المجموع : 11
يا أَراكَ الحِمى تُراني أَراكا
يا أَراكَ الحِمى تُراني أَراكا / أَيُّ قَلبٍ جَنى عَلَيهِ جَناكا
أَعطَشَ اللَهُ كُلَّ فَرعٍ بِنَعما / نَ مِنَ الماطِرِ الرِوى وَسَقاكا
أَيُّ نورٍ لِناظِرَيَّ إِذا ما / مَرَّ يَومٌ وَناظِري لا يَراكا
لا يَرى السَوءَ مَن رَآكَ مَدى الدَه / رِ وَأَحيا الإِلَهُ مَن حَيّاكا
وَرَعى كُلَّ ناشِقٍ لَكَ دَلَّت / هُ صَباً طَلَّةٌ عَلى رَيّاكا
ما عَلى البَرقِ لَو تَحَمَّلَ مِن نَج / دٍ بِأَظعانِهِ فَسَقّى حِماكا
يا دِيارَ الأَحبابِ كَيفَ تَغَيَّر / تِ وَيا عَهدُ ما الَّذي أَبلاكا
هَل أُولاكَ الَّذينَ عَهدي بِهِم في / كَ عَلى عَهدِهِم وَأَينَ أُولاكا
لَم تَدَع فيكَ نائِباتُ اللَيالي / أَثَراً لِلهَوى سِوى مَغناكا
وَأَثافٍ كَأَنَّهُنَّ رَذايا / وَأَسارى لا يَنظُرونَ فِكاكا
وَشَجيجٍ طَمَّ الزَمانُ نَواصي / هِ كَما شَعَّثَ الوَليدُ السِواكا
الذَميلَ الذَميلَ يا رَكبُ إِنّي / لَضَمينٌ أَن لا يَخيبَ سُراكا
خَلِّ أَوطانَ مَعشَرٍ مَنَعوا سَر / حَكَ رَعيَ الحِمى وَمَلّوا قِراكا
جَيئُهُم مُخمَسُ الرِكابِ فَنادَوا / جَنِّبِ الوِردَ لا نَقَعتَ صَداكا
وَضَحَت غُرَّةُ الضِياءِ عَلى القَر / بِ فَبَلّوا وَأَرسَلوها العِراكا
يا مَليكَ المُلوكِ والى لَكَ النَص / رَ عَلى العالَمِ الَّذي وَلّاكا
وَرَأَيتَ العَدوَّ حَيثُ تَراهُ / وَرَآكَ العَدوُّ حَيثُ يَراكا
كَم إِلى كَم تَبغي الصُعودَ وَقَد جُز / تَ المَعالي وَقَد طَلَعتَ السُكاكا
زِدتَ سَبقاً عَلى أَبيكَ وَكانَت / غايَةُ المَجدِ لَو لَحِقتَ أَباكا
بانِياً تَرفَعُ السُموكَ إِلى أَي / نَ المَراقي وَقَد بَلَغتَ السِماكا
نِلتَ ما نِلتَهُ اِنفِراداً وَزاحَم / تَ الدَراري عَلى العَلاءِ اِشتِراكا
يا أَسيرَ الخُطوبِ نادِ غِياثَ ال / خَلقِ إِنَّ الَّذي رَجَوتَ هُناكا
مَن إِذا غالَنا الضَلالُ رَأَينا / هُ قِواماً لِدينِنا أَو مِساكا
مَلَكَ المُلكَ ثُمَّ جَلَّ عَنِ المُل / كِ فَأَمسى يَستَخدِمُ الأَملاكا
عَجَباً كَيفَ يَرتَضي صَفحَةَ النَع / لِ لِرِجلٍ يَطا بِها الأَفلاكا
رَسَخَت في العَلاءِ أَجبالُكَ الشُم / مُ وَدارَت عَلى الأَعادي رَحاكا
