القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 8
تَضاحكتِ لمّا رأيتِ المشيبَ
تَضاحكتِ لمّا رأيتِ المشيبَ / ولم أر من ذاك ما يُضحِكُ
وما زال دَفْعُ مَشيبِ العِذا / رِ لا يُستطاعُ ولا يُمْلَكُ
وقال لِيَ الدّهرُ لمّا بقي / تُ إمّا المشيبُ أو المَهْلَكُ
فقولِي وأنت تعيبينَهُ / لأيِّ طريقيهما أسلُكُ
دعِ الجِزْعَ عن يُمناك لا عن شمالكا
دعِ الجِزْعَ عن يُمناك لا عن شمالكا / فلِي شَجَنٌ أحنو عليه هنالكَا
وقفْ بِي وإنْ سار المطيُّ بأهلِهِ / وجُدْ لي به واِجعله بعضَ حِبائكا
ولولا الهوى ما بتّ أسأل باخلاً / وآملُ مَنّاناً وأعشَقُ فارِكا
ومَن ذا الّذي لولاه ذلّلَ صَعْبَتِي / وليَّنَ منّي للشَّموسِ العرائِكا
من اللّائي يفضحن الغصون نضارةً / وبالجِيد يُخجِلْنَ الظِّباءَ الأواركا
عَفَفْنَ فما اِستَشهدن يومَ تفاخرٍ / عَلى عَبَقِ الأفواه إلّا المساوِكا
ولمّا أرَتْنا ساعةُ البين عَنْوَةً / وجوهاً وِضاءً أو شعوراً حوالكا
نزعنا ثيابَ الحِلْمِ عنّا خلاعةً / فلم نَرَ إلّا سادراً متهالكا
وإلّا بدوراً بالرّحيل كواسفاً / وإلّا شموساً بالحدوجِ دوالكا
وَمُنتَقِباتٍ بالجمال ملكْنَنا / وما كنّ لِي لولا الجمالُ موالكا
قتلن ولم يشهرن سيفاً وإنّما / شَهرنَ وجوهاً طَلْقةً ومضاحكا
فأقسمتُ بالبُزلِ الهِجانِ ضوامراً / يَرِدْن بنا البيتَ الحرامَ رواتكا
ويُبْصَرْنَ من بعد الكَلالِ نواحلاً / وقد كنّ من قبل الرّحيلِ توامكا
بَرَكنَ على وادي مِنىً بعد شِقْوَةٍ / ومِن بعد أنْ قضَّيْنَ منّا المناسكا
ومِن بعد أنْ طرّحن أحلاسَ أظهُرٍ / أكَلْن ظهوراً بالسُّرى وحواركا
أبَيْنَ وما يأبينَ إلّا نجابةً / قُبيلَ بلوغٍ للمرامِ المباركا
وما قِلْنَ إلّا بعد لأْيٍ وبعد ما / قطعن اللّوى قَطْعَ المَدا والدَّكادِكا
لقد حلّ ركنُ الدّين ما شاء من رُبىً / وطالتْ معاليه الجِبالَ السّوامكا
وما زال نهّاضاً إلى المجد ثائراً / وذا شَغَفٍ بالْعِزِّ والفخر سادكا
فإنْ طلب الأقوامُ عوناً على عُلاً / توحَّدَ لا يبغِي العَوِينَ المشاركا
رضيتُك ما ملكَ الملوك من الورى / لقلبِيَ من دون البريّةِ مالكا
ولمّا ثنتْ كفّي عليك أنامِلِي / تَركتُ اِحتقاراً كلَّ مَن كان مالكا
فإنْ كنتُ قد قلقلتُ شرقاً ومغرباً / فَها أنا ذا ربُّ المطيِّ بَواركا
فما لي اِنتِقالٌ بعد مَغنىً غنيتُه / وما لي اِرتِحالٌ بعد يومِ لقائكا
وَأَنتَ الّذي فُتّ الملوكَ فلم يكنْ / لعالِي البنا في المجدِ مثلُ علائكا
أبَوْا وأبَيْتَ الضَّيْمَ فينا ولم يكنْ / لكلّ أُباةِ الضَّيمِ مثلُ إبائكا
وقد علم المُعْطَوْنَ بعد سؤالهمْ / بأنّك تُغنِي الفقر قبل سؤالكا
وكم لك من فضلٍ حقرتَ مكانَه / وإنْ هو أخزى حاتِماً والبرامكا
