المجموع : 5
ساروا فَأَكْبادُنا جَرْحَى وأعيُننا
ساروا فَأَكْبادُنا جَرْحَى وأعيُننا / قَرْحَى وأنفسنا سَكْرَى من القَلَقِ
تشكو بواطِنُنا من بُعدِهم حُرَقاً / لكن ظواهِرُنا تشكو من الفَرَقِ
كأنّهم فوق أكوار المَطِيِّ وقد / سارت مُقَطَّرةً في حالِك الغَسَقِ
دَراريَ الشُّهْب في الأبراج زاهرةً / تسير في الفَلَك الجاري على نَسَق
يا مُوحِشي الدارِ مذ بانوا كما أَنِسَتْ / بقُرْبهمْ لا خَلَتْ من صَيِّبٍ غَدَق
إنْ غِبْتُمُ لم تَغِيبوا عن ضمائرنا / وإنْ حَضَرْتُم حَمَلْناكم على الحدَق
جاءني يَحْلِفُ أي أنّ
جاءني يَحْلِفُ أي أنّ / ي مُحِبٌّ وشَفيقُ
يُظهِر البِرَّ وفي البا / طِن خُبْثٌ وعُقوقُ
مِثلما يَخْدَعُكَ الضَّحْ / ضاحُ والبحرُ عميقُ
كلُّه مَحْلٌ وإنْ غرَّ / تْ رُعودٌ وبُروقُ
وعجيبٌ أنْ زكا الفر / عُ ولم تَزْكُ العُروقُ
دِينُه دِينٌ رقيقُ / وله وجهٌ صَفيقُ
وله لا حاطه الل / هُ إلى كلٍّ طريقُ
هو بالفِعل عَدوٌّ / وهو بالقَولِ صَديقُ
هو في القُربِ رحيقٌ / وهو في البُعدِ حريقُ
هو قُدّامي مَنْجُو / ق وَخَلْفي مَنْجَنيقُ
وإنِ اسْتُنطِقَ بَقٌّ / وإنِ اسْتُكتِمَ بُوقُ
خَلَقُ الأخلاقِ بالهِج / رانِ والتَّرْكِ خَليقُ
ففؤادي منه في تيّ / ار أفكاري غَريقُ
إنْ أُجانِبْه يَقُلْ كا / نتْ وضاعَتْ لي حُقوقُ
أو أُصاحِبْه فما يُل / فى له عَقدٌ وثيقُ
وله منّي إنْ أَعْرَضْ / تُ عنه الخَنْفَقيقُ
عنديَ النارُ له في / ها زَفيرٌ وشهيقُ
غير أنّ المَكر والغَدْ / ر بمثلي لا يَليقُ
عَلَّهُ من لَمّة الجَهْ / ل بتَوفيقٍ يُفيقُ
جَلَّنارٌ أم شَقيقُ
جَلَّنارٌ أم شَقيقُ / وَجْنَتاهُ أم عَقيقُ
وسيوفٌ أم جُفون / تلك أم خَمرٌ عَتيقُ
بَرَدٌ في الفَم أمْ ثَغْ / رٌ وريقٌ أم رَحيقُ
غُصنُ بانٍ ماس في البُرْ / دَة أم قدٌّ رشيقُ
رَشَأٌ كلَّفني في / حُبِّه ما لا أُطيقُ
فكأني وهَواهُ / رِدْفُه الخصرُ الدقيقُ
إذا كان مِن فَودي وَميضُ البَوارِقِ
إذا كان مِن فَودي وَميضُ البَوارِقِ / فمِنْ مُقلتي فَيضُ الغُيوثِ الدَّوافقِ
تبسَّم هذا الشيبُ عند نزوله / تبسُّمَ مَظنونِ الفؤاد منافِق
شَنْئْتُ نجومَ الليل من أجْل لونه / وأبغَضْتُ من جرّاه يوم الحدائق
على أنّه في زَعمه غير كاذبٍ / خلاف شبابٍ زَعمه غيرُ صادق
وأحسَب أنَّ الصِّدق أوجبَ كونَهُ / كثير الأعادي أو قليل الأصادق
تمسَّك بميعاد المَشيب وعهدِه / وكنْ بمَواثيق الصِّبا غير واثق
أيا دهرُ قد شيَّبْتَ قلبي وناظري / فأهونُ ما عندي مَشيبُ مَفارِقي
أَعندك أَنّي أَيُّها الدَّهرُ واهِنٌ / وقد ذَرَّ في إلفِ النّوائب شارِقي
