المجموع : 18
وَعَدَ الزِيارَةَ طَرفُهُ المُتَمَلِّقُ
وَعَدَ الزِيارَةَ طَرفُهُ المُتَمَلِّقُ / وَتَلافُ قَلبي مِن جُفونٍ تَنطِقُ
إِنّي لَأَهوى الحُسنَ حَيثُ وَجَدتُهُ / وَأَهيمُ بِالقَدِّ الرَشيقِ وَأَعشَقُ
وَبَلِيَّتي كَفَلٌ عَلَيهِ ذُؤابَةٌ / مِثلُ الكَثيبِ عَلَيهِ صِلٌّ مُطرِقُ
ياعاذِلي أَنا مَن سَمِعتَ حَديثَهُ / فَعَساكَ تَحنو أَو لَعَلَّكَ تَرفُقُ
لَو كُنتَ مِنّا حَيثُ تَسمَعُ أَو تَرى / لَرَأَيتَ ثَوبَ الصَبرِ كَيفَ يُمَزَّقُ
وَرَأَيتَ أَلطَفَ عاشِقَينِ تَشاكَيا / وَعَجِبتَ مِمَّن لا يُحِبُّ وَيَعشَقُ
أَيَسومُني العُذّالُ عَنهُ تَصَبُّراً / وَحَياتِهِ قَلبي أَرَقُّ وَأَشفَقُ
إِن عَنَّفوا أَو خَوَّفوا أَو سَوَّفوا / لا أَنثَني لا أَنتَهي لا أَفرَقُ
أَبَداً أَزيدُ مَعَ الوِصالِ تَلَهُّفاً / كَالعِقدِ في جيدِ المَليحَةِ يَقلَقُ
وَيَزيدُني تَلَفاً فَأَذكُرُ فِعلَهُ / كَالمِسكِ تَسحَقُهُ الأَكُفُّ فَيَعبَقُ
يا قاتِلي إِنّي عَلَيكَ لَمُشفِقٌ / يا هاجِري إِنّي إِلَيكَ لَشَيِّقُ
وَأَذاعَ أَنّي قَد سَلَوتُكَ مَعشَرٌ / يا رَبِّ لا عاشوا لِذاكَ وَلا بَقوا
ما أَطمَعَ العُذّالَ إِلّا أَنَّني / خَوفاً عَلَيكَ إِلَيهِمُ أَتَمَلَّقُ
وَإِذا وَعَدتُ الطَرفَ فيكَ بَهجَعَةٍ / فَاِشهَد عَلَيَّ بِأَنَّني لاءَصدُقُ
فَعَلامَ قَلبُكَ لَيسَ بِالقَلبِ الَّذي / قَد كانَ لِيَ مِنهُ المُحِبُّ المُشفِقُ
وَأَظُنُّ خَدَّكَ شامِتاً بِفِراقِنا / فَلَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَهوَ مُخَلَّقُ
وَلَقَد سَعَيتُ إِلى العَلاءِ بِهِمَّةٍ / تَقضي لِسَعيِي أَنَّهُ لايُلحَقُ
وَسَرَيتُ في لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَهُ / مِن فَرطِ غيرَتِها إِلَيَّ تُحَدِّقُ
حَتّى وَصَلتُ سُرادِقَ المَلِكِ الَّذي / تَقِفُ المُلوكُ بِبابِهِ تَستَرزِقُ
وَوَقَفتُ مِن مَلِكِ الزَمانِ بِمَوقِفٍ / أَلفَيتُ قَلبَ الدَهرِ فيهِ يَخفِقُ
فَإِلَيكَ يا نَجمَ السَماءِ فَإِنَّني / قَد لاحَ نَجمُ الدينِ لي يَتَأَلَّقُ
الصالِحُ المَلِكُ الَّذي لِزَمانِهِ / حُسنٌ يَتيهُ بِهِ الزَمانُ وَرَونَقُ
مَلِكٌ يُحَدِّثُ عَن أَبيهِ وَجَدِّهِ / سَنَدٌ لَعَمرُكَ في العُلى لايُلحَقُ