علوتَ عن السّامِي إليك بطرفِهِ / فأين من الرّاقين حول جبالكا
وما سلّموا حتّى رأوك محلِّقاً / يشقُّ على الأيْدِين بُعْدُ مَنالكا
فإنْ خبروا بالفضل منك رقابةً / فقد شاهدوا ما شاهدوا من جلالكا
ومَن كان ذا ريبٍ به في شجاعةٍ / وبأْسٍ يَسَلْ عنه الوَغى والمعاركا
غداةَ أَسالَ الطَّعنُ في ثُغرِ العِدا / كما شاءَت الأيدي الدّماءَ السّوافكا
وَما حملتْ يُمناه إلّا صوارماً / لِكُلّ وريدٍ من كميٍّ بواتكا
وَلَمّا اِستطار البغيُ فيهمْ أطَرْتَ في / طِلابهمُ من ذي الجيادِ السَّنابكا
فروّيتَ منهمْ أسمرَ اللّون ذابلاً / وحكّمتَ فيهمْ أبيضَ اللّونِ باتكا
وما شعروا حتّى رأوها مغيرةً / عجالاً لأطرافِ الشَّكِيمِ لوائكا
يُخَلْنَ ذئاباً يَبتدِرْن إِلى القِرى / وإلّا سيولاً أو رياحاً سواهكا
ويُلْقَيْنَ من قبل اللّقاءِ عوابساً / وبعد طلوع النَّصر عُدْنَ ضواحكا
وفوق القَطا منهنّ كلُّ مغامرٍ / إذا تارَكُوه الحربَ لم يكُ تاركا
يخيضُ الظُّبا ماءَ النّحورِ من العِدا / ويخضبُ منهمْ بالدّماءِ النّيازكا
ولَو شئتَ حكّمتَ الصّوارمَ فيهمُ / وسُمراً طِوالاً للنُّحُور هواتكا
فَسقّيتَهمْ حتّى اِرتَوَوْا أكؤُسَ الرّدى / وَحرّقْتَهمْ حتّى اِمّحوا بأُوارِكا
وضربُ طُلىً قطّ الطُّلى متواتراً / وطعنُ كُلىً عطّ الكُلى متداركا
فإنْ رجعوا منها بهُلْكِ نفوسهمْ / فأيديهمُ جرّتْ إليها المهالكا
فقضّيتَ مِن أوطارنا كلَّ حاجةٍ / وأخرجتَ أوتاراً لنا وحَسائكا
وكنتَ متى لاذوا بعفوك صافحاً / وإنْ معكوا كنتَ الألَدَّ المماعكا
فبشرى بما بُلّغته من إرادةٍ / وشكراً لما أُوتيتَهُ من نَجائكا
وللّهِ عاداتٌ لديك جليلةٌ / يَقُدْنَ إليك النَّصرَ قبل دُعائكا
وَما كان إلّا اللَّهُ لا شيءَ غيره / مُنجّيك منها والشّفاءُ لدائكا
ولا فِكْرَ فيمن صمَّ لمّا دعوتَه / وربُّ الورى طرّاً مجيب دعائكا
فإنْ كنتَ يوماً طالباً ناصحاً لكمْ / بلا رِيبَةٍ منه فإنِّيَ ذالكا
فَما أَنا إِلّا في يديك على العِدا / وفي قَسْمِك الأسنى وتحت لوائكا
وما لِيَ في ليلي البهيم من الورى / ولا صبحَ فيه غيرُ نور ضيائكا
فلا تَخشَ مِنِّي جفوةً في نصيحةٍ / وَكيفَ وما لِي خشيةٌ من جفائكا
ولا تدّخرْ يوماً لخدمتك الّتي / تَخصّك إلّا الحازمَ المتماسكا
ولا تغتررْ بالظّاهراتِ من الورى / فكم يَقِقٍ يتلوه أقتَرُ حالكا
وقد خبّر النيروزُ أنّ قدومَه / يُنيخُ السُّعودَ الغُرَّ فوق رجالكا
فخذ منه فيما أنت ترجو وتبتغي / على عقبِ الأيّامِ فوق رجائكا
ودُمْ لا اِنجَلتْ عنّا شموسُك غُرَّباً / ولا زال عنّا ما لنا من ظِلالكا
ما ضرّ مَن رَهِبَ الملوكَ لو اِنّه
