القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 49
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا / أَسكُبُ الدَمعَ وَأَشكو الحُرَقا
بِأَبي مَن ذُبتُ فيهِ كَمَداً / بِأَبي مَن مُتُّ مِنهُ فَرَقا
حُمرَةُ الحَجلَةِ في وَجنَتِهِ / وَضَحُ الصُبحِ يُناغي الشَفَقا
قَوَّضَ الصَبرُ فَطَنَّبَ الأَسى / وَأَنا ما بَينَ هذَينِ لَقا
مَن لِبَثّي مَن لِوَجدي دُلَّني / مَن لِحُزني مِن لِصَبٍّ عَشِقا
كُلَّما ضَنَّت تَباريحُ الهَوى / فَضَحَ الدَمعُ الجَوى وَالأَرَقا
فَإِذا قُلتُ هَبوا لي نَظرَةً / قيلَ ما تُمنَعُ إِلّا شَفَقا
ما عَسى تُغنيكَ مِنهُم نَظرَةٌ / هِيَ إِلّا لَمحُ بَرقٍ بَرَقا
لَستُ أَنسى إِذ حَدا الحادي بِهِم / يَطلُبُ البَينَ وَيَبغي الأَبرَقا
نَعَقَت أَغرِبَةُ البَينِ بِهِم / لا رَعى اللَهُ غُراباً نَعَقا
ما غُرابُ البَينِ إِلّا جَمَلٌ / سارَ بِالأَحبابِ نَصّاً عَنَقا
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ / وَقَد قَطَعوا كُلَّ فَجٍّ عَميقِ
فَما طَلَعَ الفَجرُ إِلّا وَقَد / رَأَوا عَلَماً لا يَخافونَ نيقِ
إِذا رامَهُ النِسرُ لَم يَستَطِع / فَمِن دونِهِ كانَ بَيضُ الأَنوقِ
عَلَيهِ زَخارِفُ مَنقوشَةٌ / رَفيعُ القَواعِدِ مِثلُ العَقوقِ
وَقَد كَتَبوا أَسطُراً أَودَعوها / أَلا مَن لَصَبَّ غَريبٍ مَشوقِ
لَهُ هِمَّةٌ فَوقَ هذا السَماكِ / وَيوطَأُ بِالخُفِّ وَطءَ الحَريقِ
وَمَسكِنُهُ عِندَ هذا العُقابِ / وَقَد ماتَ في الدَمعِ مَوتَ الغَريقِ
قَد اِسلَمَهُ الحُبُّ لِلحادِثاتِ / بِهذا المَكانِ بِغَيرِ شَفيقِ
فَيا وارِدينَ مِياهَ القَليبِ / وَيا ساكِنينَ بِوادي العَقيقِ
وَيا طالِباً طَيبَةً زائِراً / وَيا سالِكينَ بِهذا الطَريقِ
أَفيقوا عَلَينا فَإِنّا رُزِئنا / بُعَيدَ السُحَيرِ قُبَيلَ الشُروقِ
بِبَيضاءَ غَيداءَ بَهتانَةً / تُضَوَّعُ نَشراً كَمِسكٍ فَتيقِ
تَمايَلُ سَكرى كَمِثلِ الغُصونِ / ثَنَتها الرِياحُ كَمِثلِ الشَقيقِ
بِرِدفٍ مَهولٍ كَدِعصِ النَقا / تَرَجرَجَ مِثلَ سَنامِ الفَنيقِ
فَما لا مَني في هَواها عَذولٌ / وَلا لامَني في هَواها صَديقي
وَلَو لامَني في هَواها عَذولٌ / لَكانَ جَوابي إِلَيهِ شَهيقي
فَشَوقي رِكابي وَحُزني لِباسي / وَوَجدي صَبوحي وَدَمعي غَبوقي
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ / مِنَ النورِ في جَوِّها خافِقُ
وَصَلصَلَ رَعدُ مُناجاتِهِ / فَأَرسَلَ مِدرارَهُ الوادِقُ
تَنادَوا أَنيخوا فَلَم يَسمَعوا / فَصِحتُ مِنَ الوَجدِ يا سائِقُ
أَلا فَاِنزِلوا ها هُنا وَاِرتَعوا / فَإِنّي بِمَن عِندَكُم وامِقُ
بِهَيفاءَ غَيداءَ رُعبَوبَةٍ / فُؤادُ الشَجِيِّ لَها تائِقُ
يَفوحُ النَدِيِّ لَدى ذِكرِها / فَكُلُّ لِسانٍ بِها ناطِقُ