سَجَدَت لَهُ حَتّى العُيونُ مَهابَةً / أَوَما تَراها حينَ يُقبِلُ تُطرِقُ
رَحبُ الجَنابِ خَصيبَةٌ أَكنافُهُ / فَلَكَم سَديرٌ عِندَها وَخَوَرنَقُ
فَالعَيشُ إِلّا في ذَراهُ مُنَكَّدٌ / وَالرِزقُ إِلّا مِن يَدَيهِ مُضَيَّقُ
ياعِزَّ مَن أَضحى إِلَيهِ يَنتَمي / وَعُلوَّ مَن أَمسى بِهِ يَتَعَلَّقُ
أَقسَمتُ ما الصُنعُ الجَميلُ تَصَنُّعٌ / فيهِ وَلا الخُلُقُ الكَريمُ تَخَلُّقُ
يَدعو الوُفودَ لِمالِهِ فَكَأَنَّما / يَدعو عَلَيهِ فَشَملُهُ يَتَفَرَّقُ
أَبَداً تَحِنُّ إِلى الطِرادِ جِيادُهُ / فَلَها إِلَيهِ تَشَوُّفٌ وَتَشَوُّقُ
يُبدي لَسَطوَتِهِ الخَميسُ تَطَرُّباً / فَالسُمرُ تَرقُصُ وَالسُيوفُ تُصَفِّقُ
في طَيِّ لامَتِهِ هِزبَرٌ باسِلٌ / تَحتَ العَريكَةِ مِنهُ بَدرٌ مُشرِقُ
يُروي القَنا بِدَمِ الأَعادي في الوَغى / فَلِذاكَ تُثمِرُ بِالرُؤوسِ وَتورِقُ
يَمضي فَيَقدُمُ جَيشَهُ مِن هَيبَةٍ / جَيشٌ يَغُصُّ بِهِ الزَمانُ وَيَشرَقُ
مَلَأَ القُلوبَ مَهابَةً وَمَحَبَّةً / فَالبَأسُ يُرهَبُ وَالمَكارِمُ تُعشَقُ
سَتَجوبُ آفاقَ البِلادِ جِيادُهُ / وَيُرى لَهُ في كُلِّ فَجٍّ فَيلَقُ
لَبَّيكَ يا مَن لا مَرَدَّ لِأَمرِهِ / وَإِذا دَعا العَيّوقُ لا يَتَعَوَّقُ
لَبَّيكَ يا خَيرَ المُلوكِ بِأَسرِهِم / وَأَعَزَّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
لَبَّيكَ أَلفاً أَيُّها المَلِكُ الَّذي / جَمَعَ القُلوبَ نَوالُهُ المُتَفَرِّقُ
وَعَدَلتَ حَتّى مابِها مُتَظَلِّمٌ / وَأَنَلتَ حَتّى مابِها مُستَرزِقُ
أَنا مَن دَعَوتَ وَقَد أَجابَكَ مُسرِعاً / هَذا الثَناءُ لَهُ وَهذا المَنطِقُ
أَلفَيتُ سوقاً لِلمَكارِمِ وَالعُلى / فَعَلِمتُ أَنَّ الفَضلَ فيهِ يَنفُقُ
يا مَن إِذا وَعَدَ المُنى قُصّادَهُ / قالَت مَواهِبُهُ يَقولُ وَيَصدُقُ
يا مَن رَفَضتُ الناسَ حينَ لَقيتُهُ / حَتّى ظَنَنتُ بَأَنَّهُم لَم يُخلَقوا
قَيَّدتُ في مِصرٍ إِلَيكَ رَكائِبي / غَيري يُغَرِّبُ تارَةً وَيُشرِقُ
وَحَلَلتُ عِندَكَ إِذ حَلَلتُ بِمَعقِلٍ / يُلقى لَدَيهِ مارِدٌ وَالأَبلَقُ
وَتَيَقَّنَ الأَقوامُ أَنِّيَ بَعدَها / أَبَداً إِلى رُتَبِ العُلى لا أَسبِقُ
فَرُزِقتُ مالَم يُرزَقوا وَنَطَقتُ ما / لَم يَنطِقوا وَلَحِقتُ مالَم يَلحَقوا