ما ضرّ مَن رَهِبَ الملوكَ لو اِنّه / رَهِبَ الّذي جَعل الملوكَ ملوكا
وإذا رجوتَ لنعمةٍ أو نقمةٍ / فاِرجو المليكَ وحاذر المملوكا
وإذا دعوتَ سوى الإلهِ فإنّما / صَيّرتَ للرحمنِ فيك شريكا
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به
لذْ بالعَزاءِ فلا خِلٌّ تَضِنُّ به / ولا مقيمٌ على دار الحفاظِ لكا
ولا وفيٌّ إذا أعطيتُه مِقَتِي / أعطَى المحبّةَ أو تاركتُه تركا
ولا لبيبٌ يعاطيني نصيحتَه / ويُسلك الرَّحْلَ منّي حيثما سلكا
إنْ كان خبّ بِيَ الدّهرُ العثورُ إلى / بُغضِ الّذي كنتُ أهواه فقد بركا
أما ترانِيَ في ظلماءَ داجيةٍ / ضاع الصّباحُ بها للقومِ أو هَلَكا
وقد شكوتُ فلم أرجعْ بنافعةٍ / لكنْ شكوتُ إلى مَن مثل ذاك شكى
في كلّ يومٍ أخو غدرٍ يقلّبنِي / على الحَضيضِ وقد ألْمَسْتُهُ الفَلَكا
يبغي خِلافي فإنْ لايَنتُه خشنتْ / منه الخلائقُ أو باكيته ضحكا
وكم مصرٍّ على مَقْتٍ وتَقْلِيَةٍ / أعطيتُه طَرَفَ البُقْيا فما اِمتسكا
ما ضرّني مالكاً نفسي ومأرَبتي / أنْ لا أكون على أعوادهمْ مَلِكا
ما دام عِرْضُك لم تثلِمْهُ ثالمةٌ / بين الرّجالِ فخلِّ المالَ مُنتَهكا
وَاِحقِنْ حَياتك في خدّيك مبتذلاً / من دونه لدمِ الأرواحِ مُنْسَفِكا
أما ترى الرّزقَ يأتي المرءَ ممتلئاً / من الكرى فدعِ الإيجافَ والرَّتَكا
ودع حِذاراً فكم حِذْرٍ تقوم به / ما كان رِدْءاً لمكروهٍ يَحُلُّ بِكا
والمرءُ يَعْطَبُ مدلولاً على طَرَفٍ / إلى الصّواب وينجو المرءُ مرتبكا
كم حائدٍ عن رداه غيرِ ذي عُدَدٍ / وكارعٍ مِن رداه يحمل الشِّكَكا
ولي صديقُ الضّواحي وهو مضطبِعٌ / من العداوة أثواباً له سَلَكا
إذا سَهُلْتُ عليه بات يَحزَنُ لي / وإنْ تضوّأتُ يوماً عنده دَلَكا
وكلّما اِندملتْ منّي جوائفُهُ / قَرّفَ منها بأظفارٍ له ونكا
يَذرِي دُموعاً على الخدّين يوهمني / منه الودادَ وما إنْ للودادِ بكى
وكلّما كان عندي أنّه بيدي / وجدته في يد الأقوامِ مشتركا
وصاحبٍ خدعتْ عينَيَّ نظرتُه / ما كان تِبْراً ولا مالاً إذا سُبِكا
أخذتُه وبقيتُ الدّهرَ أجمعه / أودّ أنّي له أمسيتُ مُتَّرِكا
بيني وبين الورى سِتْرٌ أُرقّعُهُ / ولو تغافلتُ عن ترقيعه اِنتهكا
فقل لحسّادِ فضلٍ بتّ أملِكُهُ / الفضلُ يا قومُ في الدّنيا لمن ملكا
زَكَتْ غُروسي فما ذنبي إلى نَفَرٍ / ما كان يوماً لهمْ غرسي نما وزكي
تهوين أنْ أرقى ذُرا الممالكِ
تهوين أنْ أرقى ذُرا الممالكِ / والعمرُ يمضي في خلال ذلِكِ
هالكةٌ تتبع إثْرَ هالكِ / كم مِن أخٍ لي أو حميمٍ شابِكِ
ولّتْ به عنّي يدُ المهالكِ / فَجْعُ الرّدى متمّماً بمالِكِ
بعُدْتَ يا يحيى بعادَ الهالكِ / بِعادَ لا قالٍ ولا مُتارِكِ
