المجموع : 16
أَخَذتُ بِرأيٍ في الصبا أَنا تاركُهْ
أَخَذتُ بِرأيٍ في الصبا أَنا تاركُهْ / فلم تَرَني في مَسْلكٍ أنت سالكُه
وإن لم أعاقرْكَ المدامَ فإنّني / حَقَنْتُ دمَ الزِّقّ الذي أنت سافِكُه
وإنَّ رَزايا العُمرِ مِنْهُنّ مركبي / ثقالٌ بأعطانِ المنايا مَبارِكُه
دُفِعْتُ ولم أمْلِكْ دفاعَ مُلِمّةٍ / إلى زَمَنٍ في كُلِّ حينٍ أُعاركُه
وجيشِ خطوب زاحمٍ كلّ ساعةٍ / فما أنْفُسُ الأحياءِ إلّا هوالكُه
كأنّ البروقَ الخاطفاتِ بُرُوقُهُ / وَزُهْرُ النجومِ اللائحاتِ نَيازِكُه
فإن تَنْجُ نفسي من كلومِ سلاحِهِ / فَإِنَّ بِرَأسي ما أَثارَتْ سَنابِكُه
مَضَى كُلُّ عَصرٍ وهو حرْبٌ لأهْلِهِ / وهل تَصْرَعُ الآسادَ إلّا مَعارِكُه
بِرَغمي وَما في الحُبِّ بِالرغمِ لذَّةٌ / أُحِبّ مشيبي والغواني فَوَارِكُهْ
مُغَيّرُ حسني عن جميل رُوائِهِ / وَمُوهِنُ جسمي بالليالي وناهِكُه
رَأَتْني سُلَيمَى والقذالُ كأنّما / تَنَفّسَ فيه الصبحُ فابيَضَّ حالِكُه
كما نَظَرَتْ سلمى إلى رأس دعبلٍ / وقد عَجِبَتْ والشيبُ يُبكيه ضاحِكُه
فتاةٌ أرَى طرفي لِطرفيَ حاسِداً / يغايِرُهُ في حُسنِها وَيُماحِكُه
عَلى وَصلِها سِترٌ فَمَن لي بِهَتكِهِ / إِذا ما مَضى عَنّي منَ العمرِ هاتِكُه
شبابٌ له القِدْحُ المُعَلّى من الهوى / وما شِئتَ من رقّ الدّمى فَهوَ مالِكُه
كَأَنِّيَ لم يُؤنِسْ منَ السربِ وَحشَتي / مُشَنَّفُ أُذْنٍ فاتِرُ اللَّحظِ فاتِكُه
غَزالٌ تَراني ناصِباً من تَغَزّلي / له شَرَكاً في كلّ حالٍ يُشارِكُه
وصادٍ إلى ريّ الكؤوسِ غَمَرْتُهُ / بِعارِضِها والغيثُ دَرّتْ حواشِكُه
وَقُلتُ اغتَبِقْ مِن دَنِّها صرفَ قَهوةٍ / إلى قَدَحِ الندمانِ تفضي سَوالِكُه
وَيَمنَعُها مِن أَنْ تَطيرَ لَطافَةً / حَبابٌ عَلَيها دائِراتٌ شَبائِكُه
عَلى زَهْرِ رَوْضٍ ناضِرٍ تَحسبُ الرّبى / مُلوكاً عَلَى الأَجسامِ مِنهُم دَرانِكُه
وَباتَ لجينُ الماء بالقرِّ جامداً / لنا ونُضارُ البرق ذابتْ سبائِكُه
أَذلِكَ خَيرٌ أَم تَعَسُّفُ سَبسَبٍ / يُعَقِّلُ أَخفافَ النّجائبِ عاتِكُه
وَإِن جَنّ لَيلٌ أقبَلَتْ نَحوَ سَفْرِهِ / مُجَلَّحَةً أغوالُهُ وصعالِكُه
مهالكُهُ بالفألِ تُسمى مَفاوزاً / وما الفوزُ إلا أن تُخاضَ مهالِكُه
بِمُعطٍ غَداةَ السيرِ ظَهرَ حَنِيّةٍ / بَنَيتُ عَلَيها الكورَ فانْهَدَّ تامِكُه
أَلائِمَتي إِنَّ التجمُّلَ جَندلٌ / صَليبٌ وَإنّي بالتَّجَلُّدِ لائِكُه
أَرى طَرَفاً لي من لِسانِكَ جارِحاً / وفي طَرَفِ السيفِ المهَنَّد باتِكُه
