القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 8
اِمنَحيني يا نُجومُ الأَلَقا
اِمنَحيني يا نُجومُ الأَلَقا / وَهَبيني يا زُهورُ العَبَقا
أَبعَثُ الشِعرَ إِلى الدُنيا هَوى / وَضِياءً وَغِناءً شَيِّقا
فَإِذا خامَرَ نَفساً طَرِبَت / وَإِذا لامَسَ قَلباً خَفَقا
وَإِذا يُتلى لِمُشتاقٍ سَلا / وَإِذا يُروى لِباكٍ صَفَّقا
فَمِنَ الشِعرِ لِقَومٍ حِكمَةٌ / وَمِنَ الشِعرِ لِأَقوامٍ رُقى
أَنا لا أَستَعذِبُ الشِعرَ إِذا / لَم أَجِدهُ رَوضَةً أَو أُفُقا
حَبَّذا لَيلَتَنا مِن لَيلَةٍ / يُكرَمُ الأَحرارُ حُرّاً لَبِقا
شاعِرٌ ما أَن جَرى في حَلبَةٍ / أَبَداً إِلّا وَكانَ الأَسبَقا
كاتِبٌ لا بَل سَحابٌ هَتِنٌ / كَم رَوى الأَرواحَ خَمراً وَسَقى
قُل لِمَن حاوَلَ أَن يَلحَقَهُ / إِنَّ هَذا عارِضٌ لَن يُلحَقا
قَلَمٌ يَهمي عَلى أُمَّتِهِ / رَحمَةً إِذ تُمطِرُ الدُنيا شَقا
وَإِذا ما أوذِيَت أَو ظُلِمَت / أَمطَرَ الدُنيا شَواظاً مُحرِقا
وَدَوَت زَعَقاتُهُ كَاِبنِ الشَرى / ريعَ في عِرّيسِهِ أَو ضويِقا
هُوَ لِلحَقِّ إِلى أَن يَنجَلي / وَعَلى الباطِلِ حَتّى يُزهَقا
أَنفَقَ العُمرَ عَلى خِدمَتِها / آهٍ ما أَغلى الَّذي قَد أَنفَقا
قُل لِمَن أَرجَفَ كَي يُقلِقُهُ / في حِماهُ إِنَّهُ لَن يَقلَقا
وَلِمَن حاوَلَ أَن يُغضِبَهُ / إِنَّهُ أَعَلى وَأَسمى خُلُقا
أَأَميرٌ تَتَّقيهِ دَولَةٌ / يَتَوَقّى كاشِحاً مُختَلَقا
وَهوَ مِثلُ الشَمسِ لَن يَبلِغَها / صاعِدٌ مَهَما تَعالى وَاِرتَقى
إِنَّ يوبيلَكَ يُبيلُ النُهى / هَنَّأَت بَغدادُ فيهِ جُلَّقا
إِنّي سَكَتُّ وَما عَدِمتُ المَنطِقا
إِنّي سَكَتُّ وَما عَدِمتُ المَنطِقا / لَولا أَخوكَ سَبَقتُ فيكَ الأَسبَقا
وَهَزَزتُ أَوتارَ القُلوبِ بِصامِتٍ / يَشتاقُ كُلُّ مُهَذَّبٍ أَن يَنطُقا
فَبَعَثتُ في أَفواهِهِم مِثلَ الطَلى / وَنَفَثتُ في أَسماعِهِم شِبهَ الرُقى
وَأَلَنتُ قاسي الشِعرَ حَتّى يُبتَغى / وَشَدَدتُ مِنهُ اللينَ حَتّى يُتَّقى
وَجَلَوتُ لِلأَبصارِ كُلَّ خَريدَةٍ / عَصماءَ تَحسِدُها النُجومُ تَأَلُّقا
تَبدو فَتَترُكُ كُلَّ قَلبٍ شَيّقٍ / خَلواً وَتَترُكُ كُلَّ خالٍ شَيِّقا
وَلي أَخوكَ فَما أَمضَنِيَ النَوى / وَلَقَد قَدِمتَ فَما هَشَشتُ إِلى اللُقا
قَبَلتَ وَالدُنيا إِلَيَّ بَغيضَةٌ / هَلّا سَبَقتَ إِلَيَّ أَسبابَ الشَقا
