المجموع : 37
لِمَنِ الحُدوجُ تَهُزُّهُنَّ الأَنيُقُ
لِمَنِ الحُدوجُ تَهُزُّهُنَّ الأَنيُقُ / وَالرَكبُ يَطفو في السَرابِ وَيَغرَقُ
يَقطَعنَ أَعراضَ العَقيقِ فَمُشئِمٌ / يَحدو رَكائِبَهُ الغَرامُ وَمُعرِقُ
أَبقَوا أَسيراً بَعدَهُم لا يُفتَدى / مِمّا يَجِنُّ وَطالِباً لا يَلحَقُ
يَهفو الوُلوعُ بِهِ فَيَطرِفُ طَرفَهُ / وَيَزيدُ جولانُ الدُموعِ فَيُطرِقُ
وَوَراءَ ذاكَ الخِدرِ عارِضُ مُزنَةٍ / لا ناقِعٌ ظَمَأً وَلا مُتَأَلِّقُ
وَمُحَجَّبٍ فَإِذا بَدا مِن نورِهِ / لِلرَكبِ مُلتَهِبُ المَطالِعِ مونِقُ
خَرّوا عَلى شُعَبِ الرِحالِ وَأَسنَدوا / أَيدي الطِعانِ إِلى قُلوبٍ تَخفِقُ
هَل عَهدُنا بَعدَ التَفَرُّقِ راجِعٌ / أَو غُصنُنا بَعدَ التَسَلُّبِ مورِقُ
شَوقٌ أَقامَ وَأَنتِ غَيرُ مُقيمَةٍ / وَالشَوقُ بِالكَلفِ المُعَنّى أَعلَقُ
ما كُنتُ أَحظى في الدُنوِّ فَكَيفَ بي / وَاليَومَ نَحنُ مُغَرِّبٌ وَمُشَرِّقُ
مِن أَجلِ حُبُّكِ قُلتُ عاوَدَ أُنسَهُ / ذاكَ الحِمى وَسُقي اللَوى وَالأَبرَقُ
طَرَقَ الخَيالُ بِبَطنِ وَجرَةَ بَعدَما / زَعَمَ العَواذِلُ أَنَّهُ لا يَطرُقُ
أَتَحَنُّناً بَعدَ الرُقادِ وَقُسوَةً / أَيّامَ أُصفيكِ الوِدادَ وَأُمذَقُ
أَنّى اِهتَديتِ وَما اِهتَدَيتُ وَبَينَنا / سورٌ عَلَيَّ مِنَ الطِعانِ وَخَندَقُ
وَمُطَلَّحينَ لَهُم بِكُلِّ ثَنيَّةٍ / مُلقىً وِسادَتُهُ الثَرى وَالمَرفِقُ
أَو قابِضينَ عَلى الأَزَمَّةِ وَالكَرى / يَغشى أَكُفَّهُمُ النُعاسُ فَتَمرُقُ
أَومَوا إِلى الغَرَضِ البَعيدِ فَكُلُّهُم / ماضٍ يَخُبُّ مَعَ الرَجاءِ وَيُعنِقُ
وَإِلى أَميرِ المُؤمِنينَ نَجَت بِهِم / ميلَ الجَماجِمِ سَيرُهُنَّ تَدَفُّقُ
كَنَقانِقِ الظَلمانِ أَعجَلَها الدُجى / وَحَدا بِها زَجِلُ الرَواعِدِ مُبرِقُ
يَطلُبنَ زائِدَةَ المَكارِمِ وَالنَدى / حَيثُ اِستَقَرَّ بِها العَلاءُ المُعرِقُ
الزاخِرُ الغَدِقُ الَّذي يُروى بِهِ / ظَمَأُ المُنى وَالوابِلُ المُتَبَعِّقُ
أَبُغاةَ هَذا المَجدِ إِنَّ مَرامَهُ / دَحضٌ يُزِلُّ الصاعِدينَ وَيُزلِقُ
هَيهاتَ ظَنُّكُمُ تَمَرَّدَ مارِدٌ / مِن دونِ نَيلِكُمُ وَعَزَّ الأَبلَقُ
لا تُحرِجوا هَذي البِحارَ فَرُبَّما / كانَ الَّذي يَروي المَعاطِشَ يَغرَقُ
وَدَعوا مُجاذَبَةَ الخِلافَةِ إِنَّها / أَرَجٌ بِغَيرِ ثَنائِهِم لا يَعبَقُ
غَنِيَت بِهِم تَحتَزُّ دونَ مَنالِها / قِمَمُ العِدى وَيُرَدُّ عَنها الفَيلَقُ
كَعَقائِلِ الأَبطالِ تُجلَبُ دونَها / بيضُ القَواضِبِ وَالقَنا المُتَدَفِّقُ
فَهُمُ لِذُروَتِها الَّتي لا تُرتَقى / أَبَداً وَبَيضَتِها الَّتي لا تُفلَقُ
أَشَفَت فَكُنتَ شِفاءَها وَلَقَد تُرى / شِلواً بِأَظفارِ العَدوِّ يُمَزَّقُ
كُنتَ الصَباحَ رَمى إِلَيها ضَوءَهُ / وَمَضى بِهَبوَتِهِ الظَلامُ الأَورَقُ
فَسَنامُها لا يُمتَطى وَنَباتُها / لا يُختَلى وَفَناؤُها لا يُطرَقُ
وَوَزَنتَ بِالقِسطاسِ غَيرَ مُراقَبٍ / وَالعَدلُ مَهجورُ الطَريقِ مُطَلَّقُ
في كُلِّ يَومٍ لِلعَدوِّ إِذا اِلتَوى / بِظُباكَ يَومُ أُوارَةٍ وَمُحَرِّقُ
أَنتُم مَوادِعُ كُلِّ خَطبٍ يُتَّقى / وَبِكُم يُفَرَّجُ كُلَّ بابٍ يُغلَقُ
وَأَبوكُمُ العَبّاسُ ما اِستَسقى بِهِ / بَعدَ القُنوطِ قَبائِلٌ إِلّا سُقوا
بَعَجَ الغَمامَ بِدَعوَةٍ مَسموعَةٍ / فَأَجابَهُ شَرقُ البَوارِقِ مُغدِقُ
ما مِنكُمُ إِلّا اِبنُ أُمٍّ لِلنَدى / أَو مُصبِحٌ بِدَمِ الأَعادي مُغبِقُ
لِلَّهِ يَومٌ أَطلَعَتكَ بِهِ العُلى / عَلَماً يُزاوَلُ بِالعُيونِ وَيُرشَقُ
لَمّا سَمَت بِكَ غُرَّةٌ مَوموقَةٌ / كَالشَمسِ تَبهَرُ بِالضِياءِ وَتومَقُ
وَبَرَزتَ في بُردِ النَبيِّ وَلِلهُدى / نورٌ عَلى أَطرارِ وَجهِكَ مُشرِقُ
وَعَلى السَحابِ الجَودِ ليثَ مُعَظَّماً / ذاكَ الرِداءُ وَزُرَّ ذاكَ اليَلمَقُ
وَكَأَنَّ دارَكَ جَنَّةٌ حَصباؤُها ال / جادِيُّ أَو أَنماطُها الإِستَبرَقُ
في مَوقِفٍ تُغضي العُيونُ جَلالَةً / فيهِ وَيَعثُرُ بِالكَلامِ المَنطِقُ
وَكَأَنَّما فَوقَ السَريرِ وَقَد سَما / أَسَدٌ عَلى نَشَزاتِ غابٍ مُطرِقُ
وَالناسُ إِمّا راجِعٌ مُتَهَيِّبٌ / مِمّا رَأى أَو طالِعٌ مُتَشَوِّقُ
مالوا إِلَيكَ مَحَبَّةً فَتَجَمَّعوا / وَرَأَوا عَلَيكَ مَهابَةً فَتَفَرَّقَوا
وَطَعَنتَ مِن غُرَرِ الكَلامِ بِفَيصَلٍ / لا يَستَقِلُّ بِهِ السِنانُ الأَزرَقُ
وَغَرَستَ في حَبِّ القُلوبِ مَوَدَّةً / تَزكو عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتورِقُ
وَأَنا القَريبُ إِلَيكَ فيهِ وَدونَهُ / لِيَدَي عَدُوِّكَ طَودُ عِزٍ أَعنَقُ
عَطفاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّنا / في دَوحَةِ العَلياءِ لا نَتَفَرَّقِ
ما بَينَنا يَومَ الفَخارِ تَفاوُتٌ / أَبَداً كِلانا في المَعالي مُعرِقُ
إِلّا الخِلافَةَ مَيَّزَتكَ فَإِنَّني / أَنا عاطِلٌ مِنها وَأَنتَ مُطَوَّقُ
رَأى عَلى الغَورِ وَميضاً فَاِشتاق
رَأى عَلى الغَورِ وَميضاً فَاِشتاق / ما أَجلَبَ البَرقَ لِماءِ الآماق
ما لِلوَميضِ وَالفُؤادُ الخَفّاق / قَد ذاقَ مِن بَينِ الخَليطِ ما ذاق
داءُ غَرامٍ ما لَهُ مِن إِفراق / قَد كَلَّ آسيهِ وَقَد مَلَّ الراق
لِآلِ لَيلى في الفُؤادِ أَعلاق / تَزيدُ مِن حَيثُ تُقَضّى الأَشواق
قامَت تُرائيكَ بِقُلبٍ مِقلاق / وَلِلوَداعِ عَجَلٌ وَإِرهاق
مِن ثُقَبِ الدُرِّ النَقيِّ بَرّاق / يَرمي القُلوبَ وَأَسيلاً رَقراق
يَقومُ لِلَّيلِ مَقامَ الإِشراق / حَيٌّ إِذا قامَ الوَغى عَلى ساق
رَدّوا القَنا وَطاعَنوا بِالأَحداق / أُحِبُّهُم عَلى الضَنا وَالإيراق
حُبَّ الضَنينِ المالَ بَعدَ الإِملاق / إِنَّ مَوَدّاتِ القُلوبِ أَرزاق
مَن مُنصِفي مِنَ المَلولِ المَذّاق / قَلبي وَطَرفي مِن جَوىً وَإِقلاق
في غَرَقٍ ما يَنقَضي وَإِحراق / يَضَنُّ حَتّى بِالخَيالِ الطَرّاق
رَمى الإِلَهُ بِالرَميضِ الذَلّاق / كُلَّ غُرابٍ بِالزِيالِ نَعّاق
يا ناقَ أَدّاكِ المُؤَدّي يا ناق / ماذا المُقامُ وَالفُؤادُ قَد تاق
هَل حاجَةُ المَأسورِ إِلّا الإِطلاق / أَلهاكِ عَن لَيلِ السُرى وَالإِعناق
مَناشِطُ الشيحِ وَرَعيُ الطَبّاق / سيري إِلى وِردِ الجَمومِ الفَهّاق
حَملُ المَساعي غَيرُ حَملِ الأَوساق / بِحَيثُ تَسري لِلعَلاءِ أَعراق
نورُ الغَواشي وَمِساكُ الأَرماق / مِن مَعشَرٍ باتوا بِلَيلِ العُشّاق
إِلى المَعالي وَالنَدى بِالأَشواق / كانوا إِذا أَظلَمَ لَيلُ الطُرّاق
شُهبَ الدَياجي وَنُجومَ الآفاق / بيضُ وُجوهٍ كَالظُبى وَأَعناق
أَطوَعُ مِن تيجانِها وَالأَطواق / سِيّانِ مِنهُم سابِقٌ وَلَحّاق
