المجموع : 19
قامَتْ حُرُوبُ الْهَوَى على سَاقِ
قامَتْ حُرُوبُ الْهَوَى على سَاقِ / بَيْنَ قُلُوبٍ وَبَيْنَ أَحْدَاقِ
وانْفَسَخَتْ هُدْنَةُ السُّلُوِّ فَمَا / تُوثَقُ منها عُقُودُ مِيثَاقِ
وكانَ صَبْرِي بَيْضاً مُلَحَّمَةً / نَزَعْتُها مِنْ لِقَاءِ أَشْوَاقِ
فَلَيْتَ شِعْري وَقَدْ بَكَيْتُ دَماً / هَلْ ذُبِحَ النَّوْمُ بَيْنَ آماقي
لِيَهْنِكَ النَّصْرُ يا غَرَامُ فَكَمْ / لِوَاءِ قَلْبٍ عَلَيْكَ خَفَّاقِ
خُذْ مِنْ حَدِيثِ الْهَوَى مُطَالَعَةً / سارَ بها البَرْقُ لا ابْنُ بَرَّاقِ
يُعْرِبُ عَمَّا طَوَتْهُ أَسْطُرُهَا / لِسَانُ وَرْقَاءَ بَيْنَ أَوْرَاقِ
وما أُدَاجِيكَ في حَدِيثِ صَباً / أَخْلَقْتُ فيهِ بُرُودَ أَخْلاَقِي
أَصْبَحَ شَطْرُ الفُؤادِ في يَدِ مَنْ / لَسْتُ عَلَيْهِ أَضِنُّ بِالبَاقِي
أَيْنَ غَزَالُ الْكِنَاسِ مِنْ رَشَإِ / يَنْطَحُ من فاحمٍ بِأَرْوَاقِ
وأَيْنَ بَدْرُ السَّمَاءِ من قَمَرٍ / مَطْلَعُهُ في سَمَاءِ أَطْوَاقِ
هَاتِ مُدَاماً كَأَنَّ عاصِرَهَا / عَرَّضَ فِيها بِوَجْنّةِ السَّاقِي
يُمْسِكُ أَرْمَاقَنَا وَإنْ طَفِقَتْ / فِي الْكَأْسِ مَمْسُوكَةً بِأَرْمَاقِ
نارٌ وَلَيْسَ الخَلِيلُ شارِبَهَا / فَكَيْفَ ما أَتْلَفَتْ بِإحْرَاقِ
يَحْمِلُ أَنْفَاسَ رَوْضَةٍ سَرَقَتْ / رِقَّتَها مِنْ نُفُوسِ عُشَّاقِ
غَنَّتْ على دَوْحِهَا مُغَرِّدَةٌ / تُطْرِبُ هارُونَنَا بِإسْحَاقِ
رَاسَلْتُهَا مادِحاً أَبَا حَسَنٍ / فَغَبَّرَتْ في طَرِيق سَبَّاقِ
عليٌّ المُعْتَلِي بِسُؤْدُدِهِ / في شاهِِق الذِّرْوَتَيْنِ مِزْلاَقِ
فَرْعُ فَخَارٍ أُصُولُ نَبْعَتِهِ / كانَتْ فُرُوعاً لِخَيْرِ أَعْرَاقِ
يَطَّرِدُ المَجْدُ فِي مَنَاسِبِهِ / كَجَوْهَرٍ في فِرِنْدِ ذَلاَّقِ
غَرْسُ الأَمانِيِّ في أَنَامِلِهِ / يُثْمِرُ بِالْجُودِ قَبْلَ إيرَاقَ
لا تَدَّعي رِقِّيَ الخُطًوبُ فَقَدْ / أّخّذْتُ مِنْهُ كِتابَ إعْتَاقِ
صنائِعٌ أَصْبَحَتْ سَبَائِكُهَا / مناطِقاً في خُصُورِ أَعْنَاقِ
كانَتْ سُرُوبُ العُلاَ مُفَرَّقَةً / فَلَفَّها لَيْلَةً بِسَوَّاقِ
هَلِ الْقَوَافِي لَوْلاَ فَضَائِلُهُ / غَيْرُ مِدَادٍ وَغَيْرُ أَوْرَاقِ
يُثْنَى عَلَى مَدْحِهِ وكم مِدَحٍ / ما بَيْنَ كَشْطٍ وَبَيْنَ إلْحاقِ
سِهَامُ آرائِهِ مُسَدَّدَةُ / جَوْدَةَ نَزْعٍ وَحُسْنَ إغْرَاقِ
يَنْفُثُ صِلُّ اليَرَاعِ في يَدِهِ / سُمًّا غَدَا فيه كُلُّ دِرْيَاقِ
يُرَوِّضُ الطِّرْسَ من خَوَاطِرِهِ / بِمُسْتَهلِّ الشُّؤُونِ غَيْدَاقِ
يَلْعَبُ بِالْمُرْهَفِ الدَّلِِيقِ فَهَلْ / سَمِعْتَ عَنْ لاعِبٍ بِمِخْرَاقِ
وَيَنْثَنِي الرُّمْحُ ذُو الكُعُوبِ بِهِ / يَهْتَزُّ مِنْ خِيفَةٍ وَإشْفَاقِ
والعَامُ قَدْ عَامَ مِنْهُ في كَرَمٍ / أَغْرَقْتَهُ فِيهِ أَيَّ إغْرَاقِ
لا زالَ في عِزَّةٍّ مُجَدَّدَةٍ / ما قامَ ساقٌ فَنَاحَ في سَاقِ
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي / كافُورَةُ الصُّبْحِ فَتَّتْ مِسْكَةَ الغَسَقِ
قد عطَّلَ الأُفْقُ من أَسْمَاطِ أَنْجُمِهِ / فاعْقِدْ بخَمْرِكَ فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قُمْ هاتِ جامَكَ شمساً عند مُصْطَبَحٍ / وخَلِّ كأْسَكَ نَجْماً عندَ مُغْتَبِقِ
واقسِمْ لكُلِّ زمانٍ ما يليقُ به / فإِنَّ للزَّنْدِ حَلْياً ليس لِلْعُنُقِ
