القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صَفِيّ الدِّين الحِلّي الكل
المجموع : 42
لا يَسمَعُ العودَ مِنّا غَيرُ خاضِبِهِ
لا يَسمَعُ العودَ مِنّا غَيرُ خاضِبِهِ / مِن لَبَّةِ الشوسِ يَومَ الرَوعِ بِالعَلَقِ
وَلا يَزُفُّ كُمَيتاً غَيرُ مُصدرِهِ / يَومَ الطِرادِ بَليلَ الطَفِّ بِالعَرَقِ
فَيروزَجُ الصُبحِ أَم يا قوتَةُ الشَفَقِ
فَيروزَجُ الصُبحِ أَم يا قوتَةُ الشَفَقِ / بَدَت فَهَيَّجَتِ الوَرقاءَ في الوَرَقِ
أَم صارِمُ الشَرقِ لَمّا لاحَ مُختَضِباً / كَما بَدا السَيفُ مُحمَرّاً مِنَ العَلَقِ
وَمالَتِ القُضبُ إِذ مَرَّ النَسيمُ بِها / سَكرى كَما نُبِّهَ الوَسنانُ مِن أَرَقِ
وَالغَيمُ قَد نُشِرَت في الجَوِّ بُردَتُهُ / سِتراً تُمَدُّ حَواشيهِ عَلى الأُفُقِ
وَالسُحبُ تَبكي وَثَغرُ البَرَّ مُبتَسِمٌ / وَالطَيرُ تَسجَعُ مِن تيهٍ وَمِن شَبَقِ
فَالطَيرُ في طَرَبٍ وَالسُحبُ في حَربٍ / وَالماءُ في هَرَبٍ وَالغُصنُ في قَلَقِ
وَعارِضُ الأَرضِ بِالأَنوارِ مُكتَمِلٌ / قَد ظَلَّ يَشكُرُ صَوبَ العارِضِ الغَدِقِ
وَكَلَّلَ الطَلُّ أَوراقَ الغُصونِ ضُحىً / كَما تَكَلَّلَ خَدُّ الخَودِ بِالعَرَقِ
وَأَطلَقَ الطَيرُ فيها سَجعَ مَنطِقَهِ / ما بَينَ مُختَلِفٍ مِنهُ وَمُتَّفِقِ
وَالظِلُّ يَسرِقُ بَينَ الدَوحِ خُطوَتَهُ / وَلِلمِياهِ دَبيبٌ غَيرُ مُستَرَقِ
وَقَد بَدا الوَردُ مُفتَرّاً مَباسِمُهُ / وَالنَرجِسُ الغَضُّ فيها شاخِصُ الحَدَقِ
مِن أَحمَرٍ ساطِعٍ أَو أَخضَرٍ نَضِرٍ / أَو أَصفَرٍ فاقِعٍ أَو أَبيَضٍ يَقَقِ
وَفاحَ مِن أَرَجِ الأَزهارِ مُنتَشِراً / نَشرٌ تَعَطَّرَ مِنهُ كُلُّ مُنتَشِقِ
كَأَنَّ ذِكرَ رَسولِ اللَهِ مَرَّ بِها / فَأُكسِبَت أَرَجاً مِن نَشرِهِ العَبِقِ
مُحَمَّدُ المُصطَفى الهادي الَّذي اِعتَصَمَت / بِهِ الوَرى فَهَداهُم أَوضَحَ الطُرُقِ
وَمَن لَهُ أَخَذَ اللَهُ العُهودَ عَلى / كُلِّ النَبِيِّنَ مِن بادٍ وَمُلتَحِقِ
وَمَن رَقي في الطِباقِ السَبعِ مَنزِلَةً / ما كانَ قَطَّ إِلَيها قَبلَ ذاكَ رَقي
وَمَن دَنا فَتَدَلّى نَحوَ خالِقِهِ / كَقابِ قَوسَينِ أَو أَدنى إِلى العُنُقِ
وَمَن يُقَصِّرُ مَدحُ المادِحينَ لَهُ / عَجزاً وَيَخرَسُ رَبُّ المَنطِقِ الذَلِقِ
وَيُعوِزُ الفِكرُ فيهِ إِن أُريدَ لَهُ / وَصفٌ وَيَفضُلُ مَرآهُ عَنِ الحَدَقِ
عُلاً مَدحَ اللَهُ العَلِيُّ بِها / فَقالَ إِنَّكَ في كُلٍّ عَلى خُلُقِ
يا خاتَمَ الرُسلِ بَعثاً وَهوَ أَوَّلُها / فَضلاً وَفائِزُها بِالسَبقِ وَالسَبَقِ
جَمَعتَ كُلَّ نَفيسٍ مِن فَضائِلِهِم / مِن كُلِّ مُجتَمِعٍ مِنها وَمُفتَرِقِ
وَجاءَ في مُحكَمِ التَوراةِ ذِكرُكِ وَال / إِنجيلِ وَالصُحُفِ الأولى عَلى نَسَقِ
وَخَصَّكَ اللَهُ بِالفَضلِ الَّذي شَهِدَت / بِهِ لَعَمرُكَ في الفُرقانِ مِن طُرُقِ
فَالخَلقُ تُقسِمُ بِاِسمِ اللَهِ مُخلِصَةً / وَبِاِسمِكَ أَقسَمَ رَبُّ العَرشِ لِلصَدَقِ
عَمَّت أَياديكَ كُلَّ الكائِناتِ وَقَد / خُصَّ الأَنامُ بِجودٍ مِنكَ مُندَفِقِ
جودٌ تَكَفَّلتَ أَرزاقَ العِبادِ بِهِ / فَنابَ فيهِم مَنابَ العارِضِ الغَدِقِ
لَو أَنَّ جودَكَ لِلطوفانِ حينَ طَمَت / أَمواجُهُ ما نَجا نوحٌ مِنَ الغَرَقِ
لَو أَنَّ آدَمَ في خِدرٍ خُصِصتَ بِهِ / لَكانَ مِن شَرِّ إِبليسِ اللَعينِ وُقي
لَو أَنَّ عَزمَكَ في نارِ الخَليلِ وَقَد / مَسَّتهُ لَم يَنجُ مِنها غَيرَ مُحتَرِقِ
