المجموع : 5
حمامة أيك الروض مالي ومالك
حمامة أيك الروض مالي ومالك / ذعرت فهل ظلم البرية هالك
نفرت وقد حق النفور لأنني / مجسم أحزان وقفت حيالك
ولولا جناح طار عن موقع الأسى / لكان قريباً من منالي منالك
أعندك علم أنني من معاشر / أبوهم جنى واختار أدنى المسالك
رماهم إلى شر المهالك آدم / فهم أبرياء حملوا وزر هالك
هلمى .هلمى . أن هاتيك نسبة / تقرب ما بيني وبين الملائك
ألسنا وان كنا شتاتا يضمنا / اسانا وإن لم تمس حالي كحالك
ألفت الرياض الزهر يسم ثغرها / وما ألفتي غير الوجوه الحوالك
هزجت فنظمت الدموع قلائداً / فليت مثالي كان لي من مثالك
بعيشك كم غنى مثيلك طائر / وكم نائح مثلي ثوى في ظلالك
تقولين : خلق ليس يدري سوى العنا / عجيب ..فمن أنباك أني كذلك
رأيتك قبلت الغدير لأنه / على صفحتيه لاح مرأى خيالك
وداعبت فيه البدر فانصاع مذعراً / موج ارتجافا خشية من جلالك
فقلت مطاراٍ امة الشرق هكذا / تملكت الاطيار أعلى الممالك
تباكوا وقالوا : الشرق مال دعامه / وهل دعم قامت بغير التمالك !
وقالوا : هي الدنيا عراك رويدكم / فانا ضعاف مالنا والتهالك
نصحنا ولا يجدي وكم قبل رددت / بمثل مقالي صحفهم ومقالك
سألتك ما معنى وجود مكون / إذا لم تكن عقباه غير المهالك
وهل هذه الدنيا سبيل لعابر / أم الأرض مهواة الغواة الهوالك
وإني أراني بين نوم ويقظة / أسيان حالي في هنا أو هناك
أجيبي فلي صوت يقطعه الأسى / فقد لذ للقلب المعنى سؤالك
فردت وأوردت مثل زند لقادح / خواطر يسمو وقعها عن مداركي
وقالت : نعم في ذلك السر حكمة / فقلت : وما شككت في غير ذلك
وبتنا كما شاءت اخوة جنسنا / خليلين أصفى من عقيل ومالك
درسنا كتاب العاطفات وما آعتنت / بنو نوعنا الا بدرس التفارك
الى ان بدا وجه الطبيعة سافراً / يضاحك من ثغر الاقاح المضاحك
وقد شردت فكري هنالك ضجة / لأطيارها تدعو بنبذ التفاكك
إذا ما السماء كانت دخانا كما أدعوا / فليس سوى أنفاس أهل الحسائك
هناك شكرت الطير رأفة مشفق / على جنسه شأن الحزين المشارك
منى خالجت نفسي وأحبب بها منى / تريني حياتي فوق الشهب النيازك
فقلت الى اللقيا سلام مودع / هنالك عيش الخالدين هنالك
سلَمي لي سَلمى وحسبي بقاكِ
سلَمي لي سَلمى وحسبي بقاكِ / إنَّ فيه بقاءَ من يَهواكِ
يستجدُّ الحياةَ للمرء مرآك / ويُحي ذكرى الشباب غِناك
جذبتني عيناكِ حتى إذا ما / الهبَتْني تحرَّكَت شفتاك
ولقد هانت الصبابةُ لو أنّى / أتتْني تَعِلةً من لُماك
وأرتْني يداكِ يبتدران الرَّقصَ / أضعافَ ما أرتْ قدَماك
تلتوي هذه كما التَبسَ الخَيْطُ / وتلتَفُّ تلكَ كالشُبّاك
تعتريني خواطرٌ فيكِ أحياناً / فأرتدُّ باديَ الإِرتباك
تتحّرى كفّاي تقليدَ كفيَّكِ / وتحكي خُطايَ وقعَ خُطاك
فانا في انقِباضةٍ وانبساطٍ / تارةً وانفراجةٍ واصطكِاك
وانتقاضٍ طَوراً كما انتقض الطائرُ / من وَقفةٍ على الأسلاك
ويراني من ليس يدري كأني / بِيَ مسٌ وقد أكونُ كذالك
أنا أهواكِ لا أريدُ جزاءً / غيرَ علمٍ بأنني أهواك
اطلُبيني بين الجموعِ على حينِ / احتشادٍ ما بينهم واشتباك
تعرفيني من دونهم بسِماتي / والتفاني وحيرتي وانهماكي
رُبَّ يومٍ فيه تصيَّدني الهمُّ / كما صيِد طائرٌ بشِراك
