القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ هانِئ الأَندَلُسِي الكل
المجموع : 10
قُمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ
قُمْنَ في مأتمٍ على العُشّاقِ / ولَبِسْنَ الحِدادَ في الأحداقِ
وبكينَ الدَّماءَ بالعَنَمِ الرَّطْ / بِ المُقنّى وبالخُدود الرِّقاقِ
ومنحْنَ الفِراقَ رِقّةَ شَكوْا / هنَّ حتّى عشِقْتُ يومَ الفِراق
ومعَ الجيرَةِ الذينَ غَدَوا دَم / عٌ طليقٌ ومُهجَةٌ في وَثاق
حارَبَتْهُمْ نَوائِبُ الدّهْرِ حتّى / آذَنُوا بالفِراقِ قبْلَ التّلاقي
وَدَنَوْا للوَداعِ حتى ترى الأج / يادَ فوقَ الأجياد كالأطواق
يومَ راهنْتُ في البكاءِ عُيُوناً / فتقَدّمْتُ في عِنانِ السَّباقِ
أمنَعُ القَلْبَ أن يذوبَ ومَنْ يم / نعُ جَمْرَ الغَضا عن الإحْراقِ
رُبَّ يوْمٍ لنا رقيقِ حَواشي ال / لهوِ حُسنْاً جَوّالِ عِقْد النِّطاق
قد لَبِسْنَاهُ وهو من نَفَحاتِ ال / مسكِ رَدْعُ الجُيوب ردْعُ التراقي
والأباريقُ كالظِّباءِ العَواطي / أوجَسَتْ نَبْأةً الجِياد العِتاق
مُصْغِياتٌ إلى الغِناءِ مُطِلاّ / تٌ عليه كثيرةُ الإطراق
وهي شُمُّ الأنوفِ يَشمَخن كِبْراً / ثمّ يَرْعُفْنَ بالدّمِ المُهراق
فدَّمَتْها السُّقاةُ كي يُوقِرُوهَا / صَممَاً عن سَماعِ شادٍ وساق
فهي إمّا يَشكونَ ثِقْلاً من الوقْ / رِ وإمّا يَبكِينَ بالآمَاقِ
جَنَّبُوهَا مجالسَ اللّهْوِ والوص / لِ إذا ما خَلَوْنَ للعُشّاقِ
فهي أدهَى من الوُشاة على مك / نونِ سِرِّ المتيَّمِ المُشتاقِ
تَرتَدي بالاكمامِ عَنْهَا حَيَاءً / وهي غِيدٌ يَتْلَعْنَ بالأعْنَاقِ
لا تَسَلْني عنِ اللّيالي الخوالي / وأجِرْني منَ اللّيالي البَواقي
ضَرَبَتْ بيْنَنَا بأبعَدَ ممّا / بينَ راجي المُعِزِّ والإمْلاق
كلُّ أسْرَارِ راحَتَيْهِ غَمَامٌ / مُسْتَهِلٌّ بِوابِلٍ غَيْداقِ
فإذا ما سقاك من ظمإ جا / وز حد السقيا إلى الإغداق
في يدَيْهِ خَزائِنُ اللّهِ في الأرْ / ضِ ولكنّها على الإنْفاقِ
وإذَا مَا دَعَا المَقَاديرَ للكَوْ / نِ أجَابَتْ لكُلِّ أمْرٍ وِفاقِ
لبِسَ العِيدُ منه ما يَلبَسُ الإي / مانُ من نصْلِ سيفِهِ البَرّاقِ
وجَلا الفِطْرُ منه عن نَبَوِيٍّ / أبيضِ الوجهِ أبيضِ الأخلاق
ساحِباً من ذُيولِ مَجْرٍ لُهامٍ / تُؤذِنُ الأرضُ تحْتَهُ باصْطِفاق
ليس في العارِضِ الكَنَهْوَرِ شِبْهٌ / منه غيرُ الإرْعَادِ والإبْراق
رَفَعَتْ فَوْقَهُ المَغَاويرُ شُهْباً / من قَناً في سَماوةٍ من طِراق
وغَمَامٍ مِنْ ظِلِّ ألْوِيَةِ النّصْ / رِ فمن راجفٍ ومن خَفّاق
وعَرينٍ من كلِّ ليْثٍ هَصْورٍ / كالِحِ النّابِ أسْجَرِ الحمِلاق
فوقَهُ خَيطَةُ اللُّجَينِ تَهادَى / بيَدَيْ كلِّ بُهْمَةٍ مِصْداق
مِن عِداد البُرْهَانِ موجودةٌ لل / خلقِ فيها دلائلُ الخَلاّق
حسنت في العيون حتى حسبنا / ها تردّت محاسن الأخلاق
قد لَبِسْنَ العَجاجَ مُعتكِرَ اللّو / نِ ولُكْنَ الحديدَ مُرَّ المَذاقِ
فإذا ما تَوَجّسَتْ مِنْهُ رِكْزاً / نَصَبَتْ مِنْ مُؤلّلاتٍ دِقَاق
وتراهَا حُمْرَ السّنابِكِ مِمّا / وطِئَتْ في الجماجِمِ الأفلاق
اللّواتي مَرَقْنَ من أضْلُعِ النّصْ / رِ لهُ أسهُماً على المُرّاق