حَنَقتَ بِلا سَبَبٍ عَلَيَّ وَإِنَّهُ / سَبَبٌ جَديرٌ عِندَهُ أَن أَحنَقا
عَلَقَت أَخي كَفُّ المَنونِ وَكِدتُ أَن / أَسعى عَلى آثارِهِ لَولا التُقى
ما أَشفَقَت نَفسي عَلَيَّ وَإِنَّما / أَشفَقتُ أَن أَبكي الصَديقَ المُشفِقا
وَدَّعتُهُ كَالبَدرِ عِندَ تَمامِهِ / وَالبَدرُ لَيسَ بِئامِنٍ أَن يُمحَقا
وَلَقَد رَجَوتُ لَهُ البَقاءَ وَإِنَّما / يَدنو الحَمامُ لِمَن يُحِبُّ لَهُ البَقا
أَصبَحتُ مِثلَ النَسرِ قُصَّ جَناحُهُ / فَهَوى وَلَو سَلِمَ الجَناحُ لَحَلَّقا
نائي الرَجاءِ فَلا أَسيرٌ موثَقٌ / أَرجو الفَكاكَ وَلَستُ حُرّاً مُطلَقا
وَلَقَد لَبِستُ مِنَ السَوادِ شَعائِراً / حَتّى خَضِبتُ مِنَ الحِدادِ المَفرِقا
وَزَجَرتُ عَيني أَن تُسَرَّ بِمَنظَرٍ / وَمَنَعتُ قَلبي بَعدَهُ أَن يَخفِقا
لا أَظلُمُ الأَيّامَ فيما قَد جَنَت / لا تَأمَنِ الأَيّامَ أَن تَتَفَرَّقا
كُن كَيفَ شِئتَ فَلَستُ أَسكُنُ لِلمُنى / بَعدَ الحَبيبِ وَلَستُ أَحذُرُ موبِقا
عامٌ نَسيتُ سُعودَهُ بِنُحوسِهِ / قَد يَحجِبُ اللَيلُ الهِلالَ المُشرِقا
لَم أَنسَ طاغِيَةَ المُلوكِ وَقَد هَوى / عَن عَرشِهِ وَأَسيرُهُ لَمّا اِرتَقى
وَالشاهُ مُنخَلِعُ الحَشاشَةِ واجِفٌ / أَرَأَيتَ خاهاً قَطُّ أَصبَحَ بَيدَقا
ما زالَ يَحتَقِرُ الظُبى حَتّى غَدا / لا تُذكَرُ الأَسيافُ حَتّى يُصعَقا
بِتنا إِذا التُركِيُّ ضَجَّ مُهَلِّلاً / عَبَثَ الهَوى بِالفارِسِيِّ فَصَفَّقا
ذِكرى تُحَرِّكُ كُلَّ قَلبٍ ساكِنٍ / حَتّى لِيَعشُقَ بَعدَها أَن يَعشِقا
فيمَ عَلى النيلِ النُحوسُ وَلَم يَكُن / دونَ الخَليجِ وَلا الفُراتِ تَدَفُّقا
إِن لَم أَذُد عَن أَرضِ مِصرَ موفَقاً / أَودى بِئامالي الزَمانُ موفَقا
ما بالَها تَشكو زَوالَ بَهائِها / وَهيَ الَّتي كانَت تَزينُ المَشرِقا
قَد أَخلَقَت كَفُّ السِياسَةِ عَهدَها / إِنَّ السِياسَةَ لا تُراعي مَوثِقا
كَذَبوا عَلى مِصرَ وَصُدِّقَ قَولُهُم / وَالشَرُّ إِن يَجِدِ الكَذوبَ مُصَدِّقا
وَأَبوا عَلَينا أَنَّنا لا نَنتَهي / مِن مَأزَقٍ حَتّى نُصادِفَ مَأزِقا
سَلَكوا بِنا في كُلِّ وادٍ ضَيِّقٍ / حَتّى قَنِطنا أَن يُصيبوا ضَيِّقا
مَنَعوا الصَحافَةَ أَن تَبُثَّ شَكاتَنا / مَنَعوا الكَواكِبَ أَن تَبينَ وَتَشرُقا
لَو أَنصَفوا رَفَعوا القُيودَ فَإِنَّما / يَشكو الأَسيرُ الأَسرَ إِمّا أَرهَقا