لَو أَنَّ بَأسَكَ في موسى الكَليمِ وَقَد / نوجي لَما خَرَّ يَومَ الطورِ مُنصَعِقِ
لَو أَنَّ تُبِّعَ في مَحلِ البِلادِ دَعا / لِلَّهِ بِاِسمِكَ وَاِستَسقى الحَيا لَسُقي
لَو آمَنَت بِكَ كُلُّ الناسِ مُخلِصَةً / لَم يُخشَ في البَعثِ مِن بَخسٍ وَلا رَهَقِ
لَو أَنَّ عَبداً أَطاعَ اللَهَ ثُمَّ أَتى / بِبُغضِكُم كانَ عِندَ اللَهِ غَيرَ تَقي
لَو خالَفَتكَ كُماةُ الجِنِّ عاصِيَةً / أَركَبتَهُم طَبَقاً في الأَرضِ عَن طَبَقِ
لَو تودَعُ البيضُ عَزماً تَستَضيءُ بِهِ / لَم يُغنِ مِنها صِلابُ البيضِ وَالدَرَقِ
لَو تَجعَلُ النَقعَ يَومَ الحَربِ مُتَّصِلاً / بِاللَيلِ ما كَشَفَتهُ غُرَّةُ الفَلَقِ
مَهَّدتَ أَقطارَ أَرضِ اللَهِ مُنفَتِحاً / بِالبيضِ وَالسُمرِ مِنها كُلُّ مُنغَلِقِ
فَالحَربُ في لُذَذٍ وَالشِركُ في عَوَذٍ / وَالدينُ في نَشَزٍ وَالكُفرُ في نَفَقِ
فَضلٌ بِهِ زينَةُ الدُنيا فَكانَ لَها / كَالتاجِ لِلرَأسِ أَو كَالطَوقِ لِلعُنقِ
صَلّى عَلَيكَ إِلَهُ العَرشِ ما طَلَعَت / شَمسُ النَهارِ وَلاحَت أَنجُمُ الغَسَقِ
وَآلِكَ الغُرَرِ اللّاتي بِها عُرِفَت / سُبلُ الرَشادِ فَكانَت مُهتَدى الفِرَقِ
وَصَحبِكَ النُجُبِ الصيدِ الَّذينَ جَرَوا / إِلى المَناقِبِ مِن تالٍ وَمُستَبِقِ
قَومٌ مَتى أَضمَرَت نَفسٌ اِمرِئٍ طَرَفاً / مِن بُغضِهِم كانَ مِن بَعدِ النَعيمِ شَقي
ماذا تَقولُ إِذا رُمنا المَديحَ وَقَد / شَرَّفتَنا بِمَديحٍ مِنكَ مُتَّفِقِ
إِن قَلتَ في الشِعرِ حُكمٌ وَالبَيانُ بِهِ / سِحرٌ فَرَغَّبتَ فيهِ كُلِّ ذي فَرَقِ
فَكُنتَ بِالمَدحِ وَالإِنعامِ مُبتَدِئاً / فَلَو أَرَدنا جَزاءَ البَعضِ لَم نُطِقِ
فَلا أَخُلُّ بِعُذرٍ عَن مَديحِكُمُ / ما دامَ فِكري لَم يُرتَج وَلَم يُعَقِ
فَسَوفَ أُصفيكَ مَحضَ المَدحِ مُجتَهِداً / فَالخَلقُ تَفنى وَهَذا إِن فَنيتُ بَقي
قيلَ لي تَعشَقُ الصَحابَةَ طُرّاً
قيلَ لي تَعشَقُ الصَحابَةَ طُرّاً / أَم تَفَرَّدتَ مِنهُمُ بِفَريقِ
فَوَصَفتُ الجَميعَ وَصفاً إِذا ضُو / وِعَ أَزرى بِكُلِّ مِسكٍ سَحيقِ
قيلَ هَذي الصِفاتُ وَالكُلُّ كَالدِر / ياقِ يَشفي مِن كُلِّ داءٍ وَثيقِ
فَإِلى مَن تَميلُ قُلتُ إِلى الأَر / بَعِ لا سِيَّما إِلى الفاروقِ
إِن لَم أَزُر رَبعَكُم سَعياً عَلى الحَدَقِ
إِن لَم أَزُر رَبعَكُم سَعياً عَلى الحَدَقِ / فَإِنَّ وُدِّيَ مَنسوبٌ إِلى المَلَقِ
تَبَّت يَدي إِن ثَنَتني عَن زِيارَتِكُم / بيضُ الصِفاحِ وَلَو سُدَّت بِها طُرُقي
يا جيرَةَ الحَيِّ هَلّا عادَ وَصلُكُمُ / لِمُدنَفٍ مِن خُمارِ الوَجدِ لَم يُفِقِ
لا تُنكِروا فَرَقي مِن بَعدِكُمُ / إِنَّ الفِراقَ لَمُشتَقٌّ مِنَ الفَرَقِ
لِلَّهِ لَيلَتُنا بِالقَصرِ كَم قَصُرَت / فَظَلتُ مُصطَبِحاً في زِيِّ مُغتَبِقِ
وَباتَ بَدرُ الدُجى فيها يُسامِرُني / مُنادِماً فَيَزينُ الخَلقَ بِالخُلُقِ
فَكَم خَرَقنا حِجاباً لِلعِتابِ بِها / وَلِلعَفافِ حِجابٌ غَيرُ مُنخَرِقِ
وَالصُبحُ قَد أَخلَقَت ثَوبَ الدُجى يَدُهُ / وَلَيتَهُ جادَ لِلعُشّاقِ بِالخَلُقِ
أَبلى الظَلامَ وَماذا لَو يَجودُ بِهِ / عَلى جُفونٍ لِطيبِ الغُمضِ لَم تَذُقِ
ما أَحسَنَ الصُبحَ لَولا قُبحُ سُرعَتِهِ / وَأَعذَبَ اللَيلَ لَولا كَثرَةُ الأَرَقِ
هَبَّ النَسيمُ عِراقِيّاً فَشَوَّقَني / وَطالَما هَبّ نَجدِيّاً فَلَم يَشُقِ