أنْتَ أصْفَيْتَهُنَّ حُبَّ سُليما / نَ قديماً للصّافناتِ العِتاقِ
لو رأى ما رأيتَ منْها إلى أنْ / تَتَوارى شمسٌ بسِجْفِ الغَساق
لم يَقُلْ رُدَّهَا عليَّ ولا يَطْ / فَقُ مَسْحاً بالسُّوقِ والأعْنَاق
أمِنْ أُفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ
أمِنْ أُفْقِها ذاك السّنا وتألُّقُهْ / يُؤرِّقُنَا لو أنّ وَجْداً يُؤرِّقُهْ
وما انفكَ مُجتازٌ من البرْقِ لامِعٌ / يُشَوِّقُنا تِلقاءَ مَن لا يُشَوِّقُهْ
وما إن خَبا حتى حسِبْتُ من الدّجى / على الأفْقِ زنجيّاً تكشَّفَ يَلمَقُه
تَخَلّلَ سِجْفَ الليلِ للّيلِ كالِئاً / يُراعِيهِ بالصُّبْحِ الجَلِيِّ ويَرمُقُه
ولم يكتحِلْ غُمْضاً فباتَ كأنّمَا / يروغُ إلى إلفٍ من المُزْنِ يَعشقه
فمِنْ حُرَقٍ قد باتَ وَهْناً يَشُبُّهَا / بذكراكِ تُذكَى في الفؤادِ فتُحرِقه
عنى الوالِهَ المتبولَ منكِ ادِّكارُهُ / وأضناهُ طيْفُ من خَيالكِ يَطرُقُه
لأُبرِحْتُ من قلْبٍ إليكِ خُفُوقُهُ / نِزاعاً ومن دَمْعٍ عليكِ تَرَقرُقُه
وَحَشْوَ القِبابِ المستقِلّةِ غَادَةٌ / أُجَدِّدُ عَهدَ الوُدِّ منها وتُخلِقُه
غريرةُ دَلٍّ ضاقَ دِرْعٌ يزينُهَا / وأقلَقَ مستنَّ الوِشاحَينِ مُقْلِقُه
يَميلُ بها اللحظُ العَليلُ إلى الكرَى / إذا رَنّقَ التفتيرَ فيهِ مُرَنِّقه
تهادى بعِطْفَيْ ناعِمٍ جاذَبَ النَّقَا / مُنَطَّقُهُ حتى تَشَكّى مُقَرطَقُه
يُغالِبُهَا سُكْرُ الشبابِ فتنثَني / تَثَنّيَ غُصْنِ البانِ يَهتزُّ مُورِقُه
وما الوَجدُ ما يَعتادُ صَبّاً بذكرهَا / ولكنّهُ خَبْلُ التّصابي وأولَقُه
بوديَ لو حَيّا الربيعُ رُبوعَها / ونَمَّقَ وَشيَ الرّوضِ فيها منمِّقُه
تَقَضّتْ ليالينا بها ونَعيمُها / فكَرَّ على الشمل الجميعِ مُفرِّقه
أقولُ لسَبّاقٍ إلى أمَدِ العُلى / بحيْثُ ثَنى شأوَ المُرَهَّقِ مُرْهِقُه
لَسَعيُكَ أبطى عن لَحاق ابن جعفرٍ / وسَعيُ جَهْولٍ ظَنَّ أنّك تَلحقُه
لَعَلّكَ مُودٍ أن تقَاذَفَ شَأوُهُ / إلى أمَدٍ أعيا عليك تَعَلُّقُه
لهُ خُلُقٌ كالرّوضِ يُنْدي تبرُّعاً / إذا ما نَبا بالحُرِّ يوماً تَخَلُّقُه
وكالمَشرَفيِّ العَضْبِ يَفري غِرارُهُ / وكالعارضِ الوسميِّ يَنهَلُّ مُغدِقُه
وكالكوكبِ الدُّرّيِّ يُحمدَ في الوغى / تألُّقُ بِيضِ المُرهَفاتِ تألُّقُه
ويَعنُفُ في الهيجاءِ بالقِرْن رِفْقُهُ / وأعنَفُ ما يسطو به السيْفُ أرفَقُه
لهُ من جُذامٍ في الذّوائبِ مَحتِدٌ / زكا منبتاً في مَغرسِ المجدِ مُعرَقُه
رفيعُ بناءِ البيتِ فيهم مُشيدُهُ / مُطَنِّبُهُ بالمَأثُراتِ مُرَوِّقُه
هُمُ جوهرُ الأحساب وهو لُبابُهُ / وإفْرِندُهُ المُعْشي العيونَ ورَونقُه
إذا ما تجلّى من مَطالِعِ سَعْدِهِ / تجلّى عليك البدرُ يَلتاحُ مَشرِقُه
لَئِنْ مُلِئَتْ منهُ الجوانحُ رَهْبَةً / لقد راقَها من منظرِ العَينِ مُونِقُه
مُقَلَّصُ أثناءِ النّجادِ مُعَصَّبٌ / بتاج العُلى بين السماكينِ مَفْرَقُه
لهُ هاجِسٌ يَفْري الفَرِيَّ كأنّهُ / شَبَا مَشرَفّيٍ ليسَ ينبو مُذَلَّقُه
يُصيبُ بيانَ القوْل يُوفي بحَقّهِ / على باطِلِ الخَصْمِ الألَدِّ فيمحَقُه