وكأني أرى الحياةَ بمسودِّ / زُجاج فكلُّ شيءٍ باكي
ملءَ نفسي وغرفتي يتراءى / شَبَحُ الهمَّ لي وملءَ السِكاك
لم تكن سلوةً لقلبي عمّا / أنا فيه إلا بأنّي أراك
قد شكوناكِ لا لذمٍّ ولكن / ليس يخلو الغرامُ إلا لشاكي
لي قلبٌ لو جاز نسيانهُ صدريَ / يوماً لجازَ أنْ ينساك
يتنزَّى طولَ الليالي ولا مِثلَ / تَنزيِّه إن جَرَت ذكراك
ويَرَى تارة من اليأس من لُقياكِ / مستسلماً بغَير حرَاك
أنتِ سلمى – وُليِّتِ مُلكاً فسوسيه / برفقٍ بحَق من وَلاّك
وهبَيه عهدَ اقتطاعٍ وكانتِ / لك في الحكم أُسوةٌ بسِواك
فارعَيِ القلبَ حرمةً مثلما / تَرعَيْن مُلكا – يُجْنى من الأملاك
افتحي لي بابَ السرور فقد سُدَّ / وبابُ السرور لي شفتاك
واطرُدي هذه الهمومَ وسَلِّي / حُزن وجهي بوجهك الضحّاك
في يَديك الجميلتَينِ إذا شئتِ / ارتهاني ومن يَديَك فَكاكي
إن رأيتِ الحديثَ يمتازُ بالرقةِ / والُلطف فيكِ عمَّن عَداك
والقوافي يَلَذُّها السَمْعُ من دونِ / قوافٍ تشدو بحسن سواك
فلأني أُجِلُّ حبَّك عن أنْ / يُتَلقَّى الا بقَلبٍ ذاكي
ولأن الشعورَ يُوريهِ ابداعُكِ / وَرْيَ الزِنادِ بالإحتِكاك
ان هذا الجمالَ سَلمى غذاءُ الروُح / لولاهُ آذَنَتْ بهَلاك
وأرى مَن يلومُ فيه كمن يرشِدُ / ذا بُلغةٍ الى الإِمساك
أو كساعٍ يَسعى لتجفيف ماءِ / النَهر إشفاقةً على الأسماك
الرَعاعُ الرَعاعُ والجَدَل الفارغُ / اني من شَرّهم في حمِاك
ضايقتْني حتى بادراكيِ الحسنَ / نفوسٌ ضعيفةٌ الادراك
تقتضي الناس أنْ يكونوا صدى الأهواءِ / منها كما تكونُ الحواكي
قال لي صاحبي يزهِّدُني فيكِ / بهذي المُغالَطاتِ الرِكاك
لكَ فيها مُزاحِمون وما خيرُ / غَرامٍ يكونُ بالاشتراك
قُلت: اخطأتَ لا أبالي وهَبْها / وردةً في منابِتِ الأشواك
اتُراني أعافُها ثم هَبْني / أنني في عواطِفي – إشتِراكي
أنا هذا أنا – وما كنتُ يوماً / في شُعوري ونَزعتي بمَلاك
ثم إني أجَلُّ من ان أُماشي / في مذاقي جماعةً وأُحاكي
أنا أهوى ما اشتّهيه ومن لا / يرتَضيني قامَتْ عليه البَواكي
انا مذ كنتُ كنتُ ما بين نفسي / والسخافاتِ هذِه في عِراك
يا " اندونوسُ " إن استماتَ بَنوكِ
يا " اندونوسُ " إن استماتَ بَنوكِ / فالحربُ أمُّكِ والكفاحُ ابوكِ
ولديكِ تاريخٌ على صَفَحاتِه / أرَجٌ يضُوعُ من الدم المسفوك
وكأنَّ من ألَقِ الضُحى ورفيفِه / نُوراً يُشِعُّ عليه من واديك
يا " بنتَ " ثانيةِ الجنان بما اشتَهتْ / نَفْسٌ وما رَمَتِ الطبيعةُ فيك
وبما تسيلُ ظهورُها وبطونُها / بالتِبْرِ من متذوِّبٍ وسَبيك
بالحاشِد الملتَفِّ منك إذا دَجى / والضاحكِ العُريانِ من " ضاحيك "
فاءت على المستعمرينَ ظلالُها / وعلى مليكاتٍ لهم ومُلوك
يا بنتَ ذاك و " أمَّ " كلِّ مغرِّف / في بُؤسه ومُجوَّعٍ صُعلوك
يا أمَّ كلِّ مُشرَّدٍ عن أهله / وُهِبَ الجنانَ وعاش كالمملوك
بمن " الجهادُ " يَليق ان لم ينتظِمْ / تاجاً تَليق به رؤوسُ ذَويك
في كل قَبر من قُبورك طائفٌ / يمشي إليك وصارخٌ يدعوك
ليشُُدَّ حاضرَك المضمَّخَ بالدِما / بالموَجعِ الأسيانِ من ماضيك
ومن الطبيعةِ عن بنيكِ مُدافعٌ / أن يأخذوا منك الذي تُعطيك
تأبى المروءةُ ان تُزقَّي غيرَهم / اذ يُحرَمون مُجاجةً من فيك