أَتاني كِتابٌ مِنكَ يَحمِلُ أَنعُماً
أَتاني كِتابٌ مِنكَ يَحمِلُ أَنعُماً / وَما خِلتُ أَنَّ البَحرَ تَحويهِ أَوراقُ
وَإِنّي عَلى ذاكَ الجَميلِ لَشاكِرٌ / وَإِنّي إِلى ذاكَ الجَمالِ لَمُشتاقُ
أَخَذتُ عَلَيهِ بِالمَحَبَّةِ موثِقاً
أَخَذتُ عَلَيهِ بِالمَحَبَّةِ موثِقاً / وَمازالَ قَلبي مِن تَجَنّيهِ مُشفِقا
وَقَد كُنتُ أَرجو طَيفَهُ أَن يُلِمَّ بي / فَأَسهَرَني كَي لا يُلِمَّ وَيَطرُقا
وَلي فيهِ قَلبٌ بِالغَرامِ مُقَيَّدٌ / لَهُ خَبَرٌ يَرويهِ دَمعِيَ مُطلَقا
كَلِفتُ بِهِ أَحوى الجُفونِ مُهَفهَفاً / مِنَ الظَبيِ أَحلى أَو مِنَ الغُصنِ أَرشَقا
وَمِن فَرطِ وَجدي في لَماهُ وَثَغرِهِ / أُعَلِّلُ قَلبي بِالعُذيبِ وَبِالنَقا
كَذَلِكَ لَولا بارِقٌ مِن جَبينِهِ / لَما شِمتُ بَرقاً أَو تَذَكَّرتُ أَبرَقا
وَلي حاجَةٌ مِن وَصلِهِ غَيرَ أَنَّها / مُرَدَّدَةٌ بَينَ الصَبابَةِ وَالتُقى
خَليلَيَّ كُفّا عَن مَلامَةِ مُغرَمٍ / تَذَكَّرَ أَيّاماً مَضَت فَتَشَوَّقا
وَلا تَحسِبا قَلبي كَما قُلتُما سَلا / وَلا تَحسِبا دَمعي كَما قُلتُما رَقا
فَما اِزدادَ ذاكَ القَلبُ إِلّا تَمادِياً / وَما اِزدادَ ذاكَ الدَمعُ إِلّا تَدَفُّقا
إِلى كَم أُرَجّي باخِلاً بِوِصالِهِ / وَحَتّى مَتى أَخشى القِلى وَالتَفَرُّقا
فَحَسبُ فُؤادي لَوعَةً وَصَبابَةً / وَحَسبُ جُفوني عَبرَةً وَتَأَرُّقا
عَلى أَنَّها الأَيّامُ مَهما تَداوَلَت / سُرورٌ تَقَضّى أَو جَديدٌ تَمَزَّقا
وَلَستَ تَرى خِلّاً مِنَ الغَدرِ سالِماً / وَلا تَنتَقي يَوماً صَديقاً فَيَصدُقا
إِذا نِلتَ مِنهُ الوُدَّ كانَ تَكَلَّفاً / وَإِن نِلتَ مِنهُ البِشرَ كانَ تَمَلُّقا
وَمِمّا دَهاني حِرفَةٌ أَدَبِيَّةٌ / غَدَت دونَ إِدراكِ المَطالِبِ خَندَقا
وَإِن شَمَلَتني نَظرَةٌ صاحِبيَّةٌ / فَلَستُ أَرى يَوماً مِنَ الدَهرِ مُملِقا
وَزيرٌ إِذا ما شِمتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / فَدَع لِسِواكَ العارِضَ المُتَأَلِّقا
ذَمَمتُ السَحابَ الغُرَّ يَومَ نَوالِهِ / وَحَقَّرَ عِندي وَبلَها المُتَدَفِّقا
وَجَدتُ جَناباً فيهِ لِلمَجدِ مُرتَقىً / وَفيهِ لِذي الحاجاتِ وَالنُجحِ مُلتَقى
