المجموع : 8
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق / وَما لمجاز القَول فعل الحَقائق
وَأَورَدت آمالي المَعالي وَلَم أَهب / وَرود العَوالي أَو صُدور الفَيالق
وَجاريت في النَظم الجَواري مُسابِقاً / بِهِ غرراً زانَت وَجوه السَوابق
يَقولون لي زيد رَوى فَضل خالد / فَقُلت حَديث ساقه غَير صادق
أَرى قَصَبات السبق في حَلبة العُلا / وَما كُل سبّاق إَلَيها بِلاحق
فَحَتّى مَتى تَغريب نَجم بلاغَتي / وَما يَتَجَلى الصُبح مِن غَير شارق
أَسامٍ بِلا سامٍ وَحامٍ إِذا طَغى / زَمان بِطوفان مِن الهَم دافق
فَغادرت قَوماً لا يُقال بظلَهُم / لَأَنعَم في ظل مَديد السَرادق
وَفارَقت أَبناء الزَمان مَسيراً / مَديح جَميل الذكر بَين المَفارق
تَخيرت مِن هَذي الخَلائق جَهبذاً / خَليقاً بِأَن يَدعى كَريم الخَلائق
قَد اِبتَدأتني مِنهُ قَبلَ لِقائِهِ / مَكارم فَياض اللهى خَير سابق
تَعلمني حَسن الثَناء صِفاته / وَنَظم صحاح الجَوهر الُمتَناسق
فَأَيقنت إِنَّ البَحر يَلفظ لُؤلُؤاً / يَروقك في جيد مِن الحُسن رائق
تَود مَصابيح السَماء لَو أَنَّها / أَعيرت مَكان الصَمت حلية ناطق
فَتَروي كَما يُروى النَدى عَن سَحابِهِ / أَيادٍ تَوالَت مِن أَيادٍ دَوافق
وَثقت بِهِ مُستَظهِراً لاعتماده / عَلى ناصر تَرجوه آمال واثق
وَنَزهت طَرفي في حلاه كَناظر / إِلى سود أَحداق وَخُضر حَدائق
وَفي طَلب الخَلق اِتباع سميّه / دَليل عَلى تَعظيمه عِندَ خالق
بِمَن تَفخر الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها / شَبيه أَبي سُلطان حامي الحَقائق
فَمَن مثله وَالبَدر عندَ تَمامه / إِذا رامَ أَن يَحكيه يَرمي بِماحق
لَهُ هِمم مضّاءة وَعَزائم / تَسامَت عَلى هامات شَم الشَواهق
وَفيٌّ ذَكيٌّ لَوذعيٌّ إِذا اِرتَأى / هُديتَ بَرأي الأَلمَعي المُوافق
لَدى مِسلق سَوق البَلاغة نافق / لَدَيهِ وَلم يَسمَع نفاق المُنافق
خَبير بِتَصريف المَعاني فَلفظه / لدقته فَخم جَليل الدَقائق
فَدَعني مِن رَجم الظُنون فَإِنَّها / تَصور لِلأَفكار بَعض الخَوارق
فَقُل لِلوَرى إِني تَجَنبت غيره / تَجَنَب مَعشوق مَصون لِعاشق
وَسَيرت مِن فكري شُروداً زففتها / إِلى الكفء تَهدي مِن مُشوق لِشائق
لترتع في رَوض تَروي مِن الحَيا / وَقَطر النَدى فيهِ حَياة الخَلائق
يَرنح تِذكار المَعارف عَطفه / فَيَصبو وَلا يَصغى لِقَول اللقالق
أَتَتهُ عَلى اِستحياء حَوراء قَد غَدا / بَديع قَوافيها لَها كَالنَمارق
وَقَد بَدأته بالتَحية إِذ بَدَت / وَفُضَّ خِتامُ المسك عَنها لِناشق
كادَت تَزف بِنا الرِكاب السَبق
كادَت تَزف بِنا الرِكاب السَبق / فَإِذا الطَريق حَماه صل مطرق
أَرح المَطي فَقَد تَمَرَد مارد / صَعبت مَراقيه وَعَز الأَبلق
تَرجو المَعالي وَالعَوالي دونَها / الشَمس قَد غربت وَأَين المَشرق