هبَّ النسيمُ وهبَّ الرّيم فاشتركا / في نَكْهِةٍ من نسيمِ الرَّوْضَةِ العَبِقِ
واسْتَرْقَصَتْنِيَ كاسْتِرْقَاصِ حامِلِها / مُخْضَرَّةُ الوُرْقِ أَو مُخْضَرَّةِ الوَرَقِ
وبتُّ بالكأْسِ أَغنَى الناسِ كُلِّهِمُ / فالخمرُ من عسجدٍ والكأْسُ من وَرِقِ
كم ورَّدَتْ وجناتُ الصِّرْفِ في قدحٍ / فتحت بالمزج ما يعلوه من حذقِ
يَسْعَى بها رَشَأٌ عيناه مُذْ رَمَقَتْ / لم يُبْقِ فِيَّ ولا فيها سوى الرَّمَقِ
حَبَابُها وأَحادِيثي ومَبْسِمُهُ / ثلاثَةٌ كلُّها من لؤلؤٍ نَسَقِ
حتى إِذا أَخَذَتْ منا بسَوْرَتِها / ما أَخَذَ النَّوْمُ من أَجفانِ ذي أَرَقِ
ركبتُ فيه بحاراً من عجائِبها / أَنِّي سَلِمْتُ وما أَدرِي من الغَرَقِ
ولم أَزَلْ في ارْتِشافِي منه رِيقَ فم / أَطفأْتُ في بردِهِ مشبوبةَ الحُرَقِ
يا ساكنَ القلبِ عما قد رَمَيْتَ بِهِ / من ساكنِ القلبِ مُغْمًى فيه من قَلَقِ
لا تَعْجَبَنَّ لكل الجسمِ كيف مَضَى / وإِنَّما اعْجَبْ لبعضِ الجِسْمِ كيفَ بَقِي
لم أَستَرِقْ بمنامي وصلَ طيفِهِمُ / فما لهُ صارَ مقطوعًا على السَّرَقِ
ولا اجْتَلَى الطَّرْفُ برقًا من مباسِمٍهٍمْ / فما له مثلَ صوبِ العارِضِ الغَدِقِ
في الهندِ قد قيل أَسيافُ الحديدِ ولو / لا هندُ ما قيلَ أَسيافٌ من الحدقِ
نسيتُ ما تحت تفتيرِ الجفونِ أَمَا / خُلُوقَهُ الجَفْنِ أَثْرُ الصَّارِمِ الذَّلِق
وبِتُّ بالجِزْعِ في آثارهم جَزَعاً / إِن جرّد البَرْقُ إِيماضاً على البُرَقِ
في نار وجدِيَ مغْنًى من تَلَهُّبِهِ / وفي فؤادِيَ ما فيه من الوَلَقِ
خوفٌ أَبو القاسِمِ الأَرزاقَ قَسَّمَهُ / عني فقد صحَّ إِفْراقِي منَ الفَرَقِ
القائدُ الضِّدَّيْن في شِيَم / كالماءِ يجمع بينَ الرِّيِّ والشَّرَقِ
تهلَّلَ الوجهُ منه مثلَ شمسِ ضُحًى / وانهَلَّتِ اليدُ مثل العارضِ الغَدقِ
وجدَّد النِّعَمَ اللاتي نَثَرْتُ لها / أَزاهِرَ الرَّوْضِ باسْمِ المَلْبَسِ الخَلَقِ
وحازَ وَصْفِي رقيقٌ رائِقٌ فَلَهُ / تَشَابَهَ الحُسْنُ بيْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ
وثقَّل المَنَّ حتى رُمْتُ أَحمِلُهُ / على عواتِقِ أَمْداحِي فَلَمْ أُطِق
فلَسْتُ أَعرِفُ عَمَّا ذا أَقولُ له / خَفِّفْ عُنق الأَشعارِ أَم عُنُقي
مُضَمَّرُ العَزْمِ لو جاراهُ في طَلَقٍ / من بَطْشَةِ البَرْقِ لم يُوجَدْ بمُنْطَلِقِ
رياسَةٌ تَطَأُ الأَعناقَ صاعِدَةً / فلا كَبَتْ وَهْيَ بَيْنَ النَّصِّ والعَنَقِ
خُصَّتْ بنِي الحَجَرِ الياقوتِ واعْتَزَلَتْ / قوماً همُ الحَجَرُ المَرْمِيُّ في الطُّرُقِ
تخالَفَ الناسُ إِلا في فضائِلِهِمْ / فليسَ تُبْصِرُ فيها غيرَ مُتَّفِقِ
مراتبٌ لأَبي بكرٍ بلها سَبَقٌ / كما أَبو بكرٍ المخصوصُ بالسَّبَقِ
مُهِمَّةُ عُمَرٌ فيها رأَى عُمَرًا / فضمَّها عنده الفاروقُ في فَرَق
وبَسْطَةٌ يرتقي عثمانُ هَضْبَتَها / رُقِيَّ عثمانَ إِلا ساعة الزَّلَقِ
فضلٌ أَبو القاسِمِ المشهورُ قَسَّمَهُ / فيهم فهُمْ في بهيمِ الدّهرِ كالبَلقِ
ولم تَزَلْ لعليٍّ فيه أَوْ حَسَنٍ / فَألٌ عُلُوٌّ وحُسْنٌ غير مُعْتَلَقِ
وطاهِرٌ طاهِرٌ الأَعراضِ من دَنَسٍ / يدنو وخيرونُ ضَيْرُ الرَّاهِنِ الغَلَقِ
وللفتوحِ من الخيراتِ أَجْمَعُها / أَبو الفتوحِ الذي صُفِّي من الرَّنَقِ
