المجموع : 18
مَنْ عَذِيْري مِنْ تَجَنِّي شادِنٍ
مَنْ عَذِيْري مِنْ تَجَنِّي شادِنٍ / رامِحِ القامَةِ شَاكي الحَدَقِ
ماجِنِ البالِ وَقاحٍ لا يَرَى / في دَمِ الصَّبِّ عِقاباً يَتَّقي
أوْدَعتْ ألحاظُهُ في كَبِدي / ما أطاقَتْه وما لَمْ تُطِقِ
سَلْسَلُ الحُسْنِ بِخدَّيْهِ جَرَى / عَجَباً ساغَ ومِنْهُ شَرَقي
لِمُحيَّاهُ المُحيّا رَوْنَقٌ / يا لَقَلْبِي ولِذاكَ الرَّوْنَقِ
خَلعَ الرَّوضُ عَلَيْهِ مِطْرَفاً / مِن بَديعِ النَّور سَاري العَبَقِ
فارْتَدَتْ خدَّاه بُردَيْ وَرْدهِ / واكْتَسى الشَّارِبُ صِبْغَ الوَرَقِ
واسْتَبى الثَّغرُ مُنَدَّى زَهْرِه / واحتَوتْ عَيناهُ سِرَّ الزَّرَقِ
فَهو رَيَّا ورُواءٌ ورُؤىً / لِصَدٍ أوْ راءٍ اَو مُنْتَشِقِ
ألا هَلْ دَرى مَنْ باتَ غيرَ مُؤَرَّقِ
ألا هَلْ دَرى مَنْ باتَ غيرَ مُؤَرَّقِ / بأنَّ جُفوني مُذْ نَأى ليسَ تَلْتقي
وأنَّ غَرامي مُنْذُ سارَ مُلازِمي / وأنَّ اصْطِباري منذُ بانَ مُطَلِّقي
وماساقَ أشْواقي وهاجَ بَلابِلي / سِوى سائِقِ الأظْعانِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ
تَعَشَّقتُ في قَومٍ غِرابٍ فَودَّعوا / فيا لَيْتَني مَيْتٌ ولَمْ أتعشَّقِ
ويا ليتَ عَيْني إذْ رأتهمْ تَعلَّقَتْ / سِواهُمْ ولَوْ بالبارِقِ المُتألّقِ
ظَنَّ أني أفَقْتُ مِنْ أشْواقي
ظَنَّ أني أفَقْتُ مِنْ أشْواقي / إذْ رَآنِي لَمْ أشْكُهُ ما أُلاقِي
فَتَصدَّى لِخُبْرِ مُضْمَر صَدْري / فإذا بي فِي زَفْرَةٍ وسِياقِ
بِمَ يَشْكُو أوْ كَيْفَ قُلْ ليَ يَشْكُو / تالِفٌ نَفْسُهُ رَقَتْ للتَّراقي
أهِ مِنْ ذا النَّوى وذا الهَجْرِ آهاً / جَبَرَ الله صَدْعَتِي بالتَّلاقِي
كُنْ كما شِئْتَ يا حُبَيِّبَ قَلْبي / إنَّنِي والهَوى عَلى العَهْدِ باقِ
ما تَضُمُّ الجُيوبُ والأطْواقُ
ما تَضُمُّ الجُيوبُ والأطْواقُ / لا الَّذي قَدْ سَمَتْ بِهِ آفاقُ
ذَاكَ يُعْشِي العُيونَ مِنْهُ وهذا / بِحنَايا الحَشا لَهُ إشْراقُ
لَيْسَ شَيءٌ أبْهى وأبْهَرَ مَرْأى / مِنْ بُدورٍ تُديرها أعْناقُ
أوْفى كَما زارَ الخَيالُ الطَّارِقُ
أوْفى كَما زارَ الخَيالُ الطَّارِقُ / وبَدا كَما التَاحَ البَريقُ الخافِقُ
