أَمِن دِمنَةٍ بَينَ اللِّوى وَالدَّكادِكِ
أَمِن دِمنَةٍ بَينَ اللِّوى وَالدَّكادِكِ / شُغِفتَ بِتَذرافِ الدُموعِ السَوافِكِ
عَفَت غَيرَ آرِيٍّ وَأورَقَ حائِلٍ / وَأَشعَثَ مَشجُوجٍ وَسُفعٍ رَوامِكِ
وَنُؤيٍ كَجِذمِ الحَوضِ غَيَّرَ رَسمُهُ / وَجِيفُ الحَصا بالمُوجِفاتِ الحَواشِكِ
كَأَنَّ فُؤادي ناطَهُ ذُو سَخيمَةٍ / قَليلُ التَحَنّي في صُدورِ النَيازِكِ
غَداةَ تَداعى الحَيُّ بِالبَينِ بَعدَما / جَلا الصُبحُ أَعجازَ النُجومِ الدَوالِكِ
وَقَد قَرَّبُوا لِلبَينِ كُلَّ هَمَرجَلٍ / أَمُونِ القَرى ضَخمِ العَثانين تامِكِ
قِمَطرٍ دَرَفسٍ فَيسَرِيٍّ كَأَنَّما / مَناكِبُهُ جُلِّلنَ وَشيَ الدَرانِكِ
رَعى واجِفاً فَالصُلبُ مِن أَجبُلِ الغَضا / بِحَيثُ اِستَهَلَّت كُلُّ وَطفاءَ رامِكِ
وَفي الجِيرَةِ الغادينَ لا عَن مَلالَةٍ / ظِباءٌ عَلى تِلكَ الهِجانِ البَوائِكِ
خِماصُ الحَشا حُمُّ الشِفاهِ كَأَنَّما / يَلُثنَ مُرُوطَ العَصبِ فَوقَ العَوانِكِ
وَيَبسِمنَ عَن نَورِ الأَفاحِيِّ لَم يَزَل / يُغَذّى بِدَرّاتِ الذِهابِ الرَكائِكِ
وَفِيهِنَّ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانَ غادَةٌ / يُطَيِّبُ رَيّاها عَبيرَ المَداوِكِ
كَأَنَّ عَلى فيها سُلافَةَ قَرقَفٍ / وَقَد غُوِّرَت أُمُّ النُجُومِ الشَوابِكِ
أَقُولُ لِها سِرّاً وَقَد غابَ كاشِحٌ / رَقيبٌ مَقالَ العاشِقِ المُتَهالِكِ
لَكِ الخَيرُ ما هَذا الجَفاءُ وَهَذِهِ / دِياري وَأَهلي زُلفَةٌ مِن دِيارِكِ
أَتَرضينَ قَتلي لا بِسَلَّةِ صارِمٍ / مِن البِيضِ إِلّا سَلَّةً مِن لِحاظِكِ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَإِعراضُ بَغضَةٍ / لَنا أَو دَلالٌ فَاِفصحي عَن مَقالكِ
فَلي هِمَّةٌ عَلَيا وَنَفسٌ أَبِيَّةٌ / تَمُجُّ وِصال اللّاوِياتِ المَواعِكِ
وَلِي عَزمَةٌ إِن ساعَدَ الجدُّ أَشرَقَت / وَنافَت عَلى شُمِّ الرِعانِ الشَوامِكِ
ولا بُدَّ مِن نصِّ القِلاصِ وَإِن غَدَت / حُطاماً أَعالي دَأيِها المُتلاحِكِ
عَلَيهِنَّ فِتيانٌ كِرامٌ تَحَرَّجُوا / مِنَ النَومِ إِلّا فَوقَ تِلكَ الحَوارِكِ
أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَشدُو كَأَنَّها / مَعَ الآلِ أُمّاتُ الرِئالِ الرَواتِكِ
