المجموع : 88
عوذت شعرك بالظلام وما وسق
عوذت شعرك بالظلام وما وسق / وسناك بالقمر المنير إذا اتَّسق
آهاً لها من طلعة في طرة / لاحت فلا لاحَ الصباح ولا الغسق
وهلالٌ تمّ طالع في سعدِه / لكنَّ نجم حشايَ فيه قد احترق
رشأٌ وجدت العذل فيه باطلاً / لما وجدت بمقلتيه السحر حق
زعم المشنع أنني واصلته / ليت المشنع عن تواصلنا صدق
بأبي الذي أجريت أحمر أدمعي / في حبِّه فإذا ابتغى أمداً سبق
يا للجوانح والبكاء تطابقاً / هذي مقيَّدة وذاك قد انْطلق
قمْ يا غلام وهاتها في حبه / صفراء مشرقةً كما وضح الشفق
هذي الحمائم في منابر أيكها / تملي الغنى والطلّ يكتب في الورق
والقضب تخفض للسلام رؤوسها / والزهر يرفع زائريه على الحدق
فعسى تجدّد لي زمان تواصل / قد كانَ في اللّذَّات معنى مسترق
لا تسمعنَّ بأنَّ قلبي قد سلا / ذاكَ الزمان وذاكَ قول مختلق
تتخالف الأخبار لكنّ الندى / خبرٌ عن الملك المؤيد متفق
ملك خزائن ماله وعداته / تشكو بأيديه التفرق والفرق
البحر في كفيه أو في صدره / فانهل وإن ناويته فاخش الغرق
ذاك الذي بالناس يفدى شخصه / ويعاذ في ظلم الحوادث بالفلق
للسيف في يمنى يديه جدول / فلذا يفيض على جوانبه العَلق
وبكفه القلم الذي لا يشتكى / فتق الأمور لفضله لا رتق
تجري البحار فلو رمى بحربه / لا نشق ذاك البحر غيظاً وانفلق
فيه مآرب للعلوم وللندى / إن فاض راق وإن أفاض القول رق
كالغصن يستحلى سنا أزهاره / ويجود بالثمر الجنيّ وينتشق
فاز امرؤٌ ألقى يمين رجائه / لمقام إسماعيل يوماً واعتلق
المرتجى والأفق محجوب الحيا / والملتجا والدهر مرهوب الحنق
لله كم خضعت لعليا مجده / رأس وكانت ذات صول لم يطق
سارت سيادته وأمعن شوطها / فغدت على الأعناق واصلة العنق
وأراد أن يجري إلى غاياته / صوب الحيا فلذاك ألجمه العرق
النصر والدنيا الخصيبة والهدى / إن صال أو بذل الصنائع أو نطق
لاقيته فشفى رجايَ وعانقت / كفاي من جدواه أطيب مُعتنَق
وروائح المعروف لا تخفى على / حال فشمُوا من أنامليَ العَبق
يا أيها الملك المؤيد دعوةً / تذر العداة بغيظها تشكو الحرق
واصلت قصدي باللهى وقطعت ما / بيني وبين بني الزمان من العُلَق
فلأشكرنّ جميل ما أوليتني / شكر الرياض الزهر للماء الغدق
بمدائح أهّلتني لنظامها / فغدت محررة وعنقيَ مسترق
درر خدمتُ بها علاك وإنما / عُطفت على درر العلى عطف النسق
ما بتّ فيك بدمع عيني أشرق
ما بتّ فيك بدمع عيني أشرق / إلا وأنت من الغزالة أشرق
يا من تحكم في الجوارح حسنُه / فالقلب يؤسر والمدامع تطلق
أنفقت عيني في البكاء وحبَّذا / عينٌ على مرآى جمالك تنفَق
وأخافني فيك العذولُ وما درى / إني لجودك في الهوى أتشوّق
قسماً بمن جعل الأسى بك لذةً / والدمع راحة من يحبّ ويعشق
إن العذول هو الغني وأن من / يفني عليك حياته لموفّق
لي من نصيب هواك سهمٌ وافرٌ / وسهام سحر من جفونك ترشق
