المجموع : 45
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ / حَسْبُكَ قد حُمِّلتَ مالا تُطيقْ
أضنَاكَ إشفاقُكَ من غَدرِهمْ / وما عَسى يُجدي حِذَارُ الشَّفِيقْ
إن أخْلَفُوا عَهدَك أو بدَّلُوا / فكُن بِحُسْن الصَّبرِ عنهُم خَليقْ
واعزِم عَلى سُلوانِهِم عَزْمةً / تَثْنِيكَ بعد الرِّقِّ حُرّاً طليقْ
لا تَبكِهِم إن نَزَحَتْ دارُهُمْ / واهجرْهُمُ هجرَ الخَلِيِّ المُفيقْ
لن تعدَمَ الأَعواضَ عنهُم ولاَ / في الأرضِ إن أنتَ ترحَّلتَ ضِيقْ
دَعْ ذا فما الناسُ سواءٌ ولا / يلْقَى الفتَى في كلِّ أرضٍ صَديقْ
وهبكَ تلقى عِوضاً عنهُمُ / أراجعٌ عصرُ الشبابِ الأَنيقْ
عَلِقتُهم حينَ رداءُ الصِّبَا / ضَافٍ وغُصني ذُو اعتدالٍ ورِيقْ
حتى إذا أُشرِبَ قَلبي لهُمْ / حُبّا جَرى في الجسمِ جَرْيَ الرَّحيقْ
ألتِمِسُ الأعواضَ عنهُم َلقَد / أتيتُ ما ليسَ بمثلي يَليقْ
أرُوعُهم بالعَتْب مُستصلِحا / وتحتَ ذاك العَتبِ قَلبٌ شَفيق
يرعَى لهم ما ضيَّعُوا إِنَّهُ / بِهمْ على ما كانَ منهُم رَفيقْ
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ / غَرسَ الحياءُ بوجنتَيْهِ شَقيقَا
وتلهّبتْ خجَلاً فلولا ماؤها / مترقرِقٌ فيها لصار حَرِيقَا
وازْوَرَّ عنِّي مُطرِقاً فأضلَّنِي / أن أهتدي نحوَ السُّلوِّ طَريقَا
فَليلْحَني مَن شاءَ فيهِ فَصَبوَتي / بهواهُ سُكرٌ لستُ مِنهُ مُفيقَا
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ / بكُسُوفِ بَدرِي واشتِهارِ مَحاقهِ
غَطّى ظَلامُ الشّعْرِ من وَجناتِه / صُبحاً تضيءُ الأرضُ من إشراقهِ
وهو الجهُولُ يقولُ هذا عارضٌ / هُو عارضٌ لكن على عُشّاقِهِ
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً / ولا أنَا عمّا تعلمينَ مُفِيقُ
ولكن خشِيتُ الكاشِحين فإنَّني / على سِرِّنا مِن أَن يَذيعَ شفيقُ
فأصبحتُ كالهَيمانِ عَايَنَ مَورِداً / بَروداً ولكن ما إليهِ طَريقُ
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا / فيها المسرّةُ في مجالٍ ضَيّقِ
ما شَابَها لولا مَشِيبُ ظلامِها / كَدَرٌ ولا راعَتْ بِواشٍ مُحنَقِ
فلوِ استطعتُ خَضَبتُها بشَبيبتي / وجعلتُ لونَ صَباحِها في مَفرِقي
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ / في الأرضِ في وجنَاتِه شَفَقُ
وبخدِّهِ وَردٌ إذا نَظَرَتْ / عَيني إليه تَناثَر الورَقُ
سبحانَ مَن أذكى بوجنتهِ / نارَ الحياءِ وليسَ يَحتَرقُ
وغَزالٍ في فيه راحٌ ودرُّ
وغَزالٍ في فيه راحٌ ودرُّ / وعقيقٌ رطبٌ ومِسكٌ فتيقُ
شَبَّهوا دُرَّ ثَغرِهِ بالأَقَاحِي / لَيسَ للأُقْحُوانِ ذاكَ البَريقُ
بيَ سُكرٌ منهُ وسِحْرٌ فلا أُر / قَى لهذا ولستُ من ذا أُفيقُ
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا
لو أحْسنوا في مَلِكنَا أو أعتَقوا / لَصَفَا لَهُم من وُدّنا ما رنَّقُوا
مَلّكْتُهم رِقّي كما حكم الهوَى / فأبى اعتسَافُ جَمالِهم أن يَرفُقُوا
لَهِجُوا بهَجري في الدُّنوِّ كأنّهُم / لم يعلَمُوا أنّ الزّمانَ يُفَرِّقُ
أمُشَيِّعِي باللّحظِ خَوفَ رَقِيبِه / والدّمعُ من أجفانِه يترقرَقُ
