المجموع : 20
انظرْ إلى الخالِ على خَدِّها
انظرْ إلى الخالِ على خَدِّها / فإنَّ فيه كلَّ معنىً دقيقْ
كوجهِ زنجيٍّ بدا من خلا / ل النار يدعو بالحريق الحريقْ
أو حبةٍ من سَبَجٍ رُصِّعت / في صفحةٍ من كرةٍ من عقيق
أو السوادِ المستحَبِّ الذي / يلمع في حمرةِ زهْرِ الشَّقيق
كأنما الخالُ في مُحمر وَجْنتِها
كأنما الخالُ في مُحمر وَجْنتِها / وحوله جُدَرِىٌّ زانَ مشرقَهُ
مَلْكٌ من الزنجِ قد وافى على شَرَفٍ / والرومُ قد أَضرمتْ نارا لتحرِقَهُ
للهِ حمام كروضٍ أنيقْ
للهِ حمام كروضٍ أنيقْ / رافقني فيه رقيقٌ رفيقْ
صَفا ليَ العيشُ بها مثلما / صفا لقلبي ودُّ ذاك الصَّديقْ
تَنَاسبتْ شخصا وخبْرا فما / للذمّ والعيب إليها طريق
أَحَرَّها الوقّاد حتى غدا / من أجلها للروح مثل الشقيق
فالماءُ فيها كحياةٍ جَرتْ / بها العَوافِي والصِّبَا في العروق
تحت بخارٍ عَطِرٍ مثلما / شُبْتَ بماءِ الورد مِسْكا فَتيق
راقتْ حياضا فأقلُّ القَذى / فيها كشمسٍ تحت غيمٍ رقيق
خُصَّت بألوان الرخام الذي / له بها كلُّ طِرازٍ دقيق
فأعجبُ الأمرِ شموسٌ بها / طالعةٌ دائمةٌ في شروق
فالنفس منها في سرور كما / سَرَّ سُرورَ القلب شربُ الرَّحيق
فقد وَدِدنا أنَّ أعمارنا / فيها صَبوحٌ دائم أو غَبوق
بيتٌ كصَدْرِي ورزقي
بيتٌ كصَدْرِي ورزقي / ضَيقا كَخَلْقِي وخُلْقِي
ملأتُه معْ هُزالٍ / معي وسُقْمي ودِقِّي
فالْتَزَّ عضوٌ بعضوٍ / مني وعِرْقٌ بِعرْق
حتى لقد كاد فيه / كعبي يُصافح فَرْقي
فما يُطيق لساني / يدُور في وَسْط شِدْقي
ولو تَجشَّأتُ فيه / لَما تَجاورَ حلقي
أمنتُ فيه من المو / ت وهْو يُدْمِن خَنْقي
لأنّ روحيَ لم تَلْ / قَ فُسْحةً للتَّرَقِّي
ويوم تَبَدَّى من سَحائِبه الوَدْقُ
ويوم تَبَدَّى من سَحائِبه الوَدْقُ / كما اسْتَعْبَر المعشوقُ أَقْلَقَه العِشْقُ
يُقَهْقه فيه الرعدُ من أَدْمُع الحَيا / ويبسم من أنفاس أَرياحِه البرق
حكي جودَ شاهِنْشاه أفعالُ نَوْئه / وكلا ولكنْ نَوْءُه منه مُشْتَقّ
هو الملك المخصوص بالفضل دائماً / فكلُّ تَغالٍ في مَدائحه صدق
إذا كَرَّر الحادون في البيدِ مِدْحةً / تغنتْ به ما بين أوراقِها الوُرْق
إذا ما افتقرتَ فلا تَسْخَطَنْ
إذا ما افتقرتَ فلا تَسْخَطَنْ / فتَعْدَمَ شَيْئَيْن أجرا ورِزْقا
وهَبْكَ سَخِطت فماذا تُفيد / وأَكَّدتَ لِلضيقِ أَنْ سُؤْتَ خُلْقا
كما يُخْنَق الصيدُ في خَيَّةٍ / ومهما تفاحص زادتْه خَنْقا
تَهون همومُك طُرّا إذا / أَجَلتَ بفكرِك أنْ ليس تَبْقَى
وأنّ المُقدَّر لا بُدَّ منه / على من تَبذَّلَ أو من تَوَقَّى
وأنّ المواهبَ قد قُسِّمت / وكانتْ فدَعْ عنك حرصا وحِذْقا