أَغَرُّ دَجوجِيٌّ كأَنَّ سَبيبه / جناحا غرابٍ أُودِعا صدرَ باشِقِ
جوادٌ على حُبِّ القلوب مُحَكَّمٌ / يُبين بحسن الخَلْق عن صُنع خالق
بهيجٌ يَهيجُ السّامعين صهيلُهُ / ويُشعِرُ أنَّ العِزَّ خوضُ الفيالق
وفي يَمنَتي ماضي الغِرار كأنَّه / إذا اخترطَتْه الكَفُّ إيماضُ بارق
له ضِحْكُ مَسرورٍ ودَمعةُ ثاكِلٍ / وعِزَّةُ مَعشوقٍ وذِلَة عاشق
يُسِرُّ قديمَ الحِقدِ وهو مُلاطِفٌ / ويْبطِنُ في السّلسال نار الصَّواعق
له من حديد الهند أكرمُ والدٍ / وبين قُيون الهند أصنع حاذق
ومِنْ شَقِّ هامات الفوارس شاهدٌ / به من حميد الصَّمْتِ أبلغُ ناطِق
وإمّا بدا مِن مَشرِق الغِمْد طالعاً / فمَغْربه بين الطُّلى والمَفارق
حَتّامَ أَقْطَعُ لَيْلَ التِّمِّ بالأرَقِ
حَتّامَ أَقْطَعُ لَيْلَ التِّمِّ بالأرَقِ / مُسْتَنْهَضَ الفكر بين الأمنِ والفَرَقِ
أَبْغِي الفَخارَ وأخشى أنْ يُعَنِّفَني / مَن ليس يعلم ما عندي من القلقِ
وسائلُ الفضلِ لا تُكْدي وسائِلُهُ / إذا تلَطَّفَ للإشكالِ بالملَقِ
بحرٌ من العلم أستهدي جواهِرَهُ / وكم شفى حالَ من أَشْفَى على الغرق
له فوائدٌ نَجْنِيهنّ أفئدةٌ / لدى حدائق نَجْنِيهنَّ بالحدقِ
إنْ لم تكن تُورق الأقلامُ في يده / فإنها تُسرِعُ الإثمارَ في الورَقِ
يَبوغُ ذو الفضل تَثْقِيفاً فإنْ تُلِيَتْ / آياته ظلّ كاليَرْبوعِ في النَّفقِ
وإن تسَوَّق بالألفاظ ألحقهُ / حُكْم الملوك ذَوي البُقْيا على السُّوَقِ
كم طاش سَهْمُ مُراميه وبات له / طَيْشُ الفَراشة طارَتْ لَيْلَة السَّذَقِ
وكم مُدِلٍّ بحُضْرٍ رامَ غايَتَه / فراح يَرْسِفُ كالمَقصور في الطَّلَقِ
مثلُ الذُّبالة إذ غُرَّتْ بمادحها / فاستشرقت لتُباري غُرّةَ الفَلَق
صَدرٌ تقَيَّلَ في أفعالِه سَلَفَاً / مَن رامَ شَرْكَهمُ في ذاك لم يُطِقِ
مَكارمٌ سنَّها عبدُ الكريم لهُ / وَمَنْ يَمِقْ غيرَها من سُنّةٍ يَمُقِ
من الأُلى بَهَرَتْ أنوارُ مجدِهمُ / لَحْظَ العُيونِ فغالَ الشمسَ في الأُفقِ
ما اسْتنَّ أَوّلُهم في شَأْوِه طَلَقَاً / فعَنَّ آخرُهم في ذلك الطلَقِ
لكلِّ نَوْءِ عُلاً منهم رَقيبُ عُلاً / كما تَتابَعتِ الأنواءُ في نَسَقِ
تَجْلُو مآثرَهم آثارُهم فمتى / ألمَّ خَطْبٌ ذَكَرْنا الصَّفْوَ بالرَّنَق
عِزٌّ تِلادٌ وفخرٌ غيرُ مُطَّرَفٍ / وبُعْدُ صِيتٍ وذكرٌ غير مُخْتَلَق
وَهَيْبةٌ ما تهَدَّدْتُ الزمانَ بها / في خَشْيَتي الرَّيْبَ إلاّ خَرَّ كالصَّعِق
مناقبٌ لسديدِ الدولةِ اجتمعتْ / يَزْدَانُ بالفَرْق منها سائرُ الفِرَق
