القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 16
نهضتْ من كلِّ أوبٍ تلتقي
نهضتْ من كلِّ أوبٍ تلتقي / فاحذروها يا بَنِي المصطلقِ
إحذروها غارةً ملمومةً / يَتّقِي أهوالَها مَن يتقي
لا تظنّوا جمعَكم كُفؤاً لها / حينَ تَمضِي في العجاجِ المُطبقِ
سرِّحوا الجيشَ وكُفُّوا إنّها / مَصرعُ الجيش وحَتفُ الفيلقِ
نعق الحارثُ يدعوكم إلى / أن تبيدوا ليته لم يَنعَقِ
لا يغرَّنْكم رَسُولٌ جاءكم / مُبغض القلب محب المنطقِ
يا رسول الصدق ماذا جمعوا / لذوي البأسِ وأهلِ المصدقِ
الأُلَى تَتَّسِعُ السُّبلُ بهم / للمنايا في المجالِ الضيّقِ
يخفق النصرُ على أعلامِهِم / إن تَرَدَّى كلُّ جيشٍ مُخفقِ
ما يبالون المنايا النُّكر في / مُرعدٍ من هولها أو مُبْرِق
لأبي بكرٍ وسعدٍ نظرةٌ / بعد أخرى كالشُّواظِ المُحرقِ
في اللّوائَيْنِ ضياءٌ منهما / واضحُ المطلعِ طَلقُ المَشرِقِ
وعلى الفاروقِ من إيمانه / ما على صَمصامِهِ من رونقِ
وعليٌّ وابن عمّارٍ هما / عُدَّةُ الحربِ لهولِ المأزق
يترامى القائدُ الأعلى بهم / في عُبابٍ للمنايا مُغرِق
جاش فيه كلُّ زخَّارِ القُوى / يرتقِي من لُجّهِ ما يَرتَقي
خيرُ خلقِ اللَّهِ في شِكَّتهِ / يمتطي خيرَ العِتاقِ السُبَّقِ
سُحِرَ القومُ ومن آياتِهِ / رُقيةُ السِّحْرِ وَطِبُّ الأولق
نزل الذكرُ عليه فانطوى / مُصحفُ الحِبْرِ وسِفْرُ البطرقِ
وَسِعَ الكُتْبَ جميعاً وَوَعَى / مِن سَناها كلَّ معنىً مونِقِ
علّم الدنيا الهدى فيما مضى / وهو خيرٌ هادياً فيما بقي
عربيٌّ فتحت آياتُهُ / كلَّ بابٍ للمعاني مُغلَقِ
في أَسالِيبَ حِسَانٍ غَضَّةٍ / وفُنُونٍ حُرّةٍ لم تُطْرَقِ
نَفَحاتُ الحقِّ في أبهى الحلى / من رياحين البيانِ المورِقِ
نهض الفاروقُ يدعوهم إلى / مِلّةِ الخيرِ دُعاءَ المُشفِقِ
فأبى القومُ وقالوا دينُنا / إنْ نَدَعْهُ لِسواهُ نَفْسُق
ومشى جاسوسُهم يبغِي الأذى / فمشى عِزريلُه في المفرق
قيل أسلِمْ قال لا فاحتقبتْ / نَفسُه إثمَ الغويِّ الأحمق
يا أبا بَرَّةَ ليس البرُّ أن / تتولّى فاتّئدْ واستوثِقِ
أفَمن يعتِقُ من رِقِّ الهوى / أنفُسَ النّاسِ كمن لم يُعتَق
يا أبا برَّةَ لا تَأْبَ الهدى / وبمن حولكَ فارأفْ وارفق
قلتُم الحربُ وقتلاها وما / هِي بالأمرِ الأحبِّ الأخلق
وتوالى النَّبلُ يَهمِي صَوْبُهُ / فَوَقَ صوبٍ من نجيعٍ مُهرَق
إذ يَقُولُ اللَّهُ في عليائِهِ / لرسولِ اللَّهِ سَدِّدْ وارشُقِ
قادةٌ ما صادفوا أكفاءَهم / وجنودٌ مِثلُها لم يُخلَقِ
ذُعِرَ الجمعُ فلو أنّ القطا / طار في آثارِهِ لم يَلحقِ
صَدَّ عن ظمأى العوالِي ولَوى / كلَّ صَبٍّ في المواضِي شَيِّق
فُجِعُوا في النَّهبِ والسَّبْيِ معاً / وسُقُوا أَسْوَأَ شِرْبِ المُسْتَقِي
نَعِمَتْ بَرَّةُ ماذا تشتكِي / من أسىً بَرْحٍ وهمٍّ مُقلِقِ
يا ابنَةَ الحارِثِ طِيبي وانعمي / أيُّ رزقٍ صالحٍ لم تُرزَقي
ذاك جوُّ المجدِ وضّاحُ السَّنا / حَلِّقي ما شئتِ فيهِ حَلِّقي
اصطفاكِ اللَّهُ فيمن يَصطَفي / وانتقَى بَيتَكِ فيما ينتقي
واحتوى التَّاجُ المحلَّى دُرَّةً / منكِ مَن يلمحْ سناها يُطرِق
فارقي أسرَ ابن قيسٍ واشكري / يا ابنةَ الحارثِ فضلَ المُطلِقِ
اللُّبابِ المحضِ من رُسلِ الهدى / منذ كانوا والصَّميمِ المُعرقِ
حَطَّ عنكِ الإصْرَ بَرَّاً ورثى / لك من ضُرٍّ شديدٍ مُرهقِ
وَرَعى حقَّكِ لا يبغِي سوى / أن تكوني بالمحلِّ الأليق
أقبلَ الحارثُ يحدو إبْلَهُ / وبهِ من طولِ هَمٍّ ما بِهِ
سيّدُ القومِ يُريد ابنتَه / ويَرومُ الذَّبَّ عن أحسابِه
قال ويحي كيف تُسْبَى بَرَّةٌ / وأبو بَرَّةَ في أثوابِهِ
حُرَّةٌ من حُرَّةٍ أنجبها / ونماها نابِهٌ من نابِهِ
إِبِلي سِيري وأُمِّي يثرباً / واطلبي ليثَ الوغَى في غابِهِ
شَرَفي آبَى عليه وابنتي / أفتدي منه ومن أصحابِهِ
ساقَهَا إلا بَعِيْرَيْنِ هما / من صفايا المالِ أو صُيَّابِهِ
غُودِرَا في جانبِ الوادي وما / يَجلِبُ الأمرَ سوى أسبابهِ
قال دعها يا رعاكَ اللهُ لي / وَاشْفِ هذا القلبَ من أوصابِهِ
إنّها بنتي التي ربَّيتُها / في حِمَى العزِّ وفي محْرَابِهِ
أعطنيها وتَقبَّلْ ما معي / من فداءٍ جَلَّ عن أضرابِهِ
قال بل أحدثتَ أمراً لم تَخَفْ / سُوءَ ما يَغشَى الفتى من عابِهِ
غَابَ عن ذَوْدِكَ ما استبقيتَهُ / لك في الوادي وفي أعشابِهِ
يا أبا بَرَّةَ إنّي لأرى / مَوضِعَ العَوْدَيْنِ في أنقابِهِ
قال أسلمتُ وما أدنى الهدى / يا رسولَ اللَّهِ من طُلابِهِ
وَضَحَ الحقُّ فما من حُجَّةٍ / لغبيِّ القلبِ أو مُرتابِهِ
إنّهُ للّهِ فضلٌ ما له / غَيْرُ من يُؤْثِرُ من أحبابِهِ
نكص الشِّركَ على أعقابِهِ / وَهَوَى القائِمُ من أنصابِهِ
يا رسولَ اللّهِ لا كان امرؤٌ / لم يَكُنْ دِينُكَ من آدابِهِ
شرفُ الأخلاقِ من أحكامِهِ / والتُّقَى والبِرُّ من آدابِهِ
أنت نِعْمَ الصِّهرُ مجداً وَسناً / إن طلبنا المجدَ في أقطابِهِ
جِئتَ بالخيرِ بشيراً لم تَزَلْ / تصدعُ الأغلاقَ عن أبوابِهِ
تلك بنتي دخلت فيهِ معي / ما خشينا المنعَ من حُجّابِهِ
ثَقيفُ انظري أين قَصْدُ الطريقْ
ثَقيفُ انظري أين قَصْدُ الطريقْ / وكيفَ يلقَّى النجاةَ الغريقْ
مَشَى البأسُ في هَوْلِهِ المستطير / له لَهَبٌ ساطِعٌ كالحريقْ
مَشَى ترجفُ الأرضُ من حولِهِ / فأين الفِرارُ وهل من مُطِيقْ
ثَقيفُ ادْخُلِي الحصن لا تهلكي / ويا عَبْدَ ليل لماذا النَّعيقْ
دَعا خالدٌ يَسْتَفِزُّ الرجال / فكان فَريقُكَ شَرَّ الفرِيقْ
وكنت عليهم شهيداً بما / يُعابُ العدوُّ به والصّديقْ
