المجموع : 14
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ / صَهباءَ منها ضياءُ الصُبح ينفلقُ
لم تَدرِ حين توافيها أَصبغتها / تَلوحُ أَم وجنةُ الساقي أَم الشَفقُ
كأَنَّها في الدُجى شَمسٌ تُضيء لنا / فَينجَلي عن سَنى أَنوارها الغَسقُ
أَلقَت على الصُبح نوراً من أَشعَّتِها / فاِحمرَّ من خجلٍ من نورها الأُفُقُ
عذراءُ تُغضي حَياءً من مُلامِسها / فَيَستَحيلُ حَباباً فوقها العَرقُ
إِذا تجلّى لنا من أفقِها قدحٌ / دارَت نِطاقاً على حافاتِه الحدقُ
وإِن جَلاها بلا مزجٍ مُشَعشعُها / يَكادُ من لهبِ اللألاءِ يَحتَرِقُ
تخالُها شفقاً حتّى إِذا لَمعَت / حسبتَها البرقَ في الظَلماءِ يأتلقُ
من كفِّ أَغيدَ في خلخاله حَرَجٌ / إِذا تَثَنّى وفي أَجراسِهِ قَلقُ
يُديرُها وهو مهتزٌّ لها طَرباً / كأَنَّما هزَّهُ من رَوعةٍ فَرَقُ
في خَدِّه وَمحيّاه ومبسَمهِ / نارٌ ونورٌ ونورٌ نشرُهُ عَبِقُ
يَجلو دُجى فَرعه لألاءُ غُرَّته / كأَنَّما اِنشقَّ عن أَزاراه الفَلقُ
تَرى النَدامى سُكارى حين تلحظُه / كأَنَّهم من حُميّا لحظه اِغتَبقوا
يُغضي بذي كَحَل بالسِحرِ مُكتحلٍ / وَسنانَ ما راعه سُهدٌ ولا أَرقُ
ظَبيٌ ولكنَّه بالدُرِّ متَّشحٌ / بدرٌ ولكنَّه بالتِبر مُنتطِقُ
تَطيب ريّا شذاهُ كلَّما نسمَت / كالمِسكِ يَزدادُ طيباً حين يُنتَشَقُ
كَم من أَحاديثَ أَبداها تعتّبُه / كأَنَّها دُرَرٌ قد ضمَّها نَسَقُ
فودَّ كاشحُنا لو ناله صمَمٌ / إِذ باتَ من كثبٍ للسَمع يَستَرِقُ
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق / وَتَثنَّت كغصن بانٍ وَريقِ
وأَماطَت لثامَها عَن مُحيّاً / لَو تَجلّى للبدر قال شَقيقي
وأَدارَت على النَدامى مُداماً / أَذكَرتنا لَياليَ التَشريقِ
وَجلَت إِذ تبسَّمت مِن لَماها / خمرَ ريق في أَكؤسٍ من شَقيقِ
كَم رَشيقٍ بأَسهم اللَحظ منها / وَطعينٍ برمح قدٍّ رَشيقِ
غادَةٌ كلَّما نظرتُ إِليها / بسمت لي عَن لؤلؤٍ في عَقيقِ
وَمهاةٌ أَسكنتُها من ضلوعي / وَدُموعي بالمُنحنى وَالعقيقِ
رقَّ شعري لخصرِها الرَقِّ فاِعجب / لِلآلٍ بِيعت بسوقِ الرَقيقِ
كَم غَدونا نجرُّ ذيلَ التَصابي / بِصَبوحٍ من كأسِها وَغَبوقِ
وَاللَيالي ولا أَذمُّ اللَيالي / جَمعت بين شائقٍ ومَشوقِ
مَع خَلٍّ من الملام خليٍّ / وَرَفيقٍ مهذَّبٍ بي رَفيقِ
وَلَمّا اِلتَقينا بالغوير عشيَّةً
وَلَمّا اِلتَقينا بالغوير عشيَّةً / وَفازَ بما يَرجو مشوقٌ وَشائقُ
تبسَّم من أَهوى فَقُلتُ لصاحبي / بلغتُ المنى هَذا العذيبُ وَبارقُ
وَلاح فقال الصبحُ هَذا تبلُّجي / أَيكذبُ هَذا الصُبح والصبحُ صادقُ
وَفاحَ فقال الروضُ نافحُ عبقتي / وَهَل نفحت بالمسك قطُّ حَدائقُ
وَماسَ فقال الرمحُ تلك مَعاطِفي / مَتى أَزهرت فوقَ الرِماح الشَقائقُ
وَفاهَ بِنُطقٍ خالَه الدرُّ نظمَه / وَهَل لَفَظَ الدرَّ المنظَّم ناطِقُ
وأَرخى أَثيثاً أَوهمَ الليلَ لونُه / ومن أَينَ للَّون البَهيم مَفارِقُ
وَأَبدى لحاظاً أَقسمَ الريمُ أَنَّها / لواحظُه لَولا السِهامُ الرَواشقُ