تُريدينَ مِنِّي جمع مالي وَمَنْعَهُ / وهل ليَ بعدَ الموتِ ما أنا مالِكُه
إِذا أَدرَكَت خِلّاً مِنَ الدهرِ فاقَةٌ / فما بال جَدْوَى راحتي لا تُدارِكُه
ومالِئَةٍ مِن سَناها العيونَ
ومالِئَةٍ مِن سَناها العيونَ / أَأَبصَرتَ شَمسَ الضحى هي كَذاكْ
تَسوكُ حَصَى بَرد في عَقيق / فَيا لَهُما ظُلِما بالسّواك
وما قَهوَةٌ مُيِّعَتْ مِسكة / فَبَينَهُما للأَريجِ اشتِراكْ
بِأَطيَبَ مِنها جَنى ريقَةٍ / إذا نَحَرَ اللَّيلَ رمحُ السماك
وما ذُقتُ فاها وَلَكِنَّني / نَقَلْتُ شهادَةَ عُودِ الأراك
هاتِ كَأسَ الراحِ أَو خُذْها إِلَيكْ
هاتِ كَأسَ الراحِ أَو خُذْها إِلَيكْ / يَنْزِلِ اللهوُ بها بين يديْكْ
ريقةُ العيشِ بِها فاخلَع عَلى / شَفَتَيها كُلَّ حينٍ شَفَتَيك
وأَطِع فيها نَديمَيك بِما / حَكَما واعصِ عَلَيها عاذِلَيك
وإذا سَقّيْتَ منها شفَقاً / طَلَعَتْ حُمْرَتُهُ في وجنَتَيك
وتَناوَلْ نَشوةً مِن رَوضَةٍ / طَلَعَت كَالشَّمسِ بِالنجمِ عَلَيك
تَتَغَنّى بِنَسيبٍ قُلتَهُ / فَهَواها راجِعٌ مِنكَ إِلَيك
فَاوَضَتْ في الوَصْلِ عَيني عَينَها / فَازْدَهَتْ عَجباً وقالَت ما لَدَيك
أَعليلٌ أَنتَ ماذا تَشتَهي / قُلتُ قَطفي بِيَديْ رمّانَتَيك
فانثَنَتْ كِبراً وقالَتْ وَيلَتا / أَوَ هَذا كُلّهُ تَطلبُ وَيْك
أَنا شَمسٌ وَبَعيدٌ فَلَكي / وَضِيائي نافِرٌ مِن راحَتَيك
لَو بَدا أَمُركَ لي مِن قَبلِ ذا / ما رَأَتْ ناظِرَتي ناظِرَتيك
قُلْ لِمَنْ ضاهتِ الغزالةَ نوراً
قُلْ لِمَنْ ضاهتِ الغزالةَ نوراً / وهي من طيبها غزالةُ مِسْكِ
أَنتِ في العينِ وَاللِّسانِ وَفي القل / بِ فَأَينَ استَقَرَّ قَدريَ مِنكِ
إِن نَقَضتِ الوفاءَ بِالغدرِ ظُلْماً / فَبِهذا أَشارَ طَرفُكِ عَنكِ
لكِ قلبي صَفَا فلا غشّ فيه / وهو للهجرِ منك في نارِ سَبْكِ
أضحَكَ الشامِتِينَ صَدُّكِ عَنِّي / بِدُموعي فَأَدْمُعُ القَلبِ تَبكي
الهجرُ يضحكُ وَالهوى يبكي
الهجرُ يضحكُ وَالهوى يبكي / والوَصلُ بَينَهُما على هُلْكِ
يا جَنَّتي ما كُنتُ أَحسَبُ أنْ / أصلى جَحيمَ قَطيعَةٍ مِنكِ
لِلَّه عَينٌ مِنكِ مُخبِرَةٌ / عَنِّي بِكُلِّ سَريرَةٍ عَنكِ
عَجَبي لِلَفظٍ مِنكِ ذي نُسُكٍ / هَذا وَلَحظُكِ حاضِرُ الفَتكِ
وَسَلبتِ قَلبي مِن حَشايَ فَهلْ / لَكِ في القلوبِ صِناعَةُ الدكِّ
أَغزالةَ الفلكِ الَّتي عَبَقَتْ / مِسكاً فَقُلتُ غَزالةُ المِسكِ
إِن دامَ هَجْرُكِ لي بلا سَبَبٍ / فَلأنتِ قاتِلَتِي بِلا شكِّ
أَذابِلُ النرجِسِ في مُقلَتَيكْ
أَذابِلُ النرجِسِ في مُقلَتَيكْ / أَم ناضِرُ الوَردِ عَلى وَجنَتَيكْ
