المجموع : 3
يا أخا عبس الحماة الأنوف
يا أخا عبس الحماة الأنوف / والكريم الموصوف بالمعروف
هزك الفضل والفتوة والسؤ / دد والمجد كاهتزاز السيوف
أنت فينا مرزء تحمل الك / ل وتنفي رزئية الملهوف
ان قصدت العلى فليس عجيبا / ليس قصد الشريف غير الشريف
أنت منا كدرة التاج في التا / ج ومثل الربيع حذو الخريف
أنت دون التوصيف فخر لعبس / لم تزد في علاك بالتوصيف
رقم المجد للسراة حروفا / وبيمناك رقم تلك الحروف
قد ملأت الزمان مجدا وفضلا / قف قليلا قد ضاق وسع الظروف
كل شأو من دون شأوك والمق / دار من أي تالد وطريف
ليس من يدعي الفخار يساوي / ك ولا كل ما بنوا بمنيف
لم أصارفك بالرجال وقد أيقن / ت منهم ببهرج وزيوف
ما ظننت الزمان يجحد فضلي / غير أن الزمان جم الصروف
طالما شمر الأعادي لهضمي / فدهاهم مجدي برغم الأنوف
هذه سيرتي وسيرة دهري / حسدوني وأنكروا معروفي
إن نسيت الأشياء لم أنس يوما / كنت لي فيهم غرار السيوف
حاولوا ما رقمته من كمالي / حنقا بالتحريف والتصحيف
بخسوني وطففوا الكيل زورا / ولهم منك سورة التطفيف
هكذا يا أخا المناقب رأي الدهر / قد كان في كمال الشريف
بيني الدهر علة ليس تشفى / بدواء حتى لقاء الحتوف
لا تحاول علاجهم بكمال / آفة الدهر في كمال الشريف
وتموت الجعلان في نفحة الطي / ب وتحيا سعيدة في الكنيف
عزة العلم أمجدتني مقاما / فتبينت كل رأى سخيف
ليت شعري هل يرعوي الدهر يوما / من بنات الدهر هز القحوف
عجبا ليس يسلم المجد فيه / كل حر بصخرة مقذوف
ما يريد الزمان من رفعة الند / ل ومن ذلة الكريم العفيف
وعذير الزمان مما أقاسي / ه انفراد الكرام بالمعروف
وعزوم يثيرها كرم النف / س وهم يشيب رأس الصروف
واقتحام المجيد في الروع لا ير / قب سعدا أو ينثني لمخوف
قمت عبد الرحمن لي في مقام / ظلموني فيه كظلم الطفوف
أنكر الملحدون ما أنكروه / فرددت التنكير بالتعريف
رشحت منهم صدور مراض / بحزازات السوء والتعنيف
لم تدعهم على بساط المخازي / بل دحضت الدعوى برأي حصيف
يظهر السوء من بواطن سوء / يرشح الظرف جوهر المظروف
خذ ثنائي كأنه الجوهر المك / نون فاجعله في محل الشنوف
قلمي ساحر القلوب بديع / وبديع الأقلام محض الصريف
دعهم في المخازي والتكذيب اني / متنبي الدنيا بلا تكليف
نَزِّه إلهك أن يُرى كي تعرفه
نَزِّه إلهك أن يُرى كي تعرفه / أتُراكَ تعرفه وتُثبتُ ذي الصفه
واعرف مقامك دون ما حاولتَهُ / إن التي حاولتَها لك متلفه
أتعبتَ نفسك في ظنون قُلبَّ / والحق إن ظنوا وهمك مخلفه
فيها توحِّدُ وتجعله لأغ / راض الطبيعة عرضة مستهدفه
رَمزتَ عن تجسيمه ونصبتَهُ / غرضاً لعينك من وراء البلكفة