يمتار من دمعي عليك ذوو البكا / فاعجب له من سائلٍ يتصدّق
ولقد سقيت بكأس فيك مدامة / في غيظ لوّامي عليك فلا سقوا
وضممْت من عطفيك غصن ملاحةٍ / بالحلي يزهر والغلائل تورِق
وقرأت في خديك بعد تأمل / خطًّا به حبّ القلوب معلق
ورزقت من جفنيك ما حسد الورى / حظي عليه وهو رزق ضيق
ونُعمت باللّذات وهي جديدةٌ / ولبست ضوءَ الرَّاح وهو معتّق
في ليل أفراح كأنَّ هلاله / للشرب ما بين الندامى زَوْرَقُ
يا حبَّذا ليلٌ نبيع به الكرى / لكننا لا عن رضًى نتفرّق
حيث الشباب إلى المسرة راكض / لا يستقرّ وطالبٌ لا يرفق
سقياً لأوقات الشبيبة إنها / أوفى لمطّلب السرور وأوفق
ما سرّني أنّ الكميت تحثها / نحوي السقاة وأن فوْدي أبلق
غني بكأسك يا نديم فإنّ لي / جفناً مدامعه أرقّ وأرْوَق
زال الصبا ونأى الحبيب فعادني / أرقٌ على أرق ومثليَ يأرق
وكأنّ عيني راحةٌ ملكيّة / حلف النوال بأنها لا تطبق
نشأ النوال الأفضليّ فلم نسل / في الأفق هل نشأ الغمام المغدق
إن كان في الكرماء رسل سماحةٍ / فمحمدٌ منها الأخير الأسبق
ملك أقام على حماه وذِكرُهُ / بالمكرمات مغرّبٌ ومشرِّق
ما ضره والفعل فعل باهر / طلب السهى والأصل أصلٌ معرق
من أسرة تقوية حظ الأولى / يوم الفخار لقهرها أن يتقوا
النجم بعض ريارهم فلينزلوا / والنجم بعض حدودهم فليرتقوا
إن فاخروا بقديمهم لم يدفعوا / أو سابقوا بجديدهم لم يلحقوا
إن يفنَ ماضيهم على سنن الردى / فكأنهم ببقاء أفضلهم بقوا
الأرض واسعة بجدوَى ملكهم / والعدل في أيامه متوثق
ملأت موافقة القلوب مهابة / فالقلب قبل الطرف فيها مطرق
وكأنما صور الوقوف أمامه / صور الذمى فمواثل لا تنطق
سارٍ على منهاج أسرة بيته / ترجو البرية حالتيه وتفرق
لا عيب فيه سوى عزائم قصّرت / عنها الكواكب وهي بعد تحلق
وندى تتابع وفده حتى اشتكت / نفحات أنعمه الفلا والأينق
فياض سيب حين يزهى مجلس / وخضيب سيف حين يعرو فيلق
تلقاه بين مهابة ولطافة / كالسيف فيه مضاً وفيه رونق
وتراه من لمع الأسنة سافراً / كالبدر بين كواكب تتألق
حيث الغضا بين السلاح كأنه / لجّ تحقق بنده يترقرق
والطير تقربها الظبا فمن السماء / والأرض تغشاه الضيوف وتطرق
يا أيها الملك المكمل فضله / وُقّيت من حدقٍ إليك تحدّق
وبقيت للمدَّاح تجلب عيسهم / جلباً بغير بلادكم لا ينفق
أذكرتنا زمن المؤيد لا غدت / مثواه باكية الغمام تشهّق
حتى تجرّبه ذيول حديقة / أكمامها بيد النسيم تفتق
علياك علياه وخلقك خلقه / فاهنأ بلبس مدائحٍ لا تخلق
وقدوم عيد كان من طرب إلى / لقياك تخترق الصيام وتسبق
وبديعة كالروض إلا أنها / تجلى بجارحة السماع وتعشق
نظمتها عقداً لمثل مثاله / في النظم شاب من الوليد المفرق
وتلوت قاف معوّذاً من قافها / خوفاً عليه من النواظر أشفق
لا فضل لي فيها وبحرك قاذف / درر الصفات تقول للخلق انفقوا
