المجموع : 13
ليلَ الحمى بات بَدْرِي فيكَ مُعْتَنِقي
ليلَ الحمى بات بَدْرِي فيكَ مُعْتَنِقي / وبات بدرُك مرمِيّاً على الطُّرُقِ
شتَّان ما بين بدرٍ صيغَ من ذهبٍ / وذاكَ بدري وبدرٍ صيغَ من بَهَقِ
زار الحبيبُ وبدْرُ التِّم في كَمدٍ / بادٍ عليه وغصنُ البان في قَلَفِ
يمشي على خدِّ من يَهْوى وأَدمُعه / تهمِي فسبحان منجِيه من الْغَرَقِ
وقبْل ذا كان طيفاً من تكَبُّرِه / فإِنْ سرى كان مَسْراه على الحَدَق
وبات باللَّثم تَحْت الختم مَبْسِمُه / والصَّدْرُ بالضَّم تحتَ القُفل والفَلَق
وعِفْتُ طيفيَ لم جَاءَ سيِّدُه / يا عين عفِّي طريقَ الطَّيفِ بالأَرَق
يا عاذِلي فيه أَمَّا خدُّه فنَدٍ / كما تراهُ وأَمَّا ثغْره فَنَقي
وما جفونك تلْويها على سَهري / ولا ضلوعُك تطْويها على حُرَقي
تريدُني خارِجيّاً عن مَحبَّتِه / أَنَّى وبيعةُ ذاك الحُسنِ في عُنُقي
يا صاحبَ الحسن لا تَعجل بفُرقَتِنا / فما رمَقْتُك إِلاَّ آخِر الرَّمَقِ
وساترٍ ليَ عينَيْه براحَتِه / ليتَ الضَّنَى ليَ من عينيْه كانَ بَقي
سرقتَ قلبي ولمْ أَنكرتَ سِرقته / أَليس خدُّك مسروقاً من السَّرق
ونكهةِ لك تُحيي نفسَ ناشِقها / بمسترقٍّ من الفِردَوْس مُستَرق
جاءَ الغرامُ وهذا الحسنُ في قَرنٍ / والغيثُ يَهْمي ونورُ الدِّين في طَلَقِ
تسابَقا فادْلهمَّ الدَّجْن في ظُلمَ / من الْقُطوبِ وفازَ النُّورُ بالسَّبَق
إِنَّ السحائِبَ جارَتْه فأَتْعَبها / وذلكَ القطرُ بعد الجُهدِ كالْعَرَقِ
الأَفضلُ الملكُ المخلوقُ من كَرمٍ / ومَنْ سواه هو المخلوقُ من عَلَقِ
حاشاه أَنْ يَتَعنَّى في تَكَرُّمه / وإِنَّما هو ماش فيه مَعْ خُلُقِ
بمدْحِه الوُرْقُ في الأَوْراق ساجعةٌ / في جمرةِ الفَجْر أَو في فحمَةِ الْغَسَقِ
مولى الأَنامِ عليٌّ هكذا نَقلَت / لنا الرُّواةُ حديثاً غيرَ مختلَقِ
على الشهادة بالفضل المبين له / أَهلُ المذاهبِ والآراءِ والفِرق
أَقامَ في الأَرضِ سوق الخلق قاطبةً / بالقسطِ من جَعَل الأَمْلاَك كالسُّوق
تضاءَلوا مِنه وانقادُوا لعزَّتِه / إِلى التَّذَلُّل وانقادوا إِلى الملَق
من أَقْبلَ الدِّينُ في إِقبالِ دوْلته / شوقاً إِليه وفرَّ الكفرُ من فَرق
تَصْبو إِلى معرَكِ الهيجاءِ عزمتُه / كأَنَّها منه في مُسْتَنْزَهٍ أَنِق
وراحةٌ منه لا تنفَكُّ عاشقةً / للأَسمرِ اللَّدنِ أَو للمُرهَفِ اللَّبِق
وقتْه جُنَّةُ تقْوى في مَعارِكه / وجنَّةُ الصَّبر فيها لِلتَّقِيِّ تَقي