قد كنتُ أخضعُ قبلَ بَيْنِكَ للنّوى / فالآنَ لستُ من التّفَرّقِ أفْرَقُ
هّذي النّوَى قد نَالني من صَرْفِها / ما كُنتُ منه زمانَ وصلِكَ أُشْفِقُ
ويَهيجُنِي بعد اندمالِ صَبَابَتِي / ورْقاءُ مادَ بِهَا قضيبٌ مُورِقُ
عجماءُ تَنطِقُ بالحَنينِ ولم يَهِج / شوقَ القلوبِ كاعَجمِيٍّ ينطِقُ
بي مَا بَها لكن كتَمتُ وأعلَنَتْ / ودموعُها حُبِسَتْ ودمعيَ مُطْلَقُ
كمْ دُونَ رَبْعِك مَهْمهٌ مُتقاذِفٌ / تَشقَى الركابُ به وبيدٌ سَمْلَقُ
ملَّ السُّرَى فيه الصِّحَابُ فعرَّسُوا / والشّوْقُ يُوضِع بي إليكَ ويُعنِقُ
قَطَعتْ إليكَ بنا المَطِيُّ وحثَّها / أشواقُها والشّوقُ نعم السّيِّقُ
بَارَتْ مَطارحَ لَحْظِهَا فيخالُها الرْ / رائِي تَسابقَ لحظُها والأسؤقُ
تَشكُو إلينا شوقَها وحنينَها / وَلرَكْبُها منْها أحَنُّ وأشْوَقُ
مَعْقُولةٌ بِيَد الغَرامِ طليقةٌ / هَل يُفتَدى ذاكَ الأسيرُ المطْلقُ
مُنيَتْ بحَمْلِ غَرامِنا وغَرامِها / فَتجشّمتْ مالا تُطيقُ الأيْنُقُ
يا قلبُ كم يَستخفّكُ القَلقُ
يا قلبُ كم يَستخفّكُ القَلقُ / غَيرُ جميلٍ بمثلِك الخُرُقُ
أكلُّ هَذا خوفَ الفِراقِ وهَل / يُجدي عليكَ الحِذارُ والفَرَقُ
أينَ تَصُون الأسْرَارَ فيكَ إذَا / تَحكَّمَ الوجدُ فيك والحُرَقُ
لَك التأسّي بالناسِ كم عَثَر ال / دّهرُ بشَملِ الجميعِ فافتَرَقُوا
مَا أنتَ بِدعٌ في سُخطِ سِيرَتهِ / كلّ عَلى الدّهرِ ساخطٌ حَنِقُ
دَعْ ذَا ففيه عَن لَومِنَا صَمَمٌ / وهْو بِنَا مَا علِمتَه عُقَقُ
مَاذَا يروعُكَ من وَجدي ومن قَلَقِي
مَاذَا يروعُكَ من وَجدي ومن قَلَقِي / أمْ مَا يَرِيبُكَ من أجفَانِيَ الدّفُقِ
هَنَاكَ بُرؤُك من دَائِي ومن سَقَمِي / ونَومُ جَفْنَيكَ عن هَمّي وعن أرَقِي
إن كنتَ قَدّرْتَ أنَ الحبّ مَوردُه / سهلٌ فإنّك مَغرورٌ به فَذُقِ
لِتَستَبيح مَلامي أو ليَفْسَحَ لِي / سَدادُ رأيِكَ في جَهْلي وفي خُرُقي
لا تَحسَبَنَّ الهَوى ما كنتَ تَسمَعُه / من مُدّعٍ لمن يُعالِجْه ومُخْتَلِقِ
هذَا الهوى لا هوَى القَيْسَينِ إنّهما / عاشَا مَلِيّاً وذَا مُوفٍ على رَمَقي
فإنْ بقيتُ وبي مَا بي فَقُل رَجلٌ / في الميّتِينَ ولكِن للشَقَاءِ بَقي
وإنْ أتَاني حِمامٌ أستريحُ بهِ / فَيَا لَها مِنّةً للموتِ في عُنُقِي
ولستُ أشكُو اصْطِباري عند نَائبةٍ / ولا فُؤادِي بخَفّاقٍ ولا قَلِقِ
وإنّما أشْتكِي دهرَا يُكلّفُنِي / مالا أطيقُ فِعالَ القَادِرِ الحَنِقِ
يَروعُني كلَّ يوم بالفِراق وما / بقاءُ صبري مع الرّوعَاتِ والفَرَقِ
فَما غَدَوتُ بشَملٍ غَيرِ مَجتمِعٍ / إلا ورُحتُ بهَمٍّ غَيرِ مُفتَرِقِ
ولا تَبسَمْتُ أُبدِي للعِدَا جَلَداً / إلاّ تميَّزْتُ من غيظٍ ومن حَنَقِ
وقد غَرضْتُ بِعيشي من مُفَارَقتي / أغَرَّ أروعَ طَلقَ الرّاحتينِ تَقي
ولمّا وقفَنا للوَداعِ عَشيّةً
ولمّا وقفَنا للوَداعِ عَشيّةً / وَطَرفي وقَلبي أدمعٌ وخُفُوقُ
بكيتُ فأضحكتُ الوُشاةَ شَماتَةً / كأنّي سحابٌ والوُشاةُ بروقُ
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى
ألِفَ القِلَى وأجَابَ دَاعيةَ النّوَى / فَبُليتُ منه بِهِجرَةٍ وفرَاقِ