من عشّ بيتك قد درجت وطار لي / في الخافقين جناح ذكرٍ يخفق
وبكم علمت من القريض صناعة / ما كنت لولاكم بها أتعلق
لكم الولا مني لأنَّ نداكمُ / من كلِّ حادثةٍ له في معتق
بطيفك يا بدر والطارق
بطيفك يا بدر والطارق / ومسبل شعرك والغاسق
وقدك يا غصن واللحظ من / رشيق يميس ومن راشق
وطلق جبين قضى حسنه / ببين على سلوتي الطالق
أغث بأيادي الرضا مغرماً / دعاك وخذ بيد العاشق
فقد تعبت عينه في الهوى / بإنسانها السابح الغارق
وعاقبها سيد ظالم / عليها بذنب الكرى الآبق
سكاب دموع جرت في مدا / بكاها فأعيت على الآحق
وسهر روى من بكاءي الذي / تدفق عن جعفر الصادق
وأمرد نشوان أما لقاه / لعمري فمعذرة الفاسق
منعم جسماً ولكنني / شقيت بمنظره الشقائق
وذي إمرة سار للقيل في / جناحي لوا قلبي الخافق
فكم مسلم خائف عندَ ما / رنا من ظبا لحظه المارق
وكم ذابل في العيون التي / سناها بسهدٍ لها ماحق
فيفتح للجفن من مطبق / ويعمل للقلب من طابق
بخدٍّ وخال على تبره / يشحّ على قبلةِ الوامق
فكم قلت بالتبر جُد مرّة / عليّ فقال ولا الدَّانق
وكم قلت ما الرفق قال الطلا / وأقسم ما أنت بالذائق
ورُبّ مدام تروق التي / شربت على حسنه الرائق
معتقة من ذوي الحجب في / يمين محجّبة عاتق
وفاتكة كالمدام التي / تدير على لينها مادق
تنزه في الثغر مبني في / محل العذيب وفي بارق
زمان شباب مضيء مضى / بعيشٍ لنا فائزٍ فائق
وجاء مشيب على جانبيْ / عذاري وحاشاك كالباصق
فعينايَ في الليل محلوقتان / وفي اليوم من مائها الدافق
وقلبيَ حرَّانُ من لوعةٍ / أتت من كئيب النوى الفارق
ومن زمنٍ بعد ذاك الزمان / عقوق كمثل اسمه عائق
محاذق في الضرّ لي أفرقت / خلاف القياس من الحاذق
وحملت في الأرض من خطبه / ذُرا جبل في السما شاهق
لسنيَ بالفم كم قارعٍ / ولحميَ بالهمّ كم عارق
وقلبي المعذب مع همه / لدى القلب في مخلبيْ باشِق
لعل صديق صديق بمصر / يخفف بالشام عن عاتق
بخطوة ساعٍ مثابٍ إلى / حمى الفضل والكرم السابق
فنشكو فعال الزمان الغلام / لسيده الفاتق الراتق
عليّ سيوف لشأوِ العلى / وحاتم في القوم من لاحق
مجيد العطا ومجيد السطا / بممتشق فيهما ماشق
له الله من راتقٍ في الورى / أموراً كباراً ومن فاتق
وميكال دهر جديد على / يديه تصبّ يد الرازق
من الغرب والشرق راجوه لا / يردّ حماه رجا الطارق
فيلقى الجوينيّ في الوفد من / ندًى عنده ما لقى المالقي
على خلفاء كثيرٍ أبرّ / بسؤدده الراسخ السامق
فيا عون المكتفي إذ بدت / علاه ويا خجل الواثق
فيا صائغ اللفظ صوغ الشنوف / زهت في حلا سوقه النافق
أغثْ مبعداً لاقياً للأسى / يلوذ بإحسانك اللائق
صباح الطوى من دمشق التي / خدمت ومن حلب فالق
وفي حلبٍ راتبٍ قانعٍ / ولكن نعته يَدا ناعق
وعائلة أعولت كلما / أطلت على نفسي الزاهق
على أنني وليَ الصبر قد / ألفت بهذا الشقا الراهق