فَلَو أَنَّ مَجلِسَها هَضمَةٌ / وَمَقعَدَها جَبَلٌ حالِقُ
لَكانَ القَرارُ بِها حالِقاً / وَلَن يُدرِكَ الحالِقَ الرامِقُ
فَكُلُّ خَرابٍ بِها عامرٌ / وَكُلُّ سَرابٍ بِها غادِقُ
وَكُلُّ رِياضٍ بِها زاهِرٌ / وَكُلُّ شَرابٍ بها رائِقُ
فَلَيلِيَ مِن وَجهِها مُشرِقٌ / وَيَومِيَ مِن شَعرِها غاسِقُ
لَقَد فَلَقَت حَبَّةَ القَلبِ إِذ / رَماها بِأَسهُمِها الفالِقُ
عُيونٌ تَعَوَّدنَ رَشقَ الحَشا / فَلَيسَ يَطيشُ لَها راشِقُ
فَما هامَةٌ في خَرابِ البِقاعِ / وَلا ساقُ حُرٍّ وَلا ناعِقُ
بِأَشأُمَ مِن باذِلٍ رَحَّلوا / لِيُحمَلَ مَن حُسنُهُ فائِقُ
وَيُترَكَ صَبّاً بِذاتِ الأَضا / قَتيلاً وَفي حُبِّهِم صادِقُ
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ / وَذي سَلَمٍ وَالأَبرَقَينِ لِطارِقِ
بُروقُ سُيوفٍ مِن بُروقِ مَباسِمٍ / نَوافِجُ مِسكٍ ما أُبيحَت لِناشِقِ
فَإِن حورِبوا سَلَّوا سُيوفَ لِحاظِهِم / وَإِن سَلَّموا هَدّوا عُقودَ المَضايِقِ
فَنالوا وَنِلنا لَذَّتَينِ تَساوَيا / فَمُلكٌ لِمَعشوقٍ وَمُلكٌ لِعاشِقِ
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى / غصنٌ ذوى يا ليته أورقا
روحٌ بلا عِلم وهي بيته / لرؤية الأغيار إذ أخلقا
افتقر الكل إلى جوده / أهل الأباطيلِ ومَن حققا
فوجّه الأنوار سيارة / أنارت المغربَ والمشرقا
فأشرق الجسمُ بأنواره / وأظهر الأسرارَ إذ أشرقا
فالحمد لله الذي قد وقى / من شرِّ ما يُحذر أو يُتَّقى
في شهوةِ البطنِ سِرٌ ليس يعلمه
في شهوةِ البطنِ سِرٌ ليس يعلمه / إلا الذي شاهد الرزّاق رَزاقا
لولا الغذاء ولولا سِرُّ حكمته / ما لاح فرعٌ ولا عاينت أعراقا
فكُل حلالاً إذا كان المحلَّل مو / جوداً بقلبك وهّاباً وخلاّقا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا / والثريا كُللت بالأفقِ
دبر القلب بهقعاتٍ على / شَولةٍ طالعةٍ بالمشرق
هَنعة الأنعام في أفلاكها / ذرعت بلدتها في الغَسَقِ
نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات / بلعاً يشكو كمينَ الحُرَق
جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ / علمها وسط خباءٍ أزرق
صَرفَ المقدمُ عَوَّاء له / مؤخر يثقله في الطرق
وسماك سَبحتْ أرجلُه / رِشاءٍ طالعٍ كالزورَق
ألبستُ بدراً خُريقةَ الخلقِ
ألبستُ بدراً خُريقةَ الخلقِ / لما حكى نورَه دُجى الغَسَقِ
وقلت يا بدرُ لا كُسفتَ ولا / عدلتَ يوماً عن أحسنِ الطُّرقِ
ألبستُكَ الزهد والصيانَةَ إذ / جرَّدتَ ثوبَ المجونِ والعَلَقِ
الفضل للسابقِ في كل حال
الفضل للسابقِ في كل حال / بالفضل حازوا قصب السَّبقِ
وما لوسع الخلق أن يبلغوا / تسابقَ المخلوقِ والحقِّ
لما تجارت نحو أنفس / اقعدها في مقعد الصدق
فعمَّ كلَّ الخلق أفضالُه / ولم يعم الحق للخلقِِ
أبدى لهم مشهدَه بارقاً / كلمحةِ العينِ أو البرق