استخبر الكفرَ ماذا حلَّ مِنه بِه / وما الَّذي مِنه في يوم اللِّقاءِ لَقي
همَّ الأَعَادِي وما نالوا بِزعْمهمُ / ما أَمَّلوا هلْ تُنال الشَّمس في الأُفُقِ
أَشقى به اللهُ من عَادى عُلاهُ ومن / عادَى عَلياً من الجُهَّالُ فَهْو شَقي
يا فالقَ الصُّبح من سيْف براحَتِه / أَنتَ الَّذي فَلَق الهاماتِ بالْفَلَقِ
في موقف ضاق حتى لا مجالَ به / لكنَّ ذَرْعك لمَّا ضَاق لم يَضِقِ
فكم تركتَ بها كَفَّاً بلا عَضُدٍ / وقد توسَّدها رأْسٌ بلا عُنق
يرْوِي عدوُّك منها ماءَ لَبته / بالنَّحر مِنها وبعضُ الرِّي كالشَّرق
عذرْتَهم يوم فرُّوا منك حينَ رَأَوْا / ضرباً يُعيد جديدَ الدِّرع كالْخَلَق
فَما نَجا مِنْك لا مَن كانَ في شَرفٍ / فوقَ السَّماءِ ولا مَن كانَ في نَفَقِ
قطعتَ بالموتِ مِنْ أَرْواحِهم عَلَقاً / والموتُ قطَّاع مَا يَلْقى من الْعَلَقِ
بكى لهم من وَراءِ البحرِ بحرُ دمٍ / حتىَّ تحمَّر ما في العينِ من زَرَق
ما أَعجزَ الفِكرَ عن وصْفٍ يُحيط به / ولو أَطاق لكانَ القولُ لم يُطِق
يُثني لِساني وقلبي منه في جَذَلٍ / وأَنْثَني لقصورٍ عنه في حَنَق
وكم لَحَانِيَ فيه كُلُّ ذي حَسدٍ / لما رآني من نُعماهُ في غَدَق
وإِنَّني منه في عَيْش بلا نكدٍ / وإِنَّني منه في صَفْوٍ بِلاَ رَنَقِ
لما كسانيَ أَثوابَ الغِنى حَسُنَت / فيها حِلايَ وحُسْن الغُصْن بالوَرَق
عذرتُ عاذِل مدحي في مَناقِبه / إِذ كانَ يدخلُ بين المِسْك والعَبَق
نَعِمَ المشوقُ وأَنعمَ المعشوقُ
نَعِمَ المشوقُ وأَنعمَ المعشوقُ / فالعيشُ كالخِصْرِ الرقيق رقيقُ
واهاً على الخصر الرَّقيق وإِنَّما / قطعَ الحديثَ حديثُه الموثوقُ
خِصْرٌ أُديرَ عليه مِعْصَمُ قُبلةٍ / فكأَنَّ تقبيلي لَه تَعْنِيقُ
ونَعم لقد طرقَ الحبيبُ وما لَه / إِلا خدودُ العاشقين طريقُ
فرشُوا الخدودَ طريقَه وكأَنَّما / زَفراتُهم لِقدومِه تَطْرِيق
حلَّى البعادُ دُنُوَّه فلربَّما / كانَ الشَّقاءُ إِلى النَّعيمِ يَسُوق
وافَى وصُبْحُ جبينِه مُتَنَفِّسٌ / وأَتَى وجِيدُ رَقيبه مَخْنُوق
يُملي تعاليقَ العِتاب وقبلَها / لَمْ أَدْرِ أَنَّ فؤادَه تَعْلِيق
وصنعتُ في صِناعةً شِعريَّةً / فالصَّدرُ يرْحُب والعِناقُ يَضِيقُ
وفنيتُ من طرب وقد أَفْنى فَمِي / ريقاً له يَجْري عليه الرِّيقُ
وضممتُه الضَّم العنيفَ فقال لي / لا قلتُ إِنَّك يا رفيقُ رفيقُ
وهممتُ بالعذرِ الَّذي تصحيفُه / فيه وما كُلُّ الوَفاءِ يَليقُ