مَن قادَ غَيرَ المَجدِ مِنهُم أَو ساق / مَهلاً إِلى أَينَ الصُعودُ يا راق
ضَلَّ المُجارونَ وَقامَ السُبّاق / لَم يَلحَقوا يَوماً غُبارَ الأَطلاق
إِلّا قَذىً لِناظِرٍ أَو حِملاق / قَد رَجَعوا عَنكَ بِلَيِّ الأَعناق
هَيهاتَ فاتَ الأَعوَجِيَّ المِعناق / سَهمٌ مِنَ اللَهِ بَعيدُ الإِغراق
أَعطى ديونَ القَومِ خَصلَ الأَسباق / مَسعاةُ مَجدٍ عاقَ عَنها ما عاق
خَطَبتَها عَلى النَجيعِ المِهراق / غَرّاءَ ما ناكِحُها بِمِطلاق
لَيسَ لَها إِلّا الجُرازُ الذِلّاق / يَضرَحُها ضَرحَ القَذى مِنَ الماق
ضَرباً أَخاديدَ وَطَعناً شَهّاق / نائي القَراراتِ بَعيدَ الأَعماق
يُذكِرُنا وابِلَ طَعنٍ دَفّاق / يَومَ الزُوَيرَينِ وَيَومَ التَحلاق
جَماجِماً مِنَ العَريبِ أَقلاق / أَنذَرتَهُم وَثبَ هَريتِ الأَشداق
طُوي مِنَ الإِدماجِ طَيَّ المِخراق / صِلٌّ عَلى حَتفِ العَدُوِّ مِطراق
مُحاذِرُ اللَحظِ مُرَجّى الإِطلاق / سَحائِبٌ تُشئِمُ بَعدَ إِعراق
لَنا حَياها وَالزُلالُ الغَيداق / وَلِلعِدى إِرعادُها وَالإِبراق
في كُلِّ يَومٍ ذو الجَلالِ الخَلّاق / يَبري لِقَوسِ المَجدِ مِنكُم أَفواق
أَرَّقَني طَولُكَ بَعدَ الإِعتاق / أَساغَ ريقي وَالخِناقُ قَد ضاق
فَاِنعَم بِنَيروزٍ إِلَيكَ مُشتاق / وَاِلقَ بِهِ مِن خَيرِ ما يَلقى اللاق
فَما وُقيتَ فَالعِدى بِلا واق / عَهدٌ عَلى الأَيّامِ باقي الميثاق
أَن لا يُرى غُصنَكَ ذاوي الأَوراق / ضَوى مِنَ الإِثمارِ بَعدَ الإيراق
ما أَهوَنَ الفاني إِذا كُنتَ الباق /
خَلِّ دَمعي وَطَريقَه
خَلِّ دَمعي وَطَريقَه / أَحَرامٌ أَن أُريقَه
كَم خَليطٍ بانَ عَنّي / ما قَضى الدَمعُ حُقوقَه
يا شَقيقي وَالقَنا يُغ / ضِبُ في العَدلِ شَقيقَه
عاصِيٍ ناصِحَهُ الأَق / رَبَ وُدّاً وَرَفيقَه
مَن لِبَرقٍ هَبَّ وَهناً / مِن أَبانَينِ وَسوقَه
مِن شُرَيقيِّ الحِمى يَن / شُدُ نَجداً وَعَقيقَه
مِن غَمامٍ كَالمَتالي / يَنقُلُ اللَيلَ وَسوقَه
لاحَ فَاِقتادَ فُؤاداً / عازِبَ اللُبِّ مَشوقَه
طالَ ذِكرُ النَفسِ أَروا / حَ زَرودٍ وَبُروقَه
وَعَقابيلَ غَرامٍ / يُذكِرُ القَلبَ حُقوقَه
وَخَيالٌ دَلَّسَ القَل / بَ عَلى العَينِ طُروقَه
كَذِبٌ يَحسَبُهُ الصَب / بُ مِنَ الشَوقِ حَقيقَه
أَنعِمي يا سَرحَةَ الحَ / يِ وَإِن كُنتِ سَحيقَه
أَتَمَنّى لَكِ أَن تَب / قَي عَلى النَأيِ وَريقَه
ثَمَرٌ حَرَّمَ واشي / كِ عَلَينا أَن نَذوقَه
يا قِوامَ الدينِ وَالفا / رِجَ لِلدينِ مَضيقَه
أَنتَ راعيهِ وَهادي / هِ إِذا ضَلَّ طَريقَه
مِن رِجالٍ رَكِبوا المَج / دَ فَما ذَمّوا عَنيقَه
مَعشَرٍ كانوا قُبَيلَ ال / عِزِّ قِدماً وَفَريقَه
وَمُلوكٍ في ثَراهُم / ضَرَبَ المَجدُ عُروقَه
وَمَغاويرِ الحَفيظا / تِ وَفُرسانِ الحَقيقَه
حَسَبٌ يُحسَبُ مَن في / هِ وَأَعراقٌ عَريقَه
مَن تُرى يَدفَعُ رَوقَي / هِ وَمَن يَطلُعُ نيقَه
لَهُمُ الأَيدي الطِوالُ ال / طَولِ وَالبيضُ الذَليقَه
وَمَواريثُ مَقاري ال / لَيلِ وَالنارِ العَتيقَه
بِوُجوهٍ واضِحاتٍ / في دُجى الأَزلِ طَليقَه
وَأَكُفٍّ مُنفِقاتٍ / في النَدى الغَمرِ عَريقَه
وَبِأَخلاقٍ رِقاقٍ / دونَ أَعراضٍ صَفيقَه
تَخِذوا المَجدَ أَباً ما اِس / تَحسَنوا قَطُّ عُقوقَه
إِنَّ فيهِم مَولِدَ المُل / كِ وَمِن قَبلٍ عُلوقَه
ناشِئاً تُسلِمُهُ الأُم / مُ إِلى الظِئرِ الشَفيقَه
هُم رَمَوا عَنّي جَليلَ ال / خَطبِ يَدمى وَدَقيقَه
طَرَدوا الأَيّامَ عَن وِر / دِ دُمىً طَردَ الوَسيقَه
أَطلَقوني مِن إِسارِ ال / دَهرِ إِطلاقَ الرَبيقَه
هَل نَهى الأَعداءَ ساقي / عَلَقٍ ذَمَّوا رَحيقَه
فَيلَقٌ جَرَّ عَلى أَر / بُقَ أَذيالَ الفَليقَه
مِثلُ أَعدادِ نُجومِ ال / لَيلِ أَو رَملِ الشَقيقَه
اِحذَرِ الشَمسَ بِجَونٍ / يُعجِلُ اللَيلُ غُسوقَه
جَلَبَ الخَيلَ لِيَومٍ / قَد أَقامَ الضَربُ سوقَه
مَطَلَت بِالوَعدِ حَتّى / نَسِيَ القَودُ عَليقَه
في هَجيرٍ مِن أُوارِ ال / طَعنِ فَوّارِ الوَديقَه
كُلُّ صَدرٍ بِالعَوالي / يُسمِعُ الطَعنُ شَهيقَه
فيهِ نَجلاءُ رَموحٌ / بِالأَسابيِّ عَميقَه
مَجَّةُ الناهِلِ في المَح / ضِ أَرابَ مُستَذيقَه
قَد أَفاقوا وَالظُبى مِن / هامِهِم غَيرُ مُفيقَه
رَجَعوا مِن عِزَّةِ الفَح / لِ إِلى ذُلِّ الطَروقَه
قُلتُ لِلمُختَبِطِ الطا / لِبِ قَد أَوضَعَ نوقَه
فاتَكَ البَرقُ فَمَن يَر / جو وَقَد فاتَ لُحوقَه
سَبَقَ السَيلُ فَأَعيا / كُلَّ باغٍ أَن يَعوقَه
لا تَعاطَ اليَومَ عِبئاً / أَبَداً لَستَ مُطيقَه
وَهِضاباً تُزلِقُ الطَر / فَ وَأَطواداً زَليقَه
حَسِبَ الأَوشالَ جَهلاً / كَالعَياليمِ العَميقَه
وَمِدى الجازِرِ تَدمى / كَالمَباتيرِ الرَقيقَه
ضِلَّةُ الزائِدِ قَد خا / طَرَ بِالبَكرِ فَنيقَه
عِشتَ تَستَدرِكُ فينا / خَطَلَ الدَهرِ وَموقَه
لابِساً دُرّاعَةَ البُخ / لِ وَرَقّاعاً خُروقَه
في مَعالٍ باقِياتٍ / لِلعِدى غَيرِ مَذيقَه
واثِقاً بِالدَهرِ تُعطى / مِن رَزاياهُ وَثيقَه
كُلَّما عِفتَ صَبوحَ ال / عُمرِ عوطيتَ غَبوقَه
مَطلَعَ الشارِقِ إِن غا / بَ رَجا الناسُ شُروقَه
آمِنَ المَرتَعِ تَرعى / رَوضَةَ العِزِّ أَنيقَه
إِن يَكُن عيداً فَأَيّا / مُكَ أَعيادُ الخَليقَه
إِنَّها أَنوارُ أَحدا / قٍ وَنُوّارُ حَديقَه
إِنَّ نَعّاقَ الأَعادي / أَسكَتَ الذُلُّ نَعيقَه
لَفَظَ المُلكُ شَجاهُ / وَأَساغَ اليَومَ ريقَه
يا دارُ ما طَرِبَت إِلَيكِ النَوقُ
يا دارُ ما طَرِبَت إِلَيكِ النَوقُ / إِلّا وَرَبعُكِ شائِقٌ وَمَشوقُ
جاءَتكِ تَمرَحُ في الأَزِمَّةِ وَالبُرى / وَالزَجرُ وِردٌ وَالسِياطُ عَليقُ
وَتَحِنُّ ما جَدَّ المَسيرُ كَأَنَّما / كُلُّ البِلادِ مُحَجَّرٌ وَعَقيقُ
دارٌ تَمَلَّكَها الفِراقُ فَرَقَّها / بِالمَحلِ مِن أَسرِ الغَمامِ طَليقُ
شَرِقَت بِأَدمُعِها المَطيُّ كَأَنَّما / فيها حَنينُ اليَعمَلاتِ شَهيقُ
خَفَقَت يَمانِيَةٌ عَلى أَرجائِها / وَطَغَت عَلَيها زَعزَعٌ وَخَريقُ
في كُلِّ إِصباحٍ وَكُلِّ عَشِيَّةٍ / يَسري عَلَيها لِلدُموعِ فَريقُ
سَخِطَ الغُرابُ عَلى المَساقِطِ بَينَها / فَلَهُ بِإِنجازِ الفِراقِ نَعيقُ
فَتَوَزَّعَت تِلكَ القَذاةَ نَواظِرٌ / وَتَقَسَّمَت تِلكَ الشَجاةَ حُلوقُ
الآنَ أَقبَلَ بي الوَقارُ عَنِ الصَبا / فَغَضَضتُ طَرفي وَالظِباءُ تَروقُ
وَلَوَ اِنَّني لَم أُعطِ مَجدي حَقَّهُ / أَنكَرتُ طَعمَ العِزِّ حَينَ أَذوقُ
رَمَتِ المَعالي فَاِمتَنَعنَ وَلَم يَزَل / أَبَداً يُمانِعُ عاشِقاً مَعشوقُ
وَصَبَرتُ حَتّى نِلتُهُنَّ وَلَم أَقُل / ضَجَراً دَواءُ الفارِكِ التَطليقُ
ما كُنتُ أَوَّلَ مَن جَثا بِقَميصِهِ / عَبَقُ الفَخارِ وَجَيبُهُ مَخروقُ