إِذا قُلتُ عَبدَ اللَهِ ثُمَّ عَنَيتَهُ / جَمَعتَ بِهِ كُلُّ التَعاويذِ وَالرُقى
يَقيكَ مِنَ الأَيّامِ كُلَّ مُلِمَّةٍ / وَيَكفيكَ مِن أَحداثِها ما تَطَرَّقا
وَكَم لَكَ فينا مِن كِتابٍ مُصَنَّفٍ / تَرَكتَ بِهِ وَجهَ الشَريعَةِ مُشرِقا
عَكَفنا عَلَيهِ نَجتَني مِن فُنونِهِ / فَعَلَّمَنا هَذا الكَلامَ المُؤَنَّقا
وَكَم شاعِرٍ وافى إِلَيكَ بِمَدحَةٍ / فَزَخرَفَها مِمّا أَفَدتَ وَنَمَّقا
فَإِن حَسُنَت لَفظاً فَمِن رَوضِكَ اِجتَنى / وَإِن عَذُبَت شُرباً فَمِن بَحرِكَ اِستَقى
فَلا زِلتَ مَمدوحاً بِكُلِّ مَقالَةٍ / تُريكَ جَريراً عَبدَها وَالفَرَزدَقا
وَما حَسُنَت عِندي وَحَقِّكَ إِذ غَدَت / هِيَ التِبرُ مَسبوكاً أَوِ الدُرُّ مُنتَقى
وَلا إِن جَرَت مَجرى النَسيمِ لَطافَةً / وَلا إِن حَكَت زَهرَ الرِياضِ المُعَبِّقا
وَلَكِنَّها حازَت مِنِ اِسمِكَ أَحرُفاً / كَسَتها جَمالاً في النُفوسِ وَرَونَقا
أَأَرحَلُ مِن مِصرٍ وَطيبِ نَعيمِها
أَأَرحَلُ مِن مِصرٍ وَطيبِ نَعيمِها / فَأَيُّ مَكانٍ بَعدَها لِيَ شائِقُ
وَأَترُكُ أَوطاناً ثَراها لِناشِقٍ / هُوَ الطيبُ لاما ضُمَّنَتهُ المَفارِقُ
وَكَيفَ وَقَد أَضحَت مِنَ الحُسنِ جَنَّةً / زَرابِيُّها مَبثوثَةٌ وَالنَمارِقُ
بِلادٌ تَروقُ العَينَ وَالقَلبَ بَهجَةً / وَتَجمَعُ مايَهوى تَقِيٌّ وَفاسِقُ
وَإِخوانَ صِدقٍ يَجمَعُ الفَضلُ شَملَهُم / مَجالِسُهُم مِمّا حَوَوهُ حَدائِقُ
أَسُكّانَ مِصرٍ إِن قَضى اللَهُ بِالنَوى / فَثَمَّ عُهودٌ بَينَنا وَمَواثِقُ
فَلا تَذكُروها لِلنَسيمِ فَإِنَّهُ / لِأَمثالِها مِن نَفحَةِ الرَوضِ سارِقُ
إِلى كَم جُفوني بِالدُموعِ قَريحَةٌ / وَحَتّامَ قَلبي بِالتَفَرُّقِ خافِقُ
فَفي كُلِّ يَومٍ لي حَنينٌ مُجَدَّدٌ / وَفي كُلِّ أَرضٍ لي حَبيبٌ مُفارِقُ
سَتَأتي مَعَ الأَيّامِ أَعظَمُ فُرقَةٍ / فَما لِيَ أَسعى نَحوَها وَأُسابِقُ
وَمِن خُلُقي أَنّي أَلوفٌ وَأَنَّهُ / يَطولُ اِلتِفاتي لِلَّذينَ أُفارِقُ
يُحَرِّكُ وَجدي في الأَراكَةِ طائِرٌ / وَيَبعَثُ شَجوي في الدُجَنَّةِ بارِقُ
وَأُقسِمُ مافارَقتُ في الأَرضِ مَنزِلاً / وَيَذكَرُ إِلّا وَالدُموعُ سَوابِقُ
وَعِندي مِنَ الآدابِ في البُعدِ مُؤنِسٌ / أُفارِقُ أَوطاني وَليسَ يُفارِقُ