أطاعَ له بَدءُ السَّماحِ وعَودُهُ / فكان غَماماً لا يَغُبُّ تَدَفُّقُه
دَلوحاً إذا ما شِمتَهُ افتَرَّ وَبْلُهُ / وإرْهامُهُ سَحّاً عليكَ ورَيّقُه
إذا شاءَ قادَ الأعوَجِيّاتِ فيْلَقاً / ومنْ بينِ أيْديها الحِمامُ وفَيْلَقُه
وكنْتَ إذا ازوَرَّتْ لقَوْمٍ كتيبَةٌ / وعارَضَها من عارِضِ الطعن مُبرِقُه
وقُدْتَ بها قُبَّ الأياطِلِ شُزَّباً / تُسابقُ وَقْدَ الرّيحِ عَدْواً فتَسبقُه
تخَطّى إلى النّهْبِ الخميسَ ودونَهُ / سُرَادِقُ خَطّيّاتِهِ ومُسَرْدَقُه
إذا شارَفَتْهُ قلتَ سِربُ أجادِلٍ / يُشارِفُ هَضْباً من ثَبيرٍ مُحلِّقُه
رعى اللّهُ إبراهيمَ مِنْ مِلكٍ حَنا / على المُلكِ حانِيهِ وأشفَقَ مُشفِقُه
وأورى بزند الأرقمِ الصِّلّ جعفَرٌ / ولم يُعْيِهِ فَتْقُ من الأرضِ يَرتقُهُ
إلى ذاك رأيُ الهِبْرِزِيِّ إذا ارتأى / وصِدْقُ ظنونِ الألَمعيِّ ومَصْدَقُه
على كُلِّ قُطْرٍ منه لَفْتَةُ ناظِرٍ / يُراعي بها الثّغْرَ القَصِيَّ ويَرمقُه
وأعيَا الحروريّينَ مُتَّقِدُ النُّهَى / مُظاهِرُ عِقدِ الحزْمِ بالحزْم موثِقُه
فكم فِيهِمِ من ذي غِرارَينِ قد نَبَا / ومِدْرَهِ قَومٍ قد تَلَجْلَجَ منطِقُه
يرونَ بإبراهيمَ سَهْماً يَريشُهُ / لهم بالمَنَايا جعفرٌ ويُفَوِّقُه
مؤازِرُهُ في عُنفُوانِ شبابهِ / يُسَدِّدُهُ في هَدْيِهِ ويُوَفِّقُه
يَطيبُ نسيمُ الزّابِ من طِيبِ ذكره / كما فتّقَ المِسكَ الذكيَّ مُفتِّقُه
ويعبق ذاك الترب من أوجه الدجى / كما فاح من نثر الأجنة أعبقه
وقد عمَّ من في ذلك الثغرِ نائِلاً / كما افترقَتْ تَهمي من المُزْن فُرَّقُه
أإخبْاتُهُ أحْفَى بهم أم حَنَانُهُ / ورأفَتُهُ أم عَدْلُهُ وتَرَفُّقُه
ثَوَى بكَ عز المُلكِ فيهم ولم تَزَلْ / وأنتَ لهُ العِلْقُ النفيسُ ومَعْلَقُه
شَهِدْتُ فلا واللّهِ ما غابَ جَعفرٌ / ولا باتَ ذا وَجْدٍ إليك يُؤرِّقُه
وبالمغرب الأقصَى قَريعُ كتائبٍ / تخُبُّ بمَسراهُ فيرجُفُ مَشرِقُه
سيُرضيكَ منهُ بالإيابِ وسَعْدِهِ / ويجمَعُ شَملاً شادَ مجْداً تَفَرُّقُه
ويَشفي مشوقاً منكَ بالقُربِ لوعَةً / وبَرْحَ غليلٍ في الجوانحِ يُقْلِقُه
ويُبْهِجُ أرضَ الزّاب بهجةَ سؤددٍ / وتُبْهِجُه أفوافُ زَهْرٍ وتُونِقُه
لك الخير قد طالَتْ يدايَ وقصّرَتْ / يدا زَمَنٍ ألْوى بنَحضي يمزِّقه
كفى بعضُ ما أوْليْتَ فأذَنْ لقِافلٍ / بفضلك زُمَّتْ للترَحُّلِ أينُقُه
أفَضْتَ عليه بالنّدى غيرَ سائِلٍ / بحارَكَ حتى ظنَّ أنّك تُغْرِقُه
سأشكركَ النُّعْمَى عليَّ وإنّني / بذاك لَواني الشّأوِ عنك مُرهَّقُه
وما كحميدِ القولِ ينمي مزيدُه / ولا كاليَدِ البيضاء عندي تحَقُّقُه
وما أنا أو مثلي وقولٌ يقوله / إذا لم أكُنْ أُلفي به مَن يُصَدِّقُه
أحِينَ وَلَّتْ أنجُمُ الأفْقِ
أحِينَ وَلَّتْ أنجُمُ الأفْقِ / وانهزَمَ الغَربُ عن الشرقِ
وخِلْتَ خَيلاً جُلنَ في مَعرَكٍ / فبانَتِ الدُّهْمُ منَ البُلْقِ
ونَبّهَ الإصباحَ من نَومِهِ / شَدْوُ حَمامِ الأيْكَةِ الوُرْقِ
وانْشَقَّ عن زائرَةٍ لم تَدَعْ / قَلْباً لضِلْعٍ غيرِ مُنْشَقِّ
زارَتْ خَيالاً فالتَقى في الدجى / عَمُودُ صُبْحٍ وسَنا بَرْق