كَثُرَت أَمانيُّ الرِجالِ وَلَم تَزَل / مُتَوَسِّعاتٌ وَالزَمانُ يَضيقُ
مِن كُلِّ جِسمٍ تَقتَضيهِ حُفرَةٌ / فَكَأَنَّهُ مِن طينِها مَخلوقُ
وَمَفازَةٍ تَلِدُ الهَجيرَ خَرَقتُها / وَالأَرضُ مِن لَمعِ السَرابِ بُروقُ
بِنَجاءِ صامِتَةِ البُغامِ كَأَنَّها / وَالآلُ يَركُضُ في الفَلاةِ فَنيقُ
سَبَقَت إِلَيكَ العَزمَ طائِشَةُ الخُطى / فَنَجَت وَأَعناقُ المَطيِّ تَفوقُ
جَذَبَت بِضَبعي مِن تِهامَةَ قاصِداً / وَالنَجمُ في بَحرِ الظَلامِ غَريقُ
مَستَشرِياً بَرقاً تَقَطَّعَ خَيطُهُ / فَلَهُ عَلى طُرَرِ البِلادِ شُروقُ
هَزَّ المَجَرَّةَ أُفقُهُ وَكَأَنَّها / غُصنٌ بِأَحداقِ النُجومِ وَريقُ
مَجَّ الظَلامُ الفَجرَ عَنهُ كَأَنَّما ال / أَضواءُ في شَفَةِ الغَياطِلِ ريقُ
وَاللَيلُ مَحلولُ النِطاقِ عَنِ الضُحى / عارٍ وَعِقدُ الصُبحِ فيهِ وَثيقُ
ما كانَ إِلّا هَجعَةٌ حَتّى اِنثَنى / وَالطَرفُ مِن سُكرِ النُعاسِ مُفيقُ
وَتَماسَكَت تِلكَ العَمائِمُ بَعدَما / أَرخى جَوانِبَها كَرىً وَخُفوقُ
ما رُفِّهَت رُكبانُها إِلّا وَفي / جِلدِ الظَلامِ مِنَ الضِياءِ خُروقُ
يا ناقَ عاصي مَن يُماطِلُكِ السُرى / فَلَحيقُ غَيرِكِ بِالعِقالِ خَليقُ
وَرِدي حِياضَ فَتى مَعَدٍّ كُلُّها / فَالحَبلُ أَتلَعُ واّلقَليبُ عَميقُ
وَإِذا تَراخَت حَبوَتي أَوثَقتُها / بِفِناءِ بَيتٍ تُربُهُ العَيّوقُ
في بَلدَةٍ حَرَمٌ عَلى أَعدائِهِ / وَعَلى النَوائِبِ رَبوَةٌ إِزليقُ
تَتَزاحَمُ الأَضيافُ في أَبياتِهِ / فِرَقاً تَحِنُّ إِلى القِرى وَتَتوقُ
وَإِذا رَآهُم لَم يَقُل مُتَمَثِّلاً / أَبَني الزَمانِ لِكُلِّ رَحبٍ ضيقُ
عَجَباً لِرَبعِكَ كَيفَ تُخصِبُ أَرضُهُ / وَجَنابُهُ بِدَمِ السَوامِ شَريقُ
وَالخَيلُ تَعلَمُ أَنَّ حَشوَ ظُهورِها / مِنهُ نُهىً يَنجابُ عَنها الموقُ
ما زالَ يَجنُبُها إِلى أَعدائِهِ / وَالشَمسُ تَسحَبُ وَالفَلاةُ تَضيقُ
مِن كُلِّ رَقّاصٍ كَأَنَّ صَهيلَهُ / نَغَمٌ وَما مَجَّ الطِعانُ رَحيقُ
طِرفٌ تَعَوَّدَ أَن يُخَلَّقَ وَجهُهُ / في حَيثُ يَنضو النَقعَ وَهوَ سَبوقُ
ذو جِلدَةٍ حَمراءَ تَحسَبُ أَنَّها / مِن طولِ تَخليقِ الرِهانِ خُلوقُ
وَاليَومُ مَلطومُ السَوالِفِ بِالظُبى / وَاللَيلُ مُرتَعِدُ النُجومِ خَفوقُ
لَقَطَت نُفوسَهُمُ شِفاهُ صَوارِمٍ / فَرَغَت وَأَسيافُ العَوامِلِ روقُ
في كُلِّ يَومٍ يَندُبونَ مُصارِعاً / لِلوَحشِ فيها وَالنُسورِ طُروقُ
نَشوانَةُ الأَعطافِ مِن دَمِ فِتيَةٍ / فيهِم صَبوحٌ لِلرَدى وَغَبوقُ
تَبكي عَلَيها غَيرَ راحِمَةٍ لَها / بِالهاطِلاتِ رَواعِدٌ وَبُروقُ
وَتَبَلَّغَت آراؤُهُ فَكَأَنَّها / طَلَعَت وَفي سَجفِ الغُيوبِ فُتوقُ
وَيَكُرُّ وَالفَرَسُ الجَوادُ مُبَلِّدٌ / وَيَقُدُّ وَالعَضبُ الحُسامُ مَعوقُ
كَرّاتُ مَن شُدَّت قَوائِمُ عَزمِهِ / فَلَها رَسيمٌ في العُلى وَعَنيقُ
كَفّاهُ أَدَّبَتا السِهامَ فَما لَها / في النَبضِ عَن خَطَإِ البَنانِ مُروقُ
لَولا اِحتِذاءُ السَهمِ طاعَةَ قَوسِهِ / ما شَيَّعَ النَصلُ المُصَمِّمَ فوقُ
يُدني الحِمامَ بِكَفِّهِ مُتَرَسِّلٌ / لِقَضائِهِ نائي السِنانِ رَشيقُ
نُفِضَت عَلى الأَيّامِ مِنهُ شَمائِلٌ / أَبرَزنَ وَجهَ الدَهرِ وَهوَ طَليقُ
وَأَقامَ أَسواقَ الضِرابِ فَلِلرَدى / فيهِنَّ مِن سَبيِ النُفوسِ رَقيقُ
نَفسي فِداؤُكَ أَيُّ يَومٍ لَم تَقُم / لَكَ فيهِ مِن جَلَبِ القَواضِبِ سوقُ
قَمَرٌ يَهابُ المَوتُ ضَوءَ جَبينِهِ / وَاليَومَ خَوّارُ العَجاجِ غَسوقُ
وَالسَيفُ لَيسَ يُهابُ قَبلَ قِراعِهِ / حَتّى يَمَسُّ العَينَ مِنهُ بَريقُ
عَشِقَ السَماحَ وَكُلُّ سِحرٍ لِلمُنى / فيهِ بِأَنفاثِ السُؤالِ يُحيقُ
طَهَّرتُ قَلبي مُذ عَلِمتُ بِأَنَّهُ / لِسُرى مَدائِحِهِ العِظامِ طَريقُ
كَم كاهِلٍ لِلشِعرِ أَثقَلَ نَعتُهُ / عِطفَيهِ وَهوَ لِما يَؤُدُّ مُطيقُ
طَأطَأتَ فَرعَ المَجدِ ثُمَّ جَنَيتَهُ / فَاِرتَدَّ وَهوَ عَلى عِداكَ سَحوقُ
فَرعٌ أَشارَ إِلى السَماءِ فَجازَها / حَتّى كَأَنَّ لَهُ النُجومَ عُروقُ
وَمُبَخَّلٍ شَهِدَت عَلَيهِ يَمينُهُ / في حَيثُ يَمنَعُها النَدى وَيَعوقُ
يَبكي إِذا بَكَتِ السَحابُ كَأَنَّهُ / أَبَداً عَلى الطَرفِ الغَمامِ شَفيقُ
وَإِذا تَعَرَّضَ عارِضٌ أَغضى لَهُ / أَلّا يَرى الأَنواءَ كَيفَ تُريقُ
لَو أَبدَتِ الأَيّامُ جانِبَ وَجهِهِ / لَتَشَبَّثَتهُ مَظالِمٌ وَحُقوقُ
إِن سارَ سارَ إِلى النِزالِ بِخِفيَةٍ / حَتّى كَأَنَّ سِلاحَهُ مَسروقُ
بَيتٌ أَقامَ البُخلُ فيهِ فَاِستَوى / بِفِنائِهِ المَحرومُ وَالمَرزوقُ
يَرجو بُلوغَ نَداكَ وَهوَ مُحَقِّقٌ / مَع حِرصِهِ أَنَّ الجَوادَ عَتيقُ
في الطينَةِ البَيضاءِ غَرسُكَ إِنَّهُ / غَرسٌ تَداوَلُهُ البِقاعُ عَريقُ
فَإِذا اِلتَثَمتَ فَكُلُّ وَجهٍ باسِلٌ / وَإِذا حَسَرتَ فَكُلُّ خَدٍّ روقُ
اللَهُ جارَكَ وَالمَطيُّ جَوائِرٌ / وَالنَصرُ دِرعُكَ وَالحُسامُ ذَليقُ
لا زِلتَ تَجنُبُ مِن سُيوفِكَ في العِدى / نَحراً يَخُبُّ وَراءَهُ التَشريقُ
وَإِذا جَهَرتَ بِصَوتِ عَزمِكَ مُسمِعاً / أَصغى إِلَيكَ اليُمنُ وَالتَوفيقُ
شَرَّفتَ مَدحي فَاِعتَلى بِكَ طَودُهُ / وَمِنَ المَدائِحِ فائِقٌ وَمَفوقُ
شَهِدَت لَهُ خَيلُ الخَواطِرِ أَنَّهُ / خَيرُ الصَهيلِ وَما سِواهُ نَهيقُ
لَو صَحَّ أَنَّ البَينَ يَعشَقُهُ
لَو صَحَّ أَنَّ البَينَ يَعشَقُهُ / ما اِستَعبَرَت في السَيرِ أَينُقُهُ
قَمَرٌ عَلى غُصنٍ يُرَنِّحُهُ / مَرُّ اللِحاظِ وَلَيسَ يَرشُقُهُ
طَأطَأتُ لَحظَ العَينِ حينَ خَطا / وَالبَينُ يَرمُقُني وَيَرمُقُهُ
وَأَذَبتُ دَمعي يَومَ وَدَّعَني / في صَحنِ خَدٍّ ذابَ رَونَقُهُ
وَدَّعتُهُ وَالبَدرُ تَحسَبُهُ / مُتَقاعِساً في الفَجرِ أَعنَقُهُ
وَاللَيلُ يَكبو فيهِ أَدهَمُهُ / وَالصُبحُ يَنهَضُ مِنهُ أَبلَقُهُ
وَاللَثمُ يَركُضُ في سَوالِفِهِ / وَتَكادُ خَيلُ الدَمعِ تَسبُقُهُ
ما غَرَّني يَومَ اللِقاءِ وَلا / خَدَعَ اِرتِياحَ هَوايَ رَيَّقُهُ
وَعَلِمتُ حينَ نَشَرتُ مِطرَفَهُ / أَنَّ الفِراقَ غَدا يُمَزِّقُهُ
بَكَتِ الجُفونُ وَأَنتَ طارِفُها / وَشَكا الفُؤادُ وَأَنتَ مُحرِقُهُ
وُدّي لِخَيرِ الناسِ أَذخَرُهُ / ما كُلُّ وُدٍّ فيكَ أُنفِقُهُ
وُدٌّ تَقادَمَ عَهدُهُ فَصَفا / وَجَديدُ وُدِّ المَرءِ أَخلَقُهُ
لِمُشَمِّرِ الأَطرافِ مُنزَعِجِ ال / أَعطافِ يُهجِعُهُ تَأَرُّقُهُ
لِأَغَرُّ تُعشي الشَمسَ غُرَّتُهُ / وَيَشُقُّ جَيبَ اللَيلِ مُشرِقُهُ
يَسري فَتَحجُبُهُ خَلائِقُهُ / وَيُضيءُ أَوجُهَها تَخَلُّقُهُ
