المجموع : 17
خَطَرَت وَفي قَلبي لِذاكَ خُفوقُ
خَطَرَت وَفي قَلبي لِذاكَ خُفوقُ / وَرَنَتْ فَكُلُّ الصاحِبين رَشيقُ
هَيفاءُ مالَ بصَبِّها سُكُر الهَوى / لَمَّا تَمايَلَ عِطفُها المَمشوقُ
قاَمت تُديرُ لَنا الرَّحيقَ وَلَيتَها / طَلَبَت مُجانَسَةً فَدارَ الرِّيقُ
وَشَدَت فَأَطرَبَتِ الجَمادَ وَهَيَّجَتْ / حَتَّى عَلِمنا كَيفَ يُحيِي البوقُ
ناظرتُها فَسكرتُ مِن لحَظاتِها / وَشَرِبتُ خَمرتَها فَكَيفَ أُفِيقُ
وَرَأَيتُ رِقَّةَ خَصرِها فَوَهَبتُها / قَلبي فَإِنَّ كِلَيهِما لَرَقيقُ
غَيداءُ آنِسةٌ نَفُورٌ عِندَها / يَحيا الرَّجاءُ وَيُقتَلُ التَوفيقُ
كَالآلِ يُطمِعُ لامِعاً مُتَقرِّباً / وَلِمَن أَتاهُ زُفرَةٌ وَشَهيقُ
قالتْ وَقَد غازَلتُها متصبِّباً / لَيسَ الصَّبابَةُ بِالمَشِيبِ تَليقُ
هَيهاتِ ما كِبَراً مَشِيبي إِنَّما / هَذا الدَّلالُ إِلى المَشيبِ يَسُوقُ
إِني أمرُوءٌ طَرِبٌ عَلى غَزَلِ المَهى / وَعلى مُناظَرَةِ الحِسانِ مَشُوقُ
حَجَّتْ إِلى قَلبي العُيونُ فَإِنَّهُ / بَيتٌ وَلَكنْ لا أَقولُ عَتيقُ
يا رَبَّةَ الحُسنِ العَزيزِ لَكِ الحَشا / مِصرٌ غَلا فَسَطا عَلَيهِ حَريقُ
نُعمانُ خَدِّكِ في الرِّياضِ وَمَدمَعي / هَذا لَها خالٌ وَذاكِ شَقيقُ
دَمعي حَدِيثٌ لا يَزالُ مُسَلسَلاً / أَبَداً وَقَلبي بِالغَرام خَليقُ
قَلبٌ كَخالكِ في المَحبَّةِ طَيِّبٌ / لَكنَّ ذا مسكٌ وَذاكِ فتيقُ
هُوَ شافِعِيٌّ عِندَهُ حُسنُ الوَفا / لابنِ الكَرامةِ سُنَّةٌ وَحُقُوقُ
وَمَتى الوَفاءُ وَكُلَّ يَومٍ بَرَّةٌ / لَكَ في المحاسنِ لِلوَفاءِ سَبُوقُ
تَأتي النَفائِسُ مِنكَ لا مَطروقَةً / مِن دُونِهِنَّ الدِّرهَمُ المَطروقُ
اللَهُ أَكبَرُ في الأَيمَّةِ فَردُها / وَلَفيفُها المَقرونُ وَالمَفروقُ
رَجلٌ وَماذا وَصفُهُ وَكَفى بِهِ / رَجُلٌ لَهُ المَفهومُ وَالمَنطوقُ
حَسَنُ المَعاني وَالبَيانِ كَلامُهُ / جَزلٌ وَمَعناهُ الرَّقيق دَقيقُ
فَإِذا تَكلَّمَ راحَ يَفعَلُ لَفظُهُ / ما راحَ يَفعَلُ بِالنُّهى الرَّاووقُ
حيِّ القَريضَ وَآخذِيهِ وَقُل لَهُ / قَد كانَ مُقتَرَضٌ وَأَنتَ طَليقُ
ها أَنتَ في يَدِهِ رَقيقٌ أَن تَحُل / عَنها فَإِنَّكَ آبقٌ مَسروقُ
لَكَ مِن قَريحَتِهِ السَّليمةِ صِحَّةٌ / وَطِرازُ وَشيٍ لا يَرِثُّ أَنيقُ
هِيَ ذَلِكَ الإِكسيرُ صُنعُ اللَهِ لا اُل / إِكسيرُ مِمَّا يَصنَعُ الإِنبيقُ
تُلقي الهِلالَ فَيَستَحيلُ بِها إِلى / شَمسٍ لَها عِندَ الأُفولِ شُروقُ
يا بُطرسُ الشَّهمُ الكَريمُ مَكانُهُ / وَبنانُهُ وَلِسانُهُ المِنطيقُ
أَنتَ الكَرامَةُ وَاِبنُها وَأَبٌ لَها / نَسَبٌ كَريمٌ في الكِرامِ عَريقُ
طُفتُ البِلادَ وَقَد جَلَستُ إِلَيكَ لا / سَفَرٌ وَلَم تَمنُنْ عَلَيَّ النُوقُ
ما فاتَني أَنَّ الأَوائلَ قَد مَضَوا / وَبَقِيتَ أَنتَ ولي اليكَ طَريقُ
سقاني حُبُّهُ كأْساً دِهَاقا