مِن طَموحٍ خَطَمتَهُ وَجَموحٍ / بِكَ أَعضَضتَهُ الشَكيمَ فَلاكا
لَم تَزَل تَطعَنُ المُوَلّينَ حَتّى / حَسِبتَ مِن قَنا الظُهورِ قَناكا
وَرِجالٍ تَحَكَّكوا فَأَفاقوا / بِجُذَيلٍ قَد عَوَّدوهُ الحِكاكا
فَرعُ عِزٍّ يُعطي عَلى اللينِ ما شا / ءَ جَناهُ فَإِن رَأى الضَيمَ شاكا
ضَرَبوا في جَوانِبِ الطَودِ فَاِنظُر / حَمِقَ العاجِزينَ كَيفَ أَحاكا
قَطَعتَ يا اِبنَ واصِلٍ مُدَّةَ العُم / رِ فَهاجَ الضُبارِمُ الفَتّاكا
طاحَ في حَدِّ مِخلَبيكَ وَخَسَّت / أَكلَةُ الذِئبِ أَن تُقارِبَ فاكا
هَل يَروعُ القُرومَ عِندَكَ وَالأُس / دَ كُلَيبٌ عَوى لَها في حِماكا
طَلَبَ الأَمرَ فَاِنثَنى بِغُرورٍ / كانَ فَوتاً فَخالَهُ إِدراكا
صاحَبَ الأَمرَ مِن قِرى السَيفِ وَالضَي / فِ وَرَوّى القَنا وَأَنتَ كَذاكا
كَيفَ تَقذى عَينٌ وَيَألَمُ طَرفٌ / نَظَرَ اليَومَ وَجهَكَ الضَحّاكا
أَنا غَرسٌ غَرَستَهُ وَأَجَلُّ ال / غَرسِ ما قَرَّرَت ثَراهُ يَداكا
لَم أَجِد صانِعاً سِواكَ وَلا أَع / رِفُ في الناسِ مُنعِماً ما سِواكا
في حِمى طولِكَ اِهتَزَزتَ وَأَورَق / تَ قَريبَ الجَنى بِصَوبِ نَداكا
كُلَّ يَومٍ فَضلٌ عَلَيَّ جَديدٌ / وَعَلاءٌ أَنالُهُ مِن عُلاكا
وَعَطاءٌ تَزَيَّدَ البَحرَ يَعلو / كُلَّما قيلَ قَد بَلَغتَ مُناكا
وَإِذا ما طَوَيتُ عَنكَ التَقاضي / عُنِيَ الطَولُ مِنكَ بي فَاِقتَضاكا
لا سَفيرٌ إِلَيكَ إِلّا مَعالي / كَ وَلا شافِعٌ إِلَيكَ سِواكا
أَيُّها الطالِبُ الَّذي قَلقَلَ العي / سَ وَأَبلى غُروضَها وَالوِراكا
نادِ بِالرَكبِ قَد بَلَغتَ إِلى البَح / رِ فَعَرِّس بِهِ كَفاكَ كَفاكا
لَقَد جَثَمَت تَعبيسَةٌ في المَضاحِكِ
لَقَد جَثَمَت تَعبيسَةٌ في المَضاحِكِ / تَمُدُّ بِأَضباعِ الدُموعِ السَوافِكِ
فَكَفكَف صُدورَ السَمهَرِيِّ بِعَزمَةٍ / عَلى كُلِّ مَلآنٍ مِنَ الضِغنِ فاتِكِ
إِذا ما أَضَلَّ النَقعُ طُرقَ سِنانِهِ / تَسَرَّعَ مِن حُجبِ الكُلى في مَسالِكِ
وَلَيلٍ مَريضِ النَجمِ مِن صِحَّةِ الدُجى / خَطَتهُ بِنا أَيدي الهِجانِ الأَوارِكِ
بِرَكبٍ فَرَوا بُردَ الظَلامِ وَقَلَّصوا / حَواشيهِ في أَيدي القِلاصِ الرَواتِكِ
يُصافِحُهُ نَشرُ الخُزامى كَأَنَّما / يُمَسِّحُ أَعطافَ الرِماحِ السَواهِكِ