وَلي صَبوَةُ العُشّاقِ في الشِعرِ وَحدَهُ / وَأَمّا سِواها فَهيَ مِنِّيَ طالِقُ
كَلامي الَّذي يَصبو لَهُ كُلُّ سامِعٍ / وَيَهواهُ حَتّى في الخُدورِ العَواتِقُ
كَلامي غَنِيٌّ عَن لُحونٍ تَزينُهُ / لَهُ مَعبَدٌ مِن نَفسِهِ وَمُخارِقُ
لِكُلِّ اِمرِئٍ مِنهُ نَصيبٌ يَخُصُّهُ / يُلائِمُ ما في طَبعِهِ وَيُوافِقُ
تُغَنّي بِهِ النُدمانُ وَهوَ فُكاهَةٌ / وَيُنشِدُهُ الصوفيُّ وَهوَ رَقائِقُ
بِهِ يَقتَضي الحاجاتِ مَن هُوَ طالِبٌ / وَيَستَعطِفُ الأَحبابَ مَن هُوَ عاشِقُ
وَإِنّي عَلى ما سارَ مِنهُ لَعاتِبٌ / أَلَيسَ بِهِ لِلبَينِ تُحدى الأَيانِقُ
وَما قُلتُ أَشعاري لَأَبغي بِها النَدى / وَلَكِنَّني في حِليَةِ الفَضلِ واثِقُ
أَأَطلُبُ رِزقَ اللَهِ مِن عِندِ غَيرِهِ / وَأَستَرزِقُ الأَقوامَ وَاللَهُ رازِقُ
لَعَلَّ اللَهَ يَجمَعُنا قَريباً
لَعَلَّ اللَهَ يَجمَعُنا قَريباً / فَنُصبِحُ في اِلتِئامٍ وَاِتِّفاقِ
أُحَدِّثَكُم بِأَعجَبَ ماجَرى لي / وَأَصعَبَ مالَقيتُ مِنَ الفِراقِ
وَأَشفَي غُلَّتي مِنكُم إِلَيكُم / فَإِنَّ الكُتبَ لاتَسَعُ اِشتِياقي
خَبَّأتُ لَكُم حَديثاً في فُؤادي / لَأُتحِفَكُم بِهِ عِندَ التَلاقي
وَأَعتِبُكُم عَلى ماكانَ مِنكُم / عِتاباً يَنقَضي وَالوُدُّ باقي
مَولايَ قُل لي أَينَ ما
مَولايَ قُل لي أَينَ ما / قَد كانَ مِن عَهدٍ وَثيقِ
حاشاكَ أَن تَنسى الَّذي / بَيني وَبَينَكَ مِن حُقوقِ
مامِثلُ وَجهِكَ ذا الجَمي / لِ يَكونُ مِن أَهلِ العُقوقِ
يَبدو فَيُشرِقُ لِلعُيو / نِ ضُحىً وَيُشرِقُني بَريقي
وَزَعَمتَ أَنَّكَ زائِري / فَتَرَكتَ عَيني لِلطَريقِ
وَجَعَلتَني أَبكي عَلَي / كَ مِنَ الغُروبِ إِلى الشُروقِ
لَو أَنَّ لي عَيناً تَنا / مُ قَنِعتُ بِالطَيفِ الطَروقِ
سَقياً لِأَيّامِ الوِصا / لِ وَذَلِكَ العَيشِ الأَنيقِ
أَفلَستُ ياسَيِّدي مِن الوَرَقِ
أَفلَستُ ياسَيِّدي مِن الوَرَقِ / فَاِبعَث بِدُرجٍ كَعِرضِكَ اليَقَقِ
وَإِن أَتى بِالمِدادِ مُقتَرِناً / فَمَرحَباً بِالخُدودِ وَالحَدَقِ
مَولايَ سَيَّرتُ ما أَمَرتَ بِهِ / وَهوَ يَسيرُ المِدادِ وَالوَرَقِ
وَعَزَّ عِندي تَسييرُ ذاكَ وَقَد / شَبَّهتَهُ بِالخُدودِ وَالحَدَقِ
وَرَكبٍ كَالنُجومِ عَلى نُجومٍ