خُلسَةَ لحظِ الطَّرْفِ ثمّ انْثَنَتْ / سِرْبُ القَطا للآجِنِ الطَّرق
يا هل تَرى ظُعناً كما رُجِّلِتْ / غدائرُ المكمومَةِ السُّحْق
في الآلِ تَحْدُوهُنَّ لي أدمُعٌ / تُراهِنُ العِيسَ على السَّبْق
رُحْنَ فحمَّلْنَ نسيمَ الصَّبَا / تَضَوُّعَ المسكِ على الفَتق
والتَفَّ عِيدِيٌّ وعِيدِيّةٌ / تَمَايُلَ العِذْقِ على العِذْق
إذا غُرَيْرِيٌّ رَغَا لم تُلَمْ / أغْرِبَة البَينِ عَلى النَّعْق
من ذاتِ أعْضادِ إذا هَجّرَتْ / فُتْلٍ وذي أجرِنَةٍ خُلْق
في كلِّ يومٍ ليَ من بَينِكُمْ / يومُ بَني تَغلبَ بالعَمْق
كأنّمَا جرَّدْتُمُ للنّوَى / أسيافَ قومي فهي لا تُبقي
إذا تلاقَى الضّرْبُ والطّعْنُ مِنْ / أيديهمُ صَدْقاً على صَدْق
بالمَشَرفيِّاتِ منَ البِيضِ أوْ / بالزّاعِبِيّاتِ مِنَ الزُّرْقِ
مَعشريَ المعشرُ قادوا العُلى / والإنْسَ والجِنَّ بلا رِبق
فيهِم سبِيلُ المجْدِ عادِيّةً / قبلَ الصّياصي وابنَةِ الطُّرْق
أُثْني على الرّاهِقَةِ الشَّوْلِ في / مَسْعَاتِها والنّائِلِ الرَّهْق
أهلِ الأكفِّ البِيض تُدني القِرى / والشَّوْلَ في القُرْبِ وفي السُّحْق
تَشْتَبِهُ المسنونَةُ الذُّلْقُ في / أرْماحِهِمْ بالألسُنِ الذُّلْق
هم نَطَقوا والناسُ من مَرْمَرٍ / والدّهُر مكعومٌ عن النُّطْقِ
ذَوُو البُروقِ الخُفَّقِ اللُّمْعِ في / تلك السَّحابِ الرُّجَّسِ الغُدْق
من بُهْمَةٍ أكيسَ أو مِدرَهٍ / أشوسَ أو ذي بِزّةٍ خِرْق
قَسَوْا ولانوا فلهم هّذِهِ / وهذهِ في العُنْفِ والرِّفْق
فارْغَبْ أوِ ارْهَبْ إنّ أيمانَهم / مبسوطةٌ تُسْعِدُ أو تُشقي
ما جَهِلَ المَيدانُ فُرسانَهُ / قد بانَتِ الهُجْنُ منَ العُتْق
لكُلِّ قوْمٍ سَيّدٌ ماجِدٌ / لكِنّ يحيَى سَيّدُ الخَلْقِ
يُصَرِّحُ المجْدُ إذا ما بدا / ويَسْجُدُ البَاطِلُ للحَقِّ
فإنْ يكن سيفَ إمامِ الهُدَى / فهو إمامُ الفَتْق والرَّتق
كأنّمَا في كَفّهِ للْوَرى / مَفاتِحُ الآجَالِ والرِّزق
شِمْ سِلْمَهُ أو حَربَهُ تبتدر / ما شِئتَ من سَحٍّ ومن وَدْق
يوسِعْكَ من كِسْفٍ ومن مارجٍ / نارٍ ومن قِطْرٍ ومن صَعْق
الحوْضُ حوضُ اللّه في كفّهِ / يَطفَحُ من مَلءٍ ومن فَهْق
ذو الطَعْنَةِ الصَّدقاءِ والضربَةِ ال / هَبرَةِ ذاتِ اللُّجَجِ العُمْق
كأنَّ بَينَ السَّرْدِ من تحتِها / عَبَاءَةٌ من رَيْطَةٍ لِفق
تَحْسَبُ فيها طَرَفَيْ رُمْحِهِ / قوسَ هلالٍ كرَّ في مَحق
دَريئةُ الهَيْجا إذا أظلمَتْ / وضاقَ جَيْبُ المَهْمَهِ الخَرْق
بَلهَ المَنايا السودَ قد غُودِرَتْ / وُشْحاً على أقرابِهِ اللُّحْق
وأقبَلَ القُبُّ كُشوحاً على ال / قُبِّ الكلى لَحْقاً على لَحْق
يَلَجُّ في البَأسِ وأعْداؤهُ / في الذُّعرِ والرّاياتُ في الخَفق
كأنّما في الدِّرعِ ذو لِبدَةٍ / أخْرَقُ من مأسَدَةٍ خَرق
مِلءِ فُروعِ الأيكِ ضِرغامَةٌ / جَهْمُ المُحيّا أهْرَتُ الشِّدق
شَرَنْبَثُ الكَفّينِ شَثْنُ الذِّرا / عَينِ شتيمُ الخَلْق والخُلْق
مجتمعُ الرّأي إذا ما مضى / كَأنّهُ صاعقةُ المَحْق
صَهْصلِقُ الرَّعدِ إذا ما قفَا / ليْلُ المَطايا لامِعُ البَرْق
يَغدو ابنُ آوى خلفَهُ طاوياً / يُعَلِّلُ الحِرباءَ بالنَّشْق