فَما تَنَفَّستُ وَالأَرواحُ سارِيَةٌ / إِلّا اِشتَكَت نَسَماتُ الريحِ مِن حُرَقي
ذَر أَيُّها الصَبُّ تَذكارَ الدِيارِ إِذا / مُتَّعتَ فيها بِعَيشٍ غَيرِ مُتَّسِقِ
فَكَم ضَمَمتَ وِشاحاً في الظَلامِ بِها / ما زادَ قَلبَكَ إِلّا كَثرَةَ القَلَقِ
فَخَلِّ تَذكارَ زَوراءِ العِراقِ إِذا / جاءَت نَسيمُ الصَبا بِالمَندَلِ العَبِقِ
فَهَذِهِ شُهُبُ الشَهباءِ ساطِعَةً / وَهَذِهِ نَسمَةُ الفِردَوسِ فَاِنتَشِقِ
فَتِلكَ أَفلاكُ سَعدٍ لا يَلوذُ بِها / مِن مارِدٍ لَخَفيِّ السَمعِ مُستَرِقِ
سَماءُ مَجدٍ بَدا فيها فَزَيَّنَها / نَجمٌ تَخُرُّ لَديهِ أَنجُمُ الأُفُقِ
مَلِكٌ غَدا الجودُ جُزءاً مِن أَنامِلِهِ / فَلَو تَكَلَّفَ تَركَ الجودِ لَم يُطِقِ
أَعادَ لَيلَ الوَرى صُبحاً وَكَم رَكَضَت / جِيادُه فَأَرَتنا الصُبحَ كَالغَسَقِ
مُشَتَّتُ العَزمِ وَالأَموالِ ما تَرَكَت / يَداهُ لِلمالِ شَملاً غَيرَ مُفتَرِقِ
إِذا رَأى مالَهُ قالَت خَزائِنُهُ / أَفديكَ مِن وَلَدٍ بِالثُكلِ مُلتَحِقِ
لَولا أَبو الفَتحِ نَجمُ الدينِ ما فُتِحَت / أَبوابُ رِزقٍ عَليها اللَومُ كَالغَلَقِ
مَلِكٌ بِهِ اِكتَسَتِ الأَيّامُ ثَوبَ بَهاً / مِثلَ اِكتِساءِ غُصونِ البانِ بِالوَرَقِ
تَهوى الحُروبَ مَواضيهِ فَإِن ذُكِرَت / حَنَّت فَلَم تَرَ مِنها غَيرَ مُندَلِقِ
حَتّى إِذا جُرَّدَت في الرَوعِ أَغمَدَها / في كُلِّ سابِغَةٍ مَسرودَةِ الحَلَقِ
يَأَيُّها المَلِكُ المَنصورِ طائِرُهُ / وَمَن أَياديهِ كَالأَطواقِ في عُنُقي
أَحيَيتَ بِالجودِ آثارَ الكِرامِ وَقَد / كانَ النَدى بَعدَهُم في آخِرِ الرَمَقِ
لَو أَشبَهَتكَ بِحارُ الأَرضِ في كَرَمٍ / لَأَصبَحَ الدُرُّ مَطروحاً عَلى الطُرُقِ
لَو أَشبَهَ الغَيثُ جوداً مِنكَ مُنهَمِراً / لَم يَنجُ في الأَرضِ مَخلوقٌ مِنَ الغَرَقِ
كَم قَد أَبَدتَ مِنَ الأَعداءِ مِن فِئَةٍ / تَحتَ العَجاجِ وَكَم فَرَّقتَ مِن فِرَقِ
رَوَيتَ يَومَ لِقاهُم كُلَّ ذي ظَمَإٍ / في الحَربِ حَتّى حِلالَ الخيلِ بِالعَرَقِ
وَيَومَ وَقعَةِ عُبّادِ الصَليبِ وَقَد / أَركَبتَهُم طَبَقاً في البيدِ عَن طَبَقِ
مَزَّقتَ بِالمَوصِلِ الحَدباءِ شَملَهُمُ / في مَأزِقٍ بِوَميضِ البيضِ مُمتَزِقِ
بِكُلِّ أَبيَضَ دامي الحَدِّ تَحسُبُهُ / صُبحاً عَليهِ دَمُ الأَبطالِ كَالشَفَقِ
آلى عَلى غِمدِهِ أَلّا يُراجِعَهُ / إِلّا إِذا عادَ مُحمَرّاً مِنَ العَلَقِ
فَاِستَبشَرَت فِئَةُ الإِسلامِ إِذ لَمَعَت / لَهُم بَوارِقُ ذاكَ العارِضِ الغَدِقِ
وَأَصبَحَ العَدلُ مَرفوعاً عَلى نَشَزٍ / لَمّا وُلّيتَ وَباتَ الجَورُ في نَفَقِ
كَم قَد قَطَعتُ إِلَيكَ البيدَ مُمتَطِياً / عَزماً إِذا ضاقَ رَحبُ الأَرضِ لَم يَضِقِ
يَدُلَّني في الدُجى مُهري وَيُؤنِسُني / حَدُّ الحُسامِ إِذا ما بَتَ مُعتَنِقي
وَاللَيلُ أَطوَلُ مِن عَذلِ العَذولِ عَلى / سَمعي وَأَظلَمُ مِن مَرآهُ في حَدَقي
أُهدي قَلائِدَ أَشعارٍ فَرائِدُها / دُرٌّ نَهَضتُ بِهِ مِن أَبحُرٍ عُمُقِ
يَضُمُّها وَرَقٌ لَولا مَحاسِنُهُ / ما لَقَّبوا الفِضَّةَ البَيضاءَ بِالوَرَقِ
نَظَمتُها فيكَ ديواناً أَزُفُّ بِهِ / مَدائِحاً في سِوى عَلياكَ لَم تَرُقِ
وَلو قَصَدتُ بِهِ تَجديدَ وَصفِكُمُ / لَكانَ ذَلِكَ مَنسوباً إِلى الحُمُقِ
تِسعٌ وَعِشرونَ إِن عُدَّت قَصائِدُها / وَمِثلُها عَدَدُ الأَبياتِ في النَسَقِ