فلو قيل فارق ولا تبتئس / أيست لقولهُم فارق
وقد آن لي من يد العمر أن / أسير إلى رحمة الخالق
وما فتر هذا الهلال القديم / لخلق عليها سوى خافق
فداك محبّ عطفت الولا / على حبّه عطفةَ الناسق
طفقت له مزوياً نبْتَهُ / زماناً بطافحك الطافق
وأحييت منه ومن لفظه / لمن قد يرى رمق الرامق
فكم من شهيد زكيٍّ على / جميل ثناه وكم سابق
وأنت الذي لم يزل بشره / لظامٍ وسارٍ سنا بارق
وأنت الذي في السهى قدره / بعيّوق شاهده الناطق
لا بدعَ لفظكَ كم حاسدٍ / كليم حشاً دونه صاعق
تنزّه في روضة المجتلى / على المرخ من همة اللاصق
فعيناه في المرخ حيث اجتلت / بديعاً وأحشاه في دابق
ملكت بحقلِ جلاد الجلال / وحيداً فمزّقت في مازق
وأفردت نظماً سرياً فما / لبيتك في النظم من سارق
وأبعدت بالرغم والعجز عن / جنا دَوْحك الناضر الباسق
فيا طرسيَ ألثم ثراه المري / ع ألفاً ويا مدحةُ عانق
وعشْ يا ربيب التقى والعلى / لدى أملٍ بالوفا صادق
ومبلغ علم بإعجازه / رمى في حشا الندّ بالحارق
علومك يا دوح للمجتني / وذكرك يا روض للناشق
قال العذول فزاد قلباً شيّقا
قال العذول فزاد قلباً شيّقا / ما ضرَّ يا مسحور دمعك لو رقى
هيهات مع نأي الأحبَّة والضنا / ترقى دموع العين أو تجدي الرّقى
ما زاد قلبي في الدموع تبحراً / إلا وزادني العذول تملُّقا
أبكي الصبا بدموع عينٍ كادَ في / شكوى الجفا إنسانها أن ينطقا
آهاً لعهد صباً وعهد صبابةٍ / شبَّ ادِّكارهما فشيب مفرقا
يا من رمى هذا الرماد بمفرقي / ما ذا رمى قلبي الشجيّ فأحرقا
وتفرقت جفناي عن دمعٍ به / أشرت وعن ميسور نوم أملقا
إن يغن جفنيَّ البكاء فقد قلى / عدمُ الكرى فيها وأن يتفرَّقا
أفديك راشقة اللحاظ رشيقة / يا لحظها وقوامها ما أرشقا
عربيةٌ أروِي لباسمِ ثغرها / نظماً لأكباد الحواسد مقلقا
تجفو ولو أني قبرت وسلمت / سلمتُ تسليم البشاشة أوزقا
ولربَّما عطفت وغصن قوامها / بالحلي أثمر والذوائب أورقا
وضممتها في الحيِّ أرشف ثغرها / ثمَّ انتبهت فلا العذيب ولا النقا
طيفاً ألمَّ وما يظن بشاعر / قاضي القضاة سميعه إلا التقا
أمَّا الزمان فقد كساهُ نضارةً / قاضي القضاة ابن العلوم أبو البقا
قاضي القضاة تهنها علياء ما / برحت ببيتكم الممدّح أليقا
من ذا لذا إرثاً وملكاً عن رضاً / لكمُ بهِ النعمى وللأعدا الشقا
ولنا بكم هذا الهناء المجتلى / ولكم بنا هذا الثناء المنتقى
لا تعدم المدح الحسان بهاءه / وثناه مملا مغرباً أو مشرقاً
ذو السؤدد الموروث والكسب الذي / أثرى فنفق ما رجاه ونطقا
عرقت جباه السائدين حياله / وكذا يكون ابن السيادة معرقا
أبناء خزرجها وعيبة نصرها / هنئتُم الشرف التقي ثمَّ ارتقى
إن يشبه الأسلاف أخلاق لقد / رضع الرجا منها الغمام المغدقا
أكرم به متحلّياً من مصره / حتى أقام لسعدها متدمشقا
يا وارث الأنصار فضل سيادةٍ / أخذت على عهد المعالي موتقا