يشيمُ من أجفْانِهِ في الدُّجَى / عُرضَ عقِيقٍ غيرِ مُنْعَقِّ
فليسَ إلاّ عَسَلانُ القَنَا / وفِلْذَةٌ من شِلْوِ ما يُبْقي
لابْنِ عَليٍّ تِلكَ منْ قَوْمِهِ / والعِرْقُ يَنْمي واشِجَ العِرق
مُعَقِّرُ الهَجْمةِ ليلَ القِرَى / إذا عِجافُ المالِ لم تُنْق
تَمْري له الأنْفُسُ جَرْياً لهَا / سائِلَةً دَفْقاً على دَفْقِ
وسَهْمُهُ يَسْبِقُهُ للّذي / عَوَّدَهُ من عادَةِ الرَّشْق
لا غَرْوَ أنْ حَمَّلَ أيّامُهُ / ودهْرُهُ وَسْقاً على وَسْق
فالثِّقْلُ للبازلِ في سِنّهِ / والقَتَبُ الهَفْهَافُ للحِقِّ
أبْقَى العُلى ذُخراً ولكنّهُ / لم يَدّخِرْ وَفْراً ولم يُبْقِ
أرى ملوكَ الأرض عُبْدانَهُ / وما بهِمْ فَقْرٌ إلى العِتْق
أصْبَحَ طَلْقاً زمني كلُّهُ / بنَظْرَةٍ في وجههِ الطَّلْق
ما بينَ ما ألقاهُ من بِشْرِهِ / وبينَ ما قُلِّدَ من فَرْقِ
إنّ الّذي مَلّكَني وُدَّهُ / هو الّذي مَلّكَهُ رِقّي
في كَبِدٍ من كَمَدٍ لَوعةٌ / أبقَى تباريحاً من العِشق
تخلَّقَ النّاسُ بتلكَ الّتي / أراكَ تَجْنيهَا مِنَ الخُلْق
والفَرْعُ مَردودٌ إلى أصْلِهِ / كالسيْفِ مَردودٌ إلى العِتْق
أنتَ الورى فاعمُرْ حياةَ الوَرى / باسمٍ منَ الدَّعْوَةِ مُشْتَقّ
لولا حياءُ البحرِ منْ موجِهِ / والعارضِ الجَون من الأفْق
جاءَكَ هذا سائِحاً يجتَدي / وجاءَ ذا ظَمآنَ يَستَسقي
يومُكَ أجدى من مَعادي بلا / كُفْرانَ للّهِ ولا فِسْق
بينهما بَوْنٌ بعِيدٌ إذا / قايستَ بينَ العِلقِ والعِلق
أطفَأتَ عنّي زَمني بعدَمَا / أُوقِفْتُ من جَمْرٍ على حَرْق
فتابَ واستَبقَى على رِسْلِهِ / وابنُ السَّبَنْتَى غَيرُ مُستَبْق
وكنتُ كالشيء اللَّقى ما لَهُ / غيرُ يدِ الأيّامِ من مُلْق
فاليومَ بُدِّلْتُ سنىً من دُجىً / واعتَضْتُ صَفوَ العيشِ بالرنْق
واليومَ يَرقَى أمَلي صاعِداً / وما لهُ غيرُكَ من مُرْق
حقنْتَ في صَفحةِ وجهي دَمي / من بَعدِ ما أوفَى على الهَرْق
وما وَفى شُكري ببعض الذي / كَسَيْتَني من مَفْخَرِ الصِّدق
هل غير شكري نعمةٌ أتعَبَتْ / صَمتي وأُخرَى أتْعَبَتْ نُطْقي
أبِلغْ ربيعةَ عن ذي الحيِّ من يمَنٍ
أبِلغْ ربيعةَ عن ذي الحيِّ من يمَنٍ / أنّا نُؤلِّفُ شَمْلاً ليس يَفترِقُ
أنّا وإيّاكُمُ فَرْعانِ من كرمٍ / قد بُوركا وزكا الأثمارُ والورَق
فلا طرائقُنا يوم الوغى قِدَدٌ / شَتّى النِّجارِ ولا أهواؤنَا فِرَق
إنّا لَتَشْرُفُ أيامُ الفَخَارِ بِنَا / حتى يقول عِدانا إنّنا الفَلَق
فأنتمُ الغَيْثُ مُلْتَجّاً غَوَارِبُهُ / على العُفاةِ ونحن الوابِلُ الغَدَق
لكِنّ سيّدَنَا الأعلى وسيّدكم / على المُلوكِ إذا قِيستْ به سُوَق
الواهبُ الألفَ إلاّ أنّها بِدَرٌ / والطاعنُ الألفَ إلاّ أنّها نَسَق
تأتي عطاياه شتّى غيرَ واحِدَةٍ / كما تَدافَعَ موجُ البحرِ يَصْطفِق
منها الرُّدَيْنيُّ في أُنْبوبِهِ خَطَلٌ / يومَ الهِياجِ وفي خَيشومِهِ ذَلَق
والمَشرَفِيّةُ والخِرْصانُ والحَجَفُ ال / منضودُ واليَلَبُ الموضون والحلَق
من كلِّ أبيضَ مسرودِ الدخارصِ من / أيّام شَيبانَ فيه المِسكُ والعَلَق
والماسِخِيّةُ والنَّبْلُ الصّوائِبُ في / ظُباتها الجَمرُ لكنْ ليس يحترق