والصّبُّ راحتُهُ البكاءُ ومُذْ نَأى / إنْسانُ عَينِيَ أمْحلَتْ آمَاقي
لو كنتُ أطمعُ في بقاءِ عُهودِهِ / سكنَتْ بَلابِلُ قَلبيَ الخَفّاقِ
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا
رفقاً بقلب الصّبِّ رفقَا / هُو دُونَكم بالبَيِنِ يَشْقَى
لا تَحسَبَنْه يَاخ خليْ / يَ القَلب بَعد البعْد يَبْقَى
في زُمرة الشّهدَاءِ يُح / شَرُ في غَدٍ إن مَاتَ عِشْقا
أقولُ للعين في يومِ الفرَاقِ وقَد
أقولُ للعين في يومِ الفرَاقِ وقَد / فَاضَتْ بدمعٍ على الخدّينِ مُسْتَبِقِ
تَزوَّدِي اليومَ من تَوديعهم نظراً / فَفي غَدٍ تَفرُغي للدّمعِ والأرقِ
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً
مَن مُبلغُ النّائِي المقيمِ تَحيّةً / مِن رَاحلٍ شَاكٍ جَوَى أشْوَاقِهِ
لَهجٍ مع اليأْسِ المُبينِ بذكْرِه / قَلقِ الحشَا لِبِعادِهِ خَفّاقِهِ
وهُو الخَلِيقُ بأن يَموتَ كآبةً / لكنّ حُسنَ الصّبرِ من أخْلاقِه
أأحبَابَنا مَالي إلى الصّبرِ عنكُمُ
أأحبَابَنا مَالي إلى الصّبرِ عنكُمُ / دليلٌ وقد ضَلّتْ عَليّ طَريقُهُ
فَهل نظرةٌ منكُم على بُعد دَارِكُم / يُداوي بها صبُّ الفؤاد مَشُوقُهُ
إنْ تَقْطَعِ الأيّامُ منك عَلائِقِي
إنْ تَقْطَعِ الأيّامُ منك عَلائِقِي / فأنَا المُواصِلُ بالودَادِ الصّادِقِ
أرضَى من العهدِ القديمِ بِرَعْيِهِ / ومنَ الزّيَارَةِ بالخَيالِ الطّارِقِ
هَذا وعِندي للفِراقِ مآتِمٌ / فيهَا التّجمّلُ والعَزَاءُ مُفارِقِي
وأُلاَمُ في شَكْوَى جَوَايَ وقَلّمَا / يَحظى المُفارِقُ بالرّفِيقِ الرّافِقِ
هَل يُغْنِيَنْ صَمتي عن الشّكْوى إذا / شَكَت الجَوَى زَفَراتُ قَلبي الخَافِقِ
هَبْني أكَفكِفُ زَفْرَتي وَمَدامِعي / مَا حيْلَتي وَشَجَا التّجمّلِ خَانِقِي
أنا كالحمامِ تَبُوحُ حينَ تَنُوحُ بالشكْ / وَى ولَم تَفْغَر لَها فَمَ نَاطِقِ
طالَتْ يَدُ البَينِ في تَفريقِ أُلفَتِنَا
طالَتْ يَدُ البَينِ في تَفريقِ أُلفَتِنَا / فَما لَها قَصُرَتْ عن جَمعِ ما افْتَرقَا
كأنّنا الماءُ سهلٌ حِينَ تُهرِقُه / وجَمعُه مُعْجِزٌ من بَعد ما انْهَرَقَا
لكنّ قُدرةَ من يَطوي الظّلامَ عن الدْ / دنيا وينشُرُ في آفاقِها الفَلقَا
يَردّ شَمِليَ مَجموعاً وقَلبيَ مَس / روراً ويَابِسَ عُودي كَاسياً وَرَقَا
بِالغَورِ أهلُكِ يابُثَينَ وأهلُنا
بِالغَورِ أهلُكِ يابُثَينَ وأهلُنا / بالأبْرَقَينِ فأينَ أينَ المُلْتقى
بَعُدَ المزَارُ فلو سَرى لزيارتِي / طيفُ الخيالِ ثَناهُ هولُ المُرتَقى
كم شِمتُ برقاً منك أخْلَفَ نوْءُه / قبلَ النّوى وظننتُ ظَنّا أخْفَقَا
فَعلامَ أجزَعُ للفِراقِ وإنّنِي / لأرَاه أرْأفَ بالقُلوبِ وأرفَقَا
كَم تُرْزمي وكم تَحِنّي يَانَاقْ
كَم تُرْزمي وكم تَحِنّي يَانَاقْ / حَسْبُكِ قَد هجتِ الجَوَى والأشْوَاقْ
هِي النّوَى فما غَناءُ الإشفاقْ / تَقَسّمَتْنَا بالشّتاتْ والآفَاقْ
كأنّها خَلْقٌ ونَحن أرْزاقْ / حتّى إذا أدْمَى البكاءُ الآماقْ
أصْقَبَتِ الدّارُ وقَلبِيَ مُشتاقْ / ما أتعَبَ الحاملَ قلباً تَوَّاقْ
كالبرقِ مشبوبَ الضّرامِ خَفّاقْ /