سقاني حُبُّهُ كأْساً دِهَاقا / فأسكَرَني وأسكَرتُ الرِفاقا
وما عِلمُ الفُؤادُ قديمَ سُكرٍ / بهِ ولكانَ يَعَلمُ لو أفاقا
هَوَى قلبٍ تملَّكَهُ رقيقاً / فواعجبا ولا يرضَى العَتاقا
إذا رقَّ الحبيبُ ودقَّ معنىً / لهُ رقَّ الهَوَى ورَقِي وراقا
جميلٌ قد صَرَفتُ جميلَ صبري / على يدهِ فأحسنَتُ الطِباقا
يَتُوقُ إليهِ قلبي وَهْوَ فيهِ / ويخشى أن يذوبَ فلا يُلاقى
طبيبٌ لا ينالُ الموتُ منهُ / دِماءَ عليلِهِ إلا اسِتراقا
ولو تَرَكَ الدواءَ لنابَ عنهُ / بأطيبَ منهُ نشْراً أو مَذَاقا
فتىً يلهو العليلُ إذا أتاهُ / بهِ عمَّا أُصِيبَ فما أطاقا
ويُوشِكُ أن يخافَ فِراقَ سُقمٍ / مخافةَ أن يذوقَ لهُ فِراقا
لا يَلزَمُ القَمرُ المُنيرُ المَشرِقا
لا يَلزَمُ القَمرُ المُنيرُ المَشرِقا / فأتى وكانَ يُضِئُ من قبلِ اللِّقا
قد رامَ جِلَّقَ في النُزُولِ فمن يُرِدْ / عَدَدَ البُروجِ يَعُدُّ منها جِلَّقا
يا طالما كُنَّا نَراهُ تَوَهُّماً / حتى رأينا شخصَهُ مُتحقّقِا
كِدْنا نَذوبُ تَشَوُّفاً لِجَلالِهِ / من بعدِ ما كِدْنا نَذوبُ تَشَوُّقا
فضحَ السَّماعَ بهِ العِيانُ بأنَّهُ / أوفَى ولكنْ لم نَجِدْهُ أصدَقا
قَصُرَ الرُواةُ بوَصفِهِ فعذَرتُهُمْ / كيلا يَقولوا صِفْهُ أنتَ مُدَقّقِا
أهلاً بأكرمِ قادمٍ قد رَدَّ لي / قلبي الذي قد كانَ معهُ مُوثَقا
مَلَكَ الفُؤادَ يسيرُ تحتَ لِوائهِ / فأنا لذاك أخافُ أن نَتَفرَّقا
فَعَلَت كما فَعَلَتْ سُلافُ الساقي
فَعَلَت كما فَعَلَتْ سُلافُ الساقي / هَيفاءُ تَحكِي الغُصنَ في الأَوراقِ
لَبِسَتْ منَ الوَشيِ البديعِ مَطارِفاً / ولها من الأَسرارِ حَبْكُ نِطاقِ
أَحيَتْ بِزَورتِها فُؤَادَ مُحِبِّها / مِثلَ السَّليمِ أتاهُ نَفثُ الراقي
بَعَثَ الحبيبُ بها إليَّ حبيبةً / هاجَتْ إليهِ بلابلَ الأشواقِ
مكنونةٌ أَخَذَت خُدُورَ صَحائِفٍ / فإذا بَدَت أَخَذَت خُدُورَ تَراقِ
أَلقَتْ على بَصَري وسَمعي صَبْوةً / فكلاهُما من عُصبةِ العُشَّاقِ
يا سَيِّداً مَلَكَ النُفوسَ بلُطفِهِ / فغدَت رقيقةَ رِقَّةِ الأخلاقِ
أَسمعتَها نظمَ الحبيبِ فما دَرَتْ / أحبيبُ طيٍّ أم حبيبُ عِراقِ
قد جاءَني منكَ المديحُ كأَنَّهُ / زَهرٌ يَمُدُّ لقَفرةٍ بِرِواقِ
من صَنعةِ الأَقلامِ كانَ طِرازُهُ / وطِرَازُكم من صَنعةِ الخلاَّقِ
هذِهْ رسالةُ صَبٍّ دائمِ القَلقِ
هذِهْ رسالةُ صَبٍّ دائمِ القَلقِ / إلى حبيبٍ جميلِ الخَلْقِ والخُلُقِ
تَضمَّنتْ نارَ شَوقٍ بينَ أضلُعهِ / فاعَجبْ لهُ كيفَ يُهدِي النَّارَ في الوَرَقِ
عليلةٌ اللفظِ والمعنى مجرَّدةٌ / صحيحةُ العَزْم في الأسفارِ والطُرُقِ
راحت تَخوضُ إليهِ البحرَ خائفةً / من نَقدِهِ إذ يَراها لا من الغَرَقِ
هذا الصَّديقُ الذي تَبقَى مَوَدَّتُهُ / للدَّهرِ خالصةً من شُبهةِ المَلَقِ
تَمضي الليالي ولا تُلقِي بها أثراً / إلاّ كما أثَّرَ الصمْصامُ في الدَّرَقِ
محمدُ العاقلُ المشهورُ تسميةً / بالحمدِ والعقلِ طِبْقَ الذَّاتِ في النَسَقِ