والوشيُ والعَصْبُ والخيماتُ يَضربُها / بالبدو حيث التقى الركبان والطُّرُق
وقُبّةُ الصَّندَلِ الحَمراءُ قد فُتِحَتْ / للجودِ أبوابُها والوَفْدُ يَستَبق
والماءُ والروضُ ملتفُّ الحدائقِ وال / سامي المُشَيَّدُ والمكمومةُ السُّحُق
والشدقميّةُ دُعْجاً في مباركِها / كأنّها في الغزيرِ المكلىءِ الغَسَق
ومِنْ مَواهِبِهِ الرّايَاتُ خَافِقَةً / والعادِيَاتُ إلى الهَيْجاءِ تَسْتَبِق
وسُؤدَدُ الدّهْرِ والدنيا العريضَةُ وال / أرضُ البسيطةُ والدأماءُ والأفُقُ
الطّاعِنُ الأُسْدِ في أشداقِها هَرَتٌ / والقائِدُ الخيْلِ في أقرابِها لَحَق
جَمُّ الأناةِ كثيرُ العَفْوِ مُبتدِرُ ال / معروفِ مُدَّرعُ بالحزم مُنتَطِق
كأنّ أعْداءهُ أسْرَى حَبائِلِه / فما يُحَصِّنُهمُ شِعْبٌ ولا نَفَق
أما ووجْهِكَ وهو الشّمسُ طالعةً / لقد تكامَلَ فيكَ الخَلْقُ والخُلُق
فاعمُرْ أبا الفَرج العَليا فما اجتمعَتْ / إلاّ على حُبّكَ الأهواء والفِرق
لو أنّ جودَكَ في أيدي الرّوائحِ مَا / أقلَعنَ حتى يَعُمَّ الأمّةَ الغَرَق
وشامِخِ العِرْنِينِ جاثلِيقِ
وشامِخِ العِرْنِينِ جاثلِيقِ / مُرَوَّعٍ بمِثلِنَا مَطروقِ
باتَ بلَيْلِ الكالىءِ الفَرُوقِ / في أُخْرَيَاتِ الأُطُمِ السَّحوق
نبّهْتُهُ فهَبَّ كالفَنِيقِ / يسحَبُ ذيلَ الأصْيَدِ البِطريق
إلى دِنَانٍ صافِناتِ السُّوقِ / فَاسْتَلّهَا بمِبْزَلٍ رَقيق
مثلِ لسَانِ الحَيّةِ الدَّقِيقِ / كأنّهُ من صِبغَةِ العَقيق
مُضَمَّخُ الكَفَّينِ بالخَلُوقِ / فزَفَّ لاهوتِيّةَ الشُّرُوق
لم يُبْقِ منها الدَّنُّ للرّاوُوقِ / إلاّ كِياناً ليسَ بالحقيق
مثلَ يقينِ المُلحِدِ الزِّنْدِيقِ / كَأنّهُ حُشاشَةُ المَشُوق
قد رِيعَ بعدَ الهَجْرِ بالتّفْريقِ / وقامَ مثلَ الغُصُنِ المَمْشُوق
أشْبَهُ شيءٍ قَدَحاً بريقِ / يَسْعى بجَيْبٍ في الهوى مشقوق
يَحُثُّهَا بدَلّهِ المَومُوقِ / أرَقَّ من أديمهِ الرّقيق
وباتَ سُلطَاناً عَلى الرّحيقِ / يُسلِّطُ الماءَ على الحَريق
ويَغْرِسُ اللّؤلُؤ في العَقيقِ / كأنّ دُرَّ ثَغْرِهِ الأنِيقِ
أُلّفَ مِنْ حَبابِهَا الفَريقِ / أو زَلّ عن فيهِ إلى الإبريق
ما زلتُ أُسقَى غيرَ مستفيقِ / حتى رأيْتُ النّجْمَ كالغَريق
والصُّبْحُ في سِرْبَالِهِ الفتيقِ / يرمي الدُّجى بلَحْظِ سَوذنيق
هذا ومَا يَسبِقُ سَهْمي فُوقي / في ساعةِ الفَوْتِ ولا اللُّحوق
ما نَفْعُ رأيٍ ليسَ بالوَثيقِ / أو خيرُ عَقْلٍ ليس بالرّشيق
ولستُ أرضى بالأخِ المذوقِ / ولا اللّسانِ العَذْبِ ذي التزويق
وقد أذِلُّ للأخِ الشّفِيقِ / كذِلّةِ العاشِقِ للمعشوق
لا تَجْزِيَنَّ البِرّ بالعُقُوقِ / واغْنَ عنِ العَدُوِّ بالصّديقِ
وواصلِ الصَّبوحَ بالغَبوقِ /
ما بالهُ قد لَجَّ في إطْراقِهِ
ما بالهُ قد لَجَّ في إطْراقِهِ / ما بالُه قد ذابَ من أشواقِهِ
ما ذاكَ إلاّ أنّ مَعشوقاً لَهُ / قد مالَ مُنحرِفاً إلى عُشّاقهِ
ألا أيها الوادي المقدّس بالندى
ألا أيها الوادي المقدّس بالندى / وأهل الندى قلبي إليك مشوق
ويا أيّها القصر المنيف قبابه / على الزاب لا يسدد عليك طريق
ويا ملِكَ الزاب الرفيعَ عمادُه / بقيتَ لجمع المجد وهو فريق
