المجموع : 49
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا
غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا / أَسكُبُ الدَمعَ وَأَشكو الحُرَقا
بِأَبي مَن ذُبتُ فيهِ كَمَداً / بِأَبي مَن مُتُّ مِنهُ فَرَقا
حُمرَةُ الحَجلَةِ في وَجنَتِهِ / وَضَحُ الصُبحِ يُناغي الشَفَقا
قَوَّضَ الصَبرُ فَطَنَّبَ الأَسى / وَأَنا ما بَينَ هذَينِ لَقا
مَن لِبَثّي مَن لِوَجدي دُلَّني / مَن لِحُزني مِن لِصَبٍّ عَشِقا
كُلَّما ضَنَّت تَباريحُ الهَوى / فَضَحَ الدَمعُ الجَوى وَالأَرَقا
فَإِذا قُلتُ هَبوا لي نَظرَةً / قيلَ ما تُمنَعُ إِلّا شَفَقا
ما عَسى تُغنيكَ مِنهُم نَظرَةٌ / هِيَ إِلّا لَمحُ بَرقٍ بَرَقا
لَستُ أَنسى إِذ حَدا الحادي بِهِم / يَطلُبُ البَينَ وَيَبغي الأَبرَقا
نَعَقَت أَغرِبَةُ البَينِ بِهِم / لا رَعى اللَهُ غُراباً نَعَقا
ما غُرابُ البَينِ إِلّا جَمَلٌ / سارَ بِالأَحبابِ نَصّاً عَنَقا
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ / وَقَد قَطَعوا كُلَّ فَجٍّ عَميقِ
فَما طَلَعَ الفَجرُ إِلّا وَقَد / رَأَوا عَلَماً لا يَخافونَ نيقِ
إِذا رامَهُ النِسرُ لَم يَستَطِع / فَمِن دونِهِ كانَ بَيضُ الأَنوقِ
عَلَيهِ زَخارِفُ مَنقوشَةٌ / رَفيعُ القَواعِدِ مِثلُ العَقوقِ
وَقَد كَتَبوا أَسطُراً أَودَعوها / أَلا مَن لَصَبَّ غَريبٍ مَشوقِ
لَهُ هِمَّةٌ فَوقَ هذا السَماكِ / وَيوطَأُ بِالخُفِّ وَطءَ الحَريقِ
وَمَسكِنُهُ عِندَ هذا العُقابِ / وَقَد ماتَ في الدَمعِ مَوتَ الغَريقِ
قَد اِسلَمَهُ الحُبُّ لِلحادِثاتِ / بِهذا المَكانِ بِغَيرِ شَفيقِ
فَيا وارِدينَ مِياهَ القَليبِ / وَيا ساكِنينَ بِوادي العَقيقِ
وَيا طالِباً طَيبَةً زائِراً / وَيا سالِكينَ بِهذا الطَريقِ
أَفيقوا عَلَينا فَإِنّا رُزِئنا / بُعَيدَ السُحَيرِ قُبَيلَ الشُروقِ
بِبَيضاءَ غَيداءَ بَهتانَةً / تُضَوَّعُ نَشراً كَمِسكٍ فَتيقِ
تَمايَلُ سَكرى كَمِثلِ الغُصونِ / ثَنَتها الرِياحُ كَمِثلِ الشَقيقِ
بِرِدفٍ مَهولٍ كَدِعصِ النَقا / تَرَجرَجَ مِثلَ سَنامِ الفَنيقِ
فَما لا مَني في هَواها عَذولٌ / وَلا لامَني في هَواها صَديقي
وَلَو لامَني في هَواها عَذولٌ / لَكانَ جَوابي إِلَيهِ شَهيقي
فَشَوقي رِكابي وَحُزني لِباسي / وَوَجدي صَبوحي وَدَمعي غَبوقي
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ / مِنَ النورِ في جَوِّها خافِقُ
وَصَلصَلَ رَعدُ مُناجاتِهِ / فَأَرسَلَ مِدرارَهُ الوادِقُ
تَنادَوا أَنيخوا فَلَم يَسمَعوا / فَصِحتُ مِنَ الوَجدِ يا سائِقُ
أَلا فَاِنزِلوا ها هُنا وَاِرتَعوا / فَإِنّي بِمَن عِندَكُم وامِقُ
بِهَيفاءَ غَيداءَ رُعبَوبَةٍ / فُؤادُ الشَجِيِّ لَها تائِقُ
يَفوحُ النَدِيِّ لَدى ذِكرِها / فَكُلُّ لِسانٍ بِها ناطِقُ