يتلو لنا سورةَ الإخلاصِ مَنطِقُهُ / وَوجهُهُ ظَلَّ يتلو سُورةَ الفَلَقِ
لَئِنْ تكُنْ عينُ تلكَ الشَّمسِ غائبةً / فقد أقامَت علينا رايةَ الشَفَقِ
رسالة كبياضِ العينِ رُقعتُها / وذلك الخط فيها أسود الحدق
تِجارَةٌ بينَنا واللهِ قد رَبحتْ / ممَّن أرَى فضلَهُ كالطَوقِ في عُنقي
يُهدِي اللآلي ويُهدَى بعدَها خَرَزاً / منا فلا زالَ رَبَّ الفَضلِ والسَبَقِ
شَوقٌ يَهيجُ وقلبٌ طالما خَفَقا
شَوقٌ يَهيجُ وقلبٌ طالما خَفَقا / ومُقلةٌ في الدُّجَى علَّمتُها الأرَقا
ومُهجةٌ في الهَوَى العُذْرِيِّ ذائبةٌ / إذا جَرَى الدَّمعُ زادَتْ نارُها حَرَقا
مَن مُنصفي يا لَقومي في المحَبَّةِ مِن / ظَبْيٍ أنا عَبدُهُ وَهْوَ الذي أبَقَا
لمَّا تَوارَى مُحيَّاهُ بَكيتُ دَماً / كالشَّمسِ غابَتْ فأبْقَتْ بعدهَا شَفَقا
مُهَفهَفُ القَدِّ لَدْنُ العِطْفِ مُعتدِلٌ / كالغُصنِ قد حَمَلَ الدِّيباجَ لا الوَرقا
خَطَّتْ يدُ الحُسنِ في مَصقولِ جَبْهتهِ / سَطراً مُلخَّصُهُ سُبحانَ مَنْ خَلَقا
جَرَحتُ خَدَّيهِ بالألحاظِ عن خَطأٍ / فاقتَصَّ من كَبِدي ظُلماً وما رَفَقا
وطالما سَرَقَتْ عينايَ نَظرَتَهُ / فقالَ لا بُدَّ لي من قَطعِ مَنْ سَرَقا
لمَّا رأى سِحرَ عينيهِ العِذارُ طَوَى / كَشحاً وخَطَّ لهُ في عارِضيهِ رُقَى
تلك الأساطيرُ شاقتْني مَحاسِنُها / حتى رأيتُ سُطوراً تَبْهَرُ الحَدَقا
قلائدٌ خِلْتُها حبراً على وَرَقٍ / فكانتِ الدُرَّ لا حِبراً ولا وَرَقا
منظومةٌ بيدٍ كالبَحرِ زَاخرةٍ / مَن خاضَ لُجَّتَها لا يأمَنُ الغَرَقا
بنفسي الفِداءُ لعبدِ اللهِ من رَجُلٍ / كالغيثِ مُندَفِقاً والصُّبحِ مُنبَثِقا
أصَحُّ من خَطَّ قِرطاساً وأبلَغُ مَن / أملَى وأفصَحُ مَنْ بالضَّادِ قد نَطقَا
هُوَ المُصِيبُ الذي لم يُخطِ مَنطِقُهُ / إلاّ بمدحٍ أتاني منهُ مختَلَقا
لَئنْ تَسَربلتُ من عُجْبي بهِ حُللاً / فقد تَعلَّمتُ من ألطافِهِ خُلُقا
سَقى الحَيا أرضَ زَوارءِ العِراقِ كما / سَقَت رُبَى الشَّامِ منها وابلاً غَدَقا
عَلِمتُ أنَّ الصَّبا من نَحوِها خَطَرتْ / لَمَّا رأيتُ شَذا أنفاسِها عَبِقا
شَوقي إلى رَبعها الميمونِ طائرُهُ / شوقُ العَليلِ إلى ما يُمسِكُ الرَّمَقَا
رَبعٌ هو الفَلَكُ الأعلَى فقد طَلَعتْ / فيهِ النُجومُ اللواتي تَصدَعُ الغَسقَا
يا حَبَّذا نَهلةٌ تُرِوي الحُشاشةَ مِن / نهر السَّلامِ الذي قَلبي بهِ عَلِقا
إن لم أنَل جُرْعةً منهُ فوا ظَمئي / ولو سَقاني هَتُونُ الغَيثِ مُندفِقا
أقولُ اليومَ صارَ الشَّرْقُ شَرْقا
أقولُ اليومَ صارَ الشَّرْقُ شَرْقا / فشمسُ الحَقِّ حَلَّتْ منهُ أُفْقا
وإنَّ اللهَ يَصنَعُ كلَّ عَدلٍ / فَيُعطي كُلَّ عبدٍ ما استَحَقَّا
تَهلّلَ ذلكَ التَّاجُ ابتِهاجاً / فكانَ مُسَبِّحاً لو حازَ نُطْقا
وأوشكَتِ العَصا تخضَرُّ خِصباً / فتُعطينا منَ الثَّمرَاتِ رِزْقا
