المجموع : 5
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها
رمتني عوادي الدهر لا در دَرها / بقرقِ كليسا وهي في آخر الملك
نفاني إليها الظالمون تجنياً / علي بلا جرم جنيت ولا افك
غدوت بها كالطير في القفص انزوى / مهيض جناح واجاً الم الضنك
بعيداً عن الأوطان والأهل لا أرى / شفيقاً إليه تضحك النفس أو تبكي
إذا صاح فيها الديك أنكرت صوته / فأحسب هندياً يؤذن بالتركي
فما تسمع الآذان إلا رطانة / من الروم أولى عند سمعي بالتركِ
اطوف نهاري خائضاً تيه سوحها / وقلبي عن نار الأسى غير منفك
وان جن ليلي قلت للنجم ان تكن / انيساً لمثلي فادنُ واستملِ ما احكي
فلم القه إلا كزرق نواظر / يلاحظني شزراً كمن يرتجي هلكي
فأصرف عنه الطرف حتى كأنني / توخيت معنى لا يلائمه سبكي
واطوى على جمر واغضي على قذى / ولا اشتكي ضيماً فما ثم من يشكي
يا قلماً أزرى بخوط الأراك
يا قلماً أزرى بخوط الأراك / في لطفه سبحان من قد براك
اخجلتَ في الأرض قدود القنا / وفي السما هابك رمح السماك
أنت الذي اقسم رب الورى / به فسد ما شئت واقهر عداك
تمشي على الطِرس الهوينا وما / فاز بفضل السبق يوماً سواك
يا مستقيماً جوفه فارغ / فاز بنور اللَه قلب حكاك
شقّوا لساناً منك فاضت على / اطرافه الحكمة دون انفكاك
كالفجر لما انشق ضاءت لنا / أنواره تنبيءُ عمّا هناك
قم خطّ ما أملي وشنّف به / سمع العلى فهي ستروي صداك
صغ من لآلي المدح في عارف / أحسن ما في الوسع ان كنت ذاك
وهذه أوصاف عليائه / فرائد الدرّ فما شئت هاك
وأحسن السبك فان يُرضه / يا قلمي صيرّتُ روحي فداك
فمدحه فرض على ذمتي / وما يفي فرضي إلا وفاك
وكيف لا وهو ملاذي الذي / انشط بالفضل حظوظي الركاك
وهو فتى المجد الرفيع الذرى / فلتَحيَ يا مجد ويحيا فتاك
طوبى لسوريا به والياً / ألقى على الفضل يمين امتلاك
شيد فيها العدل هدياً وهل / للعدل إلا بالهداة امتساك
أخلاقه كالشهب في حسنها / لها على أوج الجلال احتباك
ممتليء علماً وحلماً وما / له بغير المكرمات انهماك
أحيا بني الآداب حتى لقد / تبسمت منها العيون البواك
وانعش العلم وأنصاره / فشكّ عين الجهل سهماً وشاك
يَغارُ للدين وللدولة ال / عليا إذا مدت عداها الشباك
فكم له في نصرها همة / عالية لا يعتريها انتهاك
سل برقة الغراء إذ امّها / مجاهداً يضرب وجه الهلاك
وكم له ثَمّةَ من موقف / سدّ على العادي مجال الحراك
هذا هو الفَخرُ المعلى فقل / للحاسد الواجد اقصر عناك
ان الخِلال الزاكيات التي / تبصرها ارث الجدود الزواك
مولاي عفواً عن قصوري فما / من طوق مثلي ان يوفي ثناك
لا زلت للعفو سحاباً ولا / جفّت مدى الدهر غوادي نداك
واهنأ بمجد سائد خالد / فما هناء الدين إلا هناك
ودم بأفلاك العلى صاعداً / يا أبد اللَه تعالى علاك
هيهات لا قمراً يبقى ولا فلكا
هيهات لا قمراً يبقى ولا فلكا / ريبُ المنون فما يجدى اسى وبكا
كأس تدور على كل الورى فمتى / تُدار ذي الكأس يا ريب المنون لكا
افجعتَنا بهمام بيننا علم / كأن سهمك لا يدري بمن فتكا
شيخ الشريعة محمود النقيبة من / قضى الحياة بنشر العلم منهمكا
ثلم الم بركن الدين فانصدعت / له القلوب ورام الفضل فانتهكا
لهف الزمان ايا مولاي منك على / خلال مجد بها الرحمن خولكا
لهفي على غروة غراء كان لها / نور يمدّ لابصار الورى شركا
لهفي على سر أنفاس موكلة / للطالبين بفتح يكشف الحُبُكا
لقد عرا جامع المنصور فيك أسى / فلو يطيق لك الشكوى إذن لشكى
فكم أدرت به للناس كأس طِلى / من العلوم تفوق التبر منسكبا
وكم بمحرابه أسهرت في نسك / طرفا إذا ضحك اللاهي الخلي بكى