يَضيقُ على العاجزينَ الفضاء / وَيَرْحَبُ بالقادِرينَ المضيقْ
وليس الخليقُ بحرِّ الجلاد / غَداةَ التَّنادي كغيرِ الخَليقْ
رَمَوْا بالسّهامِ ولو أنصفوا / رَمَوْا بالطُّلَى كلَّ عَضْبٍ ذَلِيقْ
حِراصٌ على الأنفُسِ الهالكات / وذلك منهم خَبالٌ وَمُوقْ
ضِعافُ القلوبِ قُعودٌ جُمودُ / يخافون كلَّ سَفوحِ دَفُوقْ
وما يَسْتَوِي الهِبْرِزِيُّ الجَسُور / غَداةَ الوَغى والهَيُوبُ الفَروقْ
رَأَوْا عَجباً من عَتادِ الحروب / تَذوق الحصونُ به ما تَذُوقْ
رَماهُمْ فَتاهَا بدبّابَتَينْ / فيا لَك من فَارسِيٍّ لَبيقْ
رَميْتَ الأُلى حَبَسَ الفاتحون / بموتٍ حبيسٍ وبأسٍ طليق
وَزِدْتَ فقلت اضربوا الكافرين / وَعلّمتهم صنعةَ المنجنيقْ
تَظَلُّ الحجارةُ مقذوفةً / يُشيّعها من مكانٍ سَحِيقْ
ونُودُوا إلينا فمن جاءنا / مَنَنَّا عليه بِعَهْدٍ وَثيقْ
فأقبلَ منهم بُغاةُ الأمان / فكلٌّ مُخلَّى وكلٌّ عَتِيقْ
لهم مَنزلُ الضّيفِ في المسلمين / رُعاةِ العهودِ حُماةِ الحُقوقْ
عُيَيْنَةُ ما قلت للمشركين / وهل يَقتني الحمدَ إلا الصَّدُوقْ
كذبتَ النبيَّ فقلتَ المحال / وجئتَ من الأمرِ ما لا يليقْ
وأزلفْتَها توبةً تبتغي / بها الخيرَ والخيرُ نِعْمَ الرفيقْ
تبيَّنْ عيينةُ عُقْبَى الأمور / لعلَّكَ تعقلُ أو تَستفيقْ
سيأتي بهم رَبّهم مُسلمين / فما من ضلالٍ ولا من فُسوقْ
ولو شاءَ لاجْتثَّهم أجمعين / فبادت أصولٌ وجفّتْ عُروقْ
يقولُ الفوارسُ كيف الرحيل / وما شَرِقَتْ بالدِّماءِ الحُلوقْ
رُوَيداً رُوَيداً جُنودَ النبيِّ / فقد ينفعُ الناسَ ما لا يَروقْ
وللهِ ما شَاءَ فيما يسوق / من الحادثاتِ وفيما يَعوْقْ
أَبَوْا أن يقعدوا والجيشُ يُزجَى
أَبَوْا أن يقعدوا والجيشُ يُزجَى / فَيُوشِكُ أن يكونَ له انْطِلاقُ
وليس لهم سِوَى القُرآنِ يُتلَى / فلا خَيْلٌ ولا إبلٌ تُساقُ
فَلاذوا بالنبيِّ وناشدُوه / لِيَحْمِلَهُمْ فَضاقَ بهم وضاقوا
تَوَلَّوْا تَسْتَهِلُّ على لِحاهُمْ / دُموعٌ مِلءَ أعينهِم تُراقُ
أتُعْوِزُهُمْ لَدَى الزَّحفِ المطايا / ويَسْبِقُهم إلى اللهِ الرِّفاقُ
فَرَقَّ لهم من الغازِينَ قَومٌ / رُمُوا مِنهم بخطبٍ لا يُطاقُ
وَجَاءَوا بالرَّواحِلِ فاستراحوا / مِنَ الهمِّ المُبرِّحِ واسْتفاقوا
أمَنْ يَهديهِ إيمانُ وَتَقْوىً / كمن يُردِيه غِشٌّ أو نِفاقُ
أَما وَمَضارِبِ البيضِ الرقاقِ
أَما وَمَضارِبِ البيضِ الرقاقِ / تُضِيءُ النَّقْعَ لِلجُرْدِ العِتاقِ
لقد غَرَّ الهُنَيْدُ بني جُذَامٍ / فما للقومِ مِمّا جَرَّ واقِ
دَعَا سُفهاءَهُم فَمشُوا إليه / وما التفَّتْ لهم ساقٌ بساقِ
لصوصٌ ما يُبالونَ الدنَايا / إذا عَقَدوا العزائمَ لاِنْطِلاَقِ
أحاطَ بِدحيةٍ مِنهم أُناسٌ / تَعُدُّهُم الذّئابُ مِن الرِّفاقِ
مَضوا بِحبَاءِ قَيْصَرَ وَهْوَ جَمٌّ / فما منه لَدَى الكلبيِّ باقِ
أَتى مُستَصرِخاً فأصابَ مَوْلىً / يُغيثُ صَريخَهُ ممّا يُلاقي
وما لمحمدٍ كُفْؤٌ إذا ما / سَقَى الأبطالَ كأسَ الموتِ ساقِ
دَعَا زَيْداً فأقبلَ في جُنودٍ / تَبيتُ إلى الملاحمِ في اشْتِيَاقِ
إلى حِسْمَى فما للداءِ حَسْمٌ / إذا لم تَرْقِهِ بدمٍ مُراقِ
إليهِ يا ابنَ حارثةٍ إليه / فَثَمَّ البغيُ مُمتَدُّ الرُواقِ
لِدحيةَ حَقُّهُ والسّيفُ ماضٍ / وما لِبَنِي جُذَامٍ من إباقِ
عَبيدُ الشِّركِ أَوْثَقَهُمْ فَقَرُّوا / بِدارِ الهُونِ يا لَكَ من وَثاقِ
ألا إنّ الهُنَيْدَ أُديلَ منه / فهل وَجَدَ الرَّدَى عَذْبَ المذاقِ
وهل نَظَرَ ابْنَهُ لمّا تَرَدَّى / وَعَايَنَ روعةَ الموتِ الذُّعاقِ
تَوالى القومُ في الهيجاءِ صَرْعَى / كأن سِرَاعَهُمْ خَيْلُ السّباقِ
فأهلاً بالشَّوِيِّ تُساقُ نَهْباً / وأهلاً بالجِمالِ وبالنِّياقِ
ويا ويحَ الحلائلِ والذَّرارِي / تُعانِي البَرْحَ من أَلَمِ الفِراقِ
أتى النفرُ الأماجدُ من ضَبِيبٍ / وقد شدَّ البلاءُ عُرَى الخِناقِ
فقال إمامُهُم إنّا جميعاً / مِنَ الدينِ القويمِ على وِفَاقِ
هُوَ الإسلامُ يَجمعُنا فَلَسْنَا / بحمدِ اللهِ من أهلِ الشِّقاقِ
ألا اكْشِفْ ما بنا يا زيدُ عَنَّا / فليسَ بِمُستطاعٍ أو مُطاقِ
وجاء من الكتابِ ببيِّناتٍ / فما يُرمَى بكفرٍ أو نِفاقِ
وسارَ إلى رسولِ اللهِ منهم / بُغاةُ الخيرِ والكَرَمِ الدُّفَاقِ
فقال إلى السريّةِ يا ابنَ عَمّي / فأنْ تَلحقْ فَنِعْمَ أخو اللِّحاقِ
وذَا سَيْفِي فَخُذْهُ دَليلَ صدقٍ / فيا لكَ من دليلٍ ذي ائتلاقِ
مَضَى أَمرُ النبيِّ فيا لخطبٍ / تَكشَّفَ ليلُهُ بعد اطّراقِ
أَيُنْصَرُ كلُّ لصٍ من جُذَامٍ / وَيُقْهَرُ رافعُ السَّبعِ الطِّباقِ
تَعالَى اللهُ لا يَرْقَى إليهِ / من العالِينَ فَوْقَ الأرضِ رَاقِ
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ / طَافَ الرَّدَى وتَلاقَى الشَّرْبُ والسَّاقِي
أتتكُمُ المرهفاتُ البِيضُ زائرةً / فاستقبلوها بهاماتٍ وأعناقِ
مشى بها غالبٌ في غيرِ ما وَهَنٍ / يَلُفُّ للحربِ آفاقاً بآفاقِ
رَمَتْ به هِمَمُ الإيمانِ مُمعنةً / فالشِّرْكُ يَرجُفُ من خوفٍ وإشفاقِ
ما خطبُ هذا الذي لاقَتْ فوارسُهُ / عِندَ القديدِ أيَمضِي غير مُعتاقِ
كلا فإن يَكُ حقّاً ما يقولُ فما / فيما يُريدُونَ من ظُلمٍ وإرهاقِ
يُقيمُ حتى يَعودوا ثم يَصحبُهُم / إلى الرسولِ على عهدٍ وميثاقِ
وإن يكن كاذباً فالسَّيفُ صاحبُهُ / والسَّيفُ صاحبُ صدقٍ غيرِ مَذَّاقِ
جاءوا الكَدِيدَ فما يَغْفَى رَبِيئَتُهُم / والنّومُ يلهو بأجفانٍ وأحداقِ