وَسَعَوا إِلى سَلبِ القَناةِ فَأَخفَقوا / سَعياً وَشاءَ اللَهُ أَن تُخفَقا
عَرَضَ الحِسابَ المُسَتشارُ وَلَم يَكُن / لَولا السِياسَةِ حاسِباً وَمُدَقِّقا
أَيَكونُ غاصِبَنا وَيَزعُمُ أَنَّهُ / أَمسى عَلَينا مُحسِناً مُتَصَدِّقا
أَبَني الكِنانَةِ لَستُمُ أَبنائَها / حَتّى تَقَوا مِصرَ البَلاءَ المُطبِقا
إِن تَحفَظوها تَحفَظوا في نَسلِكُم / ذِكراً يُخَلِّدُ في اللَيالي رَونَقا
أَزِفَ الرَحيلُ وَحانَ أَن نَتَفَرَّقا
أَزِفَ الرَحيلُ وَحانَ أَن نَتَفَرَّقا / فَإِلى اللِقا يا صاحِبَيَّ إِلى اللِقا
إِن تَبكِيا فَلَقَد بَكَيتُ مِنَ الأَسى / حَتّى لَكِدتُ بِأَدمُعي أَن أَغرَقا
وَتَسَعَّرَت عِندَ الوَداعِ أَضالِعي / ناراً خَشيتُ بِحَرّها أَن أَحرَقا
ما زِلتُ أَخشى البَينَ قَبلَ وُقوعِهِ / حَتّى غَدَوتُ وَلَيسَ لي أَن أُفرَقَ
يَومَ النَوى لِلَّهِ ما أَقسى النَوى / لَولا النَوى ما أَبغَضَت نَفسي البَقا
رُحنا حَيارى صامِتينَ كَأَنَّما / لِلهَولِ نَحذُرُ عِندَهُ أَن نَنطِقا
أَكبادُنا خَفّاقَةٌ وَعُيونُنا / لا تَستَطيعُ مِنَ البُكا أَن تَرمُقا
تَتَجاذَبُ النَظَراتِ وَهيَ ضَعيفَةٌ / وَنُغالِبُ الأَنفاسَ كَيلا تُزهَقا
لَو لَم نُعَلِّل بِاللِقاءِ نُفوسَنا / كادَت مَعَ العَبَراتِ أَن تَتَدَفَّقا
يا صَحِبَيَّ تَصَبَّرا فَلَرُبَّما / عُدنا وَعادَ الشَملُ أَبهى رَونَقا
إِن كانَتِ الأَيّامُ لَم تَرفُق بِنا / فَمِنَ النُهى بِنُفوسِنا أَن ترَفُقا
إِنَّ الَّذي قَدَرَ القَطيعَةَ وَالنَوى / في وُسعِهِ أَن يَجمَعَ المُتَفَرِّقا
وَلَقَد رَكِبتُ البَحرَ يَزأَرُ هائِجاً / كَاللَيثِ فارَقَ شِبلَهُ بَل أَحنَقا
وَالنَفسُ جازِعَةٌ وَلَستُ أَلومُها / فَالبَحرُ أَعظَمُ ما يُخافُ وَيُتَّقى
فَلَقَد شَهِدتُ بِهِ حَكيماً عاقِلاً / وَلَقَد رَأَيتُ بِهِ جَهولاً أَخرَقا
مُستَوفِزٌ ما شاءَ أَن يَلهو بِنا / مُتَرفِّقٌ ما شاءَ أَن يَتَرَفَّقا
تَتَنازَعُ الأَمواجُ فيهِ بَعضَها / بَعضاً عَلى جَهلٍ تُنازِعُنا البَقا
بَينا يَراها الطَرفُ سوراً قائِماً / فَإِذا بِها حالَت فَصارَت خَندَقا
وَالفُلكُ جارِيَةٌ تَشُقُّ عُبابَهُ / شَقّاً كَما تَفري رِداءً أَخلَقا
تَعلو فَنَحسَبُحا تَأُمُّ بِنا السَما / وَتَظَنُّ أَنّا راكِبونَ مُحَلَّقا
