المجموع : 13
حملْ فؤادكَ ما يطيقُ ولا تكن
حملْ فؤادكَ ما يطيقُ ولا تكن / حزناً فإن الحزنَ ليس يطاقُ
كم مملقٍ أمسى الثراء ببابهِ / ولكم رماهُ على الثرى الإملاقُ
واقنع برزقكَ ما كفاكَ فإنما / زاد المسافرِ هذهِ الأرزاقُ
والناسُ كالركبِ الذين إذا سروا / ناموا ولكن المطيَ تساق
ويحكَ يا قلبُ عدتَ للنزقِ
ويحكَ يا قلبُ عدتَ للنزقِ / أما رمتكَ الظباءُ بالحدقِ
وهل نسيتَ الهوى وما بعدتْ / أيامُ ذاكَ الودادِ والملقِ
وكيفَ ينسى الغريقُ روعتهُ / إذا نجتْ روحهُ من الغرقِ
رحماكَ يا قلبُ ليسَ من شيمي / أني أبيعُ الوفاءَ بالحمقِ
فاقبرْ بلحدِ الهوى لواعجهُ / إنكَ إن تمتْ فيهِ لم تفقِ
ما خُلقَ القلبُ للغرامِ ولم / تخلقْ عيوني لذلكَ الأرقِ
نزعَ القلبُ بي فسرتُ رويداً
نزعَ القلبُ بي فسرتُ رويداً / فإذا من أحبهُ في طريقي
يتجنى كأنَّ قاضي الجنايا / تِ نصيرٌ لقدهِ الممشوقِ
ورآني بذلةِ العاشقِ الصبِّ / فصدتهُ عزةُ المعشوقِ
قلتُ صلني فإني لكَ باق
قلتُ صلني فإني لكَ باق / ولو أن الكثيرَ ليسَ بباق
قال من كانَ في الجمالِ وحيداً / لا يبالي بكثرةِ العشاق
أيا ضلوعاً قلبها وامقُ
أيا ضلوعاً قلبها وامقُ / ويا عيوناً طرفها رامقُ
من لفؤادٍ طاهرٍ جرَّهُ / إلى الغرامِ النظرُ الفاسقُ
يا مخلفَ الوعدِ كمْ
يا مخلفَ الوعدِ كمْ / تكذبُ فيما تنطقُ
أصدقُ ما وعدتني / أنكَ لستَ تصدقُ
أرى نساءَ بني قومي ويا أسفا
أرى نساءَ بني قومي ويا أسفا / في لسنهنَّ سهامٌ لسنَ في الحدقِ
كأنما من بني تيمٍ بعثنَ لنا / لو لم يكُنَّ قباحَ الخلقِ والخُلُقِ
تعلقَ القلبُ بآمالهِ
تعلقَ القلبُ بآمالهِ / ومن يؤمل قلبهُ يعلقِِ
يا نفسُ يعضَ اليأسِ لا / تقنطي من رحمةِ اللهِ ولا تحنقي
إن كانَ ما مرَّ من العمرِ لم / يحققِ الظنَّ ففيما بقي
والناسُ في الدنيا دلاءٌ فتا / يهوي إلى القاعِ وذا يرتقي
تعالي وإن لم تُجملي فترفقي
تعالي وإن لم تُجملي فترفقي / فحسبي أنَّا ساعةَ الموتِ نلتقي
وإن شئتِ أن أبقى وقد أهلكَ الهوى / ذويهِ وإلَّا فأْمرينيَ ألحقِ
وقد كنتُ لا أرضى بدنيا عريضةٍ / فلما دنا يومي رضيتُ بما بقي
وما حيلتي إن لم تكنْ ليَ حيلةٌ / وهل بعدَ ما ترمينَ لحظكِ أتقي
خفي اللهَ ما أقوى على كلِّ نظرةٍ / وألاّ تخافيهِ فرحماكِ واشفقي
ألم يكفِ أن كانتْ خدودكِ فتنةً / لنا فتزينينَ الخدودَ بيشمقِ
وزدت فتونَ الجيدِ حتى تركتني / أموتُ على نوحِ الحمامِ المطوَّقِ
وقد بعثتْ عيناكِ في الحلي نسمةً / فكيفَ انثنتْ عنهُ المعاطفُ ينطقِ
وألقتْ عليهِ من غرامكِ مسحةً / فما انفكَّ مُصفرَّاً حذارِ التفرُّقِ
وتبعدهُ ثدياكِ ثمَّ تضمُّهُ / كدأبِ الهوى في العاشقِ المتملقِ
تعلمتُ منهُ ما توَشيَّ يراعتي / وما كلُّ شعرٍ بالكلامِ المنمقِ