وعنده خرُّوا له سُجَّداً / لكن يحوزوا نظرة الصعق
من فاز بالأسماء في خلقه / قد فاز بالذات وبالخلق
سمعتُ الخلقَ ليس لهم وجودُ
سمعتُ الخلقَ ليس لهم وجودُ / وفي ظني الوجود لهم حقيقهْ
فلما أن شهدتْ الأمر منه / رأيت الخلق ظاهره خليقه
فظاهرهم وباطنهم سواء / وهذا من معانيه الدقيقه
رقائقه من الأعيان مدّت / وفي تلك الرقائقِ لي رقيقه
علمت بها بأني غيرُ شيء / وإن كانت تخالفني السليقه
وقد كتبتَ عليَّ بذا كتاباً / وشرح الأمر في تلك الوثيقه
لقد لله في كوني أمور / يُربك بها المطرِّق للطريقه
أموراً أبطن الرحمن فيها / عجائبَ مكره الغرّ الأنيقة
لها غَور بعيد ليس يدري / لذا قال اللبيبُ هي الفليقه
إن صادف الإنسان علماً من الحق
إن صادف الإنسان علماً من الحق / فليس بعلم عنده وهو في الذوق
لمن قاله بالكشف علم محقق / به يقعد الإنسان في مقعد الصدق
وما حازه إلا إمامٌ مجرَّدٌ / نزيه عن الثوبِ المحيّر والريق
به يشربُ الإنسان ماء حياته / به تفتق الأسماع إنْ كُنَّ في رَتقِ
إذا طلعت شمسٌ من الرب صيّرت / بمطلعها الغرب المحقق في شرق
كفار وقنا والمنتقى وخليفته / وقد عاد حكم الله فيه لذي السَّبق
فلو كان عن كشف لما كان باكياً / ولو كان عن ظنٍّ لما قال بالعتق
أمر الإله من الإله تعلّق
أمر الإله من الإله تعلّق / ما أمره في العالمين محقَّق
إلا بواسطةِ الرسول فإنه / أمرٌ مطاع سِرُّه يتحقق
إنْ خالفت أمر الإله إرادة / منه تكادُ النفسُ منه تزهق
ولذاك شيبت النبيّ مقالة / هي فاستقم فيما أُمرتَ تُوفَّق
فإذا أراد نقيضَ ما أُمرتْ به / نفسُ المكلِّف فالوقوعُ محقق
الله نوّر أفلاكاً بأنجمها
الله نوّر أفلاكاً بأنجمها / ليهتدي في ظلامِ الليلِ في الطرق
ونوَّر الجوَّ بالبيضاءِ شارقةً / ونوَّر العقلَ بالتوحيدِ والخلقِ
ونوَّر القلبَ أنواراً منوَّعة / لأنه وسعَ المذكورَ في العلق
ونور البدر بالبيضاءِ إن غربتْ / وجدَّ في سيره بالنصِّ والعنقِ
كما ينوِّرُ آفاقاً يشاهدها / شرقاً وغرباً من الإشفاق بالشَّفق
ونور الجسمِ بالأرواحِ فانتشرت / أنوارُه كانتشارِ النور في الفَلَق
ونور الأرضِ بالأزهار فابتسمت / عن أحمرَ ناصع وأبيضَ يَقَقِ
وأظلمَ السِّرُّ بالهوا حيث ما وقعت / من الطباق التي أظهرنَ عن طبق
وأظلمَ العقلُ في أفكاره نظراً / وأظلمَ النفسُ بالأطماعِ والعلق
وأظلمَ المتعدي من طبيعته / بالأكل من جَرَضِ والشرب من شرقِ
وأظلمَ الولد المخلوقُ من نُطف / مكنونةٍ بثلاثٍ جئنَ في نَسَقِ
فليس من نُورٍ إلا قد يقابله / ضدّكما قابلَ الإشراق بالغسقِ
من أجل ذا ضل فإن في مقالته / باثنين وافترقوا في ذا على فرق
والكلُّ جاء إليه في تفكُّره / من الإله أمور فيه لم تُطَق
لذاك ما اختلفت فيه مقالتُهم / ما بين قولٍ بتقييدٍ ومُنطَلَقِِ
وكل من قال قولاً في عقيدتِه / فإنه جاعلٌ التقليدَ في العنق