ما كانَ بَيْنَ إيابهِ وذَهابهِ / إِلّا كما رَجَعَ النَّواظِرَ رامِقُ
مُتَردِّدٌ ظَفَرتْ بهِ أيْدي النَّوى / كالبَدْرِ إمَّا غاربٌ أو شارِقُ
يا رُبَّ أسودَ وافانا وفي يَدِهِ
يا رُبَّ أسودَ وافانا وفي يَدِهِ / مُطيَّبٌ راقَ من خِيريِّهِ نَسَقُ
لا غروَ أهدى لنا ريَّاهُ عاطِرةً / فنفحةُ النَّور يُذكي طِيْبَها الغسَقُ
أهلاً بِنَوْرِ بَهارٍ قَد حَبَتْكَ بِهِ
أهلاً بِنَوْرِ بَهارٍ قَد حَبَتْكَ بِهِ / شَقِيقَةُ الرَّوضِ في حُسْنِ وفي عَبَقِ
حكَى لَنا طِيْبَ رَيَّاها ومَبْسِمِها / فارْشُفْهُ إن شئْتَ أو إنْ شئتَ فانْتَشِقِ
أوْفَى عَلى قُضُبٍ في لِيْنِ قامَتها / لو أنَّ في ضَمِّها رَوْحاً لِمُعْتَنِقِ
رَيْحانَةٌ في كُساها الخُضر قد طَلَعتْ / كأنَّها الغُصْنُ في خُضْرٍ مِنَ الوَرَقِ
تَكَلَّلت عِمَّةً حَمْرَاء وانْتَقبَتْ / تحكي الهِلالَ كَسَتْهُ حُمَرَةُ الشَّفَقِ
سَبْعٌ لِيَ اليَوْمَ أيا بُغْيَتي
سَبْعٌ لِيَ اليَوْمَ أيا بُغْيَتي / لَم يَبْدُ لي مَنْظَرُكَ المُشْرِقُ
ماذا الجفاءُ اللهَ في مُغْرَمٍ / أدْمُعُهُ مِنْ لَوْعَةٍ تَدْفُقُ
أيَظْهَرُ البَدْرُ عَلى بُعْدِهِ / وأنتَ بالقُرْبِ ولا تُشْرِقُ
يا بَدْرَ تمٍّ تُسامي الطَّرفَ عَنْ أُفُقِ
يا بَدْرَ تمٍّ تُسامي الطَّرفَ عَنْ أُفُقِ / أوْلى لَكَ القَلبُ أُفقاً واضِحَ الفَلَقِ
بِمُهْجَتي عائِدٌ عادَ الزَّمانُ بهِ / فعادَ عِيدُ الرِّضى والبِشْرِ في نَسَقِ
جَرَى بهِ أشْقَرٌ للوعْدِ في طَلَقٍ / فيَا لِجَرْيِ النُّهى في ذلِكَ الطَّلَقِ
حتَّى إذا ما أتىَ أهْوَى يُعانِقُني / في الأرضِ كالشَّمْسِ إذ تُهوي عن الأُفُقِ
كأنَّما الطِّرْفُ أُفقٌ شَمْسُهُ غَربتْ / فذلكَ اللَّونُ فيهِ حُمْرَةُ الشَّفقِ
رَمِدَتْ لواحِظُهُ فقالَ طَبيبُه
رَمِدَتْ لواحِظُهُ فقالَ طَبيبُه / أضْفُوا عليهِ غَلائِلاً زُرْقا
ما إنْ تَكادُ تُبينُ وهوَ مُغلَّلٌ / بَيْنَ الهِلال وبَيْنَهُ فَرْقا
يا مَنْ رأى في الأرضِ بَدْراً ماشِياً / أمَّا أنا فَرَأيتُهُ حقّا
يا حُسْنَه لهِلالِ الفِطْر مُرْتَقباً
يا حُسْنَه لهِلالِ الفِطْر مُرْتَقباً / كالبَدْرِ أشرقَ في داجٍ مِنَ الغَسَقِ