ولاح باللّيلِ فوقَ التَّلِّ مَنظرُهُ / لساهرٍ قام من ذُعرٍ على سَاقِ
رَمَى بِسهمَيْنِ لم يُخْطِئ له نَظَرٌ / ولم يُجاوِزْهُ في نَزْعٍ وإغراقِ
انْزَعْهُما ابنَ مكيثٍ لا تَكُنْ جَزِعاً / ولا تُرَعْ لِدَمٍ في اللهِ مُهرَاقِ
ويا سيوفَ رَسولِ اللهِ لا تَدَعِي / للعاكِفينَ على الأصنامِ من بَاقِ
النّازِلينَ وَراءَ الحقِّ منزلةً / ما اختارَها غيرُ فُجّارٍ وَفُسّاقِ
ما يُنكِرُونَ من الدِّينِ الذي كرهوا / هل جاءَ إلا بآدابٍ وأخلاقِ
دِينُ السجايا العُلَى تَمضِي بهم صُعُداً / ما تستطِيعُ مَدَاها هِمَّةُ الرّاقِي
دِينٌ هو الغُلُّ يَنْهَى كلَّ مُبَتدِعٍ / يرمي النُّفُوسَ بأغلالٍ وأطواقِ
لا يَحبسُ النَّفسَ إلا حينَ يُطلقُها / وليس يَظلِم في حَبْسٍ وإطلاقِ
بَنِي الملوَّحِ رُدُّوا مِن غَوايَتِكم / فالحقُّ ذُو وَضَحٍ بادٍ وإشراقِ
هو الشِّفَاءُ لأداوءِ النّفوسِ إذا / حَارَ الطبيبُ وأَمْسَى رَهْنَ إخفاقِ
أتَصْدِفُونَ عَنِ المُثلى وقد هَتَفَتْ / بها الدُّعاةُ فَلَبَّى كلُّ سَبَّاقِ
لولا العَمَى مَا اقْتَدَيْتُمْ في ضَلاَلَتِكُم / بمعشرٍ من قُريشٍ غيرِ حُذّاقِ
والنّاسُ من زُعماءِ السُّوءِ في خَبَلٍ / يُؤذِي الطبيبَ ويُعيي حِكمةَ الرَّاقِي
يا وَيْلَكُم إن رَضِيْتُمْ جَوْفَ مُظلِمَةٍ / مَسْجُورةٍ ذاتِ أطواءٍ وأعماقِ
ماذا صنعتم بخيلِ اللهِ حين دعا / يَسْتَصرِخُ الحيَّ منكم كلُّ نَعَّاقِ
طارت بكم غارةٌ حَرَّى فأطفأها / وَادي قَدِيدٍ بِسَيْلٍ منه دَفَّاقِ
لا تنكروا وقضاءُ اللهِ يُرسِلُهُ / ما كانَ من دَهَشٍ جَمٍّ وإطراقِ
أعظِمْ بها آيةً لولا جَهالَتُكُمْ / كانت لخيرِ البرايا خيرَ مِصدَاقِ
سيقتْ لِنُصْرَتِهِ الأقدارُ تَمنَعُكُم / أن تُدرِكُوا جُنْدَهُ من كلِّ مُنْساقِ
وأنتَ يا أيّها المُزْجي مَطِيَّتهُ / إلى الرسولِ يُوالي سَيْرَ مُشتاقِ
أصبتَ من نِعمةِ الإسلامِ كَنْزَ هُدَىً / أغناكَ ربُّكَ منه بَعْدَ إملاقِ
فَاسْعَدْ برزقِكَ وَاشْكُرْ مَن حَبَاكَ به / سُبحانَهُ مِن عظيمِ الفَضْلِ رزَّاقِ
أَمّا يَنهى دُعاةَ السوءِ عَنّا
أَمّا يَنهى دُعاةَ السوءِ عَنّا / طَويلُ هَوادَةٍ وَجَميلُ رِفقِ
رُوَيداً مَعشَرَ العادينَ إِنّا / نَطَقنا بِالنَصيحَةِ خَيرَ نُطقِ
وَنَعلَمُ أَن شَعبَ النيلِ طُرّاً / عَلَينا بِالرَجاءِ الحَقِّ يُلقى
لِمِصرَ قُلوبُنا وَلَها هَوانا / عَلى الحالَينِ مَحضاً غَيرَ مَذقِ
لَها ما تَأخُذُ الدُنيا وَتُعطي / وَما تُغني حَوادِثُها وَتُبقي
أَنَحنُ الجاهِلونَ كَما زَعَمتُم / مَعاذَ اللَهُ مِن جَهلٍ وَحُمقِ
أَنَحنُ الخائِنونَ كَما اِدَّعَيتُم / بِأَيَّةِ شيمَةٍ وَبِأَيِّ خُلقِ
زَعَمتُم أَنَّنا طُلّابُ مالٍ / كَذَبتُم إِنَّنا طُلّابُ حَقِّ
وَما مَلَكَت يَدي في الدَهرِ إِلّا / يَراعَ أَمانَةٍ وَلِسانَ صِدقِ
ثَراءُ ذَوي النُهى أَوفى ثَراءً / وَرِزقُ الصالِحاتِ أَجَلُّ رِزقِ
تَوَقَّينا الشَماتَةَ مِن أُناسٍ / ذَوي ضَغنٍ فَما نَفَعَ التَوَقّي
خُذوها كَالصَواعِقِ أَنذَرتكُم / بِرَعدٍ مِن زَواجِرِها وَبَرقِ
تُدَمِّرُ ما بَنيتُم مِن صُروحٍ / تَطيرُ لِهَولِها مِن كُلِّ شقِّ
صُروحُ مُضَلَّلينَ تَعاوَرَتكُم / بُناةُ السوءِ خَلقاً بَعدَ خَلقِ
أَبادَت كُلَّ مَعرِفَةٍ وَفَنٍّ / وَأَفنَت كُلَّ مَقدِرَةٍ وَحِذقِ
هَوَت شُرُفاتُها العُليا وَشاهَت / وُجوهُ القَومِ من سودٍ وَزُرقِ
أَسوءُ سَريرَةٍ وَخَبالُ قَلبٍ / وَلُؤمُ غَريزَةٍ وَفَسادُ عِرقِ
نَعوذُ بِرَبِّنا مِن كُلِّ سوءٍ / وَنَبرَأُ مِن مَعَرَّةِ كُلِّ رِقِّ
هَل ليمَ نَضوُ صَبابَةٍ فَأَفاقا
هَل ليمَ نَضوُ صَبابَةٍ فَأَفاقا / أَم سيمَ صَبراً في الهَوى فَأَطاقا
ما أَتعَبَ اللُوّامَ إن مَلَكَ الهَوى / رِقَّ القُلوبِ وَطَوَّقَ الأَعناقا
حَشَدوا المَلاوِمَ وَاِنبَرى بِلِوائِهِ / يُزجي العُهودَ وَيَحشُدُ الأَشواقا
أَولى الفَوارِس بِاللِواءِ مُجاهِدٌ / يُردي الوُشاةَ وَيَنصُرُ العُشّاقا
عَرَفَ الهَوى حَرباً فَكَرَّ مُغامِراً / فيهِ وَراحَ مُبادِراً سَبّاقا
مَنَعَ الذِمارَ مَنازِلاً وَأَحِبَّةً / وَحَمى الحَقيقَةَ جيرَةً وَرِفاقا
طُف بِالحُماةِ فَهَل تَرى ذا نَجدَةٍ / إِلّا بِحَيثُ تَرى الدَمَ المُهراقا
وَالمَجدُ يَعرِفُهُ بِطيبِ مَذاقِهِ / مَن يَستَطيبُ المَوتَ فيهِ مَذاقا
وَأَرى العُلى تَأبى عَلى خُطّابِها / حَتّى يَكونَ لَه النُفوسُ صَداقا
لَيسَ الَّذي أَخَذَ الحَياةَ بِحَقِّها / مِثلَ الَّذي أَخَذَ الحَياةَ نِفاقا
يُزجي التَصَنُّعَ وَالرِياءَ بِضاعَةً / تُغري التِجارَ وَتَزدَهي الأَسواقا
حَتّى إِذا وَضَحَ اليَقينُ تَسَلَّلوا / عُصَباً تَروعُ العاصِفاتِ إِباقا
إِنَّ الغِوايَةَ لِلرِجالِ تِجارَةً / تَلِدُ البَوارَ وَتورِثُ الإِخفاقا
وَلَقَد رَأَيتُ فَما رَأَيتُ كَمُدَّعٍ / يَرجو بِأَحرارِ الرِجالِ لَحاقا
يَنسى أَباهُ وَلَو يُطاوِعهُ الثَرى / لَسَعى إِلى ساداتِهِ مُشتاقا
يَأتي وَيَذهَبُ في ظِلالِ قُصورِهِم / لا يَشتَكي عَنَتاً وَلا إِرهاقا
لَيسوا كَمَن مَلَكَ النُفوسَ فَسامَها / سوءَ العَذابِ وَغالَها اِستِرقاقا
هَزَّ الجَناحَ يُريدُ دارَةَ قَشعَمٍ / مَلَكَ الجِواءَ وَظَلَّلَ الآفاقا
تَدَعُ النُسورُ لَهُ بَعيدَ مَطارِها / وَتَحيدُ عَن هَبَواتِهِ إِشفاقا
اللَهُ بارَكَ في البُناةِ فَزادَهُم / مَجداً وَزادَ جَلالَهُم إِشراقا
مِن كُلِّ مِقدامٍ يُقيمُ لِجيلِهِ / شَرَفاً يَمُدُّ عَلى النُجومَ رُواقا
وَلَرُبَّ مَغلولِ العَزيمَةِ يَشتَكي / في كُلِّ عِضوٍ رِبقَةً وَوثاقا