حَتّى إِذا هَبَطَت بِنا في لُجَّةٍ / أَيقَنتُ أَنَّ المَوتَ فينا أَحدَقا
وَالأُفقُ قَد غَطّى الَبابُ أَديمَهُ / فَكَأَنَّما غَشِيَ المِدادَ امُهرَقا
لا الشَمسُ تَسطُعُ في الصَباحِ وَلا نَرى / إِمّا اِستَطالَ اللَيلَ بَدراً مُشرِقا
عِشرونَ يَوماً أَو تَزيدُ قَضَيتُها / كَيفَ اِتَفَتُّ رَأَيتُ ماءً مُغدِقا
نيويوركُ يا بِنتَ البُخارِ بِنا اِقصُدي / فَلَعَلَّنا بِالغَربِ نَنسى المَشرِقا
وَطَنٌ أَرَدناهُ عَلى حُبِّ العُلى / فَأَبى سِوى أَن يَستَكينَ إِلى الشَقا
كَالعَبدِ يَخشى بَعدَ ما أَفنى الصِبى / يَلهو بِهِ ساداتُهُ أَن يُعتَقا
أَو كُلَّما جاءَ الزَمانُ بِمُصلِحٍ / في أَهلِهِ قالوا طَغى وَتَزَندَقا
فَكَأَنَّما لَم يَكفِهِ ما قَد جَنوا / وَكَأَنَّما لَم يَكفِهِم أَن أَخفَقا
هَذا جَزاءُ الجُمودِ ذَوي النُهى في أُمَّةٍ / أَخَذَ الجُمودُ عَلى بَنيها مَوثِقا
وَطَنٌ يَضيقُ الحُرُّ ذَرعاً عِندَهُ / وَتَراهُ بِالأَحرارِ ذَرعاً أَضيَقا
ما إِن رَأَيتُ بِهِ أَديباً موسَراً / فيما رَأَيتُ وَلا جَهولاً مُملِقا
مَشَتِ الجَهالَةُ فيهِ تَسحَبُ ذَيلَها / تيهاً وَراحَ العِلمُ يَمشي مُطرِقا
أَمسى وَأَمسى أَهلُهُ في حالَةٍ / لَو أَنَّها تَعرو الجَمادَ لَأَشفَقا
شَعبٌ كَما شاءَ التَخاذُلُ وَالهَوى / مُتَفَرِّقٌ وَيَكادُ أَن يَتَمَزَّقا
لا يَرتَضي دينَ الإِلَهُ مُوَفَّقاً / بَينَ القُلوبِ وَيَرتَضيهِ مُفَرَّقا
كَلِفٌ بِأَصحابِ التَعَبُّدِ وَالتُقى / وَالشَرُّ ما بَينَ التَعَبُّدِ وَالتُقى
مُستَضعَفٌ إِن لَم يُصَب مُتَمَلِّقا / يَوماً تَمَلَّقَ أَن يَرى مُتَمَلِّقا
لَم يَعتَقِد بِالعِلمِ وَهوَ حَقائِقٌ / لَكِنَّهُ اِعتَقَدَ التَمائِمَ وَالرُقى
وَلَرُبَّما كَرِهَ الجُمودَ وَإِنَّما / صَعبٌ عَلى الإِنسانِ أَن يَتَخَلَّقا
وَحُكومَةٌ ما إِن تُزَحزِحُ أَحمَقاً / عَن رَأسِها حَتّى تُوَلِّيَ أَحمَقا
راحَت تُناصِبُنا العِداءَ كَأَنَّما / جِئنا فَرِيّاً أَو رَكِبنا موبِقا
وَأَبَتَ سِوى إِرهاقِنا فَكَأَنَّما / كُلُّ العَدالَةِ عِندَها أَن نُرهَقا
بَينا الأَجانِبُ يَعبَزونَ بِها كَما / عَبِثَ الصَبا سَحَراً بِأَغصانِ النَقا
بَغدادُ في خَطَرٍ وَمِصرُ رَهينَةٌ / وَغَداً تَنالُ يَدُ المَطامِعِ جِلَّقا
ضَعُفَت قَوائِمُها وَلَمّا تَرعَوي / عَن غَيِّها حَتّى تَزولَ وَتُمحَقا