أَبدَت خَبِيَّ المَجدِ طَلعَتُهُ / وَأَذاعَ سِرَّ المَجدِ مَنطِقُهُ
وَلَقَلَّما شَرِقَت أَسِنَّتُهُ / إِلّا وَصَفوُ الحَمدِ يُشرِقُهُ
وَإِذا اِستَرَقَّ المَحلُ مُرتَبَعاً / أَمَرَ السَحابَ الجَونَ يُعتِقُهُ
وَإِذا تَأَمَّلَ شَخصَهُ مَلِكٌ / أَوما إِلى قَدَمَيهِ مَفرِقُهُ
في كَفِّهِ عاري الذُبابِ لَهُ / لَمعٌ يَدُلُّكَ كَيفَ تَرمُقُهُ
أَطغاهُ رَونَقُ غَربِهِ فَطَغى / وَالمَاءُ يُطغيهِ تَرَقرُقُهُ
جَذلانُ يَرقُصُ في الرُؤوسِ إِذا / غَنَّتهُ بِالصَهَلاتِ سُبَّقُهُ
صَلّى الرَدى لَو يَستَطيعُ إِلى / نَصلٍ بِراحَتِهِ مُخَلَّقُهُ
يُؤوي الضُيوفَ وَدونَ حُجرَتهِ / بابٌ عَلى الأَحداثِ يُغلِقُهُ
وَإِذا النَوائِبُ زَعزَعَت يَدَهُ / في الطَعنِ جاءَتهُ تُمَلِّقُهُ
عُريانُ خَيلِ الغَدرِ مِن دَنَسٍ / لا يَستَطيعُ الغَدرُ يَعلُقُهُ
الجودُ يَنهاهُ وَيَأمُرهُ / وَالدَهرُ يَرجوهُ وَيَفرَقُهُ
هُوَ قادِرٌ لَكِنَّ صَولَتَهُ / في البَطشِ يَصرَعُها تَرَفُّقُهُ
وَلَرُبَّ مَجهولٍ رَكائِبُهُ / خَلفَ الرِياحِ الهوجِ تَخرُقُهُ
قَلقَلتَ بِالأَجفافِ تُربَتَهُ / وَالقَيظُ عَن أَمَمٍ يُحَرِّقُهُ
ذَمَّتكَ رَبوَتُهُ وَوَهدَتُهُ / وَشَكاكَ فَدفَدُهُ وَسَملَقُهُ
وَلَرُبَّ وِردٍ بِتَّ قارِبَهُ / لا يَطمَئِنُّ بِهِ تَدَفُّقُهُ
وَالماءُ يُرعَدُ في جَوانِبِهِ / جَزَعاً وَظِمءُ العيسِ يُشرِقُهُ
لَمّا لَحَظتَ الدَهرَ زايَلَهُ / إِظلامُهُ وَاِفتَرَّ ضَيُّقُهُ
ساوَرتَهُ فَفَضَضتَ سَورَتَهُ / وَاِرتاحَ في نُعماكَ مُملِقُهُ
وَكَذاكَ هَمُّ الريحِ في غُصُنٍ / تَثنيهِ أَو ماءٍ تُصَفِّقُهُ
لَمّا رَآكَ المُلكُ مُنصَلِتاً / بِالسَيفِ تُرعِدُهُ وَتُبرِقُهُ
اِستَنكَفَ التَعديلَ مايَلُهُ / وَاِستَرجَعَ التَحكيمَ أَخرَقُهُ
أَفَلَ السَماحُ وَأَنتَ شارِقُهُ / وَدَجا العَلاءُ وَأَنتَ مُشرِقُهُ
وَلَرُبَّ يَومٍ شِمتَ بارِقَهُ / وَالمَوتُ يُهطِلُهُ وَيودِقُهُ
وَالسَيفُ قائِمُهُ يُفارِقُهُ / وَالرُمحُ عامِلُهُ يُطَلِّقُهُ
وَالشَمسُ تَجري وَهيَ مُهمَلَةٌ / في ثَوبِ نَقعٍ لا تُخَرِّقُهُ
وَالخَيلُ تَطبَعُ في حَوافِرِها / وَشماً تُداوِلُهُ وَتُخلِقُهُ
مِن كُلِّ ذَيّالِ السَبيبِ رَمى / بِيَدَيهِ أُولى النَقعِ أَولَقُهُ
أَشلَيتَ عَزمَكَ في كَتائِبِهِ / وَالسَهمُ يُشليهِ مُفَوِّقُهُ
فَاِسلَم عَلى الأَيّامِ تَلبَسُها / فَالدَهرُ ثَوبٌ أَنتَ مُخلِقُهُ
بِوَدِّ الرَذايا أَنَّها في السَوابِقِ
بِوَدِّ الرَذايا أَنَّها في السَوابِقِ / وَكَم لِلعُلى مِن طالِبٍ غَيرِ لاحِقِ
وَفي شِدَّةِ الدَهرِ اِعتِبارٌ لِعاقِلٍ / وَفي لَذَّةِ الدُنيا غُرورٌ لِواثِقِ
أَرى العَيشَ أَيّاماً تَمُرُّ وَلَيتَنا / نُباعِدُ مِن أَحداثِها وَالبَوائِقِ
شَهِيٌّ إِلى الناسِ النَجاءُ مِنَ الرَدى / وَلا عُنقَ إِلّا وَهيَ في فِترِ خانِقِ
وَأَكثَرُ مَن شاوَرتَهُ غَيرُ حازِمٍ / وَأَكثَرُ مَن صاحَبتَ غَيرُ المُوافِقِ
إِذا أَنتَ فَتَّشتَ القُلوبَ وَجَدتَها / قُلوبَ الأَعادي في جُسومِ الأَصادِقِ
وَعِندي مِنَ الوُدِّ الَّذي لا يَشوبُهُ / لَحاظُ المُرائي أَو كَلامُ المُنافِقِ
أُغالِطُ نَفسي بَعدَ مَرأى وَمَسمَعٍ / وَلا أَنظُرُ الدُنيا بِعَينِ الحَقائِقِ
عَلى أَنَّني أَدري إِذا كانَ قائِدي / بَقائي فَإِنَّ المَوتَ لا شَكَّ سائِقي
وَما جَمعِيَ الأَموالَ إِلّا غَنيمَةً / لِمَن عاشَ بَعدي وَاِتِّهاماً لِرازِقي
تَنَفَّسَ في رَأسي بَياضٌ كَأَنَّهُ / صِقالُ تَراقٍ في النُصولِ الرَوانِقِ
وَما جَزَعي إِن حالَ لَونٌ وَإِنَّما / أَرى الشَيبَ عَضباً قاطِعاً حَبلَ عاتِقي
فَما لي أَذُمُّ الغادِرينَ وَإِنَّما / شَبابِيَ أَدنى غادِرٍ بي وَماذِقِ
تُعَيُّرُني شَيبي كَأَنّي اِبتَدَعتُهُ / وَمَن لِيَ أَن يَبقى بَياضُ المَفارِقِ
وَإِنَّ وَراءَ الشَيبِ ما لا أَجوزُهُ / بِعائِقَةٍ تُنسي جَميعَ العَوائِقِ
وَلَيسَ نَهارُ الشَيبِ عِندي بِمُزمِعٍ / رُجوعاً إِلى لَيلِ الشَبابِ الغُرانِقِ
وَما العِزُّ إِلّا غَزوُكَ الحَيَّ بِالقَنا / وَرَبطُ المَذاكي في خُدورِ العَواتِقِ
وَإِغمادُكَ الأَسيافَ في كُلِّ هامَةٍ / وَرَكزُكَ أَطرافَ القَنا في الحَمالِقِ
وَلا تَرتَضي أَن تُدنِسَ العِرضَ ساعَةً / وَمَشيُكَ في ثَوبٍ مِنَ الزَينِ رائِقِ
فَلِلعِزِّ ما أَدنى لِياني مِنَ القَنا / وَأَكرَهَ رُمحي في صُدورِ الفَيالِقِ
سَقى اللَهُ نَفساً ما أَضَرَّ بَقاؤُها / بِجِسمي وَأَغراها بِما كانَ عارِقي
تُكَلِّفُني سَيراً إِلى غَيرِ غايَةٍ / مُضِرّاً بِأَبناءِ الجَديلِ وَلاحِقِ
وَلَيلٍ كَعَينِ الظَبيِ إِلّا نُجومَهُ / قَطَعتُ وَلي مِن صُبحِهِ كَفُّ سارِقِ
جَريّاً عَلى الظَلماءِ حَتّى كَأَنَّني / أَراها بِأَلحاظِ الرَزايا الطَوارِقِ
وَرَكبٍ أَناخوا ساعَةً فَتَناهَبوا / ثَرى البيدِ في أَعضادِهِم وَالمَرافِقِ
وَساروا بِأَيدي العيسِ عَجلى كَأَنَّها / خَراطِمُ أَقلامٍ جَرَت في المَهارِقِ
وَما أَنا مِمَّن يُضجِرُ السَيرُ قَلبَهُ / وَتُذكِرُهُ الأَمواهُ حَرَّ الوَدائِقِ
وَلَكِن شَريكُ الوَحشِ في كُلِّ مَهمَهٍ / وَرِدفُ اللَيالي في الرُبى وَالأَبارِقِ
رَعى اللَهُ مَن فارَقتُ مِن غَيرِ رَغبَةٍ / عَلى الوَجدِ مِنّي وَالسِقامِ المُطابِقِ
يُباعِدُ عَنّي مَن غَرامي لِأَجلِهِ / وَيَقرُبُ مِن قَلبي لَهُ غَيرُ وامِقِ
إِذا شِئتَ أَن لا تَهجُرَ الهَمَّ فَاِغتَرِب / وَإِن شِئتَ أَن يَأتي الحِمامُ فَفارِقِ
فَكُلُّ غَريبٍ يَألَفُ الهَمُّ قَلبَهُ / وَلا سيَّما قَلبُ الغَريبِ المُفارِقِ
فَكَيفَ بِطَرفٍ لَحظُهُ لَحظُ مُدنَفٍ / سَقيمٍ وَجِسمٍ قَلبُهُ قَلبُ عاشِقِ
إِذا كُنتُ مِمَّن يَجحَدُ الشَوقَ في النَوى / فَكَم فاضَ دَمعي مِن حَنينِ الأَيانِقِ
وَكَم أَنا وَقّافٌ عَلى كُلِّ مَنزِلٍ / وَكَم أَنا مُرتاحٌ إِلى كُلِّ بارِقِ
أَحِنُّ إِلى مَن لا يَحِنُّ صَبابَةً / وَما واجِدٌ قَلبا مَشوقٍ وَشائِقِ
وَعِندي مِنَ الأَحبابِ كُلُّ عَظيمَةٍ / تُزَهَّدُ في قُربِ الضَجيعِ المُعانِقِ
تَعَطَّلَتِ الأَحشاءُ مِن كُلِّ أَنَّةٍ / فَلا القُربُ يُضنيني وَلا البُعدُ شائِقي
وَما في الغَواني مِن سُرورٍ لِناظِرٍ / وَلا في الخُزامى مِن نَسيمٍ لِناشِقِ
رَمى اللَهُ بي مِن هَذِهِ الأَرضِ غَيرَها / وَقَطَّعَ مِن هَذا الأَنامِ عَلائِقي
فَكَم فيهِمُ مِن واعِدٍ غَيرِ مُنجِزٍ / وَكَم فيهِمُ مِن قائِلٍ غَيرِ صادِقِ
يَظُنّونَ أَنَّ المَجدَ فيمَن لَهُ الغِنى / وَأَنَّ جَميعَ العِلمِ فَضلُ التَشادُقِ
وَفاءٌ كَأَنبوبِ اليَراعِ لِصاحِبٍ / وَغَدرٌ كَأَطرافِ الرِماحِ الزَوالِقِ
وَلَولا اِبنُ موسى لَم يَكُن في زَمانِنا / مَعاذٌ لِجانٍ أَو مَحَلٌّ لِطارِقِ