لَم أَقتَنِع بِالقَوافي في أَواخِرِها / حَتّى لَزِمتُ أَواليها فَلَم تَعُقِ
ما أَدرَكَت فُصَحاءُ العُربِ غايَتَها / قَبلي وَلا أَخذوا في مِثلِها سَبَقي
جَرَت لِتَركُضَ في مَيدانِ حَومَتِها / قَومٌ فَأَوقَفتُهُم في أَوَّلِ الطَلَقِ
فَليَحسُنِ العُذرُ في إيرادِهُنَّ إِذا / رَأَيتَ جَريَ لِساني غَيرَ مُنطَلِقِ
فَلَو رَأَت بَأسَكَ الآسادُ لَاِضطَرَبَت / بِهِ فَرائِصُها مِن شِدَّةِ الفَرَقِ
يا آلَ أُرتُقَ لَولا فَيضُ جودِكُمُ / لَدامَ خَرقُ المَعالي غَيرَ مُرتَتِقِ
لَقَد رَفَعتُم بِإِسداءِ الجَميلِ لَكُم / ذِكراً إِذا قَبَضَ اللَهُ الأَنامَ بَقي
لا زالَ يَهمي عَلى الوُفّادِ نائِلُكُم / بِوابِلٍ مِن سَحابِ الجَودِ مُندَفِقِ
كَيفَ الضَلالُ وَصُبحُ وَجهِكَ مُشرِقُ
كَيفَ الضَلالُ وَصُبحُ وَجهِكَ مُشرِقُ / وَشَذاكَ في الأَكوانِ مِسكٌ يَعبِقُ
يا مَن إِذا سَفَرَت مَحاسِنُ وَجهِهِ / ظَلَّت بِهِ حَدَقُ الخَلائِقِ تُحدِقُ
أَوضَحتَ عُذري في هَواكَ بِواضِحٍ / ماءُ الحَيا بِأَديمِهِ يَتَرَقرَقُ
فَإِذا العَذولُ رَأى جَمالَك قالَ لي / عَجَباً لِقَلبِكَ كَيفَ لا يَتمَزَّقُ
أَغَنَيتَني بِالفِكرِ فيكَ عَنِ الكَرى / يا آسِري فَأَنا الغَنِيُّ المُملِقُ
يا آسِراً قَلبَ المُحِبِّ فَدَمعُهُ / وَالنَومُ مِنهُ مُطلَقٌ وَمُطَلَّقُ
لَولاكَ ما نافَقتُ أَهلِ مَوَدَّتي / وَظَلَلتُ فيكَ نَفيسَ عُمري أُنفِقُ
وَصَحِبتُ قَوماً لَستُ مِن نَظَرائِهِم / فَكَأَنَّني في الطَرسِ سَطرٌ مُلحَقُ
قَولا لِمَن حَمَلَ السِلاحَ وَخَصرُهُ / مِن قَدَّ ذابِلِهِ أَدَقُّ وَأَرشَقُ
لا توهِ جِسمَكَ بِالسِلاحِ وَثِقلِهِ / إِنّي عَلَيكَ مِنَ الغِلالَةِ أَشفَقُ
ظَبيٌ مِنَ الأَتراكِ فَوقَ خُدودِهِ / نارٌ يَخُرُّ لَها الكَليمُ وَيُصعَقُ
تَلقاهُ وَهوَ مُزَرَّدٌ وَمُدَرَّعٌ / وَتَراهُ وَهوَ مُقَرَّطٌ وَمُقَرطَقُ
لَم تَترُكِ الأَتراكُ بَعدَ جَمالِها / حُسناً لِمَخلوقٍ سِواها يُخلَقُ
إِن نوزِلوا كانوا أَسودَ عَريكَةٍ / أَو غوزِلوا كانوا بُدوراً تُشرِقُ
قَومٌ إِذا رَكِبوا الجِيادَ ظَنَنتَهَم / أُسداً بِأَلحاظِ الجَآذِرِ تَرمُقُ
قَد خُلِّقَت بِدَمِ القُلوبِ خُدودُهُم / وَدَروعُهُم بِدَمِ الكُماةِ تُخَلَّقُ
جَذَبوا القِسِيَّ إِلى قِسِيِّ حَواجِبٍ / مِن تَحتِها نَبلُ اللَواحِظِ تَرشُقُ
نَشَروا الشُعورَ فَكُلُّ قَدٍّ مِنهُمُ / لَدنٌ عَليهِ مِنَ الذَوائِبِ سَنجَقُ
لي مِنهُمُ رَشَأٌ إِذا غازَلتُهُ / كادَت لَواحِظُهُ بِسِحرٍ تَنطِقُ
إِن شاءَ يَلقاني بِخُلقٍ واسِعٍ / عِندَ السَلامِ نَهاهُ طَرفٌ ضَيِّقُ
لَم أَنسَ لَيلَةَ زارَني وَرَقيبُهُ / يُبدي الرِضا وَهوَ المَغيظُ المُحنَقُ
وَافى وَقَد أَبدى الحَياءُ بِوَجهِهِ / ماءً لَهُ في القَلبِ نارٌ تُحرِقُ
أَمسى يُعاطيني المُدامَ وَبَينَنا / عَتَبٌ أَلَذُّ مِنَ المُدامِ وَأَروَقُ
حَتّى إِذا عَبَثَ الكَرى بِجُفونِهِ / كانَ الوِسادَةَ ساعِدي وَالمِرفَقُ
عانَقتُهُ وَضَمَمتُهُ فَكَأَنَّهُ / مِن ساعِدَيَّ مُطَوَّقٌ وَمُمَنطَقُ
حَتّى بَدا فَلَقُ الصَباحِ فَراعَهُ / إِنَّ الصَباحَ هُوَ العَدوُّ الأَزرَقُ
فَهُناكَ أَومى لِلوَداعِ مُقَبِّلاً / كَفَّيَّ وَهيَ بِذَيلِهِ تَتَعَلَّقُ
يا مَن يُقَبِّلُ لِلوَداعِ أَنامِلي / إِنّي إِلى تَقبيلِ ثَغرِكَ أَشوَقُ
