بُثينةُ لا أرَضى الوداعَ وإن أكن
بُثينةُ لا أرَضى الوداعَ وإن أكن / لأرَضىَ دمائي أَن تُراق لديكِ
إلى مصرَ أمضى إن تركتكِ فانياً / وما ليَ حُّظ المومياءِ لديها
إذن عذبيني في جوارك فهو لي / نعيمق ولا تُصغى إلى العذلِ والشكوىَ
ففي مصرَ تُحيى الميتين رموسهم / ولكن لمثلى الموتُ كالعيش في البلوى
وأينَ سبيلي يا جميلُ / أفىِ الهوى عزوُفكِ عني
لئن خانَت الدنيا فإني أمينةٌ / على الحبِّ كالأُمِّ الرؤومِ دَوَامَا
وفي الحشرِ أَلقىَ سواك مُخلصي / وليس سِوَى الحبِّ النقيِّ شفيعي
أعيشُ بدينِ الحبّ رغم قطيعتي / على مضضٍ حتى أردّ الأعادَيا
إذن خلصيني من عذابي حبيبتي / ولا ترسليني للفناء شريدا
إذا الشمسُ ألقت نورها لم بضع سُدىً / ولو ماتَ أحياهُ الغرامُ جديدا
اللهُ يعلم أّنني / أفدِّيكَ لا من يرتضيكَ شهيدا
أَجل يا بثينتي / فعارٌ ملامي حين أنتِ إلهي
مقَّدسةٌ في طِّي قلبي وُحبُّها / عطورُ دمٍ حىِّ وُحلمُ شفاهِ
ولكن أيا بُثنُ الحبيبةُ ما الذي / يحول عن التفكير في صُحبتي فورا
ولو شئتِ أودَعتُ القصائد مُهجتي / على الرملِ الواناً وأطلقتها سَكرىَ
وكانت لهذا الحسن أو في ركائبٍ / إلى مصرَ حيث الرملُ أزهرَ وأفترا
وحيثُ مياهُ النيلِ تجرى رواقصاً / يغازلُ بعضٌ بعضها هانئاً حُرَّا
يا جميلُ كفى كفى / أننقذُ بالأحلام حُباً لنا ضاعا
وكيف يضيعُ الحُّب في صدر عاشقٍ / سما فوقَ معنىَ الخلقِ روحاً وإشعاعا
وكيفَ وعهدي كالنسيم الذي سَرىَ / على مَرِّ أجيالٍ نشيدَ خُلوِد
أُأنسيتَ أنِّي زوجَ من لن يفوتنيِ / ولو عشتُ في المريخِ فوقَ جبالِ
فإنَّ بنيها للمرؤةِ قدوةٌ / وإنَّ بنيها بالمحبَّةِ أخلقُ
أحُّن إليها مستجيباً لدعوةٍ / تَغنَّى بها الصبحُ الجميلُ المرقرق
تَعطرَ من أنفاسِ مصرَ ونيلها / ومن وَحيها الغالي لنا يتألقُ
جميلٌ جميلٌ رحمة منك إنني / أعاني من التبريح والحسراتِ
ولكنما الحرمانُ أَشهىَ لمهجتي / من العارِ لا يَرضَاهُ طَبعُ نبيل
وقد يُبدُع الحرمانُ روحاً جميلةً / أحَبَّ وأوَلى في الهوى بجميلِ
وَدَاعاً حبيبي هاهي الشمسُ وُدَعت / ولاحت بأطيافِ المغيبِ شُجوني
وَداعاً فما لي باقياً غيرُ لهفةٍ / تُصاحبني حتَّى لقاءِ مَنوِني
وأنظرهُا حولي مَراِئيَ لوعةٍ / وأنغامَ أشجانِ وصوتَ جُنونِ
وداعاً غرامي أصبحَ اليأسُ مُرشدي / وقد كان قبلاً هاجري وخصيمي
وَداعاً كأنا قد خُلقناِ لفرقةٍ / وأَنَّا دُمىً تشقى بكفِّ لئيمِ
وَدَاعاً حياتي واسمحي لي بلثمةٍ / على قدمٍ يقفو خُطاهُ نعيمي
وَدَاعاً قبيلَ الليلِ فالليلُ قُسوةٌ / وإن كَنتِ شمساً فوق كلّ بهيم
وَدَاعاً حبيبي سوفَ أبقىَ وَفيَّةً / بروحي وفاءَ الزهرِ للغارسِ الحانِي
فما أنا إلا أنت مهما مَضت بِنا / تصاريفُ دُنيا لا تدينُ بإيمانِ
وَدَاعاً حبيبي ولتكن بعضُ أدمعي / دموعَكَ واكفف دمعك الغاليَ العاني
وَدَاعاً فما لي غير صومعة الأسى / عزاءٌ وَداعا يا ملاكي وإنساني
وداعاً حياتي سوف أنظرُ دائماً / إليكِ بمرآةِ السماءِ مرارا
وسوف أناجي كلَّ حُسنٍ يحوطني / لعلَّ به معنىً لديكِ تَوارى