وَلا دَبَّرَت سُمرَ القَنا كَفُّ فارِسٍ / وَلا مُدَّ في رِزقِ المُنى باعُ رازِقِ
تَغَمَّدَنا مِن كُلِّ أَرضٍ بِنَفحَةٍ / وَأَمطَرَنا مِن كُلِّ جَوٍّ بِوادِقِ
إِذا هَمَّ لَم يَبعُد بِهِ زَجرُ زاجِرٍ / وَإِن ثارَ لَم يَعطِف بِهِ نَعقُ ناعِقِ
وَإِن رامَ أَملاكَ البِلادِ بِفَتكَةٍ / مَشى الذُلُّ في تيجانِها وَالمَناطِقِ
لَهُ العِزُّ وَالمَجدُ التَليدُ وِراثَةً / وَأَخذاً عَنِ البيضِ الظُبى وَالسَوابِقِ
وَمازالَ يَلقى كُلَّ غَبراءَ فَخمَةٍ / تُغالي بِأَطرافِ القَنا وَالعَقائِقِ
وَما بَرِحَت في كُلِّ عَصرٍ سُيوفُهُ / مَواضِعَ تيجانِ الرِجالِ البَطارِقِ
يُجَرِّدُها مِثلَ الأَقاحي عَلى الطُلى / وَيُغمِدُها مُحمَرَّةً كَالشَقائِقِ
تُبَلِّغُهُ أَقصى الأَماني رِماحُهُ / وَآرائُهُ وَالرَأيُ أَمضى مُرافِقِ
وَخَيلٍ كَأَطرافِ العَوالي جَريئَةٍ / عَلى الطَعنِ مُسقاةٍ دِماءَ المَوارِقِ
إِذا عَنَّ طَردٌ أَو طِرادٌ تَبادَرَت / طِرادَ الأَعادي قَبلَ طَردِ الوَسائِقِ
تُديرُ عُيوناً بَدَّدَ الرَوعُ لَحظُها / وَغَطّى مَآقيها غُبارُ السَمالِقِ
نَواصِبِ آذانٍ إِلى كُلِّ نَبأَةٍ / طَوامِحِ أَلحاظٍ إِلى كُلِّ مارِقِ
ذَواكِرَ لِلنَجوى بِيَومٍ طِعانُهُ / يُنَسّي رُؤوسَ الخَيلِ جَذبَ العَلائِقِ
تَروعُ جَنانَ اللَيثِ إِن لَم تَذُمَّهُ / وَتَطعَنُ في الأَقرانِ إِن لَم تُعانِقِ
هَنيئاً لَكَ العيدُ المُضاعَفُ سَعدُهُ / كَما ضاعَفَ الوَسميُّ نَبتَ الحَدائِقِ
وَكَم مِثلِ هَذا العيدِ قَضّيتَ فَرضَهُ / بِمَكَّةَ في ظِلِّ البُنودِ الخَوافِقِ
وَقُدتَ إِلَيهِ العيسَ عَجلى مَروعَةً / تَناهَزُ في أَنماطِها وَالنَمارِقِ
مُدَفَّعَةً تَحتَ السِياطِ كَأَنَّها / إِذا جَنَّتِ الظَلماءُ أَيدي النَقانِقِ
وَيُعنِتُها الحادونَ أَو تُوسِعَ الخُطا / إِلى قُربِ دارِ المَوقِفِ المُتَضائِقِ
وَأَيُّ مَقامٍ لِلوَرى تَحتَ ظِلِّهِ / مَهيبٍ يُطاطي مِن عُيونِ الحَدائِقِ
وَأَكثَرُ ما تَلقى بِهِ العَينُ أَو تَرى / إِفاضَةُ مَخلوقٍ إِلى قُربِ خالِقِ
ثَمانينَ أَعطَيتَ المُنى في مُرورِها / وَلَم تَرمِ عَن مَسراكَ فيها بِعائِقِ
وَأَكبَرُ ظَنّي أَن أَرى مِنكَ عارِضاً / يُؤَمِّمُها في مِثلِ تِلكَ البَوارِقِ
أَبا أَحمَدٍ هَذا طِلابي وَهَذِهِ / مُنايَ الَّتي أَمَّتكَ دونَ الخَلائِقِ
وَإِنّي لَأَرجو مِنكَ ما لا أُذيعُهُ / مَخافَةَ واشٍ أَو عَدوٍّ مُماذِقِ
وَلا بُدَّ مِن يَومٍ حَميدٍ كَأَنَّهُ / مِنَ النَقعِ في أَثناءِ بُردٍ شَبارِقِ
عَظيمِ دَويِّ الصَوتِ في سَمعِ سامِعٍ / بَعيدِ سَماعِ الصَوتِ مِن نُطقِ ناطِقِ
أَعُدُّ عَنايَ فيهِ رَوحاً وَراحَةً / وَكَم سَعَةٍ لِلمَرءِ غِبَّ المَضائِقِ
وَهَذا مَقالي فيكَ غَيثٌ وَرُبَّما / رَمَيتُ العِدى مِن وَقعِهِ بِالصَواعِقِ
إِذا أَنتَ يَوماً سِمتَنيهِ فَإِنَّما / تُكَلِّفُني قَطعَ الذُرى وَالشَواهِقِ
وَحَسبُكَ مِنهُ ما رَضيتَ اِستِماعَهُ / وَأَكثَرُ ما في الناسِ لَغوُ المَناطِقِ
سَيِّدي أَنتَ لَيسَ كُل
سَيِّدي أَنتَ لَيسَ كُل / لُ صَديقٍ بِصادِقِ
كَم لِسانٍ دَنا إِلَي / كَ بِقَلبٍ مُنافِقِ
كَيفَ تُنمي الوَفاءَ وَالخِ / لُّ غَيرُ المُوافِقِ
سِرتَ بِالشَوقِ وَاِلتَفَ / تَّ إِلى غَيرِ وامِقِ
مُستَريحٍ مِنَ الجَوى / كاذِبِ الوُدِّ ماذِقِ
أَنتَ لا غَيرُكَ الهَوى / مِن جَميعِ الخَلائِقِ
لا يَراني العَدوُّ إِ / لّا بِعَينِ المُسارِقِ
أَنا لَولاكَ ما ظَفِر / تُ بِقَلبٍ مُصادِقِ
أَنا مَولى العِدى وَإِن / كُنتُ عَبدَ الأَصادِقِ
مَنزِلي لا يَزالُ يَد / نو إِلى كُلِّ طارِقِ
بِظَلامِ الغُروبِ أَو / بِضِياءِ المَشارِقِ
وَشِفاهُ الغَمامِ تَج / لو ثُغورَ البَوارِقِ
وَأَعُقُّ الغُرابَ بَي / نَ بَروقٍ وَفارِقِ
بِظُبىً تَخلُطُ الجُزو / رَ بِضَربِ المَفارِقِ
أَنا لِلجودِ مُذ خُلِق / تُ وَوَحَّدتُ خالِقي
خُلُقي ذاكَ وَالتَخَ / لُّقُ ضِدُّ الخَلائِقِ
أُحرِزُ المالَ لِلعَطا / ءِ بِجَرِّ الفَيالِقِ
وَأَرى جَمعِيَ الثَرا / ءَ اِتِّهاماً لِرازِقي
ما أَعَزُّ الرِجالَ لَو / قَنِعوا بِالحَقائِقِ
لي مِنَ الدَهرِ ما يُشَ / يِّعُني في البَوائِقِ
فَرَسٌ يَلحَقُ الأَيا / طِلَ مِن نَسلِ لاحِقِ
وَنَحيلُ الكُعوبِ في / رَأسِهِ مِثلُ بارِقِ
وَصَقيلُ الذُبابِ يَق / بِضُ لَحظَ المَرامِقِ
أَتَحَدّى بِهِ الرَدى / في ظُهورِ السَوابِقِ
يَومَ قَودِ الجِيادِ خَ / طّارَةً في السَمالِقِ
تَتَنَزّى رُؤوسُها / مِن جُنوبِ العَلائِقِ
أَرتَقي غايَةَ الكُهو / لِ بِسِنِّ المُراهِقِ
أَلا يا لَقَومي لِلخُطوبِ الطَوارِقِ
أَلا يا لَقَومي لِلخُطوبِ الطَوارِقِ / وَلِلعَظمِ يُرمى كُلَّ يَومٍ بِعارِقِ
وَلِلدَهرِ يُعري جانِبي مِن أَقارِبي / وَيَقطَعُ ما بَيني وَبَينَ الأَصادِقِ
وَيوري بِقَلبي نارَ وَجدٍ شُواظُها / تُريني اللَيالي ضَوءَهُ في مَفارِقي
وَلِلنائِباتِ اِستَهدَفَتني نِصالُها / عَلى شَرَفٍ يَرمينَنا بِالفَلائِقِ
وَلِلنَفسِ قَد طارَت شَعاعاً مِنَ الجَوى / لِفَقدِ الصَفايا وَاِنقِطاعِ العَلائِقِ
لَها كُلَّ يَومٍ مَوقِفٌ مَع مُوَدِّعٍ / وَمُلتَفِتٍ في عَقبِ ماضٍ مُفارِقِ
نُجومٌ مِنَ الإِخوانِ يَرمي بِها الرَدى / مُقارِبُها فَوتُ العُيونِ الرَوامِقِ
كَأَنّي إِذا تَبَّعتُ آثارَ غارِبٍ / بِعَينِيَ لَم أَنظُر إِلى ضَوءِ شارِقِ
وَلا دارَ إِلّا سَوفَ يُجلى قَطينُها / عَلى نَعقِ غِربانِ الخُطوبِ النَواعِقِ
وَيَخرُجُ مِنها بِالكَرائِمِ حادِثٌ / وَيَدخُلُها صَرفُ الرَدى بِالبَوائِقِ
كَأَنّا قَذىً يَرمي بِهِ السَيلُ كُلَّما / تَطاوَحَ ما بَينَ الرُبى وَالأَبارِقِ
أَعَضُّ بَناني إِصبَعاً ثُمَّ إِصبَعاً / عَلى ثامِرٍ مِن فَرعِ مَجدٍ وَوارِقِ
وَعِقدٍ مِنَ الأَخدانِ أَوهى نِظامَهُ / كُرورُ الرَزايا وَاِعتِقابُ الطَوارِقِ
أَرُدُّ الشَجا قَبلَ الزَفيرِ تَجَلُّداً / وَأَغلِبُ دَمعي قَبلَ بَلِّ الحَمالِقِ
كَأَنِّيَ بَعدَ الذاهِبينَ رَذِيَّةٌ / تُزَجّى وَراءَ الماضِياتِ السَوابِقِ
وَلا رَيبَ أَنّي مُبرِكٌ في مَناخِهِم / وَأَنّي بِالماضينَ أَوَّلُ لاحِقِ
فَأَينَ المُلوكُ الأَقدَمونَ تَسانَدوا / إِلى جِذمِ أَحسابٍ كِرامِ المَعارِقِ
بِهاليلُ مَنّاعونَ لِلضَيمِ أَحسَنوا / بَلاءَهُمُ عِندَ النُصولِ الذَوالِقِ
عَواصِبُ بِالتيجانِ فَوقَ جَماجِمٍ / وِضاءِ المَجالي واضِحاتِ المَفارِقِ
إِذا رَثَموا المِسكَ العَرانينَ خِلتَهُم / أُسودَ الشَرى سافَت دَماً بِالمَناشِقِ
فُحولٌ أَطَلنَ الهَدرَ وَالخَطرَ بِالقَنا / ضَوارِبُ لِلأَذقانِ مَيلُ الشَقائِقِ