وغداً يُطارِدُني ولا يحلُو الهوى / حتَّى يطاردَ عاشِقاً معشوق
فصبرتُ أَو عجبَ الغرامُ وما درى / أَنِّي على أَخلاقِه مَخْلوقُ
في مجلسٍ مَطرُ الكئوسِ بربْعه / وبْلٌ وغَيْمُ النَّدِّ فيه صَفِيقُ
وكأَنَّما النَّد الذَّكِيُّ غُلالةٌ / فيها بُروق البابِلِيِّ خُروقُ
وأَتى الحبيبُ بكأَسِه وكأَنَّها / شفَقٌ يُقرِّبه إِليه شَفِيقُ
فشربتها شَغَفاً لأَنَّ نسيمها ال / مسكيَّ من أَنفاسِه مَسْروق
وجهلتُها وعلِمْتُ أَنَّ رُضَابَه / راحٌ وأَنَّ لِسانَه إِبْريق
يا من أَدار وقَدْ أَدار عقولَنا / كأَساً يَرِقُّ شرابُها ويرُوق
بين الرِّياضِ وبيْن وجهك نِسبَةٌ / فالآسُ تُربٌ والشقيقُ شَقِيق
سُقياً لدارك وهْي دارَهُ بَدْرِنا / وله غُروبٌ عندها وشُروق
يا دارُ كَمْ طرِبَتْ إِليكِ نُفوسُنا / شوقاً فلا طَرِبَتْ إِليكِ النُّوقُ
ولقد نأَيتِ فضقتُ ذَرْعاً إِذْ أَتى / عبدُ الرَّحيم فزالَ عَنِّي الضَّيقُ
فالقلبُ من أَسْرِ الهمومِ مخلَّص / والطَّرفُ من رِقِّ السُّهادِ عَتيقُ
قَدِمَ الأَجَلُّ على أَجلِّ سعادةٍ / تصبُو لوجهِ لقائِه وتَتُوق
قد مض السُّرورُ مهنئاً بقدومِه / وأَتى يُبَشِّرُنَا بِه التَّوفِيقُ
فالدَّهر معتذِرٌ بيوم لِقائه / ممَّا جَنَاه بيومِه التَّفْرِيقُ
والصبحُ في شَفَةِ الظَّلام تَبَسُّمٌ / والشَّمسُ في ثَوب السَّماءِ خُلُوقُ
سُرَّت بمقدمِه السماءُ فَثَوبُها / فوقَ الخلائِق بالخلُوق خَلِيقُ
ركبَ الطريقَ فسهَّل التسهيلُ في / تِلكَ الطريقِ وعوَّق التعويقُ
لا غَرْوَ أَن سَعِدت طريقُ رِكابه / فالسَّعد عبدٌ والرَّشادُ طَريقُ
وأَتى إِلى البيتِ العتيق ووجدُه / وهواهُ بالبيت العتيقِ عَتيقُ
وردَ المناهِلَ وهْي مِلحٌ ماؤُها / وكأَنَّها في رَاحَتيه رحيقُ
ويكادُ يَرويه السرابُ كرامَةً / والرَّي في بحر السَّراب غريقُ
ومضَى وعاودَه كما قَدْ عاوَد ال / معشوقُ من بعد الفِراق عَشِيقُ
أَهدى له البدرُ النضارَ تصدُّقاً / والرسْمُ أَن تُهدَى إِليه النُّوق
وغدا الخلائقَ في مُنى تحْليقِهم / وله على أُفْقِ السُّها تَحْليق
إِن جلَّ هذا الفعلُ منه فكَم له / معنىً جليلُ القدرِ وهو دقيقُ
وأَمامَ ما يُبْديه من أَلْفاظِه / رأَيٌ يَشفُّ وراءَه التوفيقُ
لولا اعتقادِي للشَّريعةِ مُخْلِصاً / ما قلتُ إِنَّ كلامَه مخلوقُ
وَرِثَ السِّيادَة كابراً عن كابرٍ / فالعِرْقُ في أُفْق العَلاءِ عَريقُ
معنَى الرِّئَاسةِ فيه بِكرٌ لا كَمن / معنَى الرِّئَاسَةِ عنده مطروقُ