يا من سجعت بمدحِه إذ لم أزل / بنداه ثمَّ ندى ذويه مطوَّقا
عذراً على تأخير عبدٍ عنكمُ / أضحى بترسيم الهموم معوّقا
عرفَ الزمان بأنني أشكو إلى / رحماكَ عدّته فعاق عن اللقا
بأليمهِ يا سيدي وأليمه / لا أستطيع بشكوها أن أنطقا
ومع اهْتمام الهمّ بي فاسْتجلها / عذراء قالَ ثناؤها ما أصدقا
جاءتك في شفق الحياء وإنما / مجدتك في الحسنى أبرُّ وأشفقا
يا من على جدواه أن يهمى الحيا / وعلى نبات مدائحِي أن تعبقا
أن يغد مدحِي عن ثناك مقصراً / فلقد يرى فوق النجوم محلّقا
لرسوم الحمى عليهِ حقوق
لرسوم الحمى عليهِ حقوق / مدمعٌ فائضٌ وقلبٌ خفوق
ذاكَ يغني مولاه إن يسفح الغي / ث وهذا أن تستهلّ البروق
أينَ عيشي والشمل فيه جميع / ومراحِي وما استقلّ الفريق
يا ديار الشهباء احمرّ دمعي / كلّ يومٍ إلى هواكَ سبوق
كلما أسعر الغضا قلب صبّ / سالَ من جفنِه عليكَ العقيق
إن داراً كمسجد بصفيِّ الد / ين يقضي بأن دمعي خلوق
الأديب الذي به أدّب الده / ر فما يشتكى لديه عقوق
والعريق الذي تسامت فروع / من علا بيته وساخت عروق
فاضلٌ لقطنا له مفرق الحم / د وفي بحره الخضمّ غريق
ذو نظام له إذا قصر النا / س على هامة السهى تحليق
ومعالٍ لو رامها نجم أفق / عاقه عن لحاقها العيوق
ووداداً إذا جفا الصحب يدنو / وإذا كدّر الزمان يروق
ويرى لي حقًّا عليه وهيها / ت له لا لحقيَ التحقيق
هو والله سابق ليَ برًّا / وثناءً وغيره المسبوق
قامت الناس في لقاه على سا / ق وقامت لحلية الشعر سوق
فأبوه عبد العزيز المرجَّى / وأخوه زهر الرِّياض الشقيق
وقصيد منه أتى ببديع / هو حرُّ المقال وهو رقيق
وخليق بجدّه الحسن فاعجب / لجديدٍ يلقاك وهو خليق
حبس الغيَّ عن وفاه يراعى / بثلاثٍ كأنه مخنوق
كلّ بيتٍ كأنه حان سكرٍ / حيث صفى سلافه الرَّاوُوق
ثم نادوا إلى الصبوح فقامت / قَينة في يمينها إبريق
أيّ نظم صافي الحديث إذا ما / عاقرته الألباب قيل عتيق
عللونا عند النوى بالعناق
عللونا عند النوى بالعناق / وامزجوا بالوداع كأس الفراق
وصلونا يوم الرحيل فلا نط / مع في أن نبقى ليوم التلاق
ما عليكم من احمرار دموع / تتحلوا بها مع الأطواق
سامح الله حسنكم يوم تأتو / ن وتلك الدماء في الأعناق
يا خليلين من جواي ودمعي / لا لقيتم من العنا ما ألاقي
كلما مرَّ من قضية سهدٍ / أو جرى من بكى على الأحداق
ربَّ ظبيٍ منكم رعى أخضر العي / ش وأفنى موارد الآماق
منفذٌ في هواه حاصل دمعي / وله سالف يريد الباقي
تحتَ أصداغه عذارٌ خفيّ / فهو بين السطور كالإلحاق
كل يوم ينضو على عاشقيه / سيف لحظ يسوقهم للساق
ما ترى مقلتيه تشكو فتوراً / أتراها لكثرة العشَّاق
غنّني يا نديم باسم هواه / وثناء الوزير في الآفاق
يطرب الذكر عن مناقب يعقو / ب كمثل اللحون عن إسحاق
صاحب يصحب الثناء ويرقى / درجات العلاء باسْتحقاق