فَاِضرب عَن الإِسراع صَفحاً وَاِعتَمد / ان السَريع بِغَير حَزم أَحمَق
وَاِصبر لَدَهرك لا تهبه فَرُبَما / قَطع المُحيط مَع السَلامة زَورَق
مَن لي بِأَصوات الحداة تَرنَمَت / وَالقود تَرقُص وَالبَيارق تَصفق
وَالجُند بِالروح الأَمين مُؤيد / وَالبند بِالنَصر المُبين مخلق
وَالملك بِالنَسَب الشَريف مُتَوَج / وَالدين بِالحَسَب المُنيف مُطَوق
وَالمَجد في بَيت النُبوة راسخ / شَرَفاً يَتيه بِهِ اللوى وَالأَبرق
وَإِذا النَدى يَوماً تَطابَق وَالنَدى / فَالبرّ عَبد اللَه بَحر مُطبق
ملك إِذا ملك زَها بِجدوده / وَجُدوده فَهُوَ الشَريف المعرق
تَلقاهُ بَدراً بِالجَلال مُسَربَلا / يَتلوه نَجم بِالدُروع مقرطق
في مَوكب سام يَحف بِكَوكَب / أفق العَجاج بِنوره يَتأَلَق
تَتَكَلَم الأَبطال قَبل لِقائِهِ / وََتَكاد أَلسِنَة الأَسنة تَنطق
فَإِذا طَغى بِهُم الوَغى وَتَجَرَدَت / بيض الظِبا احمرّ الحَديد الأَزرَق
يَرجو القُبول بِأَن يُسابق خَيله / وَالبَرق لَم يَلحَق سَناه فَيَسبق
وَيل لِقَحطان إِذا غَضِبَت بَنو / عَدنان وَانتَشَر اللوا وَالصَنجق
وَرَمتهم تلك البَنادق وَاِنثَنوا / وَقُلوبَهُم مَثل البَيارق تَخفق
وَالخَيل مثل السَيل في أَعقابِهم / فَالسَيل يَغرق وَالصَواعق تَحرق
وَعلى الكَميت مِن الكُماة غَضَنفر / تَفري براثنه العِدى وَتمزق
يَبدو فتبتسم الصَوارم وَالقَنا / تَبكي دَماً وَالحَي مِنهُم يَصعق
مِن آل محسن عَون كُل مُؤمل / جوداً يَكاد إِذا تَدَفَق يَغرَق
أَمسى لِناديهم نَداهُم داعياً / زَمراً يَقيدها النَوال المُطلَق
يا ابن الَّذي لَولا قَضاءٌ سابق / جاءَت لآمله العُلا تَتَمَلَق
كَم حاول المَنطيق حَصر صِفاته / بِالشعر فَاِنبَهَر البَليغ المفلق
وَلَطالَما دَلَت مَعاليه عَلى / نَهج البَلاغة فَاِستَقامَ المَنطق
أَخفى مَواهبه فَباحَ بِسره / شكر عَلَيها وَالوَفاء مصدق
لَكنه بَدر مَضى بِتَمامه / وَالبَدر يَأخذ في الكَمال فَيَمحَق
وَأَراك تَحذو حَذوه في فَضله / كَرَماً فَتَسبقه لَما لا يَلحَق
وَاِلَيكَها بَدوية في وَسمِها / يَجري عَلَيها مِن صِفاتك رَونَق
مَدَت إِلى عَلياك باعاً طائِلاً / وَأَراك كُفؤاً وَالسَعيد مُوَفَق
جاءَتكَ تَرفل في غَلائل حُسنِها / وَصداقها وَهُوَ القُبول مُحَقق
فَاسلم وَدُم أَبَداً وَباعد وَاقتَرب / إِني بَغَيرك قَد لا أَتَعَلَق
تَرنو النُجوم بِلَحظِها البرّاق
تَرنو النُجوم بِلَحظِها البرّاق / وَالجَوّ في الإِرعاد وَالإِبراق
فَإِذا تَبَسَمَت البُروق لِغبطة / بَكَت السَماء بَدمعها المهراق
وَكَذَلك الأَرَضون في أَكنافِها / جَدب يشاب بِوابل غيداق
مَن كانَ سالم دَهره فَليعتَبر / بِتَعانق الأَسياف وَالأَعناق
لَولا الإِساءَة ما تَميز محسن / تَبدي السُموم فَضائل الترياق
وَلَقَد حَبست النَفس عَن شَهواتها / وَجَمعت أَجفاني عَلى الأَحداق