فَجاءَت بِأُسدٍ في الحَديدِ تَرَقرَقَت / عَلَيها بِماءِ الشَمسِ غُدرُ التَرائِكِ
بَدَت تَزلَقُ الأَبصارُ في لَمَعانِها / عَلى أَنَّها في ثَوبِ أَقتَمَ حالِكِ
تُلِفُّ بِأَعرافِ الجِيادِ رِماحَها / وَتَنشُرُ مِن أَطمارِ بيضٍ بَواتِكِ
وَتَنكِحُ أَوتارَ الحَنايا نِبالُها / فَتَشرُدُ عَنها في نِصالٍ فَوارِكِ
أَلَفَّ بِلَألاءِ السَماحِ فُروجَها / تُبَيِّضُ أَعجاسَ القِسِيِّ العَواتِكِ
بِيَومِ طِرادٍ قَنَّعَ الشَمسَ نَقعُهُ / بِفاضِلِ أَذيالِ الرُبى وَالدَكادِكِ
خَطَوا تَحتَهُ حُمرَ الدُروعِ كَأَنَّما / تَرَدَّوا بِمَوّارِ الدِماءِ الصَوائِكِ
وَلا يَألَمونَ الطَعنَ حَتّى كَأَنَّهُم / أَسَرّوا ضُلوعاً مِن كُعوبِ النَيازِكِ
وَلا يَومَ إِلّا أَن تُرامي رِماحُهُ / قُلوبَ تَميمٍ في صُدورِ المَهالِكِ
وَقَد شَرِبَت ذَودَ العَوالي أَنامِلٌ / وَلَكِنَّها بَينَ الطُلى في مَبارِكِ
تُطِلُّ دِماءً مِن نُحورٍ أَعِزَّةٍ / كَحَقنِ أَفاويقِ الضُروعِ الحَواشِكِ
أَلِكني فَتى فِهرٍ إِلى البيضِ وَالقَنا / فَإِنّي قَذاةٌ في عُيونِ المَآلِكِ
وَلي أَمَلٌ مِن دونِ مَبرَكِ نِضوِهِ / يُقَلقِلُ أَثباجَ المَطيِّ البَوارِكِ
سَقى اللَهُ ظَمآنَ المُنى كُلَّ عارِضٍ / مِنَ الدَمِ مَلآنِ المِلاطَينِ حاشِكِ
يُزَمجِرُ مِن وَقعِ الصَفيحِ عَلى الطُلى / وَيُرعِدُ مِن وَقعِ القَنا بِالحَوارِكِ
بِطَعنٍ إِذا بادَت عَواليهِ قَوَّمَت / مِنَ القَومِ مُنآدَ الضُلوعِ الشَوابِكِ
دَعِ الذَميلَ إِلى الغاياتِ وَالرَتَكا
دَعِ الذَميلَ إِلى الغاياتِ وَالرَتَكا / ماذا الطِلابُ أَتَرجو بَعدَها دَرَكا
ما لي أُكَلِّفُها التَهجيرَ دائِبَةً / عَلى الوَجى وَقِوامُ الدينِ قَد هَلَكا
حُلَّ الغُروضَ فَلا دارٌ مُلائِمَةٌ / وَلا مَزورٌ إِذا لاقَيتَهُ ضَحِكا
أَمسى يُقَوِّضُ عَنّا العِزَّ خَلَّفَهُ / وَثَوَّرَ المَجدَ عَنّا بَعدَما بَرَكا
اليَومَ صَرَّحَتِ الجُلّى وَقَد تَرَكَت / بَينَ الرَجاءِ وَبَينَ اليَأسِ مُعتَرَكا
تَمَثَّلَ الخَطبُ مَظنوناً لِتالِفِهِ / فَسَوفَ نَلقاهُ مَوجوداً وَمُدَّرَكا
رَزيئَةٌ لَم تَدَع شَمساً وَلا قَمَراً / وَلا غَماماً وَلا نَجماً وَلا فَلَكا