وَلَقَد رَضيتُ عَنِ الصَباحِ وَإِن غَدا / لِلعاشِقينَ غُرابَ بَينٍ يَنعَقُ
وَغَفَرتُ ذَنبَ الدَهرِ حينَ بَدَت بِهِ / مِن طَلعَةِ السُلطانِ شَمسٌ تُشرِقُ
المالِكُ المَنصورُ وَالمَلِكُ الَّذي / مِن خَوفِهِ طَرفُ النَوائِبِ مُطرِقُ
نَجمٌ لَهُ فَلَكُ السَعادَةِ مَطلَعٌ / بَدرٌ لَهُ أُفُقُ المَعالي مَشرِقُ
مِن مَعشَرٍ حازوا الفَخارَ بِسَعيِهِم / وَبَنى لَهُم فَلَكَ المَعالي أُرتُقُ
قَومٌ هُمُ الدَهرُ العَبوسُ إِذا سَطوا / وَإِذا سَخوا فَهُمُ السَحابُ المُغدِقُ
وَإِذا اِستَغاثَ المُستَغيثُ تَسَرَّعوا / وَإِذا اِستَجارَ المُستَجيرُ تَرَفَّقوا
مَلِكٌ تَحُفُّ بِهِ المُلوكُ كَأَنَّهُ / بَدرٌ بِهِ زُهرُ الكَواكِبِ تُحدِقُ
وَنَبِيُّ عَصرٍ بِالسَماحَةِ مُرسَلٌ / كُلُّ الأَنامِ بِما أَتاهُ تُصَدِّقُ
قَد ظَلَّلَتهُ سَحابَةٌ مِن خَيرِهِ / تَسري وَآيَتُهُ السَماحُ المُطلَقُ
وَالقُبَّةُ العَلياءُ وَالطَيرُ الَّذي / مِن حَولِهِ راياتُ نَصرٍ تَخفُقُ
وَالجَيشُ مُمتَدُّ الجَوانِبِ حَولَهُ / يُفلى بِهِ فَودُ الفَلا وَالمَفرِقُ
فَلِوَحشِها أَجنادُهُ وَجِيادُهُ / وَلِطَيرِها بازِيُّهُ وَالزُرَّقُ
مَلِكٌ يَجِلُّ عَنِ العِيانِ فَنَغتَدي / بِقُلوبِنا لا بِالنَواظِرِ نَرمُقُ
فَإِذا تَطَلَّعَ قُلتَ لَيثٌ ناظِرٌ / وَإِذا تَفَكَّرَ قُلتُ صِلٌّ مُطرِقُ
كَالشَمسِ إِلّا أَنَّهُ لا يَختَفي / وَالبَدرِ إِلّا إِنَّهُ لا يُمحَقُ
وَالغَيثِ إِلا أَنَّهُ لا يَنتَهي / وَاللَيثِ إِلّا أَنَّهُ لا يَفرَقُ
وَالسَيفِ إِلّا أَنَّهُ لا يَنثَني / وَالسَيلِ إِلّا أَنَّهُ لا يُغرِقُ
وَالدَهرِ إِلّا أَنَّهُ لا يَعتَدي / وَالبَحرِ إِلّا أَنَّهُ لا يَزهَقُ
تُرجى فَوائِدُهُ وَيُخشى بَأسُهُ / كَالنارِ تَمنَحُكَ الضِياءُ وَتُحرِقُ
لَبِقُ الأَنامِلِ بِاليَراعِ وَإِنَّها / بِالبيضِ في يَومِ الكَريهَةِ أَلبَقُ
كَفٌّ لِما حَفِظَ اليَراعُ مُضيعَةٌ / وَلِما تُجَمَّعُهُ الصِفاحُ تُفَرِّقُ
لا يَحتَوي الأَموالَ إِلّا مِثلَما / يَحوي بِأَطرافِ البَنانِ الزَيبَقُ
جَرَتِ المُلوكُ لِسَبقِ غاياتِ العُلى / فَمُشَمَّرٌ في جَريِهِ وَمُحَلَّقُ
حَتّى إِذا نَكَصَ المُكافِحُ جاءَها / مُتَهادِياً في خَطوِهِ يَتَرَفَّقُ
يامَن بِهِ شَرُفَت مَعاقِدُ تاجِهِ / وَبِها يُشَرَّفُ مِن سِواهُ المَفرِقُ
أَنِسَت بِمَقدَمِكَ العِراقُ وَأَهلُها / وَاِستَوحَشَت لَكَ حَرزَمٌ وَالجَوسَقُ
وَغَدَت عُيونُ الصورِ صوراً وَالحِمى / أَمسى إِلى إِقبالِكُم يَتَشَوَّقُ
أَرضٌ تَحِلُّ بِرَبعِها فَلِباسُنا / مِن سُندُسٍ وَفِراشُنا الإِستَبرَقُ
فَالناسُ تَستَسقي الغَمامَ وَمَن بِها / يَدعو الإِلَهَ بِأَنَّهُ لا يَغرَقُ
يا مَن يُقايِسُ مارِدينَ بِجُلَّقٍ / بَعُدَ القِياسُ وَأَينَ مِنهُ جِلَّقُ
لَم تُذكَرِ الشَهباءُ في سَبقِ العُلى / إِلّا كَبَت شَقراؤُها وَالأَبلَقُ
كَم مارِدينَ لِمارِدينَ تَواثَبوا / وَمِنَ المَحالِ طِلابُ ما لا يُلحَقُ
لَم يَعقِلوا إِلّا وَآجامُ القَنا / سورٌ لَها وَدَمُ الفَوارِسِ خَندَقُ
وَتَجَمَّعوا حَتّى مَدَدتَ لَهُم يَداً / ذَكَروا بِها أَيدي سَبا فَتَفَرَّقوا
ذَهَلَ الهِياجُ عُقولَهُم فَتَوَهَّموا / في كُلِّ خافِقَةٍ لِواءٌ يَخفُقُ
ما أَنتَ يَومَ السَلمِ إِلّا واحِدٌ / فَرَدٌ وَفي يَومِ الكَريهَةِ فَيلَقُ
أَغلَقتَ بابَ العُذرِ مَع تَصحيفِهِ / وَالجودُ عِندَكَ بابُهُ لا يُغلَقُ
