المجموع : 3
هَلْ يَجْهَلُ السَّمْتَ مَن يَسْتَوْضِحُ الطُّرُقا
هَلْ يَجْهَلُ السَّمْتَ مَن يَسْتَوْضِحُ الطُّرُقا / أَوْ يُبْعِدُ الشَّمْسَ من يَسْتَيْقِنُ الغَلَقا
قَدْ خَبَّرَتْ دوحَةُ المجدِ الَّتِي كَرُمَتْ / عَنْ مُعْتَلَى ذَلِكَ الغُصْنِ الَّذِي بَسَقا
للهِ عَيْنٌ رأَتْهُ وَهْوَ بدرُ دُجىً / يوماً أَهَلَّ فجلَّى نورُهُ الأُفُقا
وكم رأَينا وجوهَ الروضِ ضاحِكَةً / فِي رائِحٍ راحَ أَوْ فِي بارِقٍ بَرَقا
أَنجبتَهُ يَا وزيرَ المُلْكِ مُدَّخَراً / لفَجْأَةِ الخطبِ إِن غادى وإِن طَرَقا
وفارساً لِغِمارِ الرَّوْعِ مقتحِماً / وصارِماً فِي يمينِ الملك مُؤْتَلِقا
وَقَدْ يُرى فِي نواحي المهدِ مُبتَدِراً / إِلَى الطِّعَانِ وكَرَّاتِ الوغى قَلِقا
تُدْنَى ملاعِبُهُ منه فَلَيْسَ يُرى / غَيْرَ السِّنانِ وغيرَ الرُّمْحِ مُعْتَلِقا
للبِرِّ أَوَّلُ مَا قامَتْ بِهِ قَدَمٌ / سعياً وللحَقِّ أُولى نَطْقَةٍ نَطَقَا
حَتَّى غَدا بكتابِ الله معتصِماً / يُحْبى بخُطَّةِ عِزٍّ كُلَّما حَذِقَا
ثُمَّ اسْتَمَرَّ إِلَى العلياءِ مُفَتَتِحاً / مَعاقِلَ الفخرِ لا نِكْساً ولا فَرِقا
تلقاهُ مِنْ دُونِها الأَيَّامُ مُتَّئِداً / بالجِدِّ مُشْتَمِلاً بالحَزمِ مُنْتَطِقا
وَقَدْ أَحاطَتْ أَزاهِيرُ النعيمِ بِهِ / فَصَيَّرَ العِلْمَ فِيهَا رَوْضَهُ الأَنِقا
وَمَا غَدَا غيرَ كأْسِ المَدْحِ مُصطَبِحاً / وَلَمْ يَرُحْ غيرَ كأْسِ المَجْدِ مُغْتَبِقا
مُفَجَّرَ الكَفِّ جُوداً والجبينِ سَناً / ومُفْعَمَ الجَيْبِ نُصْحاً والضَّمِيرِ تُقى
قَدْ شَرَّدَ الظُلْمَ عن أَوْطانِ شيمَتِهِ / فلَمْ يَدَعْ مِنْكَ لا خَلْقاً ولا خُلُقا
حَتَّى فرايتك اللاتي سَمَوْتَ لَهَا / قَدْ حازَها مِثْلَما قَدْ حُزْتَها نَسَقا
وَمَا انْثَنى الأَملُ المُعْطِي رغائِبَهُ / فِيهِ ولا وَقفَ الظَّنُّ الَّذِي صَدَقا
حَتَّى يُوَفَّى الَّذِي وُفِّيتَ فِي عَجَلٍ / ومِثْلُهُ إِنْ سعى فِي مِثْلِها لَحِقا
فقد رَأَتْ أَنَّهُ حقّاً لَهُ خُلِقَتْ / كَمَا رأَى أَنَّهُ حَقّاً لَهَا خُلِقا
مُشَيَّعُ السَّعْيِ لَمْ يُبْهَرْ لَهُ نَفَسٌ / حَتَّى أَتى الغايةَ القُصْوى وَقَدْ سَبقا
ما احتازَ ذُو هِمَّةٍ فِي المَكْرُماتِ مَدىً / بِمُجْهِدِ الشَّأْوِ إِلّا احْتازَهُ عَنَقَا
لم يَأْنِ أَنْ يَعْلَقَ البِيضَ الحِسانَ وَقَدْ / أَضْحى فؤادُ العُلا صَبّاً بِهِ عَلِقا
ولا انْثَنى لِعِناقِ الخُودِ بَعْدُ وَقَدْ / يَبِيتُ للشُّرْطَةِ العُلْياءِ مُعْتَنِقا
