المجموع : 5
أَداراً بِحُزوى هِجتِ لِلعَينِ عَبرَةً
أَداراً بِحُزوى هِجتِ لِلعَينِ عَبرَةً / فَماءُ الهَوى يَرفُضُّ أَو يَتَرَقرَقُ
كَمُستَعبَري في رَسمِ دارٍ كَأَنَّها / بِوَعساءَ تَنصوها الجَماهيرُ مُهرَقُ
وَقفنا فَسَلَّمنا فَكادَت بِمُشرِفٍ / لِعِرفانِ صَوتي دِمَنةُ الدارِ تَنطِقُ
تَجيشُ إِلى النَفسِ في كُلِّ مَنزِلٍ / لِمَيٍّ وَيَرتاعُ الفُؤادُ المُشَوَّقُ
أَراني إِذا هَوَّمتُ يا مَيُّ زُرتِني / فَيا نِعمَتا لَو أَنَّ رُؤيايَ تَصدُقُ
فَما حُبُّ مَيٍّ بِالَّذي يَكذِبُ الفَتى / وَلا بِالَّذي يُزهي وَلا يَتَمَلَّقُ
أَلا ظَعَنَت مَيٌّ فَهاتيكَ دارُها / بِها السُحمُ تَردي وَالحَمامُ المُطَوَّقُ
أَرَبَّت عَلَيها كُلُّ هَوجاءَ رادَةٍ / زَجولٍ بِجَولانِ الحَصى حينَ تَسحَقُ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ جَرعاءِ مالِكٍ / لَذو عَبرَةٍ كُلّاً تَفيضُ وَتَخنُقُ
وَإِنسانُ عَيني يَحسِرُ الماءَ تارَةً / فَيَبدو وَتاراتٍ يَجُمُّ فَيَغرَقُ
يَلومُ عَلى مَيٍّ خَليلي وَرُبَّما / يَجورُ إِذا لامَ الشَفيقُ وَيَخرَقُ
وَلَو أَنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَت / لِعَينَيهِ مَيٌّ سافِراً كادَ يَبرَقُ
غَداةَ أَمَّني النَفسَ أَن تُسعِفَ النَوى / بِمَيٍّ وَقَد كادَت مِنَ الوَجدِ تَزهَقُ
أَناةٌ تَلوثُ المِرطَ مِنها بِدِعصَةٍ / رُكامٍ وَتَجتابُ الوِشاحَ فَيَقلَقُ
وَتَكسو المِجَنَّ الرَخوَ خَصراً كَأَنَّهُ / إِهانٌ ذَوى عَن صُفرَةٍ فَهوَ أَخلَقُ
لَها جيدُ أُمِّ الخَشفِ ريعَت فَأَتلَعَت / وَوَجهٌ كَقَرنِ الشَمسِ رَيّانُ مُشرِقُ
وَعَينٌ كَعَينِ الرِئمِ فيها مَلاحَةٌ / هِيَ السِحرُ أَو أَدهى اِلتِباساً وَأَعلَقُ
وَتَبسِمُ عَن نورِ الأَقاحِيِّ أَقفَرَت / بِوَعساءِ مَعروفٍ تُغامُ وَتُطلَقُ
أَمِن مَيَّةَ اِعتادَ الخَيالُ المُؤَرِقُ / نَعَم إِنَّها مِما عَلى النَأيِ تَطرُقُ
أَلَمَّت وَحُزوى عُجمَةُ الرَملِ دونَها / وَخَفّانُ دوني سَيلُهُ فَالخَوَرنَقُ
بِأَشعَثَ مُنقَدِّ القَميصَ كَأَنَّهُ / صَفيحَةُ سَيفٍ جَفنَهُ مُتَخَرَّقُ
سَرى ثُمَّ أَغفى عِندَ وَجناءَ رَسلَةٍ / تَرى خَدَّها في ظُلمَةِ اللَيلِ يَبرُقُ
رَجيعَةِ أَسفارٍ كَأَنَّ زِمامَها / شُجاعٌ لَدى يُسرى الذِراعَينِ مُطرِقُ
طَرَحتُ لَها في الأَرضِ أَسفَلَ فَضلِهِ / وَأَعلاهُ في مَثنى الخِشاشَةِ مُعلَقُ
ثَوى بَينَ نِسعَيها عَلى ما تَجَشَّمَت / جَنينٌ كَدُعموصِ الفَراشَةِ مُغرِقُ
وَقَد غادَرَت في السَيرِ ناقَةُ صاحِبي / طَلاً مَوَّتَت أَوصالَهُ فَهوَ يَشهَقُ