الحُكمُ فصلٌ والكلامُ مفصَّل / والوجهُ طلْقٌ والنَّوالُ طليقُ
متعمِّقٌ في الجودِ لولا جودُه / ما كان يُشكر في الوَرى التَّعميقُ
لا يستقرُّ المالُ فوقَ بَنَانِه / حتَّى كأَنَّ بنانَه مخروقُ
سبقَ الكِرامَ وما ازْدهى متكبِّراً / حتَّى ظنَنَّا أَنَّه مسبُوق
يا طالبين ذُرا عُلاه توقَّفُوا / ومؤَمِّلين نَدى يَديْه أَفِيقُوا
لو رَامت الشَّمْس المنيرةُ شأْوَه / يومَ الفَخَار لعاقَها العيُّوق
راحَ رسولي وجاءَني عاشِقْ
راحَ رسولي وجاءَني عاشِقْ / وعاقَه عن رِسالتي عائِقْ
وعاد لاَ بالجوابِ بل بجوىً / أَخرسَه والهوى به ناطِقْ
ومُخْجِل الشَّمس بالملاحة قد / أَلبس خدَّيَّ خجلةَ الواثق
والعذرُ فيمن هَوِيتُ منبسطٌ / والعذرُ في مثلِ حُسنه لائِق
أَوعدني أَنَّه سيلْحقُني / وكان لا سابقاً ولا لاحِقْ
وكان ظنِّي أَن سوف يطْرقُني / لأَنَّه النَّجمُ واسمه الطارِقْ
وقالَ لي مسكني السَّماءُ فإِن شئ / تَ أَو اسْطَعتَ فارْقَ أَو فَارِقْ
هيهات هيهات أَن تُقيم بها / تملُّها والسماءِ والطَّارقْ
كيفَ يَقرُّ الحبيبُ في وطنٍ / ولم يَزل قطُّ في حَشاً خافِقْ
له فمٌ كم سَرت به قُبَلِي / بالوهم بين العُذيبِ أَوْ بَارِق
إِن لم أَكن آكلاً حلاوتَه / بالفَمِ إِنِّي بناظري ذائِق
ريقتُه عاتِقٌ محرَّمة / يا قومِ للغلامِ والْعَاتِق
قل لِلثَامِ الغُلام قبِّل عَلَى / رغمي وقل يا قميصَه عَانِقْ
سبقتَني للعِناق فاحْظَ به / وما رأَى النَّاسُ قطُّ لي سابِقْ
سبقتُهمْ للعَلاءِ مُشترياً / حتى لصيَّرتُ سوقَها نَافِق
وفقتُهمْ بالكمالِ وليعلم ال / خلقُ بأَنَّ الكمالَ بي فَائِقْ
أَنَّى لي النْقصُ إِنَّ مجدَ أَبي / سامٍ كما أَنَّ قدرَه سَامِقْ
هو الرَّشِيدُ الَّذي رئاستُه / سارَتْ بلا زاجرٍ ولا سَائِقْ
عُلاً يفوقُ السَّماءَ منزِلَةً / أَين تقولون طرفُه رامِقْ
وفي سُرى الجوِّ أَصلُ نبعتهِ / أَين يظنُّونَ فرعَه باسِقْ
يرى ظهورَ النجومِ طالعةً / وكيف يَرمي بهنَّ من حَالِقْ
يُكْنَى أَبا الفضل فهو يعشَق شخ / صَ الفضلِ والمرُ لابْنِه عَاشِق
ويسرُق الليلُ نورَ غرته / كأَنما ذُرَّ فوقَها شَارِقْ
وإِن دجَت في الخطوب معضلةٌ / فهو لإصْباحِ فجْرِها فالِق
كما الدُّجى والضُّحى لو اختلطا / لكان ما بين ذَا وذَا فارِق
ذكاؤُه يعلَمُ الغيوبَ فقد / أَضحَى عليماً بسرِّها حَاذِق
ورأْيُه يملأُ الزَّمانَ فقد / ضاق وما صدره به ضائِقْ