وَرَكبٍ كَالنُجومِ عَلى نُجومٍ / مَرَقنَ مِنَ الفَلاةِ بِهِم مُروقا
سَرَينَ بِهِم كَأَنَّهُم نَشاوى / عَلى الأَكوارِ قَد شَرِبوا رَحيقا
وَضَوءُ الفَجرِ مِثلُ النَهرِ جارٍ / تَرى بَدرَ الدُجى فيهِ غَريقا
تَحُثُّ مَطِيَّنا الأَشواقُ مِنّا / وَنَقطَعُ بِالأَحاديثِ الطَريقا
بِروحِيَ مَن لا أَستَطيعُ فِراقَهُ
بِروحِيَ مَن لا أَستَطيعُ فِراقَهُ / وَمَن هُوَ أَوفى مِن أَخي وَشَقيقي
إِذا غابَ عَنّي لَم أَزَل مُتَلَفِّتاً / أَدورُ بِعَيني نَحوَ كُلِّ طَريقِ
ياسَيِّداً مازالَ با
ياسَيِّداً مازالَ با / بُ جودِهِ مَطروقا
جِئتُ طَريقَينِ فَما / وَجَدتُ لي طَريقا
وَأَسوَدُ شَيخٍ في الثَمانينَ سِنُّهُ
وَأَسوَدُ شَيخٍ في الثَمانينَ سِنُّهُ / غَدا وَجهُهُ مِن أَبيَضِ الشَيبِ أَبلَقا
لَهُ لِحيَةٌ مُبيَضَّةٌ مُستَديرَةٌ / أُشَبِّهُهُ فيها عُقاباً مُطَوَّقا
رَفَعتُ رايَتي عَلى العُشّاقِ
رَفَعتُ رايَتي عَلى العُشّاقِ / وَاِقتَدى بي جَميعُ تِلكَ الرِفاقِ
وَتَنَحّى أَهلُ الهَوى عَن طَريقي / وَاِنثَنى عَزمُ مَن يَرومُ لِحاقي
سِرتُ في الحُبِّ سيرَةً لَم يَسِرها / عاشِقٌ في الوَرى عَلى الإِطلاقِ
وَدُعاتي تَجولُ في كُلِّ أَرضٍ / وَطُبولي يُضرَبنَ في الآفاقِ
مَثُلَ العاشِقونَ فَوقَ بِساطي / في مُقامِ الهَوى وَتَحتَ رِواقي
ضُرِبَت سِكَّةُ المَحَبَّةِ بِاِسمي / وَدَعَت لي مَنابِرُ العُشّاقِ
كانَ لِلقَومِ في الزُجاجَةِ باقٍ / أَنا وَحدي شَرِبتُ ذاكَ الباقي
شَربَةٌ لا أَزالُ أَسكَرُ مِنها / لَيتَ شِعري ماذا سَقاني الساقي
أَنا في الحُبِّ أَلطَفُ الناسِ مَعنىً / دَمِثُ الخُلقِ ذو حَواشٍ رِقاقِ
أَعشَقُ الحُسنَ وَالمَلاحَةَ وَالظُر / فَ وَأَهوى مَحاسِنَ الأَخلاقِ
لَم أَخُن في الوَدادِ قَطُّ حَبيباً / فَيُنادى عَلَيَّ في الأَسواقِ
شيمَتي شيمَتي وَخُلُقي خُلُقي / وَلَوَ اِنّي أَموتُ مِمّا أُلاقي
لَطُفَت في وَصفِ الهَوى كَلِماتي / أَينَ أَهلُ القُلوبِ وَالأَشواقِ
وَإِذا ما اِدَّعَيتُ في الحُبِّ دَعوىً / شَهِدَ العاشِقونَ بِاِستِحقاقي
شَنَّفَ السامِعينَ دُرُّ كَلامي / وَتَحَلَّت أَجيادُهُم أَطواقي
مَرحَباً بِالزائِرِ الوا
مَرحَباً بِالزائِرِ الوا / صِلِ وَالبَرِّ الشَفيقِ