وما القولُ إلا الحظُّ كثرُ من أرى / يظلُّ يهِ يشقى ولمّا يُوَفَقِ
فإن يحسدوني شيمةً عربيةً / فيا ربَّ فحلٍ إن هدرتُ يُنَوَّقِ
وما لهم هاموا وما عرفوا الهوى / فقولي لمن لم يعرفِ العشقَ يعشقِ
وذي عذلٍ لما مررتِ أشارَ لي / فقلتُ لهُ ناشدّتُكَ اللهَ فارفقِ
أرى الروحَ سهماً بينَ فكيكَ مودعاً / فإنْ تتحركُ هذه القوسُ يمرقِ
وداريتهُ حتى إذا قالَ أبعدتْ / عن العينِ قلتُ الآنَ فاسكتْ أو انهقِ
وما الليثُ أقوى مهجةً غيرَ أنني / متى أبصرُ الغزلانَ يمرحنَ أفرقِ
ولي قلمٌ كالنابِ ما زالَ مرهفاً / ولكنْ متى ما مسَّهُ الدمعُ يورقِ
وما أنا من يطوي على الهمِّ جنبهُ / ولكنَّ شيئاً إن عرى البدرَ يمحقِ
رُوَيْدَكِ لا تقضي عليَّ فرُبَّما / رأيتِ بريقَ التاجِ يوماً بمفرقي
وما أخرتني في بني الدهرِ شيمةٌ / بلى ومتى أطلقتُ للسبقِ أسبقِ
ومن كانَ ذا نفسٍ ترى الأرضَ جولةً / فلا بدَّ يوماً للسمواتِ يرتقي
ومهلاً أضئ آفاقها ثمَّ أنطفي / كما أطفأتْ أنفاسَ حبكِ رونقي
أليسَ ليَ القولُ الذي إن نظمتهُ / أو انتثرتْ حباتهُ يتألقِ
وحسبكِ قلبٌ بينَ جنبيَّ شاعرٌ / متى هجستْ أفكارُهُ يتدفقِ
ولن تجدي غيري يقولُ إذا بكى / لعينيكِ ما يلقى الفؤادُ وما لقي
ليتَ أهلَ الغرامِ ما عشقوا
ليتَ أهلَ الغرامِ ما عشقوا / بل ليتهم قبلَ ذاكَ ما خلقوا
إني وجدتُ الحياةَ سائغةً / كالماءِ لكنْ لها الهوى شرقُ
ومن يجدْ عاشقاً يعيشُ فما / ينجو القتيلُ الذي بهِ رمقُ
وكيفَ يبقى العودُ الذي علقتْ / بأصلهِ النارُ وهو يحترقُ
يا قمراً في الفؤادِ مطلعهُ / ومن سُوَيدائِهِ لهُ غسقُ
إن تلقَ في مهجتي سواكَ فما / يريكَ غيرَ الكواكبِ الأفقِ
وكانَ زمانٌ كليلةٍ حلكتْ / هواكَ عندي لصبحها فلقُ
وأنتَ وردي فما يعيبكَ أن / ينبتُ يا وردُ قبلكَ الورقُ
أنبتكَ اللهُ مثمراً شغفاً / وهذهِ أضلعي لهُ طبقُ
يا ربِّ إن القلوبَ قد ضعفتْ / عن فتنتينِ الخدودُ والحدقُ
هذا كتابي قد جعلتُ مدادهُ
هذا كتابي قد جعلتُ مدادهُ / عيني وأقلامي ضلوعٌ تخفقُ
حمّلتُهُ شكوى إليكَ جمعتها / من كلِّ قلبٍ في البريةِ يعشقُ
أولا تراهُ يئنُّ من ألمِ الجوى / ويكادُ بالشوقِ المبرحِ ينطقُ
إِليكِ غصوني يا طيور الحقائقِ
إِليكِ غصوني يا طيور الحقائقِ / ليسمع في ذا الفجر صوت حدائقي
فما إن ارى كالحسن ابدع صامت / يجلُّ بهِ في الشعر ابدعُ ناطقِ
وافخم اصوات الطبيعة راعدٌ / يجلجلُ في الآفاق من حسن بارقِ
فيا خالق الدنيا منىً وحقائقاً / ليعرفهُ أهل المنى والحقائقِ
لقد يبصر المرءُ السما ونجومها / وما في العُلى من معجزات خوارقِ
ويبصر ما أبدعتَ في الأرض كلها / مغاربها القُصوى معاً والمشارقِ
ويبصر ما اجملتَ من متناسب / عجيب وما فصَّلت من متناسقِ