فلِلّهِ في مُلْكه ما يُريد / يُصرِّفه قادرا مستحقا
يَدلُّ على ذاك كونُ البليد / غنيا وذو الفهم في الفقر يَشْقَى
أَلاَ هلْ لدائي من فراقِك إفراقُ
أَلاَ هلْ لدائي من فراقِك إفراقُ / هو السُّمُّ لكنْ في لقائِك دِرْياق
فيا شمسَ فضلٍ غَرَّبتْ ولضوئِها / على كلِّ قُطرٍ بالمَشارق إشراق
سَقى العهدُ عهداً منك عَمَّرَ عهدُه / بقلبي عهدٌ لا يَضيع ومثياق
يُجَدِّدُه ذِكْرٌ يَطيب كما شَدَتْ / وُرَيقاءُ كَنَّتْها من الأَيْكِ أَوراق
لك الخُلق الجَزْل الرَّفيع طِرازُه / وأكثرُ أخلاقِ الخَليقة أَخْلاق
لقد صاولتْنِي يا أبا الصَّلْتِ مذ نأتْ / ديارُك عن داري همومٌ وأشواق
إذا عَزَّني إطفاؤُها بمَدامِعي / جَرتْ ولها ما بينَ جفنَىَّ إحراق
سحائبُ يَحْدوها زَفيرٌ يَجُرُّه / خلالَ التَّراقِي والتَّرائبِ تَشْهاق
وقد كان لي كنزٌ من الصبر واسع / فلى منه في صَعْب النَّوائب إِنفاق
وسيفٌ إذا جردتُ بعضَ غِراره / لجيش خطوبٍ صَدَّها منه إِرهاق
إلى أن أبان البينُ أن غِراره / غرور وأن الكنز فقر وإملاق
أخي سيدي مولاي دعوة من صَفا / وليس له من رِقِّ وُدّك إعتاق
لئن بَعَّدتْ ما بيننا شُقَّة النَّوى / ومُطَّرِدٌ طامي الغَوارِب خَفّاق
وبِيدٌ إذا كَلَّفتها العِيسَ قَصَّرتْ / طَلائحَ أَنْضاها ذَميلٌ وإعناق
فعندي لك الود المُلازمُ مثلَما / تُلازم أعناقَ الحمائمِ أطواق
أَلاَ هلْ لأيامي بك الغُرِّ عودةٌ / كعهدِي وَثَغْرُ الثغرِ أَشْنَبُ بَرّاق
لياليَ يُدْنينا جِوارٌ أَعادَنا / من القُرب كالصِّنْوَيْن ضمهما ساق
وما بيننا من حُسْنِ لفظِك روضةٌ / بها حَسَدتْ منا المسامعَ أحْداق
حديثٌ حديثٌ كلما طال موجز / مفيد إلى قلب المحدَّث سَبّاق
يُزَجِّيه بحرٌ من علومِك زاخرٌ / له كلُّ بحرٍ فائضُ اللُّجِّ رَقْراق
مَعانٍ كَأَطوادِ الشَّامخِ جَزْلةٌ / تضمَّنها عذبٌ من اللفظِ غَيْداق
به حِكَمٌ مستنبطاتٌ غَرائبٌ / لأَبْكارِها الغُرِّ الفَلاسفُ عُشّاق
فلو عاش رَسْطالِيسُ كان له بها / غرامٌ وقلبٌ دائم الفكرِ تَوّاق
فيا واحدَ الفضلِ الذي العلمُ قُوتُه / وأهلوه مشتاقون شُمٌّ وذُوّاق
لئن قَصَّرت كُتْبي فلا غروَ أنه / لعائقِ عذرٍ والمقاديرُ أُوْهاق
كتبتُ وآفاتُ البحارِ تَردُّها / فإنْ لم يكنْ رَدٌّ إلىَّ فإغراق
بحارٌ بأَحكامِ الرِّياحِ فإنها / مفاتيحُ في أَبوابِهنَّ وأَغْلاق
ومَنْ لي بأنْ أَحظَى إليك بنظرةٍ / فيسكنَ مِقْلاقٌ ويَرْقأَ مُهْراق
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ / فَرَسا رِهانٍ في سِباقْ
هذا يبوحُ به اللسا / ن وذا يبوح به المآقْ
يا من إذا لَدَغ الزما / ن وجدتُ من جَدْواهُ راقِ
وإذا خضعتُ لحادثٍ / حَلَّت مكارمُه وَثاق