لكنّه أخذُ الرّدى للواشكِ / لاقي الجبانِ والشّجاعِ الفاتكِ
بُدِّلْتَ بالأرض ثرى الدّكادِكِ / وبالضّياءِ قعرَ لَحْدٍ حالكِ
وبالأنيسِ رَنَّةً من ساهكِ / سادكةٌ قد ظفرتْ بسادِكِ
مسالكٌ ما رجعتْ بسالكِ / أعيَتْ على الأخفافِ والسَّنابِكِ
سُقيتَ صوبَ الدِّيَمِ السّوافكِ / من كلّ ذاتِ هَيْدَبٍ مباركِ
دلّاحةٍ كالنَّعَمِ الأواركِ / دنيايَ ما دارَ مقامٍ دارُكِ
هيهات أنْ أعْلَقَ في حبالِكِ / وما عفا من جسدي جراحُكِ
وهذه الفَعْلةُ من فِعالِكِ /
أَلا يا اِبنةَ الحيّينِ ما لي وما لَكِ
أَلا يا اِبنةَ الحيّينِ ما لي وما لَكِ / وماذا الّذي يَنتابني من خيالِكِ
هجرتِ وأنتِ الهمُّ إذ نحن جيرةٌ / وزرتِ وشَحْطٌ دارُنا من ديارِكِ
فَما نَلتقي إلّا عَلى نشوةِ الكرى / بكلّ خُدارِيٍّ من اللّيل حالِكِ
يفرّق فيما بيننا وَضَحُ الضُّحى / وتجمعنا زُهرُ النّجومِ الشّوابِكِ
وما كان هذا البذلُ منك سجيّةً / ولا الوصلُ يوماً خلّةً من خِلالِكِ
فَكيفَ اِلتَقينا وَالمسافَةُ بيننا / وكيف خطرنا من بعيدٍ ببالِكِ
وقد كنتِ لمّا أوسعونا وشايةً / بنا وبكمْ آيستِنا من وصالِكِ
فلم يَبْقَ في أيْمانِنا بعدما وَهَتْ / عقودُ التّصابي رُمَّةٌ من حبالِكِ
وليلة بتنا دون رَمْلةِ مُربِخٍ / خطوتِ إلينا عانكاً بعد عانِكِ
وما كانَ من يستوطن الرَّملَ طامعاً / وأنتِ على وادي القرى في مزارِكِ
وَلَمّا اِمتَطيتِ الرّملَ كنتِ حقيقةً / بغير الهدى لولا ضياءُ جمالِكِ
تزورين شُعثاً ماطَلُوا اللّيلَ كلَّه / على أَعوَجيّاتٍ طِوالِ الحوارِكِ
إذا خِفنَ في تِيهٍ من الأرضِ ضَلَّةً / ولا ضوءَ أوْقَدْنَ الحصى بالسَّنابِكِ
سلامٌ عَلى الوادي الّذي بان أهلُهُ / ضُحيّاً على أُدْمِ المطيِّ الرّواتِكِ
وفيهنّ ملآنٌ من الحسنِ مُفعَمٌ / يفيءُ بعزمِ النّاسك المتماسِكِ
يتاركني وصلاً وبذلاً ونائلاً / وموضعُه في القلب ليس بتاركي
إذا اِفْتَرَّ يوماً أو تبسّمَ مُغرِباً / فعن لؤلؤٍ عذبٍ نقيّ المضاحِكِ
أبَى الرَّشْفَ حتّى ليس يثنِي بطيبه / بُعَيْدَ الكرى إلّا فروعَ المساوِكِ
ولمّا تنادَوْا غفلةً برحيلهمْ / فما شئتَ بين الحيّ من متهالكِ
ومِن مُعْوِلٍ يشكو الفراقَ وواجمٍ / ومِن آخذٍ ما يبتغيه وتاركِ
مضوا بعد ما شاقوا القلوبَ ووكّلوا / بأعيننا فيضَ الدّموع السّوافِكِ
عشيّةَ لاثوا الرَّيطَ فوق حدوجهمْ / على مثلِ غزلان الصّريمِ الأواركِ
يُحدّثْنَ عن شَرْخ الصِّبا كلَّ من رأى / تماماً لهنّ بالثّدِيِّ الفَوالِكِ
ألا إنّ قوماً أخرجوكنّ قد بغوا / وسدّوا إلى طُرْقِ الجميل مسالكي
هُمُ منحونا بِشْرَهمْ ثمّ أسرجوا / قلوباً لهمْ مملوءةً بالحسائكِ
ترى السِّلْمَ منهمْ بادياً في وجوههمْ / وبين ضلوع القومِ كلُّ المعاركِ
