الرَّوْضُ بَيْنَ مُتَوَّجٍ وَمُشَنَّفِ
الرَّوْضُ بَيْنَ مُتَوَّجٍ وَمُشَنَّفِ / وَالأرْضُ بَيْنَ مُدبَّجٍ وَمُفَوَّفِ
وَالْغُصْنُ غَنَّاهُ الْحَمامُ فَهَزَّهُ / طَرَباً وَحَيَّاهُ الغَمامُ بِقَرْقَفِ
وَالظِّلُّ يَسْبَحُ فِي الغَديرِ كَأنَّهُ / صَدَأٌ يَلُوحُ عَلى حُسامٍ مُرْهَفِ
قِسْ بِالسَّماءِ الأرْضَ تَعْلَمْ أَنَّها / بِكَواكِبِ الأزْهارِ أَحْسَنُ زُخْرُفِ
أحْداقُ نَرْجِسِها بِخَدِّ شَقِيقِها / مَبْهوتَةُ لِجمَالِهِ لَمْ تُطْرَفِ
وَالطَّلُّ فِي زَهْرِ الأقَاحِ كَأَنَّهُ / ظَلْمٌ تَرَقْرَقَ فِي ثَنايا مَرْشَفِ
راقَ الزَّمانُ وَراقَ كَأْسُ مُدامنا / وَرُضابُ ساقينا الأَغَنِّ الأَهْيَفِ
فَمَزْجتُ ذاكَ بِهذِهِ وَشَرِبْتُها / وَلَثَمْتُهُ وَضمَمْتُهُ بِتَعَطُّفِ
وَجَنَيْتُ مِنْ وَجَناتِهِ لَمَّا اسْتَحى / وَرْداً بِغَيْر مَراشِفي لَمْ يُقْطَفِ
وَرَنا إلَيَّ بِطَرْفِهِ فَكَأنَّما / أَهْدَى السَّقامَ لُمِدْنَفٍ مِن مُدْنَفِ
بِتْنا وَقَد لَفَّ الْعِناقُ جُسومَنا / فِي بُرْدَتَيْنِ تَكَرُّمٍ وَتَعَفُّفِ
حَتَّى بَدا فَلَقُ الصَّباحِ كَجَحْفَلٍ / راياتُهُ رَنْكُ الْمَليكِ الأَشْرَفِ
مَلِكٌ بَياضُ يَمينِهِ لِسَمِيِّهِ / مُوسى وَمَنْظَرُهُ البَديعُ لِيوسُفِ
تَشْتامُ ظاهِرَهُ العُيُونُ وَتَقْتَدي / مِنْهُ العُقولُ بِسِرِّ مُعْجِزَةٍ خِفِِي
مُتَناقِضُ الأوصَافِ طَوْدُ مَهابَةٍ / رَسَختْ رَكانَتُهُ وَغُصْنُ تَعَطُّفِ
وَيُريكَ مِنْ آرائِهِ وَعَطائِهِ / تَحْريرُ نِحْريرٍ وَبَذْلَ مُجَزِّفِ
وَعَلَى مُتونِ الْجُرْدِ أَظْلَمُ ظالِمٍ / وَعَلَى سَريرِ الْمُلْكِ أَنْصَفُ مُنْصِفِ
فَحَريقُ جَمْرَةِ سَيْفِهِ لِلْمُعْتَدي / وَرَحيقُ خَمْرَةِ سَيْبِهِ لِلْمُعْتَفِي
يا بَدْرُ تَزْعُمُ أَنْ تُقاسَ بِوَجْهِهِ / وَعَلَى جَبيِنكَ كُلْفَةُ المُتَكَلِّفِ
يا غَيْمُ تَطْمَعُ أَنْ تَكونَ كَكَفِّهِ / كَلاَّ وَأَنْتَ مِنَ الْجَهامِ المُخْلِفِ
جَنَحَتْ مُلُوكُ المُشْرِكينَ لِسَلْمِهِ / فَأجابَ مُتَّبِعاً لِنَصِّ الْمُصْحَفِ
وَيَعِزُّ ذاكَ عَلَى ظُباهُ وَخَيْلِهِ / وَبِرَغْمِ آنافِ الرِّماحِ الرُّعَّفِ
إِمْهالُ مُقْتَدِرٍ لِيَوْمٍ نارُهُ / أَبَداً بِغَيْرِ دِمائِهِمْ لا تَنْطَفِي
زَأَرَتْ أُسُودُ كُماتِهِ وَتَفَسَّحَتْ / خُطواتُهُمْ فِي ضيقِ ذاكَ الْمَوْقِفِ
فَكَأنَّني بِجِيادِهِ قَد أَصْبَحَتْ / سُوراً لمِعْصَمِ كُلِّ سُورٍ مُشْرِفِ
وَكَأَنَّني بِدِيارِهِمْ قَدْ بُدِّلَتْ / صَوْتَ المُؤّذِّنِ مِن خُوارِ الأسْقُفِ
وَكَأَنَّني بِسِبائِهِمْ وَيَدي عَلَى / بَيْضاءَ مُتْرَفَةٍ وَأَبْيَضَ مُتْرَفِ
وَكَأَنَّني بِكَ قَدْ طَلَعْتَ عَلَيْهِمُ / كَالشَّمْسِ فِي الشَّرَفِ الّذي لَمْ يُكْسَفِ
إِنْ كانَ مَهْديٌّ فَأنتَ هُوَ الّذي / أَحْيَيْتَ دينَ المُصْطَفى وَالمُصْطَفي