وَصَديقٍ لي صَدوقٍ / وَرَفيقٍ بي رَفيقِ
بِأَبي أَنتَ لَقَد فَرَّ / جتَ عَنّي كُلَّ ضيقِ
وَتَفَضَّلتَ وَأَحسَن / تَ إِلى الصَبِّ المَشوقِ
لَيتَ خَدّي كانَ أَرضاً / لَكَ في طولِ الطَريقِ
تُربُ أَقدامِكَ عِندي / هُوَ كَالمِسكِ الفَتيقِ
كُنتُ مِن فَرطِ اِشتياقي / بِكَ في نارِ الحَريقِ
مُقلَتي مُذ غِبتَ ما جَف / فَت وَلَكِن جَفَّ ريقي
بِيَ مِن سُكرِ الهَوى ما / لَستُ عَنهُ بِمُفيقِ
لا أَرى قَلبي بِما أَص / بَحَ فيهِ بِمُطيقِ
أَسَفي عَلى زَمَنِ التَلاقي
أَسَفي عَلى زَمَنِ التَلاقي / وَالعَيشُ مُتَّسِعُ النِطاقِ
وَرِداءِ عِزٍّ كُنتُ أَر / فُلُ في حَواشيهِ الرِقاقِ
أَيّامُ مِصرٍ لَيتَها / فُدِيَت بِأَيّامي البَواقي
وَبِجانِبِ الفُسطاطِ لي / قَمَرٌ يَعِزُّ لَهُ فِراقي
قَمَرٌ شَرِبتُ لَهُ الفِرا / قَ المُرَّ بِالكَأسِ الدِهاقِ
وَأَرَقتُ فيهِ دَمي فَكَي / فَ أُلامُ في دَمعي المُراقِ
أَحبابَنا ماذا لَقي / تُ مِنَ البُعادِ وَما أُلاقي
لَو تُشرِفونَ رَأَيتُمُ / مِن مِصرَ نيرانَ اِشتِياقي
نَفَسٌ يُصَعِّدُهُ الجَوى / راقٍ وَدَمعٍ غَيرُ راقِ
ماكُنتُ أَصبِرُ عَنكُمُ / لَو كُنتُ مُنطَلِقَ الوِثاقِ
وَلَقَد تَفَضَّلَ طَيفُكُم / لَيلاً وَأَنعَمَ بِالتَلاقي
وَسَرى وَباتَ مُضاجِعي / وَاللَيلُ مَسدولُ الرِواقِ
فَقَطَعتُ أَنعَمَ لَيلَةٍ / ما بَينَ لَثمٍ وَاِعتِناقِ
ثُمَّ اِنتَبَهتُ وَجَدتُ إِث / رَ الطيبِ في بُردَيَّ باقِ
وَرَأى العَواذِلُ لَيسَ وَج / هي مِن وُجوهِهِمِ الصِفاقِ
مُذ كُنتُ لَم تَكُنِ الخِيا / نَةُ في المَحَبَّةِ مِن خَلاقي
وَلَقَد بَكَيتُ وَما بَكي / تُ مِنَ الرِياءِ وَلا النِفاقِ
بِرَقيقَةِ الأَلفاظِ تَح / كي الدَمعَ إِلّا في المَذاقِ
لَم تَدرِ هَل نَطَقَت بِها الأَ / فواهُ أَم جَرَتِ المَآقي
لَطُفَت مَعانيها وَرَق / قَت وَالحَلاوَةُ في الرِقاقِ
مِصرِيَّةٌ قَد زانَها / لُطفاً مُجاوَرَةُ العِراقِ
تَعيشُ أَنتَ وَتَبقى
تَعيشُ أَنتَ وَتَبقى / أَنا الَّذي مُتُّ حَقّا
حاشاكَ يا نورَ عَيني / تَلقى الَّذي أَنا أَلقى
قَد كانَ ما كانَ مِنّي / وَاللَهُ خَيرٌ وَأَبقى
وَلَم أَجِد بَينَ مَوتي / وَبَينَ هَجرِكَ فَرقا
يا أَنعَمَ الناسِ بالاً / إِلى مَتى فيكَ أَشقى