وما نقموا إلّا التّصامُمَ عنهمُ / وصفحي لهمْ عن آفكٍ بعد آفكِ
وإنِّيَ أُلقِي القولَ بالسّوءِ منهمُ / بمَدْرَجِ أنفاسِ الرّياحِ السّواهكِ
وأسترُ منهمْ جانبَ الذّمِّ مُبقياً / على خارقٍ منهمْ لذاك وهاتكِ
إِذا كنتُمُ آتاكم اللَّهُ رُشْدَكمْ / تودّون ودّاً أنّنِي في الهوالكِ
فمنْ ذاكُمُ أعددتُمُ لذماركمْ / إذا قمتُمُ في المأزقِ المتلاحكِ
ومَن ذا يُنيلُ الثّأْرَ عفواً أكفّكمْ / وتُظفِركمْ أيّامُه بالممالكِ
ومَن قوله يومَ الخصومةِ فيكمُ / يبرِّحُ بالخصمِ الألدِّ المماحِكِ
ومَن دافَعَ الأيّامَ عن مُهَجاتكمْ / وهنَّ أخيذاتٌ لأيدي المهالكِ
رأيتُكمُ لا ترشحون لجاركمْ / من الخير إلّا بالضّعافِ الرّكائكِ
يبيتُ خميصاً في القضيض وأنتُمُ / كظيظون جثّامون فوق الأرائكِ
ويُصبحُ إمّا مالُهُ في مُلِمَّةٍ / تنوبكُمُ أو شِلْوُهُ للمناهكِ
وإنّ الّذي يَمرِيكمُ لعطائِهِ / لمُستَمطِرٌ رِفْدَ الأكفّ المسائِكِ
ألا هلْ أرى في أرضِ بابِلَ أَدْرُعاً / تصول بأسيافٍ رِقاقٍ بواتِكِ
وهلْ أرِدَنْ ماءَ الفراتِ قبيلةً / بلا ظمأٍ مشلولةً بالنّيازكِ
يعُجُّ القنا بالطّعنِ في ثغَراتها / عجيجَ المطايا جُنَّحاً للمباركِ
وهلْ أنا في فجٍّ من الأرض خائفٌ / أذودُ بأطراف القنا للصَّعالكِ
فمن لي على كسب المحامِدِ والعُلا / ورغم الأعادي بالصّديق المشاركِ
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ
مرّتْ بنا بمصلَّى الخَيْفِ سانحةٌ / كظبيةٍ أفلتتْ أثناء أشواكِ
نبكي ويضحكها منّا البكاء لها / ماذا يمرّ من المسرور بالباكي
فَقلتُ والقول قد يَشْفِي أَخا شَجنٍ / وربّما عطف المشكوُّ للشاكي
أُعطيتِ منّا الّذي لم نُعطَ منك فلو / رام الهوَى النَّصْف أعطانا وأعطاكِ
ولستِ بالرِّيمِ لكنْ فيكِ أحسنُهُ / ولستِ ظَبْيّاً وريّا الظَّبْيِ رَيّاكِ
تودّ شمسُ الضّحى لو كنتِ بهجتَها / وودّ بدرُ الدّجى لو كان إيّاكِ
قد كنتُ أحسبني جَلْداً فأيْقظنِي / مِنِّي على الضَّعفِ أنّي بعضُ قتلاكِ
لا باركَ اللَّهُ في قلبٍ قَلاكِ ولا / أبكي السّماءَ لمن بالسّوءِ أبكاكِ
ولا تولَّى الّذي ولّاكِ جانِبَهُ / وَلا عدا الخيرُ إلّا مَنْ تعدّاكِ
أشقيتِ منّا قلوباً لا نقول لها / أشقى الإلهُ الّذي بالحبّ أشقاكِ
وكنتِ ملذوذةً والمرُّ منك لنا / وما أمرَّكِ شيءٌ كان أحلاكِ
هل تذكرين وما الذكرى بنافعةٍ / مَسْرَى الرّكائب يومَ الجِزعِ مسراكِ
في ليلةٍ ضلّ فيها الرَّكبُ وجهتهمْ / لولا ضياءُ جمالٍ من مُحيّاكِ
بِتنا نَميلُ على أقتادنا طَرَباً / مُصغين نَحو الّذي بالحسن أطراكِ
مسهّدين ولولا داءُ حبِّكمُ / أكرى العيونَ لنا مَن كان أكراكِ
إنْ بتِّ آمنةً مِنّا عليك كما / شاء العَفافُ فإنّا ما أمِنّاكِ