إن علت غاية وإن جنَّ دهر / فهو في الحالتين أحسن راقي
عشقت نفسه المعالي فجدَّت / والمعالي قليلة العشَّاق
كل أفعاله مناسبة النف / ل فعوّذ تجنيسها بالطباق
همَّة في سنائها جازت الشه / بَ وأمسى الهلال ذا أطواق
ووزير في مصر جاء مرجيّ / ه وغنَّى بمدحه في عراق
ليس فيه عيب سوى أنَّ نعما / ه تجوز الأحرار باسْترقاق
أطلقت كفُّه العطايا وقالتْ / فهيَ مشكورةٌ على الإطلاق
وغدا بابه لمجتلب الحم / د إليه بمجمع الأسواق
ذو يراع جارٍ بفضل القضايا / واتّصال العُفاة بالأرزاق
كلما ماسَ في المهارقِ كالغص / ن رأيت الندى على الأوراق
يا وزيراً قد عامل الله في الخل / ق وما خابَ طالب الخلاَّق
بك شدتْ قريحتي بعد وهنٍ / وبنعمى يديك حلَّ وثاقي
جودك المجتدى وأمداحكَ الغ / رّ كنوزٌ تبقى على الإنفاق
رأى الغصن أعطاف الغزال المقرطق
رأى الغصن أعطاف الغزال المقرطق / فقامَ مقام المجتدي المتملق
وجاوبه والدمع يخطي فما درى / إلى البحرِ يمشي أم إلى البدر يرتقي
وما نافعي أطراف طرفيَ دونه / إذا كانَ طرف القلب ليس بمطرق
ليَ الله قلباً في اتّباع صبابة / كعاذله من قالَ للفلكِ أرفق
يميل لعذَّال الصبابة والهوى / إذا شاءَ أن يلهو بلحية أحمق
ويصغي إلى الواشي وليسَ بقائل / ويقضي على علم بكلِّ مخرّق
ويحثو تراب السبق في وجهِ عاشق / أراه غباري ثم قال له الحق
معنى بذي قدٍّ ثنى الرمح تابعاً / لأدرب منه في الطعان وأحذق
معنى بظبيٍ ينهب الناس لحظه / ويعزي إليهم كلّ سور وخندق
من الترك إلا أنه أسمر اللمى / لعُوب بأطراف الكلام المشقَّق
بروحيَ من لم يلقَ مضناه عادل / بمثل خضوع في كلام منمَّق
مسدّد نبل المقلتين كأنما / يخيّر أرواح الكماة وينتقي
بجفن رشاً إن تسمه السحر لم يحد / وإن تدعه حدّ الحسام فأخلق
أباد قلوب العاشقين فلم يدع / حبيباً لفاد أو رقيقاً لمعتق
وأغرق عذَّالي بدمعي ولم أرد / ولكنه من يرجم البحر يغرق
هوى كشأ الرأي الفلاني أنسباً / قنا ابن أبي الهيجاء في قلب فيلق
أبكيك للحسنين الخلْق والخُلُق
أبكيك للحسنين الخلْق والخُلُق / كما بكى الروض صوب العارض الغدق
تبكيك رقة لفظي في مهارقها / يا غصن فاسْمع بكاء الوُرق في الوَرَق
وما أوفيك يا عبد الرَّحيم وإن / بكت لك العين بعد الماء بالعُلق
ما زال مبيضّ دمعي داعياً لدمِي / حتَّى بكيت ظلال الحسن بالشفق
وخدَّدت فوق خدِّي للبكا طرق / حتى رويت حديث الحزن عن طرق
يا ساكن اللّحد مسرور المقام به / أرقد هنيئاً فإني دائم الأرق
وإن تعرض في الليل طيف كرى / فلا تشقني وغيري سالياً فشق
صحّ الوداد لقلبي والأسى فلذا / أبكيكَ بالبحرِ لا أبكيكَ بالملق
بنيّ لولاك ما استعذبت ورد بكا / ولا أنست بتسهيد ولا أرق
ليصنع الدمع والتسهيد ما صنعا / فإن ذلك محمول على الحدق
بنيَّ لا وجبينٍ تحت طرَّته / لم يخلُ حسنك لا صبحي ولا غسقي
يهيِّج الليل ناراً فيكَ أنكرها / فإن صدقت فقلبي ليلة الصّدق