واللهِ لا خِفْتُ الزما / نَ ولا احتفلتُ بما أُلاق
ما دمتَ لي عِزّا أَصو / ل به على الأيامِ باق
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ / والأرضُ تُجْلَى في روضِها المُونِقْ
والنيلُ يحشُو حَشا الخليجِ وقد / كَساه زهرُ الربيعِ بإسْتَبْرَق
ودَرَّجتْ ماءَه الصَّبا فحكى / ثوبَ حريرٍ مُدَمْقَسٍ أزرق
وراقَ بين الرياض فهْو كما / فَرَّج فوق الغلالِة اليَلْمَق
وحمرةُ الشمسِ في الغدير وقد / مرت عليه ريحُ الصَّبا تَعْبَق
كأنه صدرُ فضةٍ قُصِّرت / حافته وهْو مُذْهَبٌ مُحْرَق
كدرهمٍ حُطَّ فوقَ سُنْدُسةٍ / أَدقَّ فيه النَّقَّاش ما زَوَّق
كأنه والنباتُ يحصُره / عينٌ بها هُدْبٌ جفنُها محدِق
كالبدرِ في زرقِة السماء وقد / حَفته فيها النجومُ بالمشرق
صَفا كودِّى وعَبْرتي وحكى / قلبي بتَمْويجه كما يخفِق
والغيمُ يبكي والبرقُ يضحك وال / رعدُ من الغيظِ صائحٌ مُحْنَق
والبرق ثوب تشِفّ حمرتُه / والرعدُ تصويته إذا خُرِّق
كأنّ قوس الغمامِ حاشيةٌ / من سَفَط الخَزِّ بعدَ ما طَبَّق
أو كحواشي عَصائبٍ ظهرتْ / ألوانُها في جبينِ مَنْ يَعْشق
دوائرٌ صُبِّغتْ مُداخَلةٌ / فكلُّ لونٍ بضِدِّه مُلْصَق
أطواقُ لاذٍ في جِيدِ غانيةٍ / دَرَّج ألوانَهن مَنْ طَوَّق
والوُرْقُ بين ألأوراقِ صادحةٌ / فكلُّ ورقاءَ راسلتْ أَوْرَق
يا ليتَ شِعْري غَنَّت أَمِ انتحبَت / بلِ الأغاني بحالِها أليق
لو ادَّعتْ أنها بكتْ كَذَبت / وشاهدُ الحالِ صادقُ المنطق
أين شهيقُ الباكي وعَبْرتُه / إذا بدتْ من جفونِه تسبق
تَرْتع في حُلَّةٍ مُصَنْدَلةٍ / والعِطْرُ في الروضِ عِطْرُها يَعْبَق
والطوقُ في جِيدِها وقد خَضَّب ال / حِناءُ أطرافَها إلى المِرْفَق
وحولها من تحِبّ في وطنٍ / جناحُها في رياضِهِ مُطْلَق
خِلافُ حالِي في غربةٍ تَرَّحتْ / مُشتَّتَ الشملِ شائبَ المَفْرِق
أبكى بدمعٍ كأنه مطرٌ / فكلَّما فاضِ كِدْتُ أنْ أغرق
ذو لوعةٍ كاللهيب صادعةٍ / تحرِقني بالزفير أو تخنُق
مالي وللدهرِ لا يَصِحُّ له / عهدٌ وعقدٌ عندي ولا مَوْثِق
ترمى فؤادىَ أيدي حوادثِه / بأَسْهمٍ عن قِسِيِّها تُرْشَق
مأوىً لما دَبَّ من مَصائبها / وغاص تحت البحار أو حَلَّق
يَنْتابُني من جيوشها أُمَم / إذا مضى فَيْلقٌ أتى فيلق
فَرِقت منها حتى أَنِستُ بها / مع التمادى فصرت لا أَفْرَقُ
لغربتي غربةُ النَّوى خُلِقتْ / فلا غرابٌ إلا بها يَنْعِقَ
فهْي لشَمْلي مذ كنت شاملة / وهْو أسير في قَيْدِها مُوثَق
فليتَها إذ حَوَتْه كان إذا / رَقَّ شبابي من أَسْرِها مُطْلَق
لكنها عَبَّرتْهُ عالمةً / بأنّ صدري لفَقْدِه أضيق
وغادرتْ عنديَ المشيبَ فما / أَشيب من بعده لما يَطْرُق