سَمعاً وعَقلاً فما ينفكُّ ذو نظرٍ / من التحييرِّ للتهييج والحُرَق
لذا ترى كلَّ من قد كان ذا فِطنٍ / وقتاً على عرقٍ مُفض إلى حُرق
المثلُ يعقلُ ما يحوي مماثلُه
المثلُ يعقلُ ما يحوي مماثلُه / في النفس من كلّ ما تعطى حقيقته
فما من اسم له إلاّ ويأخذُه / منه ولكنْ بما تعطي سليقته
ما يمتري في الذي جئنا به بشر / إلا الذي عندنا اختلَّت طريقته
قد يحكمُ الشخصُ أمراً ثم يخطئه / وقد تعود على الداهي فليقته
كما يطالبُ شخصٌ عن عقيقته / كذاك تطلبه عقلاً عقيقته
هوى النجم من أوجه محرقاً
هوى النجم من أوجه محرقاً / لمن جاء يسترقُ المنطقا
وأظهر في الغرب أنواره / فصيّر مغربه مشرقا
وكلُّ وجودٍ له باطنٌ / إذا ما دجا ليله أشرقا
وكلُّ رياضٍ له ذابلٌ / إذا ما ذوى غصنه أورقا
وإن الفؤادَ إذا ما اهتدى / بأنوارِه وحيه صَدَقا
وقى الله حسادَه شرَّه / بما الله أمثاله قد وقى
إذا وجد البابَ قصادُه / لجهلهمُ دونهمُ مُغلقا
أقاموا حيارى على بابه / وما أحدٌ منهمُ حققا
وهل زي بابٍ كريم دعا / إلى بابه أحداً أطبقا
فكيف بباب الذي لم يزل / رفيقاً بنا راحماً مشفقا
كما بدأ الرحمنُ نشأ يعيده
كما بدأ الرحمنُ نشأ يعيده / بغير مثالٍ حاصلٍ قبله سبقْ
كذا قال لي الرحمن فيه مخاطباً / وما كان عن أمر اتفاقيّ اتفق
بلى كان مقصوداً له حين قاله / فمن كان يحكي القولَ عن ربه صَدَق
فلاحظ للعقل المفكر ههنا / وما هو إلا ما الكتابُ به نطق
إذا نظر الإنسان أحوالَ نفسه / رأى الأمر يجري في الوجود على نسق
فيأخذ من هذا وهذا علومه / فإن الذي أبداه في عينه لحق
فما سابقٌ إلاّ وآخر بعده / يليه وجوداً ثم إنْ فاته لحق
التَّبُّ من صفةِ اليدين لأنها
التَّبُّ من صفةِ اليدين لأنها / جادتْ على الكفار بالإنفاقِ
وكلاهما عينُ الهلاك ونفسه / فالهلك في الأملاكِ والإرفاقِ
نفقتْ يميني وهو عين هلاكها / أين الهلاكُ من اسمه الخلاَّقِ
لولا وجودُ القبضِ ما انبسطتْ لنا / كفُّ الكريمِ بسِيبهِ الغَيداقِ
ألا إنَّ ربَّ الناسِ ربي وإنه
ألا إنَّ ربَّ الناسِ ربي وإنه / لذي النظر الفكريّ ربُّ المشارقِ
ثلاثةُ أسماءَ بإحكامِ دورها / نموتُ ونحيى ما أنا بالمفارقِ
لها ولهذا لو تفكرت شيبتْ / بإحكامها فينا وفيكم مفارقي
فلولا الرحيمُ الربُّ ما كنتُ طامعاً / وإنْ كان فيها حكمةٌ بالتطابق
وبالواسعِ الرحمن وسعت خاطري / وقد كنتُ منها في عقودِ المضايق
إنني أنا النيِّرُ الغاسقُ
إنني أنا النيِّرُ الغاسقُ / مثلُ ما أنا الصامتُ الناطقُ
إذا كتبْ /
تهت بالذي فيّ من مُجلى /
وأنا به البصرُ الأجلى /
مثل ما أنا المورد الأحلى /
لا أخافُ من فجأةِ الطارقِ / إنه به الهائمُ العاشقُ
لذا أرغب /
رُبَّ واردٍ جاء من عنده /
يطلب الأمانة من عبده /
والوفا بما كان من عهده /
امتطي الجيادَ السوابقَ / التقي بهي ّالغرانِق
من المطلب /
أشتهي بريني إجلالي /