على مالك الزاب السلام مردّدا / وريحان مسك بالسلام فتيق
خليل من يهدي إليه تحيتي / سقاه الحيا الوسميّ وهو غريق
فما أنس لا أنسَ الأمير إذا غدا / يروع بمرأى ملكه ويروق
ولا الجود يجري في صفيحة وجهه / إذا لاح من ذاك الجبين شروق
وهزَّتَه للمجد حتى كأنما / جرت في سجاياهُ العِذابِ رحيق
كثيرُ دليلِ الخيرِ في الوجهِ واضحٌ / جميلُ المحيا واللسانُ طليق
أما وأبي تلك الشمائل إنها / دليل على أن النجارَ عتيقُ
فكيف بصبر النفس عنه ودونه / من الأرض مغبر الفجاج عميق
وموحشة الأقراب يبدو سرابها / كما قُيِّدت بين الفِحَالَةِ نوق
حلفت له بالراقصات يهزُّها / إلى اللَه وخدٌ دائم وعنيق
لقد بات يسري في جنوبك لابسا / لعزمك طَبُ بالجياد رفيق
فسار وسارت لفه وأمامه / غمائم نصر تحتهنّ شروق
وتسعةُ آلاف عليها عجاجة / مسوّمة راياتهنّ خفوق
شهاب من الهيجا بكفّك ثاقب / له خلف أفواه الدروب طريق
إذا كذب الناس اللقاء فعنده / يقين كفرقان الكتاب صدوق
عجبت لمن حال الرجال بقربه / ومن ظنّ أن العائقات تعوق
إذا طاعة الأعداء لم تشف صدره / شفاه صبوح من دم وغبوق
به عرفت تلك الأعاريبُ قهرَها / فلا مارق يُخشَى عليه مَروق
فقد غدتِ الآجام وهي حدائق / وعاد زئير الليث وهو شهيق
سننتَ ليحيى سُنَّةً يقتدى بها / ففت ومنه في الأمور لحوق
كأنّك منه قيدَ مرأى ومسمَعٍ / وإن هزَّهُ قلبٌ إليك خفوق
يراك أمام الجيش حتى كأنه / حُذياكَ ثاوٍ أو إليكَ لصيق
فلا هو عن مرآك فيه مغيَّبٌ / ولا هو عن ذكراك فيه مُفيق
ويرضيك منه قلبُ الأمر حولٌ / فتوق لما يُعيي الأنامَ رَتُوق
أمنت على يحيى العدوّ ولم يكن / ليرفَعَ في ربّ العُقابِ أنوقُ
هو المرء لا ينفك يرحب ذرعه / لذا الروعِ ما دام المِكر يضيق
فتى لا يصير الغمضُ بين جفونه / ولا طعمه في ناظريه يروق
إذا الدرعُ ذابت في الهجير حسبته / بفيءٍ له بين الفُرات حديث
كأن عليه من أذى القيظ كلَّةً / تُزَرّ إذا ما اشتدّ منه ودوق
تفوق وتعلو أنت باللَه وحدَه / وباسمك يعلو قدرُه ويفوق
إليك أجاب الشرق عن صافناته / وعنه جوادٌ في الجياد عريق
من الدهم ورد اللون شيبَ بكمتةٍ / كما شيب بالمسك الفتيق خلوق
فلو ميز منه كلُّ لون بذاته / جرى سَبَجٌ منه وذاب عقيق
تهلّل مصقول النواحي كأنّه / إذا حال ماء المسك فيه غريق
إذا جئته من خلفه وأمامه / تثاءب ضرغام وشال فنيق
له منخر لا يملك البُهرُ أمره / ولا مسرح الأنفاس فيه يضيق
وينصب للهيجاء سمعا كأنه / سنان عتيد للطعان ذليق
وينظر من عيني رؤوم على طلا / تراعيه بالوعساء فهوَ يروق
ويخطو على صمّ خفاف وقوعها / ثقيلٌ يُردّ الصخرَ وهو فليق
تنافسُ فيه أعينٌ ومسامعٌ / وتكبو رياح خلفه وبُروق
فإما تشاهده يجاري فإنه / سينشقُّ عنه النقعُ وهو سبوق
أما وأبي الطرقِ المجنبِ إنه / حريٌّ بأن يحظى لديك خليق
فلا يشربنَّ الماء وهو مكدرٌ / ولا لبن الكوماءِ وهو مذيق
أأوصي به من علم الناس برها / ولا يتقفى البرَّ منه عقوق
هو المكرم الخيلَ الكريمَ نجارُها / وفارسُها والمشرفي دلوق
ومسكنُها الآطام وهي مشيدةٌ / وملحفها القومي وهو أنيق
وناتجُها تعزى إليه إذا اعتزت / عناجيج جردٌ كلهن عتيق