لَو كانَ يُقبَلُ مِن مَفقودِها عِوَضٌ / لَأَنفَقَ المَجدُ فيها كُلَّ ما مَلَكا
قَد أُدهِشَ المُلكُ قَبلَ اليَومِ مِن حَذَرٍ / وَإِنَّما اليَومَ أَذرى دَمعَهُ وَبَكى
أَمسى بِها عاطِلاً مِن بَعدِ حِليَتِهِ / وَهادِماً مِن بِناءِ المَجدِ ما سَمَكا
مَن لِلجِيادِ مَراعيها شَكائِمُها / يَحمِلنَ شَوكَ القَنا اللَذّاعَ وَالشَكَكا
يَطا بِها تَحتَ أَطرافِ القَنا زَلِقاً / مِنَ الدِماءِ وَمِن هامِ العِدا نَبَكا
مَن لِلظُبى يَختَلي زَرعَ الرِقابِ بِها / حُكمَ القَصاقِصِ لا عَقلٌ لِما سَفَكا
مَن لِلقَنا جَعَلَت أَيدي فَوارِسِهِ / مِنَ القُلوبِ لَها الأَطواقَ وَالمَسَكا
مَن لِلأُسودِ نَهاها عَن مَطاعِمِها / فَكَم رَدَدنا فَريساً بَعدَما اِنتُهِكا
مَن لِلعَزائِمِ وَالآراءِ يُطلِعُها / مَطالِعَ البيضِ يَجلو ضَوءُها الحَلَكا
مَن لِلرَقاقِ إِذا أَشفَت عَلى عَطَبٍ / يَغدو لَها بُلَغاً بِالطَولِ أَو مُسَكا
مَن لِلخُطوبِ يُنَجّي مِن مَخالِبِها / وَيَنزِعُ الظُفرَ مِنها كُلَّما سَدِكا
مِن مَعشَرٍ أَخَذوا الفُضلى فَما تَرَكوا / مِنها لِمَن يَطلُبُ العَلياءَ مُتَّرَكا
قَدّوا مِنَ البيضِ خَلقاً وَالحَيا خُلُقاً / عيصاً أَلَفَّ بِعيصِ المَجدِ فَاِشتَبَكا
لَو أَنَّهُم طُبِعوا لَم تَرضَ أَوجُهُهُم / دَرارِيَ اللَيلِ لَو كانَت لَها سِلَكا
هُم أَبدَعوا المَجدَ لا أَن كانَ أَوَّلُهُم / رَأى مِنَ الجِدِّ فِعلاً قَبلَهُ فَحَكى
الراكِبينَ ظُهوراً قَلَّما رُكِبَت / وَالمالِكينَ عِناناً قَلَّما مُلِكا
هَيهاتَ لا أُلبِسَ الأَعداءُ بَعدَهُمُ / يَومَ الجِراءِ لِجاماً يَقرَعُ الحَنَكا
وَلا أُريحَت عَلى العَلياءِ حافِلَةٌ / لَها سَنامٌ مِنَ الإِجمامِ قَد تَمَكا
يا صَفقَةً مِن بَياعٍ كُلُّها غَرَرٌ / مِن ضامِنٍ لِلعُلى مِن بَعدِها الدَرَكا
خَلا لَها كُلُّ ذِئبٍ مَع أَكيلَتِهِ / مِن واقِعٍ طارَ أَو مِن عاجِزٍ فَتَكا
المَوتُ أَخبَثُ مِن أَن يَرتَضي أَبَداً / لا سوقَةً بَدَلاً مِنهُ وَلا مَلِكا
كَالعِلقِ وَالعِلقِ لَو خُيِّرتَ بَينَهُما / لَم تَرضَ بِالدونِ يَوماً أَن يَكونَ لَكا
راقٍ تَفَرَّدَ بِالإِحسانِ يَفرَعُها / وَزايَدَ النَجمَ في العَلياءِ وَاِشتَرَكا