عندما يفصِّل إجمالي /
إنني لكُ النائبُ الوالي /
أعرفُ الكذوبَ من الصادقِ / والذي يجيءُ به الغاسقُ
من المذهب /
قلت للذي كان أوصى به /
عندما نسكت بانصبابه /
حلوه مزجتُ بأوصابه /
أنا والولي المفارقُ / بالذي أنا فيه من فارقٍ
عسى يغلب /
أمري لقد حِرتُ في أمري /
ضاق من هواي فيكم صدري /
فعلى على سنتي تجري /
أرسل الخيولَ والسلالقَ / هي تجيك براسِ المنافقِ
وبالأريب /
تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً
تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً / وما سمعتْ أذناي فيها من الخلقِ
كلاماً يؤدّيني إلى حسن عينها / فعشقي لها بالاتفاقِ وبالوفق
مناسبة تخفى على كلِّ ناظر / ويعلمها العلاَّم بالرتْقِ والفتْق
أشاهد منها كلَّ سرٍّ محجبٍ / وما لي فيها غير ذلك من حَقِّ
وليس حجابي غير كوني فلو مضى / قعدت مع المحبوبِ في مقعد الصدق
وهذا محال أن يكون ذهابه / فما ثَمَّ صفوٌ لا يخلطُ بالرفق
تجلّى لنا بالأفقْ بدراً مكملاً / وإن فؤادي لا يحنّ إلى الأفق
وإن كان حقاً فالمجالي كثيرةٌ / وشرعي نهاني عنه في حلبةِ السبقِ
لقد أوَّبَ الحقُّ العليمُ بلادنا / نفوسَ عبادٍ حظُّها الوهم إذ يلقى
وسرَّحني في كلِّ وجه بوجهة / ولم يتقيد لي بغربِ ولا شرقِ
وفرَّق لي ما بين كوني وكونه / وإنَّ وجودَ السعد في ذلك الفرق
تعالى فلم تَعلم حقيقةُ ذاتِه / سَغِلت فلم أجهل فحدِّي في نُطقي
ولم أدر أنَّ الحدَّ يشملُ كونه / وكوني إذا كانت هويته خلقي
كما جاء في الوحي المقرَّرِ صدقه / على ألسن الأرسالِ والقولُ للحق
به يسمع العبدُ المطيعُ به يرى / به يظهر الأفعال في الفتقِ والرتق
لو أنَّ الذي قد لاح منه يلوح لي / ولا شرع عندي ما جنحتُ إلى الفِسقِ
وكنتُ بما قد لاح لي في بصيرةٍ / فقيدني بالشرعِ كشفاً وما يبقى
خلافاً فإنَّ الأمر فيه لواحد / ولا ينكر الحقَّ الذي جاء بالحقِّ
إلهي يحبُ الرفقَ في الأمر كله / كذلك أهلُ الله يأتون بالرفق
لقد شاهدتْ عيني ثلاثَ أسرَّة / وفي ثالثٍ منها ازورارٌ مِنَ العرق
وأخره عن صاحبيه اعتراقه / وكلٌّ له شربُ رويٍّ من الحق
موازين لا تخطيك فالوزن قائمٌ / ولا سيما في عالم الحبِّ والعشق
ظفرتُ به حقاً جلياً مقدساً / ولا حقَّ إلا ما تضمنه حقي
نطقتُ به عنه فكان منطقي / وقد زاد في الإشكالِ ما بي من النطقِ
تقسم هذا الأمر بيني وبينه / فها هو في شِقٍّ وها أنا في شِقِّ
وصورةُ هذا ما أقول لصاحبي / أنا عبد قنٍّ وهو لي مالك الرِّق
عبوديةٌ ذاتيةٌ لم أزل بها / وما لي عنها من فكاك ولا عتق
إذا رزق العبد النهي لنيل ما / يكون من الرزق من خالص الرزق
وما رُزق الإنسان أعلى من الذي / يحصله بالعين في لمحةِ البَرق
فذلك رزقُ الذاتِ ما هو غيره / وآثاره فينا الذي كان في الوَدْق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025