المجموع : 7
يا أخت زاهرة الربى كم قبلة
يا أخت زاهرة الربى كم قبلة / من عاشق وتحية من شيق
لم أنس حين دخلت روضك غدوة / والزهر بين مزور ومشقق
فقطفت أول قبلة من وردة / ورشفت أول مبسم من زنبق
لى فيك عند المنحنى وعقيقه / ذكرى تطوف بالجنون وتستقى
غذيت ماضيها بأكثر ما مضى / من صبوتى واليوم جئت بما بقى
بأخى هوى متماسك فى أضلعى / سمح على شيع الجمال مفرق
شقت مرائره أسى وتأوهاً / أن فاته الحسن الذى لم يخلق
ما كان ضر الله أو سعف الصبا / فأطال فى أجل الشباب الريق
ذهبت بنضرته مكافحة الهوى / حتى ارعوى عن أغصن لم تورق
مازلت أتبع الجمال فلم أجد / حسناً يدوم وجدة لم تخلق
إلاك يا ضهر الشوير فأنت من / حدث الليالى والخلود بموثق
حسدت محاسنك الربى فتأوهت / غدرانها فى جفنها المغرورق
أفشامخ منها بمفرق تائه / ولأنت أجمل وردة فى مفرق
صلى لك الوادى برهبة ناسك / وضباب مبخرة وهامة مطرق
وأبو الربى صنين قام كشمعة / بيضاء تمعن فى السحاب وترتقى
يتوقد النجم السنى برأسها / فترى بوادر دمعها المترقرق
لك فى السماء نجومها فتلثمى / وعلى المهاد زهورها فتمنطقى
وعليك من وشى الحضارة مطرف / رفت عليه صنعة المتأنق
فإذا ودعت فرقة وتعفف / وإذا زهوت ولا أخال فأخلق
إيه فتى لبنان كم من وقعة / لك فيه بين مغيبه والمشرق
والأفق أكدر والخطوب حواسر / والظلم ينتخب الكرام وينتقى
نصبوا لك التمثال قسط مجاهد / من قومه وشهادة لمحقق
فخلدت فى الدنيا وأنت بأختها / مازلت بين مكذب ومصدق
إنى ذكرتك والظلام مخيم / وبراعم الأقلام لم تتفتق
أيام أطيب أن تعللنا المنى / تفريج مكروب ونهضة موثق
واليوم نحن ولا أخالك جاهلاً / أسلاب معركة ورزق موفق
أسرى ولا أطواق فى أجيادنا / ليس الحمام جميعه بمطوق
أَلمها أهدت إليها المقلتين
أَلمها أهدت إليها المقلتين / والظبا أهدت إليها العنقا
فهما في الحسن أسنى حليتين / للعذراى، جل من قد خلقا
ودرى الروض بتين المنحتين / وقديماً يعشق الروض الحسان
فكسا بالورد منها الوجنتين / وكسا مبسمها بالأقحوان
ورمى في صدرها رمانتين / من رآى الرمان فوق الخيزران
فهما في صدرها كالموجتين / أي صب ما تمنى الغرقا؟
أو هما وليسلما كالتوأمين / كلما همت بأمر قلقا
ورآها الليل فأختار المقام / ولقد طاب له - في شعرها
وصبا الفجر فأضحى ، حين هام / بهواها، درة في ثغرها
فإذا مي كما شاء الغرام / ما نجا ذو صبوة من أسرها
غير أن الطهر للحسناء زين / أنزلته قلبها فاستوثقا
فإذا خافا افتراق الصاحبين / ذكرا عهدهما فاعتنقا
هكذا فلتكن الغيد الحسان / عفة في رقة في أدب
ذلك الكنز الذي لا يستهان / أين من ذلك كنز الذهب
وحلى كانت على صدر الزمان / فاستباحتها نساء العرب
فروت عنها ليالي الرقمتين / خير ما يروى ، وغزلان النقا
فشهدنا من لقاء العاشقين / كل ما يجمل في عين التقى
هل رأيت الورد في الوعر نما / فبدا للعين شيئاً عجبا
وردة ، صارت بها الأرض سما ، / عندما لاحت عليها كوكبا
منعت مبسمها الناس ، وما / منعته عن نسيمات الصبا