جُمالِيَةٌ حَرفٌ سِنادٌ يَشُلُّها / وَظيفٌ أَزَجُّ الخَطوِ رَيّانُ سَهوَقُ
وَكَعبٌ وَعُرقوبٌ كِلا مَنجَمَيهِما / أَشَمُّ حَديدُ الأَنفِ عارٍ مُعَرَّقُ
وَفَوقَهُما ساقٌ كَأَنَّ حَماتَها / إِذا اِستُعرِضَت مِن ظاهِرِ الرَحلِ خِرنِقُ
وَحاذانِ مَجلوزٌ عَلى صَلَوَيهِما / بَضَيعٌ كَمَكنوزِ الثَرى حينَ يُحنِقُ
إِلى صَهوَةٍ تَحدو مَحالا كَأَنَّهُ / صَفاً دَلَّصَتهُ طَحمَةُ السَيلِ أَخلَقُ
وَجَوفٍ كَجَوفِ القَصرِ لَم يَنتَكِت لَهُ / بِآباطِهِ الزُلِّ الزَهاليلِ مِرفَقُ
وَهادٍ كَجِذعِ الساجِ سامٍ يَقودُهُ / مُعَرَّقُ أَحناءِ الصَبِيَّينِ أَشدَقُ
وَدَفواءَحَدباءِ الذِراعِ يَزينُها / مِلاطٌ تَعادى عَن رَحا الزورِ أَدفَقُ
قَطَعتُ عَلَيها غَولَ كُلِّ تَنوفَةٍ / وَقَضَّيتُ حاجاتي تَخُبُّ وَتَعِنقُ
بِمُشتَبِهِ الأَرباءِ يَرمي بِرَكبِهِ / يَبيسُ الثَرى نائي المَناهِلِ أَخوَقُ
إِذا هَبَّتِ الريحُ الصَبا دَرَجَت بِهِ / غَرابيبُ مِن بيضٍ هَجائِنَ دَردَقُ
يُخَيِّلُ في المَرعى لَهُنَّ بِشَخصِهِ / مُصَعلَكُ أَعلى قُلَّةِ الرَأسِ نِقنِقُ
وَنادى بِهِ ماءٍ إِذا ثارَ ثَورَةً / أُصَيبِحُ أَعلى نُقبَةِ اللَونِ أَطرَقُ
تَريعُ لَهُ أُمٌّ كَأَنَّ سَراتَها / إِذا اِنجابَ عَن صَحرائِها اللَيلُ يَلمَقُ
وَتَيهاءَتُودي بَينَ أَرجائِها الصَبا / عَلَيها مِنَ الظَلماءِ جُلٌّ وَخَندَقُ
غَلَلتُ المَهارى بَينَها كُلَّ لَيلَةٍ / وَبَينَ الدُجى حَتّى أَراها تَمَزَّقُ
فَأَصبَحتُ أَجتابُ الفَلاةَ كَأَنَّني / حُسامٌ جَلَت عَنهُ المَداوِسُ مِخفَقُ
إِذا الأَروَعُ المَشبوبُ أَضحى كَأَنَّهُ / عَلى الرَحلِ مِمّا منَّهُ السَّيرُ أَخرَقُ
نَظَرتُ كَما جَلَّى عَلى رَأسِ رَهوَةٍ / مِنَ الطَيرِ أَقنى يَنفُضُ الطَلَّ أَزرَقُ
طِراقُ الخَوافي واقِعٌ فَوقَ ريعَةٍ / نَدى لَيلِهِ في ريشِهِ يَتَرَقرَقُ
وَماءٍ قَديمِ العَهدِ بِالناسِ آجِنٍ / كَأَنَّ الدَبا ماءَ الغَضى فيهِ يَبصُقُ
وَرَدتُ اِعتِسافا وَالثُرَيّا كَأَنَّها / عَلى قِمَّةِ الرَأسِ اِبنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
يَدُفُّ عَلى آثارِها دَبَرانُها / فَلا هُوَ مَسبوقٌ وَلا هُوَ يَلحَقُ
بِعِشرينَ مِن صُغرى النُجومِ كَأَنَّها / وَإِياهُ في الخَضراءِ لَو كانَ يَنطِقُ
قِلاصٌ حَداها راكِبٌ مُتَعَمِّمٌ / هَجائِنُ قَد كادَت عَلَيهِ تَفَرَّقُ
قُرانى وَأَشتاتاً وَحادٍ يَسوقُها / إِلى الماءِ مِن جَوزِ التَنوفَةِ مُطلِقُ
وَقَد هَتَكَ الصُبحُ الجَلِيُّ كَفاءَهُ / وَلَكِنَّهُ جَونُ السَراةِ مُرَوَّقُ