وسعدُه عبدُه وإِن أَبق ال / عبدُ فلا كان عبدُه آبق
لو أَصبح المشتَرِي يُعانده / لحطَّه عن مكانِه الشَّاهِقْ
وجودُهُ مغرِق العُفاةِ فكم / أَصبحَ منهم بجودِه غَارق
أَعطاهُمُ كُلَّ صامتٍ فغدا / الصامت مِنْهم بمدحِه نَاطِق
يحنّ تقبيلُهم إِلى يده / كما يَحِنُّ المشوقُ للشَّائِق
قل لعدوٍّ جرى ليلْحَقه / هيهَات هيهاتَ لستَ باللاَّحِق
يرتقِّ فتقَ العلا إِذا فُتِقَتْ / وأَنت لا فائِقٌ ولا رَاتِق
طرتَ ولكن مثلَ الفراش فلا / تفخرْ فما كلُّ طائر باشِقْ
من ادّعى مجدَه مُسارَقَةً / فقل له قد مُسِكْت يا سارق
يظن أَعداؤُه به خُنقوا / وما لَهم خانِقٌ سوى الْخَالِقْ
يا من بإِنعامِه ونَائِله / أَنْقَض ظَهْري وأَثْقَل العاتِقْ
أَقطعْتني وسْطَ بلدتي بلداً / سُرَّ به كلُّ رامِقٍ وامِقْ
تغدو الدنانيرُ وهْي غلته / وسعرُها قطُّ لم يزَل نَافِقْ
ليس يُبالي بالنِّيل حين أَتَى / ولا إِذا ضنَّ بالحيا بَارِقْ
قد طاب لي مُجتنىً بغيرِ عَناً / والمِسْكُ لِمْ لا يطيبُ للنَّاشِق
وعيشَتي قد صَفَتْ فمورِدُها / مع كَدرِ الدَّهْرِ رَيِّقٌ رائِقْ
إِن لم تكن خالِقي فقد أَذِن ال / خالِقُ فِي أَنْ تكونَ لي رَازق
يا جعفراً قد صدقْتَ وعدَك لي / فأَنتَ لا شكُّ جعفرُ الصَّادِق
عَشِقْتُ ومن هذا الذي ليس يَعْشَقُ
عَشِقْتُ ومن هذا الذي ليس يَعْشَقُ / ولِمْ لا وقد هام الحَمَامُ المُطَوَّقُ
وإِن كنتُ عُلِّقْتُ الحبيبَ فإِنَّه / بقَلْبيَ من كل البريَّة أَعْلقُ
أَموتُ غراماً حين أَحْرَمُ وصل مَنْ / هوِيتُ وأَحيا فرْحَةً حين أُرْزقُ
وإِنَّ الفتى يَحْيَا بما قد يُمِيتُهُ / فبالماءِ يَحْيَا وهُوَ بالماءِ يَغْرَقُ
وإِياكُمُ لا تُنْكِروا خفق قلْبِهِ / فقلبُ الذي يَسْعَى ويُخْفِقُ يَخْفِقُ
وليسَ المُعنَّى بالحبيب بواثقٍ / وإنَّ المُعنَّى بالحبيب لمُوثقُ
هدى بثنايَاهُ وضَلَّ بِشَعْرِهِ / فكادَ بِقَوْلِ المانَوِيَّةِ يَصْدُقُ
أَبَدْرَ الدَّياجي إِنَّ بَدْرِيَ زَائِدٌ / وأَنتَ على الأَيَّام تُمْحَى وتُمْحَقُ
تحلَّقَ شَعْرُ الصُّدْغِ من فوقِ خدِّه / فأًقْبَلَ قَلْبي نحوه يَتَحلَّقُ
فلولا نداهُ أَحْرَقَ الصدغَ جَمْرُهُ / فباتَ على النَّار النَّدَى والمحلَّقُ
وخَدْشٌ على خَطِّ العِذَارِ كأَنَّهُ / كلامٌ على سَطْرٍ من الخط مُلْحَقُ
بِحَقِّكَ احْمِلْ لي على الصُّدْغ قُبْلةً / فخدُّكَ ماءٌ فيه صُدْغُكَ زَرْوَقُ
وإِن شوَّشَ الصدغَ النسيمُ فخلَّها / عَسَى أَنَّها في ذلك الماءِ تَغْرَقُ