مَولايَ سَمعاً مِن وَلِيَّكَ مَدحَةً / عَن صِدقِ وُدّي في عُلاكُم تَنطِقُ
أَنا عَبدُ أَنعُمِكَ القَديمُ وِدادُهُ / وَسِوايَ في أَقوالِهِ يَتَمَلَّقُ
عَبدٌ مُقيمٌ بِالعِراقِ وَمَدحُهُ / فيكُم يُغَرِّبُ تارَةً وَيُشَرِّقُ
فَلَقَد وَقَفتُ عَلى عُلاكَ بَدائِعاً / يَعيا بِأَيسَرِها النَصيحُ المُفلِقُ
مِن كُلِّ هَيفاءِ الكَلامِ رَشيقَةٍ / في طَيِّها مَعنىً أَدَقُّ وَأَرشَقُ
حَسَدَت أُهَيلُ دِيارِ بَكرٍ مَنطِقي / فيها كَما حَسَدَ الهَزارَ اللَقلَقُ
أَعيَت أَكابِرَهُم أَصاغِرُ لَفظِها / وَلَرُبَّما أَعيا الرِخاخَ البَيدَقُ
جاؤوكَ بِاللَفظِ المُعادِ لِأَنَّني / غَرَّبتُ في طَلَبِ الغَريبِ وَشَرَّقوا
لَهُمُ بِذاكَ جِبِلَّةٌ جَبَلِيَّةٌ / وَلَنا عِراقٌ وَالفَصاحَةُ مُعرِقُ
ما كُنتُ أَرضى بِالقَريضِ فَضيلَةً / لَكِن رَأَيتُ الفَضلَ عِندَكَ يَنفُقُ
قالوا خُلِقتَ مُوَفَّقاً لِمَديحِهِ / فَأَجَبتُهُم إِنَّ السَعيدَ مُوَفَّقُ
إِنّي لَيُقنِعُني القَبولُ إِجازَةً / إِنَّ التَصَدُّقَ بِالوِدادِ تَصَدُّقُ
لازالَ أَمرُكَ بِالسَعادَةِ نافِذاً / في الأَرضِ تَمنَعُ مَن تَشاءُ وَتَرزُقُ
يا مَليكاً قَد طابَ أَصلاً وَفَرعاً
يا مَليكاً قَد طابَ أَصلاً وَفَرعاً / وَزَكَت مِن أُصولِهِ الأَعراقُ
وَالَّذي جَمَّعَ الفَضائِلَ وَالحَم / دَ وَلِلمالَ في يَدَيهِ اِفتِراقُ
كَم تَحَمَّلتَ في طِلابِكَ لِلعَل / ياءِ ثِقلاً يَسيرُهُ لا يُطاقُ
لا تَخَف إِن أَضاعَتِ المالَ كَفّا / كَ فَفيهِنَّ لِلعَلاءِ اِتِّفاقُ
لا يَضُرُّ القَضيبَ وَهوَ نَضيرٌ / أَن تَزولَ الثَمارُ وَالأَوراقُ
لَمّا شَدَتِ الوُرقُ عَلى الأَغصانِ
لَمّا شَدَتِ الوُرقُ عَلى الأَغصانِ / بَينَ الوَرَقِ
ماسَت طَرَباً بِها غُصونُ البانِ / كَالمُغتَبِقِ
الطَيرُ شَدا / وَمَنظَرُ الزَهرِ بَدا
وَالقَطرُ غَدا / يوليهِ جوداً وَنَدى
وَالجَونُ حَدا / وَمَدَّ في الجَوِّ رِدا
وَالنَرجِسُ جَفنُ طَرفِهِ الوَسنانِ / لَم يَنطَبِقِ
بَل باتَ إِلى شَقائِقِ النُعمانِ / ساهي الحَدَقِ
يا لَيلَةً بِتنا وَبِها العِزُّ مُقيم /
ما بَينَ حِياضٍ وَرياضٍ وَنَسيم /
ما أَمهَلَنا الصُبحُ لِنَحظى بِنَعيم /
لَكِن تَجَلَّت عَلى الظَلامِ الواني / شَمسُ الأُفُقِ
حَتّى خَضَبَت مِنَ النَجيعِ القاني / سَيفَ الشَفَقِ
لَمّا شَهَرَ الرَبيعُ في الأَرضِ نِصال /
بِالخِصبِ سَطا في مَعرِكِ المَحلِ وَصال /
وَالزَهرُ ذَكا وَأَكسَبَ الريحَ خِصال /
وَالغَيثُ هَمى بِوَبلِهِ الهَتّانِ / بَينَ الطُرُقِ
مِن مُحتَبِسٍ في سَرحَةِ الغُدرانِ / أَو مُنطَلِقِ
أَهدَت لي أَنفاسُ نَسيمِ السَحَرِ /
ما أَودَعَها طيبُ أَريجِ الزَهَرِ /
لَم أَدرِ وَقَد جاءَت بِنَشرٍ عَطِرِ /
بِالزَهرِ غَدَت مِسكِيَّةَ الأَردانِ / لِلمُنتَشِقِ
أَم أَكسَبَها نَشرُ ثَنا السُلطانِ / طيبَ العَبَقِ
مَلكٌ كَفَلَت أَكفانُهُ كُلَّ غَريب /
كَم أَبعَدَ بِالنَوالِ مَن كانَ قَريب /
يَنأى خَجَلاً كَأَنَّهُ مِنهُ مُريب /
عَن حَضرَتِهِ الحَياءُ قَد أَقصاني / لا عَن مَلَقِ
بَل أَبعُدُ عَن مَواقِعِ الطوفانِ / خَوفَ الغَرَقِ
لَولا عَزَماتُ المَلِكِ الصالِحِ ما /
شاهَدتُ حِمى الشَهباءِقَد صارَ حِمى /
إِنَّ صالَحَ ما يَعصي وَإِن صالَ حَمى /
إِن شاهَدَ بَأسَهُ ذَوو التيجانِ / تَحتَ الحَلَقِ
مِن هَيبَتِهِ خَرّوا إِلى الأَذقانِ / مِثلَ العُنُقِ