هكذا مي نمت في أبوين / خلفاها وأخاها للشقا
واستراحا بعد ذا في حفرتين / واباحا جفن مي الأرقا
رب، إن الكون مهما عظما / هو في عينيك لا يحسب شي
قدرة ذلت لديها العظما / كلهم فان وسبحانك حي
ألأمر ضل عنه الحكما / شئت يا ربي أن توجد مي
وأخاها، وهو دون السنتين / لم يكد يحسن بعد النطقا
وأثرت الحرب ملء الخافقين / فغدا الكون بها منصعقا
رب، لو شئت لما سالت دما / أمرك الأمر فمن ذا ينكر
ولما يتم من قد يتما / ولما استل السلاح العسكر
رب، إن نحن بلغنا الهرما / أو يكن حان الذي ينتظر
مر، ولا كفران، ذين الكوكبين / يخرقا الناموس أو يحترقا
واسترح منا، فنغدو بعد عين / أثراً لا بد أن ينمحقا
واخلق الإنسان خلقاً راقيا / واقتل البغض به والكبرياء
واجعل الحب إلهاً ثانياً / واسجن المال ولا تبق الرياء
وليكن كل امتياز لاغيا / يخرج الناس على حد سواء
رب، هل من نصفة في ولدين / خرجا من مصدرين افترقا
فإذا الموسر يكسى حلتين / بينما المعسر يكسى الخرقا
من ترى يشرح لي ذنب الفقير / أو ترى يظهر لي فضل الغني
يرثان البؤس والعيش النضير / ويقيمان معاً في الكفن
أفهذي حكمة الله القدير؟ / لا وجل الله عن هذا الغبن
إنما هذين مثل البذرتين / نثرا في الأرض حتى انبثقا
فكسا المقدور تين النبتتين / هذه قبحاً وهذي رونقا
ضاق جوبيتير صدراً، فانبرى / يتمشى في فراديس الجنان
فبدا أهيب شيء منظرا / وعليه حلة من أرجوان
ورمى الأرض منه نظرا / فرأى الهول وأنواع الهوان
ملعباً للشر، ما من صالحين / فوقها أو أخوين اتفقا
فرمى غيظاً عليها جمرتين / فتلظت وتلظا حنقا
إنها الحرب .. ولم تترك على / سطحها إلا جسوماً باليه
ونفوساً حوماً حول البلى / تتمشى في صدور خاويه
تشتكي الجوع وتقري العللا / عجباً منها جياعاً قاريه
وشكا لبنان منها علتين / حاكماً جلفاً وعيشاً ضيقا
وأموراً لو أصابت جبلين / رسخا فوق الثرى ، لانسحقا
ضرب الجوع بصمام رهيف / فإذا قتلاه ملْ السبل
موقف أمسى به نيل الرغيف / أملاً ، أكذب به من أمل
ويح مي وهي من جنس ضعيف / ما لها بقايا المنزل
وثياب لا تساوي ورقتين / رحم الرحمان ذاك الورقا
ليتها كانت تساوي ذهبين / علها كانت تسد الرمقا
مي، ما السحر سوى ما رسمت / ريشة المبدع في هذي العيوم
لم تصادف مهجة إلا رمت / وأصابت ، هكذا الفتك يكون
فهي لو رقت لمن قد تيمت / وأباحت ذلك الثغر المصون
لجرى التبر إليها واللجين / وكلا الإثنين يبغي السبقا
ومشت من زهوها في موكبين / وحنا الرغد لديها العنقا
في سكون الليل والناس نيام / وفؤاد الكون محموم كئيب
وعلى النجم من الغيم لئام / وهلال الأفق في حضن المغيب
رن في أذن الدجى صوت غلام / وأجابته فتاة بالنحيب
فأسال الأفق منه دمعتين / أترى ذلك أبكى الأفقا؟
ورنا البدر لذين البائسين / فتلظى لوعة فانفلقا
إيه يا ليل، فهذا بيت مي ، / طرق الباب .. فمن زور الدجى
إفتحي. قالت: من الآتي إلي؟ / أنا. من أنت؟ أجابتها: رجا
لم يمر اسم رجا في أذني / أترى تحسب بيتي ملتجا؟