غَرَّاءُ راحَتْ عَلَيْهِ وَهْوَ بُغْيَتُها / فأَصْبَحَ الدهرُ من أَنفاسِها عَبِقا
وأَصْبَحَ العَرْضُ فِي آثارِهِ أَسِفاً / يُعَلِّلُ النَّفْسَ أَنْ تَسْتَبقِيَ الرَّمَقا
إِنْ يُشْجَ أَلّا يُسَمَّى عارِضاً أَبَداً / يُسَلِّهِ أَنْ يُسَمَّى عارِضاً غَدِقا
فالحَمْدُ للهِ راحَ الغُصْنُ مُعْتَلِياً / والسيفُ مُنْصَلِتاً والبَدْرُ مُتَّسِقا
مَنَّاً منَ اللهِ والمولى الَّذِي مَطَرَتْ / سماؤُهُ الدُّرَّ بَلْهَ التِّبْرَ والوَرِقا
مُسْتَيقِناً أَنَّ شَمْلَ المُلْكِ مُجْتَمِعٌ / يوماً إِذَا كَانَ شملُ المالِ مُفْتَرِقا
طَلَعَتْ نجومُ السعدِ من آفاقها
طَلَعَتْ نجومُ السعدِ من آفاقها / فالأَرضُ تشرِقُ من سنا إِشراقِها
للحاجِبِ الأَعْلى المُصَرِّف هِمَّةً / موصولةً بشآمِها وعِراقِها
بهلالِ أَقمارِ الهُدى من يَعْرُبٍ / فَمُنى مَساعِي شأْوِها بِلَحَاقِها
الطالِعاتُ عَلَى الهُدى بِتَمامِها / والطالعات عَلَى العِدى بِمَحَاقِها
والمُسْتَهِلُّ عَلَى العُفَاةِ بِراحَةٍ / وَسِعَ الهُدى والمُلْكَ ظِلُّ رِواقِها
فالدينُ يونعُ من نَدى إِغْدَاقِها / والكفرُ يَرْجُفُ من ردَى إِصْعاقِها
خَلَفاً من المنصورِ فِي عَزَماتِهِ / والخيلُ جاريَةٌ عَلَى أَعْراقِها
زُهِيَتْ نحورُ الغانِياتِ بِهِ وَقَدْ / سامَ الوغى بوَدَاعِها وفِراقِها
مُتَرَشِّفُ الهبواتِ قبلَ شِفاهِها / ومُعَانِقُ الأَبطالِ قبلَ عِناقِها
قَلِقَتْ إِلَيْهِ البيضُ فِي أَغْمادِها / وثَنَتْ إِلَيْهِ الخيلُ من أَعناقِها
مُتَفَجِّرٌ لِعُفَاتِهِ عن شِيمَةٍ / زادَتْ بِهَا الأَيامُ فِي أَرزاقِها
متكَشِّفٌ عن سطوةٍ مذخورَةٍ / للحربِ إِنْ كَشَفَتْ لَهُ عن ساقِها
تَفْدِيهِ مِنَّا أَنْفُسٌ وَجَدَتْ بِهِ / ريحانة الأمال فِي إِنْشاقِها
ونَوَاظِرٌ حَفَّتْ بِهِ تَوَّاقَةٌ / لَوْ أَنَّها حَمَلَتْهُ فِي أَحْداقِها
فِي رَوْضَةِ المُلكِ الَّتِي يَجْرِي بِهَا / ماءُ النَّعِيمِ يروقُ فِي أَورَاقِها
وازدادَت الأَشياءُ حُسناً كُلُّها / حَتَّى حمامُ الأَيْكِ فِي أَطْواقِها
يا عامراً من أَعْمَرُوا سُبُلَ الهُدى / لا دَرَّ دَرُّ الخيلِ بَعْدَ عِتاقِها
يَا حَبَّذا خَجَلُ التُفَّاحِ فِي طَبَقِ
يَا حَبَّذا خَجَلُ التُفَّاحِ فِي طَبَقِ / مُنَضَّدٍ بِجَنِيِّ الزَّهْرِ مَتَّسقِ
فيهِ عُيُونُ بهارٍ قَدْ أحَطْنَ بهِ / نَوَظِراً بِجُفُونِ العاشِقِ الأرِقِ
كأنَّ مَا احْمَرَّ من تُفَّاحِهِ خَجَلاً / بَدْرٌ بدا قِطَعاً من حمرة الشفق
في مجلس الملك المنصور يانعةً / كأنما غُذِيَتْ من جُودِهِ الغَدِقِ