هُمُ اِنتَعَلوا العَلياءَ قَبلَ نِعالِهِم / وَداسوا طُلى الأَعداءِ قَبلَ النَمارِقِ
تَرى كُلَّ حُرٍّ المَلطَمَينَ كَأَنَّهُ / عَتيقُ المَهارى مِن جِيادٍ عَتائِقِ
إِذا قامَ ساوى الرُمحَ حَتّى يَمَسَّهُ / بِغارِبِ مَمطوطِ النِجادِ وَعاتِقِ
وَرائي الدُجى يَعشو إِلى ضَوءِ وَجهِهِ / كَأَنَّ عَلى عِرنينِهِ ضَوءَ بارِقِ
وَأَينَ المَلاجي العاصِماتُ مِنَ الرَدى / إِذا طَرَقَت إِحدى اللَيالي بِطارِقِ
مَصاعِبُ لَم تُعطِ الرُؤوسَ لِقائِدٍ / وَلا اِستَوسَقَت قَبلَ المَنايا لِسائِقِ
فَشَنَّ عَلَيهِ الأَزلَمُ العَودُ غارَةً / بِلا قَرعِ أَرماحٍ وَلا نَقعِ مَأزِقِ
وَشَلَّ بِها شَلَّ الطَرائِدِ بِالقَنا / وَكَعكَعَها مِن جِلَّةٍ وَدَرادِقِ
لِتَبكِ أَبا الفَتحِ العُيونُ بِدَمعِها / وَأَلسُنَنا مِن بَعدِها بِالمَناطِقِ
إِذا هَبَّ مِن تِلكَ الغَليلُ بِدامِعٍ / تَسَرَّعَ مِن هَذا الغَرامُ بِناطِقِ
شَقيقي إِذا اِلتاثَ الشَقيقُ وَأَعرَضَت / خَلائِقُ قَومي جانِباً عَن خَلائِقي
كَأَنَّ جَناني يَومَ وافى نَعِيُّهُ / فَرِيُّ أَديمٍ بَينَ أَيدي الخَوالِقِ
فَمَن لِأَوابي القَولِ يَبلو عِراكَها / وَيَحذِفُها حَذفَ النِبالِ المَوارِقِ
إِذا صاحَ في أَعقابِها أَطرَدَت لَهُ / ثَوانِيَ بِالأَعناقِ طَردَ الوَسايِقِ
وَسَوَّمَها مُلسَ المُتونِ كَأَنَّها / نَزائِعُ مِن آلِ الوَجيهِ وَلاحِقِ
تَغَلغَلُ في أَعقابِهِنَّ وُسومُهُ / بِأَبقى بَقاءٍ مِن وُسومِ الأَيانِقِ
فَفي الناسِ مِنها ذائِقٌ غَيرُ آكُلٍ / وَقَد كانَ مِنها أَكلاً غَيرَ ذائِقِ
وَمَن لِلمَعاني في الأَكِمَّةِ أُلقِيَت / إِلى باقِرٍ غَيبَ المَعاني وَفاتِقِ
يُطَوِّحُ في أَثنائِها بِضَميرِهِ / مَريرُ القُوى وَلّاجُ تِلكَ المَضايِقِ
تَسَنَّمَ أَعلى طَودِها غَيرَ عاثِرٍ / وَجاوَزَ أَقصى دَحضِها غَيرَ زالِقِ
طَوى مِنهُ بَطنُ الأَرضِ ما تَستَعيدُهُ / عَلى الدَهرِ مَنشوراً بُطونُ المَهارِقِ
مَضى طَيِّبَ الأَردانِ يَأرَجُ ذِكرُهُ / أَريجَ الصَبا تَندى لِعِرنينَ ناشِقِ
كَأَنَّ جَميعَ الناسِ أَثنَوا عَشيَّةً / عَلى بَعضِ أَمطارِ الرَبيعِ المُغادِقِ
أَمَدّوهُ مِن طيبٍ لِغَيرِ كَرامَةٍ / وَضَمّوهُ في ثَوبٍ جَديدِ البَنائِقِ
وَما اِحتاجَ بُرداً غَيرَ بُردِ عَفافِهِ / وَلا عَرفَ طيبٍ غَيرَ تِلكَ الخَلائِقِ
مَرافِقُ شَعبٍ كَالهَشائِمِ وُسِّدوا / بِمُنقَطِعِ البَيداءِ غَيرِ المُرافِقِ
قَدِ اِعتَنَقوا الأَجداثَ لا مِن صَبابَةٍ / وَيا رُبَّ زُهدٍ في الضَجيعِ المُعانِقِ
وَما المَيتُ إِن واراهُ سِترٌ مِنَ الثَرى / بِأَقرَبَ مِمّا دونَ رَملِ الشَقائِقِ
وَفارَقَني عَن خُلَّةٍ غَيرِ طَرقَةٍ / تَضَمَّنَها صَدرُ اِمرِىءٍ غَيرِ ماذِقِ
تَرَوَّقَ ماءُ الوُدِّ بَيني وَبَينَهُ / وَطاحَ القَذى عَن سَلسَلِ الطَعمِ رائِقِ
سَقاكَ وَهَل يَسقيكَ إِلّا تَعِلَّةً / لِغَيرِ الرَدى قَطرُ الغَمامِ الدَوافِقِ
مِنَ المُزنِ حَمحامٌ إِذا اِلتَجَّ لُجَّةً / أَضاءَت تَواليهِ زِنادَ البَوارِقِ
سُلافَةُ غَيثٍ شَلشَلتَها هَمِيَّةٌ / نَتيجَةُ أَنواءِ السَحابِ الرَقارِقِ
وَمُستَنبِتٍ رَوضاً عَلَيكَ مُنَوَّراً / عَلى صابِحٍ مِن ماءِ مُزنٍ وَغابِقِ
وَما فَرَحي إِن جاوَرَتكَ حَديقَةٌ / وَقَبرُكَ مَملوءٌ بِغُرِّ الحَدائِقِ
أَخٌ لَكَ أَمسى واجِداً بِكَ وَجدَهُ / طَوالَ اللَيالي بِالشَبابِ الغُرانِقِ
سَخا لَكَ مِن ريحِ الزَفيرِ بِحاصِبٍ / مُقيمٍ وَمِن ماءِ الشُؤونِ بِوادِقِ
فَما العَهدُ مِنّي إِن لَهَوتُ بِثابِتٍ / وَلا الوُدُّ مِنّي إِن سَلَوتُ بِصادِقِ
تَعَيَّفَ الطَيرَ فَأَنبَأنَهُ
تَعَيَّفَ الطَيرَ فَأَنبَأنَهُ / أَنَّ اِبنَ لَيلى عَلِقَتهُ عَلوق
وَإِنَّ سَجلاً مِن دَمٍ آمِنٍ / أَفرَغَهُ الطَعنُ بِوادي العَقيق
يا ناعِيَ الفارِسِ قَد أَصبَحَت / ضِباعُ ذي العَرعَرِ مِنهُ نُغوق
تَعلَمُ مَن تَنعى إِلى قَومِهِ / طارَ ذِراعاكَ بِعَضبٍ ذَلوق
بُعداً لِأَرماحِ تَميمٍ لَقَد / هَدَدنَ عاديَّ بِناءٍ عَتيق
قَرَعنَ في أَصلٍ كَريمِ الثَرى / وَجُلنَ في فَرعٍ عَزيزِ العُروق
حَدَوا لَهُ مِن حَيثُ لا يَتَّقي / عيراً مِنَ الطَعنِ مِلاءَ الوُسوق
كَأَنَّ ذا المَطلَعَ أَمسى الرَدى / رَصيدَهُ وَاِزوَرَّ عَنهُ الفَريق
قالَت لَهُ النَفسُ عَلى عارِها / ما لَكَ لا تَنقُضُ هَذا الطَريق
ما كانَ بِالراجِعِ عَن نَهجِهِ / لَو وَقَفَ السَيفُ لَهُ في المَضيق
لا يَدَعُ الذابِلَ مَن طَعمُهُ / عَلى صَبوحٍ بِدَمٍ أَو غَبوق
كَأَنَّ أَعلاهُ لِسانٌ فَما / يَغُبُّهُ الدَهرُ بَلالٌ بِريق
كَم باتَ رَبّاءً لِسَيّارَةٍ / طارِقَةٍ غَيرَ أَوانِ الطُروق
في قُنَّةٍ عَيطاءَ مَمطولَةٍ / كَأَنَّها قُلَّةُ رَأسٍ حَليق
يُزايِلُ اللَيلَ عَلى رَحلِهِ / وَيُؤثِرُ القَومَ بِطُعمِ الخُفوق
وَيَغتَدي بَعدَ عِراكِ السُرى / يُعارِضُ الرَكبَ بِوَجهٍ طَليق
أَوفى كَما جَلّى عَلى رَهوَةٍ / أَزرَقُ والى نَظَراتٍ بِنيق
يَسُلُّ عَينَيهِ عَلى مِريَةٍ / عَن زَجَلِ الطَيرِ قُبَيلَ الشُروق
يَعتَرِقُ اللَحمَ عَلى بارِقٍ / وَيَنتَقي العَظمَ بِرَملِ الشَقيق
أَو حَيَّةُ الرَعنِ ذَوى رَأسَهُ / مُشتَرِقَ الشَمسِ بِطَودٍ زَليق
يَعقُدُ أولاهُ بِأُخراتِهِ / لِفافَ بِنتِ الرَقَمِ الخَنفَقيق
كَعِمَّةِ الأَلوَثِ مالَت بِهِ / بَينَ النَدامى نَزَواتُ الرَحيق
جامِعُ لينٍ وَصِيالٍ مَعاً / إِطراقَ ذي حِلمٍ وَصَولِ الحَنيق
يُديرُ في فيهِ ذَليقَ الشَبا / مِثلَ لِماظِ الرَجُلِ المُستَذيق
تَخالُ ما تَطرَحُ أَشداقُهُ / ما لَطَّخَ المَحضَ بِقَعبِ الغَبوق
مُستَجمِعٌ فَرَّقَ عَن وَثبَةٍ / نَشطَكَ حَبلَ العَرَبيَّ الرَبيق
نِعمَ كِعامُ الثَغرِ يَشجو بِهِ / فَمَ المَنايا وَنِصاحُ الفُتوق
تَضُمُّهُ في الرَوعِ مِن دِرعِهِ / أُمٌّ لَها مِنهُ أَذىً أَو عُقوق
زالَ وَأَبقى عِندَ أَعقابِهِ / خَديمَ مالٍ عَرَفَتهُ الحُقوق
مَضى وَوَصّاهُم بِأَن يَقبَلوا / دَعوى العِدا فيهِم وَحُكمَ الصَديق
كانَ هَوىً لِلنَفسِ لَو أَنَّني / في حَلَقِ القِدِّ وَأَنتَ الطَليق
ما كُنتُ بِالهائِبِ طُرقَ الرَدى / ما سَلِمَ العَضبُ وَأَنتَ الرَفيق
ما أَنا بِاللاقي بِذاتِ النَقا / خَيلَ وَغىً مُشعَلَةً بِالعَنيق
ماطَلَها الماءَ فَلَمّا سَلَت / عَنِ الرَوى ماطَلَها بِالعَليق
وَلِاِبنُ لَيلى عارِضاً رُمحَهُ / يَحدو بِخَفّانَ جِمالاً وَنوق
يَأبى إِذا الضَيمُ غَدا مُضغَةً / سَلسالَةً سائِغَةً في الحُلوق
يَروحُ مَن يَرجو لَهُ غُرَّةً / قَد خَضخَضَ السَجلَ بِجالٍ عَميق
يُحَدِّثُ النَفسَ بِما فاتَهُ / تَطاوُلَ الغَمرِ لِمَجنى السَحوق