وإِلاَّ على الخَصْرِ الدَّقيق فقال لي / إِلَيْكَ فإِنَّ الخَصْرَ مِنْ ذَاكَ أَضْيَقُ
ظبْيٌ بمصرَ نسيتُ من
ظبْيٌ بمصرَ نسيتُ من / هُ عِنَاقَ غِزْلانِ العِراقُ
ورشفْتُ راح رُضابِهِ / فوجدته حُلْوَ المَذاقْ
فإِذا أَتاني عاطِلاً / حلَّيْتُهُ درَّ المآقْ
وإِذا تأَطَّرَ قدُّهُ / فأَنا المُثقَّفُ بالعِناقْ
يا حُسْن أَيَّامي بِهِ / لوْ أَنَّ أَيَّامِي بَوَاقْ
باللهِ يا قمرَ الوَرَى / مَنْ خصَّ خصْرَك بالمحَاقْ
وعلام يَغْلِظُ سِلْكُ خُلْ / قِك مَعْ حَواشِيك الرِّقاقْ
كم يَعْذِلُون على انْخِلا / عِي في وِصَالِك وانْهِرَاقْ
ودواءُ ما تصْبُو إِليْ / هِ النَّفْسُ تعْجيلُ الفِرَاقْ
عَذْلُ المُحِب على مُعَذِّبِهِ
عَذْلُ المُحِب على مُعَذِّبِهِ / عَذْلٌ لعَمْرُك لا يُوَافِقُهُ
لما تكمَّل حُسْنُ وَجْنتِهِ / قالُوا تعَذِّرْ قلتُ عاشِقُهُ
عوَّضني بَعْدهُ بِتأْرِيقِ
عوَّضني بَعْدهُ بِتأْرِيقِ / دهرٌ رمى جَمْعَنا بِتفْرِيقِ
ضحَّيتُ بالعينِ يوم فُرْقتِهِ / كأَنَّه كان يَوْم تشْرِيق
يحومُ لثْمِي على مَرَاشِفِهِ / ويشْتهِي أَن يَعُوم في الرِّيقِ
وربَّ ليلٍ جادَ الزمانُ بِهِ / عانَقْتُهُ فيه أَيَّ تَعْنِيقِ
وباتَ ذاكَ الرُّضَابُ من فَمِهِ / رَاحِي وذاكَ اللسانُ إِبْرِيقي
أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ
أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ / قَلْبي لِوائي الخفَّاقِ
وَإِنَّه كِنَانةٌ / فيها سهام الأَحْدَاقْ
وإِنَّه مُخَيِّمٌ / له القلوبُ أَوطاق
خيَّم فيه مَلِكٌ / له الجُسُومُ رُسْتَاقْ
قد مَلَكَ المُلْحَ وقد / فاق مِلاَحَ الآفاقْ
مُثْرٍ من الحسن فما / يُخْشَى عليه الإِمْلاَقْ
وَمُدْنَفُ الطَّرفِ فما / يُدْعَى لَهُ بالإِفْرَاقْ
وسِحْرُهُ حَقٌّ فكم / قد حَقَّ بي وقد حاقْ
مَعَ أَنَّ قَلْبي مَعَهُ / كُلِّي إِليْهِ مُشْتَاقْ
يَنْثَالُ لَثْمِي كلَّما انْ / ثالتْ عليه الأَشْوَاقْ
يبيتُ من خَوْفي علي / هِ للعِنَاق أَغْلاَقْ
إِذا تَثَنَّى قَدُّهُ / فالغُصْنُ بَيْنَ الأَوْراقْ
وَمَنْ رَأَى مَبْسِمَهُ / رأَى عُقُودَ الأَحْقَاقْ
وإِن تَغنَّى حَلْيُهُ / فهل سَمِعْتَ إِسْحَاقْ
عِذَارُه وخَدُّهُ / سَطْرٌ عَلَيْهِ أَلْحَاقْ
وَبَعْدَ ذَا صِيَانَةٌ / قد بَرَّحَتْ بالعُشَّاقْ
كَمْ نَصَحُوا مِنْها وَكَمْ / صَاحُوا وكَمْ قالُوا قَاقْ
سَلْنيَ عن مِعْصَمِهِ / ولا تَسَلْ عَنِ السَّاقْ