قيلَ اِعشَقوها قُلتُ لَم يَبقَ لَنا / مَعَها قُلوبٌ كَي نُحِبَّ وَنَعشَقا
إِن لَم تَكُن ذاتُ البَنينِ شَفيقَةً / هَيهاتَ تَلقى مِن بَنيها مُشفِقا
أَصبَحتُ حَيثُ النَفسُ لا تَخشى أَذىً / أَبَداً وَحَيثُ الفِكرُ يَغدو مُطلَقا
نَفسي اِخلُدي وَدَعي الحَنينَ فَإِنَّما / جَهلٌ بُعَيدَ اليَومِ أَن تَتَشَوَّقا
هَذي هِيَ الدُنيا الجَديدَةُ فَاِنظُري / فيها ضِياءَ العِلمِ كَيفَ تَأَلَّقا
إِنّي ضَمِنتُ لَكِ الحَياةَ شَهِيَّةً / في أَهلِها وَالعَيشَ أَزهَرَ مونِقا
عَجَباً لِمَن أَمسى وَكُلُّ فَخارِهِ
عَجَباً لِمَن أَمسى وَكُلُّ فَخارِهِ / بِنُضارِهِ المَخبوءِ في الصُندوقِ
ماذا يَقولُ إِذا اللُصوصُ مَضوا بِهِ / وَأَقامَ بَعدَ نُضارِهِ المَسروقِ
إِن يَرفَعِ المالُ الكَريمَ فَإِنَّهُ / لِلنَذلِ مِثلُ الحَبلِ لِلمَشنوقِ
لَمّا صَديقي صارَ مِن أَهلِ الغِنى / أَيقَنتُ أَنّي قَد أَضَعتُ صَديقي
أَبا الشَعبِ إِطلَع مِن حِجابِكَ يَلتَقي
أَبا الشَعبِ إِطلَع مِن حِجابِكَ يَلتَقي / بِطَرفِكَ مِثلُ العارِضِ المُتَدَفِّقِ
جَماهيرُ لا يُحصي اليَراعُ عَديدَها / هِيَ الرَملُ إِلّا أَنَّهُ لَم يُنَسَّقِ
هُوَ الشَعبُ قَد وافاكَ كَالبَحرِ زاخِراً / وَكَالجَيشِ يَقفو فَيلَقٌ إِثرَ فَيلَقِ
تَطَلَّع تَجِدهُ حَولَ قَصرِكَ واقِفاً / يُحَدِّقُ تَحديقَ المُحِبِّ لِمُوَفَّقِ
لَقَد لَبِسَتهُ الأَرضُ حِلياً كَأَنَّهُما / أَياديكَ فيهِ لَم تَزَل ذاتُ رَونَقِ
وَأَلقَت عَلَيهِ الشَمسُ نَظرَةَ عاشِقٍ / غَيورٍ تَلَقّاها بِنَظرَةِ مُشفِقِ
يَهَشُّ لِمَرآكَ الوَسيمِ وَإِنَّما / يَهَشُّ لِمَرأى الكَوكَبِ المُتَأَلِّقِ
وَيَعشَقُ مِنكَ البَأسَ وَالحِلمَ وَالنَدى / كَذَلِكَ مَن يَنظُرُ إِلى الحُسنِ يَعشَقِ
يَكادُ بِهِ يَرقى إِلَيكَ اِشتِياقُهُ / فَيا عَجَباً بَحرٌ إِلى البَدرِ يَرتَقي
تَفَرَّقَ عَنكَ المُفسِدونَ وَطالَما / رَموا الشَعبَ بَِلتَفريقِ مُقلِقٌ أَيُّ مُقلِقِ
وَكَم أَقلَقوا في الأَرضِ ثُمَّ تَراجَعوا / يَقولونَ شَعبٌ مُقلِقٌ أَيُّ مُقلِقِ
وَكَم زَوَّروا عَنهُ الأَراجيفَ وَاِدَّعوا / وَأَيّدَهُم ذَيّاكُمُ الزاهِدِ التَقي
لِمَن يَرفَعُ الشَكوى وَقَد وَقَفوا لَهُ / عَلى البابِ بِالمِرصادِ فَاِسأَلهُ يَنطُقُ
وَأَما وَلا واشٍ وَلا مُتَجَسِّسٌ / فَقَد جاءَ يَسعى سَعيَ جَذلانَ شَيِّقِ