تباركَ اللُّه بارِي المجدِ من حَمَإِ / وخالِقُ الكَرم الفيَّاضِ من عَلَقِ
فشِدْ وسُدْ واستزدْ واسعَدْ وجُدْ وأَجِدْ / وسُق وأَرْق وفُقْ واسْمُق وشِقْ ورُقِ
وإِنْ يَكُنْ فِيَّ جسمٌ عن ذَراكَ مَضَى / فإِنَّ عندكَ قلبًا في ذراك يَقِي
خبّراني بهولِ يومِ الفراقِ
خبّراني بهولِ يومِ الفراقِ / أيّ صبرٍ يكون للمُشتاقِ
فلقد أصبحَ الفؤادُ كئيباً / وغدا الدمعُ دائمَ الانسياقِ
وبراني الهوى وبرّح بي الوجْ / د فأصبحتُ ذا حشاً خفّاقِ
بيّن البينُ فقْدَ خَوْدٍ رِداحٍ / كعبةِ الحُسنِ فتنةِ العشاقِ
ودعَتْني فما رأى الطرفُ بدراً / قبلها راكباً ظهورَ العِتاقِ
مِلْتُ إذ ودّعَتْ وقلبيَ في نا / رٍ تلظّى ودمعتي في اندفاقِ
لا رعى الله يوم ودّعَتِني الحِبُّ / وصان الإلهُ يومَ التلاقي
كم جوادٍ ذي مَيعةٍ صرعَتْهُ / مع عزٍّ وقائع الأحداقِ
سقِّ يا أيها السحابُ دياراً / سكنَتْها بوابلٍ غَيْداقِ
سقِّها سقِّ طال ما قد سقاها / فيضُ دمعٍ من هائمٍ مُشتاقِ
يا خليليّ خلّياني فما العي / شُ سوى أن أجوب في الآفاقِ
تارةً أقصدُ الشآم وطوراً / نحو بغدادَ من بلادِ العراقِ
اطلُبِ الفضلَ عند مجتمَعِ الفض / لِ ومُروي الرّفاق بعد الرفاقِ
عند صِنْوِ العدى وغَيظِ المعالي / في اصطباح من شربها واغتباقِ
مَنْ على الحاسدينَ سوطُ عذاب / وعلى القاصدين ذو إشفاقِ
عند نَدْبِ إذا بدا بين قوم / فإليه تطاوُلُ الأعناقِ
ذي عطايا تَتْرى دفاقٍ على النا / سِ وناهيكَ من عطايا دفاقِ
زُرْهُ تسلَمْ من كل سوءٍ وتأمنْ / أبدَ الدهر سطوةَ الإملاقِ
أريحيٌّ مهذّبٌ أصمعُ القل / بِ وفيٌّ بالعهد والميثاقِ
فرّقَ المال في اجتماعِ المعالي / فحوى الاجتماعَ بالافتراقِ
ليس للحافظِ الإمام شبيهٌ / في جميعِ الأقطار والآفاقِ
والذي قال إنه يشبه البدْ / ر مُحالٌ تشبيهُهُ باتّفاقِ
وجهُ هذا يزدادُ نوراً ووجه ال / بدرِ قد جاز فيه حكمُ المحاقِ
أيها الحافظُ الإمام المفدّى / والكريمُ الأخلاقِ والأعراقِ
جُدْتَ حتى طوقتَ جيدَ البرايا / طوقَ جودٍ وليس طوق خِناقِ
أنت أصبحتَ عاشقاً للمعالي / وأراها قليلة العُشاقِ
غلَّقَ الناسُ بابَهُمْ وغدا / بابُكَ والله مجمَعَ الأسواقِ
أنت منا يا أيها الحبرُ في مو / ضع حَبِّ القلوب والأحداقِ
وغداةَ اتّجعْتَ قد ضاقتِ الأر / ضُ علينا كأنّنا في وَثاقِ
والذي لا يغُمّهُ وعَكٌ نا / لكَ والله ما له من خَلاقِ
فدعونا يا سرّنا وتضرّعْ / نا الى مالك الورى الخلاقِ
عش وقاكَ الإلهُ سائرَ أحدا / ثِ الليالي ناهيكَهُ من واقِ
وابْقَ واسلَمْ في العزّ لا زلْتَ يسقي / كَ على حالِه من الغيث ساقِ
أذِكْرُك أم روضُ الدِّنانِ المُروَّقُ
أذِكْرُك أم روضُ الدِّنانِ المُروَّقُ /
وإلا فما بالي أطيشُ كأنما / عَداني لمّا أن ذكرتُك أولَقُ
وما وجَدَتْ وجدي حمائمُ لم يدَعْ / لها الزّهْرُ شملاً والزمانُ مفرِّقُ
وإني لأهوى الليلَ لا لرقادِه / ولكن لعلّ الطيفَ في النومِ يطرُقُ
وأرْعى دَراريه لعلميَ أنها / الى حُسْنِ مرآكَ البديع تُحدِّقُ
ولو لم يحدِّقْ نحوه لم يكن لها / ضياءً إذا جنّ الدُجى يتألّقُ
هذا أبو الفضلِ بدرُ الحُسن قد شهدَتْ
هذا أبو الفضلِ بدرُ الحُسن قد شهدَتْ / أوصافُه أنه كالبدرِ في الأفُقِ
لما تعمّم تيهاً بالسماءِ بَدا / وفوقَ أعطافِه ثوبٌ من الشّفقِ
ولا تقُلْ لاحَ في خدّيهِ عارضُهُ / فإنما هو تأثيرٌ من الغسَقِ