فَلَو أَنَّ مَجلِسَها هَضمَةٌ / وَمَقعَدَها جَبَلٌ حالِقُ
لَكانَ القَرارُ بِها حالِقاً / وَلَن يُدرِكَ الحالِقَ الرامِقُ
فَكُلُّ خَرابٍ بِها عامرٌ / وَكُلُّ سَرابٍ بِها غادِقُ
وَكُلُّ رِياضٍ بِها زاهِرٌ / وَكُلُّ شَرابٍ بها رائِقُ
فَلَيلِيَ مِن وَجهِها مُشرِقٌ / وَيَومِيَ مِن شَعرِها غاسِقُ
لَقَد فَلَقَت حَبَّةَ القَلبِ إِذ / رَماها بِأَسهُمِها الفالِقُ
عُيونٌ تَعَوَّدنَ رَشقَ الحَشا / فَلَيسَ يَطيشُ لَها راشِقُ
فَما هامَةٌ في خَرابِ البِقاعِ / وَلا ساقُ حُرٍّ وَلا ناعِقُ
بِأَشأُمَ مِن باذِلٍ رَحَّلوا / لِيُحمَلَ مَن حُسنُهُ فائِقُ
وَيُترَكَ صَبّاً بِذاتِ الأَضا / قَتيلاً وَفي حُبِّهِم صادِقُ
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ
بِذاتِ الأَضا وَالمَأزَمَينِ وَبارِقٍ / وَذي سَلَمٍ وَالأَبرَقَينِ لِطارِقِ
بُروقُ سُيوفٍ مِن بُروقِ مَباسِمٍ / نَوافِجُ مِسكٍ ما أُبيحَت لِناشِقِ
فَإِن حورِبوا سَلَّوا سُيوفَ لِحاظِهِم / وَإِن سَلَّموا هَدّوا عُقودَ المَضايِقِ
فَنالوا وَنِلنا لَذَّتَينِ تَساوَيا / فَمُلكٌ لِمَعشوقٍ وَمُلكٌ لِعاشِقِ
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى
جسمٌ بلا روح ضجيعُ الرَّدى / غصنٌ ذوى يا ليته أورقا
روحٌ بلا عِلم وهي بيته / لرؤية الأغيار إذ أخلقا
افتقر الكل إلى جوده / أهل الأباطيلِ ومَن حققا
فوجّه الأنوار سيارة / أنارت المغربَ والمشرقا
فأشرق الجسمُ بأنواره / وأظهر الأسرارَ إذ أشرقا
فالحمد لله الذي قد وقى / من شرِّ ما يُحذر أو يُتَّقى
في شهوةِ البطنِ سِرٌ ليس يعلمه
في شهوةِ البطنِ سِرٌ ليس يعلمه / إلا الذي شاهد الرزّاق رَزاقا
لولا الغذاء ولولا سِرُّ حكمته / ما لاح فرعٌ ولا عاينت أعراقا
فكُل حلالاً إذا كان المحلَّل مو / جوداً بقلبك وهّاباً وخلاّقا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا
نطح الغفرُ بُطيناً زابنا / والثريا كُللت بالأفقِ
دبر القلب بهقعاتٍ على / شَولةٍ طالعةٍ بالمشرق
هَنعة الأنعام في أفلاكها / ذرعت بلدتها في الغَسَقِ
نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات / بلعاً يشكو كمينَ الحُرَق
جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ / علمها وسط خباءٍ أزرق
صَرفَ المقدمُ عَوَّاء له / مؤخر يثقله في الطرق
وسماك سَبحتْ أرجلُه / رِشاءٍ طالعٍ كالزورَق
ألبستُ بدراً خُريقةَ الخلقِ
ألبستُ بدراً خُريقةَ الخلقِ / لما حكى نورَه دُجى الغَسَقِ
وقلت يا بدرُ لا كُسفتَ ولا / عدلتَ يوماً عن أحسنِ الطُّرقِ
ألبستُكَ الزهد والصيانَةَ إذ / جرَّدتَ ثوبَ المجونِ والعَلَقِ
الفضل للسابقِ في كل حال
الفضل للسابقِ في كل حال / بالفضل حازوا قصب السَّبقِ
وما لوسع الخلق أن يبلغوا / تسابقَ المخلوقِ والحقِّ
لما تجارت نحو أنفس / اقعدها في مقعد الصدق