لا تُنكري أنَّكِ حوريَّةٌ / فَنفَحَةُ الجنَّةِ نَمَّتْ عليك
وَعَقربا صدغيكِ من عَنبَرٍ / سَمُّهُما ويلاهُ مِن عَقرَبيك
وَرِدفُكِ المرتجُّ في غُصنِهِ / مَيّاسٌ اهتَزَّ بِرمّانَتَيك
وَيحَ وِشاحَيكِ فَما أَصبَحا / صِفْرَيْنِ إِلّا حَسدَا دُمْلجيك
أَفي نِطاقَيكِ تثَنَّيْتِ أمْ / دَفَعتِ خصرَيكِ إِلى خاتَميك
بِاللَّه من صيَّرَ مِن ناظريك / سَهمَيكِ أَم رُمحَيكِ أَم صَارِمَيك
فَحَيثُما كُنتِ خشيتُ الرّدى / مِنكِ أَكُلُّ القتلِ في ناظِرَيك
لو شئتِ حييتِ نَشاوَى الهوى / من لون خدّيك بتفاحتيك
وإن تَغَنّيتِ لنا لم نزَلْ / نخلعُ أفواهاً على أخمَصَيك
لا صَبرَ لي عَنكِ وَإِن كانَ لي / عَلى جِناياتك صَبرٌ عَلَيك
ما الَّذي أَعدَدتَ لِلمَوتِ فَقَدْ
ما الَّذي أَعدَدتَ لِلمَوتِ فَقَدْ / قُدِّرَ الموتُ بِلا شكَّ عَلَيك
أَذنوباً كاثَرت عِدّ الحصى / بِئسَ ما استَكثَرتَ مِن كَسبِ يَدَيك
بِئسَ ما يسمعُ مِن تَعظيمِها / مَلَكا القبرَ بِهِ مِن مَلِكَيك
أَيّ خَطْبٍ فادحٍ في رَقدةٍ / يُوقِظُ الحشرُ إِلَيها مُقلتيك
وَصِراطٍ لَستَ بالنَّاجي إِذا / وَطِئَتْهُ زلّةٌ من قَدَمَيك
فَلَكَ الوَيلُ مِنَ النارِ إِذا / مُقلَةُ الرحمَنِ لَم تَنظُرْ إِلَيك
لَكَ الملكُ وَالسيفُ الَّذي مَهّدَ الملكا
لَكَ الملكُ وَالسيفُ الَّذي مَهّدَ الملكا / وَصالَ بِهِ الإِسلامُ فاهتَضَم الشركا
تقيَّلتَ آباءً ملوكاً كأنّما / يُفَتَّقُ للأسماعِ فخرهمُ مسكا
وَكُلُّ عَريقٍ في الشجاعَةِ مقدمٌ / له الضربةُ الفرغاءُ والطعنةُ السُّلكى
إِذا ما رَمى أَرضَ العدى بِعَرَمرَمٍ / عِلَيهِ سَماءُ النَّقعِ غَادَرها دَكّا
وَمِن عَرَضِ الجبنِ المَنوطِ بِغُمرِهمْ / صَفا جَوهَرٌ مِنهُم بِنارِ الوغى سَبكا
بَنَيتَ بِهَدمِ المالِ كَعبَةَ ماجِدٍ / إلى حجها نُزْجي القلائصَ والفلكا
فَيا ابنَ تَميمٍ ذا الفخارِ الَّذي لَهُ / منارٌ تَرَى فوْقَ السماكِ له سَمْكا
تُحَدِّثُنا عَنهُ العُلَى وَبِمثلِ ما / تُحَدِّثُنا عَنهُ تُحَدِّثُنا عنكا
تَناولتَ إِصلاحَ الزّمانِ فَقُلْ لنا / أعدلٌ يسوسُ المُلْكَ أم ملَكٌ مِنكا
فَجَدَّدتَ ما أَبلى وأَثبَتَّ ما نَفى / وأَدْنَيتَ مَن أَقصى وأَضْحَكتَ من أبكى
إنَّ الليالِيَ والأيّامَ يُدْرِكُها
إنَّ الليالِيَ والأيّامَ يُدْرِكُها / شَيبٌ وَيعقبها مِن بَعْدِهِ هُلُكُ
فَشَيبُ لَيلِكَ مِن إِصباحِهِ يَقَقٌ / وَشَيبُ يَومِكَ مِن إِمسائِهِ حلَكُ
وَالعَيشُ وَالمَوتُ بَينَ الخلقِ في شُغُلٍ / حَتّى يُسكَّنَ مِن تَحريكِهِ الفلكُ