وأحلت كيف وما وأين وشبهها / وعبدتَ ذاتاً بالحجاب مكنفه
هذا التناقض في اعتقادك شاهد / يقضي عليك بأن دينك عجرفه
إن كنتَ تعقل ما تراه فهذه / ماهِيّة محدودَة متوقفه
أو لستَ تعقله فأنتَ مخلط / دَرك ولا درك فأين المعرفه
إن قلتَ معلوماً أحطتَ بذاته / وَجَعَلتَ عَجزَكَ قدرة متصرفه
أو قلتَ مجمولاً فأنتَ معطل / أعبدتَ مجمولاً وعطلت الصفه
أتْبت إدراك العوارض ذاته / إن كنت درك العين لن تستنكفه
يستلزم الادراك ويلك مُدركاً / متحيزاً ذا صورةٍ متكيفه
تنفي التحيز والحلول وتُثبتُ / المستلزم المنفي ما هذا السفه
إن قلت أمر خارج عن فهمنا / وأتيتنا بقضية متكلفه
فإليك لو جردتها عقلية / لرأيتَ نفسَكَ في الهوى متعسفه
إن كنت تدركه بغير وسيطةٍ / فالفعل ليسَ لفاعل لن نعرفه
أولاً فأيُّ وسيطة تسطو بها / فترى عياناً ذاته متكشفه
وحديثكم يقضي برؤيتكم له / بالعين لا حسٍّ سِواها عَرّفَه
رِدفاً لقول اللّه ناظرة وما / في حجتيك على ادعائك معرفه
هب أنني سلمت فهمك منهما / أين استقرت منهما تلك الصفه
هل اتيتا إلا لعينك رؤيةً / حملاً على بهتان أهل السفسفه
تركوا المجاز على هواهم ها هنا / وتقلدوه في أمور متلفه
أترى مجازاً في الجوارح سالماً / إن كنت في هذا المقام معنفه
تأبى حقيقة الاستواء لذاته / إلا هنا للزومها متالفه
أوجبت رؤيته فأوجب سمعه / وعليهما فله الذي لك من صفه
إن قلت قد سمع الكليم كلامه / أترى حقيقة ذاك صوتاً عن شفه
كلا لقد خلق الالهُ لاذنهِ / صوتاً فعرفَهُ بهِ ما عرّفه
إن قستَ رؤيته على تكليمهِ / لزم الحدوث لمدرك المتشوفه
فيكون مخلوقاً وتزعم خالقاً / بالحس تدركه وتدرك موقفه
أم غيره جردته من نفسه / أم غيره هو ذاته أم ما الصفه
هذا هو التجديد والتحديد وال / تقسيم والتعديد ما متعسفه
فإذا نصبتَ سؤال موسى حجة / ونبذت أحكام العقول مزيفه
قل لي أموسى كان يجهل منعها / من قبل صاعقة النكير المرجفه
فتسومه النقصان في توحيده / وتكون أكمل في الحجى والمعرفه
أم كان يعلم منعها فأرادها / عدواً فتنسب للرسالة عجرفه
أم كان يعلم منعها بحياته ال / دنيا فاعجل ربه ليشرفه
وعلى الثلاثة فالنقيصة عندَهُ / بسؤالها أولاً فليسَك منصفه
بل كان يعلم منعها دنيا وأخ / رى والسؤال جرى لأجل ذوي السفه
كفروا به أو ينظروه جهرة / فنهاهم فعتوا عتواً خوفه
فأراد من حرص على ايمانهم / اقناعهم بالزجر عن تلك الصفه
أتراه يسألها الكليم لنفسه / طمعاً بها ولها اليهود معنفه
واللّه ما جهل المقامَ ولا نسي / عز الجلال ولا تخطى موقفه
لكن لكبح عنادهم وعتوهم / عرض السؤال وقلبه في المعرفه
أو لم يصرّح أنهم سفهاءُ مف / تونون عند التوب مما أسلفه