وَمَنعت ما انضمّت عَلَيهِ جَوانِحي / وَجَعَلت شُكرَكُم عَلى الإِطلاق
لا تَقطَعوا أَمَلي الَّذي أَملتهُ / ملق الكِرام يَزيد في الإِملاق
وَتَخلقوا بِالمُكرَمات تَلطفاً / فَالكُل مُفتَقر إِلى الخلاق
لا تَجعَلوا مَدحي لمدحكم جزاً / وَصل الممنع منية المُشتاق
لا تَحسَبوا أَني عَجزت وَإِنَّما / جَف المداد لِجَفوة الأَوراق
قسماً بِمَن جَعَل البَديع مِن الثَنا / ذخر المُنافق خشية الإِنفاق
إِني عَلى العَهد القَديم وَإِنَّما / حَظ الأَديب عَداوة الأَرزاق
لَكن أَتيت مُؤَخراً مِن بَعد ما / لَدغ الزَمان وَما لَهُ مِن راق
وَأَرى كَثيراً في النُجوم ثَوابِتاً / وَالبَدر ذا كلف حَليف محاق
عاملتموني بِالجَفاء رويدَكُم / الوَرد ذو أَرج بِلا إِحراق
مالي أَراكُم تُنكِرون مَكانَتي / الشَمس لا تَخفي مَع الإِشراق
قلدتمُ غَيري الجَميل وَقلتمُ / حَسب المُغَرّد زينة الأَطواق
أَسدَيتُمُ الجَدوى لَهُ وَسَددتُمُ / طُرق الرَجاء عَليَّ بِالإِطراق
إِن لَم يَكُن مثلي يُسيء وَمِثلَكُم / يُغضي فَأين مَكارم الأَخلاق
أَرجو وُجودَكُمُ وَجودَكُم مَعاً / وَالشارِدات كَحلبة بِسباق
قَد زادَكُم شَرَف الأُصول فَضائِلاً / فَأَضفتُم الأَخلاق لِلأَعراق
فَعَلَيكُم مني السَلام خِتامه / مسك زَكيّ النَشر في الآفاق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق / أَضاءَ سَناه بَين غَرب وَمُشرق
فَغادر لَو اللَيل كَالفَرق أَبيَضاً / وَقَد كانَ مسوَداً كَيوم التَفَرّق
بَسمت لَنا عَن لُؤلؤ في عَقيقة / تَلألأ فيها نور جَوهره النَقي
يَرينا حباباً مِن ثَناياك في فَم / حَكى الكَأس لُطفاً وَهُوَ عَين المُحقق
فَهاتي أَذيقينا الرَحيق مُسلسلاً / مِن الريق أَعني لا الرَحيق المُعتق
وَطوفي بِهِ جوداً عَلَينا فَقَد صَفا / زَمان الصَفا وَاسعي بِهِ وَتَصَدقي
وَلا تَحرمي يا كَعبة الحُسن مِن طَوت / إَلَيكَ بِهِ الدُنيا مَطايا التَشوق
فَما لذة الأَيّام غَير مدامة / تدار عَلى سَجع الحَمام المُطَوق
بِرَوض إِذا ما جَنّ ماء غَديره / تَسلسل في أَصل الأَسيلات ما بَقي
تَراسَلَت الأَطيار فَوقَ غُصونه / كَأَنَّ عَلى الأَوراق وَشي مُنَمق
إِذا اِعتَنَقَت فيهِ الحَدائق راعَها / جَنى نَرجس يرنو إَلَيها كمحدق
وَإِن كتم الرِيحان سَر أَريجه / يَطير بِهِ النمام في كُل مفرق
وَإِن حَدَث النَهر الحَصى بِصَفائِهِ / يَميل إِلَيهِ البان في زيّ مُطرَق
تَروح برياه النَسيم وَتَغتَدي / فَتفترق الأَغصان طَوراً وَتَلتَقي
تَدر عَلَيهِ السُحب دُراً كَأَنَّهُ / قَلائد مَدحي في السَعيد المُوَفَق
هُوَ المُحسن المَقصود مِن آل مُحسن / وَأَشرَف مَن يَسمو المَعالي وَيَرتَقي
وَمَن فَرَق الأَعداء في كُل مَفرق / وَفلق منها الهام في كُلِ فَيلَق
أَدامَ السَرى فَالعرب مِن تَحت بَيرَق / تَحف بِهِ وَالتُرك مِن تَحت صَنجَق