اللَينُ يُمطيكَ مِن أَخلاقِهِ ذُلُلاً / وَالضَيمُ يُخرِجُ مِنهُ الآبِيَ المَعِكا
غَمرُ العَطِيَّةِ لا يُبقي عَلى نَشَبٍ / وَإِن رَأى قُلَّبِيَّ الرَأيِ مُحتَنِكا
لا تَتبَعوا في المَساعي غَيرَ أَخمَصِهِ / فَأَخصَرُ الطُرقِ في العَلياءِ ما سَلَكا
ما مِثلُ قَبرِكَ يُستَسقى الغَمامُ لَهُ / وَكَيفَ يَسقي القُطارُ النازِلَ الفَلَكا
لا يُبعِدِ اللَهُ أَقواماً رُزِئتُهُمُ / لَو ثَلَّموا مِن جُنوبِ الطَودِ لَاِنتُهِكا
فَقَدتُهُم مِثلَ فَقدِ العَينِ ناظِرَها / يُبكى عَلَيها بِها يا طولَ ذاكَ بُكا
إِذا رَجا القَلبُ أَن يُنسيهِ غُصَّتَهُ / ما يُحدِثُ الدَهرُ أَدمى قَرحَهُ وَنَكا
إِن يَأخُذِ المَوتُ مِنّا مَن نَضَنُّ بِهِ / فَما نُبالي بِمَن بَقّى وَمَن تَرَكا
إِنّي أَرى القَلبَ يَنزو لِاِدَّكارِهِمُ / نَزوَ القَطاطَةِ مَدّوا فَوقَها الشَرَكا
لا تُبصِرُ الدَهرَ بَعدَ اليَومِ مُبتَسِماً / إِنَّ اللَيالِيَ أَنسَت بَعدَهُ الضَحِكا
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ / لِيَهنَكِ اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ
الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ / وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكي
هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ / بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ / عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
سَهمٌ أَصابَ وَراميهِ بِذي سَلَمٍ / مَن بِالعِراقِ لَقَد أَبعَدتِ مَرماكِ
وَعدٌ لِعَينَيكِ عِندي ما وَفَيتِ بِهِ / يا قُربَ ما كَذَبَت عَينيَّ عَيناكِ
حَكَت لِحاظُكِ ما في الريمِ مِن مُلَحٍ / يَومَ اللِقاءِ فَكانَ الفَضلُ لِلحاكي
كَأَنَّ طَرفَكِ يَومَ الجِزعِ يُخبِرُنا / بِما طَوى عَنكِ مِن أَسماءِ قَتلاكِ
أَنتِ النَعيمُ لِقَلبي وَالعَذابُ لَهُ / فَما أَمَرُّكِ في قَلبي وَأَحلاكِ
عِندي رَسائِلُ شَوقٍ لَستُ أَذكُرُها / لَولا الرَقيبُ لَقَد بَلَّغتُها فاكِ
سَقى مِنىً وَلَيالي الخَيفِ ما شَرِبَت / مِنَ الغَمامِ وَحَيّاها وَحَيّاكِ
إِذ يَلتَقي كُلُّ ذي دَينٍ وَماطِلَهُ / مِنّا وَيَجتَمِعُ المَشكوُّ وَالشاكي