فثوبُ عيشى أَضْحى به خَلَقا / وهْو جديدٌ عليه لا يَخْلُق
رافَقني وهْو لا يفارِقني / إلى الرَّدَى وهو منه لي أوفَق
ما أَرْغَب الناسَ في الحياةِ ولا / ترغب في راغبٍ ولا تُشْفِق
تُذيقُنا شهدها اليسيرَ وكم / نَغَصُّ من أجله وكم نَشْرَق
ليت أبا الخَلْقِ آدمَ اتَّهمَ ال / شيطانَ في قوله وما صَدَّق
وفَرَّ عن أكلِ ما غَواهُ به / حزما فما ذاقه ولا ذَوَّق
أو قَرَّ في الخلدِ ثم يُرْزَقُنا / أو عَقَّمتْه الدنيا فلم يُرزَق
أو ليت حَوَّافي في الأصلِ ما خُلِقت / أو ليتها لم تَلد ولم تَعْلَق
لكنْ دُفِعنا فيها إلى مِحَنٍ / تَصْبَحنا بالهموم أو تَغْبُق
طِباعُها السُّوء واللبيبُ بها / أسوأُ حالا فيها منَ الأحمق
مأوَى الرَّزايا من حينِ يَنْبِذه ال / ظهرُ إلى حيث لَحْدُه الموبِق
من سَلَّمت من جَنينها وقضى / سَقطا فقد وُفِّقتْ وقد وُفِّق
هَمَّت بتحصيله كما حَصَّلتْ / بغير نفعٍ يُرْجَى ولا مَرْفَق
تصرخ إنْ مات مثلما صَرختْ / وهْي به في مَخاضِها تُطْلَق
وهْو إذا عاش في محاربة / يُطْعَن بالحادثات أو يُرْشَق
فالعيشُ نفسُ الهلاكِ والمُقْبِلُ ال / مسعود من لم يَعِش ولم يُخْلَق
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ / أَوْهَتْ قُوَى جَلَد المُحبِّ الوامقِ
عَجِل الفراقُ علىَّ فيك ولم أَنَلْ / وَصْلا سوى نَظرٍ كلَمْحَةِ بارقِ
وأبيكِ ما أبقَى الهوى مني سِوَى / كفٍّ تشدُّ على فؤادٍ خافق
رِفْقا بأسْرى مُقْلتيْك فقَلَّما / يبقَى على الهجرانِ صبرُ العاشق
ها قد كتمتُ هواك معْ ما أنه / نار تشَبُّ على فؤادٍ شائق
هَبْنِي قَدَرتُ على لسانٍ صامتٍ / ما حيلتي في دمع عينٍ ناطق
لو كان يَقْطُر لا عتذرتُ بعلٍة / ما حيلتي في ذي غُروبٍ دافق
إنْ لم أَخُضْ لُجَجَ الغرامِ وأمتطىِ / طلبَ الوصالِ بكل أَشْعث رائق
وأكرُّ بين الجَحْفَلَيْن معرِّضا / نفسي هناك لطاعنٍ أو راشِقِ
وأُدافع الموتَ الزؤام بمنكبي / في كل ملتبِس المَسَالكِ مازِق
نَكِرتْ كعوبَ السَّمْهَرِية راحتي / وعَدمتُ آثارَ النِّجادِ بعاتقي
وفَررتُ من خصمي وعاف مُعاشِري / خُلُقي وخُيِّب سائلي أو طارِقي
بِنْتم فما فَرِحتْ بأَوْبَةِ قادمٍ / نفسي ولا حَزِنت لفقدِ مُفارِق
أنا من فراقك بين حزنٍ ثابتٍ / لايستقلُّ وبين صبرٍ آبِق
يا هلْ حَفِظت على ثنيةِ رامةٍ / عهدي الذي أَكَّدته ومَواثِقي
حيث السَّرائرُ والنسيمُ كلاهما / مِثْلان فتنةُ سامعٍ أو ناشِقِ
والروضُ فيما نحن فيه مُؤلِّفٌ / ثغرَ الأَقاحِ إلى خدودِ شَقائق
والطَّلُّ يُحْسَب فوق مُخْضَلِّ الرُّبا / دمعَ الدَّلالِ على عِذارِ مُراهِق
يشدو الحمامُ على الأَراكِ فتَنْبَرى ال / أغصانُ بين تَمايُل وتَعانُق