قد غال فقدك أفلاذي ومدّ يدا / لستر صبري واشيخاه فانهكتا
قد كنت في فلك الارشاد فرقده / لا اوحش اللَه من أمثالك الفلكا
يا قائماً بعلوم الأوّلين لقد / بالغت فضلاً فقال الفضل كم تركا
يا مُنتقى علماء الدين قل لي من / إليه نرجع بعد الاقتداء بكا
كرعتها وحباب الكأس مشتبك
كرعتها وحباب الكأس مشتبك / فهل ترى قدح ذياك أم فلك
كواكب من لجين في سما ذهب / تسبى العقول وعندي إنها شرك
كأن أقداحها الأقمار ساطعة / ونورها من شعاع الشمس منسبك
كادت تطير بريش من أشعتها / لولا حباب لها من دره شبك
كرت عليها الليالي وهي كاعبة / ما مسها بشر قبلي ولا ملك
كسرت جيش همومي في ترشفها / من كف ساق على الأرواح يمتلك
كل القلوب نشاوى في محبته / وكم دم بظبا عينيه منسفك
كأن اسمها رسل المنون لنا / يا قوم فاعتبروا فيها بمن هلكوا
كونوا على حذر من فتكها فلكم / قد غرني قبلكم من طرفها الوعك
كيف الخلاص وأحشائي على وضم / من الغرام وجسمي شفه النهك
كتمت عشقي ولولا مدمع لسن / ما راح سر غرامي وهو منهتك
كادت عيوني بفيض الدمع تغرقني / في أبحر لم تكد تنجي بها الفلك
كأن كف الرفاعي في محاجرها / فلا تزال لديها السحب تحتبك
كهف الأنام ومصباح الظلام ومن / بسيف نور هداه يقتل الحلك
كم بينه وقروم القوم منزلة / تكل عنها مطايا العزم والرمك
كل عليه عيال وهو ندهتهم / وغوثهم ان يقم للخطب معترك
كرامة الكل جزء من خوارقه / حتى ولولاه لم يضمن لها درك
كفاه أن أجل الرسل مدله / يمني القبول وجمع القوم محتبك
كلت هنالك أبصار تخطفها / نور به كلكل الأفلاك ينهدك
كادت تصفق راحات الدموع بها / وكم بكاء سرور دونه الضحك
كذاك فلتكن العليا مخصصة / أو لا فكل فخار ثم مشترك
كملت يا بدر أهل الله ممتلئا / نورا بمجلاه ستر الشمس ينهتك
كمال كل هلال منك مقتبس / ونبع كل رشاد منك منسلك
كسرى انكسارك يا مولاي قام على / عرش اعتزاز له أعلى العلى حبك
كم رفعة لك يجلوها التواضع بل / كم من ثراء جلاه الزهد والنسك
كفى مريديك أن السعد خادمهم / والعز راعيهم أيان ما سلكوا
كأن سرك سر الروح حيث به / تحيا الورى وبهذا يشهد السمك
كشفت للناس منهاج السداد فقل / لمن بدنياهم في الباطل انهمكوا
كسب العلى بالتقى والعز أجمعه / بالذل لله فهو الواحد الملك
أوالدتي لقد أودى نواك
أوالدتي لقد أودى نواك / بروحي ليتها كانت فداك
أصابتك المنية في صباء / فوا لهف الفؤاد على صباك
دهانا الدهر أطفالاً صغاراً / بفقدك ما نحس بما دهاك
بكينا من بكا الناعين صبحاً / فابكينا الصخور مع البواكي
ولم نك نعرف الأحزان لكن / أحس القلب نأيك فاشتكاك
ولاح لنا بان الموت شيء / يغيب عن ليالينا ضياك
فليتك قبل يومك كان يومي / ولا عاشت عيوني لا تراك
أو ازدادت حياتك بعض عمري / لأحرز زاد يومي من رضاك
تعجلك الحمام وما ارتوينا / قبيل البين من مرأى سناك
فيا أسفي عليك وطول حزني / وما أولى بذا أحد سواك
الست حملتني تسعاً شهوراً / يهيأ لي غذائي في حشاك
وقد أرضعتني حولين كانت / حياتي فيهما هي من نداك
وقمت بعبء تربيتي صغيراً / وكم في ذاك من تعب عراك
وكم في راحتي قد ذقت مر الع / نا وهجرت من أجلي كراك
أياد لا اقدرها ولو قد / أرقت دم الفؤاد على ثراك
وقد أورثتني أخلاق صدق / تعلمني الثبات على وفاك
إلا لِلّه ما قد كان أحلى / بطاعة ربك الهادي حلاك
وما أبهى اجتهادك في رضاه / وما أوفى بشكر علاه فاك
فكم لك في التهجّد من شؤون / بها قصر الكرائم عن مداك
وحسبك ان عرفت ولا فخار / بأم الأنجبين وقد كفاك
فحيّاك الآله بغيث عفو / وبالرضوان والرحمن حباك