لَقد خَلَفَ الزَّمانُ اليومَ عَمَّنْ / مَضَى عَنَّا وأيُّ النَّاس يَبْقى
كواكبُ لا يَغيبُ البعضُ حتى / نَرَى في مُرتَقاهُ البعضَ يَرْقَى
تَقلَّدَ بالرِّعايةِ خيرُ راعٍ / رَعاياهُ بماءِ البِرِّ تُسقَى
يَسُدُّ على ضَوارِي القَفْرِ باباً / ويَفتَحُ للمَراعي الخُضْرِ طُرْقا
نَراهُ أبرَّ أهلِ اللهِ قلباً / وأحسَنَ خَلْقِهِ خَلْقاً وخُلْقا
إذا كَلَّلتَ مَفْرِقَهُ بِتاجٍ / رأيتَ جبينَه أجْلى وأنقى
تردّى بالسَّواد فقلتُ بدرٌ / ودام كمالُهُ فوجدتُ فَرْقا
وخِلْنا صدرَهُ بحراً فلما / رأينا الدُّرَّ تمَّ الشِّبْهُ طِبقا
بيمُناهُ العزيزةِ صَوْلجانٌ / يُحطّمُ هامةَ الطاغوتِ سَحْقا
لهُ طَرَفٌ بأقصَى الشام يبدو / وأخَرُ في أقاصي مِصرَ يُلقَى
أرَى الإسكَنْدريَّةَ كلَّ يومٍ / تُهنّئُ بعدَ حَسْرَتِها دِمَشقْا
تَطَهَّرَ قلبُها من كُلِّ حُزنٍ / وقد فاضَ السُرورُ عليهِ دَفْقا
أتى الكُرْسِيَّ رافِعُهُ افتِخاراً / ومالكُ أمرِهِ فَتْقاً ورَتْقا
يُعيدُ سَلامةً ويَكُفُّ حرباً / ويَهدِمُ باطِلاً ويُقيمُ حَقّا
ويُضحِكُ أُنسُهُ مَنْ كَانَ يبكي / ويُسعِدُ لُطُفُهُ مَن كانَ يَشْقَى
فيُشرِقُ منهُ بالتاريخِ صُبحٌ / يقولُ اليومَ صارَ الشَرْقُ شَرْقا
أسألتَ بانَ الجِزْعِ وَهْوَ يُصَفِّقُ
أسألتَ بانَ الجِزْعِ وَهْوَ يُصَفِّقُ / كيفَ الثَنيَّةُ بَعدَنا والأبرَقُ
وهَلِ الأجارعُ أُمطِرتْ بعدَ النَوَى / يوماً وهل تِلكَ الخَمائلُ تُورِقُ
يا جِيرةَ الحَيِّ الذينَ تَحَمَّلوا / ما كُنتُ أحسَبُ أنَّنا نَتَفرَّقُ
أستغِفِرُ اللهَ العظيمَ بأنَّنِي / فارَقتُكم وبَقيتُ حَياً يُرزَقُ
ولَقد بكَيتُ على الدِّيارِ فساءَني / دَمعٌ لهُ سَعَةٌ وطَرْفٌ ضَيِّقُ
والدَّمعُ مِن بعضِ المِياهِ قليلُهُ / يُروي ولكنَّ الكثيرَ يُغرِّقُ
هل مُبْلغٌ عَنّي التَحيَّةَ ظَبيةً / عن مِسكِ نَكْهتِها اللَطائِمُ تُفتَق
تَلقَى مَعاطِفَها الغُصونَ فتنثَني / خَجَلاً وتَلقْاها النُجومُ فتخفِقُ
بَدَوِيةٌ من آلِ مُرَّةَ قد حَلا / نهبُ القُلوبِ لَها بطَرْفٍ يَسرِقُ
مِن خالِ وَجْنَتِها بَلاءٌ أسوَدٌ / من وَشْمِ بُلجَتها عَدُوٌّ أزرَقُ
يا دُرَّةَ الغَوَّاص طَيَّ خِبائِها / ويَحْي مَتى هذا الخِباءُ يُمزَّقُ
لو تُطبَعُ الأحداقُ فيهِ رأيتَهُ / كالدِّرعِ من حَدَقٍ إليهِ تُحدِّقُ
إنْ لم تُصِبْ قَدَمٌ إليكَ تَطَرُّقاً / خوفَ الرقيبِ فللقُلوبِ تَطَرُّقُ
قد كانَ لي قلبٌ فطارَ بهِ الهَوَى / فأنا بِلا قلبٍ أهيِمُ وأعشَقُ
وَجْدٌ تَوَقَّدَ في خِلالَ أضالعٍ / قد كانَ يُحرِقها فصارَتْ تُحرِقُ
قد أيْمَنَ الصَبرُ الذي أعدَدتُهُ / للنَّائِباتِ ورَكْبُ شَوقي مُعْرِقُ
شَوقٌ يهيجُ إلى الذي ينسَى بهِ / شَوقَ الجمالِ الهائمُ المُستغرِقُ
العالمُ الصَّدرُ الكبيرُ الشاعرُ ال / فَطِنُ الشَّهيرُ الكاتبُ المُتأنِّقُ
عَلَمٌ يَمُدُّ على العِراقِ رِواقَهُ / وبهِ العواصِمُ تَستَظِلُّ وجِلَّقُ
