أَتَشفيكَ تَيّا أَم تُرِكتَ بِدائِكا
أَتَشفيكَ تَيّا أَم تُرِكتَ بِدائِكا / وَكانَت قَتولاً لِلرِجالِ كَذَلِكا
وَأَقصَرتَ عَن ذِكرِ البَطالَةِ وَالصِبى / وَكانَت سَفاهاً ضَلَّةً مِن ضَلالِكا
وَما كانَ إِلّا الحَينَ يَومَ لَقيتَها / وَقَطعَ جَديدٍ حَبلُها مِن حِبالِكا
وَقامَت تُريني بَعدَما نامَ صُحبَتي / بَياضَ ثَناياها وَأَسوَدَ حالِكا
وَيَهماءَ قَفرٍ تَخرُجُ العَينُ وَسطَها / وَتَلقى بِها بَيضَ النَعامِ تَرائِكا
يَقولُ بِها ذو قُوَّةِ القَومِ إِذ دَنا / لِصاحِبِهِ إِذ خافَ مِنها المَهالِكَ
لَكَ الوَيلُ أَفشِ الطَرفَ بِالعَينِ حَولَنا / عَلى حَذَرٍ وَأَبقِ ما في سِقائِكا
وَخَرقٍ مَخوفٍ قَد قَطَعتُ بِجَسرَةٍ / إِذا الجِبسُ أَعيا أَن يَرومَ المَسالِكا
قَطَعتُ إِذا ما اللَيلُ كانَت نُجومُهُ / تَراهُنَّ في جَوِّ السَماءِ سَوامِكا
بِأَدماءَ حُرجوجٍ بَرَيتُ سَنامَها / بِسَيري عَلَيها بَعدَما كانَ تامِكا
لَها فَخِذانِ تَحفِزانِ مَحالَةً / وَصُلباً كَبُنيانِ الصَفا مُتَلاحِكا
وَزَوراً تَرى في مِرفَقَيهِ تَجانُفاً / نَبيلاً كَبَيتِ الصَيدَلانِيِّ دامِكا
وَرَأساً دَقيقَ الخَطمِ صُلباً مُذَكَّراً / وَدَأياً كَأَعناقِ الضِباعِ وَحارِكا
إِلى هَوذَةَ الوَهّابِ أَهدَيتُ مِدحَتي / أُرَجّي نَوالاً فاضِلاً مِن عَطائِكا
تَجانَفُ عَن جُلِّ اليَمامَةِ ناقَتي / وَما قَصَدَت مِن أَهلِها لِسِوائِكا
أَلَمَّت بِأَقوامٍ فَعافَت حِياضَهُم / قَلوصِي وَكانَ الشَربُ مِنها بِمائِكا
فَلَمّا أَتَت آطامَ جَوٍّ وَأَهلَهُ / أُنيخَت وَأَلقَت رَحلَها بِفَنائِكا
وَلَم يَسعَ في الأَقوامِ سَعيَكَ واحِدٌ / وَلَيسَ إِناءٌ لِلنَدى كَإِنائِكا
سَمِعتُ بِسَمعِ الباعِ وَالجودِ وَالنَدى / فَأَدلَيتُ دَلوي فَاِستَقَت بِرِشائِكا
فَتىً يَحمِلُ الأَعباءَ لَو كانَ غَيرُهُ / مِنَ الناسِ لَم يَنهَض بِها مُتَماسِكا
وَأَنتَ الَّذي عَوَّدتَني أَن تَريشَني / وَأَنتَ الَّذي آوَيتَني في ظِلالِكا
فَإِنَّكَ فيما بَينَنا فِيَّ موزَعٌ / بِخَيرٍ وَإِنّي مولَعٌ بِثَنائِكا
وَجَدتَ عَلِيّاً بانِياً فَوَرِثتَهُ / وَطَلقاً وَشَيبانَ الجَوادَ وَمالِكا
بُحورٌ تَقوتُ الناسَ في كُلِّ لَزبَةٍ / أَبوكَ وَأَعمامٌ هُمُ هَؤُلائِكَا
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ كَفَّيكَ بِالنَدى / تَجودانِ بِالإِعطاءِ قَبلَ سُؤالِكا
يَقولونَ في الإِكفاءِ أَكبَرُ هَمِّهِ / أَلا رُبَّ مِنهُم مَن يَعيشُ بِمالِكا
وَجَدتَ اِنهِدامَ ثُلمَةٍ فَبَنَيتَها / فَأَنعَمتَ إِذ أَلحَقتَها بِبِنائِكا
وَرَبَّيتَ أَيتاماً وَأَلحَقتَ صِبيَةً / وَأَدرَكتَ جَهدَ السَعيِ قَبلَ عَنائِكا
وَلَم يَسعَ في العَلياءِ سَعيَكَ ماجِدٌ / وَلا ذو إِنىً في الحَيِّ مِثلَ قَرائِكا
وَفي كُلِّ عامٍ أَنتَ جاشِمُ غَزوَةٍ / تَشُدُّ لِأَقصاها عَزيمَ عَزائِكا
مُوَرِّثَةٍ مالاً وَفي الحَمدِ رِفعَةَ / لِما ضاعَ فيها مِن قُروءِ نِسائِكا
تُخَبِّرُهُنَّ الطَيرُ عَنكَ بِأَوبَةٍ / وَعَينٌ أَقَرَّت نَومَها بِلِقائِكا