لا يَستَطيعُ سِوى المَقالِ وَلا يَرى / أَحَدٌ بِما يَهذي بِهِ مِصداقا
أَسدى وَشَيَّدَ ما اِستَطاعَ وَإِنَّما / أَسدى المِدادَ وَشَيَّدَ الأَوراقا
في كُلِّ حَرفٍ مَسجدٌ أَو مَلجَأٌ / يُعيي الدُهاةَ وَيُعجِزُ الحُذّاقا
لَو شاءَ لِلسَبعِ الطِباقِ زِيادَةً / لَأَقامَ عَشراً فَوقَهُنَّ طِباقا
لَيسَ الأُلى حَمَلوا النُفوسَ كَريمَةً / مِثلَ الأُلى حَمَلوا الوُجوهَ صِفاقا
وُدُّ البِلادِ لِمَن يَقومُ بِحَقِّها / وَلِمَن يُقيمُ لِقَومِهِ الأَخلاقا
صَريعُ هَوىً أَفَقتَ وَما أَفاقا
صَريعُ هَوىً أَفَقتَ وَما أَفاقا / وَنِمتَ وَباتَ يَستَبكي الرِفاقا
أَعَن أَمرِ الوُشاةِ قَتَلتَ نَفساً / تَساقَطُ حَسرَةً وَدَماً مُراقا
أَدِر رَأيَيكَ في نَشَواتِ حُبٍّ / أَدَرتَ بِهِ الأَسى كَأساً دِهاقا
أَتَصحو مِن خُمارِ الحُبِّ دوني / وَأَهذي فيكِ وَجداً وَاِشتِياقا
وَضَعتَ الكَأسَ حينَ رَفَعتُ كَأسي / أَعُبُّ هَوىً كَرِهتُ لَهُ مَذاقا
تَكَلَّفتُ المُحالَ لَعَلَّ قَلبي / يُجاذِبُكَ السُلُوَّ فَما أَطاقا
وَدَعوى الحُبِّ في الأَقوامِ زورٌ / إِذا لَم يَشرَبوا السُمَّ الذُّعاقا
فَلا تَرضَ المَوَدَّةَ مِن أُناسٍ / إِذا كانَت مَوَدَّتُهُم نِفاقا
بَلَوتُ المُدَّعينَ بَلاءَ صِدقٍ / فَلا أَدَباً وَجَدتُ وَلا خَلاقا
دُعاةُ الشَرِّ يَتَّفقونَ فيهِ / وَلا يَرجونَ في الخَيرِ اِتِّفاقا
إِذا كانَ الهَوى دَلَفوا سِراعاً / وَإِن كانَ الهُدى رَكِبوا الإِباقا
كَأَنَّ بهِم غَداةَ يُقالُ سيروا / إِلى العَلياءِ قَيداً أَو وِثاقا
أَسارى في قُيودِ الجَهلِ تَأبى / لَهُم أَخلاقُهُم مِنها اِنطِلاقا
لَبئِسَ القَومُ ما مَنَعوا ذِماراً / وَلا رَفَعوا لِصالِحَةٍ رُواقا
أَلَستَ تَرى مَجالَ الجِدِّ فيهِم / عَلى سَعَةِ الجَوانِبِ كَيفَ ضاقا
أَضاعوا الشَعبَ حينَ تَواكَلوهُ / وَساموهُ التَفَرُّقَ وَالشِقاقا
وَلَو أَنّي وَلَيتُ الأَمرَ فيهِ / جَعَلتُ مَكانَهُ السَبعَ الطِباقا
وَلَكِنّي اِمرُؤٌ لا شَيءَ عِندي / سِوى قَلَمٍ يَذوبُ لَهُ اِحتِراقا
وَما تُغني بَناتُ الشِعرِ شَيئاً / إِذا ما الشَرُّ بِالأَقوامِ حاقا
أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما
أَرى فَساداً وَشَرّاً ضاعَ بَينَهُما / أَمرُ العِبادِ فَلا دينٌ وَلا خُلُقُ
سَيلٌ تَدافَعَ بِالآثامِ زاخِرُهُ / ما قُلتُ أَمسَكَ إِلّا اِنسابَ يَندَفِقُ
نالَ النُفوسَ فَمُبتَلٌّ يُقالُ لَهُ / ناجٍ وَآخَرُ في لُجّاتِهِ غَرِقُ
الدَهرُ مُغتَسِلٌ مِن ذَنبِهِ بِدَمٍ / وَالأَرضُ بِالنارِ ذاتِ الهَولِ تَحتَرِقُ
قَومٌ إِذا ما دَعا داعي الهُدى نَكَصوا / فَإِن أَهابَ بِهِم داعي العَمى اِستَبَقوا
لَم يَبقَ مِن مُحكَمِ التَنزيلِ بَينَهُمو / إِلّا المِدادُ تَراهُ العَينُ وَالوَرَقُ
ضاقَت بِهِم طُرُقُ المَعروفِ وَاِتَّسَعَت / ما بَينَ أَظهُرِهِم لِلمُنكَرِ الطُرُقُ
ضَجَّ الصَباحُ لِما لاقَت طَلائِعُهُ / مِن سوءِ أَعمالِهِم وَاِستَعبَرَ الغَسَقُ
لَم يَفسُقِ القَومُ غالَتهُم خَبائِثُهُم / في الذاهِبينَ مِنَ الأَقوامِ ما فَسَقوا
ماتوا مِنَ الجُبنِ وَاِشتَدَّت إِغارَتُهُم / عَلى الإِلَهِ فَلا جُبنٌ وَلا فَرَقُ
هُم حارَبوهُ وَما خافوا عُقوبَتَهُ / حَتّى رَماهُم فَأَمسى القَومُ قَد صَعِقوا
أَذاقَهُم مَضَضَ البَلوى وَجَرَّعَهُم / مِنَ الهَوانِ ذَنوباً ماؤُهُ دَفِقُ
يا لِلمَغارِمِ تَرمي كُلَّ ذي نَشَبٍ / بِفادِحٍ يَتَلَوّى تَحتَهُ العُنُقُ
وَلِلمُكوسِ تِباعاً لا مَرَدَّ لَها / إِن خابَ مُزدَرعٌ أَو جَفَّ مُرتَزقُ
يَأتي الحَصادُ فَيَمضي الغاصِبونَ بِما / عافَ الجَرادُ وَأَبقى الدودُ وَالعَلَقُ
راحوا بِطاناً وَباتَت مِصرُ طاوِيَةً / غَرثى تُشَدُّ عَلى أَحشائِها النُطُقُ
لَم يَبقَ مِنها وَإِن ظَنّوا الظُنونَ بِها / إِلّا الذَماءُ يُعاني المَوتَ وَالرَمَقُ
عَجِبتُ لِلقوتِ يُعيي القَومَ تَحمِلُهُم / أَرضٌ تَدَفَّقَ فيها النيلُ وَالعَرَقُ
ما يَهدَأونَ وَما يَنفَكُّ كادِحُهُم / مُشَرَّداً في طِلابِ العَيشِ يَنطَلِقُ
فِرعَونُ أَكرَمُ عَهداً في سِياسَتِهِ / مِن مُستَبِدّينَ لَولا الظُلمُ ما خُلِقوا
قالوا غَوَيتُم فَجِئناكُم لِنُرشِدَكُم / ثُمَّ الجَلاءُ فَما بَرّوا وَلا صَدَقوا
صَوتُ الأَباطيلِ في أَفياءِ دَولَتِهِم / عالٍ يَصيحُ وَصَوتُ الحَقِّ مُختَنِقُ
رَثَّ الجَديدانِ وَاِستَرخى لَهُم طِوَلٌ / مِنَ المَظالِمِ لا رَثٌّ وَلا خَلَقُ
ما يَنقَضي نَسَقٌ مِن سوءِ رِعيَتِهِم / إِلّا تَجَدَّدَ فينا بَعدَهُ نَسَقُ
طالَ المُقامُ فَإِن بِتنا عَلى قَلَقٍ / فَالدَهرُ مُضَّطرِبٌ مِن ظُلمِهِم قَلِقُ
ظَنّوا القُلوبَ تُواليهِم وَغَرَّهُمو / رِضى الذَليلِ وَقَولُ الزورِ وَالمَلَقُ
يا لَيتَ شِعري أَجُنُّ القَومُ أَم زَعَموا / أَنَّ المَوَدَّةَ مِن أَسمائِها الحَنَقُ
ما كُنتُ أَخشى لِأَهلِ الظُلمِ غائِلَةً / لَوِ اِتَّفَقنا وَلَكِن كَيفَ نَتَّفِقُ
مَتى أَرى الأَمرَ بَعدَ الصَدعِ مُلتَئِماً / وَالقَومَ لا شِيَعٌ شَتّى وَلا فِرَقُ
وَيحَ الكنانَةِ أَمسَت مِن تَفَرُّقِهِم / حَيرى الرَجاءِ فَما تَدري بِمَن تَثِقُ
كُلٌّ لَهُ مَذهَبٌ يَرجو الفَلاحَ بِهِ / وَالحَقُّ يَعرِفُهُ ذو الفِطنَةِ اللَبِقُ
سَيَعلَمُ القَومُ عُقبى الخائِنينَ وَما / جَنى الغُرورُ وَجَرَّ الجَهلُ وَالخَرَقُ
صَبوحُ دَمٍ يُساجِلُهُ غَبوقُ
صَبوحُ دَمٍ يُساجِلُهُ غَبوقُ / وَلَيلُ رَدىً يُواصِلُهُ شُروقُ