ومتابُهُ من جريها بلسانه / من دون اذن أو لصعق خوفه
أعميتَ عن تابيد لن منفيها / وجعلت في التأكيد لن متوقفه
ما بال تحصرها على تأكيدها / لولا التجاهل في مقام المعرفه
هب إن برهان العقول رفضتَهُ / فالنص تستر شمسه متكشفه
أيقول ربك لن تراني فارتدع / وتقول سوف أراك خلف البلكفَه
أو ليسه هذا عناد ظاهر / فاذهب أمامك موعد لن تخلفه
أبآيةِ الانعام أدنى شبهةٍ / أم آية الاعراف ويك محرَّفه
هل فيهما بعض التشابه موهماً / ايجاب سلبهما لمن لم يَانفه
كلا ولكن الهوى سَلبَ النُهى / واضلها فتهوكت في الزخرفه
ومن المصيبة ضل سعيُ معاشرٍ / قلدتهم تخِذوا هواهم مزلفه
ألمحت من نور التجلي لمحةً / فجعلت ذات الحق تلك مكشفه
سبحانه جلت صفات كماله / عن كل ما لحق الحدوث من الصفه
الطور أتحفه التجلي عن حقي / قته وموسى مصعق ما أتحفه
أجهلت أن تجليات جَلاَلِهِ / ظهرت لسائلة المحال مخوفه
طلب التي نأفت خصائص ذاتهِ / فاستخطفتهم غضبة مستخطفه
أنكرت دك الطور منهُ بآيَةٍ / زجراً لعاتية اليهود المسرفه
فهب التجلي ما تقول فأين في / أثناء آيته مقام البلكفه
وإذا أنفت تجلياً بالآية ال / كبرى وحسبك ضلة أن تأنفه
فجلاله وجماله وكماله / شاهدته في الذات أم فعل الصفه
أعلمت ربك قادراً إلا بم / ظهر الاقتدار لذاته المتصرفه
ماذا ترى في جاء ربك هل عَنى / بالذات أم أمر القيامة كشفه
ما جاء إلا أمره وعَظيم قد / رته وأجناس الخليقة موقفه
أتراه جاء مع الملائك نفسه / بالذات في ظلل الغمام مكنفه
هل جاء إلا أخذه وأليم بط / شته بجاحدة له مستنكفه
أظننت محجوبين عن جناته / وشهود عين الرحمة المتعطفه
منع الحجاب عيونهم عن ذاتهِ / أخطأت أو فاعبُد حجاباً كنّفه
هل زاد أم نقصَ الحجاب أم استوى / وتراه من أي الجهات تَكَنَّفَه
مزق حجابَك يا مجسمَ ربه / وحجاب جهلك إنه ما أكنَفَه
واعرج إلى تقديس ذات الحق بال / نور الذي أوحى وَحَسبُكَ معرفَه
قدس نعوتَ اللّه عن مخلوقه / وانبذ نعوتَ البدعة المتحرفه
وإذا نزعتَ إلى الهدى عن غيره / فالاستقامة نزعة المتصوّفه
للّه نحلتنا ونِعمَ سبيلها / أصلاً وفرعاً لا تخالفُ مصحفه
هي عين ما نزل الأمين بهِ على ال / هادي الأمين وما سواها زخرفه
لا نعبد المحسوس ذاتاً كل مح / سوس حدوث ذاته متألفه
بل نعبد الرب الذي عرفاننا / إياه عرفان بأن لن نعرفه
أي عجزنا عن دركه هو دركه / لا درك ما هياتنا المتكيفه
تجريدنا لصفاته ولذاتهِ / تجريده هو نفسه لن نعرفه
توحيدنا إياه توحيد القُرآ / ن بذاته والفعل منه المعرفه
ونجله عن رؤيةٍ بالعين أو / بالقلب في الدنيا وأخرى مزلفه
والدين نأبى أن نقلده رجا / لا غير معصومين عما حرفه