أو كنتِ ساليةً لمّا خطاكِ هوىً / غدا علينا فإنّا ما سلوناكِ
وإِنْ ملَلْتِ فقوماً لا ملالَ بهمْ / وإنْ سَئِمتِ فإنّا ما سئمناكِ
أيُّ الشّفاءِ لداءٍ في يديكِ لنا / وأيُّ ريٍّ لصادٍ مِن ثناياكِ
لَولا الغُواةُ وخوفٌ مِن وشايتهمْ / ما كانَ مَثواي إلّا حيثُ مثواكِ
ملكْتِنا بالهوى والحبُّ مَتْعَبَةٌ / فحبّذا ذاك لو أنّا ملكناكِ
ولو أُصِبْتِ بداءٍ قد أصِبْتُ به / علمتِ ما في فؤادٍ بات يهواكِ
إِنْ تَشكري فاِشكري من لم يُذِقْكِ هوىً / ومَن بحبّك أبلانا وأبلاكِ
وكيف يصحو فؤادٌ فيكِ مختبلٌ / تسرِي سُرى دَمِهِ فيه حُميّاكِ
ولو رميتِ ورَيْعانُ الشّباب معي / أصميتِ منِّيَ مَن بالحبّ أصماكِ
كم مرّةٍ زرتِنا وَهْناً على عَجَلٍ / سريتِ فيه وما أسْرَتْ مطاياكِ
حَتّى اِلتَقينا على رغم الرُّقادِ وما / ذاك اللّقاء سوى وسْواسِ ذكراكِ
فإنْ هجرتِ وقد أخلَفْتِ واعدةً / فبالّذي زرتِ ما واعدتِنا ذاكِ
أفي دارهمْ من بعدما اِرتحلوا تبكي
أفي دارهمْ من بعدما اِرتحلوا تبكي / وتشكو ولكن ليس تشكو إلى مشكِ
فيا دِمْنَة الحيّ الّذين تحمّلوا / بوادي الغَضا ماذا ألمَّ بنا منك
خشعتِ فلا عينٌ تراكِ لناظرٍ / دثوراً ولا نطقٌ يخبّرنا عنكِ
وأذْكرتنِي والشّيبُ يضحك ثغرُه / بلمَّتِنا عهدَ الشّبيبةِ والفتكِ
ليالِيَ لا حِلْمٌ لذي الحلمِ والنُّهي / ولا نُسُكٌ فيها يصابُ لذي نُسكِ
فللّه أفواهٌ لقينَ أُنوفَنا / بأذكى وقد ودّعْن من عَبَقِ المسكِ
وكم من سقيمٍ ليس نرجو شفاءَهُ / بأجْراعكمْ أو من أسيرٍ بلا فكِّ
فقل للأُلى تاركتهمْ لاِحتقارهمْ / فأبصرهم كفّي وأَطمعهم تركي
لَكَمْ مَرّةٍ محّصتكمْ وخَبرتُكمْ / فبَهْرَجكمْ نقدي وزيّفكمْ سَبْكي
فلا يبعدَن مَن كنتُ بالأمس بينهمْ / على هَضْبةِ الباني وفي ذُروَةِ السَّمْكِ
بلغتُ بهمْ ما لم تَنَلْهُ يدُ المُنى / وحُكِّمتُ حتّى صرتُ أحكمُ في الملكِ
وجاورتُهمْ شُمَّ العرانين كلّما / مَعَكْتُ بهمْ جارَوْا سبيلي في المَعْكِ
كرامٌ فلا أموالهمْ لعُبابهمْ / ولا دَرُّهمْ للحَقْنِ لُؤْماً وللحَشْكِ
وأفنيةٌ لا يُعرَفُ الضّيمُ بينها / وَلا الفقرُ مرهوبٌ ولا العيش بالضَّنْكِ
هُمُ أخرجوا مِن ضيقِ سخطٍ إلى رضىً / وهمْ أبدلوا قلبي اليقين من الشكِّ
وهمْ نزّهوني أنْ أذِلَّ لمطمعٍ / وهمْ حقنوا لِي ماءَ وجهي من السَّفْكِ
وهمْ ملّكونِي بعدما كنتُ ثاوياً / مَدى الدّهرِ وَاِستعلَوْا بنجمِي على الفُلكِ
وكنتُ وكانوا إلْفَةً وتجاوراً / مكان سُرودِ العِقْدِ من مسلك السِّلْكِ
مضوا لا بديلٌ لِي ولا عوضٌ بهمْ / فها أنا ذا دهري على فقدهمْ أبكي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025