رددت في النفس تين الكلمتين / ومشت تنظر من قد طرقا
فإذا شمطاء تطلي الوجنتين / وينث الطبيب عنها العبقا
يا ابنتي لا تجزعي ، ثم رنت / وانحنت كالأم فوق الولد،
قوتلت هذي الليالي كم جنت / ما عفت - لا عوفيت - عن أحد
ولدي أنت، ولما طعنت / ولدي قد طعنت في كبدي
ما حرام أن أرى هذا الغصين / ذاوياً من بعد ما قد أورقا
وهو لو شاء لأجرى نبعتين / من ينابيع الأماني واستقى
أنا لو شئت؟ لماذا لا أشا / من يطيق الجوع من يهوى السقام
فأخي قد نام من دون عشا / وأنا ما ذقت في يومي طعام
من لهذا القلب أن ينتعشا ؟ / خففي عنك فما مات الكرام
وندى الحاكم يزري المزنتين / فمتى تستمطريه أغدقا
أترى يرحمنا ؟ - سوف ترين / فاستريحي ... وغداً يوم اللقا
أرقت مني كأن الأملا ، / حين نامت ، سارق الجفن الغرارا
فستحال الحزن فيها جذلاً / واستمد القلب منها فاستنارا
حسبتهما نعمة من ذي العلى / من رأى أطهر من قلب العذارى
منح الله العذارى ملكين / يحرسان الطهر كي لا يسرقا
فلذا يشعر من هم بشين / بجناح حولها قد خفقا
لمن القصر بدت فيه الشموس / فعلى وجه الدجى منه نهار
وأديرت في مغانيه الكؤوس / مزجوا فيها رضاباً بعقار
هو كالدنيا: سعود ونحوس / والبرايا منه في ماء ونار
يسبح النذل به في لجتين / ويقاسي الحر منه الحرقا
فمتى ينصف بين الرجلين / إن الإنصاف باباً مغلقا
لا رعاك الله يا قصر ولا / سالم الدهر ولا جاد الغمام
فدماء الشهدا هذي الطلا / وعواميدك من تلك العظام
فاعتصرها أكبداً أو مقلاً / وترشفها غراماً وعرام
تستقي الرغد وتسقي كأس حين / وترى مصطبحاً مغتبقا
فكلانا أبداً في سكرتين / للهنا كأس وكأس للشقا
أيها الناس الألى خاطوا الكفن / لفقير ، كي يفوزوا بالثراء
هب ورثتهم بعده الأرض فمن / يصلح الأرض لكم يا أغنياء
فإذا طاح بذي الفقر الزمن / فالغنى إن يشمل الناس عناء
من روى فيما روى عن حاجزين / يمنعان الماء أن يندفقا
حرما الظمآن بل الشفتين / وأقاما يشكوان الغرقا
وقفت مي بباب الحاكم / كملاك الله مقصوص الجناح
وقفت ، عطشى كطير حائم / حول ماء يحسب الورد مباح
وتخطته برجلي صائم / أو برجلي ثمل من غير راح
وهي لو أن لديها كسرتين / لثنتها عزة عن ذا اللقا
إنما يأس الفتى ليس بهين / لا يبالي يائس أن يخفقا
مي يا أخت الغزال النافر / خبرينا إن ضيعت النفورا
يا ضيا وجه الصباح الطاهر / كيف يبقى ذلك الوجه طهورا
يا أسيراً تحت حكم الآسر / هكذا الآسر يرضى أن تسيرا
سر.. فسارت خطوة أو خطوتين / فإذا الباب عليها أغلقا
قال: أهلاً ... ثم مد الراحتين / ثم
رب! قل للجوع يصبح شبعا / وانقذ الطهر الذي قدسته
أو مر الفسق فيغدو ورعا / إن يكن شراً فلما أوجدته
طبعته قدرة فانطبعا / أي شيء أنت ما قدرته
ملك حطمت منه الجانحين / فهوى من بعد ما قد حلقا
ما ترى بفعل مكتوف اليدين / أترى يقدر أن لا يغرقا؟
يا سما قولي لنا الإنصاف أين / أتراه ضل عنا الطرقا؟
إني ذكرتُكَ والظلامُ مخَيِّمٌ
إني ذكرتُكَ والظلامُ مخَيِّمٌ / وبراعمُ الاقلامِ لم تِتِفَتَّقِ