أَقيمُوا صُدورَ اليَعمُلاتِ ورَفِّعُوا / عَنِ السُبلِ تَنجُوا مِن سَبيلِ المَهالِكِ
فَعَنَّ لَنا مِن بَين سِتّينَ لَيلَةٍ / وَميضُ سَناً عَن أَيمَنِ الجَوِّ نابِكِ
فَقالُوا تَرى النَجمَ اليَمانيَّ قَد بَدا / يَلُوحُ بِمُستَنٍّ مِنَ الأُفقِ حالِكِ
فَقُلتُ لَهُم ما ذاكَ نَجمٌ تَرَونَهُ / بِناحِيَةِ الخَضراءِ ذاتِ الحَبائِكِ
فَقالوا فَماذا قُلتُ نارٌ بِرَبوَةٍ / تُشَبُّ لِأَبناءِ الهُمومِ الضَرابِكِ
يُضِيءُ سَناها بِالدُجى مُتَنَمِّرٌ / عَلى الدَهرِ مُودِي البَرك رَحبِ المَبارِكِ
أَغَرُّ نَماهُ كُلُّ حامٍ مُمانِعٍ / عَنِ المَجدِ بِالمُستَأثراتِ البَواتِكِ
مِنَ العَبدليّينَ الأُلى في أَكُفِّهِم / حَياةٌ لِأَوّابٍ وَمَوتٌ لِباعِكِ
أُناسٌ هُمُ الناسُ اِنتَدَوا وَتَشَعّبَت / بِهِم هِمَمٌ ما بَينَ ناءٍ وَآرِكِ
فَحُلّوا عُرى التِرحالِ وَاِستَعصِمُوا بِهِ / مِنَ الدَهرِ واِرمُوا صَرفَهُ بِالدَوامِكِ
فَإِنَّ لَدَيهِ مِن عَلِيٍّ مَقاذِفاً / عَنِ المَجدِ يَخشى فَتكَهُ كُلُّ فاتِكِ
يُجيرُ عَلى الأَيّامِ ما لا تُجيرُهُ / عَلَيهِ وَيَسطُو بَالخُطُوبِ العَوارِكِ
مَنيعُ الحِمى لا يَذعَرُ القَومُ سَرحَهُ / وَلا تُتَّقى غاراتُهُ بِالمَآلِكِ
فَتىً لا يَرى مالاً سِوى ما أَفادَهُ / طِعانُ العِدى في المَأزَقِ المَتَضانِكِ
وَلا يَقتَني مِن مالِهِ غَيرَ سابِحٍ / وَأَبيضَ مَخشُوبِ الغِرارَينِ باتِكِ
وَمَسرُودَةٍ جَدلاءَ تَضفو ذُيولُها / عَلى قَدَمِ القَرمِ الأَنَدِّ الضُبارِكِ
وَأَحسَنُ مِن شَدوِ المَزاهِيرِ عِندَهُ / صَليلُ المَواضي في مُتونِ التَرائِكِ
وَلا يَتَساوى رَدعُ مِسكٍ وَعَنبَرٍ / لَدَيهِ بِرَدعٍ مِن دَمِ القِرنِ صائِكِ
وَإِن جَعَلَت فَوقَ الأريكِ مَقيلَها / رِجالٌ فَسَل عَنهُ رِجالَ الأَوارِكِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ غارَةٌ مُشمَعِلَّةٌ / تَرى الصِّيدَ مِن شَدّاتِها في مَناسِكِ
بِها يَحتَوِي نَهبَ الأَعادي وَيَصطَفي / عَقائِلَ أَبناءِ المُلوكِ العَواتِكِ
حَمِيٌّ عَلى ما حازَهُ وَأَتَت بِهِ / إِلَيهِ الأَتاوى مِن مَليكٍ مُتارِكِ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ لَم يَثنِ عَزمَهُ / أَقاويلُ أَبناءِ الطِغامِ الضُكاضِكِ