يا " اندنوسُ " ! وفي الخلائقِ شركة / لاشيءَ غير الله دونَ شريك
اصلَوْكِ ما الشرقُ اصطَلى بجحيمهِ / وبميسَم من ذُلِّه وَسَموك
وسَقَوك من كأسٍ سُقينا مثلَها / ولقد يكون ارقَّ من يسقيك
وكذاك أنتِ وقد تمخَّضَ نقمةً / تتمخضِّينَ على القَنا المَشبوك
نوري ولم يُنعمِ علىّ سواكا
نوري ولم يُنعمِ علىّ سواكا / أحد ونعمةُ خالق سَوّاكا
إني وجدت المكرُماتِ مَتاجراً / يبغي ذووها مربحاً إلاّكا
بل لو أشاء لقلت كم من وردة / لي عند جِبس ردَّها أشواكا
جاء القريضُ مطوَّقاً بك لائذاً / وانزاح عنهم مُعرِضاً وأتاكا
طوَّقْتْنى طوقَ الحَمام مبرَّةً / ونصبتَ لي من مِنَّةٍ أشراكا
كم من يد بيضاءَ ضِقْتُ بشكرها / ذرعاً وعاشت – لا تضيق – يداكا
نوري تحيةَ معجب بك مثقل / بجميل صُنعك واثقٍ بعُلاكا
حاشايَ لم أدلِف اليك تزُّلفاً / كّلا ولستَ تُريدهُ حاشاكا
للشعر منزلةٌ لديَّ أُجَّلها / وأُحلها – لو أقدِر – الأفلاكا
لكن وجدت الشعرَ مهنةَ عاجز / إن لم يَقُمْ عني بشكر نَداكا
قم والتمسْ أثرَ الضريحِ الزاكي
قم والتمسْ أثرَ الضريحِ الزاكي / وسلِ " الكِنانةَ " كيف مات فتاكِ
وسلِ " الكِنانةَ " من أصابك غِرةٌ / واستلَّ سهمَك غيلةٌ فرماك
أهرامَ مصرَ وقد بناكِ لغاية / " فرعونُ " ذو الأوتاد حين بناك
علموا بأن سَتداسُ مصرُ وما بها / حتى قبورُ المالكين سواك
فاستوطنوكِ وَحسْبُ أرضِكِ ميزةٍ / أن لم يَرَوْا ثقةً بغير ثَراك
تاريخُ مصرَ على يديك يعيده / من جانبيك صدى السنينَ الحاكي
" زغلول " ضميّه إلى آبائه / " وفؤاد مصرَ ضعيه في أحشاك "
لا تُهمليِه واذكري أتعابَهُ / وثقي بسعدٍ فهو لا ينساك
روح على الفردوسِ رفَّتْ حرةً / وتقمصتْ ملكاً من الأملاك
حَمَلَتْ وما حَمَلَتْ إلى أوطاننا / غيرَ المناحةِ هزةُ الأسلاك
يا روحَ سعْدٍ قد خبرتِ بلادَهُ / بالله قصيها لمن سوّاك
واذا رأيتِ النيلَ يَزْفُرُ موجُهُ / ولي بعينك شجو هذا الباكي
قولي بعينك وردةٌ ما تنقضي / الآمُها من وخزةِ الأشواك
مصرٌ يداكِ على " العراقِ " عزيزةٌ / أبمنطر منه تشلّ يداك ؟
يُسراك من طولِ الملاكمة انبرتْ / وبموت سعدٍ تنبري يُمناك
عاثت بلُحْمَتِكِ السنينُ ولم تُطِقْ / -لله درَك- عيثةً بسَداك
هزوا لتجربَة قُواك وساءهم / بعد العنا الاّ تخورَ قُواك
روح المفاداةِ الكريمةِ علمت / أبناءَكِ الأغيارَ صَوْنَ حماك
شيع تموج تزاخماً حتى اذا / نزل البلاءُ تضامَنَتْ لبقائك
وهَبي : بَنُوكِ قَضوا لأجلكِ كلُّهم / عاشت بناتُك حاملات لواك
يا موجةَ النيلِ احملي تيّارَهُ / علّ " العراقَ " تهزُّهُ عدواك
ماشي العراق بيومه فلطالما / تاريخُه بسِنينه ماشاك
وطنٌ مريضٌ زاد في الآمه / ألاّ يكونَ على يديه شفاك
وتسمَعِّي إن القلوب تفطرت / من أنَّةِ الزُّراع والمُلاّك
عربُ الجزيرةِ هامدون كأنّهم / لم يُبْتلْوا أبداً بيومِ عراك
لا يطلبون سوى ارتخاءِ قُيودهِم / أتُراهُمُ لم يطمعوا بفكاك
هذي الطيورُ البيضُ أين مَفَرُّها / ستُّ الجهاتِ رصدْنَ بالأشراك
يا سعد أمّا موطني فمهدَّدٌ / - إن لم يُعَدْ بنيانه – بهلاك
يا سعدُ أبلغُ من قصيدةِ شاعرٍ / يبني القوافي فيك دمعة شاكي
يا سعدُ ما قدري وقدرُ نياحتي / كلُّ البلادِ نوائحٌ وبواكي