أوْمى إليهِ بعَيْنيه وغازَلَني / فَقُلْتُ والصَّبُّ مَفْطورٌ عَلى القَلَقِ
لُقْياكَ عِيديْ ومَرْآكَ الهلالُ وفي / لَماك فِطْري فما أبغي لَدى الأُفُق
يا جارياً مِنْ سَبيلِ المَجْدِ في طَلَقٍ
يا جارياً مِنْ سَبيلِ المَجْدِ في طَلَقٍ / مُقيِّداً مِنْ عُلاهُ كُلَّ إطْلاقِ
أتَتْ هَداياكَ في ألوانِها طُرَفاً / كالرَّوضِ في ثَوْبِ أزهارٍ وأوراقِ
هذِي طُروسٌ أمِ الطَّاووسُ أمْ قُزَحٌ / أمِ الحَدائقُ تُجْلَى نَصْبَ أحْداقِ
كأنَّ ما احْمَرَّ مِنْها بَيْنَ أخْضَرِهِ / خلالَ أصْفَرِهِ طاقاً عَلى طاقِ
مُعَذِّراتُ خُدُودٍ أُشْرِبَتْ خَجَلاً / لَمّا أُضِيفَتْ إلى وَجناتِ عُشَّاقِ
عَدوّك دارِهِ ما اسطَعْتَ حَتَّى
عَدوّك دارِهِ ما اسطَعْتَ حَتَّى / يعودَ لَديكَ كالخِلِّ الشَّفيقِ
فما في الأرضِ أرْدى من عَدُوٍّ / ولا في الأرضِ أجْدى من صَديقِ
ألا خَيْرُ ما لِلْمَرءِ عَقْلٌ يَزيْنُهُ
ألا خَيْرُ ما لِلْمَرءِ عَقْلٌ يَزيْنُهُ / فإنْ لم يَكُنْ عَقْلٌ فَجاهٌ ينفِّقُهْ
وإِلّا فمالٌ ساتِرٌ مِنْ عُوارِهِ / وما خيرُ سِتْرٍ قَدْ يُخافُ تَمَزُّقُهْ
فإنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذِي الثَّلاثَةِ واحِدٌ / فأوْلى لَهُ نارٌ مِنَ اللهِ تُحرِقُهْ
مَثْواكَ عِزُّكَ فاحذَرْ أنْ تُفارقَهُ
مَثْواكَ عِزُّكَ فاحذَرْ أنْ تُفارقَهُ / فَعِزَّةٌ واغْتِرابٌ قَلَّما اتَّفَقا
أما تَرى الشَعرَ فَوْقَ الرَّأْسِ مُحْتَرَماً / فإنْ يَزُلْ عَنْهُ أضْحى في التُّرابِ لَقَى
مَنْ لم يُشاهِدْ مَوْقِفاً لفِراقِ
مَنْ لم يُشاهِدْ مَوْقِفاً لفِراقِ / لَمْ يَدْرِ كَيْفَ تَولّهُ العُشَّاقِ
إنْ كُنْتَ لَمْ تَرَهُ فسائِلْ مَنْ رأى / يُخْبِرْكَ عن وَلَهِيْ وهَوْلِ سياقي
مِنْ حَرِّ أنفاسٍ وخَفْقِ جَوانحٍ / وصُدوعِ أكْبادٍ وفَيْضِ مآقِ
دُهِيَ الفُؤادُ فلا لِسانٌ ناطِقٌ / عِنْدَ الوَداعِ ولا يَدٌ متراقِ
ولَقَدْ أُشيرُ لِمَنْ تكلَّف رِحْلَةً / أنْ عُجْ عَليَّ ولو بقَدْرِ فُواقِ
عَلّي أُراجِعُ مِنْ ذَماي حشاشَةً / أشكو بها بَعْضَ الذي أنا لاقِ
فمضى ولَمْ تَعْطِفهُ نَحْويَ ذمَّةٌ / هَيْهاتَ لا يَثْني عَلى مُشْتاقِ