ويجلب الصبح لي ممَّا أساء به / بياض شعر فيا فرقي ويا فَرقي
بنيّ إن تُسْقَ كاسات الحمام فكم / مليك حسن كما شاء الزمان سقي
بنيّ إن الرَّدى كأس على أممٍ / ما بين مصطبح منها ومغتبق
وللهلال على الأعمار قاطبة / فتر يحاول منها كلّ مختنق
والعمر ميدان سبق والحمام له / مدىً وكلّ الورى جارٍ على طلق
ما ردّ سيف الرَّدى سيفُ ابن ذي يزن / ولا نجا تبّع في الزعف والحلق
ولا احتمى عنه ذو سنداد في شرف / ولا اختفت دونه الزَّباء في نفق
كم نائحٍ كالصدى مثلي على ولدٍ / يقول واحرقي إن قلت واحرقي
ولا كمثليَ في حزنٍ فُجِعتُ به / لكن أعلق صدري فيه بالعُلق
أدنيت للطرفِ قبراً أنت ساكنه / عسى أساعد في شجوي وفي قلقي
بالرغم إن باتَ بدر الأفق معتلياً / وبات بدريَ مدفوناً على الطرق
كأنني لم أغنِّي الليل من طربٍ / ليل الحمى بات بدري فيكَ معتنقي
يا ترب كم من فُتورٍ قد نثرت بها / أعضاء حسن كمثل اللؤلؤ النسق
وكم تركت بها كفًّ بلا عضد / وقد توسَّدها رأسٌ بلا عنق
آهاً لها حسرات لو رميت بها / ثهلانَ خلّ حصاة القلب لم يطق
وأوجهاً كخلاص التبر قد جليت / على الحمام عليها لؤلؤ العرق
كانت رياضاً لمستجلٍ فما تركت / منها الليالي سوى ذكر لمنتشق
بنيّ ليتك لم تعرف ولاءك في / حبِّي فرحت بدمعي شاكيَ الغرق
وليت نجمك لم يشرق على سحري / وليت برقك لم يومض على أفقي
ما كان أقصر أوقاتٍ بك استرقت / فليتَ عمريَ مقطوعٌ على السرق
ما كان أهداك في السنّ الصغير إلى / فضلٍ تجمَّع فيه كلّ مفترق
فإن يغب منك عن جفني عطارده / فقد رسيت بفكر فيه محترقي
مضيت حيث بقايا العمر تضعف لي / واطول حزنيَ ممَّا قد مضى وبقي
لا أهملتك عيونُ السحب هاملة / ولا بعينيك ما يلقى الحشا ولقي
فما أظنُّك ترضى حالة نعمت / وإن قلبي بنيران الهموم شقي
قد أخلقت جسدِي أيدي الأسى فمتى / للأرضِ ترمي بهذا الملبَسِ الخلِق
تشبيب مدحك مطربٌ لكنه
تشبيب مدحك مطربٌ لكنه / حقّ لإطراب المديح سباق
قاضي القضاة ويا أبا الحسن الذي / شرفت أصول علاه والأعراق
يا ابن الذين إذا تحدَّث مادحٌ / فإليهمُ ذاك الحديث يساق
يا خير من لولائنا وثنائنا / في بابه التقييد والإطلاق
أعداك والأنعام في حالٍ سوا / حقّ لمثلهما دم مهراق
فانْحرْهما في يوم عيدك وابقَ ذا / مجدٍ تضيءُ بذكره الآفاق
لرقاب جزرك والعدى حدّ المُدا / ورقابنا من جودِك الأطواق
ماذا من الشوق جناي والأرق
ماذا من الشوق جناي والأرق / برقٌ على حمص كقلبٍ خفق
يا جاعلاً في حمص قلبي لقد / حمَّصت مشتاقكَ حتَّى احْترق
حتَّى إذا عادَ إمام الهدى / تساعد السعد فرق الفرق
أعظم به تاجاً لعليائهِ / يعطف ردّ المدح عطف النسق
من نعم الوهَّاب سبحان من / جمَّل من أخلاقه ما خلق
إذا كتبتُ السطر من مدحهِ / أضاء في الطرسِ ضياء الفلق
فلم يزد إلا بما زادَ من / بياضِه فوق بياض الورق