لَقَد طالَت مُعاقَرَةُ المَنايا / فَما تَصحو السُيوفُ وَما تَفيقُ
إِذا وَصَفوا حُمَيّاها لِقَومٍ / تَخاذَلَتِ المَفاصِلُ وَالعُروقُ
وَما تَدري السُقاةُ بِأَيِّ كَأسٍ / تَطوفُ وَأَيَّ ذي طَرَبٍ تَشوقُ
تَرى شُرّابَها صَرعى إِذا ما / تَحَسَّتها الحَلاقِمُ وَالحُلوقُ
كَأَنَّ الأَرضَ والِهَةً تَوالَت / فَجائِعُها وَأَعوَزَها الشَفيقُ
تَتابَعَ ما يَحِلُّ بِساكِنيها / مِنَ النُوَبِ الثِقالِ وَما يَحيقُ
كَأَنَّ جَميعَ أَهليها تِجارٌ / وَكُلَّ بِلادِها لِلمَوتِ سوقُ
لَقَد هَدَّ المَمالِكَ ما تُعاني / مِنَ القَدرِ المُتاحِ وَما تَذوقُ
حُروبٌ يَستَغيثُ البَغيُ مِنها / وَيَنبو الإِثمُ عَنها وَالفُسوقُ
تُداسُ بِها الشَرائِعُ وَالوَصايا / وَتُنتَهَكُ المَحارِمُ وَالحُقوقُ
تَفَنَّنَ في المَهالِكِ موقِدوها / وَبَعضُ تَفَنُّنِ الحُذّاقِ موقُ
تَرَدَّى البِرُّ وَالإيمانُ فيها / وَضَجَّ الكُفرُ مِنها وَالعُقوقُ
فَما يَرضى إِلَهُ الناسِ عَنها / وَلا يَرضى يَغوثُ وَلا يَعوقُ
إِذا اِبتَدَرَت أَجادِلُها مَطاراً / أَسَفَّ النَسرُ وَاِنحَطَّ الأَنوقُ
إِذا دانَت مَكانَ النَجمِ هاجَت / وَساوِسُهُ وَلَجَّ بِهِ الخُفوقُ
تَبيتُ لَهُ الفَراقِدُ جازِعاتٍ / إِذا هَتَكَ الظَلامُ لَها بَريقُ
يَهيجُ خِبالَها تَأويبُ طَيفٍ / يُخالُ لَهُ لِمامٌ أَو طُروقُ
إِذا اِبتَدَرَ السُرى مِنها فَريقٌ / تَعَثَّرَ في مَساريهِ فَريقُ
غَمائِمُ لُحنَ مِن بيضٍ وَسودٍ / تُريقُ مِنَ المَنايا ما تُريقُ
تَصُبُّ المَوتَ أَحمَرَ لا قَضاءٌ / يُدافِعُهُ وَلا قَدَرٌ يَعوقُ
سِهامُ وَغىً تُسَدِّدُها عُقولٌ / لَها في كُلِّ غامِضَةٍ مُروقُ
تُباري الجِنَّ في الإِبداعِ آناً / تُحاكيها وَآوِنَةً تَفوقُ
إِذا الأَسبابُ كانَت واهِياتٍ / دَعَت فَأَجابَها السَبَبُ الوَثيقُ
جَرَت طَلقاً فَجاءَت سابِقاتٍ / وَجاءَ وَراءَها الأَمَدُ السَحيقُ
وَأُخرى تَنفُثُ الأَهوالَ يَجري / بِمَقذوفاتِها القَدَرُ الطَليقُ
تَرُدُّ حَقائِقَ الزلزالِ وَهماً / وَتُبطِلُ ما اِدَّعاهُ المَنجَنيقُ
لَقَد حَمَلَ الرَدى المُجتاحُ مِنها / وَمِن أَهوالِها ما لا يُطيقُ
إِذا قَذَفَت فَمِلءُ الجَوِّ رُعبٌ / وَمِلءُ الأَرضِ مَوتٌ أَو حَريقُ
تُتابِعُ لُجَّتَينِ دَماً وَناراً / سَلامُ الناسِ بَينَهُما غَريقُ
يَهُمُّ إِلَيهِ وَيلُسُنُ حينَ يُدعى / وَقَد سُدَّ الطَريقُ فَلا طَريقُ
حَماهُ مِنَ القَياصِرِ كُلُّ غازٍ / يَسوقُ مِنَ الفَيالِقِ ما يَسوقُ
يُعَبِّئُها وَيُنفِذُها سِراعاً / تُراعُ لَها العَواصِفُ وَالبُروقُ
إِذا ضاقَت فِجاجُ الأرضِ عَنها / سَمَت في الجَوِّ فَاِنفَرَجَ المَضيقُ
وَفي الدَأماءِ داءٌ مُستَكِنٌّ / وَجُرحٌ في جَوانِحِها عَميقُ
إذا الأُسطولُ أَحدَثَ فيهِ رَتقاً / تَوالَت في جَوانِبِهِ الفُتوقُ
تَطيرُ مَدائِنُ النيرانِ مِنهُ / وَتَهوي الفُلكُ فيهِ وَالوُسوقُ
يَخيبُ الحُوَّلُ المَرجُوُّ فيهِ / وَيَهلَكُ عِندَهُ الآسي اللَبيقُ
أَصابَ بِشَرِّهِ الدُنيا جَميعاً / فَما تَصفو الحَياةُ وَما تَروقُ
تَفاقَمَتِ الخُطوبُ فَلا رَجاءٌ / وَأَخلَفِتِ الظُنونُ فَلا وُثوقُ
تُطالِعُنا السُنون مُرَوِّعاتٍ / وَنَحنُ إِلى أَهِلَّتِها نَتوقُ
يَمُرُّ العَهدُ بَعدَ العَهدِ شَرّاً / فَأَينَ الخَيرُ وَالعَهدُ الأَنيَقُ
نَوائِبُ رُوِّعَ التَنزيلُ مِنها / وَضَجَّ القَبرُ وَالبَيتُ العَتيقُ
أَيُقدَرُ لِلمَمالِكِ ما تَمَنّى / وَقَد عَلِقَت بَني الدُنيا عَلوقُ
أَمَضَّ قُلوبَنا داءٌ دَخيلٌ / وَهُمٌّ في جَوانِحِنا لَصيقُ
وَبَرَّحَ بِالتَرائِبِ مُستَطيرٌ / يُعاوِدُهُ التَمَيُّزُ وَالشَهيقُ
وَجَفَ الريقُ حَتّى وَدَّ قَومٌ / لَوَ اَنَّ السُمَّ في اللَهَواتِ ريقُ
بِنا مِن ضارِبِ الحِدثانِ ما لا / يَطيقُ مَضاءَهُ العَضبُ الذَليقُ
كَأَنَّ جِراحَهُ في كُلِّ قَلبٍ / شِفاهٌ لِلمَنِيَّةِ أَو شُدوقُ
رُوَيدَ البومِ وَالغِربانِ فينا / أَما يَفنى النَعيبُ وَلا النَعيقُ
أَكُلُّ غَدِيَّةٍ بِالسوءِ داعٍ / وَكُلُّ عَشِيَّةٍ لِلشَرِّ بوقُ
وَدَدنا لِلنَواعِبِ لَو عَمينا / وَسُدَّت مِن مَسامِعِنا الخُروقُ
يُكَذِّبُ ما نَخافُ مِنَ البَلايا / رَجاءُ اللَهِ وَالأَمَلُ الصَدوقُ
وَيَعلو الحَقُّ بَينَ مُهَوِّلاتٍ / مِنَ الأَنباءِ باطِلُها زَهوقُ
أَقولُ لِجازِعِ الأَقوامِ صَبراً / فَإِنَّ الصَبرَ بِالعاني خَليقُ
إِذا فَدَحَت خُطوبُ الدَهرِ يَوماً / فَنِعمَ العَونُ فيها وَالرَفيقُ
رُوَيدَكَ إِنَّ رَيبَ الدَهرِ حَتمٌ / وَإِنَّ الشَرَّ في الدُنيا عَريقُ
لَعَلَّ اللَهَ يُدرِكُنا بِغَوثٍ / يُبَدِّلُ ما يَروعُ بِما يَروقُ
لَهُ الآلاءُ سابِغَةً وَمِنهُ / خَفِيُّ اللُطفِ وَالصُنعُ الرَقيقُ
يُريدُ فَتَرعَوي النَكَباتُ عَنّا / وَتَزدَجِرُ الخُطوبُ وَتَستَفيقُ
نُؤَمِّلُ ما يَليقُ بِهِ وَنَشكو / إِلَيهِ مِنَ الأَذى ما لا يَليقُ
يا أَيُّها القَومُ ماذا في حَقائِبِكُم
يا أَيُّها القَومُ ماذا في حَقائِبِكُم / إِنّي أَرى الشَعبَ قَد أَودى بِهِ القَلَقُ
جِئتُم إِلَينا فَباتَت مِصرُ راجِفَةً / مِمّا حَمَلتُم وَكانَ النيلُ يَحتَرِقُ
أَيَعلَمُ القَومُ أَنّا لا حُلومَ لَنا / أَم يَجهَلُ الوَفدُ أَنّا لَيسَ نَتَّفِقُ
لَقَد أَقاموا طَويلاً بَينَ أَظهُرِنا / فَما وَثِقنا بِهِ يَوماً وَلا وَثِقوا
شَدّوا العِصابَ وَرَدّوا رَأيَ ساسَتِهِم / إِنَّ السِياسَةَ مِنها الجَهلُ وَالخَرَقُ