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه / بأنه قد طابَ أعراقا
ومن غدا ثانيَ شمسِ الضُحى / عُلوّ مقدارٍ وإشراقا
إن فُقْتَ أهلَ الأرضِ عِلماً فقد / أنفقتَ فيه العُمرَ إنفاقا
وجدْتَ جودَ الغيثِ لما انْبرى / يُلحُّ إرعاداً وإبراقا
قد جمُدَ الجاري وعَيشي كما / تراه يا مولاي قد ضاقا
فجُدْ بتعجيلكَ لي بعضَه / أنْفِقُه في القوتِ إنفاقا
لقد غدا غُصْني سليباً فهل / تُلبِسُه جدواكَ أوراقا
دع عنك ذكرَ منزلٍ بالأبرقِ
دع عنك ذكرَ منزلٍ بالأبرقِ / أماته حَيا السحابِ المُغدِقِ
وكلّ ريحٍ دائبٍ مصفّقِ / فصار بعد جِدّةٍ في خلَقِ
فإنما العيشُ حُداءُ الأينُقِ / وقطْعُ كلّ مهمهٍ منخَرِق
بمُقرَبٍ أدهمَ ذي تَلهوقِ / وشرطِ الوغى صهْصَلَقِ
آباؤه من بعض خيل يلبَقِ / أقبّ نهدٍ صلِفٍ ذي أولَقِ
أو أبيضٍ مثلَ ابيضاضِ المبرق / تحسَبُه في الليلِ ضوءَ الفلَقِ
ومرهَفٍ يَفري كثيفَ الحلَقِ / لا تُتّقى ضربَتُه بالدّرَقِ
يختطِفُ الألحاظَ حُسنَ رونقِ / وأسحمِ اللونِ أحمّ غدِق
تحسَبُه كالليلِ لو لم يبرُقِ / لما حواهُ من حَياً مفرِّق
فعلَ الإمامِ الحافظِ الموفّقِ / القائل الفاعلِ شمسِ المَشرِق
بابُ العطاءِ عندَه لم يُغلَق / قليلُه مثلُ الخضمِّ المتأقِ
فاز كآباءٍ له بالسّبقِ / فقُلِّد الجودَ مكانَ الرّبَقِ
فهو على أعراضِه كالخندَقِ / ما دُنِّسَتْ أعراضُه بالرّنقِ
فردٌ وفي الشدة مثلُ الفيلقِ / ومقتدي مذْ كان كلِّ الفِرَقِ
يا سيّداً أمثالُه لم تُخلَقِ / ثوبي علاهُ وسخٌ كالغسَقِ
أعراضُ من عاداكَ منه تستقي / وإنّني أصبحتُ أوفى مُمْلِقِ
لا زلتَ في سعادةٍ لم تُخلِق / تلبَسُ من بُرْدِ الفخارِ المونِقِ
ما قابلَ المغربُ وجهَ المشرِقِ /
انظُرْ الى الشمس فوقَ النيلِ غاربةٌ
انظُرْ الى الشمس فوقَ النيلِ غاربةٌ / واعجَبْ لما بعدَها من حُمرةِ الشفَقِ
غابتْ وأبقَتْ شُعاعاً فيه يفخلِفُها / كأنّها احترقَتْ بالماءِ في الغرقِ
وللهلالِ فهل وافى ليُنقِذَها / في أثْرها زورقٌ قد صِيغَ من ورَقِ
وأهيف أبقى من طِلابيَ كلَّهُ
وأهيف أبقى من طِلابيَ كلَّهُ / وإن كان قد أجْدى عليّ فما أبقى
تثنّى فلا تنسَ الغصونَ ولينَها / ورجّعَ أصواتاً فلا تذْكُرِ الوُرْقا
وأعْجَبُ إذ تحتثُّ يمناهُ طارَهُ / فيسمَعُها رعداً ويُبصِرُها بَرْقا
أترومُ خِلاً في الودادِ صَدوقا
أترومُ خِلاً في الودادِ صَدوقا / حاولتَ أمراً لو علمتَ سحيقا
لا تخدعنّ فربّما تبعَ الفَتى / ظنّاً يضِلُّ وجانَبَ التّحْقيقا
ولقد يروعُكَ ما يروقَكَ بهجةً / كالسيفِ راعَ سُطًى وراقَ بَريقا
ولربّما شامَ الصدى صواعقاً / تسطو عليه فخالَهُنّ بُروقا
وتشابُهُ الأضدادِ يوهِمُ ناظراً / ولو استبانَهُمُ أرْوهُ فُروقا
وبنو الزمان وإن صَفوا لكَ ظاهراً / يوماً طوو لكَ باطناً ممذُوقا
دوحٌ يمرُّ لك الجنا أثمارَهُ / ولقد تمرُّ به الرياحُ وريقا
فاعلق بأطراف الودادِ فإنه / منْ دافعَ الأمواجَ ماتَ غريقا
وإذا انتهى الإخلاصُ أوجبَ ضدَّهُ / أنّ التجمُّعَ ينتجُ التفريقا
واصبِرْ لتقليبِ الزمانِ فربّما / أحمَدْتَ عندَ الحَلْبةِ التعْريفا
وإذا صديقُكَ لم يكنْ لك مُنصِفاً / فاجعلْ نكاحَ ودادِه التطْليقا
ومن البليّةِ أنّ قلبَكَ موثَقٌ / بإخاءِ ذي قلبٍ أقامَ طَليقا