أبقَى لهُ الباقي الذي هُوَ عبدُهُ / شِيَماً من الفاروقِ لا تَتَفرَّقُ
منها الوَداعةُ والزَهادةُ والتُّقَى / والعَدلُ والحِلمُ الذي لا يَقلقُ
بدرٌ بأُفْقِ الشَرقِ لاحَ وضوءُهُ / في الخافِقِيْنِ مُغرِّبٌ ومُشرِّقُ
ما زالَ في شَرَفِ الكمالِ فلم يكُنْ / نَقصٌ ولا خَسْفٌ بهِ يتَعلَّقُ
هُوَ ذلكَ الرَّجُلُ الذي آثارُهُ / لا تُقتَفى وغُبارُهُ لا يُلحَقُ
ولهُ الفُتُوحُ إذا تَمرَّدَ مارِدٌ / في كُلِّ مُعضلةٍ وعَزَّ الأبلَقُ
تأتي نَفائِسُهُ إليَّ سَوابقاً / وهُوَ الذي في كلِّ فضلٍ يَسبُقُ
ولَعلَّها كالصُّبحِ يسبُقُ شَمسَهُ / والشمسُ تدنو بعدَ ذاكَ فتُشرِقُ
سُرَّتْ برُؤيةِ خَطّهِ العينُ التي / أبداً لرُؤيةِ وَجهِهِ تَتَشوَّقُ
أثَرُ الأحبَّةِ يُستلَذُّ بهِ كما / يَلتَذُّ وَسنانٌ بطَيْفٍ يَطرُقُ
غَمَرتْ فَوائِدُهُ البعيدَ بنَيْلِها / مثلَ القرِيبِ ونِيلُها يَتَدَفَّقُ
كالبحرِ يُهدِي من جَواهرِهِ إلى / مَن لا يَراهُ كمَنْ بهِ يتَعمَّقُ
يا أيُّها القَمَرُ الذي من دُونِهِ / طَبَقُ المفَاوِزِ لا السَّحابُ المُطْبِقُ
إن كُنتَ قد أبعَدتَ عَنَّا نازِحاً / فالبُعدُ أشجَى للقُلوبِ وأشْوَقُ
أُثني عليكَ كأنَّني مُتَفضِلٌ / ولَكَ التَفضُّلُ عندَ مَن يَتَحقَّقُ
لو لم يكُنْ لكَ ما نَطَقْتُ بِمَدْحِهِ / فتُرَى بماذا كانَ شِعري يَنطِق
مَنْ يقرَبِ النَّارَ لا يَسلمْ منَ الحَرَقِ
مَنْ يقرَبِ النَّارَ لا يَسلمْ منَ الحَرَقِ / فابعُدْ عنِ النَّاسِ واحذَرْهم ولا تَثِقِ
واُصبرْ على نَكَدِ الدُّنيا وكُنْ بطَلاً / يَلقَى السُّيُوفَ غَداةَ الحربِ بالدَرَقِ
إن كنتَ قد ضِقْتَ ذَرْعاً عن نوائِبها / فلا تَخَفْ إن لُطفَ اللهِ لم يَضِقِ
يَستدرِكُ المرْءُ ما يَبدُو لناظِرهِ / واللهُ يَصنعُ ما يَخَفى على الحَدَقِ
كم أرَعَدَ الجَوُّ فاهَتزَّتْ جَوانِبُهُ / ثُمَّ انتَهَى الرَّعدُ لم يفَعَلْ سَوَى القَلَقِ
ورُبَّما أطبَقَتْ سُحْبٌ فما قَطَرَتْ / إلا كما يَنقضِي البُحرَانُ بالعَرَقِ
لا يَيْأسَنَّ مريضٌ من سَلامِتهِ / ما دامَ في جِسمهِ شيءٌ من الرَّمَقِ
كم ماتَ من كانَ يُرجَى عَيشُهُ فقَضَى / وعاشَ من كانَ يَخَشى موتُهُ فبَقِي
لِكلِّ لَيلٍ صَباحٌ نستَضيءُ بهِ / فلا تَدوُمُ علينا ظُلمةُ الغَسَقِ
وآخرُ الأمرِ في ضُعفٍ كأوَّلِهِ / كما نَرى الشِبْهَ بينَ الصُّبحِ والشَفَقِ
تَخالَفَ النَّاسُ في الدُنيا فما اتَّفَقوا / إلاّ على حُبِّها الخالي من المَلَقِ
تَسابَقَت نحو كَسْبِ المالِ أنفسهم / ورِفعةِ الجاهِ مثلَ الخيلِ في الطَلَقِ
والفَقرُ أفضلُ من مالٍ حَمَلتَ بهِ / ثِقْلاً من الهَمِّ يُبلِي العينَ بالأرَقِ
والذُلُّ أحسَنُ من مجدٍ لَبِستَ بهِ / ذَمّاً منَ النَّاسِ مثلَ الطَّوق في العُنُقِ
لا خيرَ في خَمرةٍ تَحلُو لِشارِبها / طَعْماً ولكن تَلِيها غُصَّةُ الشَرَقِ
من لا يُقلِّبُ طَرْفاً في عَواقِبهِ / فليسَ تأمنُ رِجلاهُ من الزَّلَقِ