يرى كل هذا ساكن القلب وامقاً / بالحاظه واللحظ حُبُّ المنافقِ
بلى ويرى من كبرهِ كل رائع / ضئيلاً كأن المرءَ في رأس شاهقِ
ولكن متى يبصر بحسناءَ ينتفض / ويستشعر المخلوق هيبة خالقِ
يرى لحظها مسترسلاً في فؤَادهِ / يفكك ما بين المنى من علائقِ
وتغمرهُ من حسنها كل موجة / يميل عليها القلب مثل الزوارقِ
وتملأُهُ شوقاً يطيف بروحهِ / فيُشعرها الإِجلالُ من كل شائقِ
وتتركهُ في الحسّ كالروح نفسها / وكالفكر في ذوق المعاني الدقائقِ
هناك يرى في كل مبتسمٍ ضيا / ينيرُ من الآمال في كل غاسقِ
هناك يرى فجراً لكوكب قلبهِ / وناهيك من نجم على الفجر خافقِ
هناك حواشي الفجر رفَافةُ الندى / تمجُّ رشاش الكوثر المتدافقِ
هناك باقصى الفجر اجملُ مشرقٍ / يرى منهُ نور الله أَجمل شارقِ
لعمري لقد كانت لحواءَ فطنة / وكان أبونا آدمٌ غير حاذقِ
قضى قبل ان يمضي من الخلد ساعةً / وليس بهِ الاَّ اهتمام المُفارقِ
بئيسٌ على ما كان مكتئب لما / يكون بصدر واهن الصبر ضائق
فلم يغتنم من ساعة لم تَعُد لهُ / وكان بها من ساعة جِدَّ واثقِ
ولكن حواءَ الجميلة أسرعت / خواطرها كالبارق المتلاحقِ
رأت انها جفَّت على قلب آدم / ولمَّا تزل في ظل فنينان وارقِ
فكيف اذا ما غادرا الخلد بتَّةً / وعاد عليها آدم عود حانقِ
وهبَّت اعاصير الجدال وانشأت / سحائبهُ يرمينها بالصواعقِ
وكانت ترى في جنة الخلد جوهراً / يسمونهُ في الخلد قلب المعانقِ
ولما اتى وقت الخروج وعرّيا / سوى الحلة الخضراء دون المناطقِ
مشى آدمٌ يشكو لها متباطئاً / ولكنها زمَّت فماً غير ناطقِ
فأَعجبهُ منها السكوت ولم تكن / لتسكت في شيءٍ سكوت موافقٍ
وظن بها من روعة الحزن حكمةً / تبصّرها في امر هذي العوائقِ
ولو فتحت فاها الملائكُ عندها / لكانت رأَت فيهِ جريمة سارقِ
فقد اخذت حواءُ جوهرة الهوى / وفازت بحظ في المحبة فائقِ
فحين رآها آدم في ابتسامها / رأَى الحب ابهى ما يكون لرامقِ
ومرَّ بعينيه الشعاع وسحرهُ / يريهِ الهوى احلام يقظان صادقِ
ففي القبلة الاولى درى حاضر المنى / وفي القبلة الأخرى نسي كل سابقٍ
لذاك نرى حب الجواهر فطرة / لكل النسا معدودة في الخلائقِ
وما برحت آثار جوهرة الهوى / تلألأُ في كل ابتسامٍ لعاشقِ
كتابها قد جاءني حاملا
كتابها قد جاءني حاملا / لقلبي الخفاق قلبا خفق
والتمعت فيه نجوم المنى / في أسطر مثل سواد الغسق
وأعرف القبلة في موضع / يلوح لي كالزهر لا كالورق
وكم به سطر إلى آخر / كالصدر للصدر دنا فاغتنق
وكم به معنى أنام الجوى / وكم به معنى أتى بالأرق
سالته كيف رأى وجهها / فقال جل اللَه فيما خلق
قلت وذاك الخد لما استحى / فقال مثل الفجر فيه الشفق
قلت وذاك الثغر ما أمره / فقال لما ذكرتك انطبق
يا ثغرها فيك نسيم الندى / فكيف قلبي في نداك احترق