جَميعاً / سَيُدْني لي بَعيدَهُما جَداكا
وسَوقُ الرّاحتَيْنِ إليّ سَهْلٌ / عليكَ إذا استَهلتْ راحتاكا
أَحِنُّ إلى السُّرَى وَعلَيَّ قَيْدٌ / منَ التَّعويقِ يَمنَعُني الحَراكا
فحُلَّ عِقالَ نِضْوٍ من رَجائي / يَسِرْ بي من ديارِكمُ ابْتِراكا
وأيّاً ما حلَلْتُ فلي لسانٌ / مَلئٌ بالثّناء على عُلاكا
فحيثُ نزلْتُهُ يَأْتيكَ شُكْري / على بُعْدٍ وتَأْتيني لُهاكا
وما مَدْحي وإنْ خطبَتْه قَومٌ / سوى عَبَقٍ بثَوبِ عُلاكَ صاكا
فلا يَزلِ الزّمانُ بكُلِّ حال / يُطيعُك صَرْفُهُ في مَن عَصاكا
رأيتُك في يَدِ الإقبالِ سَيْفاً / فلا شامَتْكَ كَفُّ من انْتَضاكا
ولا لَقّاكَ مَن تَرجوهُ يأساً / فإنّكَ لستَ تُؤْيسُ مَن رَجاكا
تَحِنُّ إلى شَرقيِّ نَعْمانَ ناقتي
تَحِنُّ إلى شَرقيِّ نَعْمانَ ناقتي / وَمسْرحُها الأدنَى بجَرْعاءِ مالِكِ
ولو أنّها تَشكو عِقالي حلَلْتُها / ولكنّها مَعقولةٌ بعِقالك
أُصبِّحُهمْ في مَعشري لِقراعِهمْ / وأطْرُقُهُمْ مُستأثِراً بوِصالك
ولم يَشْكُ قلبي قَطُّ صِدْقَ قِتالهِمْ / ولكنّه يَشكو أليمَ قِتالك
لا بأْسَ وإن أذَبْتُ قلبي بِهَواكْ
لا بأْسَ وإن أذَبْتُ قلبي بِهَواكْ / القلبُ ومَن سلَبتْه القلبَ فِداكْ
وَلَّيْتَ وقلتَ أنعَمَ اللهُ مَساكْ / مَولايَ وهل يَنعَمُ مَن ليس يَراك
حَسْبُكَ منّي يا فتىً خِلْعةً
حَسْبُكَ منّي يا فتىً خِلْعةً / أُمسكُ عن نَشْرِ مَساويكا
في طَيلساني لا تكُنْ طامعاً / طَيُّ لساني عنكَ يَكْفيكا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025