لَمّا غَدا السَربُ يَعطو بَينَ أَرحُلِنا / ما كانَ فيهِ غَريمُ القَلبِ إِلّاكِ
هامَت بِكِ العَينُ لَم تَتبَع سِواكِ هَوىً / مَن عَلَّمَ البَينَ أَنَّ القَلبَ يَهواكِ
حَتّى دَنا السَربُ ما أَحيَيتِ مِن كَمَدٍ / قَتلى هَواكِ وَلا فادَيتِ أَسراكِ
يا حَبَّذا نَفحَةٌ مَرَّت بِفيكِ لَنا / وَنُطفَةٌ غُمِسَت فيها ثَناياكِ
وَحَبَّذا وَقفَةٌ وَالرَكبُ مُغتَفِلٌ / عَلى ثَرىً وَخَدَت فيهِ مَطاياكِ
لَو كانَتِ اللِمَّةُ السَوداءُ مِن عُدَدي / يَومَ الغَميمِ لَما أَفلَتِّ أَشراكي
يا قَلبُ لَيتَكَ حينَ لَم تَدَعِ الهَوى
يا قَلبُ لَيتَكَ حينَ لَم تَدَعِ الهَوى / عَلَّقتَ مَن يَهواكَ مِثلَ هَواكا
لَو كانَ حَرُّ الوَجدِ يُعقِبُ بَعدَهُ / بَردَ الوِصالِ غَفَرتَ ذاكَ لِذاكا
لا بَل شُجيتَ بِمَن يَبيتُ مُسَلَّماً / خالي الضُلوعِ لا يَحُسُّ شَجاكا
إِن يُصبِحوا صاحينَ مِن خَمرِ الهَوى / فَلَقَد سَقَوكَ مِنَ الغَرامِ دِراكا
يا لَيتَ شُغلَكَ بِالأَسى أَعداهُمُ / أَو لا فَلَيتَ فَراغَهُم أَعداكا
أَهَوىً وَذُلّاً في الهَوى وَطَماعَةً / أَبَداً تَعالى اللَهُ ما أَشقاكا
يا قَلبُ كَيفَ عَلِقتَ في أَشراكِهِم / وَلَقَد عَهِدتُكَ تُفلِتُ الأَشراكا
أَكثَبتَ حَتّى أَقصَدَتكَ سِهامُهُم / قَد كُنتُ عَن أَمثالِها أَنهاكا
إِن ذُبتَ مِن كَمَدٍ فَقَد جَرَّ الهَوى / هَذا السَقامَ عَلَيَّ مِن جَرّاكا
لا تَشكُوَنَّ إِلَيَّ وَجداً بَعدَها / هَذا الَّذي جَرَّت عَلَيَّ يَداكا
لَأَعاقِبَنَّكَ بِالغَليلِ فَإِنَّني / لَولاكَ لَم أَذُقِ الهَوى لَولاكا
يا عاذِلَ المُشتاقِ دَعهُ فَإِنَّهُ / يَطوي عَلى الزَفَراتِ غَيرَ حَشاكا
لَو كانَ قَلبُكَ قَلبَهُ ما لُمتَهُ / حاشاكَ مِمّا عِندَهُ حاشاكا
يا مُقلِقي قَلَقي عَلَي
يا مُقلِقي قَلَقي عَلَي / كَ أَظُنُّهُ ذَنبي إِلَيكا
أَنتَ الشَقيقُ فَلَو جَنَي / تَ لَما أَخَذتُ عَلى يَديكا
أَمسَيتَ ثالِثَ ناظِرَي / يَ فَكَيفَ أَقذي ناظِرَيكا
وَكَفاكَ أَنّي لَستُ أَع / قِدُ خِنصِري إِلّا عَلَيكا
أَما تُحَرَّكُ لِلأَقدارِ نابِضَةٌ
أَما تُحَرَّكُ لِلأَقدارِ نابِضَةٌ / أَما يُغَيَّرُ سُلطانٌ وَلا مَلَكُ