آثرْتُ عند قُصوري عن بلاغته / خِطابَه فَخَطَبْتُ العَصْب بالخَلَق
ولو سرقْتُ خليعاً من ملابِسه / لاخْتَلْتُ في حُلَّةٍ أَبْهَى من السَّرَق
أشكو إليه بَني عَصْرٍ شَرِقْتُ بهم / وهل تُطاوعني الشَّكوى مع الشَّرَق
فَرَرْتُهم وتوَخَّيْتُ الفِرار وَهَلْ / يُرْجى الإباق لعانٍ شُدَّ بالأَبَقِ
حُمْرُ العيونِ على أهل النُّهى حُمُرٌ / خَفِيتُ فيهم خَفاء النَّجم في الشَّفَق
فغُرْبَتي غُرْبةُ البَيضاء في حَلَكٍ / وَوَحْشَتي وَحْشَةُ السَّوداء في يَقَق
شَأَوْتُهمْ وثَناهمْ ظُلَّعاً أمدي / فالسَّبْقُ لي وهمُ يَحْظَوْنَ بالسَّبَق
وشامخٍ في الورى بالتِّيه مُسْتَفِلٍ / كأنّه بانحطاطٍ فاتَهُمْ وَرَقي
ولو أفاق من الأهواءِ فاقَهمُ / فإنه من يُفِقْ من سُكْرِها يَفُق
ولِلعُلى مُرتقىً دَحْضٌ وكم زَلَقَتْ / عنه الأُيومُ فمن للأَبْلَق الزَّلَق
زافَتْ لَدَيْه نقودُ الفضلِ وانْمحَقتْ / سوقُ الرَّشاد وجازَتْ صَفْقَةُ الحَمَق
وغرَّه عِزُّه والدِّرْعُ ساخرةٌ / في ضِحْكها من بُكاءِ الكَلْم بالعَلَق
وفي الوِفاض نِبالٌ حَشْرَةٌ عَجَبٌ / تَنْفَلّ بين حَرابي الزَّغْف والحَلَق
يُسَرُّ أن رَمَقَتْهُ غُلْبُ صاغيةٍ / تَذُبّ عنه وموتُ الشاة في الرَّهَق
والهمّ في حَكَماتِ الضَّعفِ وهو على / جِماحه الطِّفْلُ فعلَ المهر في الوَهَق
يَطْغَى ولو رَمَقَ الإغبابَ كان له / في أوّل البطش ذِكرى آخِر الرَّمَق
لولا الرّجاءُ ولولا الخوف ما شُغِلَتْ / أَيْدِي الكماة بحَملِ البِيض والدَّرَق
مِن مَعْشَرٍ صُنْتُ عِرْضي عنهمُ كَرَمَاً / إنّ الكريم لَيَحْمي عِرضَه ويَقي
وكم تراءَتْ ليَ الأطماعُ كافِلَةً / بما أُحبّ فما ذَلَّتْ لها عُنُقي
لا يَعْطِفُ الحِرصُ أَعْطَافي إليه ولا / عَيْنِي مُؤَرَّقَةٌ بالعَينِ والوَرِقِ
نزاهةٌ يَفْخَر الصادي بعِزَّتِها / على أخل الرِّيِّ والطاوي على السَّنِقِ
وكلما قُلتُ يُفْضي بي إلى حَدَبٍ / على بني الفضل أفضى بي إلى حَنَق
كم من دَثائث شَحَّتْ عن نوىً دَمِثٍ / زاكٍ ومن بُوَقٍ سَحَّتْ على بُوَقِ
هذا ولي في عُبوسِ المَحْل بَيْنَهمُ / تبَسُّمُ الرَّوْض غِبَّ الوابِل الغَدَق
وطال ما زاد إظْلاماً فزادَ به / قَدْرِي وُضوحاً كذاك البَدرُ في الغَسَق
يَطيبُ في الخَطْب نَشْرُ الحُرّ فهو به / كالوَرْد في الهَمّ لمّا انْهمَّ بالعَرَق
وفي محمّدٍ المَيمونِ طائرُهُ / شِفاءُ ما رابني في الخَلْقِ من خُلُق
مُؤيِّد الدين مَن ناجَتْهُ هِمَّتُهُ / كانت إلى مُبْتغاه أَقْصَدَ الطُّرُق
ثِقْ منه بالشَّيْم بالسُّقْيا وإنْ وَعَدَتْ / غُرُّ السَّحاب بها يوماً فلا تَثِقِ