اِستَبدَلَ الحَيُّ بِعِقبانِهِ / أَغرِبَةً بَعدَكَ حُمقَ النَغيق
خاطَرَتِ الشَولُ بِأَذنابِها / لَمّا اِنطَوى قَرقارُ ذاكَ الفَنيق
قَد نَطَقَ الصامِتُ مِن بَعدِهِ / وَأَصرَدَ النابِلُ بَعدَ المُروق
مَخيلَةٌ لا مَطَرٌ خَلفَها / تَلمَعُ مِنها شَوَلانُ البُروق
ما الحَيُّ بِالضاحِكِ عَن مِثلِهِ / وَلا وُجوهُ الحَيِّ مُذ غابَ روق
وَلا أَغَبُّ الأَرضَ تُمسى بِها / ظِلٌّ صَفيقٌ وَنَسيمٌ رَقيق
لا أَغفَلَت قَبرَكَ حَنّانَةٌ / خَرقاءُ بِالقَطرِ صَناعِ البُروق
ما أَبدَعَ المِقدارُ فيما جَنى / لَكِنَّهُ حَمَّلَ غَيرَ المُطيق
أُلَوّي حَيازيمي عَلَيكَ تَحَرُّقا
أُلَوّي حَيازيمي عَلَيكَ تَحَرُّقا / وَأَشكو قُصورَ الدَمعِ فيكَ وما رَقا
فَيا شَملَ لُبّي لا تَزالُ مُبَدَّداً / وَيا جَفنَ عَيني لا تَزالُ مُؤَرَّقا
فَقَد كُنتُ أَستَسقي الدُموعَ لِمِثلِها / وَما جَمَّ دَمعُ العَينِ إِلّا لِيُهرَقا
أَعايَنتَ هَذا الدَهرَ إِن سَرَّ مَرَّةً / أَساءَ وَإِن صَفى لَنا الوُدَّ رَنَّقا
كَأَنّي أُنادي مِنهُ صَمّاءَ صَلدَةً / وَصِلَّ فَلاةٍ لا يَلينُ عَلى الرُقى
إِذا غَفِلَ الحادونَ ثارَ مُساوِراً / وَإِن روجِعَ النَجوى أَرَمَّ وَأَطرَقا
طَلوعُ الثَنايا يَنفُذُ اللَيلَ لَحظُهُ / إِذا ما رَنا جَوّابُ أَرضٍ وَحَملَقا
لَهُ المَنظَرُ العاري وَكُلُّ هُنَيهَةٍ / تُغاوِرُ بِالأَنقاءِ بُرداً مُشَرِّقا
كَأَنَّ زِماماً ضاعَ مِن أَرحَبِيَّةٍ / تَلَوّى بِأَقوازِ النَقا وَتَعَلَّقا
تَلَمَّظَ شَيئاً كَالجَبابِ وَغامَرَت / بِهِ وَثبَةٌ مِنَ اللَيثِ مَصدَقا
رِشاءُ الرَدى لَو عَضَّ بِالطَودِ هاضَهُ / وَلَو شَمَّ ما لاقى عَلى الأَرضِ أَحرَقا
دُوَيهِيَةٌ يَحمي الطَريقَ مَجَرُّهُ / إِذا نَفَخَ الرُكبانُ نامَ وَأَرَّقا
وَما العَيشُ إِلّا غُمَّةٌ وَاِرتِياحَةٌ / وَمُفتَرَقٌ بَعدَ الدُنوِّ وَمُلتَقى
هُوَ الدَهرُ يُبلي جِدَّةً بَعدَ جِدَّةٍ / فَيا لابِساً أَبلى طَويلاً وَأَخلَقا
فَكَم مِن عَليٍّ فيكَ حَلَّقَ وَاِنهَوى / وَكَم مِن غَنيٍّ نالَ مِنكَ وَأَملَقا
وَمِن قَبلَ ما أَردى جُذاماً وَحِميراً / وَأَطرَقَ زَورُ المَوتِ عوجاً وَعَملَقا
وَأَبقى عَلى دارِ السَمَوأَلِ بَركَهُ / وَقادَ إِلى وِردِ المَنونِ مُحَرِّقا
فَفارَقَ هَذا الأَبلَقَ الفَردَ بَغتَةً / وَوَدَّعَ ذا بَعدَ النَعيمِ الخَوَرنَقا
فَما البَأسُ وَالإِقدامُ نَجّى عُتَيبَةً / وَلا الجودُ وَالإِعطاءُ أَبقى المُحَلَّقا
أَراهُ سِناناً لِلقَريبِ مُسَدَّداً / وَسَهماً إِلى النَأيِ البَعيدِ مُفَوَّقا
إِذا ما عَدا لَم تُبصِرِ البيضَ قُطَّعاً / وَلا الزَغفَ مَنّاعاً وَلا الجُردَ سُبَّقا
وَلا في مَهاوي الأَرضِ إِن رُمتَ مَهبَطاً / وَلا في مَراقي الجَوِّ إِن رُمتَ مُرتَقى
وَلا الحوتُ إِن شَقَّ البِحارَ بِفائِتٍ / وَلا الطَيرُ إِن مَدَّ الجَناحَ وَحَلَّقا
وَلِلعُمرِ نَهجٌ إِن تَسَنَّمَهُ الفَتى / إِلى الغايَةِ القُصوى أَزَلَّ وَأَزلَقا
أَلا قاتَلَ اللَهُ الَّذي جاءَ غازِياً / فَقارَعَنا عَن مُخَّةِ الساقِ وَاِنتَقى
وَكَم مِن عَليلٍ قَد شَرِقتُ بِيَومِهِ / جَوىً بَعدَ ما قالوا أَبَلَّ وَأَفرَقا
وَآخَرَ طَلَّقتُ السُرورَ لِفَقدِهِ / وَقَد راحَ لِلدُنيا النُشوزِ مُطَلِّقا
بِنَفسِيَ مَن أَفقَدتُ داراً أَنيقَةً / مِنَ العَيشِ وَاِستَودَعتُ بَيداءَ سَملَقا
وَأَبدَلتُهُ مِن ظِلِّ فَينانَ ناضِرٍ / ظِلالَ صَفيحٍ كَالغَمامِ مُطَبِّقا
وَخَفَّفتُ عَن أَيدي الأَقارِبِ ثِقلَهُ / وَحَمَّلتُهُ ثِقلَ الجَنادِلِ وَالنَقا
جَلَستُ عَلَيهِ طامِعاً ثُمَّ جاءَني / مِنَ اليَأسِ أَمرٌ أَن أَخُبَّ وَأُعنِقا
وَما مِن هَوانٍ خَطَّأَ التُربَ فَوقَهُ / وَخَطَّ لَهُ بَيتاً مِنَ الأَمرِ ضَيِّقا
وَقَد كانَ فَوقَ الأَرضِ يُسحِقُ نَأيُهُ / فَصارَ وَراءَ الأَرضِ أَنأى وَأَسحَقا
خَليلَيَّ زُمّا لي مِنَ العيسِ جَسرَةً / مُضَبَّرَةَ الأَضلاعِ أَدماءَ سَهوَقا
تَمُرُّ كَما مَرَّت أَوائِلُ بارِقٍ / يَشُقُّ الدُجى وَالعارِضَ المُتَأَلِّقا
كَأَنَّ يَدَ القَسطارِ بَينَ فُروجِها / يُقَلِّبُ في الكَفِّ اللُجَينَ المُطَرَّقا
وَحُطّا لِجامي في قَذالِ طِمِرَّةٍ / كَأَنَّ بِها مِن مَيعَةِ الشَدِّ أَولَقا
تُعيرُ الفَتى ظَهراً قَصيراً كَأَنَّهُ / قَرا النِقنِقِ الطاوي وَعُنقاً عَشَنَّقا
لَعَلّي أَفوتُ المَوتَ إِن جَدَّ جَدُّهُ / وَأَعظَمُ ظَنّي أَن يَنالَ وَيَلحَقا
وَهَل يَأمَنُ الإِنسانُ مِن فَجأَتِهِ / وَإِن حَثَّ بِالبَيداءِ خَيلاً وَأَينُقا
لَقَد سَلَّ هَذا الرُزءُ مِن عَينِيَ الكَرى / وَغَصَّصَ بِالماءِ الزُلالِ وَأَشرَقا
وَمِمّا يُعَزّي المَرءَ ما شاءَ أَنَّهُ / يَرى نَفسَهُ في المَيِّتينَ مُعَرَّقا
وَلَو غَيرَ هَذا المَوتِ نالَكَ ظُفرُهُ / وَوَلّاكَ غَرباً لِلمَنايا مُذَلَّقا
لَكانَ وَراءَ الثَأرِ مِنّا وَدونَهُ / عَصائِبُ تَختارُ المَنونَ عَلى البَقا
إِذا ضَرَبوا رَدّوا الحَديدَ مُثَلَّماً / وَإِن طَعَنوا رَدّوا الوَشيجَ مُدَقَّقا
بِكُلِّ قَصيرٍ يَفلِقُ الهامَ أَبيَضٍ / وَكُلِّ طَويلٍ يَهتِكُ السَردَ أَورَقا
إِذا اِهتَزَّ مِن خَلفِ السَنانِ حَسِبتَهُ / بِأَعلى النِجادِ الأَرقَمَ المُتَشَدِّقا
وَلَكِنَّهُ القِرنُ الَّذي لا نَرُدُّهُ / وَهَل لِاِمرِىءٍ رَدٌّ إِذا اللَيثُ حَقَّقا
يَقودُ الفَتى ما زُمَّ بِالضَيمِ أَنفُهُ / وَقَد قادَ أَبطالاً وَقَد جَرَّ فَيلَقا
مُشَقِّقُ أَعرافِ الخَطابَةِ صامِتٌ / وَلاقي صُدورِ الخَيلِ يَومَ الوَغى لَقا
وَلَم تُغنِ عَنهُ السُمرُ قَوَّمَ دَرؤُها / وَلا البيضُ أَجرى القَينُ فيهِنَّ رَونَقا
سَقاهُ وَإِن لَم تُروَ لِلقَلبِ غُلَّةٌ / وَما كانَ ظَنّي أَن أَقولَ لَهُ سَقا
وَلا زالَتِ الأَنواءُ تَحبوهُ مُرعِداً / مِنَ المُزنِ مَلآنَ الحَيازيمِ مُبرِقا
إِذا قيلَ وَلّى عادَ يَحدو عِشارَهُ / وَإِن قيلَ أَرقا دَمعَةَ القَطرِ أَغدَقا
وَأَعلَمُ أَن لا يَنفَعُ الغَيثُ هالِكاً / وَلا يَشعُرُ المَندوبُ بِالهامِ إِن زَقا
وَلَو كانَ بِالسُقيا يَعودُ أَنا لَهُ / كَما لَو سُقي عاري القَضيبِ لَأَورَقا
وَلَكِن أُداري خاطِراً مُتَلَهِّفاً / وَقَلباً بِما خَلفَ التُرابِ مُعَلَّقا
لا يُبعِدِ اللَهُ فِتياناً رُزِئتُهُمُ
لا يُبعِدِ اللَهُ فِتياناً رُزِئتُهُمُ / رُزءَ الغُصونِ وَفيها الماءُ وَالوَرَقُ
إِن يَرحَلوا اليَومَ عَن داري فَإِنَّهُمُ / جيرانُ قَلبي أَقاموا بَعدَما اِنطَلَقوا
بانوا فَكُلُّ نَعيمٍ بَعدَهُم كَمَدٌ / باقٍ وَكُلُّ مَساغٍ بَعدَهُم شَرَقُ
أَراكَ تَجزَعُ لِلقَومِ الَّذينَ مَضَوا / فَهَل أَمِنتَ عَلى القَومِ الَّذينَ بَقوا