يُطارِحُكَ الحُبَّ الَّذي أَنتَ أَهلُهُ / وَحَسبُكَ مِنهُ الحُبَّ غَيرَ مُزَوَّقِ
وَها جَيشُكَ الطامي يَضُجُّ مُكَبِّراً / بِما نالَ مِن عَهدٍ لَدَيكَ وَمَوثِقِ
يُطَأطِئُ إِجلالاً لِشَخصِكَ أَرأُساً / يُطَأطِئُ إِجلالاً لَها كُلُّ مَفرِقِ
لِهامٍ مَتى تَنذِر بِهِ الدَهرَ يَصعَقُ / وَإِن يَتَعَرَّض لِلحَوادِثِ تَفَرَّقِ
يُفاخِرُ بِالسِلمِ الجُيوشَ وَإِنَّهُ / لِأَضرِبَها بِالسَيفِ في كُلِّ مَأزَقِ
وَأَشجَعَها قَلباً وَأَكرَمَها يَداً / إِذا قالَ لَم يَترُك مَجالاً لِأَحمَقِ
أَلا أَيُّها الجَيشُ العَظيمُ تَرَفُّقاً / مَلَكتُ قُلوبَ الناسِ بِالعِرفِ فَاِعتِقِ
وَيا أَيُّها المَلِكُ المُقيمُ بِيَلدِزٍ / أَرى كُلَّ قَلبٍ سِدَّةً لَكَ فَاِرتِقِ
أَلا حَبَّذا الأَجنادُ غَوثاً لِخائِفٍ / وَيا حَبَّذا الأَحرارُ وَرداً لِمُستَقِ
وَيا حَبَّذا عيدُ الجُلوسِ فَإِنَّهُ / أَجَلُّ الَّذي وَلّى وَأَجمَلُ ما بَقي
لا تَقلَقي يَومَ النَوى أَو فَاِقلَقي
لا تَقلَقي يَومَ النَوى أَو فَاِقلَقي / يا نَفسُ كُلُّ تَجَمُّعٍ لِتَفَرُّقِ
اللَهُ قَدَّرَ أَن تَمُسَّ يَدُ الأَسى / أَرواحَنا كَيما تَرِقَّ وَتَرتَقي
أَوفى عَلى الشُهبِ الدُجى فَتَأَلَّقَت / لَولا اِعتِكارُ اللَيلِ لَم تَتَأَلَّقِ
وَالفَحمُ لَيسَ يُضيءُ إِن لَم يَضطَرِم / وَالنَدُّ لَيسَ يَضوعُ إِن لَم يُحرَقِ
لا أَضرِبُ الأَمثالَ مَدحاً لِلنَوى / لَيتَ الفِراقَ وَيَومُهُ لَم يُخلَقِ
ما في الوَداعِ سِوى تَلَعثُمِ أَلسُنٍ / وَذُهولِ أَرواحٍ وَهَمٍّ مُطبِقِ
عَنَّفتُ قَلبِيَ حينَ طالَ خُفوقُهُ / فَأَجابَ بَل لُمني إِذا لَم أَخفُقِ
أَنا طائِرٌ قَد كانَ يَمرَحُ في الرُبى / وَعَلى ضِفافِ الجَدوَلِ المُتَرَقرِقِ
فَطَوى الفَضاءُ مُروجَهُ وَفَضائَهُ / لِيَزُجَّ في قَفَصِ الحَديدِ الضَيِّقِ
لا بَل أَنا مَلِكٌ صَحَوتُ فَلَم أَجِد / عَرشي وَلا تاجي وَإِستَبرَقي
هانَت مَعاذيري وَضاعَت حِكمَتي / لَمّا سَمِعتُ حِكايَةَ القَلبِ الشَقي
لَو تَعدِلُ الدُنيا بِنا لَم يَنتَثِر / شَملٌ نَظَمناهُ وَلَم نَتَفَرَّقِ
لِلَّهِ مُنتِريالِكُم ذاتُ الحِلى / وَمَدينَةُ الطَودِ الأَشَمِّ الأَبلَقِ
كَم وِقفَةٍ لي عِندَ شاطِءِ نَهرِها / لا أَستَقي مِنهُ وَروحِيَ تَستَقي
مُتَعَلِّماً مِنهُ التَواضُعَ وَالنَدى / وَالصَفحَ عَن عَبَثِ الجَهولِ الأَحمَقِ