ما أَحْسَنَ الخَلقَ وَمَا / أَحْسَنَ تِلْكَ الأَخْلاَقْ
عَواذِلي بِحُسْنِهِ / قد خَضَعُوا بالأَعْنَاقْ
وسكَتُوا لأَنَّهُمْ / قد شَرِقُوا بالأَرْيَاقْ
لَمْ يَنْظُروا وأُخْرسُوا / هَذَا عَمىً وذَا خنَاقْ
لم يَحْكِ جَفْني بَعْدَهُ / إِلاَّ السَّحابُ الغَدَّاقْ
كان لتُرْب الأَرْض في / دُمُوعِ عَيْنِيَ أَرزاقْ
يَا عَجباً لأَدْمُعِي / تَزْكُو بطولِ الإِنْفَاقْ
شُفِيتَ يا قلبُ بهِ / فقالَ لي وَالآمَاقْ
وأَصْلُ ذُلِّي نظرةٌ / تسَلَّقتْ إِلى النِّطاقْ
وَسَرْقةٌ فعُوقِبَ / الجِسمُ عِقابَ السُّرَّاقْ
هذا هو الظلمُ الَّذِي / يُقْضى بِهِ للعُشَّاقْ
يا قاتِل الصَّبِّ هوىً / لا ذُقْتَ مِنْهُ ما ذاقْ
أَمَتني بنظرة / فأَحْيِني بإِطْرَاقْ
أَمتَّني فأَحْيِني / يا سُمُّ أَو يَا دِرْيَاقْ
أَغْرقتُ في النَّزع وما / حرَّمتني بالإِعْرَاقْ
لم يَبْقَ شيءٌ فيَّ أَو / شَمِلْتَهُ بالإِحْرَاقْ
وإِنَّ شَيْبي أَسودٌ / لأَنَّ شيْبي حُرَاقْ
لي أُسوةُ الشمسِ التي / أَثْكَلْتَها بالإِشْرَاقْ
ومزنةٌ ضَحِكَتْ إِذَا / فجَّعْتَها بالإِبْرَاقْ
إِن كان أَسْرِي سَرَّهُ / فالأَسْرُ مثلُ الإِطْلاَقْ
أَو ضاقَ صدراً بي فَصَدْ / رِي بالهُمُومِ ما ضَاقْ
أَو خانَ مِيثاقي / فإِنِّي لا أَخونُ المِيثاقْ
أَحبَّتي هل عِنْدكم أَنَّني
أَحبَّتي هل عِنْدكم أَنَّني / عُلِّقْتُهَا مَاجِنَةً عِلْقَهْ
أَثَّر تقْبِيلي على خَدِّها / طَابَعَ حُسْنٍ لم يكنْ خِلْقَهْ
صَدِيقي يَرَى التَّوفيق في البخل وحدَه
صَدِيقي يَرَى التَّوفيق في البخل وحدَه / فمن ذاك يَدْعُو نَفْسَه بالموفَّقِ
يودُّ لو أَنَّ الدَّهر صيفٌ مهَجِّر / ليلبسَ فيه فردَ ثَوْبٍ مُمَزَّقِ
أَنا غرسُ بيتكِ إِن أَرَدْ
أَنا غرسُ بيتكِ إِن أَرَدْ / تَ فأَظِمه أَو شِئْتَ فاسْقِهْ
وكذا بِصَدِّك إِن أَرد / ت فأَفنِه أَو شِئْتَ أَبْقِهْ
وكذاك نَعِّمْه إِذا / أَبقيتَه أَوْ لاَ فأَشْقِهْ
رقَّيتَهُ وحطَطْتَهُ / هَوْناً فليْتَ أَنَّك لم ترَقِّهْ
ووقيته لكن رضا / ك فليت أنك لم توقه
عوّضتَه من قُرْبِه / ودنوّ موضعِهِ بسُحْقِه
وجَعَلْتَه غَرضاً لنبلِ / زَمَانِهِ الرَّامي وَرشْقِه
والسعدُ طارِقُ همِّه / بالجِدِّ في تَطْبيقِ طُرْقِه
وَفَتَقْتَ أَمراً أَنت بَعْدَ / اللهِ مأَمولٌ لرَتْقِهْ
هَذَا بِلا ذنبٍ أَتا / هُ جَزَيتَهُ عنه بِحَقِّهْ
هو عبدُ أَنْعُمِكَ التي / لا ذاقَ منها طعمَ عِتْقِه