قَد أَوجَدَني نَداهُ بَعدَ العَدَمِ /
إِذ صانَ عَنِ الأَنامِ وَجهي وَدَمي /
لَم أَصفُق كَفّي عِندَهُ مِن نَدَمِ /
لَو شِئتُ لِهامَةِ السُهى أَوطاني / عِندَ الغَرَقِ
لَولاهُ لَما سَلَوتُ عَن أَوطاني / بَعدَ القَلَقِ
يا اِبنَ المَلِكِ المَنصورِ يا خَيرَ خَلَف /
يا مَن هُوَ أُنموذَجُ مَن كانَ سَلَف /
كَم أَتلَفَ كَنزَ المالِ مِن غَيرِ تَلَف /
إِذ فَرَّقَ ما حَوى مَدى الأَزمانِ / بَينَ الفِرَقِ
فَالمالُ فَني وَكُلُّ شَيءٍ فانِ / وَالذِكرُ بَقي
إِسعَد بِدَوامِ المُلكِ لا زِلتَ سَعيد /
إِذ أَنتَ أَجَلُّ مِن أَن أُهَنّيكَ بِعيد /
هُنّيتَ وَلا بَرِحتَ تُبدي وَتُعيد /
تُبدي لِذَوي الرَجاءِ وَالإِخوانِ / حُسنَ الخُلُقِ
إِذ فيكَ كَمالُ الحُسنِ وَالإِحسانِ / لَم يَفتَرِقِ
ما كُنتُ أَعلَمُ وَالضَمائِرُ تَنطِقُ
ما كُنتُ أَعلَمُ وَالضَمائِرُ تَنطِقُ / إِنَّ المَسامِعَ كَالنَواظِرِ تَعشَقُ
حَتّى سَمِعتُ بِذِكرِكُم فَهَوَيتُكُم / وَكَذاكَ أَسبابُ المَحَبَّةِ تَعلَقُ
ما ذَرَّ مِن أَرضِ الغَنِيَّةِ شارِقٌ / إِلّا وَكِدتُ بِدَمعِ عَيني أَشرَقُ
شَوقاً إِلى أَكنافِ رَبعِكُمُ الَّذي / كُلّي إِلَيهِ تَشَوُّفٌ وَتَشَوُّقُ
أَسري وَأَسري موثَقٌ بِيَدِ الهَوى / فَمَتى أَسيرُ أَنا أَسيرُ المُطلَقُ
فَلَئِن عَثَرتُ بِأَن عَبَرتُ وَلَم أَبِت / بِغَناكَ ذا حَدَقٍ بِمَجدِكَ تَحدِقُ
فَاِعذِر جَواداً قَد كَبا في جَريَه / فَلَرُبَّما كَبَتِ الجِيادُ السُبَّقُ
يا سادَةً مُذ سَعَت عَن بابِهِم قَدَمي
يا سادَةً مُذ سَعَت عَن بابِهِم قَدَمي / زَلَّت وَضاقَت بِيَ الأَمصارُ وَالطُرُقُ
قَد حارَبَ الصَبرَ وَالسَلوانَ بَعدَكُمُ / قَلبي وَصالِحَ طَرفي الدَمعُ وَالأَرَقُ
وَدَوحَةُ الشِعرِ مُذ فارَقتُ مَجدَكُمُ / قَد أَصبَحَت بِهَجيرِ الهَجرِ تَحتَرِقُ
فَإِن أَرَدتُم لَها البُقيا بِقُربِكُمُ / تَدارَكوها وَفي أَغصانِها وَرَقُ
فَوَاللَهِ ما اِشتَقتُ الحِمى لِحَدائِقٍ
فَوَاللَهِ ما اِشتَقتُ الحِمى لِحَدائِقٍ / بِها الدَوحُ يَزهى غُصنُهُ وَوَريقُهُ
بَلِ اِشتَقتُ لَمّا قيلَ إِنَّكَ بِالحِمى / وَمَن ذا الَّذي ذِكرُ الحِمى لا يَشوقُهُ
يا سادَةً حُمِّلتُ مِن بَعدِهِم
يا سادَةً حُمِّلتُ مِن بَعدِهِم / أَكثَرَ مِن عَهدي وَمِن طَوقي
أَصبَحتُ كَالوَرقاءِ في مَدحِكُم / لَمّا غَدا إِنعامُكُم طَوقي
إِنَّ حَواسي الخَمسَ مُذ غِبتُمُ / إِلَيكُمُ في غايَةِ الشَوقِ
تَحلونَ في عَيني وَسَمعي وَفي / لَمسي وَفي شَمّي وَفي ذَوقي
كَذا جِهاتي السِتُّ مِن بَعدِكُم / مَملوءَةٌ مِن لا عِجِ الشَوقِ
خَلفي وَقُدّامي وَيُمنايَ وَيُس / رايَ وَمِن تَحتي وَمِن فَوقي
تُرى سَكِرَت عِطفاهُ مِن خَمرِ ريقِهِ
تُرى سَكِرَت عِطفاهُ مِن خَمرِ ريقِهِ / فَماسَت بِهِ أَم مِن كُؤوسِ رَحيقِهِ
مَليحٌ يُغيرُ الغُصنَ عِندَ اِهتِزازِهِ / وَيُخجِلُ بَدرَ التَمِّ عِندَ شُروقِهِ
فَما فيهِ شَيءٌ ناقِصٌ غَيرَ خَصرِهِ / وَلا فيهِ شَيءٌ بارِدٌ غَيرَ ريقِهِ
وَلا ما يَسوءُ النَفسَ غَيرُ نِفارِهِ / وَلا ما يَروعُ القَلبَ غَيرُ عُقوقِهِ
عَجِبتُ لَهُ يُبدي القَساوَةَ عِندَما / يُقابِلُني مِن خَدِّهِ بِرَقيقِهِ
وَيَلطُفُ بي مِن بَعدِ إِعمالِ لَحظِهِ / وَكَيفَ يُرَدُّ السَهمُ بَعدَ مُروقِهِ
يَقولونَ لي وَالبَدرُ في الأُفقِ مُشرِقٌ / بَذا أَنتَ صَبٌّ قُلتُ بَل بِشَقيقِهِ