يا صاحِبَيَّ وقَدْ مَضى حُكْمُ الهَوى / رُوحا عَلَيَّ بِشيمةِ الإشْفاقِ
واسْتَقْبلاها نَسْمَةً من أرضِكُمْ / فَلَعَلَّ نَفحتها تَحُلُّ وَثاقي
إنّي لَيَشْفيني النَّسيمُ إذا سَرى / مُتَضَوِّعاً من تِلْكُمُ الآفاقِ
مَنْ مُبْلغٌ بالجزعِ أهلَ مَوَدَّتي / أنِّي على حُكْمِ الصَّبابةِ باقِ
ولئن تحوَّل عهدُ حُبِّهِمُ نَوىً / ما حُلْتُ عَنْ عَهْدي وعَنْ مِيْثاقي
أنِفَتْ خَلائقيَ الكِرامُ لخِلَّتي / نَسَباً إلى الإخْلالِ والإخْلاقِ
قَسماً به ما اسْتَغْرَقتني فِكْرَةٌ / إِلّا وفِكْري فيهِ واستغراقي
لي أنَّةٌ عند العشِيِّ لَعَلَّهُ / يُصغي لها وكذا معَ الإشراقِ
أبْكي إذا هَبَّ النسيمُ فإن تَجِدْ / بَلَلاً به فَبِدَمْعِيَ المُهْراقِ
أُومي بِتَسْليمٍ إليهِ مع الصَّبا / فالذِّكْرُ كُتبي والرِّفاقُ رِفاقي
مَنْ لي على شَحْطِ المَزارِ بنازحٍ / أدنى لِقَلْبي مِن جَوى أشواقي
إنْ غابَ عنْ عَيْني فَمثْواهُ الحَشا / وسُراهُ بَيْنَ القَلْبِ والأحْداقِ
جارَتْ عَليَّ يَدُ النَّوى بفِراقه / آهاً لِما جَنَتِ النَّوى بفِراقِ
أحْبابَ قَلْبي هَلْ لِماضي عَيْشِكُمْ / رَدٌّ فَيُنْسَخَ بُعْدُكم بِتَلاقِ
أمْ هَلْ لأَثْوابِ التَّجلُّد راقعٌ / إذْ لَيْسَ مِن داءِ المحبَّةِ راقِ
ما غابَ كوكبُ حُسْنِكُمْ عنْ ناظِري / إِلّا وأمْطرتِ الدِّما آماقىِ
إيهٍ أُخَيَّ أدرْ عليَّ حَديثَهُمْ / كأْساً ذَكَتْ عَرْفاً وطيبَ مَذاقِ
وإذا جَنحتَ لماءٍ اَوْ طَرَبٍ فمنْ / دَمْعي الهَمُوعِ وقَلبيَ الخفَّاقِ
ذِكراهُ راحي والصَّبابةُ حَضْرَتي / والدَّمْعُ ساقِيَتي وأنْت السَّاقي
فَلْيَسْلُ عَنِّي مَنْ لَحاني إنَّني / راضٍ لما لاقَيْتُه وأُلاقي
دِماءٌ فوقَ خَدِّكِ أم خَلُوق
دِماءٌ فوقَ خَدِّكِ أم خَلُوق / ورِيْقٌ ما بثَغْركِ أم رَحيقُ
وما ابتَسمَتْ ثَنايا أمْ أَقاحٍ / ويكنفُها شِفاهٌ أم شَقيقُ
وتِلْكَ سَناة نَوْمٍ ما تعاطَتْ / جُفونُكِ أمْ هي الخَمْرُ العَتيقُ
لَقَدْ أعْدَتْ مَعاطِفُكِ انْثِناءً / وقَلبي سُكْرُهُ ما إنْ يُفيقُ
جَمَالُكِ حَضْرَتي وهواكِ راحي / وكأْسُك مُقْلَتي فَمتى أُفِيْقُ