ترى العَرَبَ العَربا يحُجّونَ بَيتَهُ / كَأَنَّهُمُ جاؤُوا لِذَبحِ النَسائِكِ
رِجالاً وَرُكباناً فَمِن طَالِبٍ غِنىً / وَمِن تائبٍ عَن ذِلَّةٍ مُتَدارِكِ
تَخالُ إِياساً في الفَصاحَةِ باقِلاً / لَدَيهِ وَفُرسانُ الوَغى في تَداوُكِ
إِذا صالَ لَم يُعدَل بِقَيسِ بنِ خالِدٍ / وَإِن قالَ لَم يُعدَل بِسَعدِ بنِ مالِكِ
وَإن جادَ بَذَّ المَرثدِيِّينَ جُودُهُ / وَأَنسى بَني الآمالِ جُودَ البَرامِكِ
أَبا ماجِدٍ لَم يَبقَ إِلّاكَ ماجِدٌ / يُرجّى لِأَبكارِ الخُطُوبِ النَواهِكِ
أَنِفتُ لِمَدحي مَن سِواكُم لِأَنَّني / إِلى ذِروَتَيكُم في سِنامٍ وَحارِكِ
وَأَكبَرتُ نَفسي أَن أُرى مُتَضائِلاً / أُرَجّي نَوالاً مِن لَئِيمٍ رَكارِكِ
مَخافَةَ تَرّاكٍ يَقُولُ وَقَولُهُ / أَمَضُّ وَأَمضَى مِن حُدودِ النَيازِكِ
لَوَ اِنَّ بَني القَرمِ العُيونيِّ سادَةٌ / كِرام يُرَوّونَ القَنا في المَعارِكِ
لَغارُوا عَلى النَظمِ الجَميلِ وَلَم يَكُن / لَهُم في مَعاني لَفظِهِ مِن مُشارِكِ
أَما كانَ فيهِم مِثلُ عَمرو بنِ مرثِدٍ / وَذُو المَجدِ دفّاعُ الهُمومِ السَوادِكِ
فَغَر فَبَناتُ الفِكرِ أَولى بِغَيرَةٍ / وَأَجدَرُ مِن نُجلِ العُيونِ الرَكارِكِ
وَحافِظ عَلى الذِكرِ الجَميلِ فَإِنَّما / مَصيرُ الفَتى أُحدُوثَةٌ في الشَكائِكِ
وَلا تُسلِمَن لِلدَهرِ مَولىً هَواكُمُ / هَواهُ وَمَهما ساءَكُم غَيرُ حاسِكِ
يَمُتُّ بِوُدٍّ مِن ضَميرٍ تَحُوطُهُ / عَواطِفُ أَرحامٍ إِلَيكُم شَوابِكِ
وَلَستُ وَإِن أَودى الزَمانُ بِثَروَتي / وَزاحَمَني مِنهُ بِخَصمٍ مُماحِكِ
بِمُهدٍ ثنائي وَالمَناديح جَمَّةٌ / إِلى حَوتَكِيٍّ أَبشَع اللُؤمِ راعِكِ
يَرى مُورِدَ الآمالِ حَولَ فِنائِهِ / بِعَينِ نوارٍ تَلحَظُ الشَيبَ فارِكِ
ولا ضارِعٍ طَوعَ المُنى يَستَفِزُّني / إِلى مُقرِفٍ رَجمُ الظُنونِ الأَوافِكِ
وَلَستُ بِمفراحٍ بِمالٍ أُفيدُهُ / لعَمري وَلا آسٍ عَلى إِثرِ هالِكِ
وَلا مادِحٍ إِلّا سُراةَ بَني أَبي / جَمالُ المَعالي بَل لُيُوثُ المَعارِكِ
وَلي وَقفَةٌ في دارِهِم إِثرَ وَقفَةٍ / وما ذاكَ في أَشباهِ قَومي بِشائِكِ
فَإِن صَدَّقُوا ظَنّي وَظنّيَ أَنَّهُم / نُجُومُ سَماءٍ شَمسُها غَيرُ دالِكِ
فَإِمّا نَبَت بِي دارُهُم أَو تَوَعَّرَت / عَلَيَّ فَما ضاقَت رِحابُ المَسالِكِ