يَثْني فؤاداً من ودادِكَ مُخْفِفا / ويَشيمُ سيفَ قُوىً عليك خَفوقا
هبّت على روضِ الصفاءِ سمومَه / فذوَتْ نضارتُهُ وكان أنيقا
وغدا شُجاعَ سُطىً فقلت مخادعاً / رفقاً عليّ فقد لقيتَ فَروقا
فاستنْهَضَتْهُ يدُ الصؤولِ وما دَرى / أني وجدتُ الى النجاةِ طَريقا
أسفاً عليه كيفَ مدّ بنانَهُ / وهو الأريبُ يحاولُ العيّوقا
هلا تجنّبَ مسْلَكاً لو حلّهُ / صرفُ الزمانِ لحلّ منه مَضيقا
متَقابلُ الطرَفينِ فرعاً في النّدى / نُضْراً وأصلاً في الكِرامِ عَريقا
خبثْت به ريحُ المكائدِ فانتحَتْ / من جانبَيْهِ في الروايةِ نِيقا
حتى متى أزداد في إنصافِه / برّاً لهُ ويزيدُ فيّ عَقوقا
وأبيحُهُ مني صفاءَ مودّةٍ / فيُبيحُني من ودِّه ترْنيقا
عتباً أبا العباسِ شمْتُ حُسامَهُ / عَضْباً رقيقَ الشفْرَتين ذَليقا
أنبيتني عن مَنْ عَميمُ نوالِه / يستغرقُ المحرومُ والمرْزوقا
وعلى خيانتك الوفاءَ لأنّني / ما زلتُ في حبلِ الهوى مَوثوقا
لا فَلّ سهمُ منكَ أرهفَ حدَّهُ / صرفُ الزمانِ فرامَ فيّ مُروقا
ما زالَ يمنحُنا مُدامَ قريضِه / حتّى حسِبْناهُ لهُ راووقا
وهو الرحيقُ وإنّني لَمُصَحِّفٌ / لو قلتُ تحقيقاً لقلت حَريقا
هل من رفيق رفيقِ
هل من رفيق رفيقِ / على فراق الفريقِ
وهل فؤاد معنّىً / يَشْفى بدمعٍ طليقِ
ساروا بروضٍ أنيقِ / على غواربِ نُوقِ
فمن ثغورِ أقاحِ / ومن خدود شقيقِ
ورب بيضٍ نيوقِ / كمثلِ بيضِ الأنوقِ
غرائبُ الحسنِ شتّى / بغرّب والعقيقِ
وليس عنه طريقٌ / وكم له من طريقِ
فانظر الى غيثِ دمعٍ / واسمع برعدِ شهيق
واعجب لها زفراتٍ / قامتْ مقامَ البروقِ
وكم علقتُ بصبري / ولات حينَ عُلوقي
فكنت مثل غريق / مستمسكٍ بغريق
هذا ورُبّ حريقِ / أطفأتُه برَحيقِ
فحثها في صبوحٍ / مستحسن وغبوقِ
كريمةٌ لكريمٍ / عريقةٌ لعَريقِ
واذكر أبا المسك تظفَرْ / بنشْرِ مسكٍ فَتيقِ
عن عنبرٍ عبرَ الرو / ضَ بالأريجِ الأنيقِ
شهمٌ هو الليثُ والغَيْ / ثُ في مَضيقِ وضيقِ
يأسو بعذبٍ رقيقِ / جراح عَضْبِ رقيقِ
براحةٍ طلْقةِ من / هُ أو جبين طليقِ
وللعدوّ على مج / دِهِ ثناء الصديقِ
صحَوْا وزادَ انتشاءً / ففاقَ غيرَ مُفيق
صديقُ كلّ أصمّ / صِدْقَ الكَعوبِ صَدوقِ
وصارمٍ ذي شقاقِ / يطيعُ طَوْعَ الشَقيقِ
يمزّقُ المأزقَ الجمّ / أيّما تمزيقِ
بوجهِ رأي رقيقِ / ووجهِ عزمٍ صفيقِ
أغرّ وافقتُ منهُ / معانيَ التوفيق
من بعدِ تجفيفِ ريقي / وجبِّ غصني الوريقِ
يا من رأيت انفراجي / لديهِ بعدَ مَضيق
انظُرْ فأني جوادٌ / أمسي بغيرِ عَليقِ
وقد غلا السعرَ والشعْ / رُ حلّ أكسدَ سُوقِ
فأحمل عليه مُغيراً / بحملةٍ من دَقيقِ
أسف موثَقٌ ودمعٌ طليقُ
أسف موثَقٌ ودمعٌ طليقُ / هكذا يُتلَفِ المحبُّ المَشوقُ
فأنيخا الحُمول إنّ عُقوقاً / سيرُها بعد ما أبانَ العقيقُ
وأديرا عليّ كأسَ التَصابي / في رباهُ كما تُدارُ الرحيقُ
أسعداني ولو بتركِ مَلامي / فمن العيبِ أن يخونَ الرفيقُ
ولقد لذتُ بالسلوّ ولكنْ / لم يساعدْ عليهِ قلبٌ خَفوقُ
كيف لا يَفْرَقُ المحبُّ من البي / نِ وقد أزمعَ الفِراقَ الفريقُ
ليَ غيثٌ من المدامع يهْمي / حينَ يلتاحُ البِراقِ البُروقُ
ومُقيل الملام بين ضُلوعي / وسلوّي فما إليه طريقُ
راع قلبي ورِقْنُ طرفي وميضاً / رُبّ أمرٍ يَروعُ حينَ يَروق
فهو من هاطل المدامع مصبو / حٌ ومن هاطلِ الحَيا مَغْبوقُ