فعمَّ كلَّ الخلق أفضالُه / ولم يعم الحق للخلقِِ
أبدى لهم مشهدَه بارقاً / كلمحةِ العينِ أو البرق
وعنده خرُّوا له سُجَّداً / لكن يحوزوا نظرة الصعق
من فاز بالأسماء في خلقه / قد فاز بالذات وبالخلق
سمعتُ الخلقَ ليس لهم وجودُ
سمعتُ الخلقَ ليس لهم وجودُ / وفي ظني الوجود لهم حقيقهْ
فلما أن شهدتْ الأمر منه / رأيت الخلق ظاهره خليقه
فظاهرهم وباطنهم سواء / وهذا من معانيه الدقيقه
رقائقه من الأعيان مدّت / وفي تلك الرقائقِ لي رقيقه
علمت بها بأني غيرُ شيء / وإن كانت تخالفني السليقه
وقد كتبتَ عليَّ بذا كتاباً / وشرح الأمر في تلك الوثيقه
لقد لله في كوني أمور / يُربك بها المطرِّق للطريقه
أموراً أبطن الرحمن فيها / عجائبَ مكره الغرّ الأنيقة
لها غَور بعيد ليس يدري / لذا قال اللبيبُ هي الفليقه
إن صادف الإنسان علماً من الحق
إن صادف الإنسان علماً من الحق / فليس بعلم عنده وهو في الذوق
لمن قاله بالكشف علم محقق / به يقعد الإنسان في مقعد الصدق
وما حازه إلا إمامٌ مجرَّدٌ / نزيه عن الثوبِ المحيّر والريق
به يشربُ الإنسان ماء حياته / به تفتق الأسماع إنْ كُنَّ في رَتقِ
إذا طلعت شمسٌ من الرب صيّرت / بمطلعها الغرب المحقق في شرق
كفار وقنا والمنتقى وخليفته / وقد عاد حكم الله فيه لذي السَّبق
فلو كان عن كشف لما كان باكياً / ولو كان عن ظنٍّ لما قال بالعتق
أمر الإله من الإله تعلّق
أمر الإله من الإله تعلّق / ما أمره في العالمين محقَّق
إلا بواسطةِ الرسول فإنه / أمرٌ مطاع سِرُّه يتحقق
إنْ خالفت أمر الإله إرادة / منه تكادُ النفسُ منه تزهق
ولذاك شيبت النبيّ مقالة / هي فاستقم فيما أُمرتَ تُوفَّق
فإذا أراد نقيضَ ما أُمرتْ به / نفسُ المكلِّف فالوقوعُ محقق
الله نوّر أفلاكاً بأنجمها
الله نوّر أفلاكاً بأنجمها / ليهتدي في ظلامِ الليلِ في الطرق
ونوَّر الجوَّ بالبيضاءِ شارقةً / ونوَّر العقلَ بالتوحيدِ والخلقِ
ونوَّر القلبَ أنواراً منوَّعة / لأنه وسعَ المذكورَ في العلق
ونور البدر بالبيضاءِ إن غربتْ / وجدَّ في سيره بالنصِّ والعنقِ
كما ينوِّرُ آفاقاً يشاهدها / شرقاً وغرباً من الإشفاق بالشَّفق
ونور الجسمِ بالأرواحِ فانتشرت / أنوارُه كانتشارِ النور في الفَلَق
ونور الأرضِ بالأزهار فابتسمت / عن أحمرَ ناصع وأبيضَ يَقَقِ
وأظلمَ السِّرُّ بالهوا حيث ما وقعت / من الطباق التي أظهرنَ عن طبق
وأظلمَ العقلُ في أفكاره نظراً / وأظلمَ النفسُ بالأطماعِ والعلق
وأظلمَ المتعدي من طبيعته / بالأكل من جَرَضِ والشرب من شرقِ
وأظلمَ الولد المخلوقُ من نُطف / مكنونةٍ بثلاثٍ جئنَ في نَسَقِ
فليس من نُورٍ إلا قد يقابله / ضدّكما قابلَ الإشراق بالغسقِ
من أجل ذا ضل فإن في مقالته / باثنين وافترقوا في ذا على فرق
والكلُّ جاء إليه في تفكُّره / من الإله أمور فيه لم تُطَق
لذاك ما اختلفت فيه مقالتُهم / ما بين قولٍ بتقييدٍ ومُنطَلَقِِ