أَعطى الحُقولَ حَياتَها وَمَضى كَأَن / لَم يُعطِها شَيئاً وَلَم يَتَصَدَّقِ
مَن كانَ لا يَدري فَيَقظَةُ زَرعِها / مِن فَضلِ هَذا الهاجِعِ المُستَغرِقِ
ضَيَّعتُ عِندَ الواعِظينَ سَعادَتي / وَوَجَدتُها في واعِظٍ لَم يَنطُقِ
مِلءُ المَدائِنِ وَالقُرى آلائُهُ / وَهِباتُهُ وَيَعيشُ عَيشَ المُملِقِ
لَولاهُ لَم يَخَضَرَّ قاعٌ مُجدِبٌ / لَولاكُمُ شَجَرُ المُنى لَم يورِقِ
عَرَضَت مَحاسِنَها الحَياةُ عَلَيكُمُ / فَأَخَذتُمُ بِأَحَبِّها وَالأَليَقِ
أَنا مِنكُمُ في رَوضَةٍ مِعطارَةٍ / مِن مونِقٍ فيها اللِحاظُ لِمونِقِ
العِطرُ يَعبُقُ من جَميعِ وُرودِها / ما أَن مَرَرتَ بِزَهرَةٍ لَم تَعبُقِ
لِلَّهِ مُنتِريالِكُم وَجَلالَها / هِيَ رومَةُ الصُغرى وَضِرَّةُ جُلَّقِ
رَقَّت عَلَيَّ نُجومُها وَتَواضَعَت / حَتّى لَكِدتُ أَحُسُّها في مَفرِقي
فَكَأَنَّما هِيَ أَنتُم وَكَأَنَّما / أَرواحُكُم مِن نورِها المُتَدَفِّقِ
رَجَعَ الشَبابُ إِلَيَّ حينَ هَبَطتُها / وَاليَومَ أَخرُجُ مِن شَبابي الريقِ
سَأَطيرُ عَنها في غَدٍ بِحَشاشَةٍ / مَكلومَةٍ وَبِناظِرٍ مُغرَورِقِ
وَيَغيبُ عَنّي طَودُها وَقِبابُها / وَقُصورُها خَلفَ الفَضاءِ الأَزرَقِ
وَتَظَلُّ صورَتُها تَلوحُ لِخاطِري / بَعضُ الرُأى سَلوى وَإِن تَصدُقِ
أَمسَت ثِيابي وَكُلُّها خِرَقُ
أَمسَت ثِيابي وَكُلُّها خِرَقُ / تُشبِهُ رَوضاً أَلوانُهُ فِرَقُ
مِن أَزرَقٍ كَالسَماءِ اوَرَهُ / أَحمَرٌ قانٍ كَأَنَّهُ الشَفَقُ
وَأَبيَضٍ ناصِعٍ وَأَسوَدٍ فا / حِمٍ فَذاكَ الضُحى وَذا الغَسَقُ
كَأَنَّ قَوسَ السَحابِ باتَ عَلى / جِسمي رِداءً وَما أَنا الأُفُقُ
بَردٌ عَجيبٌ قَد خاطَهُ لَبِقٌ / فَلَيسَ بِدعاً إِن حازَهُ لَبِقُ
لَمّا تَنَكَّرتُ لَم يَعُد صُحُبي / يَدرونَ أَنّي الصَديقُ إِن رَمَقوا
لِذاكَ لَم يَشفَقوا عَلى جَسَدي / مِنَ الرمايا وَلَو دَرَوا شَفِقوا
مَرَرتُ بِالحانِقينَ فَاِبتَسَموا / لَمّا رَأَوني وَكُلُّهُم قَلِقُ
لَو عَلِموا أَنَّني عَدُوَّهُمُ / أَوشَكَ يَقضي عَلَيهُمُ الفَرَقُ
أَرخى الدُجى ذَيلَهُ وَرُحتُ أَجُرُّ / الذَيلَ عُجباً وَغَيرِيَ النَزِقُ
وَالجَمعُ حَولي يَضُجُّ مُبتَهِجاً / كَأَنَّهُ لسَيلُ حينَ يَندَفِقُ
تَأَلَّبوا كَالغَمامِ وَاِتَّصَلوا / نَعضٌ بِبَعضٍ كَأَنَّهُم حَلَقُ
وَاِنتَشَروا وَالدُروبُ واسِعَةٌ / كَالأَنجُمِ الزُهرِ حينَ تَنبَثِقُ