والأفقُ أكدَرُ والخطوبُ حواسِرٌ / والظلم ينتخبُ الكرام وينتقي
أيام أطيبُ ما تعِلّلنا المنى / تفريجُ مكروب ونهضةُ موثَقِ
واليوم نحن ولا إخالك جاهلا / أسلابُ معركة ورزقُ موفّق
أسرى ولا أطواق في أجيادنا / ليسَ الحمام جميعهُ بمُطَوّقِ
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه / وتوالت صبابةً وعناقا
واستثار الأرواح في الملإِ الأعلى / فأتلَعنَ نحوضهُ الأعناقا
يتضاربنَ بالجوانح تزحاما / ويمعِنّ في الفضاءِ سباقا
ومشى بالدنان حورٌ وولدانٌ / عصَرنَ الخدود والأحداقا
ونَثَرنَ الأزهار مما كسا الروضَ / ومما كسا القدود الرشاقا
وهزَزنَ النهودَ من خلَلِ الوشيِ / ولَملمن ما أحاط الساقا
فتغنى وشبَب المتنبي / وتصابى الصابي أبو إسحقَ
مرحبا روح حافظ دونكِ الخلدُ / عيونا وأكؤُساً ورفاقا
وأكليل من زنود وأجياد / كما هجت جدولا رقراقا
شاعر النيل خذ بناصية النجم / وداعب جبينهُ البراقا
وتملّ الأحلام في الكاس غرقى / عاريات وبعضها عشاقا
أو فعد للحقول دغدغ بها / الزهر ونبّه في صدرها الأشواقا
أنت والنيل ضفتان لمصرٍ / تنبتان الأذواق والأرزاقا
شاعر يحصد الهموم وينمي / في الندامى بشاشة واطلاقا
وهل الشعر غير ما امتلك / النفس فحلى كاسا وحل وثاقا
ما نسينا لك القصائد حمرا / قطع الشرق دونها الأطواقا
فغسلت الجراح بالسلسل العذبد / وصيرت كل خلف وفاقا
ودوى صوتك النذير بمصر / فإذا الشرق عنده يتلاقى
لاهثا في الحديد رنحهُ الظلم / كما رعت حالما فاستفاقا
أو كسربٍ من الحمام نهيك / أثخَنتهُ يد النوى إرهاقا
يزرعُ الريش في المفاوز جمرا / مثل زرع العواصل الأوراقا
وقديما بكى العباقر لبنانٌ / وروّى الآداب والأخلاقا
وكسا يعربا سموطا من الإبداع / زادت جبينه إشراقا
كم محب على ثرى مصر منّا / ذوّب الروح في الهوى وأراقا
فمن الغي أن تدور بنا الكأس / فلا نلتقي ولا نتساقى
كم ضحكةٍ تشكو الشفاهُ أوارَها
كم ضحكةٍ تشكو الشفاهُ أوارَها / تبدو لعينكَ ديمَةً تتَرقرَقُ
ومُصَفّقٍ بيدَيهِ قلتُ له اتَّئِد / أو خلّ قلبكَ في الضلوع يُصَفقُ
عجباً لشاعرِ أمةِ حسناتهُ / في جيدها ويكافَأُ المتَمَلِّقُ
ولسان صدق لم يزايل غمدَهُ / إلا ومن قتلاهُ رأيٌ أحمقُ
وشمائلٌ حسدَ الضحى لمعانها / وكسا الرياض أريجها والرونقُ
نفس الكريم على الخصاصةِ والأذى / هي في الفضاء مع النسور تحلّق
ويح الفقير فما تراه يلاقي
ويح الفقير فما تراه يلاقي / سُدّت عليه منافذُ الأرزاق
عصفت به وبريحه سرب الشقا / فتساقطوا كتساقط الأوراق
فإذا بصرت به عجبت لشمعة / كالزعفران تجول في الأسواق
أخذ الشقا يدها فسارت خلفه / والليل ممدود على الآفاق
وتلوح آثار النعيم بخدها / كالفجر قبل تكامل الإشراق
يا رب قالت وهي جاثية له / إن شئت حلّ من الحياة وثاقي
قد عشت عمري ما عرفت بريبة / وعبدت بعدك عفتي وخلاقي
والآن والأيام ملأى بالأذى / قد أصبحت وقرا على الأعناق
زوجي يحارب في التخوم وطفلتي / فوق الفراش تزيد في إرهاقي