ورقيقُ جودِك لا رأَي / تَ خروجَهُ من تَحتِ رقِّه
يَشْكُو وَقَدْ أَعرضْتَ / ضيقةَ أَرضِه وظلامَ أُفْقِه
فاعْطِف عَلَيْهِ فإِنَّ عَطْ / فَك إِن أَتى فلِمُسْتَحِقِّه
وارْفُقْ به فسواكَ يَب / خَلُ من مَودّتِه برفْقِه
وامْنُنْ عليه قبل مَحْ / قِ فؤادِهِ هَمّاً ومَحْقِه
يا غيثَه يا أُسَّ بي / تِ حياتِه يا بابَ رِزْقِه
لم يبق للنِّصف سِوَى سَاعة
لم يبق للنِّصف سِوَى سَاعة / وَطَرْفُه مُرتَقِبٌ للطريق
أَقْسمَ لا يَطرُق حتى يَرَى / صديقةً معشوقةً مع صَدِيقْ
لمَّا دعا في الرّكب داعي الفِرَاقْ
لمَّا دعا في الرّكب داعي الفِرَاقْ / لبّاه ماءُ الدَّمْعِ من كُل ماقْ
يا دمعُ لم تَدْعُ سِوَى مُهْجَتي / فَلِمْ تَطَفَّلْتَ بَهَذَا السباق
وإِن تكن خِفْتَ لَظَى زَفْرَتِي / فأَنْتَ معذورٌ بِهذَا الإِبَاق
وإِن تكن أَسْرَعْت مِن أَنَّةٍ / إِنَّ لَها من أَنَّتي أَلف رَاق
مهلاً فما أَنت كَدَمْع جَرَى / وَرَاقَ بل أَنتَ دِمَاءٌ تُراق
فقمت والأَجفانُ في عَبْرَةٍ / والدمعُ من مَسْأَلتي في شِقَاق
أَسقِي بمزنِ الحُزْنِ روضَ اللَّوى / يا قربَ ما أَثمَرَ لي بِالفِراق
وأُسْلِفُ التوديعَ سكري لكيْ / يخدعَ قلبي بِتَلاقي التَّرَاق
وما عِنَاقُ المرْء محبوبَه / إِلاَّ لكي يلتَفَّ سَاقٌ بِسَاق
لله ذاك اليوم كم مُقْلَةٍ / غَرْقي وقَلْب بالجَوَى ذي احتراق
ومعشر لاقوا وجُوهَ النَّوى / وهي صِفاقٌ بِقُلُوبٍ رِقَاق
ووالدٌ بَل سَيِّدٌ والهٌ / سَقَاه توديعيَ كأَسَاً دهَاق
يقول لي أَتعبتَ قَلْبي فلا / لَقِيتَ مِنْ بَعْدِيَ ما القلْبُ لاَق
قلت له والحقُّ ما قُلته / والصدقُ ما زالَ لنُطقِي نِطاق
أَيقنت أَن آنَسَ في بلدة / أَخلاق قَوْمٍ مَا لَهُم من خَلاَق
هُمْ مَعْشرٌ دِقٌ فمن أَجل ذا / أَضْحَت مَعَاني اللؤمِ فيهم دِقَاق
لما سرت خَيْلي عَن أَرضِهم / أَسميت قَلْبي بعَتِيق العِتَاق
وبَدْرُ تِمٍّ قال لي عاتباً / قلَّلْت صَبْري يا كثير النفاق
خدعتني حتى إِذا حُزْتَني / سلَّطْتَ بالبين عليَّ المحاق
قلت بدُورُ التِّم أَسرى السّرى / فارْضَ بأَنِّي لَكَ يا بدرُ وَاق
واقعد طليقاً ما نأَت دَارُه / وَدَعْ أَسيراً سائراً في وثَاق
وربَّما كانت لنا عودةٌ / وإِن تكن كانَ إِليك المَسَاق
مذْ صُعِق القَلْب لتوديعهم / وخرّ لم يبلُ فَلمَّا أَفاق
إِن كان وجدي غير فانٍ بهم / فإِنَّ قلبي بَعْدَهُم غَيْرُ بَاق
والله لا سَاوَى وإِن كَابَرُوا / جورُ النَّوى عندي بيوم التَّلاق