لا يَلبَثُ المَرءُ يُبلي شَرخَ جِدَّتِهِ / مِنَ الزَمانِ جَديدٌ ما لَهُ خَلَقُ
هَدى الغَرامُ دُموعي في مَسالِكِهِ / عَلَيهُمِ وَأَضَلَّت صَبرِيَ الطُرُقُ
وَكَيفَ يَنعَمُ بِالتَغميضِ بَعدَهُمُ / عَينٌ أَعانَ عَلَيها الدَمعُ وَالأَرَقُ
إِنّي لَأُعجَبُ بَعدَ اليَومِ مِن كَبِدٍ / تَدمى لَهُم كَيفَ تَندى وَهيَ تَحتَرِقُ
لَولا يَذُمُّ الرَكبُ عِندَكَ مَوقِفي
لَولا يَذُمُّ الرَكبُ عِندَكَ مَوقِفي / حَيَّيتُ قَبرَكَ يا أَبا إِسحَقِ
كَيفَ اِشتِياقُكَ مُذ نَأَيتَ إِلى أَخٍ / قَلِقِ الضَميرِ إِلَيكَ بِالأَشواقِ
هَل تَذكُرُ الزَمَنَ الأَنيقَ وَعَيشُنا / يَحلو عَلى مُتَأَمَّلٍ وَمُذاقِ
وَلَيالِيَ الصَبَواتِ وَهيَ قَصائِرٌ / خَطفَ الوَميضِ بِعارِضٍ مِبراقِ
لا بُدَّ لِلقُرَباءِ أَن يَتَزايَلوا / يَوماً بِعُذرِ قِلىً وَعُذرِ فِراقِ
أَمضي وَتَعطِفُني إِلَيكَ نَوازِعٌ / بِتَنَفُّسٍ كَتَنَفُّسِ العُشّاقِ
وَأَذودُ عَن عَيني الدُموعَ وَلَو خَلَت / لَجَرَت عَلَيكَ بِوابِلٍ غَيداقِ
وَلَوَ اِنَّ في طَرفي قَذاةً مِن ثَرىً / وَأَراكَ ما قَذَّيتُها مِن ماقي
إِن تَمضِ فَالمَجدُ المُرَجَّبُ خالِدٌ / أَو تَفنَ فَالكَلِمُ العِظامُ بَواقي
مَشحوذَةٌ تَدمى بِغَيرِ مَضارِبٍ / كَالسَيفِ أُطلِقَ في طُلى الأَعناقِ
يُقبِلنَ كَالجَيشِ المُغيرِ يَؤُمُّهُ / كَمِشُ الإِزارِ مُقَلِّصٌ عَن ساقِ
قِرَطاتُ آذانِ المُلوكِ خَليقَةٌ / بِمَواضِعِ التيجانِ وَالأَطواقِ
عَقَدوا بِها المَجدَ الشَرودَ وَأَثَّلوا / دَرَجاً إِلى شَرَفِ العُلى وَمَراقي
أَوتَرتَها أَيّامَ باعُكَ صُلَّبٌ / وَكَدَدتَها بِالنَزعِ وَالإِغراقِ
حَتّى إِذا مَرِحَت قُواكَ شَدَدتَها / بِاِسمٍ عَلى عَقِبِ اللَيالي باقي
كَنَجائِبٍ قَعَدَت بِها أَرماقُها / مَحسورَةً فَمَشَينَ بِالأَعراقِ
أَمِن ذِكرِ فارٍ بِالمُصَلّى إِلى مِنىً
أَمِن ذِكرِ فارٍ بِالمُصَلّى إِلى مِنىً / تُعادُ كَما عيدَ السَليمُ المُؤَرَّقُ
حَنيناً إِلَيها وَاِلتِواءً مِنَ الجَوى / كَأَنَّكَ في الحَيِّ الوَلودُ المُطَرِّقُ
أَأَللَهُ إِنّي إِن مَرَرتُ بِأَرضِها / فُؤادِيَ مَأسورٌ وَدَمعِيَ مُطلَقُ
أَكُرُّ إِلَيها الطَرفَ ثُمَّ أَرُدُّهُ / بِإِنسانِ عَينٍ في صَرى الدَمعِ يَغرَقُ
هَوايَ يَمانٍ كَيفَ لا كَيفَ نَلتَقي / وَرَكبِيَ مُنقادُ القَرينَةِ مُعرِقُ
فَواهاً مِنَ الرَبعِ الَّذي غَيَّرَ البِلى / وَآهاً عَلى القَومِ الَّذينَ تَفَرَّقوا
أَصونُ تُرابَ الأَرضِ كانوا حُلولُها / وَأَحذَرُ مِن مَرّي عَلَيها وَأُشفِقُ
وَلَم يَبقَ عِندي لِلهَوى غَيرَ أَنَّني / إِذا الرَكبُ مَرّوا بي عَلى الدارِ أَشهَقُ
يا لَيلَةً كَرُمَ الزَما
يا لَيلَةً كَرُمَ الزَما / نُ بِها لَوَ اَن اللَيلَ باقِ
كانَ اِتِّفاقٌ بَينَنا / جارٍ عَلى غَيرِ اِتِّفاقِ
وَاِستَروَحَ المَهجورُ مِن / زَفَراتِ هَمٍّ وَاِشتِياقِ
فَاِقتَصَّ لِلحِقَبِ المَوا / ضي بَل تَزَوَّدَ لِلبَواقي
حَتّى إِذا نَسَمَت رِيا / حُ الصُبحِ تُؤذِنُ بِالفِراقِ
بَرَدَ السِوارُ لَها فَأَح / مَيتُ القَلائِدَ بِالعِناقِ
وَلَقَد أَقولُ لِصاحِبٍ نَبَّهتُهُ
وَلَقَد أَقولُ لِصاحِبٍ نَبَّهتُهُ / فَوقَ الرَحالَةِ وَالمَطيُّ رَواقي
أَو ما شَمَمتَ بِذي الأَبارِقِ نَفحَةً / خَلَصَت إِلى كَبِدِ الفَتى المُشتاقِ
فَجَنى نَسيمَ الشيحِ مِن نَجدٍ لَهُ / حُرَقُ الحَشى وَتَحَلُّبُ الآماقِ
آهاً عَلى نَفَحاتِ نَجدٍ إِنَّها / رُسلُ الهَوى وَأَدِلَّةُ الأَشواقِ
أَسُقيتَ بِالكَأسِ الَّتي سُقّيتُها / أَم هَل خَطَتكَ إِلَيَّ كَفُّ الساقي
فَأَوى وَقالَ أَرى بِقَلبِكَ لَسعَةً / لِلحُبِّ لَيسَ لِدائِها مِن راقِ
فَصِفِ الغَرامَ لِمُفرِقٍ مِن دائِهِ / إِنّي لَأَقدَمُ مِنكَ في العُشّاقِ
أَبَثَثتُهُ كَمَدي وَطولَ تَجَلُّدي / وَأَليمَ ما بي مِن نَوىً وَفِراقِ
أَشكو إِلَيهِ بَياضَ سودِ مَفارِقي / وَيَظَلُّ يَعجَبُ مِن سَوادِ الباقي
أَيُّها الرائِحُ المُغِذُّ تَحَمَّل
أَيُّها الرائِحُ المُغِذُّ تَحَمَّل / حاجَةً لِلمُعَذَّبِ المُشتاقِ
أَقرِ عَنّي السَلامَ أَهلَ المُصَلّى / وَبَلاغُ السَلامِ بَعدَ التَلاقي
وَإِذا ما مَرَرتَ بِالخَيفِ فَاِشهَد / أَنَّ قَلبي إِلَيهِ بِالأَشواقِ
وَإِذا ما سُئِلتَ عَنّي فَقُل نِض / وُ هَوىً ما أَظُنُّهُ اليَومَ باقِ
ضاعَ قَلبي فَاِنشُدهُ لي بَينَ جَمعٍ / وَمِنىً عِندَ بَعضِ تِلكَ الحِداقِ
وَاِبكِ عَنّي فَطالَما كُنتُ مِن قَب / لٍ أُعيرُ الدُموعَ لِلعُشّاقِ
يا حَسَنَ الخَلقِ قَبيحَ الأَخلاق
يا حَسَنَ الخَلقِ قَبيحَ الأَخلاق / إِنّي عَلى ذاكَ إِلَيكَ مُشتاق
رُبَّ مُصافٍ عَلِقٍ بِمَذّاق / إِنَّ مَوَدّاتِ القُلوبِ أَرزاق
يا هَل لِدائي مِن هَواكَ إِفراق / هَيهاتَ ما أَعضَلَ داءَ العُشّاق
إِذا قُلتُ إِنَّ القُربَ يَشفي مِنَ الجَوى
إِذا قُلتُ إِنَّ القُربَ يَشفي مِنَ الجَوى / أَبى القَلبُ أَن يَزدادَ إِلّا تَشَوُّقا
وَإِن أَنا أَضمَرتُ السَلوَّ تَراجَعَت / مِنَ الشَوقِ أَخلاقٌ يُزِلنَ التَخَلُّقا
وَكَم لِيَ مِن لَيلٍ يُجَدِّدُ لي الهَوى / إِذا أَشأَمَ البَرقُ اليَماني وَأَعرَقا
أُصانِعُ لَحظي أَن يَطولَ ذُبابُهُ / إِلَيكَ وَأَنهى الدَمعَ أَن يَتَرَقرَقا
مَخافَةَ واشٍ يَثلِمُ الحُبَّ قَولُهُ / وَهَيهاتَ طالَ الحُبُّ مِنّا وَأَورَقا
غَدَونا عَلى الأَعداءِ نَحمي مَوَدَّةً / وَنَمنَعُ عَن أَطرافِها أَن تُمَزَّقا
فَما أَنتَ إِلّا السَهمُ صافَحَ ثَغرَهُ / وَما أَنا إِلّا العَضبُ صادَمَ مَفرِقا
إِذا كُنتَ لي خِلّاً فَحَسبي مِنَ الوَرى / بَقاؤُكَ لَولا أَنتَ ما طالَ لي بَقا
جُمِعنا فَلا نَحفِل بِما صَنَعَ الهَوى / وَخِفنا عَلى الأَيّامِ أَن نَتَفَرَّقا
كَفى حَزَناً أَنّي صَديقٌ وَصادِقٌ
كَفى حَزَناً أَنّي صَديقٌ وَصادِقٌ / وَما لِيَ مِن بَينِ الأَنامِ صَديقُ
فَكَيفَ أُريغُ الأَبعَدينَ لِخِلَّةٍ / وَهَذا قَريبٌ غادِرٌ وَشَقيقُ
لَو كانَ ما تَطلُبُهُ غايَةً
لَو كانَ ما تَطلُبُهُ غايَةً / كُنتُ المُصَلّي وَأَنا السابِقُ
تَظُنُّني أَرغَبُ عَن مَوقِفٍ / يَحضُرُ فيهِ الشَوقُ وَالشائِقُ
فَكَّرتُ حَتّى لَم أَجِد فِكرَةً / تَقدَحُ إِلّا وَلَها عائِقُ
لَو كُنتَ في أَثناءِ سِرّي إِذاً / عَلِمتَ أَنّي قائِلٌ صادِقُ
قَلبي جَنيبٌ لَكَ لا يَرعَوي / وَوُدُّكَ القائِدُ وَالسائِقُ
وَلَحظُ عَينَيكَ رَمى مُقلَتي / كَأَنَّ نَومي تَحتَها عاشِقُ
فَاِصبِر فَإِنَّ الصَبرَ أَحرى إِذا / ضاقَ عَلَيكَ المَسلَكُ الضايِقُ
فَالمَنطِقُ الطاهِرُ ما بَينَنا / مُتَرجِمٌ وَالنَظَرُ الفاسِقُ