قُلْ للذي مَزَّقَ الدِّيباجَ مُعتمِداً / وبات يرقَعُ منهُ باليَ الخِرَقِ
لا تفتحِ البابَ للضِّرغامِ محترزاً / من البعوض فهذا أعظمُ الحُمٌقِ
شَرُّ الجَهالةِ ما كانَتْ على كِبَرٍ / تُسَوِّدُ الشَيْبَ مِثْلَ الحِبْرِ على الوَرَقِ
وأيسَرُ الجَهلِ ما يَرتَدُّ صاحِبُهُ / عنهُ كمن هَبَّ مُنتاشاً منَ العُمُقِ
لا تَعجَبَنَّ لِسَكرانٍ تَراهُ صَحا / لكنْ لِمَنْ غاصَ في سُكرٍ فلم يُفِقِ
إن الثَباتَ على عَيبٍ أقمْتَ بهِ / عيبٌ جَديدٌ سِوَى المَغرُوسِ في الخُلُقِ
النَّاسُ بالوَضعِ أشباهٌ وقد نَشِبتْ / فيهم مُبايَنةٌ من أكثرِ الطُرُقِ
ماذا نُؤَمِّلُ من نَفعٍ إذا اتَّفَقَتْ / أسماؤُنا والمُسمَّى غيرُ مُتَّفِقِ
يا ليتَ لي بحرَ شُكرٍ كي أخُوضَ بهِ / لكنْ أخافُ على نفسي من الغَرَقِ
شُكرُ الذي ما بِهِ عيبٌ سِوَى نِعَمٍ / تَتابَعَتْ منهُ مثلَ العطفِ ذي النَّسق
ذاكَ الذي كُلَّما رُمتُ اللحاقَ بهِ / في الحُبِّ ألفَيتُهُ قد جَدَّ في السَبَقِ
وكُلَّما كَدِرَتْ عينُ الزَّمانِ صَفا / وكُلَّما دَنِسَتْ نَفسُ الزَّمانِ نَقِي
دَلَّتْ على وُدِهِ الصَّافي صَنائِعُهُ / كالمِسكِ دَلَّتْ عليهِ نَفْحةُ العَبَقِ
والحُبُّ إنْ كانَ لا يأتي بفائدةٍ / فَذاكَ كالغُصنِ لا يُجنِي سِوَى الوَرَقِ
نَرَى منَ النَّاسِ أقواماً مَوَدَّتُهُمْ / تُرضي الفَتَى بلسانٍ خادِعٍ مَلِقِ
تِلكَ الجَرادةُ في بحرٍ وليِمتُنا / مَن فاتَهُ اللحمُ فليِشْبعْ منَ المَرَقِ
لَعمْركَ ليسَ فوقَ الأرضِ باقِ
لَعمْركَ ليسَ فوقَ الأرضِ باقِ / ولا مِمَّا قَضاهُ اللهُ واقِ
وما للمَرْءِ حظٌ غيرُ قُوتٍ / وثَوْبٍ فَوقَهُ عَقْدُ النِّطاقِ
وما للمَيْتِ إلاّ قيدُ باعٍ / ولو كانَتْ لهُ أرضُ العراقِ
وكم يمضي الفِراقُ بلا لِقاءٍ / ولكنْ لا لِقاءَ بِلا فِراقِ
أضَلُّ النَّاسِ في الدُّنيا سَبيلاً / مُحِبٌّ باتَ منها في وِثاقِ
وأخسَرُ ما يَضيعُ العُمرُ فيهِ / فَضولُ المالِ تُجمَعُ للرِّفاقِ
وأفضلُ ما اشتغَلْتَ بهِ كِتابٌ / جليلٌ نفعُهُ حُلوُ المَذاقِ
وعِشرةُ حاذقٍ فطِنٍ حكيمٍ / يُفيدُكَ من مَعانيهِ الدِّقاقِ
هُناكَ المجدُ يَنهَضُ من خُمُولٍ / بصاحبِهِ إلى أعلى الطِّباقِ
ويُنشي الذِّكرَ بينَ النَّاسِ حَتَّى / يقومَ بهِ على قَدَمٍ وساقِ
مضَى ذِكرُ الملوكِ بكُلِّ عَصرٍ / وذكر السُّوقةِ العلماءِ باقِ
وكم علمٍ جنى مالاً وجاهاً / وكم مالٍ جَنَى حربَ السِّباقِ
وما نَفعُ الدَّراهمِ مع جَهُولٍ / يُباعُ بدِرهمٍ وقتَ النَّفَاقِ
إذا حُمِلَ النُّضارُ على نياقٍ / فأيُّ الفخرِ يُحسَبُ للنِّياقِ
وأقبَحُ ما يكونُ غِنَى بخيلٍ / يَغَصُّ وماؤُهُ مِلءُ الزِّقاقِ
إذا مَلَكَتْ يداهُ الفَلسَ أمسَى / رقيقاً ليسَ يطمَعُ في العَتاقِ
ألا يا جامعَ الأموالِ هَلاّ / جَمَعْتَ لها زَماناً لاِفتِراقِ
رأيتُكَ تَطلُبُ الأَبحارَ جَهلاً / وأنتَ تكادُ تغرَقُ في السَّواقي
إذا أحرزتَ مالَ الأرضِ طُرّاً / فما لَكَ فوقَ عَيْشكَ من تَراقِ