لا يَعبَثِ اليَومَ بِاِستِقلالِكُم أَحَدٌ / وَلا يَغُرَّكُمُ التَضليلُ وَالمَلَقُ
ضُمّوا القُوى حَولَهُ لا تَذهَبوا شِيَعاً / فَما لَكُم بَعدَهُ في العَيشِ مُرتَفَقُ
أَما تَمُضُّكُمُ الأَحكامُ جائِرَةً / وَلا تَعَضُّكُمُ الأَغلالُ وَالرَبَقُ
ماذا جَنى الوَفدُ إِلّا ما يُقالُ لَكُم / اللَهُ أَكبَرُ جَدَّ الأَمرُ فَاِستَبِقوا
الدَهرُ يَنظُرُ وَالأَجيالُ شاهِدَةٌ / وَالحُكمُ لِلَهِ لا خَوفٌ وَلا فَرَقُ
لا تَظلِموا مِصرَ إِنَّ البِرَّ آيَتُهُ / أَلّا يُرَوِّعُها ظُلمٌ وَلا رَهَقُ
هَل عَقَّ مَنبِتَهُ أَو خانَ أُمَّتَهُ / إِلّا اِمرُؤٌ مالَهُ دينٌ وَلا خُلُقُ
اِستَعبَدَ المالُ قَوماً لَو يُقالُ لَهُم / خوضوا إِلَيهِ عَذابَ اللَهِ لَاِنطَلَقوا
هُمُ الأَئِمَّةُ مِن زُهدٍ وَمَن وَرَعٍ / لَو كانَ يَنخَدِعُ العَرّافَةُ اللَبِقُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَن يَقضي القَضاءُ لَنا / يَوماً فَتَختَلِفُ الأَهواءُ وَالطُرُقُ
طالَ اللَجاجُ وَأَمسى الناسُ قَد تَبِعوا / سُبلَ الخِلافِ فَمُنشَقٌّ وَمُفتَرِقُ
لا يَدَّعِ القَومُ أَنّا أُمَّةٌ هَمَلٌ / فَلا وَرَبِّكَ ما بَرّوا وَلا صَدَقوا
سَيَتبَعُ الجِدَّ مَن لا يَستَفيدُ لَهُ / وَيَعرِفُ الحَقَّ مَن يَهذي وَيَختَلِقُ
صَبراً عَلى قَومِنا حَتّى يَثوبَ لَهُم / مِن عازِبِ الحِلمِ ما أَلوى بِهِ النَزَقُ
أَرى العَدلَ دعوى يُعجِبُ الناسَ حُسنُها
أَرى العَدلَ دعوى يُعجِبُ الناسَ حُسنُها / وَيَخدَعُهُم عَنها الحَديثُ المُلَفَّقُ
أَكاذيبُ يُزجيها الفَتى وَهوَ عالِمٌ / إِذا ما اِدَّعاها أَنَّهُ لَيسَ يَصدُقُ
فَشا الظُلمُ بَينَ الناسِ وَاِعتَزَّ أَهلُهُ / وَباتَ ضَعيفُ القَومِ يُؤذَى وَيُرهَقُ
خَلِيّاً مِنَ الأَعوانِ يُغصَبُ حَقُّهُ / فَيُغضي وَيُرمى بِالهَوانِ فَيُطرِقُ
إِذا اِستَصرَخَ الأَقوامَ يَرجو غِياثَهُم / رَأى جَمعَهُم مِن حَولِهِ يَتَفَرَّقُ
رَأَيتُ مُلوكَ الناسِ لا يُنصِفونَهُم / وَخَيرُ المُلوكِ المُنصِفُ المُتَرَفِّقُ
يُقيمونَ صَرحَ الظُلمِ في كُلِّ أُمَّةٍ / إِذا مَلَكوا وَالعَدلُ بِالمُلكِ أَخلَقُ
ثَوى العَدلُ في الفاروقِ وَاِنجابَ ظِلُّهُ / غَداةَ اِنطَوَت أَعلامُهُ وَهيَ تَخفَقُ
إِمامٌ أَظَلَّ الأَرضَ وارِفُ عَدلِهِ / وَجَلَّلَها مِنهُ جَمالٌ وَرَونَقُ
هَداهُ إِلى المَعروفِ دينٌ يُضيئُهُ / مِنَ الذِكرِ ذي الآياتِ أَبلَجُ مُشرِقُ
وَنَفسٌ لَها في كُلِّ عَلياءَ مَوقِفٌ / تَزِلُّ النُفوسُ الشُمُّ عَنهُ وَتَزلَقُ
دَعاها إِلى ما يُكسِبُ المَجدَ وَالعُلا / وَرِضوانَ رَبِّ الناسِ داعٍ مُوَفَّقُ
بَنى قُبَّةَ الإِسلامِ بِالعَدلِ عالِياً / وَبِالبَأسِ جَمّاً حَولَها يَتَحَرَّقُ
فَهَذا لَها سورٌ يَروعُ مُنيفُهُ / وَهَذا لَها حِصنٌ مَنيعٌ وَخَندَقُ
إِذا رامَهُ الأَعداءُ أَخزى لِواءَهُم / لِواءٌ يُحَيّيهِ مِنَ النَصرِ فَيلَقُ
لَهُم حَولَ جُندِ اللَهِ في كُلِّ مَأزِقٍ / فُلولُ السَرايا وَاللِواءُ المُمَزَّقُ
فَما زالَ حَتّى دانَ لِلَهِ مَغرَبٌ / وَما زالَ حَتّى دانَ لِلَهِ مَشرِقُ
ثَوَت أُمَمُ الإِسلامِ مِن بَعدِما مَضى / تُراعُ بِأَهوالِ الخُطوبِ وَتُصعَقُ
تَفانَت مَواليها وَطاحَ حُماتُها / كَما طاحَ مُرفَضُّ الحَصى يَتَفَلَّقُ
تَحَكَّمَ فيها القاسِطونَ فَأَصبَحَت / تُقادُ بِأَسبابِ الهَوانِ وَتُوثَقُ
عَسى العِزُّ أَن يَعتادَها وَلَعَلَّها / تُفَكُّ مِنَ الأَغلالِ يَوماً وَتُطلَقُ
فَتَستَنُّ مِن سُبلِ المَفاخِرِ ما عَفا / وَتُدرِكُ ديناً ضاقَ مِنهُ المُخَنَّقُ
فَلا القَلبُ في آثارِهِ يَصطَلي الجَوى / وَلا الدَمعُ في أَطلالِهِ يَتَرَقرَقُ
أَلا إِنَّهُ المَعروفُ وَالخَيرُ كُلُّهُ / أَخافُ عَلَيهِ أَن يَضيعَ وَأُشفِقُ
أعِدِ البناءَ وجدّدِ الميثاقا
أعِدِ البناءَ وجدّدِ الميثاقا / وخُذِ السّبيلَ مُبادِراً سبّاقا
جَدَّ النّضالُ ومن ورائك فتيةٌ / تَهبُ النُّفوسَ وتَبذلُ الأعلاقا
عَقدتْ بآياتِ الكتابِ عُهودَها / فاعقدْ عليها من سَناهُ نطاقا
إن كنتَ يوماً بانياً ومُجنِّداً / فَابْنِ العُقول وجنِّدِ الأخلاقا
أوَ ليس منكم من رَمَى بعهودكم / ومضَى يُريد بآخرين لِحاقا
يجدُ القيامَ على الحقوقِ مجانةً / ويرى الوفاءَ خديعةً ونفاقا
مَذِلُ المذاهبِ في الرجالِ مَلولُها / ما سِيمَ خُطّةَ ماجدٍ فأطاقا
إن كنتَ تبغي العِلمَ عند ثِقاتِهِ / فَسَلِ التِّجارَ وحدّثِ الأسواقا
جَمحَ الهَوى بمساومينَ أذلَّةٍ / ركبوا البَوارَ وبايعوا الإخفاقا
أجعلتموهم للحفاظِ جُنودَكم / وزعمتموهم إخوةً ورفاقا
لمّا أهابت مصرُ تسألُ مَن لها / كانوا عُقوقاً كلُّهم وإباقا
لولا دفاعُ أوليِ الحميَّةِ أعولت / جَزَعاً وضَجَّ حُماتُها إشفاقا
الحقُّ أضيعُ ما يكون إذا الهوى / ملكَ النُّفوسَ وصرَّفَ الأعناقا
والخَلقُ ليس يَهابُهم في حرمةٍ / من لا يهابُ الواحدَ الخلّاقا
إن كنتَ مُتَّخِذاً لنفسك عُدّةً / فَادْعُ الهُداةَ وشاورِ الحُذّاقا
ودَعِ المضلّلَ والمُخاتِلَ إنّنا / ضِقنا بتضليل الدعاةِ خِناقا
لولا المروءةُ وَهْيَ من أخلاقِنا / مَلأَ العِدَى بحديثنا الآفاقا
أنت الرّئيسُ هَداكَ ربُّكَ خُطّةً / بيضاءَ زِدتَ ضِياءَها إشراقا
لمّا طلعتَ ومصرُ حائرةُ الخُطى / جَعلَ الهُدى قَدَماً لمصرَ وساقا
سِرْ باللّواءِ يَدَعْ لجندِكَ شِلْوَهُ / مَنْ ظَنَّ أنّ مجالَها قد ضاقا
أرأيتَ إذ يَصفُ الحياةَ لقومِه / مَن ليس يَعرفُ للحياةِ مذاقا