وكل من قال قولاً في عقيدتِه / فإنه جاعلٌ التقليدَ في العنق
سَمعاً وعَقلاً فما ينفكُّ ذو نظرٍ / من التحييرِّ للتهييج والحُرَق
لذا ترى كلَّ من قد كان ذا فِطنٍ / وقتاً على عرقٍ مُفض إلى حُرق
المثلُ يعقلُ ما يحوي مماثلُه
المثلُ يعقلُ ما يحوي مماثلُه / في النفس من كلّ ما تعطى حقيقته
فما من اسم له إلاّ ويأخذُه / منه ولكنْ بما تعطي سليقته
ما يمتري في الذي جئنا به بشر / إلا الذي عندنا اختلَّت طريقته
قد يحكمُ الشخصُ أمراً ثم يخطئه / وقد تعود على الداهي فليقته
كما يطالبُ شخصٌ عن عقيقته / كذاك تطلبه عقلاً عقيقته
هوى النجم من أوجه محرقاً
هوى النجم من أوجه محرقاً / لمن جاء يسترقُ المنطقا
وأظهر في الغرب أنواره / فصيّر مغربه مشرقا
وكلُّ وجودٍ له باطنٌ / إذا ما دجا ليله أشرقا
وكلُّ رياضٍ له ذابلٌ / إذا ما ذوى غصنه أورقا
وإن الفؤادَ إذا ما اهتدى / بأنوارِه وحيه صَدَقا
وقى الله حسادَه شرَّه / بما الله أمثاله قد وقى
إذا وجد البابَ قصادُه / لجهلهمُ دونهمُ مُغلقا
أقاموا حيارى على بابه / وما أحدٌ منهمُ حققا
وهل زي بابٍ كريم دعا / إلى بابه أحداً أطبقا
فكيف بباب الذي لم يزل / رفيقاً بنا راحماً مشفقا
كما بدأ الرحمنُ نشأ يعيده
كما بدأ الرحمنُ نشأ يعيده / بغير مثالٍ حاصلٍ قبله سبقْ
كذا قال لي الرحمن فيه مخاطباً / وما كان عن أمر اتفاقيّ اتفق
بلى كان مقصوداً له حين قاله / فمن كان يحكي القولَ عن ربه صَدَق
فلاحظ للعقل المفكر ههنا / وما هو إلا ما الكتابُ به نطق
إذا نظر الإنسان أحوالَ نفسه / رأى الأمر يجري في الوجود على نسق
فيأخذ من هذا وهذا علومه / فإن الذي أبداه في عينه لحق
فما سابقٌ إلاّ وآخر بعده / يليه وجوداً ثم إنْ فاته لحق
التَّبُّ من صفةِ اليدين لأنها
التَّبُّ من صفةِ اليدين لأنها / جادتْ على الكفار بالإنفاقِ
وكلاهما عينُ الهلاك ونفسه / فالهلك في الأملاكِ والإرفاقِ
نفقتْ يميني وهو عين هلاكها / أين الهلاكُ من اسمه الخلاَّقِ
لولا وجودُ القبضِ ما انبسطتْ لنا / كفُّ الكريمِ بسِيبهِ الغَيداقِ
ألا إنَّ ربَّ الناسِ ربي وإنه
ألا إنَّ ربَّ الناسِ ربي وإنه / لذي النظر الفكريّ ربُّ المشارقِ
ثلاثةُ أسماءَ بإحكامِ دورها / نموتُ ونحيى ما أنا بالمفارقِ
لها ولهذا لو تفكرت شيبتْ / بإحكامها فينا وفيكم مفارقي
فلولا الرحيمُ الربُّ ما كنتُ طامعاً / وإنْ كان فيها حكمةٌ بالتطابق
وبالواسعِ الرحمن وسعت خاطري / وقد كنتُ منها في عقودِ المضايق
إنني أنا النيِّرُ الغاسقُ
إنني أنا النيِّرُ الغاسقُ / مثلُ ما أنا الصامتُ الناطقُ
إذا كتبْ /
تهت بالذي فيّ من مُجلى /
وأنا به البصرُ الأجلى /
مثل ما أنا المورد الأحلى /
لا أخافُ من فجأةِ الطارقِ / إنه به الهائمُ العاشقُ
لذا أرغب /
رُبَّ واردٍ جاء من عنده /
يطلب الأمانة من عبده /