جيوش حسنك يا ذا الحسن متَّفقه
جيوش حسنك يا ذا الحسن متَّفقه / لها من السقم عرضٌ والبكا نفقه
إذا رأوا حلقات الصّدغ دائرةً / فكلهم جند أشجان من الحلقه
ألحاظك النبل في أهلِ الغرام كما / مالُ ابن يعقوب في أهلِ الرجا درقه
تردّ عن عرضه الأنقى فتبصرها / محمرَّة من دما التبر الذي هرَقه
شيخ الشيوخ طريقاً أو مباحثةً / وصاحب الستر من شغلٍ ومن صدقه
مولايَ دعوة مطويّ على شجنٍ / لا يشتكي لسوى إحسانكم حُرقه
لا تسألوا كيفَ حالي منه ممحلة / ما حال فرع نبات يشتكي وَرَقه
ونظمٌ يجاري الناظمين جوادُه
ونظمٌ يجاري الناظمين جوادُه / إذا شاءَ أن يلهو بلحيةِ أحمق
أتى من إمام منطقي فيه للثنا / وللحبِّ ما لم يبقَ منِّي وما بقي
أبا الفتح لو فاتحت بحراً أو ابنه / لقامَ مقام المجتدِي المتملّق
ويا من له في العقلِ والنقلِ خاطر / لعاد له من قال للفلك ارفق
لقد جدت حتى جدت في كلّ ناقلٍ / وحتى أتاكَ الحمد من كلّ منطق
وقلَّدتني شرفٌ من النظمِ نعمةً / أنرت بها ما بين غرب ومشرق
أقول لها إذ صحفت نعت حاسد / بعينيك ما يلقى الحسود وما لقي
يا تاركين للمحب أدمعاً
يا تاركين للمحب أدمعاً / قد وقع الحزن له إطلاقها
والذاريات من دموعي خلفةً / ما نقضت أيدي النوى ميثاقها
لو حنّت الورق حنيني نحوكم / لمزقت من أسفٍ أطواقها
ولو غدت تملي على الأغصان ما / في كبدي لأحرقت أوراقها
مولاي ما متعب يلوح على الس
مولاي ما متعب يلوح على الس / مت والحيّ صنعة الفائق
كأنه عاشق تهيج له الأوت / ار شجواً وليس بالعاشق
لسانه صامت على أكثر الأوق / ات لكن قلبه ناطق
حوى فلكي عند الوزير وطالما
حوى فلكي عند الوزير وطالما / أزيحت بجدوى راحتيه عوائقي
وقد كان قدري عنده متدرّجاً / وبيتي عميراً بالندى المتلاحق
فللدرج اللاتي حوت بتّ باكياً / وعائلتي تبكي لمنع الدقايق
يا رُبّ ظبيٍ على ظبيٍ ظفرت به
يا رُبّ ظبيٍ على ظبيٍ ظفرت به / فقام إيري مقام الطاعن اللبق
وكاد يخترق الإثنين ذاك لذا / كالفعل ينصب مفعولين في نسق
نأى بك الشام يا خلي فقلت عسى
نأى بك الشام يا خلي فقلت عسى / خلّ بمصر إذا بالموت قد طرقَه
يا دهر أعدمتني خلّين رمت فذا / صلاح صدق لآمالي وذا صدقَه
غرس أياديك في هديتِه
غرس أياديك في هديتِه / يطلب عذراً من جودِك الغدق
إن لم يكن قد أتاك ذا ثمر / فإنه قد أتاكَ ذا ورق
يا من يطالع سقط الزند دونك من
يا من يطالع سقط الزند دونك من / ألفاظه ما يباهي الزهر في الأفق
لا تحسب العقد في الأعناق يشبهه / فإنَّ للزندِ حلياً ليس للعُنق
تقول بنيّ الجائعون أما ترى
تقول بنيّ الجائعون أما ترى / من الجوع شكوانا لكلّ فريق
وقد كنتُ ذا نظمٍ وسعي ببرّنا / فلم جئت من هذا وذا بدقيق
عليكَ بأبواب الإمام محمد / تجد فرجاً منها لكلّ مضيق
وما هي إلا بيت مالٍ لطالب / ونصرة آمال ونجح طريق