أرأيتَ إذ يسقيِ الأساةُ بلادهم / كأساً من الموتِ الزُّؤام دِهاقا
أرأيت ما صَنَعَ الدُّهاةُ بأمَّةٍ / صاغوا لها الأغلالَ والأطواقا
هَشَّتْ إلى النَّعشِ المُقامِ حِيالَها / لمّا رأتْهُ مُزَخْرَفاً بَرّاقا
هُزّ اللواءَ فما لقومِكَ نُصرةٌ / حتّى تَهُزَّ لِواءَكَ الخفّاقا
اصدَعْ قُيودَ بني الكنانةِ إنّها / لا تبتغي أسراً ولا استرقاقا
جَدِّدوا الذّكرى لأهلِ المشرقِ
جَدِّدوا الذّكرى لأهلِ المشرقِ / وصِفوا المجدَ لشعبٍ شيِّقِِ
يَعشَقُ المجدَ فإنْ لجّتْ بهِ / لَوْعةُ الوَجدِ تَنحَّى يتَّقي
عَلِّموهُ كيف يقضِي حَقَّهُ / نابِهَ الموقفِ حُرَّ المَصدقِ
وأَرُوهُ السُّبْلَ ناراً ودماً / مَن يَهَبْ فيها المنايا يُصعَقِ
مزِّقوا الأوهامَ عنه إنّه / لَيظُنُّ السُّبْلَ من إسْتَبرقِ
لا وربّي ما لشعبٍ رازحٍ / من سبيلٍ في الشُّعوبِ السُّبَّقِ
تلك أشلاءُ الضحايا عندها / أصدقُ الأنباءِ للمُستوثقِ
في سبيلِ السُّؤدُدِ الصّافي دَمٌ / لا يُصافي الدّمُ إن لم يُهرَقِ
هو في الإشراقِ كالنُّور الذي / سالَ في بدرٍ ويومَ الخندقِ
وهو في الطِّيبِ وفي الطُّهر معاً / عَبَقُ الفِردوسِ للمُستنِشقِ
يا شهيدَ النّيلِ لو ناجيتَهُ / لَشفاهُ منكَ عَذْبُ المنطقِ
شَاقهُ الصَّوتُ البعيدُ المُرتَمى / والمقامُ الكِسْرَويُّ الرَّونَقِ
وشَجاهُ أن يرى صَمْصَامهُ / غيرَ وضّاحِ السَّنا في المأزِق
جاشَتِ الأحداثُ تَسْتَقْصِي المدى / وَارتْمَتْ من كلِّ صَوْبٍ تلتقي
فاقشعرَّتْ مِصرُ من أهوالِها / وتمنَّتْ أنّها لم تُخْلقِ
وأرى الشَّعبَ على أُرجوحةٍ / تارةً تهوِي وأخرى ترتقي
سائلِ الأحزابَ ماذا عندها / غير تَرجافٍ وهمٍّ مقلقِ
وتأمّلْ هل ترى اليومَ سِوَى / دَولةٍ فوضى وحُكمٍ أخرقِ
فات نِيرُونَ رجالٌ رُزِقوا / من فنون الظُّلمِ ما لم يُرزقِ
لو جرى فرعونُ أو هامانُه / يتعاطى شأوَهم لم يَلْحَقِ
سجنوا الدُّستورَ طفلاً ناعماً / واستبدّوا بالسّجين الموثَقِ
لا جرى النّيلُ على الوادي ولا / بُوركَ الشَّعبُ إذا لم يُطلقِ
تلك ذكرى النيلِ للنّفسِ التي / عَكَفَ النّيلُ عليها يستقي
وهي عَيْنٌ من حَياةٍ عَذبةٍ / في يَفاعِ من سناءٍ مُشرقِ
لا يذوقُ الموتَ من يطعَمُها / فَاصْبَحِ القومَ بها ثمَّ اغْبِقِ
واعْرِفِ الخُلدَ فإن أدركته / فابتهِجْ منهُ بِمُلكٍ مُونِقِ
والْبَسِ التَّاجَ رفيعاً يزدهي / من ذوي التِّيجانِ أعلى مَفْرقِ
إن تَحرَّيْتَ اللُّبابَ المُنتقَى / فاجعلِ الأخلاقَ ممّا تنتقي
هي تيجانُ القويِّ المُزْدَهِي / وَهْيَ أكفانُ الضّعيفِ المُرهَقِ
فَزِعَتْ مِصرُ إلى أبطالها / فالبَسِ النَّقْعَ وسرْ في الفيلقِ
سائلِ القومَ أما من غضبةٍ / لِذمامٍ صادقٍ أو مَوْثِقِ
لا أرى النّجدةَ إلا في الأُلى / هُمْ أولو العهدِ الأبرِّ الأَصدقِ
ننصُرُ اللهَ ونحمِي أُمّةً / نحن منها في الصَّميمِ المُعرقِ
هِمَّةُ المِقدَامِ مِن آلائها / وبَيانُ العبقريِّ المُفلِقِ
يا مالِكاً عَنَتِ الوجوهُ لِعزّهِ
يا مالِكاً عَنَتِ الوجوهُ لِعزّهِ / وتَواضعتْ لجِلالهِ الأَعناقُ
تأتي فتعثرُ بالطُّبولِ وربّما / عثرت بها وبركبكَ الأبواقُ
وإذا رَحلتَ لآخرين مَطيّةً / فَرِحالُها الأسماعُ والأحداقُ
أَوَ كلّما ذَهبتْ رِكابُكَ أو أَتتْ / رَجفَ الزّمانُ وضجّتِ الآفاقُ
هَفتِ الجُموعُ ولو أَذِنْتَ لِغيرِها / طارت إليك الدُّورُ والأسواقُ
تلك الحفاوةُ لو أفادَ تصنُّعٌ / وأعزَّ شأنَ الحاكمين نِفاقُ
لو كنتَ في غيرِ الكنانةِ ما احْتَفتْ / إلا بكَ الأغلالُ والأطواقُ
لَكَ من مَساوِي الحُكم كلُّ كبيرةٍ / رِيعَتْ لها الأقلامُ والأوراقُ
الظُّلمُ دِينٌ والتعسُّفُ شِرعةٌ / والغَدْرُ عَهدٌ والهَوى ميثاقُ
يُدْلي إليك المجرمون بِمالِهِم / والله ينظرُ والدّمُ المُهراقُ
مُثْرٍ يَدوسُ على الرُّؤوسِ ومُعدَمٌ / يُودِي بِثابتِ حقِّهِ الإملاقُ
يَدعوكَ ذُو الرّكنِ الضَّعيفِ لنصرهِ / فتنوءُ آونةً وتهوِي السّاقُ
وإذا الوُلاةُ إلى الولائِم أَمْعَنوا / رَكضاً فأنت الأَبلجُ السبَّاقُ
أنت العليمُ فَصِفْ لنا حُكمَ الهَوى / وتَوجُّعَ الوِجدانِ كيفَ يُطاقُ
خَصمان يَعصفُ بالمضاجعِ منكما / تحت الظّلامِ تَغضُّبٌ وشِقاقُ
سكنت قُلوبُ الصّالحين وما ارْعَوى / فوق الحَشِيَّةِ قلبُكَ الخفّاقُ
يَنْفِي دبيبَ النومِ حين تَحسُّهُ / همٌّ يثورُ ولوعةٌ تنساقُ
قد كان ذلك ثمّ ثابَ إليكما / بعد الخصام تآلفٌ ووِفاقُ
وإذا تتابعتِ الذُّنوبُ على امرءٍ / سكنت إليها النّفسُ والأخلاقُ
شرُّ الشُّعوبِ من الحياةِ مكانةً / شعبٌ بأيدي الجاهلين يُساقُ
الحكمُ عند المصلحين كفايةٌ / والعُرْفُ عند ذوي النُّهَى استحقاقُ
وأرى النّفاقَ من الشُّعوبِ سجيّةً / يعيا بِمُعضلِ دائها الحُذّاقُ
جُنَّ المُنافِقُ بالحياةِ وما درى / أنّ الحياةَ يُفِيضُها الخلّاقُ
مَلكَ الخلائقَ أجمعين وقُدِّرتْ / بِيَمينهِ الأقسامُ والأرزاقُ
وأفاضَ من عدلٍ ومن حُرِّيَّةٍ / فيهم فلا ظُلمٌ ولا اسْتِرقاقُ
لا تسبقِِ النّفسُ الأبيَّةُ حِينَها / يوماً ولا يعتاقها الإشفاقُ
تبدو القيودُ فتقشعرُّ جُلودُنا / والجهلُ قيدٌ مُحكَمٌ ووثاقُ
مِنْ هَيْبَةٍ يُغضي القريضُ ويُطرِقُ
مِنْ هَيْبَةٍ يُغضي القريضُ ويُطرِقُ / وَيميلُ فيكَ إلى السُّكوتِ المنطقُ
إئذنْ يَفِضْ هذا البيانُ فإنّه / ممّا يُفيضُ بَيانُكَ المُتَدَفِّقُ
ما في النّوابِغِ من لبيبٍ حاذقٍ / إلا وأنتَ ألبُّ منه وأحذقُ
إن يَلْبسِ الشعرُ الجمالَ مُنوَّراً / عَبِقاً فَأنتَ جَمالُهُ والرّونقُ