أتأكلُ كُلَّ يومٍ ألْفَ كَبْشٍ / وتَلبَسُ ألفَ طاقٍ فوقَ طاقِ
فَضولُ المال ذاهبةٌ جُزافاً / كماءٍ صُبَّ في كأسٍ دِهاقِ
يَفيضُ سُدىً وقد يسطو عليها / فينُقِصُ مِلأها عندَ انِدفاقِ
مَضَت دُوَلُ العُلومِ الزُّهرِ قِدْماً / وقامتْ دَولةُ الصُّفرِ الرِّقاقِ
وأبرَزَتِ الخَلاعَةُ مِعصَميْها / وباتَ الجَهْلُ ممدُودَ الرِّواقِ
فأصبَحَ يَدَّعي بالسَّبقِ جَهلاً / زَعانِفُ يَعجزونَ عَنِ اللحاقِ
إذا هَلَكَتْ رِجالُ الحَيِّ أضحَى / صَبيُّ القومِ يحلِفُ بالطَّلاقِ
أسَرُّ النَّاسِ في الدُّنيا جَهولٌ / يُفَكِّرُ في اصطباحٍ واغتِباقِ
وأتعَبُهم رئيسٌ كلَّ يومٍ / يكونُ لكلِّ ملسوعٍ كراقِ
وأيسرُ كلِّ موتٍ موتُ عبدٍ / فقيرٍ زاهدٍ حَسَن السِّياقِ
فليسَ لهُ على ما فاتَ حُزنٌ / وليسَ بخائفٍ ممَّا يُلاقي
جادَ الزَّمانُ بنعمةٍ مُتَصدِّقا
جادَ الزَّمانُ بنعمةٍ مُتَصدِّقا / فشكرتُ نعمتَهُ ولستُ مُصدِّقا
يا نعمةً طَفَحتْ عليَّ غَلِطتُ بل / شَمَلَت جميعَ السَّاكنينَ المَشرِقا
حَمَلت لنا بَشرَى السُّرورِ سفينةٌ / حقٌّ على أخشابها أن تُورِقا
قد كانَ ذاكَ أسَرَّ لي من شَحْنِها / بالدُّرِ حتى أوشكتْ أن تغرقا
يا رأسَ زاويةِ العشيرةِ لا تَدَعْ / من بعدِكَ البُرجَ الحصينَ مُمزَّقا
ما كنتُ أرضَى بالبقا يوماً إذا / قالوا فُلانٌ قد مَضَى ولكَ البقا
يا ثغرَ بيروتَ ابتسمْ متهلِلاً / وليَبتهجْ شَجَرُ الغياضِ مُصفِّقا
ولتَرْقصِ اللّججُ العظيمةُ حولها / طرباً ويطفحْ نهرُها متدفِّقا
ولتلَبسِ الأرض الأريضةُ سُندُساً / خَضْراً ويلبَسْ زَهرُها الإسْتبرَقا
وتَجُرُّ أرواحُ النَّسائِمِ فوقَها / ذيلاً من المِسكِ الذَّكيِّ مُفتَّقا
عادَ الذي ابتهجَ الكلامُ بوَفْدِهِ / طرَباً وقد هنَّا البيانُ المَنطقِا
لا تُخبِروا عنهُ الطُّروسَ فربَّما / تلقي سوادَ الحبرِ من فرحِ اللِّقا
من عاشَ في دنيا التَّجاربِ لم يزلْ / متقلِّباً بينَ السَّعادةِ والشَّقا
هي حَوْلَنا ماءٌ وطينٌ فانظُروا / مَن خاضَ بينهما أيَطمعُ في النَّقا
طَفَحَ الأنسُ فوقَ ساحاتِ جِلَّقْ
طَفَحَ الأنسُ فوقَ ساحاتِ جِلَّقْ / فتغنَّى الهَزارُ والدَّوحُ صَفَّقْ
صارَ فيها نهرٌ من الماءِ يجري / وخليجٌ من السُّرورِ تَدفَّقْ
يُخلَقُ السَّعدُ في العِبادِ لبعضٍ / بعدَ حينٍ والبعضُ في السَّعد يُخلَقْ
إنَّ من كان للمواهبِ أهلاً / عند مَوْلاهُ فهوَ يُعطَى ويُرزَقْ
ومَجالُ الأرزاقِ كالبحر من خا / ضَ ولم يعرِفِ السِباحةَ يَغرَقْ
لو تساوت خلائقُ اللهِ طرّاً / لم يكن بعضُها عن البعضِ يُفرَقْ
رُبَّ فَرْدٍ منها يفوقُ أُلوفاً / وأُلوفٍ بواحدٍ ليسَ تَلحَقْ
والكريمُ الذي يُجدِّدُ مجداً / ليسَ من مجدهِ بإرثٍ تعلَّقْ
والذي مجده يزيد جديداً / كلما زاد عمرهُ وتَعتَّقْ
أنتَ يا رُكنَ قومِنا أهلُ هذا / وهْوَ من بينِ أهلهِ بكَ أليَقْ