والوفا بما كان من عهده /
امتطي الجيادَ السوابقَ / التقي بهي ّالغرانِق
من المطلب /
أشتهي بريني إجلالي /
عندما يفصِّل إجمالي /
إنني لكُ النائبُ الوالي /
أعرفُ الكذوبَ من الصادقِ / والذي يجيءُ به الغاسقُ
من المذهب /
قلت للذي كان أوصى به /
عندما نسكت بانصبابه /
حلوه مزجتُ بأوصابه /
أنا والولي المفارقُ / بالذي أنا فيه من فارقٍ
عسى يغلب /
أمري لقد حِرتُ في أمري /
ضاق من هواي فيكم صدري /
فعلى على سنتي تجري /
أرسل الخيولَ والسلالقَ / هي تجيك براسِ المنافقِ
وبالأريب /
تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً
تعشقْتُ نفساً ما رأيت لها عيناً / وما سمعتْ أذناي فيها من الخلقِ
كلاماً يؤدّيني إلى حسن عينها / فعشقي لها بالاتفاقِ وبالوفق
مناسبة تخفى على كلِّ ناظر / ويعلمها العلاَّم بالرتْقِ والفتْق
أشاهد منها كلَّ سرٍّ محجبٍ / وما لي فيها غير ذلك من حَقِّ
وليس حجابي غير كوني فلو مضى / قعدت مع المحبوبِ في مقعد الصدق
وهذا محال أن يكون ذهابه / فما ثَمَّ صفوٌ لا يخلطُ بالرفق
تجلّى لنا بالأفقْ بدراً مكملاً / وإن فؤادي لا يحنّ إلى الأفق
وإن كان حقاً فالمجالي كثيرةٌ / وشرعي نهاني عنه في حلبةِ السبقِ
لقد أوَّبَ الحقُّ العليمُ بلادنا / نفوسَ عبادٍ حظُّها الوهم إذ يلقى
وسرَّحني في كلِّ وجه بوجهة / ولم يتقيد لي بغربِ ولا شرقِ
وفرَّق لي ما بين كوني وكونه / وإنَّ وجودَ السعد في ذلك الفرق
تعالى فلم تَعلم حقيقةُ ذاتِه / سَغِلت فلم أجهل فحدِّي في نُطقي
ولم أدر أنَّ الحدَّ يشملُ كونه / وكوني إذا كانت هويته خلقي
كما جاء في الوحي المقرَّرِ صدقه / على ألسن الأرسالِ والقولُ للحق
به يسمع العبدُ المطيعُ به يرى / به يظهر الأفعال في الفتقِ والرتق
لو أنَّ الذي قد لاح منه يلوح لي / ولا شرع عندي ما جنحتُ إلى الفِسقِ
وكنتُ بما قد لاح لي في بصيرةٍ / فقيدني بالشرعِ كشفاً وما يبقى
خلافاً فإنَّ الأمر فيه لواحد / ولا ينكر الحقَّ الذي جاء بالحقِّ
إلهي يحبُ الرفقَ في الأمر كله / كذلك أهلُ الله يأتون بالرفق
لقد شاهدتْ عيني ثلاثَ أسرَّة / وفي ثالثٍ منها ازورارٌ مِنَ العرق
وأخره عن صاحبيه اعتراقه / وكلٌّ له شربُ رويٍّ من الحق
موازين لا تخطيك فالوزن قائمٌ / ولا سيما في عالم الحبِّ والعشق
ظفرتُ به حقاً جلياً مقدساً / ولا حقَّ إلا ما تضمنه حقي
نطقتُ به عنه فكان منطقي / وقد زاد في الإشكالِ ما بي من النطقِ
تقسم هذا الأمر بيني وبينه / فها هو في شِقٍّ وها أنا في شِقِّ
وصورةُ هذا ما أقول لصاحبي / أنا عبد قنٍّ وهو لي مالك الرِّق
عبوديةٌ ذاتيةٌ لم أزل بها / وما لي عنها من فكاك ولا عتق
إذا رزق العبد النهي لنيل ما / يكون من الرزق من خالص الرزق
وما رُزق الإنسان أعلى من الذي / يحصله بالعين في لمحةِ البَرق
فذلك رزقُ الذاتِ ما هو غيره / وآثاره فينا الذي كان في الوَدْق