يا ليتَ شِعْري هل يُعاوِد ما مضَى / أم جَذَّت الأيامُ منه عَلائقي
هبْ ذاك عاوَد كيف لي بزوالِ ما / كتبتْ صروفُ الدهرِ فوق مَفارقي
خَطٌّ غدا يَقَقَ الحروفِ فما له / يسودُّ حين يراه قلبُ الوامِق
ما للزمانِ يَخصُّني بصُروفِه / حتى ركضْنَ إلىَّ ركضَ مُسابِق
ما زال يُنْهِلني الأُجاجَ مكررا / ويُعِلُّ غيري بالزُّلالِ الرائق
وكذا الرياحُ إذا عَصَفْنَ فإنما / تأتِي على نَبْت المكان الشاهق
تغدو القَطا بين الحدائق آمنا / منها ونلعب بالمُنيفِ الباشَق
صبرا عليه فرُبَّ حالِ مُنافرٍ / حالتْ وأَضْحَى وهو أَىُّ مُصادِق
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى / وما أثار الهوى والشوقُ من قَلقي
وما تَبوح دموعي للوُشاةِ به / فيكم ويكتمه قلبي من الحُرَق
لقد حَوى الأفضلُ الفضلَ الذي افترقتْ / أنواعُه في جميع الخلق في نَسَق
فكلُّ معنىً وإنْ جَلَّتْ مناقُبه / فبعضُ ما فيه من خَلْق ومن خُلُقِ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ / وقفتُ بها حتى الصباحِ على ساقِ
وللبَقِّ فيها والبَراغيثِ خُلْطَةٌ / كبَزْر قَطُوْنا ذُرَّ في حَبِّ سُمّاقِ
إذا ما أَرانينُ البعوضِ تَجاوبتْ / لنا وَقَّعوا بالرقص إيقاعَ حُذّاقِ
وقد أنضجتْ جسمي لهم نارُ حَرِّها / ولكنّه نضج تَنَاهى لإحراق
فبتُّ كأنى من حرارة نهْشها / سليمُ الأفاعي دونَ راق وترياق
وما عَجَبي أن كدتُ أَفنَى بأكِلها / بَلى عَجَبي أنْ كيف قد سَلم الباقي
إلى أن تَبدَّى الصبحُ بعد تباعدٍ / فداركتُ من نفسي بقيةَ أرماقي
فبادرتُ نحو الباب أطلب ملجأ / فسبحانَ من أحيا ومَنَّ بإطلاق
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم / تَعْتادني لَجُنِنْتُ من أَشواقِي
لكنْ إذا داءُ الفراقِ أصابني / جاءت بما أرجو من الإفراق
والشوقُ سمّ في حَشاي وكُتْبكم / في ضِمْنِها ضربٌ من الدِّرْياق
كتْب بها السحر الحلال وفعلُه / ما تفعل الأَحْداقُ بالعشاق
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ / ولازَمَني أسفٌ واشْتياقُ
تَصبَّرتُ عنكم على حالتين / أسىً يتَلظَّى ودمعٍ يُراق
وأرغمتُ قلبي على سَلوةٍ / فغايةُ ما نال منها الطلاق
وأصعبُ ما حاولتْه النفوسُ / من الأمر تكليف ما لا يُطاق
فهل لي إلى العيش ما بينَكم / كما كنتُ مُسْتَمْسَك واعْتِلاق
لياليَ تعدو بنا في الشباب / إلى حَلْبة اللهو خيلٌ عتاق
وحظُّ العواذلِ من مِسْمَعي / ظواهرُ باطِنُهنّ النفاق
وللعَتْبِ بين جديد الوصالِ / وهجر الدلالِ حَواشٍ رقاق
وهبْ ذاك عاوَد أين الشبابُ / وقد حَلَّ حيث يَعُوز اللَّحاق
لئنْ كنتُ في قبضة الحادثات / فمهما أردتُ فكاكا أعاق
فقلبيَ منذ سَباني البعادُ / له نحوَكم كلَّ يوم إباق