سَمِعتُ عَنكَ حَديثاً / يا رَبِّ لا كانَ صِدقا
حاشاكَ تَنقُضُ عَهدي / وَعُروَتي فيكَ وُثقى
وَما عَهِدتُكَ إِلّا / مِن أَكرَمِ الناسِ خُلقا
يا أَلفَ مَولايَ مَهلاً / يا أَلفَ مَولايَ رِفقا
لَكَ الحَياةُ فَإِنّي / أَموتُ لا شَكَّ عِشقا
لَم يَبقَ مِنّي إِلّا / بَقِيَّةٌ لَيسَ تَبقى
أَحبابَنا حاشاكُمُ
أَحبابَنا حاشاكُمُ / مِن غَضَبٍ أَو حَنَقِ
أَحبابَنا لا عاشَ مَن / يُغضِبُكُم وَلا بَقي
هَذا دَلالٌ مِنكُمُ / دَعوهُ حَتّى نَلتَقي
وَاللَهِ ماخَرَجتُ في / حُبّي لَكُم عَن خُلُقي
وَما بَرِحتُ بِسُتو / رِ فَضلِكُم تَعَلُّقي
وَيلاهُ ما يَلقاهُ قَل / بي مِنكُمُ وَما لَقي
إِن لَم تَجودوا بِالرِضا / فَبَشِّروا قَلبي الشَقي
واخَجلَتي مِنكُم إِذا / عَتِبتُمُ واقَلَقي
أَكادُ أَن أَغرَقَ في / دَمعِيَ أَو في عَرَقي
ما حيلَتي في كَذِبٍ / مِن حاسِدٍ مُصَدَّقِ
وَكَيفَ تَمشي حُجَّتي / في ذا المَكانِ الضَيِّقِ
حَيرانُ لا أَعرِفُ ما / أَقصِدُهُ مِن طُرُقي
فَهَل رَسولٌ عائِدٌ / مِنكُم بِوَجهٍ مُشرِقِ
يامالِكي بِجودِهِ / غَلِطتُ بَل يامُعتِقي
مِثلُكَ لي وَهَذِهِ / حالي وَهَذا خُلُقي
وَاللَهِ لَو أَبصَرتُ ذا / في النَومِ لَم أُصَدِّقِ
كَتَبتُها مِن عَجَلٍ / بِدَهشَتي وَقَلَقي
فَاِعجَب لَها مَنظومَةً / مِن خاطِرٍ مُفَرَّقِ
كَأَنَّني كَتَبتُها / مُرتَعِشاً مِن زَلَقِ
فَاِضطَرَبَت أَجزاؤُها / جَميعُها في نَسَقِ
ثَلاثَةٌ تَشابَهَت / خَطّي مِدادي وَرَقي
فَخَطُّها كَأَنَّهُ / مَشِيُ ضِعافِ العَلَقِ
مِدادُها كَحَمأَةٍ / مَسنونَةٍ في الطُرُقِ
وَرَقُها أَبيَضُ لَ / كِن كَبَياضِ البَهَقِ
لَكِنَّها شاهِدَةٌ / بِعَدَمِ التَمَلُّقِ
وَلَم أَكُن أَخدَعُكُم / بِباطِلٍ مُنَمَّقِ
بِظاهِرٍ مُزَوَّقِ / وَباطِنٍ مُمَزَّقِ
السُمرُ لا البيضُ هُمُ
السُمرُ لا البيضُ هُمُ / أَولى بِعِشقٍ وَأَحَق
وَإِن تَدَبَّرتَ مَقا / لي مُنصِفاً قُلتُ صَدَق
السُمرُ في لَونِ اللِمى / وَالبيضُ في لَونِ البَهَق
يُقَبِّلُ الأَرضَ وَيُنهي إِلى
يُقَبِّلُ الأَرضَ وَيُنهي إِلى / مالِكِهِ شِدَّةَ أَشواقِهِ
ما غَيَّرَ البُعدُ سِوى جِسمِهِ / وَلَم يُغَيِّر صَفوَ أَخلاقِهِ
فَاِبكِ عَلى الصَبِّ الغَريبِ الَّذي / قَد أَمسَكَ البَينُ بِأَطواقِهِ