ونقلد الرأي المطابق أصله / لمحقق استنباطه عن معرفه
أفلت سانحة الهدرْ فاربع على / ضلع العمى وابغ الضلالة مزلفه
أضللت صديقية عمريّة / وهبية تهب الهداية منصفه
بدرية أحدية ما حكمت / عَمراً على قرانها ليحرِّفَه
شربت بماء النهر كأس نبيها / كأساً بامزجة الرحيق مقروفة
لا تدَعي هتك الجلالِ برؤيةٍ / حسب العقول من المقام المعرفه
أقصر مطامعك التي طولتها / إن المطامع في محال مخلفه
انصف حقيقة لن تراني تلقَها / نفياً يؤيد قاطع المتشرفه
وانظر إلى الشأن المحال وقوعه / إذ بالمحال ثبوته قد أوقفه
لو جاز لم يك بالمحال معلقاً / كلا ولا صعقت يهود بمرجفه
قد كان في العلم القديم بانهُ / لا يستقر الطور ساعةَ أرجفَه
وإن ادعتي بأن هذا المنع في ال / دنيا وبالأخرى حقوق موقفه
قلنا حكمت بأنهُ متغيرٌ / لما فرضت هناك تغيير الصفه
وكما له بالذات ليس موقتاً / كلا وليس صفاته متطرفه
ما يستحيل عليه فيما لم يزل / قد رتموه لغاية المتشوفه
لا تستحيل صفات خالقنا ال / قديم ولا تغيره الدهور المردفه
سبحانه لا منتهى لكماله / إذ لم يكن لبداية مستأنفه
عُد عن طريقك ما لعينك منفذٌ / إلا إلى كيفية مستهدفه
إلا إلى جهة تحدّد جَوهراً / متلبساً عرضاً تحقق موقفه
أولاً فليست رؤيةً معقولة / فنرى حديثكم إليها مصرفه
بيني وبينكم الكتاب فقد قضى / إنا على رشد وإنْ بكم سفه
لا تجعلوا التوحيد عرضة وهمكم / غرض الحقيقة منه عين المعرفه
ما أبعد العرفان عن ألبابكم / إن كان تقديس المهيمن بلكفه
الفضلُ ما وَزَعَ النفوسَ إلى الصفا
الفضلُ ما وَزَعَ النفوسَ إلى الصفا / ورايتُ ادراك المعارف أشرفا
وكمال كل نزاهةٍ وسجيةٍ / أبداً على شرف العلوم توقفا
لم يرتفع بجناح جهلٍ طائرٌ / نحو الكمال وكم بعلم رفرفا
أحدو النفوسَ بشدو لحن بصيرتي / نحو الكمال إذا حَدا حادي الوفا
حُر الضمائر لا يقيده الهوى / في علة من دون ادراك الشِفا
صدع الصدا من حكمتي أرجو بهِ / صدعَ النفوس إلى الصفاء عن الجنا
أنهت مزاولةَ الحوادث نهيتي / وقفت لترقية الفضيلةِ موقفا
ولو انبسطت إلى الكمال بدَعوتي / كانت إلى غير العلوم تكلفا
هل تشعر الألبابُ إن غِراسَها / إلا بعلم طيب لَن يقطفا
وإذا تسَاجَلتِ النفوس وَجَدتَ ذا / أدب على نجد المفاخر مشرفا
فلتحيَ أنفسكم برُوح كمالها / حِزباً بجامعة العلى متصرفا
ولتنتبه أفكاركم لفلاحها / حرية الأفكار ربعٌ ما عفى
إن المقلد في الحوادث عاجز / ما كل رأي في الحوادث يُقتفى
فتقلدوا همم الكرام وزاحموا / اكتاف أحرار الفضيلة والوفا
واستصلحوا سير النفوس بما بهِ / تزكو ولا تذروا الكمال مُسوّفا
حتى يقوم المجد فيكم قائلاً / الناس كل الناس اخوان الصفا