كلُّ نفسٍ تهواكَ عن خَبَرٍ وال / أُذنُ من قبل نظرةِ العين تَعشَقْ
نَظَرتْ مقلةُ الخليفةِ يوماً / نَظْرةً في الصَّوابِ أجلَى وأصدقْ
فأفادَتْكَ رُتبةً في المعالي / أنتَ أولى بها وأوفَى وأوفَقْ
ليسَ أهلاً لزينةٍ كلُّ شخصٍ / لَبِسَ الثَّوْبَ والحِلَى وتَمنطَقْ
والمعالي تَزينُ بعضاً وبعضٌ / تقتضي شَيْنَ عِرضِهِ فيُمزَّقْ
أيُّها الكاملُ الصّفِاتِ اللَّواتي / جَمَعت من لطائفٍ ما تفرَّقْ
لكَ سِرٌّ مقيَّدٌ وثناءٌ / سائرٌ في جَوانبِ الأرضِ مُطلَقْ
ولِسانٌ يجري على منهَجِ الصِدْ / قِ ومالٌ في طاعةِ اللهِ يُنفَقْ
ولكَ الهِمَّةُ التِّي حينَ تَمضي / ليسَ يَعصِي عن فتحها كلُّ مُغلَقْ
هِيَ نارٌ ليست تصيرُ رَماداً / وهْيَ سيفٌ بهِ الصَّدا ليسَ يَعلَقْ
ولقد قُلتُ للذي رامَ مدحاً / لكريمٍ يُرضى بهِ ويُصدَّقْ
هاكَ مْن بالمديحِ وضعاً وطبعاً / قد تَحلَّى مثلَ الحمامِ المُطوَّقْ
أوحشَ القُطرَ حينما غابَ لكن / مَوكِبُ الأُنسِ حينما عادَ أطبَقْ
فرأتهُ العيونُ في الشَّامِ لمَّا / أرَّخُوهُ كالبدرِ غابَ وأشرَقْ
ذَكَرَ النَّقا فاهتزَّ من ذِكرِ النَّقا
ذَكَرَ النَّقا فاهتزَّ من ذِكرِ النَّقا / أتُرَى استُطِيرَ فُؤَادُهُ أم أخفقا
وتَنفَّسَ الصُّعَداء حتَّى خِلتهُ / لو كانَ بينَ أراكِهِ ما أورَقا
كلٌّ لهُ قلبٌ وقلبُ أخي الهَوَى / لَربيبِ قومٍ في هَواهُ تَعلَّقا
يَجِدُّ التَّنعُّمَ في الشَّقاءِ ويَلتظِي / غَضَباً إذا قالوا نَظُنُّكَ أحمقا
طُبِعَ الزَّمانُ على العِنادِ وأهلُهُ / طُبِعوا على أخذِ الخديعةِ مَوثِقا
إنِّي أُصدِّقُ قولَ حُرٍّ صادقٍ / لكنَّني أجِدُ التَّجاربَ أصدَقا
أملاكُ نورٍ لميخائيلَ مُعتَنِقهْ
أملاكُ نورٍ لميخائيلَ مُعتَنِقهْ / قامت تكلِّلُهُ في أرفعِ الطّبَقَهْ
نُواحنُا تحتَ جُنحِ الليلِ مُختلِفٌ / وتلك ألحانُها في السبُّحِ مُتَّفقِهْ
يا صاحبَ الصَّدَقاتِ البيضِ مرحَمَةً / أحوالُنا السُّودُ مِمَّا يَقضَي الشَّفقهْ
يَبكي صَباءَك مَن خلَّفتَ وا أسفا / بأعينٍ كُنتَ منها مَنزِلَ الحَدَقهْ
تَصدَّقَ الدَّهرُ والتأريخُ حامِدُهُ / أما استَحى الدَّهرُ أن يَسترجِعَ الصَّدَقهْ
لا تَجزَعوا يا بني النَّجارِ واصطبرِوا
لا تَجزَعوا يا بني النَّجارِ واصطبرِوا / لفَقْدِ حيٍّ قَفا آثارَ سابقِهِ
يقولُ إذ بشَّرَ التأريخُ فاقِدَهُ / إِلياسُ في العرشِ حيٌّ عِندَ خالقِهِ
من آلِ ساروفيمَ بدرٌ غابَ في
من آلِ ساروفيمَ بدرٌ غابَ في / لحدٍ لحُكمِ القادِرِ الخَلاّقِ
غصنٌ أتاهُ البينُ في شَرْخِ الصِّبا / بالقَصْفِ عندَ نضارةِ الأوراقِ
نادَى أباهُ داعياً لجوارِهِ / فأجابهُ مِن كَثْرَةِ الأشواقِ
وأتاهُ بالتأريخِ يُنشدُ باكياً / يَفنَى الزَّمانُ وذِكرُ يوسُفَ باقِ
أمسَى الحبيبُ ابنُ الغَزالِ مُنعَّماً
أمسَى الحبيبُ ابنُ الغَزالِ مُنعَّماً / في مجدِ فِردَوسٍ إليهِ قَدِ اُرتقَى
فتقدَّمَ التَّأريخُ فيهِ مُنادياً / هذا الحبيبُ مَعَ المسيحِ قدِ اُلتقَى