فَأَدلى غُلامي دَلوَهُ يَبتَغي بِها / شِفاءَ الصَدى وَاللَيلُ أَدهَمُ أَبلَقُ
فَجاءَت بِنَسجِ العَنكَبوتِ كَأَنَّهُ / عَلى عَصَوَيها سابِرِيُّ مُشَبرَقُ
فَقُلتُ لَهُ عُد فَاِلتَمِس فَضلَ مائِها / تَجوبُ إِلَيها اللَيلَ وَالقَعرُ أَخوَقُ
فَجاءَت بِمُدٍّ نِصفُهُ الدِمنُ آجِنٌ / كَماءِ السَلا في صَغوِها يَتَرَقرَقُ
أَقولُ لِنَفسي وَاقِفاً عِندَ مُشرِفٍ
أَقولُ لِنَفسي وَاقِفاً عِندَ مُشرِفٍ / عَلى عَرَصاتٍ كَالذِبارِ النَواطِقِ
أَلَمّا يَحِنَّ القَلبُ إِلّا تَشوقُهُ / رُسومُ المَغاني وَاِبتِكارُ الحَزائِقِ
وَهَيفٌ تَهيجُ البَينُ بَعدَ تَجاوُرٍ / إِذا نَفَحَت مِن عَن يَمينِ المَشارِقِ
كَأَنَّ فُؤادي قَلبُ جاني مَخوفَة / عَلى النَفسِ إِذ يَكسونَ وَشِيَ النَمارِقِ
وَأَجمَالِ مَيٍّ إِذ يُقَرَّبنَ بَعَدَما / وَخِطن بِذِبّانِ المَصيفِ الأَزارِقِ
وَإِذ هُنَّ أَكتادٌ بِحَوضى كَأَنَّما / زَها الآلُ عِندانَ النَخيلِ البَواسِقِ
طَوالِعُ مِن صُلبِ القَرينَةِ بَعدَما / جَرى الآلُ أَشباهُ المَلاءِ اليَقائِقِ
وَقَد جَعَلَتَ زُرقَ الوَشيجِ حُداتُها / يَميناً وَحوضى عَن شَمالِ المَرافِقِ
عَنودٌ النَوى حُلّالَةٌ حَيثُ تَلتَقي / جَمادٌ وَشرقِيّاتُ رَملِ الشَقائِقِ
تَحِلُّ بِمَرعى كُلِّ إِجلٍ كَأَنَّها / رِجالٌ تَمَشّى عُصبَةً في اليَلامِقِ
وَفَردٍ يَطيرُ البَقُّ عِندَ خصيلِهِ / بِذَبٍّ كَنَفضِ الريحِ ذَيلَ السَرادِقِ
إِذا أَومَضَت مِن نَحوِ مَيٍّ سَحابَةٌ / نَظَرتُ بِعَيني صادِقِ الشَوقِ وامِقِ
هِيَ الهَمُّ وَالوَسانُ وَالنَأيُ دونَها / وَإِحراضُ مِغيارٍ سَئيمِ الخَلائِقِ
وَيَعلمُ رَبّي أَنَّ قَلبي يُحِبُّها / عَلى تِلكَ مِن حالٍ مَتينُ العلائِقَ
وَخَرقٍ كَساهُ اللَيلُ كِسراً قَطَعتُهُ / بِيعَمَلَةٍ بَينَ الدُجى وَالمَهارِقِ
مَراسيلُ تَطوي كُلَّ أَرضٍ عَريضَةٍ / وَسيجاً وَتَنَسَلُّ اِنسلالَ الزَوارِقِ
بَنى دَوأبٍ إِنّي وَجَدتُ فَوارِسي / أَزِمَّةَ غاراتِ الصَباحِ الدَوالِقِ
وَذادَةَ أَولى الخَيلِ عَن أُخرَياتِها / إِذا أَرهَقَت في المَأزِقِ المُتَضائِقِ
فَما شَهِدَت خَيلُ اِمرِئِ القَيسِ غارَةً / بِثَهلانَ تَحمي عَن فُروجِ الحَقائِقِ
أَدَرنا عَلى جَرمٍ وَأَولادٍ مَذحَجٍ / رَحى الحَربِ تَحتَ اللّامِعاتِ الخَوافِقِ
نُثيرُ بِها نَقعَ الكُلابِ وَأَنتُمُ / تُثيرونَ قيعانَ القُرى بِالمَعازِقِ
لَبِسنا لَها سَرداً كَأَنَّ مُتونَها / عَلى القَومِ في الهَيجا مُتونُ الخَرانِقِ
سَرابيلَ في الأَبدانِ مِنهُنَّ صَدأَةٌ / وَبَيضاً كَبَيضِ المُقفِراتِ النَقانِقِ