ألا أيها الحقّ المبين الذي انتحى / على باطل الأيام فهو زهوق
تعودَ عاداتٍ من الخير كلُّها / بعيد على من أمهنّ سحيق
فمنهن منعُ الجار حتى كأنما / له في ذرى المزن الكنهورِ نيق
ونصرك للحقّ الذي أنت أهله / وعونك للملهوف وهو رهيق
وإن سبقت منك المواعدُ أنجزَت / وإن أخذ الميثاق فهو وثيق
إذا فارق المرءُ الرفيعُ مكانُه / فليس له إلا عليك طريق
فمن كان لا يرعى بقربه ذمةً / فأنت أخٌ للابعدين شقيق
رأيتُ جميعَ الناس عندك أسوةً / وإن كان فيهم كاشح وصديق
كأنك من كلّ الطباع مركب / فأنت على كلّ العباد شفيق
وكنت يدَ المنصور منصورِ هاشمٍ / لذا البطش إذا أيدي الفوارس سوق
حسام وغاه إذا غدا ومجنَّه / إذا خيف من ريب الزمان طروق
وما كنت إلا البدر يوري بك الدجى / وقد عمّ آفاق البلاد غسوق
رمى بك آسادَ الأسنة والقنا / وقد فغرَت منهُم إليك شُدوق
هو الشعب إذ لم تملك القول ألسن / وإذا لم تسغ برد الشراب حُلوق
فكن كيف شاء الناس أو شئت كائنا / فليس لسهم الملك غيرك فوق
ولا تشكر الدنيا على نيل رتبة / فما نلتها إلا وأنت حقيق
رضى الله في ذا السخط منك على اللهى / فلا شيء في الدنيا أراك تُليق
وآليت لا آلوك شكرا على التي / غدت لي وسقا زيد فيه وُسوق
وإن أكفر النعمى وألقاك مثقلا / بأعبائها إني إذن لسروق
أأنساك إذ لا يسمع الصوت نبأة / وإذ أنا مغشي عليّ صعوق
وإذ أنا لم تنهض بجسميَ قوّة / وإذ لم يُبَلَّل من لساني ريق
وأخلفتني إذ لا يد المُزنِ سمحةٌ / علي ولا قلب الزمان رفيق
وكم لك عندي من يد يمنية / لها حسَبٌ في المكرمات عريق
وما عابَها من نائبات وعُود / سوى انني في بحرهنّ غريق
فإن كنتَ بالإحسان لا بدّ مُغرقي / فلا يلقينِّي البحرُ وهو عميق
يكلّ لساني عنكمُ وهو صارم / حسام وينبو الفكر وهو دقيق
بحقّكمُ أن تملكوا الناس أعبُدا / سواء رقيق منهمُ وعتيق
فأنتم نقلتم شيمةَ الدهر راغما / وشُدّ بكم فيه ثأى وفتوق
فثقف حتى ليس فيه تأوّد / وطهر حتى ليس فيه فسوق
لكم أحكَمَت حوكَ الجلابيب عبقَرٌ / ونسجَ سَلُوقي الحديد سَلُوق
ولا ضيرَ في أن تحسدوا إن ذلكم / ليجمل في عليائكم ويليق
وما ضركم من حاسديكم على العلى / وأيامكم تحدو بهم وتسوق
قضى الله أن يرعى الأنامَ حقوقَكم / وليس عليكم للأنام حقوق
لقد كرُمَت أحسابُكم ونفوسُكم / وطابت فروع منكمُ وعروق
يا صاحِ دع مُدنفاً قد لَجَّ في عَنَقِه
يا صاحِ دع مُدنفاً قد لَجَّ في عَنَقِه / وَدَع هِلالَ الضحى إن بانَ في أفقِه
وانظر إلى لحيةِ الطمشيشِ بارِزَةً / حَمراءَ ضافيَةً دَلَّت على حُمُقِه
كأنَّما سَرَقَ الفَرَّانُ جارَتَهُ / دِيكاً فَعَلَّقَهُ القَاضي إلى عُنقِه
فَلَم يَزَل يَشرَبُ من رحيقٍ
فَلَم يَزَل يَشرَبُ من رحيقٍ / صُبحاً يُمَجُّ من فَمِ الإبريقِ
يُسَلِّطُ المَاءَ على الحريقِ / ويَغرِسُ اللؤلؤَ في العَقيقِ
عاطيتُهُ كأساً كأنَّ شُعَاعَهَا
عاطيتُهُ كأساً كأنَّ شُعَاعَهَا / شمسُ النهارِ يُضيئهُ إشراقُهَا
انظر إليهِ كأنَّهُ مُتنصّلٌ / بجفونهِ ممّا جنت أحداقُهَا
وكأنَّ صفحةَ خدّهِ وعِذارَهُ / تُفَّاحَةً حُفَّت بِهَا أوراقُهَا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025