وَكلُّهم قد كادَ يَحكيه مُشبِهاً / ولكنَّ من أَهوى على الكلِّ فائقُ
لا تَقل البَدرُ لاحَ في الغَسَقِ
لا تَقل البَدرُ لاحَ في الغَسَقِ / هَذا سوادُ القُلوب والحَدقِ
إِنسانُ عَيني بدا بأَسودِها / فَعادَ لي إِذ رمقتُه رَمَقي
يا لابِساً للسَواد طبتَ شَذاً / ما المسكُ إلّا من نشرِك العَبِقِ
لبستَ لونَ الدُجى فسُرَّ وقد / أَغرتَ ضوءَ الصَباحِ في الأُفقِ
حتّى بَدا فيه وهو مُنفَلقٌ / يشقُّ ثَوبَ الظَلام من حَنَقِ
وربَّ ساقٍ قلبُه قَلبه
وربَّ ساقٍ قلبُه قَلبه / أَفديه من قاسٍ ومن ساقِ
تحاربَ العشّاق في حُسنه / وَقامَت الحَربُ على ساقِ
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه / والأُفقُ يستنُّ فيه ساطعُ الفَلقِ
وَلِلصَباح نَسيمٌ قد تأَرَّج من / رَيحانةِ الفجر أَو من وردَة الشَفَقِ
قُلتُ له وَالدَمعُ في وَجنتي
قُلتُ له وَالدَمعُ في وَجنتي / مِن لَوعةِ الأَشجانِ مَدفوقُ
لَيسَ كمثلي في الوَرى عاشقٌ / قالَ ولا مثليَ مَعشوقُ
عَسى ما عَسى من عودِ شمليَ يكتَسي
عَسى ما عَسى من عودِ شمليَ يكتَسي / بعَودِهم بعد التسلُّب أَوراقا
فَلَم يصفُ لي من بَعدهم قطُّ مورِدٌ / ولا لذَّ لي عَيشٌ وإِن طابَ أَو راقا
ما هَكَذا يا مُنى قَلبي
ما هَكَذا يا مُنى قَلبي / يَجزي أَخو الحسن عشّاقَه
نأَيتَ وَالصبُّ في كَربِ / مبلبلُ القلب مُشتاقُه
اِعطف فديتُك عَلى الصَبِّ / لا ذقتَ في الحُبِّ ما ذاقَه
يا كحيلَ الجفون
يا كحيلَ الجفون / لا تجعل العتب ضيقَه
الهوى لَه فنون / وله معانٍ دقيقَه
خَلِّ عنك الظنون / واِسلك طَريقَ الحَقيقه
عاشقك لو يَخون / ما أعطاك قَلبه وثيقَه
سرُّ حبَّك مَصون / ما سار غيرك طريقَه
ها عيوني عيون / على خدودي دفيقَه
كَم شجاً كم شجون / ماذا هوى ذي حريقَه
قَد نالَ غاياتِ المُنى المنافِقُ
قَد نالَ غاياتِ المُنى المنافِقُ / وآذنتنا بالنوى النواعِقُ
أَتانا لَذيذُ العنبِ رَطباً وَيانِعاً
أَتانا لَذيذُ العنبِ رَطباً وَيانِعاً / بطَعمٍ كَطَعمِ الخُسرَويِّ المعَتَّقِ
وَنظمٍ كنظمِ الدُرِّ يَزهو على الدُمى / ذَكيٌّ مَتى يُتلى على السَمعِ يَعبقِ
فشرَّدَ همّاً بين جنبيَّ كامِناً / وَطابَ به عَيشُ الزَمانِ المرنَّقِ
حَكيتَ الدُجى والصُبحَ والغصنَ والنَقا
حَكيتَ الدُجى والصُبحَ والغصنَ والنَقا / قواماً وأَردافاً وفَرعاً ورَونَقا
وأَخجلتَ حسناً طلعةَ البدرِ والرَشا / وورقَ الحِمى لحظاً ووجهاً ومَنطِقا
أَما لِلَيلِ المُستَهام إِشراق
أَما لِلَيلِ المُستَهام إِشراق /
أَم هَكَذا يَطولُ لَيلُ العشّاق /
كَم لَوعةٍ لا تَنقضي وأَشواق /
تَزيدُ قَلبي في الغَرام إقلاق /
جسمٌ عليلٌ وفؤادٌ خفّاق /
ومدمعٌ على الخدودِ رَقراق /
في كُلِّ حينٍ غَرقٌ وإحراق /
من طَرفيَ الباكي وقَلبي المشتاق /
إِنَّ الهوى ما زالَ نائي الأعماق /
يَقصرُ عنه سابقٌ ولحّاق /
ماذا على مَن شاقَني وما اِشتاق /
لَو لَم يَضنَّ بالخَيال الطراق /
اللَهُ لي من ذي ملالٍ مَذّاق /
أَصفيتُه الودَّ بِقَلبٍ مَلّاق /
إِنَّ موداتِ القلوب أَرزاق /