أَطلَقتُ نَفسي مِنَ القُيودِ إِلى / أَن صُرتُ كَالسَهمِ حينَ يَنطَلِقُ
وَبِتُّ وَالقَومُ كُلَّما اِجتَمَعوا / رَمَيتُهُم بِالبُذورِ فَاِفتَرَقوا
أَسخَرُ مِنهُم لِأَنَّهُم سَخِروا / مِنّي اِختَلَفنا وَنَحنُ نَتَّفِقُ
وَالحَربُ بَيني وَبَينَهُم نَشَبَت / حَربٌ وَلَكِن سِهامَها الوَرَقُ
فَلا رِماحٌ هُناكَ مُشرَعَةٌ / وَلا سُيوفٌ هُناكَ تُمتَشَقُ
لَم أَخشَ غَيرَ الحِسانِ ناظِرَةً / أَشَدُّ فِعلاً مِنَ الظُبى الحَدَقُ
هَذا هُوَ الكَرنَفالُ فَاِستَبِقوا / إِلَيهِ فَهوَ السُرورُ يُختَلَقُ
أبا الشعب إطلع من حجابك يلتقي
أبا الشعب إطلع من حجابك يلتقي / بطرفك مثل العارض المتخرق
جماهير لا يحصى اليراع عديدها / هي الرمل إلا أنه لم ينسق
هو الشعب قد وافاك كالبحر زاخرا / وكالجيش يقفو فيلق إثر فيلق
تطلّع تجده حول قصرك واقفا / يحدّق تحديق المحبّ لوفّق
لقد لبسته الأرض حليا كأنهما / أياديك فيه لم تزل ذات رونق
وألقت عليه الشمس نظرة عاشق / غيور تلقّاها بنظرة مشفق
يهش لمرآك الوسيم وإنّما / يهش لمرآى الكوكب المتألّق
ويعشق منك البأس والحلم والنّدى / كذاك من ينظر إلى الحسن يعشق
يكاد به يرقى إليك اشتياقه / فيا عجبا بحر إلى البدر يرتقي
تفرّق عنك المفسدون وطالما / رموا الشعب بالتفريق خوف التفرّق
وكم أقلقوا في الأرض ثمّ تراجعوا / يقولون شعب مقلق أيّ مقلق
وكم زوّروا عنه الأراجيف وادّعوا / وأيّدهم ذيّاكم الزاهد التقي
لمن يرفع الشكوى؟ وقد وقفوا له / على الباب بالمرصاد فاسأله ينطق
وأما ولا واش ولا متجسس / فقد جاء يسعى سعي جذلان شيّق
يطارحك الحبّ الذي أنت أهله / وحسبك منه الحبّ غير مزوّق
وها جيشك الطامي يضجّ مكبرا / بما نال من عهد لديك وموثق
يطأطىء إجلالا لشخصك أرؤسا / يطأطىء إجلالا لها كلّ مفرق
لهام متى تنذر به الدهر يصعق / وإن يتعرّض للحوادث تفرّق
يفاخر بالسّلم الجيوش وإنّه / لأضربها بالسيف في كلّ مأزق
وأشجعها قلبا وأكرمها يدا / إذا قال لم يتّرك مجالا لأحمق
ألا أيها الجيش العظيم ترّفقا / ملكت قلوب الناس بالعرف فاعتق
ويا أيها الملك المقيم(بيلدز) / أرى كلّ قلب سدّة لك فارتق
ألا حبّذا الأجناد غوثا لخائف / ويا حبّذا الأحرار وردا لمستق
ويا حبّذا عيد الجلوس فإنّه / أجلّ الذي ولّى وأجمل ما بقي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025