والقولُ مُستلَبُ المحاسنِ عاطلٌ / حتّى يقولَ العبقريُّ المُفلِقُ
رُضْتَ الأوابدَ لي أقودُ صِعابَها / ورضيتني إنّي إذن لَمُوَفَّقُ
هي مِدحتي انطلقتْ إليك مَشُوقةً / والسُّبلُ تَسطعُ والمنازلُ تَعبَقُ
أنت المجالُ الرَّحبُ تُعتصَرُ القُوَى / فيه وتُمتَحَنُ العِتاقُ السُّبَّقُ
حسّانُ مُنبَهِرٌ وكعبٌ عاجزٌ / والشّاعر الجعديُّ عانٍ مُوثَقُ
أطمعتَهم فتنازعوا فيك المدى / وأبَيْتَ فانقلبوا وكلٌّ مُخفِقُ
لي عُذرُهم ما أنتَ من عِدَةِ المُنَى / إلا وراءَ مخيلةٍ ما تَصدُقُ
أنتَ احتملتَ الأمرَ تَنصدِعُ القُوى / ممّا يَشُقُّ على النُّفوسِ وتَصعَقُ
وسننتَ للمُتعسِّفينَ سبيلَهم / مُتبلِّجاً سمحاً يُضِيءُ ويُشرِقُ
يمشي الهُدَى فيه على يَدِكَ التي / هِيَ للهُدَى عَضُدٌ أبرُّ ومِرفقُ
ذُعِرَتْ قُريشٌ هل يُبَدِّلُ دينَها / رَجلٌ ضَعيفٌ في العشيرةِ مُملِقُ
لا المالُ يَنصرُه ولا هُوَ إنْ دعا / خَفَقَ اللِّواءُ له وخَفَّ الفيلقُ
ينهَى عن الأصنامِ وَهْي بموضعٍ / تُمْحَى حَوالَيْهِ النُّفوسُ وتُمحَقُ
المالُ والعِرضُ المُمنَّع سُورُه / والمجدُ والشَّرف الصَّميمُ المُعرِقُ
مِنْ وَصْفِه الأُسْدُ الضَّوارِي تَدَّعي / والخيلُ تَصْهَلُ والقواضِبُ تَبْرُقُ
الحقُّ أقبلَ في لواءِ إمامهِ / والحقُّ أوْلىَ أن يسودَ وأَخْلَقُ
يرمِي به سُودَ الغياهبِ ساطعاً / تَنْجَابُ حول سَناهُ أو تَتشقَّقُ
حَارَ الظّلامُ فما يلوذُ بجانبٍ / إلا يُحِيطُ به الضّياءُ ويُحدِقُ
الوحيُ مُطَّرِدٌ وبأسُ مُحمَّدٍ / جارٍ إلى غاياتهِ لا يُلحَقُ
لا الضّعفُ يأخذُ مِنْ قُواه ولا الوَنَى / بِأولئكَ الهِمَمِ الدَّوائبِ يَعْلَقُ
بَغْيُ الأُلىَ خَذَلُوه مِن أنصارِه / والبَغيُ نَصرٌ للهُداةِ مُحقَّقُ
زَعَموا الأذَى مّما يَفُلُّ مَضاءَه / فمضى البلاءُ بهِ وجَدَّ المَصْدَقُ
يأوِي إلى النَّفَرِ الضّعافِ وإنّه / لأشدُّ منهم في النِّضالِ وأوثقُ
هُمْ في حِمَى الوَحْيِ المُنزَّلِ صخرةٌ / تُعيي الدُّهاةَ وجذوةٌ تتحرَّقُ
وَهَبوا لربِّهمُ النُّفوسَ كريمةً / لا تُفتدَى منه ولا هي تُعتَقُ
المؤمنون الثّابتون على الهُدَى / والأرضُ ترجُفُ والشّوامخُ تَخفِقُ
رُزِقُوا اليقينَ فلا ذليلٌ ضارعٌ / يَطوِي الجناحَ ولا جَبانٌ مُشفِقُ
جُندُ النبيِّ إذا تقدَّمَ أقبلوا / والموتُ يَفزَعُ والمصارعُ تَفْرُقُ
صدعوا بِناءَ الشركِ تحت لوائهِ / فَهَوى وطار لِواؤُه يتمزَّقُ
إنّ الذي جَعلَ الرّسالةَ رحمةً / لم يَرْحَمِ الدَّمَ في الغَواية يُهرَقُ
بعث الرَّسُولَ مُعَلِّماً ومُهذِّباً / يبنِي الحياةَ جَديدةً يتأنَّقُ
يَتَخيّرُ الأخلاقَ يَنظمُ حُسْنَها / في كلِّ رُكنٍ قائمٍ ويُنَسِّقُ
عَفَتِ الرُّسومُ وأخلَقتْ فأقامها / شمّاءَ لا تعفو ولا هيَ تَخْلُقُ
قُدسِيَّةَ الأرجاءِ ما بِرحابِها / عَنَتٌ ولا فيها مكانٌ ضَيِّقُ
تَسَعُ الممالِكَ والشُّعوبَ بأسرها / وتفيضُ خيراً ما بَقِينَ وما بَقُوا
عَرفتْ لحاجاتِ العُصورِ مَكانَها / فَلِكُلِّ عَصرٍ سُؤلُه والمَرْفِقُ
مَنَعتْ مَغالِقُها الشرُّورَ وما بها / للخيرِ والمعروفِ بابٌ مُغلَقُ
فيها لِدُنيا العالمين مَثابةٌ / لولا التَّباعدُ والهوى المُتفرِّقُ
المُصلِحُ الأعلى أتمَّ نِظامَها / فانْظُرْ أَينقُضُهُ الغبيُّ الأَخرقُ
أَوْفىَ على الدُّنيا وملءُ فِجاجِها / بَغيٌ يُزلزِلُها وظُلمٌ مُوبِقُ
والنّاسُ فوضَى في البلادِ يغرُّهم / دِينٌ من الخَبلِ المُضِلِّ مُلفَّقُ
النّفسُ مُغلقَةٌ على أوهامِها / والعقلُ مُضطَهدٌ يُضامُ ويُرهقُ
سَجَدوا لما صَنعوا فأين حُلومُهم / ولِمَنْ جِباهٌ بالمهانةِ تُلصَقُ
أهيَ التي رَفعوا وظنّوا أنّهم / قومٌ لهم فوق السِّماكِ مُحلَّقُ
مَن يَدَّعِي شرفَ الحياةِ لمعشرٍ / كَفَروا بمن يَهبُ الحياةَ ويَخلُقُ
إن تَنْبُ مكّةُ بالرسول فما نبا / عَزْمٌ تُهَدُّ به الصِّعابُ وتُسحَقُ
كذبَ الطُّغاةُ أَيُرجفون بقتلهِ / والوَحْيُ سُورٌ والملائكُ خَنْدقُ
وَرَدَ المدينةَ زاخراً فجرى بها / آذِيُّةُ وطما العُبابُ المُغْرِقُ
بَطلٌ تَوسّعَ في ميادينِ الوغَى / لمّا تضايقَ عن مَداهُ المأزِقُ
ساسَ الحوادثَ والنُّفوسَ فتارةً / يَقِصُ الرقابَ وتارةً يترفَّقُ
يدعو إلى الحُسنَى فإن جَمَع الهوَى / فالسّيفُ مَسنونُ الغِرارِ مُذَلَّقُ
يَرمِي العوانَ بكلِّ أغلبَ باسلٍ / يهفو إلى غَمَراتِها يَتشوَّقُ
لمسَ العُروشَ فما يزال يَهزُّها / ذُعرٌ يطوفُ بها وهَمٌّ مُقلِقُ
صَدعتْ قُوى الإسلامِ شامخَ عِزِّها / فإذا المُلوكُ أذلّةٌ تَتملَّقُ
وإذا الممالكُ ما يُهلِّلُ مَغرِبٌ / إلا استجاب له وكبَّر مَشرِقُ
هذا تُراثُ المسلمينَ فبعضُه / يُزجَى علانيةً وبعضٌ يُسرَقُ
عَجزَ الحماةُ فنائمٌ مُتقلِّبٌ / فوق الحشيّةِ أو مَغيظٌ مُحنَقُ
القومُ صُمٌّ في السّلاحِ وَقومُنا / مُستصرخٌ يَعوِي وآخرُ ينعقُ
إن كنتَ ذا حقٍّ فَخُذْهُ بِقوَّةٍ / الحقُّ يخذلُهُ الضَّعيفُ فَيزهَقُ
لغةُ السُّيوفِ تَحُلُّ كلَّ قضيّةٍ / فَدَعِ الكلامَ لجاهلٍ يتشدَّقُ
وكُنِ اللّبيبَ فليس من كَلِماتِها / شَرْعٌ يُداسُ ولا نِظامٌ يُخْرَقُ
الخيلُ والرَّهَجُ المُثارُ حُروفُها / والنّارُ والدّمُ والبلاءُ المُطبِقُ
فَتّشتُ ما بين السُّطورِ فلم أَجِدْ / أنّ الأُسودَ بِصَيْدِها تتصدَّقُ
أرأيتَ أبطالَ الكِفاحِ وما جَنَى / أملٌ بأجنحةِ الرّياحِ مُعلَّقُ
لا يَأْسَ من نَفحاتِ ربّكَ إنّني / لأرى السّنا خَلَلَ الدُّجَى يتألَّقُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025