طَرقَت جَنوبُ رحالَنا من مُطرِقِ
طَرقَت جَنوبُ رحالَنا من مُطرِقِ / ما كنتُ أَحسَبُها قريبَ المعنقِ
قَطَعَت اليكَ بمثلِ جيدِ جدايةٍ / حَسنَ المعلَّقِ ترتجيه مُطَوِّقِ
هَلاَّ طَرَقتَ اذ الحياةُ لذيذةٌ / واذ الشَّبابُ قميصُهُ لم يخلُقِ
طَرَقت نواحِلَ حللت بمضَرَّسٍ / ونُسوعُها برحالِها لم تُطلَقِ
ومُصَرَّعينَ من الكَلالِ كأنَّما / شَربوا الغَبوقَ من الطُّلاءِ المُعتَقِ
متوَسَّدينَ ذراعَ كُلِّ شِمِلّةٍ / ومفرجٍ عرقِ المقدِّ منوَّقِ
وَجَثَت على رَكبٍ تهدُّ بها الصفا / وعلى الكلاكِلِ بالنَّقِيلِ المُطرِقِ
فاقرِ الهُمومَ قلائصاً عيديَّةً / تطوي الفيافي بالوجيفِ المُعنِقِ
واذا سَمِعنَ هماهماً من رِفقَةٍ / واذا النجومُ غوابِراً لم تخفِقِ
جَعَلَت تُميلُ خدودَها آذانُها / أَنَفاً بهنَّ الى حُداء السُّوَّقِ
كالمصغيات الى الغِناءِ سَمعنَه / من رائعٍ لقلوبِهنَّ مُشَوَقِ
وترى بِجَيضَتِهِنَّ عندَ رحيلِنا / وَهَلاَّ كأنَّ بهنَّ جِنَّةَ أولقِ
واذا لَحَظنَ الى الطريقِ رأينَهُ / لهِقاً كشاكلةِ الحصانِ الأَبلَقِ
واذا تَخَلَّفَ بَعدَهُنَّ لحاجةٍ / حادٍ يُشَسِّعُ نَعلَهُ لم يلحقِ
لعنَ الكواعبَ بعد يومِ صريمتي / بشرى الفراتِ وبعد يَوم الجَوسَقِ
عَدَّينَ كُلَّ وديعةٍ يعلَمنَها / وذَعَرنَ من شَيبٍ تَجلَّلَ مفرقي
وأَبَينَ شِيمَتَهنَّ أولَ مرةٍ / وأبى تقلُّبَ دَهرِكَ المتصفقِ
ولقد يَروعُ قلوبَهُنَّ تكلُّمي / ويروعني مُقَلُ الغَزالِ المرشقِ
لئنِ الهمومُ عن الفؤاد تفرَّجَت / وحلا التكلمُ للّسان المُطلَقِ
لأعلِقَنَّ على المطيِّ قصائداً / أذَرُ الرواةَ بها طويلي المَنطِقِ
إني حَلًفتُ بِربِّ مَن عَمِلَت له / خوصُ المطيِّ بكلِّ خَبتَِ سملقِ
أُدمٌ تُصانُ وكانَ اصلُ نجارِها / من شدقميةِ منذرٍ ومحرّقِ
لئنِ الجزيرَةُ أصبَحَت ممنوعةً / لوَدِدتُ أنَّ بريةً لم لم تخلقِ
وبنو أميةَ مَن أرادوا نفعَهُ / نَفَعوا وَمن نصَبوا له لَم يسبقِ
حَلَّت جنوبُ قُميقماً بُرهانها / فمتى الخلاصُ لذا الرِّهانِ المغلقِ
وَنأت بِحاجَتِها ورُبَّتَ عَنوَةٍ / لك من مواعِدِها التي لَم تَصدُقِ
كعناءِ لَيلَتِنا التي جعَلَت لنا / بالقريتينِ وليلةٍ بالخندقِ
أو قَبلَ ذاك اذ الحياةُ لذيذةٌ / واذ الزمانُ بصفوِهِ لم يَرنُقِ
بَخِلَت عليكَ فما تجودُ بنائِلٍ / إِلا اختلاسَ حديثِها المُتَسَرّقِ
طَرَقَت بأطيبَ ما يَحِلّ لمسلمٍ / بالقريتينِ وليلةٍ بالمشرقِ
مما تَفَرَّعَ بالأباطحِ سيلُه / أو بالقلاتِ من الصَّفا لم يطرقِ
تعطي الضجيعَ اذا تَنَبَّهَ مَوهِناً / منها وقد أَمِنَت له مَن يَتّقي
عَذبَ المذاقِ مُفلَّجاً اطرافُهُ / كالاقحوانِ من الرَّشاشِ المُستقي
نفضت أعاليَهُ الشّمالُ تهزُّهُ / وغَدَت عليه غداةَ يَومٍ مشرقِ
وكأنما جَادَت بماءِ غمامَةٍ / خَصرٍ تَنَزَّلُ من مُتونِ العشرقِ
وأرى المعيشةَ انما هي ساعَةٌ / فَرَجٌ وساعةُ كُربَةٍ وتَضَيُّقِ
وأرى المنيَّةَ للرِّجالِ حبائِلاً / شرَكاً يُصادُ به لِمَن لَم يَعلقِ
وإذا أصابَكَ والحوادثُ جَمّةٌ / حَدَثٌ حَداكَ الى أخيكَ الأوثَقِ
وهُمُ الرِّجالُ وكلٌّ ذلك فيهِمُ / يجدون في رَحبٍ وفي متضيّقِ
إنَّ الرِّجالَ اذا طلبتَ نوالَهم / منهُم خليلُ مَوَدَّةٍ وتملُّقِ
واخو مكارَمَةٍ على علاَّتِهِ / فَوَجَدتَ خيرَهُمُ خليلُ المصدقِ
ولما رُزِقتَ ليأتينَّك سَيبُه / جَلَباً وليس اليك ما لَم ترزقِ