قَد هادَنَ الدَهرُ حَتّى لا قِراعَ لَهُ / وَأَطرَقَ الخَطبُ حَتّى ما بِهِ حَرَكُ
كُلٌّ يَفوتُ الرَزايا أَن يَقَعنَ بِهِ / أَما لِأَيدي المَنايا فيهِمُ دَرَكُ
قَد قَصَرَ الدَهرُ عَجزاً عَن لِحاقِهِمُ / فَأَينَ أَينَ ذَميلُ الدَهرِ وَالرَتَكُ
أَخَلَّتِ السَبعَةُ العُليا طَرايِقَها / أَم أَخطَأَت نَهجَها أَم سُمِّرَ الفَلَكُ
أَفي كُلِّ يَومٍ رامٍ بِهِمَّةٍ
أَفي كُلِّ يَومٍ رامٍ بِهِمَّةٍ / إِلى حَيثُ لا تَرمي النُجومُ الشَوابِكُ
وَما كُلُّ ما مَنَّيتَ نَفسَكَ خالِياً / تَنالُ وَلا تُفضي إِلَيهِ المَسالِكُ
يَقولونَ رُم تَلقَ الَّذي أَنتَ طالِبٌ / فَأَينَ العَواقي دونَها وَالمَهالِكُ
وَكَم سَعيُ ساعٍ جَرَّ حَتفاً لِنَفسِهِ / وَلَولا الخُطى ما شاكَ ذا الرَجلِ شائِكُ
أَلا رُبَّما حَيّاكَ رِزقُكَ طالِعاً / وَرَحلُكَ مَحطوطٌ وَنِضوُكَ بارِكُ
وَرُبَّ غاوٍ رَمَيتُ مَنطِقَهُ
وَرُبَّ غاوٍ رَمَيتُ مَنطِقَهُ / بِسَكتَةٍ وَالحُلومُ تَعتَرِكُ
وَلِلفَتى مِن وَقارِهِ جُنَنٌ / إِن كَثُرَت مِن عَدوٍ الشِكَكُ
ثارَ بِهِ الجَهلُ فَاِبتَسَمتُ لَهُ / وَرُبَّ جانٍ عِقابُهُ الضَحِكُ
أَيا راكِباً تَرمي بِهِ اللَيلَ جَسرَةٌ
أَيا راكِباً تَرمي بِهِ اللَيلَ جَسرَةٌ / لَها نِمرِقٌ مِن نَيِّها وَوِراكُ
قَراها رَبيعَ الوادِيَينِ وَأَتمَكَت / قَراها عِهادٌ بِاللِوى وَرِكاكُ
لَها هادِيا عَينٍ وَأُذنٍ سَميعَةٍ / إِذا غارَ أَو غَرَّ العُيونَ سِماكُ
تَحَمَّل أَلوكاً رُبَّما حُمِّلَت بِهِ / رَذايا المَطايا مَشيُهُنَّ سِواكُ
وَأَبلِغ عِمادَ الدينِ إِمّا بَلَغتَهُ / بِأَنَّ سِلاحَ اللَومِ عِندِيَ شاكُ
أَفي الرَأيِ أَن تَستَرعِيَ الذِئبَ ثَلَّةً / وَغَوثُكَ بِطءٌ وَالخُطوبُ وِشاكُ
أَرَدتَ وِقاءَ الرِجلِ وَالنَعلُ عَقرَبٌ / مُراصِدَةٌ وَالأَفعُوانُ شِراكُ
وَكانَ أَبوكَ القَرمُ هادِمَ عَرشِهِ / فَلِم أَنتَ أَعمادٌ لَهُ وَسِماكُ
يَكونُ سِماماً لِلمُعادينَ ناقِعاً / وَأَنتَ لِأَرماقِ العُداةِ مِساكُ
أَلا فَاِحذَروها أَوَّلُ السَيلِ دَفعَةٌ / وَرُبَّ ضَئيلٍ عادَ وَهوَ ضِناكُ
نَذارِ لَكُم مِن وَثبَةٍ ضَيغَميَّةٍ / لَها بَعدَ غَرّارِ السُكونِ حَراكُ