فلآفاقِه محيّا عَبوسٌ / ولساحاته محيّا طليقُ
منْ بَكا يُستفادُ منه ابتسامٌ / ودُجى يستحيلُ منه شُروقُ
وإذا اسودّتِ الهمومُ أزلْها / بحريقٍ زنادُهُ الراووقُ
جنِّبا كأسَها الأقاحي فما با / تَ شقيقَ النفوسِ إلا الشقيقُ
هذه العيشةُ الأنيقةُ لا البي / داءُ تُطْوى ولا السُرى والنوقُ
ولقد يستفزّني ظعَنُ الحيّ / ويقتادني الخيالُ الطَروقُ
تعبٌ يركُنُ المحبُّ إليه / إنّ ذا الحبّ خائنٌ موْموقُ
وأبيحَ الغرامُ صفوَ ودادٍ / ودُّ مَنْ وَجدوهُ بهِ ممذوقُ
مرَقَتْ في الدُجى / من ودادٍ تُرْعى بهنّ الحُقوقُ
فتدرّعتُهُ وفي راحةِ الشر / قِ حُسامٌ من الضياءِ فَتيقُ
فكأنّ الدُجى وقد لاحَ فيه / راهبٌ جيبُ مِسْحِهِ مشقوقُ
ولقد قلتُ حين عاودني الحبُّ / نِكاحُ البَغيضةِ التطليقُ
أنا من سكرتَيْ مدامٍ وحبٍّ / لمَلامِ الوشاةِ لا أستفيقُ
فأبت لوعةُ الصبابة إلا / زفراتٍ يجفُّ منها الريقُ
أيها الدهرُ خذ إليكَ فما في / مَنهَلي عريضٌ ولا ترنيقُ
أعلمْتني نَعماءُ أحمدَ أنّي / في بني الدهرِ شاعرٌ مرْزوقُ
جادَ فعلاً جُدْتُ قولاً وعُقْبى / هاطلاتِ الغمامِ روضٌ أنيقُ
قمتُ بالمَدْحِ صادحاً فثَناني / ولِجيدي من جُودِه تطويقُ
مستفادُ النوالِ يشتركُ الحا / سدُ في سيب كفِّه والصديقُ
مثلُ جود الغمام يستغرقُ الأرْ / ضَ فتُرْوى وهادُها والنيقُ
فاتَ طُلاّبُه بطولِ وطَوْلِ / ما يساويهُما لشخص لُحوقُ
فهو في مُلتقى الفوارس جيشٌ / وعلى طرفِه لواءٌ خَفوقُ
قبّلَتْهُ الأيدي ولن يسبِقَ الحل / بةَ جرياً من لا لهُ تعْريقُ
سيفُ علمٍ تسطو به راحةُ الد / ينِ فيَرْدى بشفرتَيْهِ الفُسوقُ
كسرويُّ الأصولِ يفتِكُ منه / صارمُ العزمِ واللسانُ الذليقُ
بالمَثانى لا بالمُثاني أنيسٌ / والمَعاني لا بالمغاني خليقُ
ناطقٌ بالصوابِ إن أخطأ القو / مُ مُبينٌ إن أشكلَ التحقيقُ
وسَواءٌ إذا تخوصِمَ في الحك / مِ لديهِ البغيضُ والمَوْموقُ
فكأنّ السحيقَ فيه قريبٌ / وكأن القريبَ منهُ سَحيقُ
خُلُقٌ كالنسيم ضمّخَ بُرْدَيْ / هِ لزهرِ الرياضِ مسكٌ فتيقُ
وجبينٌ كشارقِ الشمسِ يهْدي / بسناهُ من أتلفْتهُ الطريقُ
وجنابٌ لمَنْ يؤمّل رحبٌ / حينَ يغدو الفضاءُ وهو مَضيقُ
شِيمٌ ما جرَتْ على خاطرِ الدّهْ / رِ ولا حازَ مثلَها مخلوقُ
أيها الحافظُ الذي حفظ الدي / نَ فما للهَوى لهُ تطْريقُ
اهْنَ عاماً وبعدَه ألفُ عامٍ / كلّها ناضِرُ المُحيّا أنيقُ
بك يسْتَطيبُ الصّيامُ ويَهْوى ال / فِطْرُ عيداً والنّحْرُ والتّشْويقُ
وابْقَ ما رجّعَ الحَمامُ غِناءَ / ولَوى مِعْطَفَيْهِ غُصْنٌ رشيقُ
يا برقُ سُقْ حَيا السّحابِ الأبرَقا
يا برقُ سُقْ حَيا السّحابِ الأبرَقا / فلقَدْ حكَيْتَ فؤادَ صبٍّ شيّقا
وإذا عبَرْتَ فحيِّ دارَ أحبّتي / وقُلْ السلامُ عليكِ أينَ المُلتَقى
واستوْدع الأرواحَ كلَّ عشيّةٍ / نفَسَ الرياضِ مغرِّباً ومُشرِّقا
تركوا بهمْ عيني سَفوحاً دمعُها / شوقاً وجَفْني بالفِراقِ مؤرِّقا
لا دمعُها يرْقا على تِذْكارِهمْ / يَهْمي فيَحْمي جفنَها أن يُطْبِقا
قُلْ كيفَ يلتذُ الرُقادُ متيّمٌ / الوجدُ قلّبَ منه قلباً مُحْرَقا
طُويَتْ جوامحُهُ على جمرِ الغَضى / لمّا تعشقُ مُقلتي ظبي النّقا
قد حكّمَتْ في قلبِه من لحظِها / بالسحْرِ سيفاً حدُّهُ لا يُتّقى
يُثْني أعنّةَ صبرِه أما انثَنَتْ / أعطافُها كالخوط أمْلدَ مورِقا