فَلا تُنكِروا قَتلي بِدِقَّةِ خَصرِهِ / فَإِنَّ جَليلَ الخَطبِ دونَ دَقيقِهِ
وَلَيلَةَ عاطاني المُدامَ وَوَجهُهُ / يُرينا صَبوحَ الشُربِ حالَ غَبوقِهِ
بِكَأسٍ حَكاها ثَغرُهُ في اِبتِسامَةٍ / بِما ضَمَّهُ مِن دُرِّهِ وَعَقيقِهِ
لَقَد نِلتُ إِذ نادَمتُهُ مِن حَديثِهِ / مِنَ السُكرِ ما لا نُلتُهُ مِن عَقيقِهِ
فَلَم أَدرِ مَن أَيَّ الثَلاثَةِ سَكرَتي / أَمِن لَحظِهِ أَم لَفظِهِ أَم رَحيقِهِ
لَقَد بِعتُهُ قَلبي بِخَلوَةِ ساعَةٍ / فَأَصبَحَ حَقّاً ثابِتاً مِن حُقوقِهِ
وَأَصبَحتُ نَدماناً عَلى خُسرِ صَفقَتي / كَذا مَن يَبيعُ الشَيءَ في غَيرِ سوقِهِ
يا رَبُّ أَعطِ العاشِقينَ بِصَبرِهِم
يا رَبُّ أَعطِ العاشِقينَ بِصَبرِهِم / في الخُلدِ غاياتِ النَعيمِ المُطلَقِ
وَأَذِقهُمُ بَردَ السُرورِ فَطالَما / صَبَروا عَلى حَرِّ الغَرامِ المُقلِقِ
حَتّى يَرى الجُبَناءُ عَن حَملِ الهَوى / غاياتِ عِزِّهُمُ الَّتي لَم تُلحَقِ
فَيَكونَ أَصغَرُ جاهِلٍ حَمَلَ الهَوى / يَلهو بِأَكبَرِ عالِمٍ لَم يَعشَقِ
وَما بِعتُكُم روحي بِأَيسَرِ وَصلِكُم
وَما بِعتُكُم روحي بِأَيسَرِ وَصلِكُم / وَبي مِن غِنىً عَن قَبضِ ما لِيَ مِن حَقِّ
وَلَو أَنَّ لي صَبراً عَلى مُرِّ هَجرِكُم / صَبَرتُ وَما أَمسَيتُ مِن رِبقَةِ الرِقِّ
دُموعي فيكَ لا تَرقا
دُموعي فيكَ لا تَرقا / وَداءُ القَلبِ لا يُرقى
وَمَحلُ الخَدِّ مِن غَي / رِ مَسيلِ الدَمعِ لا يُسقى
دُموعٌ تُعطِشُ الخَد / دَ وَأَجفاني بِها غَرقى
أَلا يا مالِكَ الرِق / قِ بِمَن مَلَّكَكَ الرِقّا
إِذا لَم تَقضِ أَن أَسعَ / دَ لا تَقضِ بِأَن أَشقى
تَصَدَّق بِالَّذي يَفنى / وَخُذ أَجرَ الَّذي يَبقى
وَذَكِّر عِطفَكَ المَيّا / لَ وَالرَدفَ بِما أَلقى
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخشى / وَيَتَجَنَّبُها الأَشقى
قيلَ إِنَّ العَقيقَ قَد يُبطِلُ السِح
قيلَ إِنَّ العَقيقَ قَد يُبطِلُ السِح / رَ بِتَختيمِهِ لِسِرٍّ حَقيقي
فَأَرى مُقلَتَيكَ تَنفُثُ سِحراً / وَعَلى فيكَ خاتَمٌ مِن عَقيقِ
ما يَقولُ الفَقيهُ في عَبدِ رِقِّ
ما يَقولُ الفَقيهُ في عَبدِ رِقِّ / لِحَبيبٍ لَم يَرضَ مِنهُ بِعَتقِ
زارَهُ في الصِيامِ يَوماً وَأَولا / هُ جَميلاً مِن بَعدِ بُعدٍ وَسُحقِ
هَل عَلَيهِ في لَثمِ فيهِ جُناحٌ / إِن غَدا مُضمِراً مَحَبَّةَ صِدقِ
قَلبي لَكُم بِشُروعِهِ وَشُروطِهِ
قَلبي لَكُم بِشُروعِهِ وَشُروطِهِ / وَشَروبُهُ مِلكٌ لَكُم وَحُقوقُهُ
حُرٌّ تُحيطُ بِهِ حُدودٌ أَربَعٌ / فَيها تَعَيَّنَ رَحبُهُ وَمَضيقُهُ
الوُدُّ أَوَّلُها وَثانيها الوَفا / وَالثالِثُ العَهدُ السَليمُ وَثيقُهُ
وَالرابِعُ المَسلوكُ صِدقُ مَحَبَّتي / لَكُمُ وَفيهِ بابُهُ وَطَريقُهُ
طافَ بِالكَأسِ عَلى عُشّاقِهِ
طافَ بِالكَأسِ عَلى عُشّاقِهِ / رَشَأٌ كَالبَدرِ في إِشراقِهِ
فَكَأَنَّ الراحَ مِن وَجنَتِهِ / وَكَأَنَّ الماءَ مِن أَخلاقِهِ
لَيِّنُ العِطفِ وَلَكِن لَم يَزَل / قاسِيَ القَلبِ عَلى مُشتاقِهِ
لَم يَكُن أَوهى قوًى مِن خَصرِهِ / غَيرُ صَبري عَنهُ أَو ميثاقِهِ
لِلحُسنِ حَلاوَةٌ وَبِالعَينِ تُذاقُ
لِلحُسنِ حَلاوَةٌ وَبِالعَينِ تُذاقُ / إِن كُنتَ تَراها بِعُيونِ العُشّاق
وَالعِشقُ لَهُ مَرارَةٌ يَعرِفُها / مَن خَلَدَ في جَحيمِ نارِ الأَشواق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025