من أمها تبغي الغذاء لجسمها / من أمها تبغي الدواء الواقي
وطرقت أبواب الكرام فأوصدوا / أبوابهم فرجعت بالإخفاق
سام الفتى عرضي فيالك من فتى / كاسي الغنى عار عن الأخلاق
هب أن أختك والزمان أصابها / مثلي أصابت سافل الأعراق
أفكان سرك أن ترى إحسانه / ثمن العفاف لضمة وعناق
إن الريال غنى ولكن عفتي / فوق الغنى ونفائس الأعلاق
أأصون عرضي وابنتي وحياتها / وعلاجها يحتاج للإنفاق
أنا إن أعف قتلتها فعلام / لا تحيا بماء تعففي المهراق
لا لا تموت فإنها لبريئة / حسناء ما شبت عن الأطواق
إني مفارقة ابنتي أو عفتي / فعلى كلا الحالين مرّ فراق
والذنب للأيام في حدثانها / والذنب للأخلاق غير رواقي
رباه حلمك فالمصائب جمة / وأنا بواحدة يضيق نطاقي
لو شئتُ موتا لابنتي لأخذتها / وجعلت طهري قدوة لرفاقي
لكن أردت بقاءها وأردت لي / فقري أتظمئني وأنت الساقي
ستعيش بنتي وليكن ما شأته / ستعيش لكن من لهى العشاق
ومشت لموعده بماء جفونها / القرحى وجمر فؤادها الخفاق
لو صوروا اللؤم الذميم فمثلوا / ذاك الفتى عدّوا من الحذاق
ترعى السفالة في مجاهل قلبه / وتطل إن شبعت من الآماق
ومتى يحاول حجب مكنوناته / يلبس محياه حجاب نفاق
حتى إذا اختليا انثنى بوصالها / وقد انثنت برياله البراق
قنص الفتاة بفقرها وشقائها / وبما تكابد من أسى وتلاقي
رجعت وفي يدها الريال ورأسها / لحيائها متواصل الإطراق
وكأنها خطرت لها ابنتها وما / تلقاه من ألم الطوى المقلاق
فأصابها مثل الجنون فتمتمت / بشراك إني عدت بالترياق
هو ذا الريال فإنه نعم الذي يهب / الشفاء لنا ونعم الراق
هو ذا الريال وقد تألق ماحق / دجن الهموم وقد أردن محاقي
هو ذا الريال ولم يكن لولا ابنتي / ليسومني نكراً على الإطلاق
ومضت إلى الطباخ تلجم ما بها / لفتاتها من لاعج الأشواق
قالت وأعطته الريال ألا اعطتني / بعض الغذا واردد علي الباقي
أسرع فإنك إن تأخرني تذق / من جوعها بنتي أمر مذاق
نقف الريال بإصبعيه وجسّه / وإنهال بالإرعاد والإبراق
قبحا لوجهك.... سيدي أتسبني! / عفوا وتحسبني من السراق
لا فالريال مزيف ...أمزيف؟ / صاحت وقد سقطت من الإرهاق
سقطت على قدم الشقا فبكت لها / عين العلى ومكارم الأخلاق
وبكى عفاف الآنسات عفافها / خلل السجوف بمدمع مهراق
يا طير عفتها فديتك طائرا / هلا حذرت حبائل الفساق
طلعت عليها الشمس وهي سجية / وفتاتها ضيف على الأسواق
أما الأثيم فلا تزال شباكه / منصوبة لنواعس الأحداق
يسقي الرحيق بأكؤس ولواحظ / والله يكلأ (وهو نعم الواقي)
قلبٌ بخيط رجائه يتعلَّق
قلبٌ بخيط رجائه يتعلَّق / قعد العياءُ به وقلَّ المشفق
ناداك والرَّمق الأخير بصدره / أمل يُودِّعُ أو شراعٌ يغرق
مُدِّي يمينك كالمسيح فربَّما / بُعِث الدَّفين وعاد حيّاً يرْزق
يا خفقة الأمل الأخير تمهَّلي / فلعلَّ من تأْسو الجراح تُوَفَّقُ
في دمع بسمتها وفي صلواتها / نُعْمَى تُطلُّ على العزاء وتشرق
أنا لا أمُنُّ، رضيت أنِّي طيرها ال / شّادي، وأنِّي جفْنُها المغْرَوْرِقُ