يحالف نفسا لها كلما / تذَكَّرت العيشَ فيكم سِباق
قطعتُ مكاتبتي عنكمُ / لأجل حديثٍ إليكم يُساق
أمورٌ أَتتْ غيرَ مقصودةٍ / ولكنْ نَشَا بينَهنّ اتفاق
ومَن لا يُصانِع قبلَ الدخول / تأسَّف حين يَضيق الخِناق
أتانيَ أخبارُ ما شَنَّعَت / عَلَىَّ العِدا حين خافوا وضاقوا
وما ضَرَّ بدرَ الدُّجى نابحٌ / عَوى وله في العَلاء اتِّساق
وهبْ زَخْرَفوا كذبا مُوهِما / أَمَا للكلامِ مَعانٍ تُذاق
ولو أن لي عادةً في الفضولِ / لصُدِّق في القولِ عني اختلاق
ولكنَّها نفثةٌ بَثَّها / حسودٌ له بَشجاةُ اختناق
وللزور في حال تشنيعه / مَبادٍ عواقبُها الاِمِّحَاق
وهَبْني شربتُ بكأس الحُمام / أليس له منه كأسٌ دِهاق
عليكم سلامٌ كمِسْك الرياضِ / له من نَسيمِ سُحيرٍ فِتاق
وأعذبُ من رَشَفات الرُّضابِ / تجود بهنّ الشِّفاه الرِّقاق
وأطيبُ من بَدْءِ تسليمةٍ / نتيجتُها قُبَلٌ واعتناق
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني / من غَفْوةٍ كان فيها الطَّيْفُ قد طَرَقا
فكان بين تَلاقينا وفُرْقَتنا / كما تَبسَّم برق غازَلَ الأُفُقا
فقلتُ لاصِحْتَ إلا في يَدَىْ قَرِمٍ / غَرْثان يُورِد فيكَ المُدْيَة العَلَقْا
وقمتُ أنتزِع الأوكار من حَنقٍ / مني وأستلبُ الأغصانَ والورقا
لو ناح للشوقِ مثلي كنتُ أَعذِره / لكنّه مَوَّه الدعوى وما صَدَقا
عَهْدِى به في أمانٍ منه مقترِبا / مُطَرِّبا فوق غُصْنَىْ بانةٍ سَمَقا
لولا ليالٍ لنا بالبانِ سالفةٌ / كررتُ من زَفراتي فيه فاحترقا
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ / يُقصِّر عن وصفِ أشواقِهِ
إذا كتبتْ كفُّه أَحُرفا / محتْها سوابقُ آماقه
وسوف تُنَبِّيك آثارُها / إذا وَصلتْ ضِمْنَ أوراقه
لئن بَعُدتْ بك عنه النَّوَى / فشخصُك ما بين أحداقه
قُلْ للحبيبِ الذي طالتْ قَطيعتُه
قُلْ للحبيبِ الذي طالتْ قَطيعتُه / ولجّ في الهجر معْ حبي وإشفاقي
لَتَقْرَعنَّ علىَّ السنَّ من ندمٍ / إذا تذكرت يوما صَفْوَ أخلاقي
كبارةٌ لاح بها
كبارةٌ لاح بها / زهرٌ عجيبُ الْخُلُقِ
كأنه لما بدا / في شكله المنمَّق
بيضُ القَباطي أُودعتْ / أنصافَ قشرِ الفُسْتق
منوطة أجوافُه / بشَعْرِ شِيب يَقَق
كأنَّ في أطرافه / أُثْرِ خِضاب قد بقِي
يشبه ما أَثارَه / شحْطُ النَّوى في مَفْرّقي
يا ربِّ أنت حَسيبُ الخَلْقِ في قمرٍ
يا ربِّ أنت حَسيبُ الخَلْقِ في قمرٍ / حلو الشمائل لا يَرْثِي لمن عَشِقَهْ
أكاد أدعو عليه حين يظلمني / لكنْ لفرط غرامي تَمْنَع الشفقة
انظرْ إلى البُسْرِ إذ تَبَدَّى
انظرْ إلى البُسْرِ إذ تَبَدَّى / ولونُه قد حكى الشَّقيقا
كأنما خوصُه عليه / زبرجد مُثْمِر عقيقا