ويَشوقُه ظَلْمُ الثّنايا مُشبِهاً / راحاً جرَتْ ما بينَ دُرٍّ مُنْتَقى
أبتِ الوصالَ فقُلتُ هلاّ في الكَرى / فحمَتْ جُفوني طيفَها أن يُطْرِقا
طيبُ النّعيمُ الوصلُ بعدَ قطيعةٍ / والهجرُ بعد الوصلِ من أوفى الشّقا
والحبّ تألفُه النفوسُ وحتفُها / فيه وإن لم تلقَ منه الأوفَقا
مثلُ الفراشةِ والسِراجُ يروقُها / نوراً ويدعوها إليه لتُحرَقا
والحسنُ للعشّاقِ مثلُ السيفِ يق / تُلُ منْ يكابرُهُ ويُعجِبُ رونَقا
لكنّه يفنى وأحسنُ منه ما / تحلو القوافي إذ لهُ طولُ البَقا
كنظام مدحِ الحافظِ الحَبْرِ الذي / راقَ المسامعَ والعيونَ منَمقا
حبْرٌ حكتْ أمداحُهُ الحِبَرَ التي / فيها أرَتْ صَنعاء صُنعاً مونقا
علاّمةُ العُلماءِ بحرٌ زاخرٌ / عِلْماً وجوداً للبريّة مُغرِقا
ومهذبُ الطبعِ الذكيّ ففهْمِهُ / نور يفيدُ المشكلات تألّقا
فضحتْ أناملَهُ الغمائمَ هطّلاً / لما انبرَتْ قبل السؤال تدفّقا
أضحى له المجدُ المُنيف مجمَّعا / في حفظِه بذلُ النوالِ مفرِّقا
في كل فضلٍ قد غَدا متقدّماً / وأبى تناهي فضلِه أن يُلحَقا
وحمَتْ مكارمُه المذمةَ عِرضَهُ / فغدا نقيّ العِرْض سامي المرتَقى
في الفضل أحمدُ أحمدُ الأزكى لقد / حاز المَدى سَبْقاً فأعيا السُبَّقا
أعطى اتقاءً للإله فكانَ مَنْ / قد قال فيه اللهُ أعطى واتّقى
إهنأ بخيرِ قرينة ميمونة / قد سُرْبِلَتْ بردَ المَفاخِرِ والتُقى
كان الزمانُ لها بفضلِكَ واعداً / فوقى وأعطاكَ المرادَ الأوفَقا
شمسٌ حواها الغربُ قبلَك مغرِباً / جعل الإلهُ لها محلّكَ مُشرِقا
سعدٌ قرانُكُما بأيمنِ طائرٍ / لا شَوْبَ من نكَدٍ عليه يُتّقى
لكَ بالرفاه والبنين تفاؤلاً / طاب الهَناء وقد جَلا متذوّقا
وإليكَ من نظمِ اللسان قصائداً / جاءت وقد حازَتْ مديحاً مُنْتَقى
شعرٌ كأنّ الدُرَّ فيه منظّمٌ / والسحرَ والروضَ البديعَ المونَقا
حاز المحاسنَ كلهنّ مَصْعدا / ومصوَّباً ومُجمّعاً ومُفَرّقا
خذْها فقدْ شرُفَتْ معانيها التي / أخذتْ من اللفظِ البديعِ الريّقا
فأتَتْكَ تنشرُ للبديعِ غرائباً / أمنَتْ بحُسْنِ نظامها أن تُسْرقا
واسحَبْ ذيولَ الفخرِ لابسَ وشيِهِ / حُلَلاً جديداً نسجُها أن يَخلَقا
منعتَني جاهَك في وقفةٍ
منعتَني جاهَك في وقفةٍ / تُسعِدُني في عقدِ سنبوقِ
يا طبلُ ما ألهاكَ عن شاعرٍ / يضْربُ في عِرضِكَ بالبوقِ
أزَهْرُ جنانٍ من جنانٍ تنمّقا
أزَهْرُ جنانٍ من جنانٍ تنمّقا / وخمرُ بيانٍ من بَنانٍ تعتّقا
وإلا فما هزّ المعاطفُ أغصُناً / كأنّ به من مسّ ذكراهُ أولقا
ألا إنه طُرْسٌ تبسّم عن نُهىً / جَرى في حواشيه فشقّ وشوّقا
دجىً عارضَ الأقلامَ فيه وأومضت / بروقُ المَعاني بينَهُ فتألّقا
ربَّ يومٍ له من النقْع سُحْبٌ
ربَّ يومٍ له من النقْع سُحْبٌ / ما لها غيرُ فائرِ الدم وَدْقُ
قد جلتْهُ يُمْنى بلالٍ بحدّي / فكأني في راحةِ الشمس برقُ
ما لمن في الهوى من خلاقِ
ما لمن في الهوى من خلاقِ / فأقِلاّ ملامةَ العشاقِ
فكَفى كلّ عاشقٍ مستهامِ / بصدودِ الحبيبِ والأشواقِ
أيها اللائمونَ في الحبّ كُفّوا / لومَ صبٍّ أضحى قريحَ مآقِ
ظلّ ذا لوعةٍ وحزنٍ ووجدٍ / وغليلٍ وحرقةٍ واشتياقِ
ودموعٍ تَتْرى عميدٍ / راعَهُ لمعُ مَبْسمٍ برّاقِ
أخذ الله للمحبين في الوج / دِ قِصاصاً من القُدودِ الرُشاقِ
يا غزالاً كالدرِّ ثغراً وكالغُصْ / نِ قَواماً والبدر في الإشراقِ