تَضيق صَدر الأَرض كَثرَةُ جَيشِهِ / وَتَوسَع قَلب المَأزق المُتَضيق
لَو اِتَخَذَت أَعداؤه النَجم مَلجَأ / غَزاها عَلى شُهب مِن الخَيل سَبق
يَعلمها حسن الطراد اِقتِحامه / بِأَعلامهِ في مَأزِقٍ بَعدَ مَأزقِ
فَتى لا يَرى يَوم الكَريهة لافِتاً / عِنان كَمَيت أَو شَكيمة أَبلَق
إِذا التَهَبَ السَيف الرَقيق لَدى الوَغى / وَرَوى صَداه بِالدَم المُتَرَقرق
تَرى بَرق ماضي في غمام عَجاجة / وَسَيل دَم بَين الرُبى مُتَدَفق
فَيا ناهب الأَعمار يا غير جائر / وَيا واهب الأَموال يا خَير مُنفق
وَيا جامِعاً شَمل المَعالي وَشامِلاً / جَميع البَرايا بِالنَوال المفرّق
يَمينك وَالسَيف اليَماني فيهُما ال / مُنى وَالمَنايا لِلسَعيد وَلِلشَقي
فَلَم يَمضِ يَوم ما فَلقَت صَباحه / بِبَذل نَدى هام وَهام مُفلق
فَداعيك مُرتاد وَعاديك مُرتدٍ / وَيا نَعم ما تَرجو الأَنام وَتَتَقي
سَمَت بِكَ يا اِبنَ العَبدَليّ عَزائم / مَواض عَلى فرق الفَراقد تَرتَقي
وَخُذها عروباً أَعرَبَت عَن صِفاتَكُم / بَلاغتها قَد أَخرَسَت كُل مسلق
وَما أَنا إِلّا ناظم دُرَّ فَكرَتي / وَلَم أَنتَحل فيما أَقول وَأَسرق
وَما هُوَ إِلا ماء وَجه أَصونهُ / بِتَنزيه لَفظي عَن كَلام مُلفق
فَلا تَعدلوا مثلي بشر عصابة / فَمنطقة الجَوزاء مِن دون مَنطِقي
وَإِن يَعترضني في عُروضي جاهل / وَعرض لي عَرضاً كَثَوب مخلق
فَلا كُنت قلت الشعر ان لَم أَكُن بِهِ / أَمزق ذاكَ العَرض كُل مُمَزق
لِيَعلَم مَن في الشَرق وَالغَرب أَنني / صَفَعت جَريراً قَبل صَفع الفَرَزدق
وَما دامَ عَبد اللَه ذخري وَمَلجَأي / وَعَوني شَفيت النَفس مِن كُل أَحمَق
وَدونَك يا سَبط ابن عَون وَليدة / تَميس دَلالاً في حلا فكر مُغلَق
نُجوم بَديع في سَماء بَلاغة / تَزاهَت بِنور مِن مَعاليك مُشرق
إِذا طَرَقَت سَمع الفَتى فعلت بِهِ / لَباقَتِها فعل السلاف المُروق
تَطوف بَكَأس مِن صِفاتك ختمها / نَوافح مسك بِالمَدائح أَعبَق
رآه طَرفي عَلى طِرفٍ يَمرّ بِهِ
رآه طَرفي عَلى طِرفٍ يَمرّ بِهِ / مِثل السَحابة تَحتَ البَدر في الأُفق
مُقَلِداً بِحُسام غَير ناظره / هَذا لِغَيري وَذا يا مُهجَتي أَفق
يا مَن وَهَبت لَهُ روحي فَعذّبها
يا مَن وَهَبت لَهُ روحي فَعذّبها / وَرمت تَخليصها مِنهُ فَلم أَطق
أَدرك بَقية ما أَبقيتَ مِن رَمَق / قَبل المَمات فَهَذا آخر الرَمق
خَلاص روحك كَم لي في مِن أَرب
خَلاص روحك كَم لي في مِن أَرب / كَي تَستَريح وَتَطفي لَوعَةَ الحَرق
لَكن حَوادث هَذا الدَهر قَد جبلت / عَلى خلاف مُراد غَير مُتَفق
قالوا اِتخذ لَكَ خادِماً فَأَجبتَهُم
قالوا اِتخذ لَكَ خادِماً فَأَجبتَهُم / أَنّي يَكون لِناظم الشعر الرَقيق
قالوا التمس لَكَ طيب عَيش قُلت لا / يُرجى لِرَبّ اللَفظ وَالمَعنى الدَقيق