بِطَعنٍ كَتَضريمِ الحَريقِ اِختِلاسُهُ / وَضَربٍ بِشطَباتٍ صَوافي الرَوانِقِ
صَدَمناهُمُ دونَ الأَمانّي صَدمةً / عَماساً بِأَطوادٍ طِوالٍ شَواهِقِ
إِذا نَطَحَت شَهباءَ شَهباءَ بَينَها / شُعاعُ القَنا وَالمَشرَفيِّ البَوارِقِ
لَنا وَلَهُم جَرسٌ كَأَنَّ وَغاتَهُ / تَقَوَّضُ بِالوادي رُؤوسَ الأَبارِقِ
فَأمسوا بِما بَينَ الهِضابِ عَشيَّةً / بِتَيماءَ صَرعى مِن مُقَضٍّ وَزاهِقِ
أَلا قَبَّحَ اللَهُ القَصيبَةَ قَريةً / وَمَرأَةَ مَأوى كُلِّ زانٍ وَسارِقِ
إِذا قيلَ مَن أَنتُم يَقولُ خَطيبُهُمُ / هَوازِنَ أَوسَعدٌ وَلَيسَ بِصادِقِ
وَلَكِنَّ أَصلَ القَومِ قَد تَعلَمونَهُ / بِحَورانَ أَنباطٌ عِراضُ المَناطِقِ
فَهُذِّ الحَديثَ يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِترُكي / بِلادَ تَميمٍ وَالحَقي بِالرَساتِقِ
دَعِ الهَدرَ يا عَبدَ اِمرِئِ القَيسِ إِنَّما / تَكِشُّ بِأَشَداقٍ قِصارِ الشَقاشِقِ
أَما كُنتَ قَبلَ اليَومِ تَعلَمُ أَنَّما / تَنوءُ بِحَرّاثينَ ميلِ العَواتِقِ
تَظِلُّ ذُرى نَخلِ اِمرِئِ القَيسِ نِسوةً / قِباحاً وَأَشياخاً لِئامَ العَنافِقِ
تَبَينَّ نَقشُ اللُؤمِ في قَسَماتِهمِ / عَلى مُنصَفٍ بَينَ اللِحى وَالمَفارِقِ
عَلى كُلُّ كَهلٍ أَزعَكيٍّ وَيافِعٍ / مِنَ اللُؤمِ سِربالٌ جَديدُ البَنائِقِ
رَمَيتُ اِمرَأَ القَيسِ العَبيدَ فَأَصبَحوا / خَنازيرَ تَكبو مِن هَويِّ الصَواعِقِ
إِذا اَدرَؤوا مِنهُمُ بِقِردٍ رَمَيتَهُ / بِموهِيَةٍ صُمَّ العِظامِ العَوارِقِ
إِذا كَصَّتِ الحَربُ اِمرَأَ القَيسِ أَخَّروا / عَضاريطَ أَو كانوا رِعاءَ الدَقائِقِ
رَفَعتُ لَهُم عَن نِصفِ ساقي وَساعِدي / مُجاهَرةً بِالمِحرَباتِ العَوالِقِ
تَسامى اِمرُؤُ القَيسِ القرُومَ سَفاهةً / وَحَيناً بِعبَدَيها اللئَيمِ وفَاسِقِ
بِأرقَطَ مَحدودٍ وَثَطٍّ كِلاهُما / عَلى وَجهِهِ سِيما اِمرِئِ القَيسِ غَيرِ سائقِ
مَوّارَةُ الضَبعِ مِثلُ الحَيدِ حارِكُها
مَوّارَةُ الضَبعِ مِثلُ الحَيدِ حارِكُها / كَأَنَّها طالَةٌ في دَفِّها بَلَقُ
لَم أَنسَهُ إِذ قامَ يَكشِفُ عامِداً
لَم أَنسَهُ إِذ قامَ يَكشِفُ عامِداً / عَن ساقِهِ كَاللُؤلُؤِ البَرّاقِ
لا تَعجَبوا أَن قامَ فيهِ قِيامَتي / إِنَّ القِيامَةَ يَومَ كَشفِ الساقِ
وَنَهبٍ كَجَمّاعِ الثُرَيّا حَوَيتُهُ / بِأَجرَدَ مَحتوتِ الصَفاقَينِ خَيفَقِ
إِذا فارَقَتهُ تَبتَغي ما تَعيشُهُ / كَفاها رَذاياها الرَقيعُ الهَبَنَّقُ
إِذا أَرادوا دَسمَهُ تَنَفَّقا
إِذا أَرادوا دَسمَهُ تَنَفَّقا /