ويَبعثَ اللَّه مِن جَوْفِ الثَّرى أُممَاً / كانتْ عظامُهُمُ تبلى وتَنتَهكُ
في موقِفٍ ما لِخَلقٍ عنه من حِوَلٍ / ولا يُحَقِّرُ فيهِ سَوقَةً ملكُ
بيتُكَ فيه مَصْرَعُكْ
بيتُكَ فيه مَصْرَعُكْ / وفي الضريح مَضْجَعُكْ
غَرّتْكَ دُنياكَ الَّتي / لَها شَرابٌ يَخدَعُك
هِمْتَ بحبِّ فاركٍ / وَقَلَّما تُمَتِّعُك
يَضُرّكَ الحِرصُ بها / والزهدُ فيها يَنفَعُك
لا تَأمَنَنْ مَنِيَّةً / إنّ عَصَاها تَقْرَعُك
مَغْرِبُكَ القبرُ الّذي / يكونُ منه مَطْلَعُك
إنْ فَرّقَتْكَ تُرْبَةٌ / فَاللَّهُ سَوفَ يَجمَعُك
وَلِلحِسابِ مَوقِفٌ / أَهوالُهُ تُرَوِّعُك
كَم جَرَّ ما اشفَقتَ مِنْ / لَمْسِكَ منْهُ إصْبَعُكْ
فَكَيفَ بالنّارِ الّتي / من كلِّ وجهٍ تَلْذَعُك
يَراكَ ذو العَرشِ إِذا / نادَيْتَهُ وَيَسْمَعُك
فَثِقْ بِهِ وَلا يَكُنْ / لغيرِهِ تَضَرُّعُك
أَلَيسَ بَنو الزّمانِ بَنو أَبيكا
أَلَيسَ بَنو الزّمانِ بَنو أَبيكا / فَجَرِّدْ عَن حَقائِقِكَ الشكوكا
ولا تَسأَلْ مِنَ المَملوكِ شَيئاً / فَترجِعَ خائِباً وَسَلِ المَليكا
فَلَستَ تَنالُ رِزقاً لم تَنَلْهُ / وَلَو أَبصَرتَه مِمَّا يَليكا
فكم خيرٍ ظفرتَ به نضيجاً / وكنتَ حُرِمتَ رؤيتَهُ فريكا
نفوسُنا بالرّجاءِ مُمْتَسَكَهْ
نفوسُنا بالرّجاءِ مُمْتَسَكَهْ / والموتُ للخلق ناصبٌ شَرَكَهْ
تبرمُ أجسامنا وتنقضها / طبائعٌ في المزاج مشتركه
لولا انتشاقُ الهوا لمتّ كما / تموتُ مع فَقْدِ مائها السمكه
نُنْشأُ بالبعث بعد ميتتنا / أما يُعيدُ الزجاجَ مَن سبَكه
ما أغفلَ الفيلسوف عن طُرُقٍ / ليستْ لأهل العقول منسلكه
مَن سَلّمَ الأمرَ للإله نجا / ومن عدا القصد واقعَ الهلكه
يوْمٌ كأنّ نسِيمَهُ
يوْمٌ كأنّ نسِيمَهُ / نفحاتُ كافورٍ ومسكِ
وكأنّ قَطْرَ سمائهِ / دُرٌّ هَوى من نظم سِلكِ
مُتَغَيّرٌ غيناً وصَح / واً مثل ما حدّثْتُ عنكِ
كالطفلِ يُمنَحُ ثم يُمْ / نَعُ ثم يضْحَكُ ثم يبكي
مُزَرْفَنُ الصّدغِ يَسْطو لحظُهُ عبثاً
مُزَرْفَنُ الصّدغِ يَسْطو لحظُهُ عبثاً / بالخلقِ جذلانَ إن تشكُ الهوى ضحكا
سَكَنَ القلبَ هوى ذي صَلَفٍ
سَكَنَ القلبَ هوى ذي صَلَفٍ / زادَهُ فيه سكوناً حَرَكُهْ
فهو كالمركزِ يَبْقى ثابتاً / كلّما دارَ عَلَيْه فَلَكُهْ
يا عَقْرَبَ الصدغِ المعنبرِ طيبها
يا عَقْرَبَ الصدغِ المعنبرِ طيبها / قلبي لَسَبْتِ فأين مَنْ يرقيكِ
وحلَلتِ في القَمَر المنيرِ فكيف ذا / وحلولُهُ أبداً أراهُ فيكِ
لا تحسبيني أشْتَكي لِعَواذلي / آلامَ قلبي منكِ لا وأبيكِ