وَلا تَزرَعوا شَوكَ القَتادِ فَإِنَّكُم / جَديرونَ أَن تُدمَوا بِهِ وَتُشاكوا
طُبِعتُم نُصولاً لِلعَدوِّ قَواطِعاً / وَلَيسَ عَلَيكُم لِلضِرابِ شِكاكُ
وَكانَ قَنيصاً أَفلَتَتهُ حِبالَةٌ / وَأَينَ حِبالٌ بَعدَها وَشِراكُ
يَكادُ مِنَ الأَضغانِ يُعدِمُ بَعضَكُم / عَلى أَنَّ في فيهِ الشَكيمُ يُلاكُ
فَكَيفَ إِذا أَلقى العِذارَينِ خالِعاً / وَزالَ لِجامٌ قادِعٌ وَحِناكُ
هُناكَ تَرَونَ الرَأيَ قَد فالَ وَاِلتَوَت / حِبالٌ بِأَيدي الجاذِبينَ رِكاكُ
دِماءٌ نِيامٌ في الأَباجِلِ أوقِظَت / وَظَنِّيَ يَوماً أَن يَطولَ سِفاكُ
أَلَيسَ أَبوهُ مَن لَهُ في مِجَنَّكُم / ضِرابٌ عَلى مَرِّ الزَمانِ دِراكُ
وَكانَ سِناناً في قَناةِ اِبنِ واصِلٍ / إِلَيكُم وَلِلأَجدادِ ثَمَّ عِراكُ
فَأَمسَت لَهُ بَينَ الغِمادِ وَأَربَقٍ / رُهونُ مَنايا ما لَهُنَّ فِكاكُ
تَلاقَت عَلَيهِ العاسِلاتُ كَأَنَّها / أَنامِلُ أَيدٍ بَينَهُنَّ شِباكُ
وَأَمَّلَ أَن يَرعى حِمى المَلكِ سِربُهُ / وَبِالجِزعِ حَمضٌ عازِبٌ وَأَراكُ
فَما أَتبَعَتهُ نَشطَةٌ مِن حَميمِهِ / وَلا مِن أَراكِ الجَلهَتَينِ سِواكُ
يُطاوِلُكُم وَهوَ الحَضيضُ إِلى العُلى / فَكَيفَ إِذا ما عادَ وَهوَ سِكاكُ
أَحيلوا عَلَيها بِالمَحافِرِ إِنَّها / مَعاثِرُ في طُرُقِ العُلا وَنِباكُ
وَما الحَزمُ لِلأَقوامِ أَن يَطَأوا الرُبى / وَبَينَ نِعالِ الواطِئينَ شِياكُ
وَلَو عَضُدُ المُلكِ اِجتَلاها مَخيلَةً / لَقَطَّعَها بِالعَضبِ وَهيَ تُحاكُ
فَلَيتَ لَنا ذاكَ الجُذَيلَ يَطُبُّنا / إِذا لَجَّ بِالداءِ العُضالِ حِكاكُ
وَإِنَّ مِلاكَ الرَأيِ نَزعُ حُماتِها / قُبَيلَ أُمورٍ ما لَهُنَّ مِلاكُ
فَإِن تُطفِئوها اليَومَ فَهيَ شَرارَةٌ / وَغَدواً أُوارٌ وَالأُوارُ هَلاكُ
لا يَرُعكَ الحَيُّ إِن قيلَ هَلَك
لا يَرُعكَ الحَيُّ إِن قيلَ هَلَك / أَخَذَ المِقدارُ مِنّا وَتَرَك
أُنظُري تَرضَي بَقايا قَومِنا / إِن جَلا اليَومُ غُبارَ المُعتَرَك
أَخَذوا الشَطرَ الَّذي أَبقى الرَدى / ثُمَّ قالوا عَن قَليلٍ هُوَ لَك
أَبتَغي عَدلَ زَمانٍ قاسِطٍ / إِنَّما الناسُ عَلى دينِ المَلِك
باخِلٌ إِن ضافَهُ الحَقُّ فَلا / أَعتَقَ المالَ وَلا العَرضَ مَلَك