لا تعذِّب بالهَجْرِ صَبّاً عميداً / مستهاماً فالهجرُ مرّ المَذاقِ
يا خليليّ خلياني فما يَحْ / سُنُ لومُ المتيمِ المُشتاقُ
أيّ صبر يكون للدّنِف الها / ئمِ ذي الوجدِ والحشا الخفّاقِ
ولقد سرتُ والدُجى ألبسَ الأر / ضَ ثياباً ولسنَ بالأخلاقِ
طالباً معدِنَ الفَخارِ بجدٍ / وبعزمٍ على المهاري العِتاقِ
فسرْت بي حتى بدَتْ طلعةُ المشْ / رِقِ للناظرينَ في إشراقِ
فحكتْ طلعةُ الإمام المُرجّى / مَنْ بيُمناهُ حلّ كلَّ وِثاقِ
أحمدَ الحافظِ الأجلّ أبي الطا / هرِ مَنْ بحرُ جودِه ذو انْدفاقِ
مغرمٌ بالنّدى مَدى الدهرِ صبٌ / من يزُرْهُ يأمنْ من الإملاقِ
إنّ في راحتيْهِ عارضَ جودٍ / إنْ ونى الغيثُ سحّ في الآفاقِ
فتراه يهمي برعدٍ وعيدٍ / وبإبراقِ موعدٍ مصْداقِ
طوقتْ راحتاه جُوداً وفضلاً / لا عدِمناهُ سائرَ الأعناقِ
فمعاليه لم تزلْ في اجتماع / ولهاهُ لمّا تزَلْ في افتراقِ
وإذا مدّ كفَّه نالَ أعلى / سؤدد جالسٍ بأعلى رُواقِ
وإذا سابقَ الجيادَ الى المج / دِ فكالبرقِ حالةَ الإبراقِ
وإذا جدّ في العَطاءِ فكالبح / رِ سماحاً والوابل الغَيداقِ
فإلى فضلِه تُشدُّ المَطايا / وتسيرُ الرِفاقُ بعد الرفاقِ
يا إمامَ الورى دعاء محبٍ / لم يزَلْ ثابتاً على الميثاقِ
شهرُ شعبانَ قد أتى فتهنّا / شهرُ شعبانَ في نعيمٍ باقِ
وابقَ واسلَمْ لا زلتَ كهفَ البَرايا / وطريقَ الآجالِ والأرزاقِ
وكم طويتُ بساطِ البيدِ منْفَرداً
وكم طويتُ بساطِ البيدِ منْفَرداً / والأفْقُ يَنْثُرُ في أرجائه الغَسَقا
وأدهَمُ الليلِ يُبدي من تتعّبِه / من النجومِ على لَبّاتِه عَرَقا
يا هذهِ لا تنطِقي
يا هذهِ لا تنطِقي / بسَّكِ لا تُنَقْنِقي
أما علمتِ أنّني / أصبحتُ شيخَ الحُمُقِ
أصبحتُ صبّاً هائماً / بثوبيَ المزوَّقِ
فطبّلي من بعدِ ذا / إن شئتِ أو فبوّقي
وأرْعدي من غضَبٍ / عليَّ أو فأبْرِقي
ودفّفي وبعدَ ذا / فإنْ أردتِ صفّقي
أنا الذي فقتُ الوَرى / من قبلِ لبسِ البَخْنقِ
أنا الذي طُفْتُ بلا / دَ الغربِ ثم المشرِقِ
أنا الذي يا إخوتي / أحِبُّ أكلَ الفُسْتِقِ
والتينِ والجوزِ مع ال / فانيدِ ثم البُندُقِ
يا هذه تعطّفي / وتوقّفي ترفّقي
أمّا أما أمّا أما / آن لنا أن نلتقي
في جو سقٍ مرتفع / ناهيكِهِ من جوْسَقِ
ها فانْظُري وجهَ هلا / لِ الفطرِ فوقَ الأفُقِ
كزورقٍ من ذهبٍ / أكرمْ به من زورقِ
والماءُ في النهرِ غدا / مثلَ الحَسامِ الأزرقِ
كذاك لونُ الأقحوا / نِ مثلُ لونِ الزئبَقِ
والوردُ كالخدِّ كما ال / نرجسُ مثلُ الحدَقِ
ويلاهُ من مُهَفْهَفٍ / ممَنطَقٍ مُقَرطَقِ
ذي وجنةِ أسيلةٍ / محمّرةٍ كالشَفَقِ
وشعرةٍ مسودّةٍ / مثلُ اسودادِ الغسَقِ
وقامةٍ تميسُ كال / غُصْنِ الرطيبِ المُورقِ
يا حُسنَه يختالُ في / ذاك القَباءِ الأزرقِ
يا هذه لمّا بَدا / على الحِصانِ الأبلَقِ
فشمّر الكُمَ الى / دَورينِ رأسَ المِرْفَقِ
ورامَ أن يقفزَ بال / أبلقِ عرْضَ الخندَقِ
عُلّقْتُه وصرتُ منْ / فرطِ الهَوى في قلَقِ
إيهٍ ومن وجدي بهِ / أُمسِكُهُ في الطُرُقِ
ولا أخافُ عاذلاً / يعذلني في حُرَقي
ولستُ بالصبِّ الذي / قولَ الوشاةِ يتّقي
يا عاذلي دع عذَلي / فليتني لم أُخْلَقِ
فالناسُ لا شكّ إذاً / منهُم سعيدٌ وشَقي
أما السعيدُ فالإما / مُ الحافظُ البرّ التّقي
وكلّ مَنْ يحسِدُه / فهو مدى الدهرِ الشّقي